الاحد 14/6/95
و قد عد صاحب العروة صلاة الجمعة من الصلوات الواجبة و مراده من الوجوب هو الوجوب التخییری و قد ذکر ایضا الصلاة الواجبة بالنذر و شبهة من اقسام الصلوات الواجبة و قد اورد السید الامام علی هذا التحدید بان الصلاة الواجبة بالنذر لاتکون واجبة بل الواجب هو النذر و الحکم لایتسری من العنوان الی المعنون و ان المعنون ظرف لسقوط الحکم لا ثبوت الحکم و الحکم یتعلق بالعنوان لا المعنون و المعنون مسقط للتکلیف فالحکم لایتسری من العنوان الی المعنون فضلا الی معنون آخر متحد معه فی الوجوب.
اقول: نحن نسلم ان اصل مثل صلاة اللیل غیر واجب بالنذر بل الواجب هو النذر، و من البعید کون صلاة اللیل واجبا بالنذر اصالة عند صاحب العروة فیجمع الامر الاستحبابی بصلاة اللیل مع وجوب النذر و قد ذهب بعض کالسید الخویی ان اصل حد الامر الاستحبابی و هو الترخیص یزول مع تعلق النذر به فیندک هذان الامران فتصیر امرا واحدا موکدا.
و قلنا انه غیر صحیح و لاوجه لزوال حد الامر الاستحبابی ای الترخیص حین تعلق النذر به، و ان الامر بذات صلاة اللیل مقرون بجواز الترخیص من حیث الامر الاستحبابی نعم هذا یجمع مع الامر النذری.
لکن ادعاء السید الامام یکون اعم من ذلک بحیث لو وقع التضاد بین الامر بوفاء النذر او الشرط و بین الامر الی متعلقه فیمکن ایضا الجمع بینهما حیث ان التضاد یرتفع مع اختلاف العنوان کاشتراط ترک الحج مع خدمة حملة الحج فحج هذه الخدمة باطل عند المشهور لانطباقه الی المنهی عنه فلایجتمع مع الامر الاستحبابی بذات الحج خلافا للامام حیث ذهب الی امکان اجتماعهما.
اقول الحق مع المشهور لان التضاد بین الاحکام ناش عن التضاد بلحاظ مقتضاها و ان مقتضی الامر بالحج هو البعث الیه و مقتضی النهی عن مخالفة الشرط هو الزجر عنه فلایجتمع هذان الاقتضئان المتغایران فی مصداق واحد، ای لایکون فعل واحد مصداقا للبعث و الزجر.
نعم یمکن ان یغفل المولی العرفی تفصیلا عن اجتماعهما فی مورد واحد، و هذا لاینافی القول بجواز اجتماع الامر والنهی مع تعدد العنوان کصل و لاتغصب لان فی الاجتماع الامر یتعلق الامر بصرف الوجود کصرف وجود الصلاة لا الصلاة فی المکان المغصوب و ان الامر بصرف الوجود لایعنی الامر بکل فرد و هذا یجتمع مع النهی عن فرد من الصلاة التی یکون مصداقا للغصب و هذا یفترق مع الامر الانحلالی کالامر بالحج فی مثالنا او فی مثال اشتراط المراة ترک صلاة اللیل فی مدة شهر علی الرجل حین عقد النکاح، و هذا لایکون من الامر بصرف الوجود حتی ینهی عن فرد من افراده بل کل فرد من صلاة اللیل مدة شهر یکون مصداقا لتخلف الشرط.
اما صلاة الجمعة فوجوبه فی عصر الغیبة محل الکلام فهل هو واجب تعیینی او تخییری او حرام او یجب اقامته تخییرا و یجب الحضور فیه تعیینا عند اقامته مع الشرائط فالقول فیه اربع.
القول الاول: و هو الوجوب التعیینی و اول من ذهب الیه هو الشهید الثانی فی رسالة صلاة الجمعة.
و قد اورد الیه صاحب الجواهر و قال انه کتبه فی اوان شبابه و یوید کلام صاحب الجواهر قول الشهید فی المسالک ذیل قول صاحب الشرایع التاسعة: «إذا لم يكن الامام موجودا و لا من نصبه للصلاة، و أمكن الاجتماع و الخطبتان، قيل: يستحب أن يصلّى جمعة، و قيل: لا يجوز، و الأول أظهر.»
و قال الشهید الثانی ذیل کلام العلامة: « المراد باستحباب الجمعة هنا كونها أفضل الفردين الواجبين تخييرا و هما الجمعة و الظهر، فعلى هذا ينوي بها الوجوب و يجزي عن الظهر، و ليس المراد استحبابها بالمعنى المتعارف لأنّها. متى شرعت أجزأت عن الظهر، و المندوب لا يجزي عن الواجب. و هذا القول هو أصح القولين.»[1]
و لم یشر الشهید الی اقوال آخر و هو الوجوب فی المسالة .
و قد اید صاحب المدارک جده فی رسالته و کذا ذهب الیه الفیض الکاشانی.
قال صاحب المدارک: «فهذه الأخبار الصحيحة الطرق الواضحة الدلالة على وجوب الجمعة على كل مسلم عدا ما استثني تقتضي الوجوب العيني، إذ لا إشعار فيها بالتخيير بينها و بين فرد آخر، خصوصا قوله عليه السلام: «من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات طبع اللّه على قلبه» فإنه لو جاز تركها إلى بدل لم يحسن هذا الإطلاق. و ليس فيها دلالة على اعتبار حضور الإمام عليه السلام و نائبه بوجه، بل الظاهر من قوله عليه السلام: «فإن كان لهم من يخطب جمعوا» و قوله: «فإذا اجتمع سبعة و لم يخافوا أمهم بعضهم و خطبهم» خلافه كما سيجيء تحقيقه إن شاء اللّه. قال جدي- قدس سره- في رسالته الشريفة التي وضعها في هذه المسألة بعد أن أورد نحو ما أوردناه من الأخبار و نعم ما قال: فكيف يسع المسلم الذي يخاف اللّه تعالى إذا سمع مواقع أمر اللّه تعالى و رسوله و أئمته عليهم السلام بهذه الفريضة و إيجابها على كل مسلم أن يقصّر في أمرها و يهملها إلى غيرها و يتعلل بخلاف بعض العلماء فيها، و أمر اللّه تعالى و رسوله و خاصته عليهم السلام أحق و مراعاته أولى، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب إليهم، و لعمري لقد أصابهم الأمر الأول فليرتقبوا الثاني إن لم يعف اللّه تعالى و يسامح، نسأل اللّه العفو و الرحمة بمنه و كرمه.»[2]
القول الثانی: و هو المشهور بین المتاخرین و منهم صاحب العروة و هو القول بالوجوب التخییری فی زمان الغیبة.
القول الثالث: و هو حرمتها و ذهب الیه السید البروجردی فی کتاب البدر الزاهر و قال ان مقتضی الادلة عدم مشروعیتها فی عصر الغیبة و ان شرط مشروعیته هو حضور الامام المعصور ع او نائبه الخاص کما یستفاد من الروایات و اجماع العامة و سیرة المتشرعة و ان العامة کانوا یدعون انها من شوون اللحکومة و لم یردعه الامام ع و الحاکم اصالة عندنا هو الامام ع و بالنسبة الی عصر الغیبة لادلیل علی تفویض هذا الامر الی الفقیه و ولایة الفقیه ینحصر فی الامور الحسبیة و لادلیل علی ولایة الفقیه فی مثل اقامة صلاة الجمعة.
و کذا ذهب الیه السید الحکیم و المراد من حرمته او عدم مشروعیته لیس الحرمة الذاتیة بل یکون بمعنی عدم جعل الولایة للفقیه فی اقامته فلو اقامها رجاء لا اشکال فیه لکن لایجزی عن صلاة الظهر عندهما.
و فیه انها غیر واضح لو قلنا ان اقامتها من مناصب الامام ع و من شوونه کما تدل به بعض الروایات و کلام علی بن الحسین ع فی دعائه یوم الاضحی و یوم الجمعة: « اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا الْمَقَامَ لِخُلَفَائِكَ وَ أَصْفِيَائِكَ وَ مَوَاضِعَ أُمَنَائِكَ فِي الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي اخْتَصَصْتَهُمْ بِهَا قَدِ ابْتَزُّوهَا» ای قد غصبوها،
فحذ تشکل صلاة الجمعة من قبل شخص یکون مصداق الغصب و یکون مصداقا للحرام الذاتی نعم لایرد هذه الشبهة فی الماموم.
القول الرابع: و هو التفصیل بین الاقامة و الحضور بعدها و ذهب الیه السید الخویی و شیخنا الاستاد و ان احتاطا فی رسائلهما. ای ان اصل اقامة صلاة الجمعة واجب تخییرا فعند اقامتها مع الشرائط یجب حضور المومنین بها.
و الاقامة مع الشرائط هو عدالة الامام و عدد الماموم و الاتصال و …
و لهذا التفصیل تفاصیل مثلا قال السید الصدر انه یجب تعیینیا فی عصر الحکومة الدینیة و لو لم یکن الامام ع حاضرا فعلی الحاکم اقامتها اما لو لم یکن الحکومة دینیا او لم یقم صلاة الجمعة فحذ یصح القول الرابع.
هذا محصل الاقوال فی المسالة.
اما القول باستحبابه هو یساوق القول الثانی لانه من عده مستحبا یعده واجبا تخییریا افضلا من صلاة الظهر.
و یتفرع علی القول الرابع هل یشترط فی صحة صلاة الجمعة اذن ولی الامر ام لا؟ و قد ذهب بعض الی انه غیر صحیح فیلزم الاذن من قبل ولی الامر لانه شان سیاسی عبادی لا فردی یجتاج الی اذن ولی الامر و قد ذهب الیه السید الامام.
و قد وقع التسالم فی کونه واجبا تعیینا فی زمان بسط ید المعصوم ع اما فی زمان عدم بسط یده او غیبته فهذا محل الکلام.
و العمدة فی الوجوب الذی استدل به الشهید الثانی هو الآیة و الاخبار و استحصاب وجوبها زمان الحضور.
و اما الآیة يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون.[3]
و اتفق المفسرین ان المراد من ذکر الله هو خطبة صلاة الجمعة و السعی الی خطبة صلاة الجمعة هو مقدمة تشکل صلاة الجمعة و کنایة عن وجوبها لمکان الامر.
ان قلت: ان الآیة تدل علی وجوب الحضور فیها عند اقامته لا وجوب اقامتها قلت: ان الآیة و الشرط تظهر فی المرآتیة کقوله اذا اذن الموذن فصل او اذا اذن الموذن فافطر و من المعلوم هو طریقیته الی دخول الوقت لا کونه موضوعا لجواز الافطار او وجوب الصلاة.
[1] . مسالک الافهام 1/246
[2] . مدارک الاحکام 4/ص8
[3] . الجمعة 9