السبت 2/11/95
کان البحث فی وقت صلاة الصبح و الآن نبحث عن انتهاء وقته فهل هذا طلوع الشمس او طلوع الحمرة المشرقیة؟ لکن المهم فیه هو تفسیر حقیقة طلوع الفجر و لما سیذکر صاحب العروة هذا البحث و نحن نتبعه فی البحث عنه متاخرا.
و لطلوع الفجر بحثان اساسیان احدهما طلوعه فی کل لیلة و الآخر، طلوع الفجر فی اللیالی المقمرة.
و فی الاول بحث فی ان طلوع الفجر یتحقق بالخط البیاض و لو کان ضیقا او یلزم اتساع هذا الخط البیاض، و قد تدل بعض الروایات هو الاول بل یستفاد من تعبیر الآیة ای الخیط الابیض و فی قباله استدل بعض بان المراد من الخیط هو اللون فلذا عبر فی مقابله بالخیط الاسود و هذا موید للقول الثانی ای اتساع البیاض فی السماء.
اما اللیالی المقمرة و مثل السید الامام و السید الزنجانی ذهبا الی ان بیاض الفجر غیر متحقق فعلا اصلا لغلبة ضوء القمر فی هذه اللیالی، نعم لو لم یکن ضوء القمر لتحقق بیاض الفجر و هذا ضوء تقدیری لطلوع الفجر، فعلی هذا یلزم اللبث مبقدار عشرین دقائق.
هنا بحث آخر و هو انه فی البلاد القریبة الی القطب حیث لایکون نهارها و کذا لیلها کما یکون فی سائر المناطق لانه قد یکون النهار اکثر مقدرا الیوم کاثنین و عشرین ساعة و اثنین لیلة فحذ احتساب الفجر مشکل غایة و بعبارة اخری لایکون نهاره نهارا و لیله لیلة غالبیا، و هذا مختص بالمقتربین الی القطب.
قال الشیخ فی الخلاف: « فإما آخر الوقت فعندنا أن وقت المختار الى أن يسفر الصبح و وقت المضطر الى طلوع الشمس، و به قال الشافعي و جميع أصحابه. و ذهب الإصطخري من أصحابه إلى أنه إذا أسفر فات وقت الصبح. و قال أبو حنيفة و أصحابه: أن الوقت ممتد الى طلوع الشمس من غير تفصيل.
دليلنا: طريقة الاحتياط فان ما اعتبرناه لا خلاف بين الأمة أنه من الوقت و ما زاد عليه ليس عليه دليل أنه وقت الاختيار، و قد بينا الوجه فيما اختلف من أخبارنا في الكتابين المقدم ذكرهما»[1]
و المراد من الاسفار هو غلبة البیاض علی اسوداد الیل و قد عبر عنه بطلوع الحمرة المشرقیة و الظاهر هو نصف ساعة بعد اذان الصبح و طلوع الحمرة یکون بعد هذا.
و الدلیل علی هذا القول عدة من الروایات
منها: عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: وَقْتُ الْفَجْرِ حِينَ يَنْشَقُّ الْفَجْرُ إِلَى أَنْ يَتَجَلَّلَ الصُّبْحُ السَّمَاءَ وَ لَا يَنْبَغِي تَأْخِيرُ ذَلِكَ عَمْداً لَكِنَّهُ وَقْتٌ لِمَنْ شُغِلَ أَوْ نَسِيَ أَوْ نَامَ.
و التجلل هو البروز و لاینبغی ظاهر فی الحرمة کما قرر ع فهم زرارة منه فی روایة ٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَا يَنْبَغِي نِكَاحُ أَهْلِ الْكِتَابِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ أَيْنَ تَحْرِيمُهُ قَالَ قَوْلُهُ وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ
منها: عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَال: وَقْتُ الْفَجْرِ حِينَ يَبْدُو حَتَّى يُضِيءَ.
و یزید بن خلیفة من مشایخ الصفوان
منها : عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتَانِ وَ أَوَّلُ الْوَقْتَيْنِ أَفْضَلُهُمَا وَقْتُ صَلَاةِ الْفَجْرِ حِينَ يَنْشَقُّ الْفَجْرُ إِلَى أَنْ يَتَجَلَّلَ الصُّبْحُ السَّمَاءَ وَ لَا يَنْبَغِي تَأْخِيرُ ذَلِكَ عَمْداً لَكِنَّهُ وَقْتُ مَنْ شُغِلَ أَوْ نَسِيَ أَوْ سَهَا أَوْ نَامَ وَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ حِينَ تَجِبُ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ وَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَ آخِرَ الْوَقْتَيْنِ وَقْتاً إِلَّا مِنْ عُذْرٍ أَوْ عِلَّةٍ.
یمکن ان یقال ان الظاهر منه هو لزوم اتیان الصبح هو قبل طلوع الفجر لکن قوله ع “اول الوقتین افضلهما” یوجب انثلام ظهوره فی الوجوب و بعبارة اخری یوجب الاجمال.
منها: َ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى السَّابَاطِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي الرَّجُلِ إِذَا غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ أَوْ عَاقَهُ أَمْرٌ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ مِنَ الْفَجْرِ مَا بَيْنَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْس.. عاق ای منع
یمکن ان یناقش فیها ان “عاقه امر” یشمل الامر غیر العذر العرفی حیث ان الامر اعم من العذر لکن لاتدل علی جواز التاخیر فی حال الاختیار ای یمکن ان لایجوز التاخیر من تجلل السماء لکن اذا اخره یجزی.
منها: عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَقُلْتُ مَتَى يَحْرُمُ الطَّعَامُ وَ الشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ وَ تَحِلُّ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْفَجْرِ فَقَالَ إِذَا اعْتَرَضَ الْفَجْرُ وَ كَانَ كَالْقُبْطِيَّةِ الْبَيْضَاءِ فَثَمَّ يَحْرُمُ الطَّعَامُ وَ يَحِلُّ الصِّيَامُ وَ تَحِلُّ الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْفَجْرِ قُلْتُ فَلَسْنَا فِي وَقْتٍ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ شُعَاعُ الشَّمْسِ فَقَالَ هَيْهَاتَ أَيْنَ تَذْهَبُ تِلْكَ صَلَاةُ الصِّبْيَانِ.
و قد استدل علیه بان قوله تلک صلاة الصبیان تدل علی ان صلاة البالغ غیره حیث یکون صلاة الصبیان للتمرین و التدریب فلایجوز تاخیر الصلاة الی طلوع الشمس للبالغ و من جانب آخر استدل به لکونه خلاف الفضیلة ای من اخره الی طلوع الشمس و هذا خلاف الفضیلة حیث یکون هذا شان الصبیان.
و ان الظاهر من روایة الحلبی و یزید بن خلیفة هو عدم جواز تاخیر الصبح عن تجلل الصبح ای یجب اتیان الصبح قبل طلوع الحمرة المشرقیة او تجلل السماء.
اما دلیل المشهور
منها: عَلِيِّ بْنِ يَعْقُوبَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا يَفُوتُ الصَّلَاةُ مَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ لَا يَفُوتُ صَلَاةُ النَّهَارِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ وَ لَا صَلَاةُ اللَّيْلِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَ لَا صَلَاةُ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.
یرد علیه اولا: علی بن یعقوب هاشمی مجهول ثانیا: یمکن حمله علی الجواز الوضعی فیمکن تقییده بوجوب المبادرة للمختار
منها: عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: وَقْتُ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ.
و نحن نسلم سندها لان موسی من مشایخ الصفوان لکن دلالتها یمکن تقییدها بلزوم المبادرة
قال السید الخویی: « أن الفقهاء ذكروا أن الوقت الاختياري أو وقت الفضيلة على الخلاف ينتهي بطلوع الحمرة المشرقية، مع أن هذا التعبير لم يوجد في شيء من الأخبار، بل الموجود فيها: «تجلل الصبح السماء» أو ما يقرب من ذلك الذي هو دون طلوع الحمرة بمقدار غير يسير. و لعل في نفس هذا التعبير شهادة على إرادة الفضيلة من الوقت الأول و إلا فلو أُريد به الوقت الاختياري الذي لا يجوز التأخير عنه عمداً كان اللازم انضباط الحد و كونه معيناً مشخصاً يعرفه كل أحد كنصف الليل و طلوع الشمس أو غروبها و نحو ذلك، مع أن تجلل الصبح و بدوّ الضياء و نحو ذلك مما وقع في لسان الأخبار أمر قابل للتشكيك و ليس بمبيّن معيّن بحيث لا يقبل الترديد كما في سائر الحدود لاختلاف مراتب الصدق، فليس هناك وقت مشخص يحكم عليه بحصول التجلل في هذا الوقت دون ما قبله.نعم، ورد التعبير بالحمرة في كلام الراوي في صحيحة علي بن يقطين قال: «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر و تظهر الحمرة، و لم يركع ركعتي الفجر أ يركعهما أو يؤخّرهما؟ قال: يؤخّرهما».
و هذه أيضاً فيها إشعار بأنّ الوقت الأول للفضيلة دون الاختيار، فان مقتضى إطلاق السؤال اعتقاد الراوي جواز الإتيان بركعتي الفجر أي النافلة حتى فيما إذا لم يبق إلى طلوع الحمرة إلا مقدار ركعتين بحيث لو صلاهنّ لزم
إيقاع صلاة الغداة بعد الطلوع، فكأنّ المغروس في ذهنه امتداد الوقت إلى طلوع الشمس و قد أقرّه الإمام (عليه السلام) على هذا الاعتقاد، غير أنّه سأل عن أن الأفضل البدأة بالنافلة في مثل هذا الوقت أم بالفريضة، فأجاب (عليه السلام) بالثاني، و إلا فلو كان الوقت للاختيار دون الفضيلة لم يكن موقع لهذا السؤال كما لا يخفى فتدبّر.»[2]
و فیه اولا: ان عنوان تجلل الصبح فی السماء عنوان عرفی ای اتساع بیاض الفجر فی السماء ثانیا: ان هذا الاشکال یوجد فی سائر العناوین ای لایعین سائر العنوان الفقهیة و هذا لاتوجب رفع الید عن ذلک العنوان.
ثالثا: ما ذکره فی روایة الحمرة لم یشر الی علة التاخیر فلعله للعذر.
فالظاهر من الروایات هو وجوب المبادرة الی صلاة الصبح قبل طلوع الشمس
[1] . الخلاف 1/268
[2] . الموسوعة 11/135