الدرس 83-288
الأحد – 7 شوال المكرم 46
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلي اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في عدة مطالب:
البحث حول صحيحة محمد بن عيسی في انه لا عبرة بطول مكث الهلال في الافق شرعا
المطلب الاول قلنا بانه لا عبرة بطول مكث الهلال في كشف ان هذه الليلة هي الليلة الثانية من الشهر و استدلنا بذلك بصحيحة محمد بن عيسی.
هذه الصحيحة ذكر السيد الحكيم انها ظاهرة في ان بقاء الهلال في الافق الی ما بعد سقوط الشفق ليس دليلا شرعا علی كون اليوم السابق اول الشهر و ذكر السيد الخوئي انها صريحة في ذلك.
السيد الزنجاني اشكل قال لا صريح و لا ظاهرة. نقرأ هذه الصحيحة مرة اخری يقول ابو علی بن راشد كتب الیّ ابوالحسن العسكري عليه السلام كتابا و أرّخه يوم الثلاثاء كتب في ذيل الكتاب يوم الثلاثاء لليلة بقيت من شعبان يعني ليلة الاربعاء آخر ليلة من شعبان فاول ليلة رمضان تصير ليلة الخميس و ذلك في سنة اثنتين و ثلاثين و مأتين يقول ابو علی بن راشد و كان يوم الاربعاء يوم الشك، غيم كان مثلا في جو بغداد، فصام اهل بغداد يوم الخميس، اهل بغداد ايضا لم يصوموا يوم الاربعاء و اخبروني انهم رأوا الهلال ليلة الخميس و لم يغب الا بعد الشفق بزمان طويل يعني ساعة من غروب الشمس الی سقوط الشفق، زمان طويل بعد سقوط الشفق لا اقل نصف ساعة يعني يصير ساعة و نصف أو اكثر، قال فاعتقدت ان الصوم يوم الخميس يقول ابو علی بن راشد انا اعتقدت ان الصوم يوم الخميس و ان الشهر عندنا ببغداد يوم الاربعاء يعني اعتقدت اننا و ان صمنا يوم الخميس لكن شهر رمضان بدأ من يوم الاربعاء لبقاء الهلال في الافق ليلة الخميس الی زمان طويل، قال فكتب الیّ يعني الامام الهادي كتب الیّ كتابا آخر زادك الله توفيقا قد صمت بصيامنا، انت صمت يوم الخميس نحن ايضا صمنا يوم الخميس لم نصم يوم الاربعاء يعني لا تشيل هم، لا تفكر ان اول شهر رمضان كان يوم الاربعاء، لا، نحن ايضا صمن يوم الخميس، قال ثم لقيته بعد ذلك فسألته عما كتبت به اليه فقال لي أ و لم اكتب اليك انا صمت الخميس و لا تصم الا للرؤية طول مكث الهلال في الافق لا يكشف عن كون هذه الليلة الليلة الثانية من شهر رمضان.
يقول السيد الخوئي: قول ابو علی بن راشد فاعتقدت ان الصوم يوم الخميس يعني من خلال جواب الامام عليه السلام حصل لي الاعتقاد بان الواجب هو صوم يوم الخميس لا صوم يوم الاربعاء، حصل لي هذا الاعتقاد من اخبار الامام عليه السلام.
السيد الزنجاني يقول: انصافا هذا التوجيه خلاف الظاهر، الامام من خلال تأريخه يخبر بان يوم الاربعاء آخر شعبان و يوم الخميس اول رمضان، متی يخبر بذلك؟ يوم الثلثاء يعني يوم الثلثاء يخبر بان غدا ليس اول شهر رمضان، اذا ليلة الاربعاء يخبر الامام نقول بان الامام استهل و لم ير الهلال، اخبر بان غدا آخر شعبان، يوم الثلثاء يعني قبل غروب الشمس في ليلة الاربعاء، يوم الثلثاء كتب و أرّخ يوم الثلثاء لليلة بقيت من شعبان، تقولون الامام اخبر بالغيب؟ و اخبار الامام بالغيب اوجب اعتقاد ابي علی بن راشد بان يوم الاربعاء آخر شعبان؟ هذا خلاف الظاهر. فان الناس يمشون وفق المتعارف و الامام عليه السلام ليس بناءه علی مخالفة عادة الناس، البناء علی ان الشهر مادام لم يثبت نقصانه فهو تام ظاهرا فكتب الامام يوم الثلثاء لليلة بقيت من شعبان، هذا لا يكشف ان الامام يريد ان يخبر اخبارا جزميا بان يوم الاربعاء لا يثبت هلال شهر رمضان. فمعنی قول ابي علی بن راشد فاعتقدت ان الصوم يوم الخميس يعني اعتقدت بان يوم الاربعاء كان اول الشهر و انا لم اصم يوم الاربعاء كما ان اهل بغداد لم يصوموا فاعتقدت ان الصوم يوم الخميس يعني ما وقع منا كان هو صوم يوم الخميس و لكن الشهر كان عندنا ببغداد يوم الاربعاء فاعتقدت ان الصوم يوم الخميس و ان الشهر كان عندنا ببغداد يوم الاربعاء يعني اعتقدت من خلال طول مكث الهلال في الافق ان يوم الاربعاء اول الشهر و نحن لم نصمه فيجب علينا قضاءه فالامام كتب نحن ايضا صمنا يوم الخميس، لم نصم يوم الاربعاء، لا تشيل هم.
ثم يقول السيد الزنجاني اذا كان الامام يقول له و لا يجب عليك قضاء صوم يوم الاربعاء تم دعوی السيد الخوئي و السيد الحكيم و لكن الامام لم يقل لا تقضي صوم يوم الاربعاء، هو قال انا صمت يوم الخميس و لم اصم يوم الاربعاء لانه يوم الشك، ثم اعتقدت ان يوم الاربعاء اول الشهر فالامام لم يقل اعتقادك خطأ و انما حاول الامام ان يقول له لا تشل هم لم تصم يوم الاربعاء لست عاصيا، لست آثما لانه كان يوم الشك في ذلك الوقت، حصل لك الاعتقاد بعد ذلك بان يوم الاربعاء اول شهر رمضان هذا اعتقاد متأخر عن ذلك اليوم لا تعاطب روحك لماذا لم اصم يوم الاربعاء، نحن ايضا لم نصم يوم الاربعاء، انت تعتقد من خلال طول مكث الهلال في الافق ليلة الخميس ان شهر رمضان في هذه السنة بدأ من يوم الاربعاء هذا بحث آخر، الامام لم يقل لا يجب عليك القضاء حتی نقول بان اعتقادك خطأ، بل لعل الامام يريد ان يقول له لا تعاطب روحك لماذا لم اصم يوم الشك بعد ذلك ايضا لا تصم يوم الشك و لا تصم الا للرؤية.
انصافا هذا الاحتمال الذي ذكره السيد الزنجاني و حاول ان ينفي صراحة الصحيحة بل ظهورها في ان الامام يريد ان يقول طول مكث الهلال في الافق لا يكشف عن كون الليلة ليلة الثانية من شهر رمضان، هذه المحاولة من السيد الزنجاني خلاف الظاهر جدا. الامام حينما يكتب الی ابي علی بن راشد زادك الله توفيقا فقد صمت بصيامنا و لم يقل له فاقض ما فاتك من صوم يوم الاربعاء كما نحن نقضي، لم يقل ذلك، ثم بعد ما التقی ابو علی بن راشد بالامام عليه السلام الامام قال له أ و لم اكتب اليك انما صمت الخميس و لم يشر اليه انت تعتقد أو انت تعتقد اعتقادك في محله بناءا علی كون طول مكث الهلال في الافق كاشفا شرعا أو تكوينا عن كون الليلة ليلة الثانية من شهر رضمان لم يقل له الامام اقض صوم يوم الاربعاء و نحن نقضيه ايضا، هذا يعني انك لا يحتاج ان تقضي ذلك اليوم، انما صمت الخميس و لا تصم الا للرؤية فقد صمت بصيامنا.
اما التعبير بقوله فاعتقدت ان الصوم يوم الخميس و ان الشهر كان عندنا ببغداد يوم الاربعاء، نعم هذا يعني انه حصل له الاعتقاد بان طول مكث الهلال في الافق كاشف عن كون يوم الاربعاء اول شهر رمضان لكن الامام خطّأه في ذلك قال انت مخطيء ان كان هذا الاعتقاد مجرد الظن فالظن لا يغني من الحق شيئا اياك و التظني و لا تصم الا للرؤية و ان كان هذا الاعتقاد اعتقادا جازما فانت مشتبه لماذا حصل لك الاعتقاد الجازم. هذا هو الظاهر من الصحيحة.
الجواب عن الرواية المعارضة
لكن قد يقال بان هذه الصحيحة و ان كانت ظاهرة حسب تعبير السيد الحكيم أو صريحة حسب تعبير السيد الخوئي في عدم اعتبار بقاء الهلال في الافق بعد سقوط الشفق و الحمرة المغربية مع ذلك يوجد لها معارض: رواية اسماعيل بن الحر، حماد بن عيسی عن اسماعيل بن الحر، حماد بن عيسی من اصحاب الاجماع و قد يقال اجمعت العصابة علي تصحيح ما يصح عنهم فلا يضر جهالة حال اسماعيل بن الحر أو اسماعيل بن الحسن في نسخة اخری اذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلته و اذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين. و رواه الكليني عن محمد بن يحيی عن احمد بن محمد و محمد بن خالد جميعا عن سعد بن سعد عن عبدالله بن الحسين عن الصلت الخزاز عن ابي عبدالله عليه السلام. هذا السند الثاني ايضا ضعيف فان الصلت الخزاز مجهول كما ان عبدالله بن الحسين الذي يروي عنه ايضا مجهول. و لكن صحيح اذا غمض العين عن سند هذه الرواية فتكون هذه الرواية معارضة لصحيحة محمد بن عيسی لكن الاشكال في سند هذه الرواية.
هذا هو المطلب الاول.
هناك نكتة نذكرها و هي ان السيد الخوئي كالصدوق اعتمد علی كون التطويق كاشفا عن كون الهلال لليلة الثانية، اذا تطوق الهلال فهو لليلتين و اذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث يعني اذا نظرت الی قدامك وضع القمر اوجب ان ينعكس ظل رأسك قدامك فهذا يكشف ان هذه الليلة الليلة الثالثة من الشهر. و التطوق كما ذكر الاعلام و منهم السيد الخوئي ان يری الخط الدائري للقمر. فهل يمكن ان يبقی الهلال في الافق تقريبا ساعة و نصف و لا يتشكل له طوق؟ ما يمكن، لاحظوا و جرّبوا، يبقی الهلال في الافق ساعة و نصف كما هو القدر المتيقن من صحيحة محمد بن عيسی و لا يتشكل له طوق؟ ما يمكن. فكيف جمع السيد الخوئي بين كون التطويق دليلا علی كون الليلة الليلة الثانية و انكر بمقتضی صحيحة محمد بن عيسی و غيرها ان يكون طول مكث الهلال في الافق الی ما بعد سقوط الشفق بزمان طويل، انكر كون هذا دليلا علی كون الليلة الليلة الثانية من الشهر، فالصحيح ان نقول هذه الرواية متعارضة، لو تم ما دل علی كون التطويق دليلا علی ان الهلال لليلة الثانية كما يقول به السيد الخوئي فيكون متعارضا مع صحيحة محمد بن عيسی.
المطلب الثاني هو انما ذكره السيد الخوئي من انما دل علی كون التطويق دليلا علی كون الهلال لليلة الثانية معتبر و كاشف تكويني عن كون الليلة هي الليلة الثانية فالانصاف انه مشكل جدا لا لمجرد ان المشهور اعرضوا عن ذلك و ان كان اعراض المشهور مهما هنا، قضية الهلال قضيه مبتلی لعامة الناس من الشيعة و السنة و التطويق بمعنی رؤية الخط الدائري للقمر امر يحس به عادة و لم يتبن الشيعة أو السنة كون التطويق دليلا علی ثبوت الهلال في اليوم السابق عدی الشيخ الصدوق من القدماء و السيد الخوئي من المتأخرين. يصير هذا الخبر خبر شاذ و غريب. و لكن نحن مع غمض العين عن ذلك نقول: بحسب التطبيق مع الواقع الموضوعي هذا امر غريب. ينقل عن السيد السيستاني هذا المطلب ايضا. كما يقال بان رؤية الخط الدائري للقمر يتحقق كل شهر كان تاما و لم يكن ناقصا عادة بل قد يتبين الخط الدائري للقمر حتی في بعد مضي الشهر الناقص في اول الليلة من الشهر الجديد، لاحظوا الصور المنتشرة في هذه السنة أو السنوات الاخری بسهولة يتحقق ضوء ضعيف يتبين لناظر القمر و الخط الدائري حول القمر فكيف يصير هذا كاشفا تكوينيا عن كون الليلة هي الليلة الثانية كما يدعيه السيد الخوئي.
و هكذا ما ورد في ذيل الرواية: و اذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث، اشلون الليلة الثالثة ليست ليلة البدر، لم يأت القمر فوق رؤوسنا، القمر قريب من الافق الذي يسقط فيه الشمس، قريب من المغرب، لاحظوا الليلة الثالثة، هل يوجب انعكاس ضوءه علی الارض بحيث ينعكس ظل جسدنا و رأسنا علی الارض، كتجربة خارجية استبعد ذلك، انتم ايضا جربوا، و اذا رأيت ظلم رأسك فيه يعني شنو؟ حتی في القری. في البلدان الضوءالكهرباء يمنع من تجربة هذا الشيء، سافروا الی مكان ليس فيه ضوء صناعي، في الليلة الثالثة من الشهر، اشوي اشتد نور القمر، شنو؟ و القمر قريب من مغرب الشمس لانه يسقط بعد ساعات، نعم اشوي ضوء الليل صار اكثر من الايام السابقة اما هو بحيث ينعكس ظل جسدنا علی الارض، قريب جدا. فالانصاف ان هذه الرواية لا لمجرد اعراض المشهور عنها بل لاشتمالها علی امور غريبة يصعب الالتزام بها.
و بقية الكلام في ليلة الاربعاء ان شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين.