الدرس 41-246
السبت – 5 جمادي الثانية 46
موضوع: التخيير في الاماكن
الاربعة/ التلازم بين اتمام الصلاة و الصوم و قصرها/ الكلام فيمن قدم من سفره قبل
الزوال/ شرائط وجوب الصوم
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن
الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله
الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في ان من قدم بلده قبل الزوال فقد دلت الروايات
علی انه يصوم، ان قدم بلده قبل الزوال صام. فهل المراد منه الوصول الی
حد الترخص أو ان المراد منه الوصول الی البلد و الدخول في البلد؟
ذكر صاحب العروة ان الظاهر كون المناط دخول البلد كما ان
المناط في الشروع في السفر بعد الزوال حيث لا يبطل به صومه ان يكون خروجه من البلد
بعد الزوال، لا ان يخرج من بلده قبل الزوال و ينتظر قبل وصوله الی حد الترخص
فاذا اذّن المؤذن يستمر في سفره، لا، اذا كان وقت الزوال في بلده ثم سافر فيتم
صومه و اذا رجع من سفره و دخل بلده قبل الزوال نوی الصوم اذا لم يكن ارتكب
المفطرات قبل ذلك. لكن لا يترك الاحتياط بالجمع اذا كان الشروع قبل الزوال و
الخروج عن حد الترخص بعده و كذا في العود اذا كان الوصول الی حد الترخص قبل
الزوال و الدخول في المنزل بعد الزوال.
هذا يعني ان السيد اليزدي صاحب العروة حينما يقول
"الظاهر" انه لا يفتي لانه بعد ذلك قال لكن لا يترك الاحتياط بالجمع أو انه
تأكدٌ في الاحتياط المستحب، كلامه مو واضح. قد يقال بان "الظاهر" فتوی
لكن لا يترك الاحتياط تاكد في الاحتياط الاستحبابي لكن رأيت في كلمات السيد اليزدي
يقول اولا لا يبعد ثم يحتاط وجوبا.
بعضهم علّق علی العروة قال هذا الاحتياط لا يترك كما
ورد في تعليقة المحقق النائيني كما احتاط السيد الگلپايگاني احتياطا وجوبيا. و رأيت
في كلمات السيد الميلاني قدس سره ان الشارع حدد بدأ السفر عرفا بالخروج عن حد
الترخص كما حدد القدوم من السفر بالوصول الی حد الترخص يعني اعتبار حد
الترخص ليس تخصيصا في الادلة بل هو تحديد للمفهوم العرفي للسفر. يعني اذا وصل
الی حد الترخص و كان قريبا من بلده فالعرف يتحير هل يقول هذا انقطع سفره أو بعده
هو مسافر، الشارع قطع النزاع قال هذا ليس بمسافر. و ليس ادعاءا من الشارع بل بيان
للمفهوم العرفي.
لكن هذا خلاف الظاهر فان العرف ليس مفهوم السفر عنده مبهما
حتی يحتاج الی التبيين من الشارع. اذا خرج من بلده و لو لم يصل
الی حد الترخص يقولون بدأ بالسفر، اذا رجع من سفره و دخل حد الترخص و لم يدخل
بلده بعد يقال لم ينقطع سفره، بعده هو مسافر الی ان يدخل بلده. و ظاهر ما
ورد في الصوم انه ان قدم بلده قبل الزوال صام و ان سافر بعد الزوال اتم، سافر يعني
بدأ سفره بعد الزوال. فاذن من خرج من بلده و يريد ان يصوم لابد ان يكون حين الاذان
داخلا بلده لا ملاصقا لحد البلد لا، داخل للبلد، بعضهم يقفون في الحد ما بين البلد
و الشارع و الطريق ملاصقين لبيوت بلدهم، لا، يكون تبقی داخلا للحد، مو في
رأس الحد، كما انك حينما تريد ان ترجع من سفرك و تصوم لابد ان تكون داخلا في حد
البلد. و من قدم بلده و شك انه هل قدم بلده قبل الزوال أو بعد الزوال فحن نقول لا يصح
صومه لان استصحاب عدم دخول الوقت، عدم تحقق الزوال الی ان قدم بلده لا يثبت
انه قدم بلده قبل الزوال فهذا اصل مثبت.
المسألة الثانية : قد عرفت
التلازم بين اتمام الصلاة و الصوم و قصرها و الافطار لكن يستثنی من ذلك
موارد احدها الاماكن الاربعة.
يقول صاحب العروة اك قاعدة مستفادة من الروايات كلما قصرت
افطرت و كلما افطرت قصرت. هذه قاعدة عامة نلتزم بعمومها الا في ثلاث موارد. هناك
مورد رابع بنی عليه المشهور فيمن سافر لاجل الصيد بغرض التجارة حيث قالوا
بانه يتم صلاته و لكنه يفطر صومه. لكن المشهور بين المتاخرين خلاف ذلك فان هذه
الفتوی للمشهور من المتقدمين لا مستند لها و خلاف الاطلاقات. فانحصر استثناء
الموارد من هذه القاعدة بثلاث: المورد الاول الاماكن الاربعة فان من كان في مكة او
المدينة و كان مسافرا لم ينو اقامة عشرة ايام يفطر تعيينا بينما انه بلحاظ صلاته
مخير بين القصر و التمام. و هكذا من كان في الكوفة أو كان عند قبر الحسين عليه
السلام.
حيث وصل الامر الی هذا البحث
لا بأس ان نتكلم حول التخيير في الاماكن الاربعة و ان كان محل البحث عن ذلك اولا و
بالذات بحث صلاة المسافر و لكن حيث ان جمعا من الاعلام استشكلوا في التخيير بين
القصر و التمام فالسيد الصدر يحتاط وجوبا في عدم الاجتزاء بالتمام في الاماكن
الاربعة و السيد الزنجاني يفتي بعدم الاجتزاء بالتمام في الاماكن الاربعة فلا بأس
ان نتكلم عن هذه المسألة.
المشهور هو التخيير و ان وقع الخلاف في حدود الاماكن الاربعة
هل التخيير مختص بداخل المسجد الحرام و داخل مسجد النبي أو ان التخيير يعم المدينة
القديمة و مكة القديمة كما عليه السيد الخوئي أو ان التخيير يعم مكة و المدينة الحاليتين
و لو القسم المستحدث منهما كما عليه السيد السيستاني. و هكذا في الكوفة هل التخيير
مختص بمسجد الكوفة أو يعم مدينة الكوفة كما عليه السيد السيستاني و السيد سعيد الحكيم
و لاجل ذلك قالا بانه يصح التمام للمسافر في مسجد سهلة لان مسجد سهلة كان جزءا من
الكوفة القديمة و الحديثة. كما اختلفوا في حد صلاة التمام عند قبر الحسين عليه
السلام في انه ما هو حدود صدق عنوان عند قبره عليه السلام فالسيد الخوئي اوكل
الامر الی العرف قال كل ما صدق عليه انه صلاة عند قبر الحسين عليه السلام، السيد
السيستاني نستفيد من الرواية الواردة في فضيلة حوالي قبر الامام عليه السلام انه
بمقدار خمس و عشرين ذراعا، خمس و عشرين ذراعا موجود هذه الرواية بسند صحيح في كامل
الزيارات، خمس و عشرين ذراع من كل جانب، يصير احدی عشر مترا و نصف تقريبا، مو
من الضريح بل من قبر الامام عليه السلام.
لكن المشهور قبلوا اصل التخيير في الاماكن الاربعة بل ادعي
عليه الاجماع في كلمات غير واحد من الاعلام. نقل عن السيد المرتضی انه افتی
بتعين التمام و نقل عن الصدوق انه افتی بتعين القصر و حمل تلك الروايات
الدالة علي الامر بالتمام علی انه يستحب نية الاقامة ثم صلاة التمام في تلك
الاماكن الاربعة. و منشأ هذا الاختلاف هو اختلاف الروايات. ورد في كامل الزيارات
قال: نقل عن بعض اصحاب الائمة عليهم السلام انا اقصر و صفوان يقصر و ابن ابي عمير يقصر
و اصحابنا كلهم يقصرون. كانّ اصحاب الائمة عليهم السلام كانوا يقصرون في تلك الاماكن
الاربعة. و لاجل ذلك يقول السيد الزنجاني نحن نلتزم بتعين القصر.
الروايات علی عدة طوائف:
الطائفة الاولی ما دلت علی التخيير كصحيحة علی
بن يقطين عن ابي الحسن عليه السلام في الصلاة بمكة قال من شاء اتم و من شاء قصر.
و هكذا صحيحة الحسين بن المختار عن ابي ابراهيم عليه
السلام قلت له انا اذا دخلنا مكة و المدينة نتم أو نقصر قال ان قصرت فذلك و ان
اتممت فهو خير تزداد.
و في رواية اسماعيل بن مرار عن علی بن يقطين قال سألت
اباعبدالله عليه السلام عن التقصير بمكة قال اتم و ليس بواجب الا اني احب لك ما
احب لنفسي.
و قد تحمل هذه الطائفة علی التخيير بين ان يقصر مع
عدم نية الاقامة و بين ان يتم مع نية الاقامة و يكون التمام مع نية الاقامة افضل كما
هو مختار السيد الزنجاني.
و لكن هذا الحمل مخالف لصراحة بعض الروايات كصحيحة عبدالرحمن
بن الحجاج قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن التمام بمكة و المدينة قال اتم و ان
لم تصل فيهما الا صلاة واحدة. و هكذا صحيحة أو موثقة عثمان بن عيسی سألت
ابالحسن عليه السلام عن اتمام الصلاة و الصيام في الحرمين، عن اتمام الصلاة و الصيام!
شوفوا. قال اتمها يعني اتم صلاتك لم يتعرض لحكم الصيام لان التخيير لم يثبت في الصيام
في السفر في الاماكن الاربعة، اتمها اتم صلاتك و لو صلاة واحدة.
الطائفة الثانية ما تدل بظاهرها
علی تعين التمام كصحيحة حماد بن عيسی عن ابي عبدالله عليه السلام انه
قال من مخزون علم الله الاتمام في اربعة مواطن حرم الله و حرم رسوله و حرم امير
المؤمنين، حرم امير المؤمنين هو الكوفة، و حرم الحسين عليه السلام.
و هكذا صحيحة مسمع عن ابي ابراهيم عليه السلام كان ابي يری
لهذين الحرمين ما لا يراه لغيرهما و يقول ان الاتمام فيهما من الامر المذخور.
لكن هاتان الروايتان لا تدلان علی وجوب الاتمام، قد يحس
باشعارهما بلزوم الاتمام لكن الوارد فيهما ان الاتمام من الامر المذخور. اما ان
الامر المذخور هو استحباب الاتمام أو وجوب الاتمام، لم يتعرض اليه. نعم صحيحة عبدالرحمن
و نحوها قد تكون ظاهرا في الوجوب. سألت اباعبدالله عليه السلام عن الاتمام بمكة و
المدينة قال اتم و ان لم تصل فيهما الا صلاة واحدة. هذه الصحيحة و نحوها تكون
ظاهرا في وجوب التمام.
لكن العرف يجمع بين ما دلت علی الامر بالتمام و ما
دلت علی التخيير بحمل الامر بالتمام علی الاستحباب بل وقع التصريح في
بعض الروايات بالاستحباب، فهذه صحيحة علی بن يقطين اتم و ليس بواجب الا اني
احب لك ما احب لنفسي. و هكذا صحيحة علی بن مهزيار قال كتبت الی ابي
جعفر الثاني عليه السلام ان الرواية قد اختلفت عن آباءك عليهم السلام في الاتمام و
التقصير للصلاة في الحرمين يقول و لم ازل علی الاتمام فيها الا ان حججنا في
عامنا هذا فان فقهاء اصحابنا اشاروا الیّ بالتقصير اذا كنت لا انوي مقام عشرة
ايام فصرت الی التقصير بعد ما كنت اتم في الحرمين الشريفين يمت اقصر فيهما و
قد ضقت بذلك، كان متعودا علی التمام و يحس ان التمام افضل انجبر من خلاف
فتوی الفقهاء بان يقصر، ضاق صدره بذلك، و قد ضقت بذلك حتی اعرف رأيك فكتب
الیّ عليه السلام بخطه قد علمت يرحمك الله فضل الصلاة في الحرمين علی
غيرهما فاني احب لك اذا دخلتهما ان لا تقصر فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة اني كتبت
اليك بكذا و اجبتني بكذا قال نعم فقلت ايّ شيء تعني بالحرمين قال مكة و المدينة.
شوفوا ابن مهزيار سأل الامام عن اختلاف الروايات: بعضها
تأمر بالتمام بعضها تأمر بالتمام و لو في صلاة واحدة و بعضها تأمر بالقصر، فالامام
اجابه اني احب لك ان تتم.
الطائفة الثالثة ما دلت علی لزوم
التقصير منها صحيحة معاوية بن عمار قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن رجل قدم مكة
فاقام علی احرامه قال فليقصر الصلاة مادام محرما.
هذه الرواية لا يعرف معناها. فليقصر الصلاة مادام محرما يعني
شنو؟ هل هناك تفصيل بين حال الاحرام و حال الاهلال؟ فهذه الرواية مما وقع التسالم
علی خلاف ما ذكر فيها من التفصيل و ينبغي رد علمها الی اهلها.
الرواية الثانية صحيحة ابن بزيع سألت الرضا عليه السلام عن
الصلاة بمكة و المدينة تقصير أو تمام فقال قصر ما لم تعزم علی مقام عشرة ايام.
السيد السيستاني في بحث الاصولي (رأيت هذا الكلام) قال
المشهور بين قدماء الاصحاب هو القصر لكن هذه الشهرة لا اعتبار بها، شهرة بين اصحاب
الائمة عليهم السلام لكن لا اعتبار بها. لماذا؟ لان الامام اخفی هذا الحكم
علی الفقهاء من اصحابه لان هذا من العلم المخزون الالهي لا يبرزون للفقهاء
الذين هم في معرض الاتصال بالناس و يكون كلامهم علی خلاف التقية اذا افتوا
بالتخيير و بافضلية التمام فاخفی هذا الحكم عن عامة الناس و عن معرضية الوصول
الی عامة الناس فخفي هذا الحكم علی فقهاء الاصحاب. و هو يری
التخيير من باب انه مخالف للعامة و ان كان الامر بالقصر موافقا للمشهور بين
الاصحاب لكن هذه الشهرة لا تكون من المرجحات كما سنبين كلام السيد السيستاني في ليلة
القادمة ان شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين.