دانلود فایل صوتی 250121_1851 250121_1851
دانلود فایل خام 65-14460720 65-14460720

فهرست مطالب

فهرست مطالب

پخش صوت

250121_1851

الدرس: 65

الأستاذ: الشيخ محمد تقی الشهيدي

المبحث: البراءة الشرعیة

دلالة الاستصحاب علی البراءة الشرعیة

التاريخ: الثلثاء 20 رجب المرجب 1446 ه.ق

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين و صلی الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين.

 

کان الکلام فی اشکال المحقق النائینی فی جریان استصحاب عدم الجعل، حیث قال بأن الاثر العقلی من التنجز و التعذر یترتب علی وجود المجعول أو علی عدم المجعول. و مجرد الجعل الانشائی الذی یعنی وجود قضیة شرطیة کقوله اذا وجد المستطیع وجبت علیه العمرة لا یکون منجزا مادام لم تتحق عنوان الاستطاعة فی المکلف حتی یجب علیه العمرة بوجوب فعلی.

واستصحاب عدم الجعل فی حد ذاته لا اثر له، و اذا ارید اثبات انتفاء المجعول به یکون من الاصل المثبت.

السید الخوئی کالمحقق العراقی هنا وقع فی کلامه خلط بین الجعل بمعنی عملیة الجعل و التی هی تحدث آناما و تنعدم، و بین الجعل بمعنی المجعول الکلی الذی یساوق تلک القضیة الشرطیة. فذکر تارة فی مصباح الاصول الجزء الثانی صفحة 290 أن الجعل و المجعول واحد واختلافهما اعتباری کاختلاف الایجاد و الوجود. و ذکر تارة اخری فی نفس الصفحة أن الحکم الانشائی هو نفس الحکم الفعلی و الحکم الفعلی هو الحکم الانشائی مع فرض تحقق موضوعه. فاستصحاب الحکم الانشائی هو استصحاب الحکم الفعلی. فنظر الی الجعل بمعنی المجعول الکلی. و حینما یستصحب بقاء الجعل لابد أن یرید منه هذا المعنی الثانی، و الا فالمعنی الاول قلنا بأنه یوجد آناما و ینعدم. عملیة الجعل لها وجود آنی یوجد ثم ینعدم، فلا بقاء للجعل بمعنی عملیة الجعل حتی یستصحب وجوده و بقاءه.

و دعوی السید الخوئی أن الجعل بمعنی الحکم الانشائی متحد مع الحکم الفعلی هذا یرد علیه اشکال واضح لابد من حله وهو أنه قبل وجود المستطیع هل وجد وجوب العمرة أم لا؟ اذا وجد وجوب العمرة فکیف تقولون بأنه اذا وجد المستطیع یجب علیه العمرة؟ فإذا لم یوجد فکیف تستصحبون بقاء الحکم الانشائی؟ فکیف تقولون الحکم الفعلی متحد مع الحکم الانشائی الذی هو موجود قبل وجود الموضوع؟ و إن شئت قلت: نظرا الی مثال الوصیة حینما یوصی المکلف إن مت فداری ملک زید کیف تکون الملکیة الحادثة عقیب موت هذا الموصی متحدة مع الملکیة الانشائیة التی هی موجودة الان قبل وفاة الموصی؟

نحن سنتکلم عن شیء لعله تعمیق لکلام السید الخوئی و یندفع به هذا الاشکال الواضح علیه.

و لکن قبل أن اذکر ذاک المطلب، اتعرض لکلام علمین السید الصدر و السید السیستانی. و هما متفقان علی أن استصحاب عدم الجعل لا یثبت انتفاء المجعول. یقبلان کلام المحقق النائینی.

اما السید الصدر فذکر: اننا لا نحتاج الی اثبات وجود المجعول للتنجیز و لا لنفی وجود المجعول للتعذیر. لأن موضوع التنجیز مرکب من وجود الجعل أی المجعول الکلی تلک القضیة الشرطیة (اذا وجد المستطیع یجب علیه العمرة)، انضمام کبری الجعل الی وجود موضوعها و هو المستطیع. اذا انضم وجود کبری الجعل الی وجود الموضوع لها حکم العقل بالتنجیز. فإذا اردنا أن ننفی التنجیز یمکننا نفی التنجیز بنفی أحد جزئی هذا الموضوع المرکب. استصحاب عدم الجعل ینفی الجزء الاول لموضوع هذا المرکب.

نقول فی الجواب: أولا بعض الآثار شرعیة لا عقلیة. أنتم رکزتم علی التنجیز و التعذیر مأثرین عقلیین. لکن بعد الاحکام شرعیة. لا تصل فی ثوب نجس، لا تصل فی ثوب متخذ من حیوان یحرم لحمه. الموضوع لحرمة الصلاة هو المجعول، کون الثوب نجسا، کون الحیوان الذی اتخذ منه هذا الثوب مما یحرم أکله. أنتم اذا تقبلون اشکال المحقق النائینی من أن استصحاب عدم الجعل لا ینفی المجعول کما أن استصحاب بقاء الجعل لا یثبت المجعول فکیف ترتبون الاثر الشرعی المترتب علی وجود المجعول أو عدمه؟ هذا اولا.

و ثانیا: قد لا تقوم حجة الا علی وجود المجعول. فأنتم قبلتم فی بحث الاستصحاب أنه یتنج التنجیز. مثال ذلک: تفاحة تنجست و غسلناها بمایع متوارد الحالتین. فی زمان کان ذاک المایع مطلقا و فی زمان کان مضافا و لا ندری المتقدم و المتأخر منهما. السید الصدر یقول: هنا لا یوجد اصل موضوعی، لأن هذه التفاحة غسلت بشیء بالوجدان و کون ذاک الشیء ماءا قد تعارض فیه الاستصحاب. فهنا لیس اصل موضوعی. تصل النوبة الی استصحاب الحکمی و هو استصحاب حرمة اکل هذه التفاحة. هذا الاستصحاب یجری فی الحکم الفعلی و المجعول، و الا فلا شک لنا فی کبری الجعل. کبری الجعل واضحة، کل ما لاقی النجس یتنجس ما لم یغسل بالماء. لا شک لنا فی تلک الکبری. کما أن شکنا فی الموضوع تعارض فیه الاصل و بقینا متحیرین مترددین فی هذا الموضوع.

و لکن أنتم فی الجزء السادس من البحوث صفحة 147 صرحتم بأن العرف یری للمجعول وجودا عرفیا و وجودا وهمیا، و یطبق علیه الاستصحاب. یقول کان هذا التفاح نجسا أو کان یحرم اکله و الان کما کان. فإذن الموضوع للتنجز العقلی امران: الاول قیام الحجة علی انضمام کبری الجعل بتحقق الموضوع. والامر الثانی الذی هو ایضا موضوع للتنجز: قیام الحجة علی وجود المجعول. و أنتم حینما تریدون نفی التنجز لابد أن تنفوا کلا السببین. مثلا أنت ترید تقول هذا عادل مع أنه یحتمل فیه وجود سببین لفسقه، أحدهما أنه لا یصلی و الآخر أنه لا یصوم. یسئلونک هذا شنو رأیته یصلی؟ تقول ابدا ما رأیت، یعنی ما ادری. و لکن رأیت أنه یصوم. هل یکفی ذلک لاثبات عدالته؟ سبب الفسق أحد امرین: ترک الصوم وترک الصلاة. أنت تعلم بأنه لا یترک الصوم فهذا السبب للفسق منفی، و اما السبب الثانی للفسق و هو ترک الصلاة مادام هو محتمل کیف تنفی فسقه؟

هنا احد السببین کاف للتنجز: أحدهما انضمام کبری الجعل لوجود الموضوع، نفیت هذا الامر المرکب باستصحاب عدم جزئیه، می خالف. و بقی الموضوع الثانی للتنجز و هو المجعول. أنت ما نفیته حتی تنفی السبب الثانی للتنجز.

فإذن لم یتم کلام السید الصدر.

واما السید السیستانی قال فی تقریب مثبتیة استصحاب عدم الجعل لنفی المجعول: قال ما هو مقصودکم من الجعل؟ هل مقصودکم عملیة الجعل و الانشاء، أو ذاک المجعول الکلی الذی یکون مآله الی قضیة شرطیة، اذا وجد المستطیع وجبت علیه العمرة.

اذا کان مقصودکم من الجعل عملیة الجعل، فمن الواضح أن ترتب الحکم علی عملیة الجعل ترتب عقلی. ولعل السید السیستانی یری أن وجود المجعول معلول لعملیة الجعل کالشیخ الوحید. قال من الواضح أن هذا اصل مثبت. لأن ترتب المجعول علی عملیة الجعل ترتب عقلی و لازم عقلی له و لیس اثرا شرعیا له.

و إن کان مقصودکم من الجعل الحکم الانشائی أی تلک القضیة الشرطیة التی تکون کمجعول کلی (اذا وجد المستطیع وجبت علیه العمرة). و مقصودکم من المجعول هو تحقق الحکم بعد تحقق موضوعه. أنا صرت مستطیعا للعمرة فوجبت علی العمرة.

یقول السید السیستانی هنا یوجد عدة احتمالات:

الاحتمال الاول: أن یلتزم بمغایرة الحکم الانشائی و الفعلی. نقول هما موجودان متغایران.

علی هذا الاحتمال، اشکال مثبتیة الاستصحاب الجاری فی الحکم الانشائی لتنقیح حال الحکم الفعلی واضح أنه مثبت.

و لکن هذا الاحتمال باطل. لماذا؟ لوضوح أنه لم یصدر من الشارع الا اعتبار واحد، فکیف تولد منه امران مستقلان احدهما الحکم الانشائی و الآخر الحکم الفعلی. الشارع اعتبر حکما واحدا، فمن هو المعتبر للحکم الثانی؟

الاحتمال الثانی: أن نلتزم بأن الحکم الفعلی نفس الحکم الانشائی، لکن بضمیمة وجود الموضوع. اذا طلبوا منکم تفسرون الحکم الفعلی بنائا علی هذا الاحتمال الثانی، تقولون الحکم الفعلی مرکب من امرین: الحکم الانشائی و وجود موضوعه.

یقول السید السیستانی علی هذا الاحتمال نعم لا یکون الاستصحاب مثبتا. لأن هذا المرکب جزءه الاول و هو وجود الحکم الانشائی ثبت بالاستصحاب أو نفی بالاستصحاب، و الجزء الثانی و هو وجود الموضوع محرز بالوجدان.

لکن السید السیستانی یقول: سیظهر لک بطلان هذا الاحتمال الثانی، و إن کان علی فرض ثبوته یرتفع اشکال المثبتیة.

الاحتمال الثالث: و هو ما یختاره نفس السید السیستانی. یقول: نذکر مقدمة لبیان و تقریب هذا الاحتمال الثالث. ما هی تلک المقدمة؟ یقول السید السیستانی: بعض الاعراض یکون ظرف عروضها و اتصافها الخارج، کالبیاض. الثلج ابیض. ظرف عروض البیاض علی الثلج هو الخارج و ظرف الاتصاف به ایضا هو الخارج. الجسم الخارجی الثلج معروض للبیاض و متصف به.

ولکن بعض آخر من الاعراض یختلف ظرف عروضها عن ظرف اتصافها، کالابوة. المتصف بالابوة من هو؟ جنابک، وجودک الخارجی. لکن هذا الوصف موجود فی الخارج؟ هل أنت بعد ما ولد ولدک تحس بثقل فی جسمک و تقول لماذا صار وزنی ثقیل فیقال لک لأنه عرض علیک وصف الابوة فی الخارج؟! لا. فالابوة ظرف عروضها للأب الذهن ولکن الذی یتصف بالابوة من هو؟ هذا الموجود الخارجی.

و هکذا یمثل بالعلم، أنت اذا علمت بمجیء زید غدا، ظرف عروض الخارج و هو مجیء زید غدا بکونه معلوما هو الذهن، و الا مجیء زید فی الخارج لا یکون مثل الثلج ابیض حیث علم به و اذا لم یعلم به یکون اسوادا، لیس هکذا. و لکن المتصف بکونه معلوما هو الخارج. مجیء زید خارجا هو المعلوم، لکن وصف العلم لا یعرض علی الموجود الخارجی فی الخارج و إنما یعرضه فی الذهن. و هکذا مثال الانسان ممکن، الانسان فی الخارج هذا ممکن، لکن الامکان لا یعرض الموجود فی الخارج. الامکان وصف ذهنی.

الوصف الذهنی الذی یکون الموصوف به فی الخارج یسمی بأن ظرف العروض الذهن و ظرف الاتصاف هو الخارج.

أنت تحب ابنک، ظرف عروض الحب لابنک هو الذهن، الحب لیس شیئا خارجیا، إذا اعطیته فلوسا، قلت تعال وخذ هذه الورقة، اذا یأخذ منک هذا الورقة نعم هذا فی الخارج، اما محبتک له ظرف عروض الحب لهذا الولد ذهنک، لکن من الذی یتصف بأنه محبوب؟ هو ابنک. الکل یشیرون الیه و یقولون هذا کم یکون محبوبا عندک ابیه، و ابیه کم یحبه.

یقول السید السیستانی: هذا هو الذی یسمی فی الفلسفة بالمعقول الثانی.

ثم بعد هذه المقدمة تعرض للنتیجة. قال شوفوا: المستطیع تجب علیه العمرة، وجوب العمرة یعرض فی ذهن المولی لهذا العنوان الکلی و هو عنوان المستطیع، و لکن المتصف بمن وجب علیه العمرة هو من هو؟ هو هذا المستطیع الخارجی. هذا المستطیع الخارجی یکون متصفا بأنه وجب علیه العمرة و لکن المعروض لوصف الوجوب هو عنوان المستطیع الذی فی ذهن المولی.

فإذن وجوب العمرة صار له ارتباط بعنوان المستطیع فی ذهن المولی و وجود المستطیع فی الخارج. ارتباط وجوب العمرة بعنوان المستطیع فی ذهن المولی من باب ارتباط الوصف بمعروضه. و ارتباط وجوب العمرة بهذا المستطیع الخارجی بعد وجوده من باب ارتباط الوصف بموصوفه الخارجی.

و ذاک الارتباط الاول لیس له بقاء. فی لحظة یتصور المولی المستطیع و یقول تجب علیه العمرة. ثم قد ینسی هذا المولی. لأن المقنن العرفی یکون ینسی، یذهل و یزول عن ذهنه، فینسی. و ما له حدوث و بقاء فی وجوب العمرة هو هذا المستطیع الخارجی، یتصف بأنه تجب علیه العمرة و یبقی متصفا بأنه تجب علیه العمرة الی أن یذهب الی العمرة. بلحاظ ارتباط الحکم بالخارج یکون للحکم حدوث و بقاء، و یکون الموضوع للتنجز و التعذر.

و الا فی ذهن المولی یوجد عنوان المستطیع، و عرض علیه وجوب العمرة و لا فی الخارج مستطیع واحد لأن الناس فقُر، مثلا یکون مشاکل اقتصادیة عالمیة أو غیر عالمیة و الناس صاروا فُقُر، خب ما عندهم فلوس، بقی ذهن المولی مشغولا بأن المستطیع تجب علیه العمرة. خب ما کو مستطیع. یکون تنجز و تعذر؟ لا، لا یکون. فالموضوع للتنجز و التعذر هو حیث ارتباط وجوب العمرة بالمستطیع الخارجی.

یقول أنت اذا اجریت الاصل فی الحکم الملحوظ ارتباطه بعنوان المستطیع فی ذهن المولی و أردت به تنقیح حال هذا الحکم بلحاظ ارتباطه بالمستطیع الخارجی هذا یکون من الاصل المثبت. لأن فی هذا الحکم حیثیتین، تجری الاستصحاب بلحاظ الحیثیة الاولی و هی ارتباطیة هذا الحکم بعنوان المستطیع فی ذهن المولی و ترید اثبات الحیثیة الثانیة و هی حیثیة ارتباط الحکم بالمستطیع الخارجی. هذا یکون من الاصل المثبت.

ولأجل ذلک السید السیستانی یقول: عوفوا الاستصحاب فی الجعل و لا تتکلموا عنه. الاستصحاب إنما یجری فی المجعول.

و لهذا التزم بأن ما ذکره السید الخوئی من أن استصحاب عدم جعل الزائد یعارض استصحاب المجعول قال استصحاب عدم الجعل لا اثر له. لو جری لأجل تنقیح حال المجعول یکون من الاصل المثبت. و نعم ما یقول المحقق النائینی من أن الاستصحاب فی الجعل اصل مثبت تجری لتنقیح حال المجعول.

هذا محصل کلام السید السیستانی ادام الله ظله. تأملوا فی کلمات السید السیستانی شوفوا هل یکون ملاحظات علی کلامه أم لا؟ ان شاءالله نتکلم عن ذلک فی لیلة الاثنین ان شاءالله.