الاثنین 18/11/95
کان البحث فی روایات التی استظهر منها کون وقت المغرب هو وزال الحمرة المشرقیة و قد اجاب عنها السید الخویی؛ کان البحث فی تقریب الاستدلال بمعتبرة یعقوب بن شعیب عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ لِي مَسُّوا بِالْمَغْرِبِ قَلِيلًا فَإِنَّ الشَّمْسَ تَغِيبُ مِنْ عِنْدِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ مِنْ عِنْدِنَا ، و هو ان التمسیة یکون من المساء و الامر به یعنی الامر بتاخیر الصلاة الی المساء و لاتوجیه لها الا تاخیر المغرب الی زوال الحمرة المشرقیة و التاخیر مثلا بمقدار خمسة دقائق لایکون مرادها قطعا.
و قد اورد السید الخویی علی هذه الروایة: « و يندفع: بأن مقتضى كرؤية الأرض اختلاف الطلوع و الغروب حسب اختلاف البلاد و الأصقاع، فتغرب الشمس في بلد في ساعة ثم في آخر في ساعة أُخرى و هكذا، بل هي لا تزال في طلوع و غروب، و من الضروري أن العبرة في كل بلد بطلوعه و غروبه، سواء أتحقّق في بلد آخر أم لا. و من ثم ورد: «و إنما عليك مشرقك و مغربك ..».
و عليه، فلم يتضح وجه صحيح للأمر بالتأخير في هذه الصحيحة إلا الحمل بعد فرض اتحاد أُفق البلدين على غيبوبة الشمس في بلد الراوي و استتارها عن الأنظار قبل دخولها تحت الأُفق لمكان الجبال و الأطلال، فأمره (عليه السلام) بالتأخير رعاية للاحتياط الناشئ من احتمال عدم تحقق الغروب واقعاً، لا أنه قد تحقق و مع ذلك يأمر بالتأخير لمكان تجاوز الحمرة عن قمة الرأس كما هو المدعى، هذا أوّلًا.
و ثانياً: سلّمنا أن الأمر بالتأخير كان بعد تحقق الغروب، لكن المأمور به لما كان هو التمسية قليلًا المحقق طبعاً قبل التجاوز عن قمة الرأس، فهو محمول على الاستحباب بقرينة ما دل على دخول الوقت باستتار القرص و برؤية الكوكب كما تقدم المتحققين قبل ذلك. على أن التمسية القليلة أمر متعارف لجريان العادة على الصلاة بعد المغرب بشيء، إذ لا تؤدى الفريضة عند سقوط القرص غالباً»
اقول: و فیه اما الوجه الثانی ان استحباب التمسیة قلیلا الذی ذکر السید الخویی لایلائم التعلیل المذکور بان الشمس تغیب من عندکم قبل ان تغیب من عندنا.
اما الوجه الاول، و ان هذا ایضا خلاف الظاهر لان الظاهر من غیبوبة الشمس عندکم هو الغروب العرفی و لایلائم هذا مع استتار القرص خلف الجبل بل اللازم هو قوله ان الشمس یستر عند الجبل من عندکم او تغیب من عندکم لمکان الجبل دوننا و ان الظاهر من الغیبوبة هو الغروب لا صرف الغیبوبة خلف الجبل.
و الانصاف ان هذا الاشکال غیر وارد لکن نُقِر بان هذه الروایة مجمل حیث یحتمل حمله علی کلا النظرین، و لاظهور لها بالنسبة الی ایهما کی یخرج من الاجمال حیث لاتظهر “من عندنا” فی کونه نظر الشارع.
اما روایة عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ لِإِبْرَاهِيمَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي- فَهَذَا أَوَّلُ الْوَقْتِ وَ آخِرُ ذَلِكَ غَيْبُوبَةُ الشَّفَق و تقریب الاستدل ان زمان رؤیة النجم او الکوکب هو زوال الحمرة لا استتار القرص.
و قد اجاب السید الخویی ان رویة الکوکب ممکن عند استتار القرص ایضا و المراد من الکوکب او النجم هنا اعم من الکوکب و النجم، و لو کان الاستدال ب”جن علیه اللیل” مع ان حصول جن اللیل عند زوال الحمرة لا استتار القرص هو اول الکلام و الا لایتحقق جن اللیل بزوال الحمرة المشرقیة ایضا بل یتحقق بزوال الحمرة المغربیة، و ان الجن له مراتب.
لو سملنا ظهورها فی زوال الحمرة المشرقیة لکن لانص فیه و یعارض مع روایة نص فی کون وقت المغرب هو استتار القرص کما اشرنا الیه، فهذه الروایة لاتدل علی قول الشمهور و اشکال السید الخویی علی هذه الروایة وارد.
اما روایة عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: صَحِبْتُ الرِّضَا ع فِي السَّفَرِ فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ إِذَا أَقْبَلَتِ الْفَحْمَةُ مِنَ الْمَشْرِقِ يَعْنِي السَّوَادَ. تقریب الاستدلال للمشهور هو ان الفحمة یُقبِل من المشرق اذا زال الحمرة المشرقیة عن قمة الراس و قد اورد السید الخویی ان الفحمة یُقبِل عن المشرق اذا استتر القرص
اقول ان السند ضعیف لجهالة محمد بن علی مضافا الی انا لانوضح لنا کون بدایة الاسوداد مع استتار القرص فی جانب الشرق ای لایوجد حمرة قبل الاستتار فی المشرق الحقیقی کی یزول عن استار القرص و تبدیله الی السوداد ای الفحمة مع ان التعبیر عن هذا بالفحمة ایضا خلاف الظاهر.
نعم یمکن ان یورد علی المشهور بانه یمکن ان یحمل هذه الروایة من باب المقدمة العلمیة او الاحتیاط او الاستحباب فلادلالة لها علی لزوم اللبث الی زوال الحمرة المشرقیة.
و قد وثقنا سلمیان بن داوود منقری عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَضَّاحٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى الْعَبْدِ الصَّالِحِ ع يَتَوَارَى الْقُرْصُ وَ يُقْبِلُ اللَّيْلُ ثُمَّ يَزِيدُ اللَّيْلُ ارْتِفَاعاً وَ تَسْتَتِرُ عَنَّا الشَّمْسُ وَ تَرْتَفِعُ فَوْقَ الْجَبَلِ حُمْرَةٌ وَ يُؤَذِّنَ عِنْدَنَا الْمُؤَذِّنُونَ فَأُصَلِّي حِينَئِذٍ وَ أُفْطِرُ إِنْ كُنْتُ صَائِماً أَوْ أَنْتَظِرُ حَتَّى تَذْهَبَ الْحُمْرَةُ الَّتِي فَوْقَ الْجَبَلِ فَكَتَبَ إِلَيَّ أَرَى لَكَ أَنْ تَنْتَظِرَ حَتَّى تَذْهَبَ الْحُمْرَةُ وَ تَأْخُذَ بِالْحَائِطَةِ لِدِينِكَ.
و قد ورد فی الاستبصار فوق اللیل.
و قد استظهر من هذه الروایة ثلاث ظهورات
الاول: ما استظهره المشهور و قد وافقه المحقق الهمدانی و هو ان فرض الروایة هو استتار القرص و امر الامام ع بالاحتیاط و عدم تصریحه ع بذلک هو للتقیة من العامة.
الثانی: ما اعترض السید الخویی و السید الحکیم و السید السیستانی بانها لاتظهر فی زوال الحمرة المشرقیة، لان السوال هو عن تواری القرص و اقبال اللیل و الاستتار عن السائل لا الاستتار حقیقة فلایکون استتار القرص حقیقة معلوما، و الشاهد علی ذلک هو قول الامام ع بالاحتیاط و ان الاحتیاط یکون فی موارد الشبهة الحکمیة و الاحتیاط الواجب من قبل الامام ع غیر صحیح حیث یلازم الجهل فیکون مورد السوال فی الشبهة الموضوعیة …و تعبیره ب”اری لک ان تاخذ بالحائطة لدینک” هو استحباب التاخیر.
خلاصة کلام السید الخویی هو عدم فرض الروای استتار القرص بل علی نسخة التهذیب یکون عدم استتار القرص او الشک فیه اوضح و ان استعمال لفظ الاحتیاط یویدنا حیث ان الاحتیاط فی الشبهة الحکمیة بالنسبة الی الامام ع محال فیکون الاحتیاط فی الشبهة الموضوعیة و کون تاخیر المغرب الی الزوال من شعار الشیعة لایلازم الوجوب.
قال السید الخویی: « و فيه: أنه لم يفرض في السؤال تيقّن الراوي باستتار القرص و مواراته تحت الأُفق، و إنما المفروض مواراته عن النظر، و لعله يكون خلف الجبل، بل إن قوله «و ترتفع فوق الجبل حمرة» يكشف عن كونه شاكاً في ذلك كما لا يخفى.و عليه، فلا وجه لحمل التعليل على الاحتياط في الشبهة الحكمية ليلزم حمله على التقية من أجل امتناع إرادته من الامام العالم بالأحكام الواقعية، بل هو ناظر إلى الاحتياط في الشبهة الموضوعية من أجل شك السائل في تحقق الغروب و عدمه كسائر الأوامر الاحتياطية الواردة في الشبهات الموضوعية. إذن فالرواية أظهر دلالة على المسلك المشهور من دلالتها على المسلك الأشهر.و أما الطعن في السند باشتماله على سليمان بن داود المنقري الذي تعارض فيه توثيق النجاشي مع تضعيف ابن الغضائري، فيردّه: عدم قدح التضعيف المزبور لعدم ثبوت الكتاب المنسوب إليه، و معه كان التوثيق سليماً عن المعارض، فلا نقاش في السند، و العمدة ضعف الدلالة كما عرفت.»[1]
[1] . الموسوعة 11/178