فهرست مطالب

فهرست مطالب

الاربعاء 8/10/95 فی حرمة الغناء ذاتا و معنی الغنی

کان البحث فی حرمة الغناء فی حد ذاته و لو لم یکن مقترنا بمحرم آخر او حرمته مقترنا بمحرم آخر کما علیه الفیض الکاشانی

و الوجه الآخر لمختار المحث الکاشانی فی عدم حرمظ الغناء ذاتا هو ورایات الترغیب بالتغنی فی القرآن

منها: عن النبي ص حين قال ليس منا من لم يتغن بالقرآن.

و قد نقل فی مجمع البحرین: ان القرآن نزل بالحزن فاذا قراتموه فابکوا فان لم تبکوا فتباکوا و تغنوا به فمن لم یتغن بالقرآن فلیس منا.

منها: عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِذَا قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فَرَفَعْتُ بِهِ صَوْتِي جَاءَنِي الشَّيْطَانُ فَقَالَ إِنَّمَا تُرَائِي بِهَذَا أَهْلَكَ وَ النَّاسَ قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اقْرَأْ قِرَاءَةً مَا بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ تُسْمِعُ أَهْلَكَ وَ رَجِّعْ بِالْقُرْآنِ صَوْتَكَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يُحِبُّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يُرَجَّعُ فِيهِ تَرْجِيعاً.

منها: لم یذکر ابن ادریس فی المستطرفات، الطریق الی الکتب لکن بالنسبة الی کتاب محمد بن علی بن محبوب طریق حیث قال و هو بخط الشیخ عندی، فکتاب ابن محبوب معتبر؛

الْعَبَّاسُ ( ای ابن محبوب) عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ‏ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع الرَّجُلُ‏ لَا يَرَى‏ أَنَّهُ صَنَعَ شَيْئاً فِي الدُّعَاءِ وَ فِي الْقِرَاءَةِ حَتَّى يَرْفَعَ صَوْتَهُ فَقَالَ لَا بَأْسَ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ صَوْتاً بِالْقُرْآنِ وَ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى يُسْمِعَهُ أَهْلَ الدَّارِ وَ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ ع كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ صَوْتاً بِالْقُرْآنِ وَ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ وَ قَرَأَ رَفَعَ صَوْتَهُ فَيَمُرُّ بِهِ مَارُّ الطَّرِيقِ مِنَ السَّقَّائِينَ‏ وَ غَيْرِهِمْ فَيَقُومُونَ فَيَسْتَمِعُونَ إِلَى قِرَاءَتِهِ‏.[1]

منها: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: ذَكَرْتُ الصَّوْتَ عِنْدَهُ فَقَالَ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع كَانَ يَقْرَأُ فَرُبَّمَا مَرَّ بِهِ الْمَارُّ فَصَعِقَ مِنْ حُسْنِ صَوْتِه‏

منها: ٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ص لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ حِلْيَةٌ وَ حِلْيَةُ الْقُرْآنِ الصَّوْتُ الْحَسَنُ.

و قال المحدث الکاشانی، لو لم یکن المضامین باطلا و لیس الغناء الا تحسین الصوت و الترجیع و لااشکال فیه، ای اذا کان الصوت الحسن مقترنا بالکلام الباطل اللهوی یکون حراما و الا لایکون حراما.

و فیه اولا: ان هذه الروایات توجب تخصیص حرمة الغناء مطلقا.

ثانیا: ان هذا البیان یقتضی حرمة الغناء مشروطا باقترانه مع کلام باطل لا الاقتران بمحرم آخر.

ثالثا: ان هذه الروایات ایضا لا تدل علی جواز التغنی بالقرآن الا الروایة الاولی حیث صرح به و لیس کل ترجیع او حسن صوت هو الغناء و ان الغناء ما یکون من شانه ایجاد الوجد و الفرح و الخفت فی نوع الناس.

و من المسلم لایکون التغنی فی روایة معانی الاخبار بمعناه الحرام حیث لایمکن الالتزام به فلذا وجه الصدوق هذه العبارة “من لم یستغن بالقرآن” لکن هذا التوجیه لایلائم مع نقل مجمع البحرین نعم یمکن ان یوجه باستعماله مجازا فی حسن الصوت مضافا الی ضعف سنده بالارسال.

رابعا: یعارض هذه الروایات مع روایات اُخر

منها: صحیحة عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِأَلْحَانِ الْعَرَبِ وَ أَصْوَاتِهَا وَ إِيَّاكُمْ وَ لُحُونَ أَهْلِ الْفِسْقِ وَ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَإِنَّهُ سَيَجِي‏ءُ مِنْ بَعْدِي أَقْوَامٌ يُرَجِّعُونَ الْقُرْآنَ تَرْجِيعَ الْغِنَاءِ وَ النَّوْحِ وَ الرَّهْبَانِيَّةِ لَا يَجُوزُ تَرَاقِيَهُمْ قُلُوبُهُمْ مَقْلُوبَةٌ وَ قُلُوبُ مَنْ يُعْجِبُهُ شَأْنُهُمْ.

منها: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيَّ بْنَ‏ الْحُسَيْنِ ع عَنْ شِرَاءِ جَارِيَةٍ لَهَا صَوْتٌ فَقَالَ مَا عَلَيْكَ لَوِ اشْتَرَيْتَهَا فَذَكَّرَتْكَ الْجَنَّةَ يَعْنِي بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ- وَ الزُّهْدِ وَ الْفَضَائِلِ الَّتِي لَيْسَتْ بِغِنَاءٍ فَأَمَّا الْغِنَاءُ فَمَحْظُورٌ.

و مضافا الی ضعف سنده یمکن ان یکون المعنی من نفس الصدوق.

منها: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَشَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رِيَاحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ- إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ الْقِيَامَةِ إِضَاعَةَ الصَّلَاةِ وَ اتِّبَاعَ الشَّهَوَات‏…. فَعِنْدَهَا يَكُونُ أَقْوَامٌ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَيَتَّخِذُونَهُ مَزَامِيرَ وَ يَكُونُ أَقْوَامٌ يَتَفَقَّهُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَ يَكْثُرُ أَوْلَادُ الزِّنَا يَتَغَنَّوْنَ بِالْقُرْآنِ وَ يَتَهَافَتُونَ بِالدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ وَ ذَلِكَ إِذَا انْتُهِكَتِ الْمَحَارِمُ وَ اكْتُسِبَ الْمَآثِمُ وَ تَسَلَّطُ الْأَشْرَارُ عَلَى الْأَخْيَارِ وَ يَفْشُو الْكَذِبُ وَ تَظْهَرُ الْحَاجَةُ وَ تَفْشُو الْفَاقَةُ وَ يَتَبَاهَوْنَ فِي النَّاسِ وَ يَسْتَحْسِنُونَ الْكُوبَةَ وَ الْمَعَازِفَ وَ يُنْكَرُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ إِلَى أَنْ قَالَ فَأُولَئِكَ يُدْعَوْنَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ الْأَرْجَاسَ الْأَنْجَاس‏.[2]

و یتغنون بالقرآن.

و الغناء حرام مطلقا انما الکلام فی معنی الغناء

قال المحقق الایروانی: لم افهم معنی الغناء و انه معنی مجمل فیلزم الاخذ بالقدر المتیقن و هو ما یجتمع فی ارعة اوصاف مد الصوت و الترجیع الصوت و اطراب الصوت و الفحوی اللهوی، و الطرب هو ما من شانه هو خفة المسمتمع.

هذا ما ذکره: « و الحقّ أنّه لا ينبغي التأمّل في حرمة الغناء فإن الأدلّة متطابقة على حرمتها و إنّما الإشكال في موضوع الغناء و قد اضطربت كلمات الفقهاء و اللغويّين في ذلك و لا عرف حاضر غير متلقّى من أرباب الشّرع يرجع إليه و الأدلّة خالية عن التعرّض للموضوع و سيجي‌ء فساد استظهار المصنّف من بعض الأدلّة أنه هو نفس الكلام باعتبار مدلوله و من بعض آخر أنّه هو هيئة الكلام و كيفية و عليه فينبغي اعتبار كلّ ما احتمل دخله و كان الواجد لجميع القيود ممّا قيل أو احتمل هو متيقّن الحرمة و ما عداه مشكوك الحرمة يرجع فيه إلى الأصل و المتيقّن هو الكلام الباطل في ذاته و بحسب المدلول و المشتمل على المدّ و الترجيع و الإطراب و المراد من بطلان الكلام بحسب المعنى هو أن يكون معناه معنى لهويّا يقال به في مقام التلهي لا في مقام الإفادة و الاستفادة كأكثر ما قيل من الشعر في مقام التعشّق و التغزّل فليس الكلام الباطل حراما إلّا أن يشتمل على الكيفيّة ذات القيود الثلاثة و لا المشتمل على الكيفيّة حراما إلّا أن يكون باطلا في معناه فيعتبر في موضوع التحريم اجتماع أمور أربعة بطلان الكلام في معناه و اشتماله على المد ثم الترجيع ثم الإطراب فإذا ارتفع أحد الأربع ارتفع التحريم.»[3]

فلتوضیح مفهومه نبدا بکلمات اللغویین و تعاریفهم مختلفة و مجمع البحرین الغناء ککساء الصوت المشتمل علی الترجیع المطرب، لسان العرب: الغناء من الصوت ما طرب به. المصباح المنیر: مد الصوت المشتمل علی الترجیع المطرب. صحاح اللغة: الغناء من السماع. المنجد: الغناء من الصوت ما طرب به.

و فی المعاجم الفارسیة: عمید: آواز خوش، سرود و آواز طرب انگیز منتهی الارب: آواز خوش و طرب انگیز و سرود. و العمدة اشتماله علی الطرب.

اقول ان قول اللغوی لایکون حجة اذا لم یوجب العلم کبرویا، مضافا الی ان اللغوی یذکر الاستعمالات لا المعنی اللغة بالدقة و بعبارة اخری یذکر المعانی التقریبی. و ان بعض هذه التعاریف لایمکن الالتزام به کالترجیع مع الاطراب، کاشتمال مثل قرائة القرآن و مدائح اهل البیت و ذکر مصائبهم علی الترجیع و الاطراب مع انه لایکون صدق الغناء علیه عرفیا.

او ما یعبر فی الفارسیة ب”آواز او سرود” و هذا لایویده العرف قطعا ای لیس کل ما یعبر عنه ب”آواز او سرود”، و من المسلم عدم صدق الغناء بهما.

قال السید الخویی یعبر عنه فی الفارسیة دو بیت سرود و آواز خواندن. و هذا غیر عرفی ای لیس کل انشودة او صوت جمیل حراما قطعا.

قد حکی السید الامام فی المکاسب المحرمة عن شیخ محمد الرضا الاصفهانی

«الغناء صوت الإنسان الذي من شأنه إيجاد الطرب بتناسبه لمتعارف الناس، و الطرب هو الخفّة التي تعتري الإنسان فتكاد أن تذهب بالعقل و تفعل فعل المسكر لمتعارف الناس أيضا».

ثمّ تصدّى لتشييده بذكر مقدّمة حاصلها: «أنّ الغناء من أظهر مظاهر الحسن و لأجله يطلبه من يطلبه، فلا بدّ لبيان ناموس الحسن:فأقول: الحسن و إن كان ممّا تحيّر فيه العقول و يدرك و لا يوصف و لكنّه في المركّبات لا يخرج عن حدّ التناسب، فأينما وجد فالتناسب سببه، فالخط الحسن ما تناسبت واواته و ميماته، و الشعر الحسن ما تناسب ألفاظه و معانيه، و لا يوصف الحيوان بالحسن إلّا إذا تناسبت أعضاؤه، و لا يقال للوجه: إنّه جميل إلّا إذا تناسبت أجزاؤه، و هكذا.و الصوت بين مظاهر الحسن من أكثرها قبولا للتناسب، فإذا كان الصوت متناسبا بمه، و زيره، و بزاته، و مدّه، و ارتفاعه، و انخفاضه، و اتصاله، و انفصاله، سمّي بالغناء.

و قد وضع لبيان هذه النسب و أقسامها فنّ الموسيقى الذي هو أحد أقسام‌ العلوم الرياضيّة.و يخصّ فنّ تناسب الآلات باسم الإيقاع، و العود بينها ميزان الغناء، يعرف به صحيح الغناء من فاسده، كما يعرف بالمنطق صحيح القضايا من فاسدها.و على أوتارها الأربعة و كيفيّة شدّها و الإصبع التي يضرب بها يعرف أقسام الغناء.ثمّ قال: و إذا أنشد الشعر على طبق مقرّرات الفنّ، أوجب لسامعه إذا كان من متعارف الناس، الطرب الخارج عن المتعارف، حتّى يكاد أن يفعل فعل المسكر فيصدر من الشريف الحكيم ما يأنف منه الأنذال من أقوال و أفعال يشبه أقوال السكارى و أفعالهم، و في كتب المحاضرات و التاريخ نجد حكايات إن تأمّلتها علمت أنّ ولع الغناء بالعقل لا يقصر عن الخمر بل يربو عليه.

ثمّ قال: تقييد الصوت بصوت الإنسان لمتابعة العرف، فإنّ أصوات البلابل و إن تناسبت و أطربت لا يسمّى غناء، و بقيد التناسب يخرج ما أوجب الطرب بغيره من حسن الصوت اللغوي ذاتا أو لحسن صاحبه، أو لحسن ألفاظه و معانيه و نحو ذلك، و بقيد المتعارف يخرج الخارج عنه، فلا اعتبار بمن هو كالجماد كما لا اعتبار بمن يطرب بأدنى سبب كما أنّ الحال كذلك في حدّ المسكر، و بقولي: تكاد أن تذهب بالعقل يخرج الطرب الخفيف، إذ لا اعتبار به كما لا اعتبار بالفرح و النشاط الحاصلين من بعض المشروبات المفرّحة ما لم يبلغ مرتبة يزيل العقل عن المتعارف.و بالجملة الطرب في الغناء كالسكر في الشراب، و العلّة في تحريمه عين العلّة فيه و هو إزالة العقل.ثمّ تصدّى لبيان عدم الاختلاف في كلمات علماء اللغة في ذلك و أنّ مغزى الجميع واحد و إن اختلف التعبير.

ثمّ قال: و فذلكة القول أنّ الغناء هو الصوت المتناسب الذي من شأنه بما هو متناسب أن يوجد الطرب أعني الخفّة بالحدّ الذي مرّ.فما خرج منه فليس من الغناء في شي‌ء و إن كان الصائت رخيم الصوت حسن الأداء و أحسن كلّ الإحسان، و وقع من سامعه أقصى مراتب الاستحسان.كما أنّه من الغناء الصوت المتناسب و إن كان من أبحّ رديّ الصوت و لم يطرب بل أوجب عكس الطرب كما قيل:

إذا غناني القرشي        دعوت اللّه بالطرش

فبين كلّ من الغناء و الصوت المستحسن عموم من وجه، و هو محرّم أيضا كالغناء الحسن لعموم الأدلّة، إلّا أن يدّعى انصرافها إلى ما أوجب الطرب الفعلي.و لقد أحسن الشيخ- قدّس سرّه- في قوله: ما كان مناسبا لبعض آلات اللهو و الرقص.و كأنّه تحاول ما ذكرناه، فإنّ النسب الموسيقية تنطبق على النسب الإيقاعية، و لذلك يطابق أهل اللهو بينهما.و قد اعترض أستاذ الصناعة علي الرشيد بأنّ مغنّيك يغنّي بالثقيل و عوّادك يضرب بالخفيف، فالصوت الخالي عن النسبة لا يكون غناء و إن أوجب الطرب و قصد به اللهو، كما أنّ مجرّد تحريك الأوتار لا يقال له ضرب و لا يكون محرّما، و كذلك مجرّد تحريك الأعضاء لا يكون رقصا ما لم يكن على النسب المعيّنة. انتهى ملخّصا.»[4]

ثم قال السید الامام: « و الإنصاف أنّ ما ذكره و حقّقه أحسن ما قيل في الباب، و أقرب بإصابة الواقع و إن كان في بعض ما أفاده مجال المناقشة، كانتهائه حدّ الإطراب بما يكاد أن يزيل بالعقل، و أنّ العلّة في الغناء عين العلّة في المسكر، و ذلك لعدم الشاهد عليه في العرف و اللّغة.لصدق الغناء على ما لم يبلغ الإطراب ذلك الحدّ و لم يكن من شأنه ذلك أيضا.

فإنّ للغناء أقساما كثيرة و مراتب كثيرة غاية الكثرة في الحسن و الإطراب:فربّما بلغ فيه غايته كما لو كان الصوت بذاته في كمال الرقّة و الرخامة و كان الصائت ماهرا في البحور الموسيقية، و كان البحر مناسبا له كالبحر الخفيف مثلا، فحينئذ لا يبعد أن يكون مزيلا للعقل، و مهيجا للحليم، و موجبا لصدور أعمال من الشريف الحكيم ما لا يصدر من الأنذال و الأراذل، و إن كانت القضايا المحكيّة عن بعض أهل الكبائر كبعض خلفاء الأمويّين و العباسيّين لم يثبت كونها لمحض الغناء، فإنّ مجالس تغنّيهم كانت مشحونة بأنواع الملاهي و المعاصي، كشرب الخمور و أنواع آلات اللهو و الترقّص و غيرها حتى القضية المعروفة من وليد- لعنه اللّه- مع مغنّية لم يحرز كونها للغناء محضا.و ربّما لا يكون بتلك المرتبة كما لعلّه كذلك غالبا.»

 


[1] . الوسائل 6/209

[2] . الوسائل 15/348

[3] . حاشیة المکاسب 1/30

[4] . المکاسب المحرمة 1/300