الاثنین 4/11/95 منتهی صلاة الجمعة
کان البحث فی منتهی صلاة الجمعة و قد ذهبوا المشهور هو الی بلوغ الظل الی مثل الشاخص.
و قال الحلبی انه مضیق من اول الزوال بمقدار الخطبتین ثم الصلاة بالفور العرفیة کما علیه السید السیستانی، حیث قال انه یجوز تاخیر صلاة الجمعة عن الخطبتین مقدار اربعین دقائق فلو طال الخطبتین من ساعة و ربع ساعة فلایکون الصلاة مجزیا و ما بینهما یحتاط وجوبا بعدم الاکتفاء بها.
و الآخر هو سعة وقتها الی غروب الشمس و الجعفی ذهب الی کون مقداره ساعة و المراد منه هو واحد من اثنی عشر یوم کما علیه السید الزنجانی. و قال العلامة المجلسی بمقدار اثنان اسباع من الشاخص.
و قد تبع السید الخویی المشهور و قال ان اطلاق دلیل صلاة الجمعة تدل علی انه واجب موسع لکن لما لایکون اطلاقه معهودا و خلافه متسالم علیه فیقید بمقدار الضرورة فبعد بلوغ الظل مقدرا الشاخص لایجوز اتیانها.
ثم اشار السید الخویی روایات التی یمکن ان یستند به لضیق وقت صلاة الجمعة
منها: عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَشْيَاءَ مُوَسَّعَةً وَ أَشْيَاءَ مُضَيَّقَةً فَالصَّلَوَاتُ مِمَّا وُسِّعَ فِيهِ تُقَدَّمُ مَرَّةً وَ تُؤَخَّرُ أُخْرَى وَ الْجُمُعَةُ مِمَّا ضُيِّقَ فِيهَا فَإِنَّ وَقْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَاعَةُ تَزُولُ وَ وَقْتَ الْعَصْرِ فِيهَا وَقْتُ الظُّهْرِ فِي غَيْرِهَا.
منها: ِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ: وَقْتُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الزَّوَالِ وَ وَقْتُ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ يُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ بِهَا.
منها: وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: وَقْتُ الْجُمُعَةِ زَوَالُ الشَّمْس
و قال السید الخویی لایمکن الاستدلال به و یرد علیها: « فلأن التضييق المذكور فيها إن أُريد الحقيقي كما هو الظاهر منها فهو لا يمكن الالتزام به، لامتناع إيقاع العمل عادة في زمان يقارن مبدؤه الزوال التحقيقي بحيث لا يتقدم و لا يتأخر عنه آناً ما، فان هذا إنما يتيسر لمثل النبي (صلى اللّه عليه و آله) باخبار جبرئيل كما ورد في بعض الأخبار أنه (صلى اللّه عليه و آله) كان يخطب فيقول جبرئيل: يا محمد قد زالت الشمس فانزل فصل، و أما بالنسبة إلى عامة الناس فلا شك أنه تكليف متعسر بل متعذر لعدم العلم غالباً بدخول الزوال إلا بعد مضيّ دقيقة أو دقيقتين من الأوحدي الممارس على الأوقات الذي هو أقل القليل من المكلفين. فتشريع وجوب غير قابل للامتثال بالإضافة إلى عامة الناس قبيح على الشارع الحكيم.و لا يقاس المقام بالتضييق في مثل الصوم الذي يتحد فيه الوقت مع العمل من حيث المبدأ و المنتهى، فان الواجب هناك هو الإمساك و الكفّ عن المفطرات و المطلوب هو الترك، فيمكن الإمساك قبل طلوع الفجر بدقائق أو أكثر من باب المقدمة العلمية. و أما في المقام فالمطلوب هو الفعل و الواجب أمر وجودي و المفروض عدم جواز تقديمه على الوقت و لا تأخيره حتى آناً ما فيرد حينئذ ما عرفت من المحذور.و إن أُريد به الضيق العرفي غير المنافي للتأخير بالمقدار المزبور، فهو خلاف الظاهر من هذه الروايات جدّاً، فان المتبادر منها إنما هو التضييق الحقيقي»[1]
اقول: یرد علیه اولا: ان الاختلاف و التاخیر الیسیر لایمنع عن الصدق العرفی للمبادرة و لایکون هذا بالتسامح العرفی.
ثانیا: ان عدم امکان امتثال المبادرة بالمعنی الحقیقی قرینة علی کون المراد منه هو المعنی العرفی.
ثالثا: لو لو نسلم حملها علی المبادرة العرفیة لعدم امکان المبادرة الحقیقیة، لکونه خلاف الظاهر، فحمله علی الاستحباب – کما علیه السید الخویی- ایضا خلاف الظاهر لکونه غیر قابل للامتثال ایضا.
رابعا: ما ذکره بعدم امکان الاحتیاط و فیه انه یمکن الاحتیاط باتیان مقدار من الخطبة فی زمان مشکوک زواله و اتیان الواجب من الخطبة کالامر بالتقوی و ثناء ائمة المسلمین فی الزوال المتیقن.
ثم استند السید الخویی[2] لرد القول بالضیق الی روایات کصحیحة ِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ قَدْرَ شِرَاك وَ يَخْطُبُ فِي الظِّلِّ الْأَوَّلِ فَيَقُولُ جَبْرَئِيلُ يَا مُحَمَّدُ- قَدْ زَالَتِ الشَّمْسُ فَانْزِلْ فَصَلِّ وَ إِنَّمَا جُعِلَتِ الْجُمُعَةُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ أَجْلِ الْخُطْبَتَيْنِ فَهِيَ صَلَاةٌ حَتَّى يَنْزِلَ الْإِمَامُ.
كان المراد طول الشراك، و الظل الأول ظل قبل الزوال. و من المعلوم ان التسامح العرفی ایضا لایلائم التاخیر بمقدار الشراک.
و عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَرَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ- فَقَالَ نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ مُضَيَّقَةً إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلِّهَا قَالَ قُلْتُ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّيْتُهَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَمَّا أَنَا فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ لَمْ أَبْدَأْ بِشَيْءٍ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ.
و ان قول الامام ع حیث لم ینه ابن ابی عمیر تدل علی جواز تاخیر صلاة الجمعة.
اقول: یرد علیه اولا: ان الظاهر من روایة ابن سنان ان صلاة الجمعة کان بعد الزوال مع تاخیر لا بعد الخطبة، و ان الخطبة کان یقع فی الظل الاول ای قبل الزوال.
ثانیا: ان تاخیر صلاة الجمعة عن الزوال لاینافی التضییق العرفی، بحیث یتاخر الصلاة عن الزوال بمقدار شراک ای مقدار عرض اصبع، حیث ان قائل التضییق لایخالف تاخیرها بمقدار الخطبتین. و بعبارة اخری ان هذه الروایة لاتدل علی تاخیر النبی ص صلاة الجمعة تاخیرا عرفیا بل ظاهره شروع صلاة الجمعة قبل الزوال ثم اتیان صلاة الجمعة بعد الزوال بمقدار شراک، و من المعلوم ان التاخیر مقدرا الشراک تاخیر عرفی لایساوق عدم الضیق.
اما الروایة ابن ابی عمر و ان سنده ضعیف لعدم توثیق ابن ابی عمر، مضافا الی انه لایرتبط بصلاة الجمعة حیث ورد فی صلاة یوم الجمعة و لو کان صلاة الظهر فلما لم یکن قبلها نافلة فنبادر الی صلاة یوم الجمعة. مع ان الرکعتین من الصلاة لاینافی التضییق العرفی.
ثم قال السید الخویی: « أن مثل هذا التعبير أعني التوقيت بالزوال الواقع في تلك الأخبار قد ورد في غيرها بالإضافة إلى صلاة الظهر يوم الجمعة، و في بعضها بعنوان مطلق المكتوبة يوم الجمعة الأعم من صلاتي الجمعة و الظهر، و لا شك في عدم التضييق في صلاة الظهر مطلقاً، فيكون ذلك قرينة على عدم إرادته بالنسبة إلى صلاة الجمعة أيضاً و أن المراد بالتضييق في مجموع هذه الأخبار معنى آخر كما ستعرف.» و المراد هو وقت الفضیلة ای یضیق وقت فضیلته.
اقول یرد علیه اولا: ان بیان وقت الفضیلة فی بعض الروایات لاینافی القول بتضییق وقت صلاة الجمعة کما تدل به صحیحة ربعی و زرارة، و ان ظاهرهما لزوم المبادرة الی صلاة الجمعة فی قبال سائر الصلوات الذی لایلزم المبادرة الیها.
ثانیا: اذا لم یکن فی المقام اطلاق بالنسبة الی وقت صلاة الجمعة فیلزم الاخذ بالقدر المتیقن و هو صلاة الجمعة اول وقت الزوال.
فالاقوی عندنا هذا القول و لااقل من الاحتیاط.
اما القول الرابع و هو قول الجعفی الذی سلمه السید الزنجانی و الدلیل علیه روایة وَ رَوَى حَرِيزٌ عَنْ زُرَارَة وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَوَّلُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ سَاعَةَ تَزُولُ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَمْضِيَ سَاعَةٌ فَحَافِظْ عَلَيْهَا.
و قد قوی السید الخویی سنده حیث قال: «و قد رواها الشيخ في مصباح المتهجد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) بعين هذا المتن. و من هنا قد يطمأن بل يقطع باتحاد الروايتين، لاتفاقهما في ألفاظ الرواية زائداً على المعنى.و كيف كان، فلا يمكن الاستدلال بالرواية لهذا القول، لا لضعف السند بدعوى الإرسال في الأُولى و جهالة طريق الشيخ إلى حريز في الثانية فتكون كالمرسل أيضاً كما قيل، إذ فيه: أن طريقه إليه مبيّن في الفهرست، و قد ذكر له طرقاً ثلاثة كلها صحيحة، و من الواضح أن الطرق المذكورة في الفهرست إلى الرواة لا تختص بما يرويه عنهم في كتاب دون كتاب، بل قد صرح بالإطلاق في المقام بقوله: أخبرنا بجميع كتبه و رواياته فلان عن فلان، فلا يقاس بالطرق المذكورة في مشيخة التهذيب المختصة بالروايات المذكورة في كتاب التهذيب غير النافعة بالإضافة إلى الرواية المبحوث عنها في المقام، لكونها مذكورة في كتاب المصباح دون التهذيب كما لا يخفى، فالنقاش من حيث السند في غير محله»[3]
لکن اورد المقرر علیه فی الهامش بان کلامه هنا یناقض کلامه فی مورد صلاة الغفیلة المنوقلة روایته عن الهشام فی المصباح.
اقول لایرد هذا النقض حیث لم یقل الشیخ فی الفهرست فی هشام اخبرنا بجمیع کتبه و روایاته.
اما الدلالة و قال السید الخویی[4] یرد علیه اولا: ان الساعة فی زمانهم ع لم یکن بمعنی ستین دقیقة و بلوغ الظل مثل الشاخص یکون ساعة ایضا، فلاینافی هذه الروایة قول المشهور.
ثانیا: ان المراد من اول الوقت هو وقت الفضیلة لا وقت وجوبه.
[1] . الموسوعة 11/138
[2] . الموسوعة 11/139
[3] . الموسوعة 11/142
[4] . الموسوعة 11/143