الاثنین 15/6/95
کان البحث فی صلاة الجمعة قلنا هنا اربعة اقوال و الاول هو القول بالوجوب کما ذهب الیه الشهید الثانی و الثانی هو الوجوب التخییری و ذهب الیه المشهور من المتاخرین و منهم السید الامام و السید السیستانی و الثالث حرمته، و قلنا لو کان صلاة الجمعة حراما فی زمان الغیبة فیحرم تشریعا لا ذاتا لعدم الولایة علی اقامته لان صلاة الجمعة من شوون الامام ع و لا ولایة للفقیه او شخص آخر لاقامتها کعدم ولایة الام بالنسبة الی الولد بعد موت الاب فی تصدی اموره فلایجوز تصدیها بلااذن الحاکم او الجد، فحذ تصرفها التکوینی فی امواله حرام تکلیفا اما التصرف الاعتباری کالبیع و الشراء حرام وضعا او اذا کان امام الجماعة فاسقا فحذ لایرتکب الامام حراما تکلیفیا ذاتیا نعم یبطل الجماعة الا مع القول بانه سبب لترک وظیفة الماموم و هو الصلاة الفرادی و هذا ایضا لااشکال فیه عند المشهور لانه اوجب ترک القرائة فقط و هذا لایوجب بطلان الصلاة لترک القرائة من قبل الماموم اعتقادا بعدالة الامام و کذا یکون امام الجمعة فلو قلنا انها حرام فی زمان الغیبة لعدم ولایة الفقیه و العادل بالنسبة الیها فیشترط الاذن من مقبل المعصوم ع، فحذ لایکون حراما ذاتیة و التعبیر بانه غصب یکون بالاعتبار لا ذاتا و لادلیل علی حرمة الغصب الاعتباری کما هو فی التصرف التکوینی کالتصرف فی مال الغیر.
لکن قال السید الزنجانی یمکن ان یقال بوجود شبهة الحرمة الذاتیة للامام و الماموم، لانه غصب لمنصب الامام المعصوم ع و کذا افتی السید الداماد بحرمتها الذاتیة فحذ یکون من الدوران بین المحذورین ای یدور امره بین کونه حراما ذاتیا او واجبا فلامعنی للجمع بین صلاة الجمعة و الظهر فلذا احتاط السید الزنجانی بالخروج عن موضوع صلاة الجمعة بالسفر او الرجوع الی فالاعلم.
لکن شبهة حرمتها الذاتیة ضعیفة عندنا و نقول انه حرام تشریعیة کما علیه السید الحکیم
و عده من الغصب من قبل خلفاء الجور لایوجب عده من الغصب الذی یکون حراما ذاتیا لان الخلفاء کانوا منعوا هذه النصب من الامام ع و نحن لانمنعون منه ع هذا المنصب کی یعد حراما ذاتیا من باب الغصب.
الرابع هو التفصیل بانه یجب تخییرا الاقامة و تعیینا الحضور فیها بعد اقامتها کما علیه السید الخویی و شیخنا الاستاذ.
نکتة فی فتوی شیخنا الاستاذ، و قد احتاط شیخنا الاستاذ فی وجوب صلاة الجمعة لکن لابمعنی جواز الرجوع بالغیر فی هذه المسالة بل بمعنی تخطئة الغیر فمن علم تخطئته الغیر فلایجوز له الرجوع الی الغیر.
اما ادلة القول الاول و هو وجوب اقامةصلاة الجمعة و الحضور فیها کما علیه الشهید الثانی. و قلنا تبعا لصاحب الجواهر قوله هذا مخالفا لقوله فی سائر کتبه کالمسالک –کما ذکرنا –و شرح اللمعة حیث قال: «و لو لا دعواهم الإجماع على عدم الوجوب العيني لكان القول به في غاية القوة، فلا أقل من التخييري مع رجحان الجمعة»[1]
و الشیخ المرتضی الحائری ایضا ذهب الی وجوبه التعیینی.
هنا آیتان استدل بهما علی وجوبها التعیینی الاول “اذا نودی للصلاة من یوم الجمعة فاسعوا الی ذکر الله و ذروا البیع…” و الثانی “حافظوا علی الصلوات و الصلوة الوسطی..” التی فسر فی بعض الروایات بصلاة الجمعة.
ام الآیة الاولی و قال الشهید فیها بان المفسرون اجمعوا بان المرادمن ذکر الله تعالی هو صلاة الجمعة او خطبتها و الامر ظاهر فی الوجوب .
و قد عد الشیخ المرتضی الحائری هذه الآیة تامة للاستدلال علی وجوبها و قال انه و ان علق فی الآیة الحضور فی الصلاة بنداء للصلوة لکن لالیس المراد اذا اقیمت صلوة الجمعة فاسعوا الی ذکر الله بل المراد هو انه عند دخول الوقت یجب السعی الی ذکر الله و هو صلاة الجمعة و قرینة هذا التفسیر هو انه لاموضوعیة للشرط ای النداء فی اقامة صلاة الجمعة فالظاهر منها هو دخول الوقت کقوله اذا اذن للصلاة یجب الصلاة هو تعلیق وجوب صلاة الی دخول الوقت فلاموضوعیة للشرط و ان الظاهر منها هو دخول الوقت.
مع انه لم یرد فیها اذا نودی لصلاة الجمعة بل ورد فی الشرط مطلق الصلاة الاعم من صلاة الظهر او الجمعة فلاتظهر الشرط فی اقامة صلاة الجمعة بل یکون المراد منه دخول الوقت لانه ملازم مع دخول الوقت اما لایلازم اقامة الجمعة کی یکون کنایة عنها.
ان قلت: ان الآیة لایکون فی مقام صحة صلاة الجمعة بل تکون فی مقام ترغیب صلاة الجمعة مع شرائطها و لعل حضور الامام ع من شرائطها.
قلت: ان الآیة مطلقة یشمل زمان الغیبة ایضا و باطلاقها تنفی اشتراط حضور الامام ع فی صحة صلاة الجمعة.[2]
و قال فی قباله السید البروجردی ان الغفلة عن شان نزول الآیة یوجب استظهار وجوب صلاة الجمعة من الآیة و ان شان نزول الآیة تدل علی انها فی مقام بیان لزوم الحضور فی صلاة الجمعة عند اقامتها مع الشرائط فلیس مطلقا و بعبارة اخری ینصرف الی اقامة صلوة الجمعة الصحیحة بقرینة شان النزول فعند الشک فی اشتراط حضور الامام ع لصلاة الجمعة لایمکن التمسک به بل نستظهر کونه من شرائطها.
اما شان نزول الآیة هو انها وردت فی دحیة الکلبی حیث کان یدخل الی مدینة من شام و یاتی بمال التجارة و یعلن دخوله الی المدینة بضرب الطبل و اذا دخل یوم جمعة الی مدینة حین اقامة النبی ص صلاة الجمعة و ضرب الی طبله لاعلان قدومه الی مدینة فحذ خرج الناس عن خطبة النبی ص و انفضوا الیه فحذ نزل هذه الآیة.
و ان مراد “الی ذکر الله” هو خطبة صلاة الجمعة و “ترکوک قائما” هو ترکه ص حین اقامة الخطبة فحذ تدل الامر الی التعجیل بالنسبة الی صلاة الجمعة و الفرض اقامته مع شرائطها ففی هذه الصورة نزلت الآیة فلایکون الآیة فی مقام البیان بالنسبة الی شرائط صلاة الجمعة.
فهذا استظهار من الآیة فی عدم کونها فی مقام البیان و کذا الشک فیه ایضا یوجب عدم التمسک باطلاقها.
اما ولایة الفقیه و انها لااطلاق لها بالنسبة الی صلاة الجمعة.
نکتة: و قد وقع خطا فی کتاب البدر الزاهر حیث قال للامام صنفان من الوظیفة الاول هو ما له فی زمان بسط یده کحفظ الانتظامات الداخلیة و سد ثقور المملکة و الامر بالجهاد و الدفاع و لادلیل علی تفویضه الی الفقیه و الثانی هو ادارة اموال الغیب و القصر و قد ورد الدلیل علی تفویض ولایته الی الفقیه و الظاهر ان صلاة الجمعة من الاول؛ و ما ذکر المقرر من الصنف الاول خطا منه حیث انها یکون من الصنف الثانی عند السید البروجردی کما اشار الیه فی نفس البدر الزاهر فی موضع آخر ص 74حیث قال ان ادار امور المسلمین و سد الثقور مما لایمکن اهماله من قبل الامام ع و کذا ما ورد فی تبیان الصلاة بتقریر الشیخ علی الصافی ص 91.
نعم ان صلاة الجمعة لایفوض عنده الی الفقیه من قبل الامام ع.
فحذ اما یکون من الشبهة المصداقیة او استظهر منها عدم کونه فی مقام البیان بالنسبة الی الشرائط.
قال السید الخویی: انها تدل علی لزوم الحضور عند اقامتها مع الشرائط لکن لکن لاتدل علی وجوب الاقامة و لیس حضور الامام ع عند السید الخویی من شرائطه خلافا للسید البروجردی بل یکفی اقامته بامام عادل و یویده قوله تعالی وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَ تَرَكُوكَ قائِما و هذه تدل علی ان الامر بالسعی ورد فی مورد اقامة الصلاة.
و قد اجیبت عن هذا الاشکال فی کلمات الشهید و الشیخ الحائری بان الشرط مطلق و یشمل صلاة الظهر و الجمعة فلیس الآیة فی مقام تعلیق الامر الی اقامة صلاة الجمعة.[3]
لکن یمکن ان یتم استدلال السید الخویی بان الظاهر منها مفروغیة صلاة الجمعة ای ان الظاهر من اذا نودی للصلاة من یوم الجمعة هو اقامة صلاة الجمعة، کما هو الصحیح و الظاهر.
فهذا الاشکال وارد ای لاتظهر هذه الآیة فی الامر الی صلاة الجمعة و بالنسبة الی شرائطها لایکون فی مقام البیان و لااقل من اجمالها بقرینة ترکوک قائما حیث کان النبی ص حال اقامتها ثم وبخ الناس بترکها.
یمکن ان یقال ان الظاهر من النداء هو انه اذا نادی شخص من المومنین لتشکیل صلاة الجمعة یجب علیکم اقامتها و الحضور بها.
اقول: و ان هذاخلاف الفهم العرفی و ان الظاهر منها هو مفروغیة اقامة ذکر الله تعالی و لو لم یناد مناد و ان الظاهر من النداء هو اذان قبل خطبة الصلاة لا النداء لتشکیل صلاة الجمعة.
فلاتدل هذه الآیة علی وجوب اقامتها
[1] . الروضة البهیة 1/665
[2] . صلاة الجمعة ص123
[3] . الموسوعة ج11/ص16