الدرس 59-264
السبت – 10 رجب الاصب 46
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
الرابع ممن رخص له في الافطار الحامل المقرب التي يضرها الصوم أو يضر حملها فانها يجوز لها الافطار مع اعطاء الكفارة بدل كل يوم.
هنا جهات من البحث:
الجهة الاولی: ان الحامل المقرب و هي الحامل في الشهر الثامن أو التاسع ورد في الرواية انه يجوز لها الافطار ففي صحيحة محمد بن مسلم سمعت اباجعفر عليه السلام يقول الحامل المقرب و المرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما ان تفطرا في شهر رمضان لانهما لا تطيقان الصوم و عليهما التصدق لكل يوم بمد من طعام و عليهما القضاء.
الحامل المقرب هل يجوز لها الافطار أو يجب عليها الافطار؟
اذا اضر الصوم بها اضرارا محرما يجب عليها الافطار و الا فيجوز. هكذا ذكر السيد السيستاني.
لكن يمكن ان يقال بانه اذا كان الصوم يضر بها فيستفاد من قوله تعالی و من كان مريضا أو علی سفر فعدة من ايام أخر ان المريض لا يشرع في حقه الصوم و المراد من المريض بمناسبة الحكم و الموضوع من يضر به الصوم فالحامل التي يضر بها الصوم يستفاد حكمها من نفس الآية الكريمة بمناسبة الحكم و الموضوع فلا يجوز لها الصوم اذا خافت من ضرر معتد به علی نفسها و لو لم يكن الضرر ضررا محرما فكيف بما اذا خافت من ضرر علی حملها فانه يحرم من باب حرمة الاضرار بالغير.
المطلب الثاني: ذكر السيد الخوئي انه يمكن استفادة حكم الحامل المقرب من العمومات و لا نحتاج الی دليل خاص فانه لو كان الصوم يضر بها فيستفاد حكمها من حكم المريض لاننا قلنا ان نكتة الافطار في حق المريض ان الصوم يضر به و لو ان شخصا ما به شيء ابد لكن اذا صام يتمرض لا يجوز له ان يصوم. هذه الحامل لو صامت يضر بها الصوم لا يجوز لها ان تصوم و عليها القضاء و من كان مريضا فعدة من ايام أخر. و اما الحامل التي يضر الصوم بحملها فمن باب التزاحم بين وجوب الصوم و وجوب حفظ النفس المحترمة أو حرمة الاضرار بالغير يجب علی هذه الحامل ان تفطر لاهمية حق الناس. و لكن المهم ان صحيحة محمد بن مسلم دلت بوضوح علی حكم الحامل المقرب.
ما هي خصوصية الحامل المقرب؟ خصوصيتها ان الحامل غير المقرب لو خافت علی نفسها أو علی ولدها من الصوم تفطر من دون كفارة يعني الحامل غير المقرب امرها اسهل من الحامل المقرب، الحامل غير المقرب افرض استوی حملت لم يمض علی حملها الا اشهر قليلا تخاف الصوم اذا تصوم يضر بها أو يضر بولدها و لكن ليست حامل مقرب، تفطر و لا كفارة عليها و تقضي بعد ذلك نعم اذا لم تقضي الی ان جاءت سنة اخری فمن باب تاخير القضاء تعطي الكفارة بينما ان الحامل المقرب تفطر اذا اضر الصوم بها أو بولدها و يكون تدفع كفارة حتی لو صامت صوم القضاء قبل حلول السنة الاخری. احكام تعبدية اشمدرينا، لعل غلبة مشكلة في الحامل المقرب جعل الشارع يفرض عليها كفارة.
المطلب الثالث: هل يثبت قضاء علی الحامل المقرب التي افطرت كما هو المشهور أو لا كما نسب الی سلار في المراسم و والد الصدوق انه لا يجب عليها القضاء. المشهور قالوا يجب عليها القضاء لان صحيحة محمد بن مسلم ورد في ذيلها الامر بالقضاء. ماذا يقول سلار و ابن بابويه بالنسبة الی صحيحة محمد بن مسلم هذه؟ هذا لا يختص بهما شاركها في ذلك بعض الآخرون من الفقهاء. قد يقال بان منشأ كلامهم طبق علی الحامل المقرب قوله تعالیو علی الذين يطيقونه فدية طعام مسكين. لكن هذا مو صحيح، متي طبق عليها قوله تعالی و علی الذين يطيقونه فدية طعام مسكين. بالعكس، صحيحة محمد بن مسلم التي قرأناها تقول الحامل المقرب و المرضة قليلة اللبن لا حرج عليهما ان تفطرا في شهر رمضان لانهما لا تطيقان الصوم اين هذا من قوله تعالی و علی الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، مضافا الی ان ذيل هذه الصحيحة يصرح بان عليهما القضاء، و عليهما قضاء كل يوم من افطرتا فيه، تقضيانه بعدُ.
السيد الخوئي يقول لعل مستندهم رواية ابن مسكان عن محمد بن جعفر قال قلت لابي الحسن عليه السلام ان امرأتي جعلت علی نفسها صوم شهرين فوضعت ولدها و ادركها الحبل فلم تقوي علی الصوم قال فلتتصدق مكان كل يوم بمد علی مسكين، لم يأمر الامام عليه السلام بالقضاء في هذه الرواية. و لكن اولا: هذه الرواية ضعيفة سندا لان ابن مسكان روی عن محمد بن جعفر، من هو هذا محمد بن جعفر؟ رجل مجهول. نعم اك محمد بن جعفر الاشعري و ليس في طبقة مشايخه ابن مسكان.
و ثانيا: هذه الرواية واردة في نذر الصوم، جعلت علی نفسها صوم شهرين. هنا الامام قال تتصدق و لم يأمرها بالقضاء. شنو علاقة بقضاء صوم شهر رمضان؟
فاذن لا ينبغي الاشكال في ان الحامل المقرب اذا افطرت فيجب عليها القضاء بعد ذلك.
المطلب الاخير و هو المهم: المشهور قالوا بانه لا فرق في وجوب الكفارة علی الحامل المقرب التي افطرت بين ان تخاف من ضرر علی نفسها أو تخاف من ضرر علی ولدها. شوفوا! السيد السيستاني ذكر في رسالته العملية انه لا فرق في وجوب الكفارة علي الحامل المقرب بينما لو خافت من الصوم علی نفسها و بين ما لو خافت من الصوم علی حملها.
لكن السيد الخوئي قال: الصحيح ما قاله الشهيد الثاني في المسالك و نسبه الی المشهور من انه اذا خافت الحامل المقرب علی نفسها فلا يجب عليها الكفارة لانها بحكم المريض، تختص الكفارة بما لو افطرت الحامل المقرب خوفا علی ولدها. السيد الخوئي قال: هذا هو الصحيح، هذا هو الفقيه يعني لسان حال من السيد الخوئي، طبعا الشهيد الثاني رجل كبير و ان هجم عليه سبطه صاحب المدارك قال ليش الشارح، ما يعبر عن جده جدي يقول الشارح لان المسالك شرح الشرائع، قال الشارح لماذا نسب الی المشهور التفصيل في وجوب الكفارة، لا، هذه النسبة مو صحيحة. السيد الخوئي يقول: لا، كلام الشهيد الثاني في المسالك صحيح. لماذا؟ يقول السيد الخوئي: اولا: نفس ان صحيحة محمد بن مسلم الدالة علي الكفارة علي الحامل المقرب قيّدت الحكم بالحامل المقرب هذا التقييد ظاهر فيما ذكرناه، اذا كانت الكفارة واجبة علی الحامل الذي تفطر مطلقا سواء خافت من الضرر علی نفسها أو علی ولدها فما هي خصوصية الحامل المقرب حتی الحامل غير المقرب، اذا خافت علی نفسها تفطر.
هذا الكلام من السيد الخوئي لا يخلو عن غرابة. يا سيدنا! وجه ذكر الحامل المقرب انها تختص بحكم و هو انها اذا افطرت فيجب عليها الكفارة دون الحامل غير المقرب فانها لو افطرت لخوف من الضرر علی نفسها أو علی ولدها لا يثبت في حقها الكفارة. و لعله لاجل ان الحامل المقرب في معرض الابتلاء بضرر الصوم بحالها أو بحال ولدها.
المهم هو المطلب الثاني للسيد الخوئي. يقول السيد الخوئي لو فرضنا ان صحيحة محمد بن مسلم مطلقة، الحامل المقرب تتصدق، ميخالف، افرضوا ان هذه الصحيحة مطلقة تشمل الحامل المقرب التي يضر بنفسها الصوم، الحامل المقرب و المرضع القليلة اللبن لا حرج عليها ان تفطرا في شهر رمضان لانها لا تطيقان الصوم و يتصدقان لكل يوم بمد من طعام، فلنفرض ان هذه الصحيحة باطلاقها تدل علی وجوب الكفارة علی الحامل المقرب التي افطرت لاضرار الصوم بنفسها لكن اطلاق الآية يقول و من كان مريضا أو علی سفر فعدة من ايام أخر و علی الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، يعني المريض ليس عليه شيء الا القضاء، هذا هو معنی الآية، المريض ليس عليه شيء الا القضاء يعني كل كفارة ما عليه الا اذا استمر المرض الی السنة القادمة ذاك بحث آخر لا قضاء عليه بل عليه الكفارة، اما المريض الذي يبرأ من مرضه خلال السنة ليس عليه الا القضاء، هذا الحامل المقرب التي يضر الصوم بنفسها ملحقة بالمريض المريض هو الذي يضر به الصوم فهذه الحامل المقرب يضر بها الصوم فالآية باطلاقها تقول ليس عليها الا القضاء فصارت النسبة بين الآية و بين هذه الصحيحة عموم و خصوص من وجه، اطلاق الآية يقتضي ان لا يجب علی الحامل المقرب التي يضر الصوم بنفسها، اطلاق الآية يقتضي ان لا يكون عليها الا القضاء دون الكفارة و اطلاق صحيحة محمد بن مسلم يقتضي ثبوت الكفارة عليهما كما تثبت الكفارة علي الحامل المقرب التي يضر الصوم بولدها و بعد تعارضهما و تساقطهما نرجع الی البراءة عن وجوب الكفارة.
هذا مطلب السيد الخوئي و بذلك فصّل بين الحامل المقرب التي يضر بها الصوم فلا يجب عليها الا القضاء دون الكفارة، فصّل بينها و بين الحامل المقرب التي يضر الصوم بولدها فعليها مضافا الی القضاء الكفارة. هل هذا المطلب للسيد الخوئي صحيح ام لا، يأتي الكلام عنه في الليلة القادمة ان شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين.