الدرس 40-245
الأحد – 29 جمادي الاولی 46
موضوع: الشرط الرابع؛عدم المرض/
شرائط وجوب الصوم
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن
الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله
الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام فيما ذكره السيد الخوئي قدس سره من ان المريض
اذا برئ في اثناء النهار فتارة ينكشف من ذلك انه لم يكن الصوم مضرا بحاله من طلوع
الفجر فحيث انه لم ينو الصوم فلا دليل علی اجتزاءه بنية الصوم بالنهار و لكن
يجب عليه الامساك تأدبا. و اما اذا كان الصوم مضرا بحاله اول الصبح ثم برئ من مرضه
فهنا يجوز له ارتكاب المفطرات لانه مريض و من كان مريضا و لو في اول النهار فيدخل
في عموم قوله و من كان مريضا أو علی سفر فعدة من ايام أخر.
الاشكال علی السيد الخوئي اننا لا نتصور برء المريض
من مرضه في اثناء النهار و كونه مريضا الی الآن اي كون الصوم مضرا به
الی الآن الا الفرض الذي ذكره من انه اجتنب عن شرب الدواء و تضرر بذلك. هذا
الفرض صحيح، كان مريضا اول الصبح، كان يجب عليه أو يجوز له شرب الدواء فلم يشرب
الدواء و تضرر، لكنه في اثناء النهار برئ من مرضه بدعاء مؤمن أو علاج طبيب اخصائي
و نحو ذلك اما الفرض الذي لم يتضرر هذا الشخص من تركه لشرب الدواء فمعنی
برءه من مرضه انكشاف ان هذا الصوم من طلوع الفجر لم يكن مضرا بحاله. فاذن ليس فرض
برء المريض من مرضه مساوقا لكونه مريضا قبل برءه في اثناء النهار الا في فرض تضرر
هذا الصائم أو هذا المكلف من اجتنابه لشرب الدواء، هذا الفرض صحيح، اذا لم يجتنب
عن شرب الدواء شرب الدواء أو افطر هذا يعني انه كان مريضا فافطر.
و اذا لم يفطر هنا يقول السيد الخوئي مع ذلك لا يجب عليه
الامساك لانه كان مريضا و تضرر من عدم افطاره و لا يمكننا ان نقول بانه لو نوی
الصوم صح صومه، لو نوی الصوم لا يصح صومه اذا كان اجتنابه عن شرب الدواء
محرما عليه لان الحرام لا يصح ان يصير مصداقا للعبادة.
نقول يا سيدنا الخوئي! هذا الذي كان الصوم مضرا بحاله، اجتنابه
عن شرب الدواء كان مضرا بحاله، ذاك الذي تفضلتم من انه يندرج في قوله تعالی
و من كان مريضا فعدة من ايام أخر خوش كلام، كلام موزون و مضبوط. و ما ذكره المشهور
من انه اذا اجتنب عن شرب الدواء و برئ قبل الزوال فينوي الصوم و صومه صحيح قياسا
بالمسافر لا دليل عليه، خصوصا بعد ما فرضنا ان اجتنابه عن شرب الدواء كان محرما
عليه.
لكن ما ذكرتم من انه لا يمكن ان يكون امساكه مصداقا للعبادة
يعني ليس مجرد عدم الدليل علی صحة صومه كي نقبل و ليس مجرد ان ظاهر قوله
تعالی و من كان مريضا أو علی سفر فعدة من ايام أخر وجوب القضاء عليه كي
نقبل ذلك، يدعي السيد الخوئي وجود برهان علی امتناع صحة صومه فيما اذا كان
اجتنابه عن شرب الدواء محرما عليه. نقول يا سيدنا! ليش؟ اذا فرضنا تمامية القياس
بالمسافر كما عليه المشهور، لماذا لا يصح صومه من باب الترتب؟ كان يجب عليه شرب
الدواء حتی لا يقع في ضرر محرم و لكن كأمر ترتبي ألا يصح ان يقال اذا اجتنب
عن شرب الدواء و برئ قبل الزوال فيجب عليه الصوم. هذا ليس ترتبا يستشكل فيه المحقق
الخراساني لانه بعد ما انقضی وقت التكليف الاهم و سقط بالعصيان لا اشكال في
امكان التكليف بغيره و بضده بل نقول لولا ما قلنا من ان هذا مريض و لا يجب عليه
الامساك كان في نفس الزمان الذي يجب عليه شرب الدواء بالامكان ان يثبت في حقه امر
ترتبي بالصوم. كما ذكرناه فيمن وجب عليه الارتماس في الماء لانقاذ غريق، غريق في
البحر و هذا صائم في شهر رمضان يجب عليه انقاذ ذلك الغريق و لكن كأمر ترتبي قالوا
له اذا اجتنبت عن الارتماس لانقاذ هذا الغريق يجب عليك الصوم. نعم كان بالامكان
الاكتفاء بما ذكره من انه هذا الذي كان مريضا و كان يجب عليه بلع الدواء أو يجوز
له بلع الدواء حتی لا يتضرر فلو لم يستخدم الدواء و برئ من مرضه بعد ذلك مع
ذلك لا دليل علی صحة صومه حتی لو نوی الصوم من اول الفجر لانه
مريض كان و من كان مريضا فعدة من ايام أخر.
هذا بالنسبة الی من كان مريضا ثم برئ من مرضه في
اثناء النهار. و اما من انكشف في اثناء النهار انه لم يكن مريضا أو فقل لم يكن
الصوم من طلوع الفجر مضرا بحاله، هنا ذكر السيد الخوئي انه اذا كان ناويا للصوم و
تمشی منه قصد القربة صح صومه، اذا لم يكن ناويا للصوم فهنا لا يمكن تصحيح
صومه لعدم دليل علی جواز نية الصوم في اثناء النهار في شهر رمضان و لا يصح
القياس بالمسافر الذي قدم اهله قبل الزوال لانه قياس باطل، لكنه يجب عليه الامساك
تأدبا.
نقول يا سيدنا! انتم ذكرتم في وجه وجوب الامساك التأدبي
انه يتمسك باطلاق قوله من جامع امرأته في نهار شهر رمضان فعليه عتق رقبة، هذا يشمل
هذا الشخص الذي لم ينو الصوم لتخيله انه مريض بل و افطر حينما كان يتخيل انه مريض،
الان تبين له ان لم يكن مريضا أو لم يكن الصوم مضرا بحاله، بعد ذلك اذا جامع اهله
يثبت في حقه الكفارة و فعله ذلك ان جماعه حرام عليه، و بعدم احتمال الفرق نتعدی
الی بقية المفطرات.
نقول اولا: يا سيدنا! انتم ذكرتم في بعض كلماتكم ان وجوب
الامساك التأدبي ينصرف الی من وجب عليه الصوم و لم يصم و لو لعذر بينما انتم
في المقام قلتم هذا اذا كان جاهلا مركبا لم يجب عليه الصوم من طلوع الفجر لان
الجهل المركب يرفع التكليف واقعا.
و ثانيا: لا يبعد ان يقال بان منصرف قوله من جامع امرأته في
نهار شهر رمضان فعليه عتق رقبة هو فرض من وجب عليه الامساك في رتبة سابقة و كان
جماعه موجبا لافطاره. كما ذكر السيد السيستاني لا يشمل هذا الفرض من تغدی و
ابطل صومه و امساكه بأكله ثم جامع اهله، ينصرف عه هذا الفرض. بينما ان السيد
الخوئي يقول: ابد ماكو انصراف، لو جامع اهله في يوم واحد مرات، كل مرة توجب عليه كفارة
جديدة.
و ثالثا: شنو منشأ كلامكم انه لا يحتمل الفرق بين الجماع و
غير الجماع؟ ليش ما يحتمل؟ الذي يجامع اهله في نهار شهر رمضان يضحك علی المؤمنين
الذين منحرمين من هذه الاستمتاعات، لعل فيه خصوصية، اشمدرينه. الجماع يوجب عليه الكفارة
و يحرم عليه، من آداب نهار شهر رمضان لمن وجب عليه الامساك و اما بقية المفطرات
فلا يعلم بعدم فرق بينها و بين الجماع.
و كان ينبغي للسيد الخوئي ان يتمسك لوجوب الامساك التأدبي
بروايات أخری. بعضها واردة فيمن تسحّر من دون ان ينظر الی الافق ثم تبين
له ان أكله كان بعد طلوع الفجر فورد في الرواية يتم صومه ذلك ثم ليقضه، ثم يجب عليه
قضاءه، هذا يعني ان صومه باطل و لكن يتم صومه يعني يتم امساكه. و الرواية الثانية
صحيحة الحلبي في رجل احتلم اول الليل أو اصاب من اهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان
حتی اصبح قال يتم صومه ذلك ثم يقضيه. السيد السيستاني يحتمل ان هذا من باب
ان صومه صحيح و وجوب القضاء عليه وجوب عقوبتي. لكنه خلاف الظاهر، ظاهر يقضيه ارشاد
الی البطلان، فاتمامه للصوم من باب الامساك التأدبي. الرواية الثالثة موثقة
عمار في رجل يصيبه العطاش حتی يخاف علی نفسه قال يشرب بقدر ما يمسك
رمقه و لا يشرب حتی يروی يعني يمسك تأدبا الا بمقدار الضرورة. فلا
مانع من التمسك لوجوب الامساك التأدبي بهذه الروايات.
فاذن تحصل مما ذكرنا ان من تخيل انه مريض ثم انكشف انه لم يكن
مريضا هذا لا دليل علی ان نيته للصوم بعد ذلك تجزئه لكن يجب عليه الامساك
تأدبا ثم قضاء الصوم. و اما من كان الصوم مضرا بحاله و هو منحصر في فرض واحد و هو
انه تضرر من اجتنابه عن شرب الدواء لو فرض انه اجتنب عن شرب الدواء أو لم يجتنب عن
شرب الدواء، شرب الدواء فهنا بعد ما برئ من مرضه في اثناء النهار يشمله قوله تعالی
و من كان مريضا فعدة من ايام أخر و يجب عليه القضاء و لا يجب عليه الامساك تأدبا
لان تلك الروايات لا تشمل المريض. هذا تمام الكلام في شرط عدم المرض في وجوب
الصوم.
بقيت نكتة من بحث الاغماء اشير اليها:
السيد الزنجاني تمسك لنفي وجوب الاداء و القضاء عن المغمی
عليه في اثناء نهار شهر رمضان بقوله عليه السلام ما غلب الله عليه فهو اولی
بالعذر فلا يتم ما ذكره السيد الحكيم و السيد الخوئي من ان المغمی عليه كالنائم.
و لكن هذا المقدار قابل للجواب. الذي نوی الصوم ثم
اغمي عليه كلامنا في انه هل يجب عليه الاتمام للصوم بعد ما ارتفع عنه الاغماء ام
لا، لو فرضنا انه يجب عليه اتمام الصوم فاي منافاة بين ذلك و بين قوله عليه السلام
ما غلب الله عليه فهو اولی بالعذر، هذا لم يغلب عليه الله. اصلا من يعلم
بانه سيغمی عليه خب ينوي الصوم يخلص روحه، افرض بعد ذلك يغمی عليه، ليس
هذا مما غلب الله عليه. منصرف قوله ما غلب الله عليه فهو اولی بالعذر ما لو
سبّب الاغماء في تركه للواجب، سبّب الاغماء لتركه الصلاة أو الصوم، هذا الذي ملتفت
الی انه سيغمی عليه خب ينوي الصوم بعد ذلك افرض يغمی عليه، اذا
لا ينوي الصوم قبل ان يغمی عليه فهذا يستند الی سوء اختياره لا
الی انه مما غلب الله عليه.
السيد الحكيم السبط رحمة الله عليه و رحمة الله علی جده!
في مصباح المنهاج يقول و قد يستدل علی عدم وجوب القضاء علی المغمی
عليه بعموم ما غلب الله عليه فهو اولی بالعذر و لكن يشكل عليه بان المستفاد
من الادلة تعدد المطلوب في الصوم فهناك وجوب تعلق بصوم شهر رمضان و وجوب آخر تعلق
بطبيعي الصوم ثلاثين يوما من باب تعدد المطلوب، استفاد ذلك من رواية فضل بن شاذان
بل يستفاد من نفس الآية الكريمة و لتكملوا العدة، من الواجب علی المريض صوم
عدة من ايام أخر، ليش؟ لتكملوا العدة، حتی تمتثلوا الامر بصيام ثلاثين يوما.
هذا الذي اغمي عليه افرض انه فات منه صوم رمضان، هذ التكليف للاداء يرتفع عنه اما
التكليف بطبيعي صوم شهر و الذي يمكن امتثاله طول السنة ذلك ليس مما غلب الله عليه.
ثم قال: العمدة الاستدلال علی عدم وجوب الصوم و قضاء
الصوم علی المغمی عليه بالنصوص الخاصة كصحيحة ايوب بن نوح: كتبت
الی ابي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن المغمی عليه يوما أو اكثر
هل يقضي ما فاته ام لا فكتب عليه السلام لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة. و نحوه
صحيحة علی بن مهزيار.
ثم قال و قد يدعی اختصاص عدم القضاء بما اذا لم يستند
الاغماء الی اختيار المكلف فلو هو اراد ان يغمی عليه كما لو ذهب
الی الطبيب لعملية جراحية باختياره يصير مغمی عليه، قد يقال بان ما
غلب الله عليه فهو اولی بالعذر لا يشمله لان هذا ليس مما غلب الله عليه، هو
بنفسه اختار ذلك.
ذكر السيد الحكيم في الجواب ان هذه الفقرة كل ما غلب الله
عليه فهو اولی بالعذر لم ترد في مقام التعليل لكبری عدم القضاء
علی المغمی عليه كي هذا التعليل يقيد اطلاق عدم وجوب القضاء علی
المغمی عليه، بل هذه الفقرة واردة لمجرد ضرب قاعدة و نحن نتمسك لنفي وجوب
القضاء عن المغمی عليه بسائر الاطلاقات كصحيحة ايوب بن نوح، لم يرد فيها كل
ما غلب الله عليه فهو اولی بالعذر بل ورد فيها السؤال عن حكم المغمی
عليه فاجاب الامام بانه لا يجب عليه قضاء الصوم هذا مطلق و لو كان الاغماء بسبب
اختياري.
اقول: كلامنا فيمن نوی الصوم ثم اغمی عليه ثم
افاق، زالت عنه الغيمومة هل يجب عليه اتمام الصوم ام لا؟ انتم توافقون صاحب العروة
في انه لا يجب عليه الاتمام لصومه؟ هذه الادلة لا تدل علی ذلك، بل مقتضی
القاعدة وجوب اتمام الصوم عليه. و هكذا من يعلم بانه سيغمی عليه لا ينوي
الصوم يقول لاني اصير مغمی عليه في اثناء النهار ليش لا ينوي الصوم؟ بعد ما يتمكن
من الصوم و هذا الدليل الدال علی ان المغمی عليه لا يقضي الصوم ليس
ناظرا الی نفي وجوب الاداء عنه، ظاهره في ان من لم يتمكن من الاداء الذي كونه
مغمی عليه، من لم يتمكن من اداء الصوم لاجل الاغماء هو الذي لا يجب عليه
القضاء، ميخالف، نلتزم بذلك اما هل كل اغماء يمنع من الاداء و يمنع من وجوب
الاداء؟ لا دليل علی ذلك. فنحن نلتزم بان من يعلم
مثل بعض المستودنين يدرون بانهم في اثناء السنة قد يطرأ عليهم حالة الجنون، هذا
المريض يعلم بانه في هذا اليوم يطلع عليه حالة الاغماء بسبب غير اختياري و اما
بسبب اختياري هو يدري بانه يذهب الی المستشفی و يضربون الابرة أو يستنشق
الغاز كي يصير مغمی عليه، خب يجب عليه نية الصوم. لماذا لم ينو الصوم؟ ما هو
دليلكم علی انه لا يجب عليه نية الصوم و ما هو دليلكم علی انه بعد ما
افاق و رجع عنه حالة الوعي لا يجب عليه اتمام الصوم هذا الذي نتكلم حوله. نعم لو لم
يتمكن بسبب الاغماء من الصوم لا اشكال في انه لا يجب عليه القضاء بعد ذلك تمسكا
بهذه الروايات.
و هذا تمام الكلام في شرط عدم الاغماء و شرط عدم المرض. و
اما شرط عدم الحيض و النفاس فقد مر الكلام فيه سابقا.
يقع الكلام في شرطية عدم السفر في وجوب الصوم هذا بحث مضی
الكلام حوله. يقع الكلام فيمن قدم من سفره قبل الزوال فقد دليل الدليل علی انه
يجب عليه اذا لم يفطر قبله ان ينوي الصوم، هل المدار علی دخوله في بلده حين
الاذان أو يكفي دخوله في حد الترخص، وصوله الی حد الترخص بناءا علی
اعتبار حد الترخص حين الرجوع الی البلد. هذا كلام نتكلم عنه في الاسبوع
القادم ان شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين و نسألكم الدعاء في هذه الايام و
اعظم الله اجورنا و اجوركم بمصابنا بشهادة سيدتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء
العالمين و صلی الله علی محمد و آله الطاهرين.