الدرس 77-282
الإثنين – 18 شعبان المعظم 46
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
ذكر صاحب العروة ان الطريق السادس لاثبات الهلال حكم الحاكم الذي لا يعلم خطأه و لا خطأ مستنده.
حصول العلم التعبدي بخطأ حکم الحاکم
انا ألفت نظركم الی شيء و هو انه قد لا يحصل العلم الوجداني بخطأ حكم الحاكم و لكن يحصل علم تعبدي بذلك فان من يری عدم كفاية رؤية الهلال بالعين المسلحة و لكن لو كان الحاكم الشرعي يری كفاية ثبوت الهلال بالعين المسلحة حكم بدخول الشهر علی اساس رؤية الهلال بالعين المسلحة و هو معترف انه لا يمكن رؤية الهلال بالعين المجردة، نحن لا نعلم وجدانا بخطأ الحاكم و انما من خلال اجتهادنا أو تقليدنا لمن يقول بعدم كفاية رؤية الهلال بالعين المسلحة علمنا تعبدا بعدم كفايتها، مقتضی الصناعة انه داخل بالعلم بخطأ الحاكم في حكمه، عندنا علم تعبدي بخطأه.
هناك شذوذ فقهي في ان يقال بان حكم الحاكم نافذ حتی حكمه الابتدائي في الشبهات الحكمية علی الآخرين. مثلا لو كان رأي الحاكم كفاية رؤية الهلال بالعين المسلحة يقول حكمت بكفاية رؤية الهلال بالعين المسلحة، هذا الفقيه الذي تعبان علی روحه ذكر ادلة متعددة علی عدم كفاية رؤية الهلال بالعين المسلحة قد يقال و ينسب ذلك الی صاحب الجواهر انه بعد ذلك لا يجوز له ان يعمل وفق اجتهاده لان الحاكم حكم في شبهة الحكمية بما وصل اليه نظره. و يستفيد صاحب الجواهر هذا من اطلاق قوله فاني جعلته عليكم حاكما.
و هذا استبعد ان صاحب الجواهر يلتزم به. اذا كان هناك مرافعة اختلف الموجر و المستأجر أجّر داره الی اول الشهر ثم اختلفا هذا يقول انا مقلد لفلان الذي يقول اول الشهر يكفي فيه ثبوت الهلال برؤيته بالعين المسلحة و الان اول الشهر اطلع من بيتي، ذاك المستأجر يقول انا مقلد من يقول بلزوم رؤية الهلال بالعين المجردة و الليلة ما شافوا الهلال بالعين المجردة فانا الی باچر اكون بخدمتكم ما اطلع من بيتكم. فتنازعا، ذهبا الی الحاكم الشرعي هو طبعا حسب تشخيصه سيفتي بما وصل اليه رأيه فيقول حكمت بان هذه الليلة اول الشهر فيقول للمستأجر اطلع من هذا البيت، حتی لو كان هذا المستأجر فقيها، يكون يعمل بحكم الحاكم في المرافعات أو اختلفا في اول الشهر الحرام كشهر رجب أو شهر ذي القعدة و ذي الحجة و المحرم الحرام و صار حادث، قتل هذا بقتل خطأيي مثلا شخصا في هذه الليلة، ولي المقتول يقول هذه الليلة ليلة رجب، اول رجب أو اول ذي القعدة فيكون تدفع الدية المغلّظة يعني الدية الكاملة و الثلث، القاتل خطأ يقول ليش ادفع دية كاملة و ثلث؟ ذاك يقول لان هذه اليلة رؤي الهلال فيها بالعين المسلحة و ثبت انها اول ليلة لرجب، القاتل يقول انا اقلد من يقول لا يكفي رؤية الهلال بالعين المسلحة فالليلة آخر جمادي الثانية، اختلفا فترافعا الی الحاكم الشرعي، الحاكم الشرعي كل ما يحكم به يكون نافذ عليهما، هذا صحيح، لا كلام لنا فيه، لكن اذا لم يكن هناك تنازع، بس هو الحاكم صار بناءه يحكم بما وصل اليه رأيه، حكمت بانه يكفي في رؤية الهلال رؤيته بالعين المسلحة، حكمت بذلك.
عدم نفوذ حکم الحاکم علی الفقهاء الآخرین
قد يستفاد من كلام صاحب الجواهر انه لا يجوز لسائر الفقهاء و لو كانوا اعلم من ذلك الحاكم الشرعي ان يعملوا وفق رأيهم الفقهي.
انا اتعجب، مقبولة عمر بن حنظلة واردة في المرافعات، بينهما منازعة في دين أو ميراث يقول الامام فانظروا الی من روی حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا فارضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكما اي حاكما في هذه المرافعة و المنازعة يحكم بينكم اما ان بعض الفقهاء يحبون ذلك، فقيه في اقل مراتب الفقاهة قد يكون استوی في الحوزة درس و صار فقيها و لكن يقول انا حكمت حتی جيرانه ما يعرفوه، حسب كلام صاحب الجواهر هكذا، حتی جيرانه ما يعرفوه، يقول حكمت انه مثلا العرق الجنب من الحرام نجس، السيد السيستاني بعد ذلك ما يتجرأ يقول لا انا اری ان عرق الجنب من الحرام مو نجس، هذا امر بعيد جدا و ما اظن ان صاحب الجواهر يقبل ذلك و ان كان كلامه يترائی منه انه يدعي ذلك لكن يبعّد ذلك عنه مقامه العلمي فان هذا كلام لا يتفوّه به من هو في مستوی صاحب الجواهر.
فوصلنا الی نتيجة انا لو اختلفنا مع الحاكم الشرعي في ثبوت الهلال بالعين المسلحة أو العين المجردة فهذا يعني اننا نعلم بخطأ حكمه اذا علمنا بانه لا يمكن رؤية الهلال بالعين المجردة. هذا مطلب اختلفنا فيه مع بعض الاعلام المرحومين.
كلام السيد سعيد الحكيم
ذكرنا في قضية نفوذ حكم الحاكم كلام السيد الحكيم في المستمسك ثم ذكرنا كلام السيد الخوئي، اذكر كلام السيد سعيد الحكيم رحمة الله عليه في مصباح المنهاج، هو انكر نفوذ حكم الحاكم فقال قد يستدل لنفوذ حكم الحاكم بانه من مناصب الامام المعصوم و قام الدليل علی قيام الفقيه مقام الامام المعصوم، يقول كل دليل ما عندنا علی قيام الفقيه مقام الامام المعصوم حتی هو ينكر ولاية الفقيه علی اجراء الحدود، يقول ما عندنا دليل علی ولايته علی ذلك.
ثم قال و قد يستدل له (و المستدل هو جده في المستمسك) بان القضاة في عصر الائمة عليهم السلام يحكمون في امر الهلال و مقبولة بن حنظلة جعلت للفقيه كل ما كان من شؤون القضاة في ذلك العصر، يقول السيد سعيد الحكيم كما قال السيد الخوئي بانه لم يعلم ان حكم بعض القضاة في ذلك الزمان في الهلال كان لاجل انه قاض.
انصافا هذا الاشكال صحيح. في ذلك الزمان إما ان الامير في البلد كان يحكم بثبوت الهلال لتنظيم امور البلد أو ان قاضي القضاة يحكم بذلك لا كل قاض و قاضي القضاة لا لاجل انه قاضي لاجل انه مخوّل اليه بعض امور تنظيم البلد.
يقول السيد سعيد الحكيم و الا فكان هناك قضات من قبل الائمة عليهم السلام بعد ما نصب الامام الصادق عليه السلام الفقهاء كقضات في ذلك الزمان هل عُهد من فقيه انه قال حكمت بثبوت الهلال؟ و كان الشيعة في الكوفة أو في قم أو في بغداد عندهم شعبية و عندهم نشاط اجتماعي و لم يسمع ان فقيها من الفقهاء قال حكمت بثبوت الهلال.
هذا محصل كلام السيد الحكيم في مصباح المنهاج. فانكر بذلك ولاية الفقيه علی الحكم بثبوت الهلال. و حاصل كلامه انكار الولاية المطلقة للفقيه، قال ما عندنا دليل علی انه يثبت للفقيه كل ما ثبت للامام عليه السلام في الشؤون العامة، ما عندنا دليل علی ذلك. و اما ان الحكم بالهلال كان من شؤون القضاة هذا ايضا ممنوع. فهذا محصل كلام السيد الحكيم في مصباح المنهاج.
المختار: عدم نفوذ حکم الفقيه غير المتصدي في الهلال
انصافا نفوذ حكم الفقيه في الهلال لا دليل عليه مطلقا. اشكد فقهاء اك في قم في النجف كل واحد منهم يقول انا لي ولاية علی الحكم بثبوت الهلال حكمت و يصدّر بيان: حكمت بأن غدا عيد الفطر. نعرفه، علی علمية لا بأس بها لكن ما عندنا اي دليل علی نفوذ حكمه في قضية الهلال. و ما يتوهم هو ان يكون للمتصدي للشؤون العامة بالفعل الولاية علی الحكم بثبوت الهلال. من ليس متصديا، قاعد في بيته يدرّس يقول حكمت بان غدا يوم العيد ما عندنا دليل علی نفوذ حكمه. فاذن نلحظ الروايات هل يستفاد منها نفوذ حكم المتصدي بالفعل للشؤون العامة ام لا.
المهم ليس ما استدل به السيد الحكيم في المستمسك من ان الحكم بثبوت الهلال كان من شؤون القضاة فانه يرد عليه اشكال واضح: لم يكن من شؤون مطلق القضاة كان من شؤون الولاة لاجل تنظيم امور المجتمع و في الامور الاجتماعية يريدون تنظيم الامور و الناس يمشون علی وفق التاريخ الرسمي اما ان المؤمنين يتبعوهم في امر الصوم و الافطار و نحو ذلك و الا يلزم الهرج و المرج، لا، يا هرج يا مرج كل شيء ماكو. في زماننا اشكد اختلاف اك، الاب يصوم الابن يفطر، ذاك يقول مرجعي اعلن ان اليوم يوم عيد الفطر فيفطر ابوه يقول مرجعي يقول هذا اليوم مو يعد الفطر يوم ثلاثين من شهر رمضان فاصوم، هل صار الهرج و المرج؟ نعم في القضايا الاجتماعية في دائرة البلاد و نحو ذلك الحكومة تنفّذ قراراتها، تشوفون بالحج في السعودية يعلنون انه غدا اول ذي الحجة مثلا، اليوم اول ذي الحجة و يمشون عليه، في سنة غيّروا التاريخ يعني اعلنوا مثلا انه مثلا اليوم اول ذي الحجة ثم بعد رجوع الحجاج من الحج رجعوا الی تاريخ امس يعني هم عرفوا بانهم كانوا مشتبهين حسب الظاهر. علی اي حال الحكومة تنفذ و تمشي امورها هي تمنع من الهرج و المرج من دون حاجة الی نفوذ حكمه شرعا و لا عرفا، تمشي قراراتها كقانون يصير تاريخ رسمي. اما انه اذا في القضايا الشخصية ما يكون حكم الحاكم في امر الهلال نافذ يلزم الهرج و المرج؟ لا يلزم لا الهرج و لا المرج. نعم كان الحاكم في ذلك الزمان لاجل تمشية الامور الاجتماعية لانهم يمشون علی وفق التاريخ القمري يعلنون ان باچر اول الشهر مثلا و يمشون امورهم الحكومية و الادارية، هذا طبيعي و لا يحتاج الی ولاية شرعية.
النقاش في الادلة الخاصة في ولاية الفقيه
صحيحة محمد بن قيس: اذا شهد عند الامام شاهدان
فالمهم ان نلحظ الادلة الخاصة و الادلة العامة في ولاية الفقيه. اما الادلة الخاصة فالمهم فيها صحيحة محمد بن قيس: اذا شهد عند الامام شاهدان انهما رأيا الهلال أمر الامام بافطار ذلك اليوم.
فيقال اولا: هذا يعني ان الامام يأمر بسبب شهادة عدلين بثبوت الهلال و الناس يطيعوه، هذا يعني نفوذ حكم الحاكم مطلقا و لو كان ناشئا عن تشخيصه الشخصي؟ الحاكم يقول انا من خلال القرائن، من خلال متابعة الاخبار حصل لي الوثوق برؤية الهلال، ما عندي شاهدان عدلان، لكن خلال متابعته للاخبار و المواقع الفلكية حصل لي الوثوق بان باچر اول الشهر هل هذه الرواية تشمله؟ اذا شهد عند الامام شاهدان انهم رأيا الهلال أمر الامام بافطار ذلك اليوم، اما من يطيعه؟ الذي يثق بانه لا يأمر الا بعد ما يشهد عنده شاهدان عدلان لانه لم يقل و يجب علی الناس اطاعته مطلقا.
هذا هو الاشكال الاول و سنتكلم في تعميق هذا الاشكال أو الملاحظة عليه.
الاشكال الثاني ما ذكره جمع كثيرون كالسيد الحكيم الجد و السيد الحكيم السبط و السيد الخوئي و غيرهم ذكروا ان الامام في عرف الشيعة ينصرف الی المعصوم، لم يعهد استعمال لفظ الامام في مطلق الامير، نعم قد يستعمل بالقرينة في مطلق الامير، الامام عليه السلام سقط من دابته حينما كان يذهب الی عرفات للوقوف فوقف امير الحاج في تلك السنة عند الامام فقال له الاما سرْ يعني روح فان الامام لا يقف، لا تقف اهنانة، انا اقعد من دابتي و لكن انت لماذا تقف معي؟ انت روح، سر أمام الحجاج فان الامام لا يقف. قصد به امير الحاج. أو يطلق الامام علی امام الجماعة في صلاة الجماعة عندنا تعبير بالامام و يقصد به امام الجماعة. اما الامام بلا قرينة ففي عرف الشيعة يراد به الامام المعصوم.
هذا هو الاشكال الثاني. و لا اقل من انه لا يشمل كل فقيه. افرض اهنانة في قم مأة فقيه، فعندنا مأة امام؟ كل فقيه امام؟ امام المسلمين، يا ابه اشكد امام للمسلمين؟!!.
فحتی لو قلنا بان الامام ان شئت فاجعله اشكالا ثالثا ذكره السيد الزنجاني و هو اننا قد نقول بان الامام يراد به من هو متصدي بالفعل للزعامة و لكن في الفقه ذكروا نفوذ حكم الفقيه و هذا لا يدل عليه دليل و الامام لا يطلق علی كل فقيه فان اريد من نفوذ حكم الحاكم حكم المتصدي للشؤون العامة بالفعل فهذا مما لم يفت به الفقهاء، الفقهاء حينما قالوا الطريق السادس لثبوت الهلال حكم الحاكم لم يقصدوا به المتصدي لادارة المجتمع، قصدوا به حكم الفقيه، يقول السيد الزنجاني هذا الذي قصدوه لا يدل عليه دليل و اما ان يراد نفوذ حكم الزعيم الذي هو متصدي لارادة المجتمع بالفعل فهذا مما لم يرد في كلام الفقهاء، لم يقل به احد من الفقهاء. فهذا الاشكال الثالث اشكال السيد الزنجاني.
ان شاء الله في الليلة القادمة نبدأ بذكر روايات عبّر فيها بلفظ الامام حتی نشوف هل الظاهر من لفظ الامام الامام المعصوم كما قال به السيد الحكيم في المستمسك و السيد الخوئي و السيد الحكيم في مصباح المنهاج أو ان المراد به مطلق الحاكم و لو كان حاكما جائرا كما قال به السيد الداماد، امام يعني حاكم، امير، لا بد للناس من امير بر أو فاجر. السيد الداماد لم يذكر هذا في المقام لكن ذكره في خمس الغنيمة قال اذا كان غزوهم مع امير أمّره الامام عليه كان خمس الغنيمة للامام و ان غزوا بغير امام أمره الامام عليه كان الغنيمة كلها للامام، يقول السيد الداماد الحروب ذلك الوقت كان بيد من؟ كان بيد الخلفاء الجائرين، الامام العادل ما كان متصدي، فالمراد من انه اذا كان غزوهم و خروجهم للحرب مع الكفار مع امير أمّره الامام عليهم يعني امره الحاكم عليهم.
فهل المراد من الامام الامام المعصوم الذي هو يصير اضيق المحتملات أو مطلق الحاكم و لو كان حاكما جائرا، امير مملكة فلان عادل غير عادل اشمدرينا هو يحكم و يكون نافذا علی شعبه. هذا الاحتمال لابد ان ندرسه. أو ان المراد من الامام الحاكم العادل و الذي ذهب اليه جمع من المعاصرين.
هذا بحث مهم نتكلم فيه ان شاء الله في الليلة القادمة.
و الحمد لله رب العالمين.