الدرس 99-304
الإثنين – 7 ذيقعدة الحرام 46
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في الخلاف العظيم بين الاعلام في القول بوحدة الافق و اختلاف الافق.
لا دخل لروايات افطر للرؤية و صم للرؤية بالمقام
قبل ان اتكلم حول اشكالات السيد السيستاني علی السيد الخوئي اذكر نكتة و هي ان قوله عليه السلام افطر للرؤية و صم للرؤية قد يتمسك به من كلی الطرفين، القائل بمقالة المشهور من لزوم وحدة الافق و انه لا بد ان يری الهلال في بلد المكلف يقول افطر للرؤية ظاهر في الانحلال يعني افطر حينما تری الهلال لشهر شوال و صم حينما تری الهلال لشهر رمضان، انت لا بد ان تری الهلال. نعم، اذا لم تر الهلال و لكن رأی الهلال غيرك في مكان انت بامكانك تری الهلال يكون اخباره حجة اذا كان المخبر عادلا مع تعدد المخبر. و من يخالف مذهب المشهور كالسيد الخوئي قد يقول هذا مطلق افطر للرؤية صم للرؤية و لو رؤية الهلال في بلد آخر.
انا اقول: لا هذا و لا ذاك، اصلا هذا الخطاب لا يظهر منه تأييد مذهب المشهور أو تأييد مذهب السيد الخوئي و انما ظاهره انه لا يكون ثبوت الشهر بالرأي و لا بالظن بل لا بد ان يستند الی الرؤية اما ان الرؤية كيف تكون هل لا بد ان تكون في بلد المكلف أو يمكن ان تكون في بلد آخر اصلا هذا الخطاب لا يظهر منه ایّ من هذين المطلبين. و لاجل ذلك ورد في صحيحة محمد بن مسلم: اذا رأيتم الهلال فصوموا و اذا رأيتموه فافطروا و ليس بالرأي و لا بالتظني و لكن بالرؤية.
البحث و النقاش عن الشواهد للسيد السيستاني في تقييد الاطلاقات
نرجع الی الملاحظات حول كلام السيد السيستاني. السيد السيستاني اولا قال لم يتم اطلاق في الادلة و الروايات التي استدل بها السيد الخوئي علی كفاية رؤية الهلال في بلد آخر و لو قبلنا اطلاقها فنقيدها بمقتضی الشواهد الخمسة التي اقمناها علی انه لا يكفي رؤية الهلال في بلد آخر مع عدم قابلية الهلال للرؤية في بلدنا.
نحن قلنا بان المنع من تمامية الاطلاق في الروايات خلاف الظاهر جدا، جملة من تلك الروايات لم ينعقد لها الاطلاق و لكن جملة اخری قرأناها البارحة تم لها الاطلاق فلا بد من اثبات المقيد لها فنتكلم عن الشواهد الخمسة التي ذكرها السيد السيستاني و جعلها مقيدة لتلك الاطلاقات.
الشاهد الاول الذي ذكره و نحن كنا نذكره من انه لو رؤي الهلال بعد مضي ساعات من دخول الليل في بلدنا في مكان بعيد كامريكا هل تكون رؤية الهلال في ذاك البلد البعيد شرطا مقارنا لدخول الشهر الجديد في بلدنا يعني يدخل الشهر الجديد في بلدنا قبيل طلوع الشمس أو قبيل طلوع الفجر فهذا خلاف المرتكز لانه اول الليل لا بد ان يكون ملحقا بشهر شعبان و قبيل طلوع الفجر يدخل شهر رمضان و هذا خلاف المرتكز أو يكون شرطا متاخرا لثبوت الشهر الجديد شهر رمضان من اول الليل مع انه لم يتولد الهلال.
فقلنا نعم، هذا خلاف المرتكز لكن هناك ارتكاز معاكس أو فقل استبعاد معاكس و هو انه اذا اخبر اهل بلد آخر كاهل قم بانهم رأوا الهلال فاهل مشهد يقولون لا، انتم رأيتم الهلال في آخر رمضان فغدا يكون عندكم يوم العيد فلا تصوموا و لكن نحن في مشهد نصوم، هذا ايضا امر مستبعد.
و تكون النتيجة ان العرف يتحير فلا يحكم بشيء. و لاجل ذلك ترون ان الناس ليس عندهم رؤية عن هذه القصة. اذا اخبر مثلا اهل مصر بانهم رأوا الهلال بعد ساعة و نصف من غروب الشمس في بلدنا و احرز اهل ايران بانه لم يكن الهلال قابلا للرؤية في ايران بعد هذه الآلات الحديثة يمكن بسهولة كشف ذلك، ليس عند الناس رؤية واضحة في انه هل غدا اول الشهر في ايران كمثل ما صار اول الشهر في مصر أو ان غدا ليس اول الشهر الجديد في ايران لانه لم ير الهلال في ايران، ليس لدی الناس رؤية واضحة.
و اما الشاهد الثاني و هو ما ذكره من ان سيرة الناس في زمان الشارع في عرف العرب جعل الهلال ميقاتا لمعاشهم و معادهم و الشارع امضی ذلك و لا اشكال في انه كانوا يتابعون ثبوت الهلال في بلدهم و قد قال تعالی يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس و الحج هذا الشاهد ايضا كان قابلا للاشكال. ذاك الوقت كان انطباع الناس عن الارض انها مسطحة كما يصر عليه صاحب الحدائق و العلامة الحلي الذي يكون بان الارض كروية لكنه يقول بان القسم الذي يسكن فيه الناس و هو ما يسمی بالربع المسكون ليست كرويته بحد تحجب كروية هذا القسم عن رؤية الهلال لان الهلال في السماء بعيد و مرتفع جدا فبامكان الناس كلهم مع انهم يسكنون هذه البلاد المتشتتة و المتباعدة بامكانهم يرون الهلال في نفس الليلة التي يطلع فيها الهلال. و لاجل ذلك تری انه في صحيحة محمد بن عيسی ابو عمرو قال يقول قوم من الحسّاب قبلنا انهم سيری الهلال في مصر و الاندلس و الافريقيا فهل يجوز ذلك يعني هل يمكن ذلك؟ طبعا الناس كانوا يمشون حسب المتعارف، خب رأوا الهلال، ثبت عندهم الشهر الجديد و لكن لو اتفق انه جاء شخص من بلد بعيد و اخبرهم بانهم رأوا الهلال قبلهم بليلة هل نقول هؤلاء ما كانوا يقبلون؟ مو واضح.
و هكذا قوله تعالی يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس، خب مواقيت متعارفة للناس، هذا كافي. و هذا لا ينافي انه لو جاء شخص من بلد غربي و اخبر اهل هذا البلد الشرقي بانه رؤي الهلال في ذلك البلد الغربي كمصر انه لا يؤخذ بقوله، لا يستفاد من هذه الآية الكريمة هذا المطلب.
و اما الشاهد الثالث و هو ان لازم مبنی السيد الخوئي ان صيام النبي و الائمة عليهم السلام و افطارهم و حجهم لم تكن في كثير من الحالات مطابقة للواقع، اجبنا عنه بان النبي و الائمة يمشون علی الطريق المتعارف السهل فان الشريعة سهلة سمحة. اكثر شيء ان نستفيد اجزاء هذا الحكم الظاهري ما لم ينكشف الخلاف بطريق متعارف و هذا لا يضر بشيء.
نعم، الشاهد الرابع و هو رواية معمر بن خلاد مهم جدا فان دلالتها علی انه اذا كان الجو صافيا لم يكن في السماء غيم و استهل الناس و لم يروا الهلال فلا يكون ذاك اليوم يوم شك، هذه الرواية دلالتها واضحة كما ذكر السيد السيستاني و سندها ايضا قابل للقبول لانه بعد ان لم نكن نری لزوم افادة الخبر الوثوق الشخصي بل يكفي انه يكون خبر ثقة و ظاهر كلام الشيخ الطوسي ان له سند صحيح الی كتاب معمر بن خلاد و قد بدأ بذكر اسم معمر بن خلاد في هذه الرواية.
و ما يذكره السيد السيستاني من ان الاقرب ان يكون هذا تعليقا علی رواية قبل هذه الرواية بفاصل اكثر من عشر روايات، ثلاث و ثلاثين رقم تلك الرواية التي سندها ضعيف الی معمر بن خلاد، رقم هذه الرواية في التهذيب خمس و اربعين، هذا خلاف الظاهر.
البحث و التأييد للشاهد الرابع
فاذن لا بد ان نرجع الی الشاهد الرابع و نتكلم عنه. لو لم يكن لهذا الشاهد معارض فلا بأس بان نوافق المشهور و نقول كل تلك الاطلاقات تقيد برواية معمر بن خلاد و يثبت بذلك رأي المشهور و لكن المهم ملاحظة الشاهد الخامس و هو صحيحة محمد بن عيسی. اذا تم دعوی السيد ابي تراب الخوانساري من ان صحيحة محمد بن عيسی تدل علی انه اذا رؤي الهلال في بلد آخر فيكفي ذلك في ثبوت الشهر الجديد في سائر البلدان فتكون صحيحة محمد بن عيسی بناءا علی هذا الاستظهار معارضة لرواية معمر بن خلاد فاذا لم يكن هناك مرجح فبعد تعارضهما يكون المرجع الاطلاقات التي كانت بصالح السيد الخوئي. فاذن نقرأ هذه الصحيحة:
كتب اليه ابو عمرو اخبرني يا مولاي انه ربما اشكل علينا هلال شهر رمضان و لا نراه و ليس في السماء علة، انا الذي افهم من هذا التعبير انه اشكل علينا يعني لم نتمكن من رؤيته لا انه اشتبه علينا، اشكل علينا يعني لم يتيسر لنا ان نراه، لا يعني هذا انه صار يوم الشك، فرق بين ان نقول اشتبه علينا الهلال هذا يعني انه يحتمل ان يثبت الهلال و لكن نحن لم نر الهلال، اشكل علينا هلال شهر رمضان اي صعب علينا و لم يتيسر لنا ان نراه في الافق و لا نراه، و لا نراه توضيح لقوله اشكل علينا هلال رمضان و نری السماء، لا اننا لا نستهل، لا، نستهل، كنا مستهلين و لم نر الهلال و نری السماء و ليس فيها علة و نفطر الناس و نفطر معهم و يقول قوم من الحسّاب قبلنا انه يری في تلك الليلة بعينها بمصر و افريقيا و الاندلس ثم سأل قال هل يجوز يا مولاي ما قال الحسّاب في هذا الباب حتی يختلف الفرض علی اهل الامصار فيكون صومهم خلاف صومنا و فطرهم خلاف فطرنا فوقّع عليه السلام لا تصومنّ الشك افطر لرؤيته و صم لرؤيته.
السيد ابو تراب الخوانساري قال شوفوا! الامام عليه السلام لم يكن بصدد بيان وظيفة اهل مصر و الاندلس و افريقيا بل كان بصدد بيان وظيفة اهل بغداد و منهم ابو عمرو و لاجل ذلك قال ابو عمرو و يقول قوم من الحسّاب قبلنا يعني هم مرتبطين بنا و قالوا لنا يعني هو لا يسأل عن وظيفة اهل مصر يسأل وظيفة اهل بغداد، يقول قوم من الحسّاب قبلنا انه سيری الهلال في افريقيا و مصر و الاندلس فالامام اجاب لا تصومنّ الشك يعني ما دمت شاكا، كان شاكا في ایّ شيء؟ كان شاكا في ان قول الحسّاب صحيح أو مو صحيح، قال هل يجوز ذلك يعني هل قول الحسّاب صحيح أو مو صحيح و كان شاكا في صحة قول هؤلاء، الامام قال لا تصومن الشك انت شاك في ان هؤلاء الحسّاب مصيبون أو مخطئون فلا تصومن الشك يعني اذا كنت مطمئنا بانهم مصيبون في شهادتهم برؤية الهلال في مصر و الاندلس و افريقا فلا بد ان تصوم و انت في بغداد. هكذا ذكر السيد ابو تراب الخوانساري.
فان كان هذا هو الاستظهار الصحيح في هذه الرواية المعتبرة وقع التعارض بين مفاد هذه الصحيحة التي تؤيد مذهب السيد الخوئي مع صحيحة معمر بن خلاد، انا عبّرت عن رواية معمر بن خلاد بالصحيحة، التي تدل علی مذهب المشهور. و لكن ان قلنا بان هذه الصحيحة مجملة أو توافق مذهب المشهور فاذن لا يوجد معارض لصحيحة معمر بن خلاد و تكون صحيحة معمر بن خلاد صالحة لتقييد الاطلاقات فنقول نحمل تلك الاطلاقات علی ما اذا رؤي الهلال في بلد يمكن ان يكون ملازما مع قابلية الهلال للرؤية في بلدنا.
انصافا ما استظهره السيد ابو تراب الخوانساري غير عرفي. انا لا اقول اشكل علينا يعني اشتبه علينا كما استظهر السيد السيستاني ذلك فقال لا تصومنّ الشك يعني انت ايضا شاك، قلت اشكل علينا هلال شهر رمضان يعني انت شاك، كان الهلال محتمل الثبوت في افق بغداد و انت شاك، گيربالك لا تصومنّ الشك، انا اقول: لا، لم يفرض ابو عمرو انه كان اهل بغداد شاكين قال اشكل عليها هلال شهر رمضان، اشكل يعني لم يتيسر ان يری قال و لا نراه و نری السماء ليس فيها علة يعني الجو صافي ندقق و لا نری الهلال لم يفرض انه كان شاكا في ان الهلال هل هو قابل للرؤية في افق بغداد ام لا، هل كان قابلا في سماء بغداد ام لا، ظاهره انه لم يكن شاكا في ذلك.
و لكن الكلام في انه هل الامام طبّق لا تصومنّ الشك علی شك ابي عمرو في صحة قول الحسّاب أو لا، ذكر بيانا كليا، بيّن قاعدة كلية و هو انه يجب في ثبوت شهر رمضان رؤية الهلال، ان في مرتكز ابي عمرو صحة مذهب المشهور و ابطال مرتكزه يحتاج الی بيان واضح، السيد ابو تراب الخوانساري يقول الامام اراد ان يبطل مرتكز ابي عمرو فان مرتكز ابي عمرو ماذا كان؟ قال و قال قوم من الحسّاب قبلنا انه سيری الهلال في افريقيا و مصر و الاندلس فهل يجوز ذلك يا مولاي حتی يختلف الفرض و يكون صومهم خلاف صومنا؟ هذا هو مرتكز المشهور، اذا كنت تريد ان تقول جواب الامام مخالف لمذهب المشهور و يريد ان يقول اذا ثبت ان الهلال سيری في مصر يكفي ذلك لدخول الشهر الجديد في بغداد هذا يحتاج الی صراحة اكثر يقول الامام لابي عمرو اذا تم قول الحسّاب في انه سيری الهلال في مصر فيجب عليكم الصوم في بغداد ايضا، لا بد ان يقول هكذا حتی يزيل ما استقر في مرتكز ابي عمرو، استقر في مرتكز ابي عمرو تمامية مذهب المشهور.
فاذن استظهار السيد ابو تراب الخوانساري من هذه الصحيحة ان هذه الصحيحة تؤيد المذهب المخالف للمشهور و ان منشأ قول الامام لابي عمرو لا تصومن الشك انه كان شاكا في صحة قول الحسّاب فلو كان متيقنا ان قول الحسّاب صحيح و انه سيری الهلال في افريقيا فكان يجب ان يصوم هو في بغداد، لا، هذا لا يستفاد من هذه الرواية.
فاذن لا تتم دلالة هذه الرواية علي مذهب المخالف للمشهور اي مذهب السيد الخوئي و الذي اختاره السيد ابو التراب الخوانساري. فهذه الصحيحة إما مجملة او ظاهرة في مذهب المشهور كما قال به السيد السيستاني فلا معارض لرواية معمر بن خلاد و بذلك يتم المقيد لتلك الاطلاقات و انتصرنا بذلك لمذهب المشهور.
لكن نتكلم انه ان تم دعوی ظهور هذه الصحيحة فيما قاله ابو تراب الخوانساري اي ظهور هذه الصحيحة في انه لو احرز صحة قول الحسّاب و انه سيری الهلال في مصر فيثبت لاهل بغداد ايضا ان يصوموا في نفس تلك الليلة و بذلك تتعارض مع صحيحة معمر بن خلاد، علی هذا الفرض و الذي كنا نميل اليه سابقا فما هو مقتضی القواعد بعد تعارض هاتين الروايتين. انا هسة قلت ان هذه الصحيحة إما مجملة أو موافقة لمذهب المشهور فلا معارض لرواية معمر بن خلاد فتصلح رواية معمر بن خلاد لان تكون مقيدة للاطلاقات و بذك يتم مذهب المشهور لكن بناءا علی ما كنا نذكره سابقا و نقبل ظهور هذه الصحيحة في خلاف مذهب المشهور كما استظهر السيد ابو تراب الخوانساري فحينئذ تستقر المعارضة بين هذه الصحيحة و بين رواية معمر بن خلاد فحينئذ نتكلم عن مقتضی قواعد التعارض و المرجحات غدا ان شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين.