الاثنین 27/10/95
نکتة من بحث منتهی صلاة المغرب:
قلنا امس ان الظاهر من بعض الروایات کون آخر وقت المغرب سقوط الشفق، لکن لما یکون هذه المسالة کثیر الابتلاء للمکلفین فعدم اشتهاره تدل علی عدم کون سقوط الشفق منتهی صلاة المغرب.
و کذا قلنا عند التعارض نرجح روایات امتداد وقت صلاة المغرب الی نصف اللیل لکون سقوط الشفق موافقا للعامة.
یمکن ان یناقش فی کلا القولین. اما الاول بان القول بکون منتهی صلاة المغرب هو سقوط الشفق کان مشهورا بین القدماء، فنذکر هنا کلماتهم؛
قال الکلینی (ره) فی الکافی بعد روایة صحیحة زرارة و الفضیل ، و روری ایضا ان لها وقتین آخر وقتها سقوط الشفق.
«و ليس هذا مما يخالف الحديث الأول إن لها وقتا واحدا لأن الشفق هو الحمرة و ليس بين غيبوبة الشمس و بين غيبوبة الشفق إلا شيء يسير و ذلك أن علامة غيبوبة الشمس بلوغ الحمرة القبلة و ليس بين بلوغ الحمرة القبلة و بين غيبوبتها إلا قدر ما يصلي الإنسان صلاة المغرب و نوافلها إذا صلاها على تؤدة و سكون و قد تفقدت ذلك غير مرة و لذلك صار وقت المغرب ضيقا.»[1]
و ان کلامه ظاهر فی انتهاء وقت المغرب الی سقوط الشفق.
قال الصدوق فی الهدایة: «و وقت المغرب أضيق الأوقات، و هو (من حين غيبوبة الشمس إلى) غيبوبة الشفق، و وقت العشاء من غيبوبة الشفق إلى ثلث الليل.»[2]
و ان الظاهر منه هو بیان الوقت الواجب لا الفضیلة لان بیان وقت الفضیلة دون الواجب فی الرسالة بعید.
و فی الفقیه: «و وقت المغرب لمن كان في طلب المنزل في سفر إلى ربع الليل و المفيض من عرفات إلى جمع كذلك» ثم روی بکر بن محمد.
قال الشیخ فی المقنعة: « و آخره أول وقت عشاء الآخرة.و أول وقت العشاء الآخرة مغيب الشفق و هو الحمرة في المغرب و آخره مضي الثلث الأول من الليل.»[3]
قال السید فی الناصریات: «عندنا أن أول وقت المغرب مغيب الشمس، و آخر وقتها مغيب الشفق الذي هو الحمرة، و روي ربع الليل، و حكى بعض أصحابنا: أن وقتها يمتد الى نصف الليل»[4]
و من المعلوم انها لایکون فی الفضیلة حیث لایمتد وقت الفضیلة الی نصف اللیل.
و الشیخ فی التهذیب: «فهذه الأخبار كلها دالة على أن هذه الأوقات لصاحب الأعذار لأنها مقيدة بالموانع و ما يجري مجراها و الذي يكشف عما ذكرناه و أنه لا يجوز تأخير المغرب- عن غيبوبة الشمس إلا عن عذر ما ثبت أنه مأمور في هذا الوقت بالصلاة و الأمر عندنا على الفور فيجب أن تكون الصلاة عليه واجبة في هذه الحال و يدل عليه أيضا…»[5]
قال فی النهایة: «و أوّل وقت صلاة المغرب عند غيبوبة الشّمس. و علامته سقوط القرص. و علامة سقوطه عدم الحمرة من جانب المشرق.و آخر وقته سقوط الشّفق، و هو الحمرة من ناحية المغرب. و لا يجوز تأخيره من أوّل الوقت إلى آخره إلّا لعذر. و قد رخّص للمسافر تأخير المغرب إلى ربع الليل.»[6]
و قال فی الخلاف: «مسألة 6: أول وقت المغرب، إذا غابت الشمس، و آخره إذا غاب الشفق و هو الحمرة، و به قال أبو حنيفة، و الثوري، و أحمد، و إسحاق، و أبو ثور، و أبو بكر بن المنذر في اختياره، و حكى أبو ثور هذا المذهب عن الشافعي، و لم يصححه أصحابه، الا أن أبا حنيفة قال: الشفق هو البياض، لكنه كره تأخير المغرب.
و قال الشافعي و أصحابه: إن وقت المغرب وقت واحد، و هو إذا غابت الشمس، و تطهر و ستر العورة و أذن و أقام فإنه يبتدئ بالصلاة في هذا الوقت، فإن أخر الابتداء بها عن هذا الوقت فقد فاته. و قال أصحابه: لايجيء على مذهبه غير هذا. و به قال الأوزاعي .
و ذهب مالك الى أن وقت المغرب ممتد الى طلوع الفجر الثاني، كما أن وقت الظهر ممتد الى المغرب، و في أصحابنا من قال بذلك، و منهم من قال:أن وقته ممتد الى ربع الليل.
دليلنا: إن ما اعتبرناه مجمع عليه بين الفرقة المحقة انه من الوقت، و انما اختلفوا في آخره، و قد بينا الوجه فيما اختلف من الأخبار في هذا المعنى في الكتابين المقدم ذكرهما، و طريقة الاحتياط تقتضي ما قلناه، فإنه إذا صلى في هذا الوقت كان مؤديا بلا خلاف، و اختلفوا إذا صلى بعد هذا الوقت.»[7]
قال ابو الصلاح فی الکافی: «و أول وقت المغرب غروب الشمس- و هو أفضل- و علامة غروبها اسوداد المشرق بذهاب الحمرة، و آخر وقت الاجزاء ذهاب الحمرة من المغرب، و آخر وقت المضطر ربع الليل.»[8]
ابن حمزة فی الوسیلة: «و وقت المغرب غروب الشمس و علامته زوال الحمرة من ناحية المشرق إلى غروب الشفق للمختار و إلى ربع الليل لصاحب العذر.»[9]
ابن سلار فی المراسم: «فأما المغرب: فيمتد وقته إلى أن يبقى لغياب الشفق الأحمر مقدار أداء ثلاث ركعات…… و قد روي جواز تأخير المغرب للمسافر- إذا جد به السير إلى ربع الليل.»[10]
و قال کیدری فی الاصباح: «و أول وقت المغرب غيبوبة الشمس…. و آخره غيبوبة الحمرة من ناحية المغرب للمختار، و وقت الضرورة يمتد إلى ربع الليل.»[11]
اقول: ان بعض هذه العبار کان صریحا فی الوجوب لکن بعض آخر لاصراحة لها، مثل کلام الصدوق و فی ذیل الفقیه قال فی العشاء فاول وقت العشاء ذهاب الحمرة و آخر وقتها نصف اللیل و فی روایة معاویة وقت العشاء الی ثلث اللیل وکان الثلث هو الاوسط و النصف هو آخر الوقت، مع انه قال فی الهدایة و وقت العشاء من غیبوبة الشفق الی ثلث اللیل؛ و ان کلامه فی الفقیه قرینة علی کونه فی مقام بیان الفضیلة فی الهدایة.
و قال الشیخ فی الخلاف فی کون انتهائه سقوط الشفق مختلف فیه و الاحتیاط یقتضی لزوم اتیانه قبل سقوط الشفق. و کل هذا انها لایکون واضحا عند المتشرعة بل یکون مختلفا فیه و هذا المقدار یکفی لعدم اثباته ای لو کان واضحا لبان و اشتهر لکثرة الابتلاء به.
اما الکلام الثانی و هو کون روایات سقوط الشفق موافقا للعامة لکن العبارارت المذکورة فی الخلاف تدل علی ان المالک ذهب الی امتداده الی طلوع الفجر، فیمکن ترجیح روایات التی تدل علی امتداد وقته الی نصف اللیل لمخالفته مع کلا القولین للعامة، و ان سقوط الشفق موافق لمشهور العامة لا جمیع العامة.
لایقال ان روایات سقوط الشفق موافق لمشهور العامة وهذا یکفی لعدم ترجیحه.
فانه یقال ان مالک کان اماما فی المدینة و لائم مع بنی الامیة و بنی العباس و کان مشتهرا فی المدینة فلایمکن غمض العین عن قوله فی مسالة الترجیح عند التعارض.
فعند التعارض بین الرویات المغرب اما یحمل علی وقت الفضیلة کما علیه المشهور و منهم السید البروجردی او نقول بالتعارض و التساقط فنرجع الی البرائة.
اما صلاة العشاء، و ان مبدائه و قال بعض هو اول سقوط الشفق و قال الشیخ لو اتی بها بعد سقوط الشفق و هذا طریق الاحتیاط.
و فیه اولا: و ان هذا الاحتیاط مخالف للبرائة و کذا الروایات الذی ذکرنا بان النبی ص اتی به بعد صلاة المغرب بعد غیبوبة الشمس لا لعلة.
و المهم هو منتهی صلا العشاء و قد اختلف فیه بانه هو نصف اللیل او ثلثه
قال العلامة فی التذکرة: «مسألة 32: أول وقت العشاء عند الفراغ من فريضة المغرب، لكن الأفضل تأخيرها إلى سقوط الشفق،….و للشيخ قول آخر: إن أول وقتها سقوط الشفق- و هو قول آخر للمرتضى، و قول الجمهور كافة- لأن جبرئيل أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يصلي العشاء حين غاب الشفق، و في اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل. و هو محمول على الاستحباب.
مسألة 34: و آخر وقت العشاء للفضيلة إلى ثلث الليل، و للإجزاء إلى نصفه- و هو قول المرتضى، و ابن الجنيد، و هو أحد قولي الشافعي، و به قال ابن المبارك، و الثوري، و أبو ثور، و أحمد في رواية……. و للشيخ قول آخر: أنه ثلث الليل، و هو القول الثاني للشافعي- و به قال أبو هريرة، و عمر بن عبد العزيز، و مالك، و أحمد في رواية…»[12]
اقول: ان الصحیح هو کون نصف اللیل منتهاها و لو کانت الروایات مختلفة فیه، و المشهور استندوا الی روایات کون منتهاه هو نصف اللیل لکن هنا روایات تدل علی انتهاه هو ثلث اللیل
اما الروایات التی استدل المشهور بها
منها: عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ أَوَّلُ وَقْتِهَا زَوَالُ الشَّمْسِ إِلَى انْتِصَافِ اللَّيْلِ مِنْهَا صَلَاتَانِ أَوَّلُ وَقْتِهِمَا مِنْ عِنْدِ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَّا أَنَّ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ وَ مِنْهَا صَلَاتَانِ أَوَّلُ وَقْتِهِمَا مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى انْتِصَافِ اللَّيْلِ إِلَّا أَنَّ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ.
و ان هذه الآیة فسر الدلوک بالزوال و الغسق الی نصف اللیل، لو کنا و الآیة فلاتظهر الدلولک و الغسق فی الزوال و النصف حیث یکون الدلوک فی اللغة بمعنی الزوال و الغروب و الغسق بمعنی سقوط الشفق و النصف او انتهاء اللیل ای طلوع الفجر، لکن صحیحة زرارة تدل علی کون معنی الغسق هو نصف اللیل فیمتد وقت العشاء الی النصف بقرینة هذه الصحیحة.
منها: روایة بکر بن و آخر وقتها غسق اللیل
[1] . الکافی 3/280
[2] . الهدایة ص130
[3] . المقنعة ص93
[4] . الناصریات ص193
[5] . التهذیب 2/32
[6] . النهایة ص59
[7] . الخلاف 1/261
[8] . الکافی 137
[9] . الوسیلة ص83
[10] . المراسم ص62
[11] . اصباح الشیعة ص60
[12] . التذکرة 2/312