دانلود فایل صوتی 250406_2006 250406_2006
دانلود فایل خام 83-14461007 83-14461007

فهرست مطالب

فهرست مطالب

پخش صوت

250406_2006

الدرس: 83

الأستاذ: الشيخ محمد تقی الشهيدي

المبحث: البراءة الشرعیة

تنبیهات البراءة

التاريخ: الأحد 07 شوال 1446 ه.ق

 

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين و صلی الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين.

 

کان الکلام فی استصحاب عدم التذکیة اذا ذبحنا حیوانا نشک فی قابلیته للتذکیة فهل یجری استصحاب عدم التذکیة کما هو المشهور أم لا؟

کان هناک عدة اشکالات علی جریان استصحاب عدم التذکیة. وصلنا الی الاشکال الثانی، و هو ما یقال من أن التذکیة لیست امرا مسببا عن الذبح الخاص حتی نقول بأنه مع الشک یجری استصحاب عدم المسبب، بل هو عنوان منطبق علی نفس الذبح الخاص. و نحن حینما نذبح الارنب لا نشک أننا ماذا صنعنا. نشک فی حکم الشارع، هل الشارع قال ذبح الحیوان الذی لیس بکلب و لا خنزیر موجب لطهارته، أو قال ذبح الحیوان الاهلی موجب لطهارته. فإن کان الحکم الشرعی بالنحو الاول صار هذا الارنب بعد ذبحه طاهرا بل حلالا، و اذا کان بالنحو الثانی لم یصر طاهرا أو حلالا. لیس هناک اصل موضوعی یرجع الیه، بل تصل النوبة الی الاصل الحکمی و هو التمسک باصالة الطهارة و الحل.

أجاب السید الخوئی عن هذا الاشکال بأنه حتی لو کان عنوان التذکیة عنوانا منطبقا علی الذبح الخاص مع ذلک هذا العنوان ینطبق علی ذبح الحیوان بشرط قابلیة ذلک الحیوان للتذکیة. و هذا المرکب مشکوک.

أجبنا عنه بأن المشکوک هو الحکم الشرعی، و الا عنوان التذکیة عنوان مشیر الی واقع تکوینی لا یشک فیه، و إنما یشک فی أن الشارع اشار بقوله المذکی طاهر الی کل حیوان مذبوح لیس بکلب و لا خنزیر حتی ینطبق علی هذا الارنب المذبوح، أو اشار الی الحیوان الاهلی المذبوح حتی لا ینطبق علی هذا الارنب المذبوح. فالانصاف أن هذا الاشکال الثانی لا یرد علیه و لا یدفعه کلام السید الخوئی. جواب السید الخوئی عن هذا الاشکال الثانی لم یتم.

ولکن هناک اشکال آخر عن هذا الاشکال الثانی، و هو ما یقال من أن الظاهر من الادلة أن التذکیة أمر مسبب عن الذبح الخاص و لیس عنوانا منطبقا علیه. فإنه ورد فی موثقة ابن بکیر عن زرارة: «ذکاه الذبح أو لم یذکه». فإن کان المراد من التذکیة نفس الذبح، لم یتناسب أن یقول ذکاه الذبح أی ذبحه الذبح. ظاهر قوله ذکاه الذبح أن الذبح سبب لتحقق التذکیة. لا أن عنوان التذکیة مشیر الی نفس الذبح الخاص.

و اما ما یقال من أنه وجد فی بعض النسخ «ذکاه الذابح أو لم یذکه»، فیقال: بأن النسخ المعتبرة لا یوجد فیها التعبیر بأنه ذکاه الذابح.

هذا الجواب الثانی اشکاله: أنه لماذا اقتصر علی هذه الروایة؟ هناک روایات اخری ظاهرها أن التذکیة عنوان منطبق علی نفس الذبح الخاص أو علی نفس العملیة الخاصة کالصید أو الاخراج من الماء حیا بالنسبة الی السمکة. فورد فی بعض الروایات: «إن قتله ذکاته»، «إن صیده ذکاته». إن قتله یعنی قتل الکلب المعلم للحیوان ذکاته. ذکاة الحیوان نفس قتل الکلب المعلم له. ظاهره العینیة بین تذکیة الحیوان و بین صید الکلب المعلم له. لم یقل صیده أوجب ذکاته، بل قال صیده ذکاته.

فهذا الظهور فی أن التذکیة عنوان منطبق علی نفس الذبح أو الصید و نحو ذلک أو ما ورد من أن ذکاة السمک اخراجه من الماء حیا یتصادم مع ظهور قوله «ذکاه الذبح» فی أن الذبح سبب للتذکیة.

و بذلک لا یثبت هل التذکیة مسبب اعتباری عن الذبح الخاص أو الصید الخاص کما یدل علیه ذکاه الذبح، أو أن عنوان التذکیة عنوان منطبق علی هذه العملیات الخاصة کما یدل علیه قوله «صیده ذکاته»، «قتله ذکاته»، «ذکاة السمک اخراجه من الماء حیا» و نحو ذلک. فنبقی شاکین، فما جزم به المشهور حسب الظاهر من أن التذکیة عنوان مسبب عن الذبح الخاص، لا یتم الدلیل علیه لتعارض الروایات.

إن قلت: فی نفس الوقت نوجه الاشکال علیکم نقول: أیضا لم یثبت أن التذکیة عنوان منطبق علی الذبح الخاص.

نقول فی الجواب: نعم صحیح، لکن یکفینا الشک. نحن ذکرنا مثالا اذکر ذلک المثال لتوضیح المطلب:

اختلف الاعلام فی أن الطهارة ما هی نسبتها الی الوضوء. هل نسبتها الی الوضوء نسبة العنوان الی المعنون کما یقول به السید الخوئی، أو نسبتها الی الوضوء نسبة المسبب الی سببه التولیدی کما یراه السید السیستانی وفاقا للمشهور و یستدل علیه بقوله علیه السلام «لمکان أنه دخل الصلاة بطهر بتیمم»، فیقول بأن ظاهر الباء هو السببیة. فمن یقول بأن عنوان الطهارة عنوان منطبق علی الوضوء کالسید الخوئی، اذا شک فی شرائط الوضوء یجری البراءة، لأنه لیس الشک فی شرائط الوضوء من الشک فی المحصل، بل شک فی متعلق التکلیف. بینما أن السید السیستانی أو فقل المشهور حیث یقولون بأن نسبة الطهارة الی الوضوء نسبة المسبب الی سببه یکون الشک فی صحة الوضوء أو فقل الشک فی شرائط الوضوء من الشک فی المحصل، فتجری قاعدة الاشتغال.

نحن قلنا بأن الادلة هناک أیضا متکافئة، لم یثبت لنا هل الواجب هو الصلاة المقیدة بالوضوء و الذی سمی بالطهور (فإن هذا مقتضی الآیة الکریمة "اذا قمتم الی الصلاة فاغسلوا وجوهکم") أو أن الصلاة مقیدة بالطهارة و الطهارة مسببة عن الوضوء. بقینا شاکین. فنحن یکفینا هذا الشک. هناک قلنا بأننا نجری برائتین: براءة عن اشتراط الصلاة بالعنوان المسبب الذی یکون موجبا للکلفة، حیث إن اشتراط الصلاة بالمسبب یوجب جریان قاعدة الاشتغال، نجری البراءة عن اشتراط الصلاة بالطهارة المسببة عن الوضوء فنتخلص منه. ثم نأتی الی الشک فی شرائط الوضوء، نجری براءة ثانیة عن اشتراط الصلاة بالوضوء المقید برعایة الترتیب فی مسح الرجلین، و بذلک حصلنا المؤمن الشرعی. نتوضأ بلا رعایة الترتیب فی مسح الرجلین و نصلی و نکتفی بذلک استنادا الی البراءتین. بینما أن السید الخوئی یجری براءة واحدة و هی البراءة عن اشتراط الوضوء بهذا الشرط المشکوک.

هنا أیضا نقول ولکن النتیجة تختلف عن نتیجة بحث الوضوء. نقول: المشهور یجب أن یثبتوا أن التذکیة عنوان مسبب عن الذبح الخاص و یکون استصحاب عدم التذکیة اصلا موضوعیا مثبتا لحرمة أو نجاسة هذا الارنب المذبوح. و اذا شککنا هل عنوان التذکیة عنوان مسبب أو عنوان منطبق علی نفس ذبح الخاص، فنشک فی کون استصحاب عدم التذکیة اصلا موضوعیا لاثبات الحرمة و النجاسة. و مادمنا لا نعلم بأن هذا اصل موضوعی فلا یکون حاکما علی الاصل الحکمی و هو اصالة الطهارة و الحل.

اذکر لکم مثالا آخر: وقع الکلام فی أن موضوع وجوب القضاء بناءا علی کون القضاء بأمر جدید لا بناءا علی مسلک السید الحکیم الجد و السبط من أن القضاء بالأمر الاول (یعنی بمجرد دخول الوقت ثبت وجوبان: وجوب طبیعی صلاة الصبح مثلا و وجوب اداء الصبح فی الوقت، فإذا خرج الوقت و شککنا فی أننا هل صلینا صلاة صحیحة فی الوقت تجری قاعدة الاشتغال بالنسبة الی وجوب طبیعی صلاة الصبح) لا بناءا علی عدم قبول هذا المبنا و اختیار أن القضاء بأمر جدید اذا شککنا هل موضوع وجوب القضاء هو عدم الاتیان بالفریضة أو أن موضوعه فوت الفریضة، و استصحاب عدم الاتیان لا یثبت الفوت الا بنحو الاصل المثبت، لأنه اشرب فی عنوان الفوت حیثیة وجودیة و هو ذهاب المصلحة من الکیس. اذا شککنا نرتاح و لا نحتاج أن ندعی مثل السید الخوئی أن وجوب القضاء موضوعه فوت الفریضة و هذا لا یثبت باستصحاب عدم الاتیان الی آخر الوقت. لا، نقول نحن شاکون و مادمنا نحتمل أن موضوع وجوب القضاء عنوان وجودی و هو فوت الفریضة فلا نحرز أن استصحاب عدم اتیان الصلاة الی آخر الوقت یکون اصلا موضوعیا حاکما علی البراءة عن وجوب القضاء فتصل النوبة الی البراءة عن وجوب القضاء بلا أی محذور.

هنا ایضا هکذا نقول. نقول اذا احرزنا أن التذکیة مسبب عن الذبح الخاص و مع الشک فی تحقق الذبح الخاص للشک فی قابلیة الارنب للتذکیة نحرز أن استصحاب عدم التذکیة اصل موضوعی مثبت لنجاسة الارنب المذبوح و حرمته. و اما اذا نحتمل أن التذکیة عنوان منطبق علی الذبح الخاص و لا یکون استصحابا و اصلا موضوعیا مثبتا لنجاسة هذا الحیوان المذبوح أو حرمته فلیس هناک اصل حاکم. لأن الاصل الحاکم السببی بوصوله حاکم لا بوجوده الواقعی المشکوک. فتصل النوبة الی البراءة عن الحرمة أو النجاسة فی الارنب المذبوح أو أی حیوان شک فی تذکیته.

و بهذا تم البحث عن هذا الفرض و هو الشک فی قابلیة الحیوان للتذکیة، فإنه بناءا علی المختار تجری قاعدة الحل و اصالة الطهارة و لا یجری استصحاب عدم التذکیة.

الفرض الثانی لمورد الشک فی التذکیة: أن نحرز القابلیة الذاتیة للحیوان للتذکیة و نحتمل طرو مانع عن قبول هذا الحیوان للتذکیة عرضا. کما لو شربت الشاة لبن الکلب و نبت لحمها من لبن الکلب. نشک أن هذه الشاة هل بقیت قابلة للتذکیة أم لا.

إن کان هناک اطلاق فی الادلة یثبت قابلیة الشاة التی شربت من لبن الکلب للتذکیة، فنرجع الی ذلک الاطلاق.

و لکن لو لم یکن هناک اطلاق، السید الخوئی ذکر: أنه یرجع الی اصالة عدم المانع.

و هذا غریب. فإن استصحاب عدم المانع لا یثبت أن هذه الشاة التی ذبحت صارت مذکاة، لأن هذا اصل مثبت. نعم لو علمنا أن الشارع حکم بأن الشاة التی لم تشرب من لبن الخنزیر مثلا هی قابلة للتذکیة و صار لدینا شبهة موضوعیة فی أن هذه الشاة هل شربت من لبن الخنزیر أم لا، هنا نجری استصحاب عدم شرب هذا الشاة من لبن الخنزیر و یکون الحکم بالتذکیة فی هذه الشاة حکما شرعیا مترتبا علی هذا الموضوع الذی اثبتناه بالاصل.

و أین هذا من الشبهة الحکمیة. ففی الشبهة الحکمیة کما لو شربت الشاة من لبن الکلب و لیس لدینا اطلاق نرجع الیه لاثبات قابلیة هذه الشاة للتذکیة، فعلی مسلک المشهور و منهم السید الخوئی لابد أن یجری استصحاب عدم التذکیة.

فإذن ما ذکره السید الخوئی فی مصباح الاصول الجزء 2 صفحة 313 من أنه اذا شک فی أن الجلل الحاصل مانع عن التذکیة أم لا شبهة حکمیة فیرجع الی اصالة عدم تحقق المانع، هذا الکلام الذی نسب الی السید الخوئی کلام غریب. فإن استصحاب عدم تحقق المانع فی الشبهة الحکمیة کیف یجری؟ نحن نعلم بأن هذه الشاة شربت من لبن الکلب أو هذه الشاة صارت جلالة. الا أن تقولوا بأننا نجری استصحاب تعلیقی: هذه الشاة لو ذبحت قبل أن تصیر جلالة لصارت مذکی و الآن کما کان. هذا استصحاب تعلیقی و لا یقول به السید الخوئی بل و لا یقول به غیره فی هذا المثال.

فإذن مقتضی رأی المشهور هو جریان استصحاب عدم التذکیة فی هذا الفرض الثانی أیضا.

و لکن نحن فی فصحة من ذلک، لأننا منعنا من جریان استصحاب عدم التذکیة. فالمرجع یکون الاصل الحکمی و هو اصالة الطهارة و الحل.

یقع الکلام فی الفرض الثالث و هو الشک فی شرائط الذبح شرعا أو فی تحقق شرائط الذبح. جائوا لحوم الی بغداد، من الذی جاء به؟ شرکات حکومیة أو اهلیة غیر ملتزمة احیانا، لحم دجاج لذیذ لکن مشکوک التذکیة، قاعدة یشک فیه بنحو الشبهة الموضوعیة هل تحقق الذبح الواجد للشرائط بالنسبة الی هذا الدجاج أم لا. ماذا نصنع؟ نتکلم عن ذلک فی لیلة الاربعاء إن شاءالله.

و الحمد لله رب العالمین.