دانلود فایل صوتی 241231_1837 241231_1837
دانلود فایل خام 55-14460629 55-14460629

فهرست مطالب

فهرست مطالب

پخش صوت

241231_1837

الدرس: 55

الأستاذ: الشيخ محمد تقی الشهيدي

المبحث: البراءة الشرعیة

التاريخ: الثلثاء 29 جمادی الثانی 1446 ه.ق

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين و صلی الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين.

 

کان الکلام فی روایات حدیث الحل. تکلمنا عن روایة مسعدة. بقیت سائر الروایات:

الروایة الثانیة: مرسلة معاویة بن عمار: عن رجل من اصحابنا قال کنت عند ابی جعفر علیه السلام فسأله رجل عن الجبن، فقال ابوجعفر علیه السلام إنه لطعام یعجبنی، فسأخبرک عن الجبن و غیره کل شیء فیه الحلال و الحرام فهو لک حلال حتی تعرف الحرام فتدعه بعینه.

الروایة الثالثة: روایة عبدالله بن سنان عن عبدالله بن سلیمان قال سألت اباجعفر علیه السلام عن الجبن، فقال لقد سألتنی عن طعام یعجبنی ثم اعطی الغلام درهما فقال یا غلام ابتع لنا جبنا ثم دعا بالغداء فتغدینا معه فاُتی بالجبن (للغداء لا للریوق) فأکل و أکلنا فلما فرغنا من الغداء قلت: ما تقول فی الجبن؟ قال أو لم ترنی آکله؟ قلت بلی و لکنی احب أن اسمعه منک، فقال سأخبرک عن الجبن و غیره کلما کان فیه حلال وحرام فهو لک حلال حتی تعرف الحرام بعینه فتدعه.

الروایة الرابعة: روایة عبدالله بن سنان عن ابی عبدالله علیه السلام: کل شیء فیه حلال و حرام فهو لک حلال ابدا حتی تعرف الحرام منه بعینه فتدعه.

سند هذه الروایة بل سند الروایة الثالثة صحیحة.

الشیخ الانصاری استدل بصحیحة ابن سنان علی البراءة فی الشبهة الحکمیة و لم یستدل بروایة مسعدة. و لعله لأجل أنه یری اختصاصها بالشبهة الموضوعیة. بینما أن صاحب الکفایة استدل للبراءة فی الشبهة الحکمیة بروایة مسعدة و لم یذکر هاتین الروایتین. و لعله لأجل أنه یری اختصاص هاتین الروایتین بالشبهة الموضوعیة. فلنتأمل فی هاتین الروایتین، هل مختصتان بالشبهة الموضوعیة؟

الظاهر هو ذلک، لوجود لفظ بعینه فیها. و ذکرنا أن ظاهر هذا اللفظ هو الاحتراز عن العلم الاجمالی بوجود حرام فیما بین ایدی الناس. لأن هذه الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالی شبهة غیر محصورة، أو لااقل بعض اطرافها خارج عن محل الابتلاء. أنت ما تقدر تأکل کل الأجبان الذی فی السوق. و عادتا الناس کانوا مبتلین بالعلم الاجمالی فی الشبهات الموضوعیة. و هذا مما یصلح للقرینیة علی انصراف صحیحة ابن سنان و ما شابهها الی الشبهات الموضوعیة.

السید الزنجانی انکر ذلک، قال لا، توجد شبهات مقرونة بالعلم الاجمالی فی الشبهات الحکمیة. مثلا أنت فی الشبهات المفهومیة تعلم بأن العالم المرتکب للکبیرة یحرم اکرامه مثلا و العالم المجتنب عن المعصیة مطلقا یجب اکرامه، العالم المرتکب للصغیرة شبهة مفهومیة للعالم الفاسق، فیشک فی أنه ما هو حکمه هل یحرم اکرامه أو لا. فأی اشکال فی أن یقول الامام: کل شیء فیه حلال و هو اکرام العالم العادل و حرام و هو اکرام العالم الفاسق فهو لک حلال حتی تعرف الحرام منه بعینه.

أنا اقول: نحن لا نتکلم عن فرض ممکن حتی یصوروا لنا فرض علم اجمالی فی الشبهات الحکمیة. نحن نقول: الابتلاء العام بالعلم الاجمالی فی الشبهات الموضوعیة دون الشبهات الحکمیة بعد الفحص مما یجعل لفظ بعینه الذی جیء به للاحتراز عن العلم الاجمالی ظاهرا فی النظر الی الشبهات الموضوعیة.

القرینة الثانیة: ظاهر قوله علیه السلام کل شیء فیه حلال و حرام هو أن منشأ الشک انقسام الشیء الی الحلال و الحرام. مثلا الجبن له فی السوق قسم حرام، و هو الجبن المتأخذ من النجس، و قسم حلال، و هو الجبن المتخذ من الطاهر. انقسام الجبن فی السوق الی هذین القسمین جعلنا نشک فی أن هذا الجبن الذی اشتریناه من القسم الحلال أو من القسم الحرام، فیقال هو لک حلال.

و اما فی الشبهات الحکمیة مثل الشک فی حلیة لحم الارنب هل انقسام اللحم الی الحرام وهو لحم الخنزیر و الحلال و هو لحم الشاة جعلنا نشک فی حلیة لحم الارنب و حرمته؟ لا. لو لم نعلم بوجود قسم حرام فی اللحم مع ذلک کنا نشک فی حلیة لحم الارنب و حرمته.

ظاهر صحیحة ابن سنان أن منشأ الشک فی الحلیة و الحرمة فی شیء هو اشتمال الشیء علی الحلال و الحرام، و هذا جعلنا نشک فی حلیة هذا الجبن الذی اشتریناه. و هذا یختص عادتا بالشبهات الموضوعیة. و الا فی الشبهات الحکمیة نحن نشک فی حلیة شرب التتن و حلیة التدخین أو حرمته، هل منشأ الشک فی حلیة التدخین و حرمته انقسام طبیعة الی قسم حلال و قسم حرام؟ لا. یعنی لو لم نعلم بانقسام الطبیعة الی قسم حلال و حرام مع ذلک نشک فی أن التدخین هل هو حلال أو حرام.

فإذن الظاهر عندنا اختصاص هذه الروایات التی یعبر عنها بحدیث الحل بالشبهات الموضوعیة.

ثم إنه هل هذه الروایات مختصة بالشبهات التحریمیة أو تشمل الشبهات الوجوبیة؟

صاحب الکفایة قال: یمکن تعمیم هذه الروایات الی الشبهات الوجوبیة، إما لعدم احتمال الفصل، لا یوجد من یقول بالبراءة فی الشبهات الحکمیة التحریمیة و لکن لم یقل بالبراءة فی الشبهات الوجوبیة الحکمیة. لأن المشهور فی الاخباریین هو لزوم الاحتیاط فی الشبهات الحکمیة التحریمیة و البراءة فی الشبهات الحکمیة الوجوبیة. فإذا دل الدلیل علی جریان البراءة فی الشبهات الحکمیة التحریمیة یعنی کسر ذقن الموقف الاخباری و ابطل کلامه، لأنه یرکز علی الشبهة الحکمیة التحریمیة و هذه الروایة تقول لا، تجری البراءة فی الشبهات التحریمیة. و لا أحد یقول بجریان فی الشبهات الحکمیة التحریمیة و لکنه یقول بوجوب الاحتیاط فی الشبهات الحکمیة الوجوبیة. لا أحد یقول بذلک. نعم مشهوریین الاخباریین فی الشبهات الوجوبیة الحکمیة یجرون البراءة ویحتاطون فی الشبهات الحکمیة التحریمیة دون العکس. فهذه الروایات کسرت موقف الاخباریین و ابطلت موقفهم فی لزوم الاحتیاط فی الشبهات الحکمیة التحریمیة. شوفوا کتاب الوسائل، هو ممن یؤکد علی جریان الاحتیاط فی الشبهات الحکمیة التحریمیة دون الشبهات الحکمیة الوجوبیة.

فصاحب الکفایة یتم کلامه. لو کان مفاد هذه الروایات البرائة فی الشبهات التحریمیة ولو کانت حکمیة، فبالالتزام نستکشف جریان البرائة فی الشبهات الوجوبیة الحکمیة بنکتة عدم احتمال الفرق بینهم و عدم الفصل.

إن قلت: لماذا أنتم لم تلتزموا بنکتة عدم الفصل فی بحث حجیة الاصل المثبت؟ خب تجرون قاعدة الفراغ لاثبات أن صلاتکم السابقة کانت عن وضوء و لکن لا تثبت لازم ذلک و هو بقاء وضوئکم للصلاة اللاحقة. بل تقولون لا، الاصل المثبت لیس بحجة. من باب عدم الفصل لا تقولون بحجیة مثبتات الاصل. البرائة فی الشبهات الحکمیة التحریمیة هل من الاصول العملیة أو من الامارات؟ من الاصول العملیة. فإذا تریدون تثبتون البراءة لأجل الملازمة فی الشبهات الحکمیة الوجوبیة فهذا یعنی حجیة مثبتات الاصل العملی.

نقول فی الجواب: قل للذی یدعی فی العلم فلسفة حفظت شیئا و غابت عنک اشیاء.

نحن نتمسک بلوازم هذه الروایات التی هی من الامارات. صحیحة ابن سنان امارة علی جریان البرائة فی الشبهة الحکمیة التحریمیة. لازم مفاد هذه الامارة جریان البرائة فی الشبهات الحکمیة الوجوبیة. فصار هذا من مثبتات الامارات. و هذا یختلف عما یقال من عدم حجیة مثبتات الاصول. هناک یقال لا یمکنم اثبات لوازم الواقع الذی جری فیه الاصل. بقاء الوضوء لازم واقع حدوث الوضوء للصلاة السابقة. لأنکم تدرون اذا توضأتم للصلاة السابقة وضوئکم باقی. فبقاء الوضوء لازم حدوث الوضوء للصلاة السابقة، و هذا مما لم یثبت بالامارة بل ثبت بالاصل. أین هذا من المقام حیث إن البراءة فی الشبهة الحکمیة التحریمیة ثبتت بالامارة أی بصحیحة ابن سنان. و نحن نتمسک بلوازم و مثبتات هذه الامارة لإثبات جریان البراءة فی الشبهات الحکمیة الوجوبیة.

الوجه الثانی الذی ذکره صاحب الکفایة لاثبات البراءة فی الشبهات الوجوبیة تمسکا بروایات الحل، قال: کل شیء هو لک حلال، الشیء یشمل ترک الواجب. انت تشک فی وجوب صلاة الغفیلة أو فی وجوب غسل الجمعة، ترک غسل الجمعة شیء لا تعلم أنه حلال أو حرام. فکل شیء لک حلال.

نقول: هذا الوجه الثانی لیس صحیحا. لا لأجل أن الامر بالشیء لا یقتضی النهی عن ضده ولو کان الضد هو الضد العام أی النقیض. فإن ترک الواجب حرام عرفی لا یلزم أن یکون حراما شرعیا بحرمة غیریة. لا، حرام عرفی. و ترکک الصلاة من الکبائر. حرام عرفی. حرام علیک تنام و لا تصلی. هکذا یعبرون. ترک الصلاة حرام عرفی. فنحن لا نستشکل علی التمسک بکل شیء لک حلال و تطبیق ذلک علی ترک الواجب عرفا. و لکن نقول الشیء أصلا یراد به العین الخارجیة. سأخبرک عن الجبن و غیره، کل شیء فیه حلال و حرام فهو لک حلال. أو فی روایة مسعدة و ذلک مثل الثوب، و ذلک مثل العبد، و ذلک مثل امرأة تحتک. فالشیء طبّقت فی هذه الروایة علی العین الخارجیة لا علی الافعال أو التروک.

الله یحفظ السید السیستانی کان کلام فی أن کل شیء لک حلال هل یدل علی الحلیة الوضعیة للشیء المشکوک کونه حراما وضعیا، اشکل السید الخوئی قال لا، کل شیء لک حلال یختص بالحلیة التکلیفیة، کل شیء لا تدری هل هو حلال تکلیفی أو حرام تکلیفی قل هذا حلال ان شاءالله تکلیفا و ارتکبه. اما اذا تشک أن هذا العقد الغرری مثلا حلال أو حرام وضعا أی صحیح أو فاسد، لا یمکن أن نقول کل شیء لک حلال وضعا یعنی صحیحا، والا لزم منه فقه جدید. هکذا یقول السید الخوئی. اذا نقول بأن قاعدة الحل کما تثبت الحلیة التکلیفیة للمشکوک، کذلک تثبت الحلیة الوضعیة أی الصحة للشیء المشکوک الصحة و الفساد. فإذن أین ذهبت اصالة الفساد؟ تبدلت الی اصالة الحل الوضعی أی اصالة الصحة فی الشبهات الحکمیة، فی صحة عقد أو ایقاع.

السید السیستانی اجاب عنه، قال: سیدنا الشی لا یراد منه العقد أو الایقاع. الشیء یعنی العین الخارجیة. اذا صدق علی العین الخارجیة أنه حرام وضعی ای مشکل فیه؟ اذا شککنا مثلا لبس اللباس المشکوک کونه مما حرم أکله، جائوا بجبة احتراما لکم ما تدرون هذه الجبة متخذة من صوف الحیوان المحرم الاکل أو لا صوف صناعی، بعضهم قال: هنا نتمسک بقاعدة الحل لاثبات حلیة الصلاة فی هذه الجبة. فهذه الحلیة حلیة تکلیفیة أو وضعیة؟ خب حلیة وضعیة بعد. لأن الصلاة فی الجبة المتخذة من حیوان المحرم الاکل لیس حراما تکلیفیا بحیث تعاقب علی ذلک. لا، هذه الصلاة تکون فاسدة.

السید السیستانی قال: لا تتمسکوا بقاعدة الحل لاثبات أن لبس هذه الجبة فی الصلاة حلال وضعی. لا. هذه الجبة حلال أی تحل الصلاة فیه. العرف یقول هذا الثوب حلال بقول مطلق، و اذا کان الثوب متخذا مما لا یؤکل لحمه یقول العرف هذا الثوب حرام أی لا تصح الصلاة فیه. لا مانع من تطبیق قاعدة الحل لاثبات الحلیة الوضعیة لهذه العین الخارجیة و هی هذا الثوب، هذه الجبة.

مثلا فی تلک المرأة التی تشک أنها اختک، ظاهرا أن السید السیستانی یقول نجری یقول نجری قاعدة الحل، نقول هذه المرأة حلال لک. شنو حلال لک؟ حلال لک وضعا. شنو حلال لک وضعا؟ یعنی یجوز لک وضعا أن تتزوج بها. واحلت لکم ما وراء ذلکم من نسائکم. حلال وضعی، لا یحتاج الی تقدیر. هذه الفتاة حلال لک. یعنی حلال لک بدون عقد زواج؟ یعنی تغمض عینک و تذهب عندها؟ لا، هذه الفتاة حلال لک أی حلال لک أن تتزوج منها. فإذا تشک أن هذه الفتاة اختک تقول کل شیء لک حلال، أی حلال وضعا و تکلیفا، هنا تکون هذه الفتاة حلال وضعا لک أی یحل لک الزواج معه. و هذا رأی السید الزنجانی.

و لکن نحن نوافق السیدین فی شیء و نخالفهما فی شیء آخر. نوافقهما فی أن المراد من الشیء العین الخارجیة بقرینة الأمثلة. و نخالفهما فی شیء آخر، و هو أننا نقول: لا یظهر من الحلیة اکثر من الحلیة التکلیفیة. اذا اضیفت الحلیة الی عبادة کالصلاة أو الی معاملة کالبیع تکون الحلیة ظاهرة فی الحلیة الوضعیة. اذا کان الوبر ذکیا حلت الصلاة فیه، أی وضعا، لأن المتعلق شنو؟ الصلاة کعبادة. أو أحل الله البیع، یعنی حلال وضعی. أما اذا اضیفت الحلیة الی مطلق الشیء لا یظهر منها اکثر من الحلیة التکلیفیة. أما الحلیة الوضعیة بمعنی الصحة و ترتب الاثر هذا مما یصعب استفادته من الروایات کما أکّد علیه السید الخوئی.

هذا تمام الکلام فی روایات الحل. یقع الکلام فی بقیة روایات البراءة فی لیلة الاثنین من الاسبوع القادم ان شاءالله تعالی.

والحمد لله رب العالمین.