الدرس 93-298
السبت – 27 شوال المكرم 47
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في استدلال السيد الخوئي قدس سره علی عدم اعتبار وحدة الافق بين البلد الذي رؤي فيه الهلال و بين بلد المكلف بشرط اشتراكهما في بعض الليل، يكفي ذلك في ثبوت الشهر الجديد في بلد المكلف اذا رؤي الهلال في بلد آخر يشارك ذلك البلد الذي يسكن فيه المكلف و لو في جزء يسير من الليل.
السيد الخوئي استدل علی ذلك اولا باطلاقات حجية البينة علی رؤية الهلال لم يقيد ذلك بان تقوم البينة علی رؤية الهلال في بلد المكلف.
و استدل ثانيا بخصوص ما ورد من انه اذا جاء شاهدان من بلد آخر و شهدا برؤية الهلال في بلدهما فلا بد ان يقضي المكلف الصوم الذي فات منه في اول شهر رمضان بعد ما جاء رجلان عدلان من بلد آخر و شهدا بانهما رأيا الهلال في بلدهما في اول رمضان في ليلة الجمعة مثلا و هذا المكلف لم ير الهلال في بلده و لاجل ذلك لم يصم يوم الجمعة. هكذا تقول الروايات: ان شهد اهل بلد آخر فاقضه. هذا القسم الثاني من الروايات عبّر عنه السيد الخوئي بالنصوص الخاصة لاجل ان هذه الروايات وردت في الشاهدين الذين جاءا من بلد آخر و ليس معنی ذلك ان هذه الروايات تدل علی مختار السيد الخوئي صريحا، لا، المشهور يقيدون هذه الروايات بما اذا شهد الرجلان من بلد آخر علی انهما رأيا الهلال في فرض العلم بوحدة الافق بين ذاك البلد الآخر و بين بلد المكلف أو لااقل من تقييد هذه الروايات بما اذا لم يعلم باختلاف بلد المكلف عن بلد هذين الشاهدين.
هناك عدة اشكالات ترد علی السيد الخوئي:
الاشكال الاول: هذا المختار للسيد الخوئي يقال بانه خلاف المرتكز العرفي الصاعد علی المجتمع البشري في كل زمان. ايام النبي و الائمة عليهم السلام كيف كانوا ينظّمون التاريخ؟ يرون الهلال فيثبت عندهم الشهر الجديد في بلده يقولون هذا اول الشهر. هكذا مشی عليه الناس في حياتهم. و هذا هو الذي يقول عنه الله سبحانه و تعالی يسئلونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس، هل ميقات الناس الذي ينظّم الناس اوقاتهم عليه يشمل رؤية الهلال في بلد بعيد مع عدم امكان رؤيته في بلد المكلف؟ اهل المدينة المنورة أو اهل مكة خصوصا في حج اذا عاينوا الهلال يثبت عندهم الشهر الجديد و يصير ميقاتا للناس. الهلال الذي لا يری في الافق اصلا لا لاجل الغيم بل لاجل انه لم يتشكّل و لا يتشكّل الهلال الا بعد ساعات، هل هذا يكون ميقات للناس؟
هذا هو الاشكال الاول الذي السيد السيستاني ايضا يركّز عليه.
اطرح الاشكالات ثم اعود.
الاشكال الثاني: قبل ان يتشكّل الهلال دخلت الليلة في بلدنا، اصلا لم يتشكّل الهلال يعني لم يتحقق له ضوء يمكن ان يری في الكرة الارضية و لكن بعد ساعات، عشر ساعات أو نحو ذلك، تشكّل ضوء الهلال و رؤي في بلد بعيد غربي، السيد الخوئي حسب كلامه يقول الان دخل الشهر الجديد في قم مثلا، يا سيدنا الخوئي! قبل ذلك هذه الليلة مضی عليها ساعات فهل كانت هذه الليلة ملحقة بشهر شعبان؟ معقولة؟ عشر ساعات من الليل تصير ملحقة بشهر شعبان، لا نهار لهذه الليلة يتبع تلك الليلة لانه يقول السيد الخوئي قبيل طلوع الفجر أو قبيل طلوع الشمس في بلدنا رؤي الهلال في امريكا، هسة دخل الشهر الجديد، من اول الليل الی هذه الساعة شنو كان؟ و من الغريب انه بعد طلوع الفجر و قبل طلوع الشمس اذا رؤي الهلال في امريكا السيد الخوئي يكتفي بذلك لانه يری بقاء الليل الی طلوع الشمس فكيف ينوي الناس الصوم من طلوع الفجر؟
اذا كان السيد الخوئي يقول: شرط متاخر، رؤية الهلال في امريكا قبيل طلوع الشمس أو قبيل طلوع الفجر من بلدنا شرط متاخر لان ينكشف انه من اول دخول هذه الليلة في بلدنا دخل الشهر الجديد. نقول: اولا: اذن لماذا اشكلتم علی كفاية رؤية الهلال في بلد بعد طلوع الشمس من بلدنا؟ قلتم كيف يكون هذا اليوم اول رمضان مع ان النهار يحتاج الی سبق ليل و في الليل لم ير الهلال. فاذا قلنا بانه دخل الشهر الجديد في قم لانه بعد طلوع الشمس في قم رؤي الهلال في امريكا يكون اول رمضان بدون سبق ليل لاول رمضان. فاذا كان شرطا متاخرا اي فرق بين رؤية الهلال بعد طلوع الشمس؟ أو رؤية الهلال قبل طلوع الشمس.
و ثانيا: الشرط المتاخر خلاف المرتكز العقلائي. بمجرد ان يؤذن المؤذنون لصلاة المغرب يقولون مبارك لكم بدخول الشهر المبارك شهر رمضان، يقولون ها شنو؟ يقولون لانه بعد عشر ساعات أو اكثر سيتولد الهلال و يری في امريكا، أ ليس هذا الشرط المتاخر خلاف المرتكز؟ يعني ان قلتم بانه شرط المقارن يترتب عليه المحذوف و هو ان لا يكون الليل قبله مندرجا تحت شهر رمضان و لا مندرجا تحت شهر شعبان، ليلة فارغة بلا اسم، ليس من شهر شعبان لان ليلة من شهر شعبان تحتاج الی لحو نهار من شهر شعبان و لا ليلة رمضان بناءا علی الشرط المقارن بان تكون رؤية الهلال في امريكا شرطا مقارنا لدخول الشهر الجديد في قم. و اذا كان شرطا متاخرا فهذا خلاف المتركز بان يكون رؤية الهلال في امريكا بعد عشر ساعات كافية لان يكون الشهر الجديد في قم قد بدأ قبل عشر ساعات مع انه لم يتولد الهلال في ذلك الوقت.
الايراد الثالث: ماذا يصنع السيد الخوئي برواية هو قطعا يراها صحيحة و هي صحيحة معمر بن خلاد: روی الشيخ الطوسي في التهذيب قال معمر بن خلاد، بدأ باسم معمر بن خلاد و لم يذكر سنده الی كتاب معمر في مشيخة التهذيب لكن ذكر ذلك في الفهرست و قال معمر بن خلاد له كتاب اخبرنا به جماعة عن ابن ابي جيد ان ابن الوليد عن الصفار عنه، ابن ابي الجيد من مشايخ النجاشي و يری السيد الخوئي ان مشايخ النجاشي كلهم ثقات و اخبرنا به جماعة منهم الشيخ المفيد، انا اقول يعني لم يذكر الشيخ المفيد لكن الجماعة التي ينقل عنهم الشيخ الطوسي روايات التلعكبري قطعا يوجد فيهم الشيخ المفيد، اخبرنا به جماعة يعني التلعكبري عن ابن حمام عن محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن عيسی عنهم للسيد السيستاني مناقشة في سند هذه الرواية سأذكرها في المستقبل لكن السيد الخوئي لا يناقش في سند هذه الرواية.
اقرأ الرواية: التهذيب الجزء 4 صفحة 166، معمر بن خلاد عن ابي الحسن عليه السلام قال كنت جالسا عنده آخر يوم من شعبان فلم اره صائما، ابي الحسن عليه السلام إما الامام الكاظم عليه السلام أو الامام الرضا عليه السلام، هو كان من اصحاب الرضا عليه السلام و لعله ادرك الامام الكاظم عليه السلام، كنت جالسا عنده آخر يوم من شعبان فلم أره صائما فاتوه بمائدة فقال ادنُ (تعال كلْ) و كان ذلك بعد العصر فقلت له جعلت فداك صوم اليوم فقال لي و لم قلت جاء عن ابي عبدالله عليه السلام في اليوم الذي يشك فيه انه قال يوم وفق الله له قال الامام عليه السلام أليس تدرون انما ذلك اذا كان لا يعلم أ هو من شعبان ام من شهر رمضان؟ فصامه الرجل و كان من شهر رمضان كان يوم وفق الله له فاما و ليس علة و لا شبهة فلا، كلام الامام عليه السلام في اليوم الذي يشك فيه انه يوم وفق الله له يقول الامام عليه السلام يختص هذا الكلام بما اذا كان يشك و لا يعلم ان هذا اليوم من شعبان أو من رمضان، فاما و ليس علة و لا شبهة يعني الجو صافي، استهل الناس و ما شافوا الهلال، فاما و ليس علة و لا شبهة فلا. يعني يوم الشك يختص بما اذا كان في السماء غيم اما اذا الجو صافي استهل الناس و لم يروا الهلال هذا يعني ان هذا ليس يوم الشك بينما ان السيد الخوئي ماذا يقول؟ يقول الجو صافي ما شفت الهلال لكن لعله سيری الهلال في امريكا بعد اكثر من عشر ساعات فاذا رؤي الهلال في امريكا بعد عشر ساعات فهذا اليوم يكون اول رمضان و انتم لا تدرون. الامام يقول: لا، اذا الجو صافي استهل الناس ما شافوا الهلال هذا ليس يوم شك. ماذا يصنع السيد الخوئي بهذه الرواية التي هي صحيحة بنظره بلا اشكال.
و هذه الصحيحة تكون مقيدة لتلك الاطلاقات ان تم اطلاقها، لما اذا شهد الرجلان من بلد آخر لكن مع وجود الغيم في بلدنا بحيث نحتمل انه لولا الغيم كنا نری الهلال في الافق. بل بعض تلك الروايات التي سنقرأها في الليالي القادمة ان شاء الله مصرح فيها بوجود العلة في السماء، يعني وجود الغيم في السماء، فلم يصم الناس و شهد رجلان بانهما رأيا الهلال في بلدهما و بلد المكلف في السماء علة و غيم، بعض الروايات هكذا، بعض الروايات مطلقة لكن يمكن تقييدها بهذه الرواية، رواية معمر بن خلاد.
هناك رواية اخری قرأناها سابقا اعيد قراءتها تاملوا فيها هل هي تفيد مثل ما افادته رواية معمر بن خلاد أو تفيد ضد ما افادته رواية معمر بن خلاد، صحيحة محمد بن عيسی قال كتب اليه ابوعمرو، ابوعمرو مو معلوم من هو و ليس بمهم لان محمد بن عيسی من الاجلاء و هو شهد بان هذا ما كتبه ابوعمرو و قد وقّع الامام عليه السلام في جوابه توقيعا كل هذا مما شهد به محمد بن عيسی، كتب اليه ابوعمرو اخبرني يا مولاي انه ربما اشكل علينا هلال شهر رمضان و لا نراه، في بغداد كان، اشكل علينا هلال شهر رمضان و لا نراه و نری السماء يعني نستهل ليس فيها علة، كل شيء ماكو في السماء، الجو صافي استهل الناس و لم يروا الهلال و يفطر الناس و نفطر معهم، يعني يوم الشك من شعبان و يقول قوم من الحساب قبلنا انه يری الهلال في تلك الليلة بعينها بمصر و افريقيا و الاندلس هل يجوز يا مولاي ما قال الحساب في هذا الباب حتی يختلف الفرض علی اهل الامصار؟ يقول ان تم قول الحساب بانه سيری الهلال في مصر و افريقيا و الاندلس تكون النتيجة ان فرضهم يختلف عن فرضنا في بغداد، هم يصومون و نحن لا نصوم، المرتكز في ذهن السائل رأي المشهور يقول ان تم ما يقوله الحساب من انه سيری الهلال في افريقيا و مصر و الاندلس تكون نتيجته ان فرضهم في الصوم يختلف عن فرضنا. هل يجوز يا مولاي ما قاله الحساب في هذا الباب حتی يختلف الفرض علی اهل المصار فيكون صومهم خلاف صومنا و فطرهم خلاف فطرنا، الامام ما يستنكر، ما قال لو رؤي الهلال هناك ففرضهم يكون الصوم و فرضكم ايضا يكون الصوم، كما يقول السيد الخوئي، الامام لم يستنكر علی هذا السائل ما تخيله أو اعتقده من انه لو رؤي الهلال في مصر افريقيا و الاندلس فيجب عليهم الصوم و لا يجب علی اهل بغداد ان يصوموا و انما قال الامام، فوقّع لا تصومن الشك يعني نصحه الامام بشكل عام قال المهم ان تصوم لرؤيته و قد يقال بان ظاهره لا بد ان يكون صومك ناشئا عن رؤيتك للهلال لا رؤية اهل بلد آخر غربي، اذا تشك لا تصومن الشك افطر لرؤيته و صم لرؤيته.
المرحوم آسيد ابوتراب الخوانساري استدل بهذه الصحيحة علی عكس رأي المشهور يعني علی مذهبه الموافق لمذهب السيد الخوئي قال شوفوا! الامام قال انت تشك ان قول اهل الحساب صحيح أو مو صحيح، لانك لا تدري هل ما قاله الحساب من انه سيری الهلال في افريقيا و مصر و الاندلس صحيح أو مو صحيح فلا تصم، كانّه اذا كان يجزم بان ما يقوله الحساب صحيح فلا بد ان يصوم، لا تصومن الشك افطر لرؤيته و صم لرؤيته، تاملوا هذه الرواية هل تدل علی مذهب المشهور أو تدل علی المذهب المخالف للمشهور كما استند اليه السيد ابوتراب الخوانساري أو انها مجملة، تاملوا في ذلك.
و حاصل الكلام انه قد يقال ان التاريخ بني علی ان رؤية الهلال في كل بلد توجب ان يثبت الشهر الجديد في ذلك البلد و ما كانوا يلاحظون رؤية الهلال في بلد آخر بعيد عنهم و لاجل ذلك لو مشينا علی وفق كلام السيد الخوئي لتغيرت القضايا التاريخية كان يوم عاشورا يوم الحاديعشر في البحار لانه يمكن التراجع الی السابق لان قضية الهلال قضية تكوينية منضبطة، هكذا استكشفوا ان هلال شهر محرم في سنة التي استشهد فيها الامام الحسين عليه السلام كان باقيا في الافق تقريبا ساعتين هكذا و قطعا اذا كان كذلك ففي الليلة السابقة رؤي الهلال أو كان يمكن رؤية الهلال في بلد غربي يشارك كربلا في جزء من الليل، يعني حسب رأي السيد الخوئي يكون يوم عاشورا اليوم الحادي عشر، مو اليوم العاشر. و هكذا تلك الرواية التي قرأناها ان الامام الهادي عليه السلام مع انه قال الراوي له بقي الهلال في الافق بعد سقوط الشفق بزمان طويل لم يقل الامام بان هذا يكشف عن امكانية رؤية الهلال في الليلة السابقة و لو في بلد غربي، اك ملازمة بين رؤية الهلال بهذا المقدار الطويل في الافق، هكذا قد يقال مع قابلية الهلال للرؤية في بلد غربي يشاركنا في بعض الليل مع انه اصلا لم يكن منهج العرف و العقلاء و اهل التاريخ علی هذا المشي.
تاملوا في هذه المطالب الی الليلة القادمة ان شاء الله.