السبت 20/9/95
کان البحث فی الروایات التی استدل بها مثل صاحب الحدائق، علی وجوب المبادرة الی الصلاة اختیارا.
الروایة الثامنة: وَ رَوَى الْحَلَبِيُّ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ فِي السَّفَرِ شَيْئاً مِنَ الصَّلَوَاتِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فَلَا يَضُرُّكَ.
و بمفهوما تدل علی ان اتیان الفریضة فی غیر وقتها یوجب الضرر و من المعلوم لیس المراد هو التاخیر عن الوقت الاصلی لانه یوجب الضرر و لو فی السفر، فالمراد هو التاخیر عن وقت الفضیلة.
و قد اورد علی السید الخویی انه یشمل التقدیم ایضا و تدل علی الحکم فی الجملة لانه یکون نکرة فی سیاق الاثبات و القدر المتیقن منه هو صلاة اللیل فتقدیمه فی اول اللیل للمسافر جائز.
ثانیا: لایوجد فی المقام مفهوم الشرط و الشرط فی المقام محقق للموضوع ای اذا لم یصل فی السفر من الصلوات شیئا لا انه اذا صلیت فی الحضر شیئا من الصلوات فیضرک.
نعم لو کان المراد هو مفهوم الوصف -حیث ان الاصل فی القید هو الاحترازیة و الا یلزم اللغو- فحذ یکفی فی الاختلاف بین السفر و الحضر الاختلاف فی الحکم التنزیهی و لایلزم الاختلاف فی الحکم الالزامی. ای التاخیر فی السفر لیس بمکروه دون الحضر.
هذا ما ذکره السید: «لكن هذه الرواية أيضاً قاصرة الدلالة على المطلوب، و ذلك لأنه فرق واضح بين قولنا: لا يضر تأخير الصلاة في السفر إلى غير وقتها، و بين قولنا: لا يضر إيقاع الصلاة في السفر في غير وقتها، فإن الثاني الذي هو مفاد الصحيحة يشمل التقديم و التأخير معاً، بخلاف الأول، و حيث إن هذا منخواص النوافل حيث إن نبذاً منها يجوز تقديمها على الوقت للمسافر كصلاة الليل، فلتكن الصحيحة محمولة عليها و لا سيما و أنها بمقتضى تنكير شيئاً في سياق الإثبات لا تدل على الحكم إلا على سبيل الموجبة الجزئية و لا تفيد العموم لجميع الصلوات لتشمل الفرائض.على أنا لو سلّمنا عمومها بل صراحتها في أنّ تأخير الفرائض عن الوقت الأول لا يضر في السفر فلا تكاد تدل على أنه يضر في الحضر، إذ القضية الشرطية لا مفهوم لها في مثل المقام مما يكون من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع، بداهة أن مفهومها أنه إذا لم تصلّ في السفر شيئاً من الصلوات في غير وقتها فهو يضرك و لا محصّل له، فإنه لا موضوع رأساً كي يضر أو لا يضر.نعم، بناء على ثبوت المفهوم للوصف بالمعنى الذي نرتأيه أعني عدم تعلق الحكم بالطبيعي المطلق و دخالة الوصف حذراً عن اللغوية فلا جرم تدل الصحيحة على أنّ للسفر مدخلية في الحكم بعدم الضرر، و لكنه يكفي فيه الالتزام بوجود نوع من الحزازة و المنقصة في الإتيان في غير الوقت الأوّل في الحضر و انتفائه في السفر. و هذا كما ترى لا يقتضي إلا أفضلية الوقت الأوّل لا تعيّنه كما هو المدعى.»[1]
اقول: کلا جوابیه غیر تام اما الجواب الاول، قوله ان “شیئا” یکون نکرة فی مقام الاثبات و لاتظهر فی العموم و فیه ان الظاهر منها هو التعمیم و الا یکون لغوا عرفا و هذا مطلق یشمل التقدیم و التاخیر و بعبارة اخری کون “شیئا” مهملا فی مقام البیان غیر عرفی. و ان العرف یستفاد العموم من هذا التعابیر و یشمل التقدیم و التاخیر.
اما اشکاله الثانی و هو وارد لان هذا لیس من مفهوم الشرط لکن لها مفهوم فی الجملة لوصفه کما سلمه السید الخویی کاکرم العالم العادل و هذا تدل علی عدم وجوب اکرام العالم غیر العادل فی الجملة، لکن لایوجب هذا التصرف فی لایضرک، لانه لو تظهر “لایضرک” فی نفی الحرمة لانفی الکراهة فمفهوم الوصف تدل علی ثبوت الحرمة فی السفر فی الجملة، و ان الاختلاف فی الکراهة لایرتبط بنفی الضرر و ان مفهوم الوصف یکون فی الجملة مع بقاء الحکم ای ان “لاباس باکرام العالم العادل” فمفهومه هو ثبوت الباس ای الحرمة علی اکرام العالم الفاسق فی الجملة.
و اصل الاشکال هو ان قوله ع “یضرک” جامع بین الحرمة و الکراهة فلاتدل نفیه علی الوجوب لو قلنا حتی بوجود مفهوم الشرط له.
و لو کان الظاهر من الضرر هو الضرر الالزامی فحذ بمفهومه تدل علی الحرمة و یوافق قول صاحب الحدائق و حمله حذ علی صلاة اللیل غیر عرفی. ای حمله علی صلاة اللیل غیر عرفی، مضافا الی ان صلاة اللیل فی الحضر ایضا مشروع من اول اللیل کما علیه السید السیستانی.
الروایة التاسعة: عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ كُلُّ سَهْوٍ فِي الصَّلَاةِ يُطْرَحُ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُتِمُّ بِالنَّوَافِلِ إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ فَإِنْ قُبِلَتْ قُبِلَ مَا سِوَاهَا إِنَّ الصَّلَاةَ إِذَا ارْتَفَعَتْ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا رَجَعَتْ إِلَى صَاحِبِهَا وَ هِيَ بَيْضَاءُ مُشْرِقَةٌ تَقُولُ حَفِظْتَنِي حَفِظَكَ اللَّهُ وَ إِذَا ارْتَفَعَتْ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا بِغَيْرِ حُدُودِهَا رَجَعَتْ إِلَى صَاحِبِهَا وَ هِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ تَقُولُ ضَيَّعْتَنِي ضَيَّعَكَ اللَّهُ.[2]
قال السید الخویی ورد فی الکافی والوسائل “اذ ارتفعت فی اول وقتها” اما فی التهذیب و الحدائق لم یرد فیه “اول” و لما یکون الکافی اضبط فیکون المقدَم، فحذ لاتدل علی مراد صاحب الحدائق حیث ان الصلاة فی اول وقتها غیر لازم کما علیه صاحب الحدائق لانه ذهب الی عدم جواز التاخیر مما اذا صار الظل مثل الشاخص
نعم بناء علی نقل التهذیب حیث قال ع “اذا ارتفعت فی وقتها” یوید صاحب الحدائق لکن یمکن ان یورد علیه “اذا ارتفعت فی غیر وقتها بغیر حدودها فحذ لایقبل” و هذا واضح و لاتدل علی حکم اتیان الصلاة فی غیر وقت الفضیلة مع حدودها ای شرائطها.[3]
اقول: و فیه انه لیس المهم عبارته “اول الوقت” فی صدر الروایة کی ینثلم الاستدلال به، بل المهم اتیانها غیر وقتها الوارد ذیلها، مع ان المراد من اول الوقت لیس هو ابتداء الوقت بل المراد اول الوقتین للصلاة حیث ورد فی الروایة لکل صلاة وقتین، اما ماذکره ان نسخة الکافی مقدم و فیه ان نسخ الکافی ایضا مختلفة و الوافی نقله من الکافی بدون “الاول”، نعم یصیر الروایة من هذا الحیث مجملا لکن المهم لیس هذا، بل المهم هو الجملة الثانیة و هو غیر وقتها و حمل غیر وقتها علی خارج وقت الفریضة خلاف الظاهر. بل المراد من الصلاة اتیانه بالتاخیر عن وقته المتعارف.
اقول: لکن المانع من تسلُّم قول صاحب الحدائق انه لیس مورد هذه الروایة هو التاخیر بل یشمل التقدیم حیث ان العامة قد یاتی بها قبل وقتها و لعل غیر حدودها اشارة الی هذا المطلب.
الروایة العاشر: وَ فِي الْمَجَالِسِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ تَاتَانَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى السَّابَاطِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَ أَقَامَ حُدُودَهَا رَفَعَهَا الْمَلَكُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً وَ هِيَ تَهْتِفُ بِهِ تَقُولُ حَفِظَكَ اللَّهُ كَمَا حَفِظْتَنِي وَ أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ كَمَا اسْتَوْدَعْتَنِي مَلَكاً كَرِيماً وَ مَنْ صَلَّاهَا بَعْدَ وَقْتِهَا مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ فَلَمْ يُقِمْ حُدُودَهَا رَفَعَهَا الْمَلَكُ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً وَ هِيَ تَهْتِفُ بِهِ ضَيَّعْتَنِي ضَيَّعَكَ اللَّهُ كَمَا ضَيَّعْتَنِي……[4]
و هذه یکون فی التاخیر ای الصلاة بعد الوقت فقط فلا یشمل التقدیم حیث قال بعد وقتها و الظاهر من اول وقتها هو اول الوقتین المذکور فی الروایات لا ابتداء الوقت فیکون فی غیر وقتها من غیر علة هو غیر وقت الفضیلة بقرینة التقابل. فلایبعد تمامیة دلالته علی قول صاحب الحدائق.
و ما یقال انه یقید باقامته مع غیر حدودها فلاتدل علی المطلوب فانه یقال ان الظاهر منها ان عدم اتیانها فی غیر وقتها الفضیلة هو اتیان بغیر الحدود و الا یکون ذم الحجر فی جنب الانسان و لاخصوصیة لاتیان الصلوة مع غیر الحدود بعد الوقت بل اتیان الصلاة بغیر حدودها فی اول الوقت ایضا باطل. لکن سندها ضعیف لمجهولیة تاتانة.
و دلالة بعضها کذا سند بعضها مخدوش.
الروایة الحادی عشر: ما ذکره الامام ع فی رسالته الی محمد بن ابی بکر، ثُمَّ ارْتَقِبْ وَقْتَ الصَّلَاةِ، فَصَلِّهَا لِوَقْتِهَا، وَ لَا تَعْجَلْ بِهَا قَبْلَهُ لِفَرَاغٍ، وَ لَا تُؤَخِّرْهَا عَنْهُ لِشُغُلٍ، فَإِنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنْ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَتَانِي جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَرَانِي وَقْتَ الصَّلَاةِ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَتْ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ أَرَانِي وَقْتَ الْعَصْرِ فَكَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ فَأَغْلَسَ بِهَا وَ النُّجُومُ مُشْتَبِكَةٌ، فَصَلِّ لِهَذِهِ الْأَوْقَاتِ، وَ الْزَمِ السُّنَّةَ الْمَعْرُوفَةَ وَ الطَّرِيقَ الْوَاضِحَة.
لکن سندها غیر تام مع انه یمکن ان یناقش فی دلالته لاحتمال کونه امرا ولائیا الی والیه، فلایکون امرا شرعیا.
الاقوی عدم وجوب المبادرة الی الصلوات کصلاة الظهر و یجوز تاخیرها عن وقت الفضیلة اختیارا.
[1] . الموسوعة 11/99
[2] . الوسائل 4/108
[3] . الموسوعة 11/101
[4] . الوسائل 4/124