الدرس 57-262
الإثنين – 5 رجب الاصب 46
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في التفصيل في وجوب الكفارة علی الشيخ الكبير بين الشيخ الكبير الذي لا يقدر علی الصوم و بين الشيخ الكبير الذي يشق عليه الصوم حيث ذكر جماعة منهم السيد الحكيم و السيد الخوئي ان الشيخ الكبير الذي لا يقدر علی الصوم لا يجب عليه الكفارة و انما تجب الكفارة علي الشيخ الكبير الذي يشق عليه الصوم.
نحن قلنا بان الصحيح هو وجوب الكفارة علی كليهما. استدلنا بصحيحة ابن سنان: عن رجل كبير ضعف عن صوم شهر رمضان قال يتصدق كل يوم بما يجزئ من طعام مسكين و قلنا بان الضعف عن الشيء يعني العجز عن الشيء سواء كان عجزا عرفيا أو عجزا عقليا.
و من الغريب ان السيد الخوئي مضافا الی ما ادعاه من الضعف عن الشيء بمعنی ان يكون شاقا عليه و حرجيا عليه قال يوجد شاهد في ذيل هذه الصحيحة في ان الامام اشار الی الآية الكريمة و علی الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، لانه كان حسب المتعارف المتناسب ان يقول و يتصدق كل يوم بمد علی مسكين، قال يتصدق كل يوم بما يجزئ من طعام مسكين اشارة الی قوله تعالی فدية طعام مسكين و حيث ان الآية مختصة بالشيخ الكبير الذي يشق عليه الصوم علی الذين يطيقونه اي يشق عليهم، فهذه الرواية ايضا تختص بالشيخ الكبير الذي يشق عليه الصوم.
انا ما افهم مجرد التعبير بطعام مسكين و لو كان مأخوذا من الآية الكريمة هل يعني ان الامام يريد ان يقول بان هذا الحكم مختص بمن يشق عليه الصوم دون من عجز عن الصوم؟ هذا تكلف جدا.
و اما السيد الحكيم انا لا ينقضي تعجبي من السيد الحكيم مع كمال احترامي له، هنا ليش غفل عن شيء، انا اذكر لكم مثالا ثم اطبّقه علی المقام، اذا ورد في خطاب احب ان تكرم العالم، ورد في خطاب آخر اكرم العالم و ورد في خطاب ثالث اكرم العالم العادل و ورد في خطاب رابع اكرم العالم الفاسق، ماذا تصنعون؟ ألا يقال بان احب ان تكرم العالم قرينة علی حمل الامر في كل من تلك الخطابات الثلاثة علی الاستحباب؟ ان كان هناك بس خطاب اكرم العالم العادل و اكرم العالم و احب ان تكرم العالم، قد يقال بانقلاب النسبة، يقال بان احب اكرام العالم يقيد و يخصص بقوله اكرم العالم العادل فانه ظاهر في الوجوب و هو اخص مطلقا من احب اكرام العالم، ثم بعد ان حملنا احب اكرام العالم علی اكرام العالم الفاسق حيث قلنا بان اكرم العالم العادل ظاهر في الوجوب و نخصص خطاب الاستحباب بالنسبة الی العالم العادل فيكون مفاد خطاب احب اكرام العالم انه احب اكرام العالم الفاسق و بذلك نخرج العالم الفاسق عن ذاك العام الذي كان ظاهره وجوب اكرام العالم مطلقا فيلزم منه التفصيل اكرام العالم العادل واجب و اكرام العالم الفاسق مستحب. لكن اذا وردنا خطاب رابع يقول اكرم العالم الفاسق، ماذا نصنع به؟ يعني الخطابان الخاصان مستوعبان لتمام موارد الخطاب العام، هنا الجمع العرفي يقتضي ان نقول احب اكرام العالم يقتضي هم كل من خطاب اكرم العالم و خطاب اكرم العالم العادل و خطاب اكرم العالم الفاسق علی الاستحباب.
نطبق ذلك علی المقام. السيد الحكيم يقول: يتصدق الشيخ الكبير احب الیّ في البداية ادعی انها خاص بالعاجز، ميخالف، قال هذا خاص بالعاجز و في العاجز قال يستحب اعطاء الكفارة و لا يجب، ميخالف، انا ما عندي شغل بهذا المطلب تكلمنا عنه سابقا، لكنه بعد ذلك و علی فرض عمومه لكل من العاجز و الذي يشق عليه الصوم فصحيحة ابن سنان ظاهرة في وجوب الكفارة علي من يشق عليه الصوم من ضعف عن الصوم يعطي كفارة، السيد الحكيم هم حمله علی من يشق عليه الصوم، فنخصص رواية ابراهيم الكرخي الدالة علی استحباب اعطاء الكفارة علي الشيخ الكبير بخصوص الشيخ الكبير الذي يشق عليه الصوم نقول بوجوب ذلك عليه. فيكون حديث ابراهيم الكرخي بعد ذلك مختصا بمن عجز عن الصوم، هو الذي يستحب في حقه ان يعطي الكفارة اما من ضعف عن الصوم اي شق عليه الصوم هو بمقتضی صحيحة ابن سنان يجب عليه اعطاء الكفارة و بعد ما صار حديث ابراهيم الكرخي اخص ما دل علی انه الشيخ الكبير يعطي الكفارة يخصص بهذا الحديث و هو حديث ابراهيم الكرخي المحمول علی ان من عجز عن الصوم يستحب في حقه الكفارة، نقول الشيخ الكبير يعطي الكفارة الا من عجز عن الصوم فانه يستحب ان يعطي الكفارة و لا يجب عليه.
نقول يا سيدنا الحكيم! انت ذكرت رواية علی بن ابي حمزة البطائني عن ابي بصير و قلت انها مختصة بالعاجز و تدل علی ان العاجز الشيخ الكبير العاجز عن الصوم يعطي الكفارة، فصار هناك اربع روايات، رواية ابراهيم الكرخي تقول احب الیّ ان يعطي الكفارة الشيخ الكبير هذا دال علی الاستحباب، صحيحة محمد بن مسلم تقول الشيخ الكبير مامور باعطاء الكفارة و هناك خطابان خاصان احدهما يقول الذي يشق عليه الصوم من الشيخ الكبير مامور باعطاءالكفارة و الخطاب الآخر يقول الشيخ الكبير الذي يعجز عن الصوم مامور باعطاء الكفارة. فبالضبط يصير مثل ذاك المثال الذي ذكرت لكم. و علی هذا لابد ان تحملوا كل امر ورد بالنسبة الی الشيخ الكبير انه يعطي الكفارة علي الاستحباب لاجل رواية ابراهيم الكرخي.
فالمهم ما ذكرناه من ان رواية ابراهيم الكرخي حيث انها واردة في مجال المجاملة مع العامة حيث ان مالك ما كان يری وجوب الكفارة فلا يستفاد منها الاستحباب بحيث يهدم ظهور سائر الخطابات في الوجوب.
ثم بعد ذلك يقع الكلام في ان الواجب اعطاء مد من الطعام علی الشيخ الكبير لكل يوم افطر أو اعطاء مدين. يقول صاحب العروة و يجب علی الشيخ الكبير في صورة التعسر بل التعذر التكفير لكل يوم بمد من طعام و الاحوط مدان.
بعض الروايات امرت باعطاء مد بدل كل يوم، كما في صحيحة محمد بن مسلم و بعض الروايات امرت باعطاء مدين كما في صحيحة اخری لمحمد بن مسلم، السيد الخوئي حيث ادعی انهما رواية واحدة كما مر بيان كلامه فهو مرتاح لان الرواية تصير مجملة لان احد النقلين يختلف عن النقل الآخر عن رواية واحدة فنرجع الی الاصل العملي و مقتضی الاصل العملي البراءة عن وجوب اكثر من مد و لكن لو بنينا علی انهما روايتان كما هو الصحيح، ماذا نصنع؟ الشيخ الطوسي قال نحمل الامر بمد علی من عجز عن اعطاء المدين و لكنكم ترون انه ليس من الجمع العرفي في شيء، خطاب يقول الشيخ الكبير يتصدق بمدين خطاب آخر يقول الشيخ الكبير يتصدق بمد هذا جمع تبرعي ان نقول بان الامر باعطاء مدين محمول علی من تمكن من اعطاء المدين و من لا يتمكن من اعطاءالمدين فهو مامور باعطاء مد واحد، هذا جمع تبرعي. لان ظاهر الخطابات بيان الوظيفة الاولية لا الوظيفة الثانية عند الضرورة فكيف نحمل الامر باعطاء المد علی فرض الضرورة و عدم تيسر اعطاء المدين. فالصحيح هو ما هو واضح لدی العرف من حمل الامر باعطاء المدين علی الاستحباب. نعم لاجل انه يحتمل واقعا لزوم اعطاء المدين فصاحب العروة احتاط استحبابا في اعطاء المدين لكل يوم يفطر فيه الشيخ الكبير.
المطلب الآخر و هو انه هل يجب علی الشيخ الكبير اعطاء مد من حنطة أو يكفي اعطاء مد من طعام، اي شيء كان؟ ماكارونيا أو اي شيء آخر. مقتضی الاطلاق كفاية اعطاء مد من طعام، كلما صدق عليه انه طعام اي يشبع البطن و يكتفی به في الاشباع. فما هو الموجب لطرح ان الاحوط اعطاء مد من الحنطة، ذلك لاجل رواية عبدالملك بن عتبة الهاشمي قال سألت ابالحسن عليه السلام عن الشيخ الكبير و العجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان قال يتصدق عن كل يوم بمد من حنطة.
هذه الرواية عبّر عنها صاحب المدارك و حتی السيد الحكيم في المستمسك بصحيحة عبدالملك بن عتبة الهاشمي و بناءا علی كون هذه الرواية صحيحة فقد يقال بان اللازم حمل المطلق علی المقيد، اعطاء مد من الطعام لابد ان يحمل علی اعطاء مد من الطعام المتعارف و هو الحنطة. و لكن المهم ان الرواية ضعيفة سندا، لماذا؟ لان عبدالملك بن عتبة الهاشمي لم يوثق. و الذي وثق هو عبدالملك بن عتبة النخعي الصيرفي، يقول النجاشي عبدالملك بن عتبة الهاشمي ليس له كتاب و الكتاب الذي ينسب الی عبدالملك بن عتبة هو لعبدالملك بن عتبة النخعي صيريفي كوفي ثقة، روی عن ابي عبدالله و ابي الحسن عليهما السلام له هذا الكتاب. هذا التوثيق لعبدالملك بن عتبة النخعي. هذا الذي ذكره من ان عبدالملك بن عتبة الهاشمي ليس له كتاب تعريض بالشيخ لان الشيخ الطوسي قال عبدالملك بن عتبة الهاشمي له كتاب النجاشي يقول ليس له كتاب. فاذن عبدالملك بن عتبة الهاشمي لم تثبت وثاقته. حيث ان الراوي عن عبدالملك بن عتبة الهاشمي هو علی بن الحكم فكل ما كان الراوي علی بن حكم فهذا قرينة علی ان عبدالملك بن عتبة هو الهاشمي و هو غير موثق، و اما اذا لم يكن الراوي عنه علی بن الحكم و لم يذكر انه الهاشمي أو النخعي فالسيد الخوئي يقول ينصرف اطلاق العنوان الی من له كتاب، هذا مبنی للسيد الخوئي في انه اذا اشترك الرجلان في اسم و احدهما صاحب كتاب و الآخر ليس صاحب كتاب فصاحب الكتاب هو المشهور فينصرف الاطلاق اليه، لو فرضنا ان هذا تمام لكن لا يرتبط بالمقام لان هنا الامر واضح علی بن الحكم يروي عن عبدالملك بن عتبة الهاشمي فالسند ضعيف و لكن لا بأس بالاحتياط الاستحبابي في اعطاء مد من الحنطة علی الشيخ الكبير.
و اما المد اشگد، تكلمنا عنه، المشهور يقولون ثلاثة ارباع كيلو، السيد الزنجاني قال تقريبا 900 كيلو و هو الاحوط كما مر بيانه تفصيلا.
ثم ان صاحب العروة ذكر انه لو تمكن الشيخ الكبير من القضاء بعد شهر رمضان يجب عليه القضاء.
تكلمنا عن ذلك و قلنا بانه لا دليل عليه.
هنا ذكر السيد الحكيم في المستمسك رواية رواها عن كتاب النوادر قال ان كان من مرض فاذا برئ فليصمه و ان كان من كبر أو عطش فبدل كل يوم مد فقال السيد الحكيم التقسيم قاطع للشركة، الافطار ان كان من مرض فيقضي بعد ما يبرأ من مرضه و ان كان من كبر أو عطش فيعطي لكل يوم مد من طعام، ما قال و يقضي. يا ليت هؤلاء الاعلام راجعوا المصدر الاصلي و انا قلت لكم مرارا لا تعتمدوا علی نقل صاحب الوسائل مع كمال احترامنا له لكن هو يقطع الروايات و قد يكون ما يقطعه مخلا بالظهور. انا اقرأ الرواية من كتاب النوادر، صفحة 70: فضالة عن داود بن فرقد عن اخيه قال كتب الیّ حفص الاعور سل اباعبدالله عليه السلام عن بدل الصيام ثلاثة ايام من كل شهر، شخص نذر ان يصوم كل شهر ثلاثة ايام أو لا، يستحب صوم ثلاثة ايام من كل شهر، فقال ابوعبدالله عليه السلام من مرض أو كبر أو عطش، فقال ما سمي شيء، ما ذكر تفصيل المطلب، فقال عليه السلام ان كان من مرض فاذا برئ من مرضه فليصمه و ان كان من كبر أو عطش فبدل كل يوم مد. هذا لا علاقة بافطار شهر رمضان. قال بدل الصيام ثلاثة ايام من كل شهر، شنو علاقة بصوم شهر رمضان.
هنا بعد ما فرغنا عن الكلام حول الشيخ الكبير و الشيخة الكبيرة و انهما اذا كان الصوم عليهما حرجيا يفطران و اختلافهما عن غيرهما ممن يكون الصوم عليه حرجيا هو ذي مطلبين: المطلب الاول ان من وقع في حرج اتفاقي فالاحوط ان يفطر بمقدار الضرورة لا اكثر، بخلاف الشيخ الكبير فانه اذا شق عليه الصوم يفطر من اول الصبح و يأكل كل ما يشتهي، و الثاني انه بناءا علی ما اخترناه الشيخ الكبير أو الشيخة الكبيرة اذا قدرا علی القضاء لا يجب عليهما القضاء بعد شهر رمضان بخلاف من وقع في حرج اتفاقي كالخباز الذي في ايام الصيف ماكو چاره يكون يروح و يطبخ الخبز و يحس بحرج شديد من ناحية الصوم فانه يجب عليه القضاء في وقت آخر. و ما ذكره السيد الزنجاني من ان المايز بين الشيخ الكبير و الشيخة الكبيرة و بينهما ان الاقل من الحرج يكون رافعا لوجوب الصوم عنهما مطلق المشقة الزائدة علی المتعارف لم يثبت لنا ذلك. كما ان ظاهر المشهور هو ما ذكرناه من ان الرافع لوجوب الصوم عن الشيخ الكبير و نحوه هو الحرج، المشقة الشديدة التي لا تتحمل عادة.
ثم انه قد يقال بان الشيخ الكبير و الشيخة الكبيرة و ذا العطاش امثلة عرفية لمن لا يطيق الصوم. الآية مطلقة : و علی الذين يطيقونه فدية طعام مسكين هذا يشمل الصبي، ابنية استوی بلغت تصوم في شهر رمضان حرج عليها، لماذا لا ندرجها في هذه الآية الكريمة و نقول حسب ما قلناه لا يجب عليها القضاء بعد ذلك؟
انا اقول الذي كان مثل السيد الخوئي الذي فسر هذه الآية بانه يراد به من يتمكن من الصوم مع مشقة هذا ما افاده السيد الخوئي وفاقا للعلامة الحلي و وافقه السيد الطباطبائي في تفسير الميزان نقول لماذا لا تتمسكون بهذه الآية الكريمة بالنسبة الي الصبي الذي يتمكن من الصوم مع مشقة و علی الذين يطيقونه فدية طعام مسكين لكن لماذا نحن لا نتمسك بذلك؟ لاننا رأينا ان الآية مجملة، مو معلوم ان المراد من قوله يطيقون اي يتمكنون مع مشقة. فهناك كانت احتمالات اخری و الرواية المرسلة لابن بكير ايّدت الاحتمال الذي ذكره السدي احد المفسرين و علی الذين كانوا يطيقونه ثم عجزوا عنه هذا لا يشمل الصبي. فلاجل ذلك يشكل التمسك بهذه الآية الكريمة بناءا علی اجمال الآيه في حق الصبي الذي يشق عليه الصوم.
و بقية الكلام في الليلة القادمة ان شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين.