الاثنین 3/8/95
نکتة من امس: احد طرق تصحیح روایة فضل بن شاذان هو توثیق ابن قتیبة، و قلنا ان العالمة قد وثقه حیث ذکره فی القسم الاول من کتاب رجاله ای فی قسم “من اعتمد الیه”، و القسم الاول من کتابه هو من یکون صحیحا ای امامیا عدلا.
و قد یتخیل توثیق النجاشی ابنَ قتیبة من تضاعیف کلمتین منه، احدهما قال: “قال القتیبی کان فضل بن شاذان یحب العبیدی و یثنی علیه و یمدحه و بحسبک هذا الثناء من الفضل” فلو لم یکن ابن قتیبة موثقا و یکون مجهولا فکیف اعتمد النجاشی بقوله و عبر بکفایة ثناء فضل فی تعریف محمد بن عیسی بن عُبید.
و الآخر، قال النجاشی بطریق ابن قتیبة فی یونس بن عبد الرحمان “افیونس بن عبد الرحمان ثقة آخذ عنه دینی فقال ع نعم..” ثم قال النجاشی و هذه منزلة عظیمة. فلو لم یکن ابن قتیبة ثقة فکیف استند به النجاشی ثم تفرع علی قوله المنزلظ العظیمة لیونس.
اقول: ان هاتان الکلامان لاتدلان علی وثاقة ابن قتیبة من قبل النجاشی و لعله اطمئن بهذا النقل من ابن قتیبة لعدم داعیه للکذب بالنسبة الی عیسی بن عبید، و کذا قوله “هذه منزلة عظیمة” تدل علی عظمة یونس استنادا بالروایة المذکورة، اما کون رواة الحدیث موثقا ام لا فلایکون فی مقام البیان بالنسبة الیه.
و نحن نعتمد بتوثیق العلامة لابن قتیبة الا مع القول بکون توثیقاته اجتهادیا کما علیه السید الزنجانی.
اما فی کلام السید السیستانی بانه لاطریق صحیح لروایة فضل عن ابی الحسن ع مضافا الی عدم الدلیل لدرک الفضل ابی الحسن ع حیث لما ذهب فضل بعد شهادة ابی الحسن ع الی کوفة و رای حسن بن علی بن فضال الذی عاش بعد ابی الحسن ع سبع سنین فقط فقال فضل فی الحسن: “هو شیخ کبیر و کان …. و انا غلام حدث” و درک الفضل الذی عبر عن نفسه بغلام حدث فی سبع سنین بعد الرضا ع، بعید جدا و کذا قال النجاشی فی والد فضل “و قیل روی عن الرضا ع” فاذا لم یکن کون والده من اصحاب الرضا ع معلوما فکیف بالولد.
و اجبنا بانه یمکن ان یکون الولد من اصحاب الرضا ع دون الوالد لوجود الدواعی و الاستعداد فیه دونه و التعبیر بالحدث و الغلام یشمل من کان علی خمس و عشرین او ما بین العشرین الی خمس و عشرین فحذ ادرک فضل ابی الحسن ع فی ثمانیة عشر من عمره.
و هذه الاستشهادات من قبل السید السیستانی لعدم درک فضل الامام ع لایقاوم فی قبال شهادة مشیخة الصدوق و کتاب علله و الداعی علی الکذب فیها مع تعدد الطرق الیه بعید جدا.
فمقتضی الروایة عدم سقوط الوتیرة فی السفر لکن لما یکون خلاف المشهور فمقتضی الاحتیاط اتیانها رجاء.
الدلیل الثانی: لمشروعیة الوتیرة فی السفر هو ما استدل به المحقق الهمدانی روایة حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع هَلْ قَبْلَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَ بَعْدَهَا شَيْءٌ قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أُصَلِّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَ لَسْتُ أَحْسُبُهُمَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ
و قد اجاب عنه السید الخویی: «و يندفع: بتوقفه على أن يكون المراد من الركعتين هو الوتيرة، و من الجائز أن يراد بهما الركعتان اللتان يأتي بهما عن قيام و يقرأ فيهما مائة آية، و عرفت أنهما صلاة أُخرى غير الوتيرة يستحب الإتيان بهما مستقلا بعد العشاء الآخرة زائدة على النوافل المرتبة.بل إن هذا هو الظاهر منها بقرينة قوله: «و لست أحسبهما من صلاة الليل» فان ما يتوهم احتسابه منها هي هذه الصلاة، دون الوتيرة التي تصلى جالساً و تعدّ بركعة، فإنه لا مجال لتوهم كونها من صلاة الليل بوجه، كيف و الراوي هو الحلبي الذي هو من أعاظم الرواة، و جلالته تأبى عن أن تخفى عليه الوتيرة و يكون جاهلًا بها ليسأل عنها. نعم لما كانت الركعتان المزبورتان غير معروفتين كان السؤال عنهما في محله.»[1]
اقول: لکن یمکن ان یستبعد هذا الجواب، ای بیان الرکعتین المستقلین دون نافلة العشاء بعید جدا.
الدلیل الثالث: و هذا ما ذکره المحقق الهمدانی ایضا: « أن الأخبار المتقدمة الدالة على السقوط معارضة في الوتيرة بنصوص وردت فيها بالخصوص تضمنت أن من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يبيتن إلا بوتر، المراد بها الوتيرة، كما في ذيل رواية أبي بصير «قلت: تعني الركعتين بعد العشاء الآخرة؟ قال: نعم إنّهما بركعة» .و النسبة بينهما عموم من وجه، لاختصاص تلك الأخبار بالسفر و إطلاقها لنافلة العشاء على العكس من هذه، و ليس الإطلاق في تلك أقوى منه في هذه لو لم يكن الأمر بالعكس لتضمن لسانها نوعا من التأكيد في الإطلاق، حيث دلت على أن الإتيان بها ينبعث عن الايمان بالمبدإ و المعاد غير المختص بوقت دون وقت.
بل يمكن القول بأنّ لها نوع حكومة على تلك الأخبار، حيث يفهم منها أن الوتيرة مربوطة بصلاة الليل، و أن الإتيان بها بعد العشاء لأجل وقوعها قبل المبيت لا لارتباطها بالعشاء. و كيف ما كان فبعد التساقط في مادة الاجتماع يرجع إلى إطلاق دليل المشروعية في الوتيرة الذي مقتضاه عدم السقوط في السفر.»
و اورد علیه السید الخویی: اولا: ان الوتر غیر الوتیرة و البحث فی المقام فی الوتیرة و المذکور فی الروایات المشار الیها هو الوتر، و الروایة تدل علی اهمیة صلاة الوتر من صلاة اللیل، و روایة ابی بصیر التی تدل علی کون نافلة العشائ هو الوتر ضعیف سندا.[2]
و فیه ان الظاهر من لایبیتن هو عدم النوم قبل هذه الصلاة و صلاة اللیل یقام بعد النوم و قبل صلاة الصبح غالبا. و المراد من البیتوتة هو الدخول فی اللیل لا عدم اتمامه الا بوتر کما علیه السید الخویی، و الشاهد علی ذلک َ وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع مَلَكٌ مُوَكَّلٌ يَقُولُ مَنْ بَاتَ عَنِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ فَلَا أَنَامَ اللَّهُ عَيْنَهُ.[3] و من المعلوم لیس المراد هو النوم الی الصبح بل المراد من البیتوتة هو النوم فی اول اللیل الی مضی زمان العشاء کما تدل بها الروایة.
و کذا البیتوتة عند الزوجات المتعددة لا یکون بمعنی الکون عندها ولو بعشر دقائق قبل الصبح، و کذا ٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: تَرْكُ الْعَشَاءِ مَهْرَمَةٌ وَ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ إِذَا أَسَنَّ أَلَّا يَبِيتَ إِلَّا وَ جَوْفُهُ مُمْتَلِئٌ مِنَ الطَّعَامِ. و کذا لایکون بمعنی اکل الطعام قبل الصبح بل الظاهر منها اکل العشاء قبل النوم و کذا مثل عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا بَلَغَ الرَّجُلُ خَمْسِينَ سَنَةً فَلَا يَبِيتَنَّ وَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ السَّمْنِ.[4] و المراد من البیتوتة هو النوم ای لایاکل السمن قبل النوم اذا بلغ خمسین سنة.
فالظاهر من لایبیتن الا بوتر هو نافلة العشاء.
ثانیا: «سلّمنا إرادة الوتيرة من الوتر إلا أنه لا يبعد القول بحكومة نصوص السقوط على الثبوت، نظراً إلى أن الثانية مسوقة لبيان أصل المشروعية، و أن الوتيرة من المستحبات الأكيدة، أما الأُولى النافية للمشروعية و الناطقة بأنه لا شيء قبل المقصورة و لا بعدها مؤيدة بما دل على أنه لو صلحت النافلة في السفر لتمت الفريضة، فهي مسوقة لبيان حكمها في السفر فارغاً عن أصل المشروعية، فهي ناظرة إليها و ما يضاهيها من النوافل المرتّبة و شارحة للمراد منها، و أنها خاصة بغير السفر، فلسانها لسان الشرح و التفسير، فلا جرم تتقدّم عليها تقدّم الحاكم على المحكوم من دون أيّ تعارض في البين.»[5] اقول: ان هذا اشکال وارد صحیح.
الدلیل الرابع لعدم سقوط نافلة العشاء: ما ذکره السید الخویی: « أنّ الوتيرة خارجة عن موضوع دليل السقوط، إذ لم يثبت كونها نافلة للعشاء ليشملها ما دل على سقوط نوافل المقصورة في السفر، و إنما هي صلاة مستحبة شرّعت بدلًا عن الوتر مخافة فوتها في ظرفها، كما تدل عليه صحيحة فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في حديث «… منها ركعتان بعد العتمة جالساً تعدّ بركعة مكان الوتر ..» إلخ و لعلّه لأجل ذلك عددت النوافل و الفرائض في جملة من النصوص بخمسين ركعة. إذن فلا معارض لما دل على استحبابها المطلق الشامل للسفر و الحضر.»[6]
و فیه ان الظاهر من صحیحة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: الصَّلَاةُ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ لَيْسَ قَبْلَهُمَا وَ لَا بَعْدَهُمَا شَيْءٌ إِلَّا الْمَغْرِبَ ثَلَاثٌ. هو ان النافلة العشاء التی یکون بعدها یسقط فی السفر.
الدلیل الخامس: ایضا ما ذکره السید الخویی: «صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليه السلام) قال: «سألته عن الصلاة تطوعاً في السفر، قال: لا تصل قبل الركعتين و لا بعدهما شيئاً نهاراً». فإن السؤال عن مطلق التطوع في السفر، فتخصيص النفي بالجواب بالنوافل النهارية يدل بمقتضى مفهوم الوصف على عدم تعلق الحكم بالطبيعي المطلق، بل بحصّة خاصة منها، و إلا لأصبح القيد لغواً على التفصيل الذي حققناه في الأُصول، و ربما يعضده حصر مقصورة الليل في العشاء الآخرة، ضرورة عدم التقصير في المغرب و الفجر. إذن فالتقييد بالنهارية في الصحيحة كأنه ناظر إليها خاصة إيعازاً إلى أنها غير ساقطة.و على الجملة: فلا يبعد القول بعدم السقوط لهذين الوجهين، و لكن المشهور حيث ذهبوا إلى السقوط كان الأحوط الإتيان بها بعنوان الرجاء حذراً عن مخالفتهم.»[7]
اقول: یرد علیه ان اللغویة یلزم اذا کان قید النهار لغوا و یکفی فی الخروج عن اللغویة بیان هذا القید مشروعیة النافلة فی اللیل فی الجملة و هو ننافلة المغرب و هذا لاینافی عدم مشروعیة النافلة للعشاءف ای سقوط النافلة عن الصلاة المقصورة فی النهار لایدل علی ثبوته فی اللیل بل یکفی لثبوت النافلة فی اللیل عدم سقوط نافلة المغرب.
فالی هنا، الدلیل الوحید لمشروعیة صلاة نافلة العشاء هو روایة فضل.
[1] . الموسوعة 11/55
[2] . الموسوعة 11/56
[3] . الوسائل 4/184
[4] . الوسائل 25/108
[5] . الموسوعة 11/57
[6] . الموسوعة 11/58
[7] . الموسوعة 11/58