الاربعاء 1/10/95
کان البحث فی قول المحدث الکاشانی بان الغناء فی حد ذاته لیس بحرام الا مع التقارن بمحرم آخر، و نحن استظهرنا بانه فی هذه الصورة یصیر نفس الغناء محرما خلافا لبعض الاصحاب حیث استظهرنا من کلامه حلیة الغناء مطلقا و المحرم هو الفعل المقارن.
و قد استدل لمختاره بروایة علی بن جعفر وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْغِنَاءِ أَ يَصْلُحُ فِي الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَى وَ الْفَرَحُ يَكُونُ قَالَ لَا بَأْسَ مَا لَمْ يُزْمَرْ بِه
قلنا لو تم سندها لکن لایمکن الالتزام بدلالتها لتعارضه مع ادلة حرمة الغناء و لایکن هذه الادلة ک”اجتنبوا قول الزور یعنی الغناء” او عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الرَّيَّانِ عَنْ يُونُسَ قَالَ: سَأَلْتُ الْخُرَاسَانِيَّ ع وَ قُلْتُ إِنَّ الْعَبَّاسِيَّ ذَكَرَ أَنَّكَ تُرَخِّصُ فِي الْغِنَاءِ فَقَالَ كَذَبَ الزِّنْدِيقُ مَا هَكَذَا قُلْتُ لَهُ سَأَلَنِي عَنِ الْغِنَاءِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ رَجُلًا أَتَى أَبَا جَعْفَرٍ ع فَسَأَلَهُ عَنِ الْغِنَاءِ فَقَالَ يَا فُلَانُ إِذَا مَيَّزَ اللَّهُ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ فَأَنَّى يَكُونُ الْغِنَاءُ فَقَالَ مَعَ الْبَاطِلِ فَقَالَ قَدْ حَكَمْتَ[1]، قابلا للحمل علی الکراهة.
و ان حمل مثل روایة ریان علی الکراهة خلاف الظاهر حیث قرره الامام ع علی کون الغناء باطلا.
فعند التعارض نقدم روایات الدالة علی حرمة الغناء مطلقا لمخالفته مع العامة حیث ذهبوا الی حلیته و موافقته مع الشهرة القطعیة التی کاد ان تکون اجماعا.
ان قلت: ان نسبة روایة علی بن جعفر التی تدل علی حرمتها عن الاقتران بالحرام مع اطلاقات حرمة الغناء عموم مطلق فیحمل العام علی الخاص، فیثبت قول المحدث الکاشانی ای مع وجود جمع عرفی فی المقام لاتصل النوبة الی المرجحات.
قلت: ان حمل بعض هذه المطلقات علی الغناء ما لم یقترن بحرام غیر عرفیف ک”اجتنبوا قول الزور یعنی الغناء” فحمل مثل هذا علی کون الغناء فی حد ذاته حلالا و حراما اذا اقترن بحرام آخر، خلاف الظاهر، لان الظاهر من کون الغناء قول الزور، کون نفس الغناء مصداقا لقول الزور لا بسبب مقارناته، و کذا یکون روایة ریان. و ان الظاهر منها حرمة نفس الغناء. فلایمکن الجمع بین هذه الروایات.
فنحن مع قبول سند روایة علی بن جعفر- الذی لم نسلمه لما ذکرنا سابقا- نقدم روایات الدالة علی حرمة الغناء مطلقا لمخالفتها مع العامة و موافقتها مع الشهرة الفتواییة و الرواییة.
الروایة الثانیة: عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ كَسْبِ الْمُغَنِّيَاتِ فَقَالَ الَّتِي يَدْخُلُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ حَرَامٌ وَ الَّتِي تُدْعَى إِلَى الْأَعْرَاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.[2]
تقریب الاستدلال هو ان الامام ع خصص حرمة المغنیة بفرض دخول الرجال و ان الظاهر منها اما تعلیل او تخصیص.
ان قلت: ان التقیید بدخول الرجال یقتضی اختصاص حرمة الغناء بهذا الفرض فلاحرمة للغناء اذا اقترن مثلا بآلات الملاهی او اذا اشتمل علی الباطل و الحرام. و قد طرح السید الامام هذا الاشکال.
قلت: ان هذا مثال عرفی للحرام ای مثال لحرمة الغناء المقترن بمحرم آخر.
و قد اورد علیها الشیخ الاعظم سندا و دلالة، اما السند فلمکان علی بن ابی حمزة حیث ورد فیه کذاب ملعون.
اما الدلالة، و ان هذا الروایة لایختص بمورد دخول الرجال بل ذیل الروایة التی تمسک بالآیة عام و یشمل ما یکون مصداقا للاضلال عن الله تعالی. فهذه الروایة تدل علی حلیة غناء المغنیة بشرط عدم کونه مصداقا للاضلال، کادخال الرجال فیه، و الانصاف ان الظاهر منها اختصاص حرمة الغناء بما اذا دخل علیه الرجال.
لکن هذا لایوجب رفع الید عن اطلاقات حرمة الغناء مثل عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ قَالَ: سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا ع عَنْ شِرَاءِ الْمُغَنِّيَةِ فَقَالَ قَدْ تَكُونُ لِلرَّجُلِ الْجَارِيَةُ تُلْهِيهِ وَ مَا ثَمَنُهَا إِلَّا ثَمَنُ كَلْبٍ وَ ثَمَنُ الْكَلْبِ سُحْتٌ وَ السُّحْتُ فِي النَّارِ.
و نحن نسلم اصل مدعی الشیخ ای لاتظهر هذه الروایة فی حصر هذه الروایة فی حرمة غناء التی یقترن بدخول الرجال و ان هذه الروایة بین حکم الغناء فی العرائس و الذی یدخل الیها الرجال ولم تشر بالنسب الی سائر مصادیق الغناء.
الروایة الثالثة: ٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَجْرُ الْمُغَنِّيَةِ الَّتِي تَزُفُّ الْعَرَائِسَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَ لَيْسَتْ بِالَّتِي يَدْخُلُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ.[3]
و قبل توضیح هذه الروایة نقول انه ورد فی بعض النسخ “و لیست” و فی بعض آخر ورد بلا واو.
اما تقریب الاستدلال بها ان الظاهر من هذه الروایة هو تعلیل ای لاباس بهذه الاجر لعدم دخول الرجال علیه.
و قد نقل الشیخ فی الاستبصار هذه الروایة و روایة علی بن جعفر و روایة المغنیة التی تزف العرائس لاباس بکسبها، ثم قال: « فالوجه في هذه الأخبار الرخصة فيمن لا تتكلم بالأباطيل و لا تلعب بالملاهي من العيدان و أشباهها و لا بالقصب و غيره بل يكون ممن تزف العروس و تتكلم عندها بإنشاد الشعر و القول البعيد من الفحش و الأباطيل فأما من عدا هؤلاء ممن يتغنين بسائر أنواع الملاهي فلا يجوز على حال سواء كان في العرائس أو غيرها.»
و قال السید الامام لو کان مع الواو صحیحا فحذ یحتمل فیه ان یکون حالیة و علی هذا الاحتمال لایکون تعلیلا
و کذا یحتمل ان یکون الجملة تعلیلا ای ان علة حلیة غناء المغنیة فی هذه الفرض هو عدم دخول الرجال.
و علی هذا لایکون الغناء حراما بلاحرام یقارنه، و علی هذا الاستدلال بها تمام.
الاحتمال الثالث: کونه تعلیلا لکن ان الحرام هو غناء الذی یقترن بدخول الرجال فیکون نفس الغناء حراما خلافا للاحتمال الاول الذی لیس الغناء حراما مطلقا. فعلی هذا الاحتمال الاجرة علی هذا الغناء یکون حراما، خلافا للفرض الاول حیث ان الاجرة سحت علی المحرم المقارن مع الغناء لا نفس الغناء حیث لیس الغناء علی هذ الاحتمال حراما.
اما لو کان ” لیست” و حذ ایضا یاتی سائر الاحتمالات. فحذ لایمکن التمسک بها علی المطلوب.
اقول: ان اصل اشکاله صحیحح حیث یحتمل ان یکون “و لیست” تقییدا، ای لاباس باجرة المغنیة فی العرائس اذالم یدخل علیه الرجال، و هذا القید مشیر الی الاقتران بحرام آخر.
قال شیخنا الاستاذ انه یحتمل ان یکون “و لیست ان یدخل” عنوان مشیر الی مغنیة التی یغنی فی غیر مجالس العروسی و الغناء فی مجلس العروسی لاباس به اما الغناء فی المجالس المختلط ای التی یدخل علیها الرجال عنوان مشیر الی غیر مجلس العروسی للنساء غیر المختلط و کذا یحتمل ان یکون واو حالیة.
اقول: کونه جملة حالیة عرفیة اما قوله عنوانا مشیرا و هذا خلاف الظاهر لان الظاهر من العناوین هو موضوعیة العنوان، لکن اقول انها لاتظهر فی الحصر و التعلیل بل جملة مستانفة و ان دخول الرجال ذکر لکونه مصداقا ظاهرا للحرام و الغناء المحرم لکن لایوجب هذا انحصار الحرام فی هذا علی نحو یکون غیرها حلالا، و بعبارة اخری لایکون فی مقام الحصر فلایکون هذه الروایة قابلا للاستدلال.
[1] . الوسائل 17/306
[2] . الوسائل17/120
[3] . الوسائل 17/121