فهرست مطالب

فهرست مطالب

الاربعاء 17/9/95

کان البحث فی حرمة الغناء و قلنا لاخلاف فی حرمته فی الجملة عند الامامیة.

و قد ورد روایات متعددة فی حرمته کما ورد ذیل آیة “و اجتنبوا قول الزور” حیث فسر الزور بالغناء او ذیل آیة “الذین لایشهدون الزور” و کذا روایة عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‏ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ الْغِنَاءُ مِمَّا وَعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ وَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِين‏.[1]

و روایاة اخری کما رواه الوسائل عن کتاب مسائل علی بن جعفر وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَتَعَمَّدُ الْغِنَاءَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ قَالَ لَا. و کذا ما ورد فی کون اجرة الغناء سحت.

و قد حکی الشیخ الاعظم فی المکاسب عن المحدث الکاشانی و المحقق السبزواری بانه لایحرم الغناء بما هو و الروایات الناهیة عن الغناء منصرفة الی متعارف الی ذاک الزمان الذی کان یقترن بالحرام کغناء النساء و حکایة الباطل مع آلات الملاهی فقوله اجر المغنیة سحت ینصرف الی هذه الموارد.

فقال المحدث الکاشانی فی الوافی: « و الذي يظهر من مجموع الأخبار الواردة فيه اختصاص حرمة الغناء و ما يتعلق به من الأجر و التعليم و الاستماع و البيع و الشراء كلها بما كان على النحو المعهود المتعارف في زمن بني أمية و بني العباس من دخول الرجال عليهن و تكلمهن بالأباطيل و لعبهن بالملاهي من العيدان و القضيب و غيرها دون ما سوى ذلك‏ كما يشعر به قوله ع عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ لَا بَأْسَ بِأَجْرِ النَّائِحَةِ الَّتِي تَنُوحُ عَلَى الْمَيِّتِ وَ أَجْرِ الْمُغَنِّيَةِ الَّتِي تَزُفُّ الْعَرَائِسَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَ لَيْسَتْ بِالَّتِي يَدْخُلُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ.

قال في الاستبصار بعد نقل ما أوردناه في أول الباب الوجه في هذه الأخبار الرخصة فيمن لا يتكلم بالأباطيل و لا يلعب بالملاهي و العيدان‏ و أشباهها و لا بالقضيب و غيره بل يكون ممن يزف العروس و يتكلم عندها بإنشاد الشعر و القول البعيد عن الفحش و الأباطيل و أما ما عدا هؤلاء ممن يتغنين بسائر أنواع الملاهي فلا يجوز على حال سواء كان في العرائس أو غيرها و يستفاد من كلامه أن تحريم الغناء إنما هو لاشتماله على أفعال محرمة فإن لم يتضمن شيئا من ذلك جاز و حينئذ فلا وجه لتخصيص الجواز بزف العرائس و لا سيما و قد ورد الرخصة به في غيره إلا أن يقال إن بعض الأفعال لا يليق بذوي المروات و إن كان مباحا فالميزان فيه حديث‏ من أصغى إلى ناطق فقد عبده‏ و قول أبي جعفر ص إذا ميز اللَّه بين الحق و الباطل فأين يكون الغناء.

و على هذا فلا بأس بسماع التغني بالأشعار المتضمنة ذكر الجنة و النار و التشويق إلى دار القرار و وصف نعم اللَّه الملك الجبار و ذكر العبادات و الترغيب في الخيرات و الزهد في الفانيات و نحو ذلك كما أشير إليه في حديث الفقيه بقوله ع فذكرتك الجنة و ذلك لأن هذه كلها ذكر اللَّه تعالى و ربما تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ و بالجملة لا يخفى على ذوي الحجى بعد سماع هذه الأخبار تمييز حق الغناء من باطله و أن أكثر ما يتغنى به المتصوفة في محافلهم من قبيل الباطل‏»

اقول: کلامه هذا تدل علی کون الاشکال من قبل مقارناته.

و کذا قال المحدث الکاشانی فی مفاتیح الشرائع: « أقول: الذي يظهر من مجموع الأخبار الواردة في الغناء، و يقتضيه التوفيق بينها، اختصاص حرمته و حرمة ما يتعلق به من الأجر و التعليم و الاستماع و البيع و الشراء، كلها بما كان على النحو المعهود المتعارف في زمن بني أمية، من دخول الرجال عليهن و استماعهم لصوتهن و تكلمهن بالأباطيل، و لعبهن بالملاهي من العيدان و القضيب و غيرها. و بالجملة ما اشتمل على فعل محرم دون ما سوى ذلك، كما يشعر به قوله عليه السلام «ليست بالتي تدخل عليها الرجال».[2]

قال المحقق السبزواری: « و حينئذٍ نقول: يمكن الجمع بين هذه الأخبار و الأخبار الكثيرة الدالّة على تحريم الغناء بوجهين:أحدهما: تخصيص تلك الأخبار بما عدا القرآن، و حمل ما يدلّ على ذمّ التغنّي بالقرآن على قراءة تكون على سبيل اللهو كما يصنعه الفسّاق في غنائهم.

و يؤيّده رواية عبد اللّه بن سنان المذكورة، فإنّ في صدر الخبر الأمر بقراءة القرآن بألحان العرب، و اللحن هو الغناء، ثمّ بعد ذلك المنع من القراءة بلحون أهل الفسق، ثمّ قوله: سيجي‌ء من بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء.و ثانيهما: أن يقال: المذكور في تلك الأخبار الغناء، و المفرد المعرّف باللام لا يدلّ على العموم لغةً، و عمومه إنّما يستنبط من حيث إنّه لا قرينة على إرادة‌ ‌الخاصّ، و إرادة بعض الأفراد من غير تعيين ينافي غرض الإفادة و سياق البيان و الحكمة، فلا بدّ من حمله على الاستغراق و العموم، و هاهنا ليس كذلك، لأنّ الشائع في ذلك الزمان الغناء على سبيل اللهو من الجواري المغنّيات و غيرهنّ في مجالس الفجور و الخمور و العمل بالملاهي و التكلّم بالباطل و إسماعهنّ الرجال و غيرها، فحمل المفرد على تلك الأفراد الشائعة في ذلك الزمان غير بعيد.

….. فإذن لا ريب في تحريم الغناء على سبيل اللهو و الاقتران بالملاهي و نحوهما.ثمّ إن ثبت إجماع في غيره كان متّبعاً، و إلّا بقي حكمه على أصل الإباحة، و طريق الاحتياط واضح.»[3]

و قد استفید من کلماتهما ان الغناء لیس بحرام بل المحرم هو مقارنته الحرام.

اقول: الانصاف ان الظاهر من کلمات المحدث الکاشانی و المحقق السبزواری هو حرمة نفس الغناء ای اذا کان الغناء مقترنا بمحرمات اخری فهذا یوجب حرمة نفس الغناء لا ان الغناء غیر محرم، فیرتکب حذ الحرامین، نفس الغناء و مقارناته الحرام.

و قال المحقق الایروانی انه لایستفاد من کلماتهما عدم حرمة الغناء بل هما ذهبا الی حرمته اذا اشتمل علی کلام باطل ای المضمون اللهوی لکن لایحرز صدق الغناء علی الصوت الحسن العاری عن کلام باطل خلافا للکاشانی بانه یصدق الغناء لکن لیس بحرام لعدم اطلاق دلیل حرمة الغناء.

ثم قال المحقق الایروانی: الغناء مفهوم مجمل لاختلاف اللغویین فیه فیلزم الاخذ بالقدر المتیقن و القدر المتیقن منه هو کلام الذی اقترن بالکلام الباطل و یشتمل نفس الصوت علی الترجیع و الطرب و المد.

و ما ذکر الشیخ الاعظم بان المهم هو کیفیة الصوت الذی یناسب الفسق و الفجور و فیه ان المهم هو محتوی الکلام لا الحانهم و کیفیة الصوت.

هذا ما ذکره المحقق الایروانی: « و الحقّ أنّه لا ينبغي التأمّل في حرمة الغناء فإن الأدلّة متطابقة على حرمتها و إنّما الإشكال في موضوع الغناء و قد اضطربت كلمات الفقهاء و اللغويّين في ذلك و لا عرف حاضر غير متلقّى من أرباب الشّرع يرجع إليه و الأدلّة خالية عن التعرّض للموضوع و سيجي‌ء فساد استظهار المصنّف من بعض الأدلّة أنه هو نفس الكلام باعتبار مدلوله و من بعض آخر أنّه هو هيئة الكلام و كيفية و عليه فينبغي اعتبار كلّ ما احتمل دخله و كان الواجد لجميع القيود ممّا قيل أو احتمل هو متيقّن الحرمة و ما عداه مشكوك الحرمة يرجع فيه إلى الأصل و المتيقّن هو الكلام الباطل في ذاته و بحسب المدلول و المشتمل على المدّ و الترجيع و الإطراب و المراد من بطلان الكلام بحسب المعنى هو أن يكون معناه معنى لهويّا يقال به في مقام التلهي لا في مقام الإفادة و الاستفادة كأكثر ما قيل من الشعر في مقام التعشّق و التغزّل فليس الكلام الباطل حراما إلّا أن يشتمل على الكيفيّة ذات القيود الثلاثة و لا المشتمل على الكيفيّة حراما إلّا أن يكون باطلا في معناه فيعتبر في موضوع التحريم اجتماع أمور أربعة بطلان الكلام في معناه و اشتماله على المد ثم الترجيع ثم الإطراب فإذا ارتفع أحد الأربع ارتفع التحريم و قد تبعنا في اعتبار بطلان الكلام جماعة منهم المحدّث الفيض و المحقّق السبزواري لكنّهم اعتبروه لا من باب الأخذ بالمتيقّن بل من باب انصراف الأدلة إلى ذلك إذ كان هو الشّائع في عصر الأئمّة بل أضاف إلى ذلك المحقّق السّبزواري دعوى استشعار أن علّة المنع في الأدلّة هو اللّهو و اللّهو لا يكون إلّا في الكلام الباطل فيخصّص الحكم بخصوص علته و لكن يردّه أنه لو صحّ ذلك لزم تعميم الحكم أيضا بعموم علّته فينبغي دوران الحكم مدار بطلان الكلام من غير نظر إلى الكيفيّة و هذا باطل بالقطع فلا بدّ أن يراد من اللهو المنهيّ عنه في الأخبار لهو خاص لا كلّما صدق عليه اللّهو‌«[4]

اقول: ان توجیه المحقق الایروانی فی کلام الفیض الکاشانی غیر صحیح لان صریح کلام الکاشانی اقترانه بمحرم آخر و لیس صرف قرائة و استماعه الشعر و الکلام الباطل حراما ای صرف تکلم بالباطل او استماعه لیس بحرام فلاتظهر کلام الکاشانی فی اقتران الغناء بالکلام الباطل بل المهم هو ما یکون حراما مع غض النظر عن الغناء.

و مراد المحدث الکاشانی عن التکلم بالاباطیل المحرم هو ما یکون ترغیبا الی الحرام و المعصیة لا صرف التکلم مثلا بالاشعار الباطل.

نعم یمکن ان یکون مقصود المحقق السبزواری هو حرمة الغناء بما اذا اقترن بکلام باطل و لم یرد فی کلامه اقتران الغناء بمحرم آخر خلافا للمحدث الکاشانی حیث اشار الی غناء یقترن بمحرم آخر.

فکلام المحقق الکاشانی قول متوسط بین ما ینسب الیه من عدم حرمة الغناء مطلقا و ما ذهب الیه المشهور من حرمة الغناء مطلقا او فی ضمن کلام اللهوی.

فما اورد السید الخویی علی المحدث الکاشانی بان الظاهرمن تحریم الغناء هو تحریم نفس الغناء لا مقارناته غیر وارد مع ما ذکرنا فی توضیح کلامه لانه مع اقترانه بمحرمات اخری یصیر نفس الغناء حراما.

یمکن ان یستدل لما اختار المحقق الکاشانی او المحقق السبزواری لعدم حرمة الغناء مطلقا، بعدة دلیل.

الدلیل الاول: انصراف ادلة تحریم الغناء الی ما یکون مقترنا بمحرمات آخر حیث هذا الفرد من الغناء کان متعارفا انذاک.

و فیه ان هذا البیان غیر تام حیث طبق فی الروایات مطلقا “و من الناس من یشری لهو الحدیث لیضل عن سبیل الله قال الغنا” او “و اجتنبوا قول الزور و قال غنا” فلاوجه لاختصاص الغناء المحرم بما اذا اقترن بحرام مستقل بل اطلاق الروایات یشمل مطلق الغناء فاکثر ما یمکن ان یقال هو الغناء الذی یشتمل کلاما باطلا کما علیه المحقق الایروانی، فلاوجه للانصراف.

خلاصة الکلام: قال المحقق الکاشانی الغناء حرام اذا اقترن بحرام آخر تمسکا بالانصراف، لکن اقول لاوجه للانصراف؛ فما اورد شیخنا الاستاد الی ان الظاهر من العناوین کونه بنفسه موضوعا للحکم فالغناء بنفسه حرام غیر وارد، لانه ذهب ایضا الی حرمة نفس الغناء لکن الغناء الذی یقترن بالحرام.

الدلیل الثانی: فی کتاب علی بن جعفر وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْغِنَاءِ أَ يَصْلُحُ فِي الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَى وَ الْفَرَحُ يَكُونُ قَالَ لَا بَأْسَ مَا لَمْ يُزْمَرْ بِهِ.

و قد ورد فی قرب الاسناد عن عبدالله بن حسن عن علی بن حسن “…..لاباس به ما لم یعص به”.

و هذه تدل علی ان الغناء اذا لم یقترن بحرام لیس بحرام و لما لانحتمل خصوصیة ایام الفرح فیحرم الغناء المقترن بالحرام.

و قد اجیب عنه اولا: ما ذکره الشیخ بان الظاهر من “ما لم یعص به” ای بنفس غناء لا بما فی جنبه فیکون الباء سببیة لا بمعنی مع؛ لایقال انه علی هذا المعنی یکون ضرورة بشرط المحمول لانه یقال ان المراد من غناء مطلق الصوت الحسن ای المشتمل بالترجیع، لکن قسم منه حرام و هو ما یشتمل الاطراب او اللهوی و غیر الحرام منه هو ما لم یشتمل اللهو، و ما لم یزمر به ای لم یرجع فی الوصوت علی نحو یکون کالترجیع فی المزمار.

و فیه انه خلاف الظاهر، اما قوله فی ما لم یعص به بان الظاهر تحقق المعصیة بنفس الغناء و لاینکره المحقق الکاشانی حیث اثبت المحقق الکاشانی الحرمةَ لنفس بعض الغناء و هو ما اذا اقترن بالحرام لکن ما المراد من هذه الروایة و توجیهه؟ لانه بظاهره تدل علی ان الغناء حلال ما لم یکن حراما.

لکن توجیه الشیخ غیر صحیح لانه یلزم ان الغناء حلال ما لم یکن غناء، لان الغناء الحلال هو ما یکون غناء مسامحة ای غناء غیر حقیق.

 


[1] . الوسائل17/305

[2] . مفاتیح الشرائع 2/21

[3] . کفایة الاحکام 1/432

[4] . حاشیة المکاسب 1/30