دانلود فایل صوتی 250217_1915 250217_1915
دانلود فایل خام 77-14460818 77-14460818

فهرست مطالب

فهرست مطالب

پخش صوت

250217_1915

الدرس: 77

الأستاذ: الشيخ محمد تقی الشهيدي

المبحث: البراءة الشرعیة

ادلة الأخباریین علی الاحتیاط فی الشبهات الحکمیة

التاريخ: الاثنین 18 شعبان المعظم 1446 ه.ق

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين و صلی الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين.

 

ذکرنا روایات استدل بها علی وجوب الاحتیاط و اجبنا عنها. و لکن نغمض العین فعلا عن تلک الاجوبة فنلحظ النسبة بینها و بین ادلة البراءة. حیث إن العمدة فی ادلة وجوب الاحتیاط ما ورد بلسان الامر بالوقوف عند الشبهة، فنلحظ النسبة بینه و بین حدیث الرفع. طبعا یکون نغمض العین عما اجبنا به من ان دلیل البراءة الشرعیة یرفع موضوع الشبهة، فإن الشبهة بقول مطلق ما لا یعلم بورود الترخیص الشرعی فیه ولو ترخیصا فی مورد الشک فی الحکم الواقعی أی الترخیص الظاهری. فبناءا علی ورود حدیث الرفع و دلیل البراءة الشرعیة علیه فلا اشکال، و لکن یکون نغمص العین عن ذلک. کما یکون نغمض العین عما اجاب به السید الخمینی و السید السیستانی من أن هناک قرائن توجب حمل الامر بالوقوف عند الشبهة علی الاستحباب. فمع غمض العین عن هذین الجوابین و کذا غمض العین عن جواب ثالث و هو أن الامر بالوقوف عند الشبهة حیث علّل بأن الوقوف عند الشبهة خیر من الاقتحام فی الهلکة ففرض تنجز الشبهة فی رتبة سابقة، فلا یکون هذا الخطاب سببا لتنجز شبهة لم تکن متنجزة قبل ورود هذا الخطاب. هذا الجواب الأخیر ایضا مما ذکره السید الخوئی و لکن حیث نرید نلحظ النسبة بین الدلیلین نغمض العین عن هذا الجواب الثالث ایضا.

فإذن یکون نلحظ ما هی النسبة بین حدیث الرفع و حدیث الامر بالوقوف عند الشبهة.

ذکر جمع من الاعلام أن دلیل البراءة کحدیث الرفع اخص مطلقا من دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة، لأن حدیث الرفع خاص بالشبهة البدویة التی إما شبهة موضوعیة أو شبهة حکمیة بعد الفحص و الیأس عن الظفر بالدلیل. بینما أن الامر بالوقوف عند الشبهة مطلق. فنخصص عموم دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة بحدیث الرفع فی خصوص الشبهات البدویة الموضوعیة و الحکمیة بعد الفحص. و نحمل الامر بالوقوف عند الشبهة علی الشبهة البدویة الحکمیة قبل الفحص أو الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالی.

هذا البیان مبنیّ علی أمرین: الأمر الاول: أن لا نقبل شمول حدیث الرفع لفرض الغفلة و الجهل المرکب. و الا فدلیل الامر بالوقوف عند الشبهة لا یشمل فرض الجهل المرکب و فرض الغفلة، لأن الخطاب بالاحتیاط عند الشبهات یختص بمن یلتفت و یشک فی ثبوت التکلیف لا من یکون معتقدا بعدم التکلیف أو یکون غافلا عنه. فمورد افتراق حدیث الرفع یکون فرض الجهل المرکب و الغفلة عن التکلیف الواقعی. رفع عن امتی ما لا یعلمون یمکن أن یختص حدیث الرفع بالتکلیف الذی لا یلتفت الیه المکلف ولو بنحو الجهل البسیط. فإذن بنائا علی ما ذکرناه سابقا من أن اطلاق حدیث الرفع یشمل الجهل المرکب فتکون النسبة بین حدیث الرفع و دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة العموم و الخصوص من وجه. و یتعارضان فی مورد الاجتماع و هو الشبهة الحکمیة بعد الفحص فیتساقطان فی مورد الاجتماع.

فإذن یبتنی دعوی اخصیة حدیث الرفع من دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة علی عدم شمول حدیث الرفع لفرض الجهل المرکب و الغفلة، و هذا ممنوع. نحن ندعی ان اطلاق حدیث الرفع یشمل فرض الجهل المرکب.

الامر الثانی: ان لا نقول کما قال السید السیستانی بأن دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة خاص بالشبهة التحریمیة. یقول قف عند الشبهة، یکون تحتاط، یکون تجتنب عن الشبهة، و هذا لا یشمل الشبهة الوجوبیة.

فإذن یکون مورد افتراق حدیث الرفع الشبهة الوجوبیة. و یتعارض مع دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة فی مورد الشبهة الحکمیة التحریمیة.

و ما ذکره السید السیستانی من اختصاص الامر بالوقوف عند الشبهة بالشبهة التحریمیة فی محله.

إن قلت: التعلیل یوجب الغاء الخصوصیة عن مورد الشبهة التحریمیة. أی فرق بین الشبهة التحریمیة و الشبهة الوجوبیة فی کون الاحتیاط اولی من الاقتحام فی الهلکة.

نقول فی الجواب: نعم! اذا کانت الشبهة متنجزة فی حد نفسها مع غمض العین عن هذا الخطاب، فلا فرق بین الشبهة الوجوبیة و التحریمیة. الملاک واحد فی وجوب الاحتیاط و أن الاحتیاط خیر من الاقتحام فی الهلاک. و أما اذا کان نفس هذا الخطاب الذی یأمر بالوقوف عند الشبهة و یقول الوقوف عند الشبهة خیر من الاقتحام فی الهلکة نفس هذا الخطاب یرید ینجز الشبهة، هذا الخطاب لا ینجز الا الشبهة التحریمیة. فإذا لا ینجز الشبهة الوجوبیة فلیس هناک احتمال الهلاک و العقاب. بخلاف الشبهة التحریمیة.

فإذن نحن لا نسلم اخصیة حدیث الرفع من دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة.

ثم إنه قد یقال: بأن حدیث الرفع لماذا یختص بالشبهة الحکمیة بعد الفحص أو الشبهة الموضوعیة البدویة و لا یشمل الشبهة قبل الفحص و الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالی؟ و حدیث الرفع یقول رفع ما لا یعلمون و هذا یشمل جمیع الشبهات، فتکون النسبة بین حدیث الرفع و دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة بناءا علی عموم دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة للشبهات الوجوبیة نسبة التباین، حدیث الرفع یقول لا یجب الاحتیاط، دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة یقول یجب الاحتیاط، فتکون النسبة بینهما نسبة التباین. و اذا قلنا کما یقول السید السیستانی بأن الامر بالوقوف عند الشبهة یختص بالشبهة التحریمیة فهذا الخطاب الذی یأمر بالوقوف عند الشبهة یکون اخص مطلقا من حدیث الرفع. لأن حدیث الرفع مطلق یعم الشبهة الوجوبیة و التحریمیة، و ورد علیه عدة مخصصات، منها دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة، یقول یجب الاحتیاط فی الشبهة التحریمیة، و منها حکم العقل بمنجزیة العلم الاجمالی، و منها دلیل وجوب التعلم بالنسبة الی الشبهات قبل الفحص.

و المهم أن النسبة بین حدیث الرفع فی حد ذاته و بین دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة بناءا علی اختصاصه بالشبهة التحریمیة تکون نسبة العام و الخاص المطلق بلحاظ أن الامر بالوقوف عند الشبهة التحریمیة أخص مطلقا لا أن حدیث الرفع اخص مطلقا منه. و اذا کان دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة یشمل الشبهة الوجوبیة أیضا فتکون النسبة بینهما نسبة التباین.

هذا اشکال مهم.

السید الخوئی یظهر من کلماته أنه یحاول أن یجیب عن هذا الاشکال. فهو طبعا لم یطرح نکتة اختصاص دلیل الامر بالوقوف عند الشبهة بالشبهة التحریمیة، اعتبره مطلقا یشمل الشبهة التحریمیة و الوجوبیة. فقال: افرض ان النسبة بین حدیث الرفع و حدیث الامر بالوقوف عند الشبهة نسبة التباین، لکن هنا ورد مخصص منفصل اخرج الشبهة البدویة قبل الفحص و الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالی من حدیث الرفع، فانقلبت النسبة بین حدیث الرفع و حدیث الامر بالوقوف عند الشبهة من نسبة التباین الی نسبة العموم و الخصوص المطلق. یعنی حدیث الرفع صار بسبب انقلاب النسبة اخص مطلقا. افرض حدیث الرفع لیس منصرفا عن الشبهة قبل الفحص، لیس منصرفا عن الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالی، فتکون النسبة بینه و بین حدیث الوقوف عند الشبهة نسبة التباین، می خالف، لکن بعد ما ورد مخصص منفصل اخرج بعض مفاد حدیث الرفع عنه و خصصه بالشبهة البدویة بعد الفحص فیصیر بعد ذلک حدیث الرفع اخص مطلقا من حدیث الوقوف عند الشبهة. مثل ما لو ورد فی خطاب اکرم العالم و ورد فی خطاب ثان لا تکرم العالم، فالنسبة بینهما نسبة التباین. لکن ورد فی خطاب آخر اکرم الفقیه، فخصّصنا لا تکرم العالم اخرجنا منه الفقیه، فصار لا تکرم العالم غیر الفقیه. بعد ما صار هذا الخطاب لا تکرم العالم غیر الفقیه صار اخص مطلقا من قوله اکرم العالم. فنحمل اکرم العالم علی العالم الفقیه. هذا هو انقلاب النسبة. و السید الخوئی انقلابی و یقبل انقلاب النسبة.

هذا الکلام للسید الخوئی و إن کان بنائا علی عموم الامر بالوقوف عند الشبهة للشبهة الوجوبیة کلاما متجها، لکن الصحیح هو انصراف حدیث الرفع عن الشبهة البدویة قبل الفحص و عن الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالی. هناک خلاف بین الاعلام فی أن دلیل البراءة خرج منه الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالی بمخصص لبی متصل أو بمخصص لبی أو لفظی منفصل. نحن وفاقا للبحوث اخترنا الاول و السید الخوئی اختار الثانی و هو کون حدیث الرفع غیر شامل للشبهة المقرونة بالعلم الاجمالی بسبب المخصص المنفصل. بخلاف عدم شموله للشبهات البدویة قبل الفحص، فأنه منصرف عنه بمخصص لبی متصل. کما أن السید الخوئی یقول دلیل الاستصحاب کذلک. دلیل الاستصحاب خرج عنه الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالی بمخصص منفصل و الا فظهوره منعقد. نعم! دلیل الاستصحاب لا یشمل فرض توارد الحالتین لأجل القرینة العقلیة البدیهیة للزوم المناقضة فی شمول الاستصحاب لفرض توارد الحالتین. هذا الماء توارد فیه حالة الطهارة و النجاسة، یشمل دلیل الاستصحاب استصحاب الطهارة و استصحاب النجاسة معا هذا متناقض فی حد ذاته، فینصرف عنه دلیل الاستصحاب. و لکن بالنسبة الی اطراف العلم الاجمالی لا، دلیل الاستصحاب یشمله و لیس بحجة لأجل المقید اللبی المنفصل و هو حکم العقل غیر البدیهی بقبح الترخیص فی المخالفة القطعیة للعلم الاجمالی.

وتری أن السید الخوئی رتّب علی هذه النظریة ثمرة فقهیة. اذکر هذه الثمرة تأملوا فیها:

لو أن شخصا توضأ و صلی الظهر، ثم توضأ و صلی العصر، یعنی صلی الظهر و العصر بوضوئین لا بوضوء واحد. بعد ما صلی العصر علم اجمالا بوقوع حدث إما بعد الوضوء الاول أو بعد الوضوء الثانی. یقول الان التفت اذا توضأت خرج منّی حدث إما بعد الوضوء الاول أو بعد الوضوء الثانی. ما هو حکمه؟ افتونا مأجورین. اذا تحبون ما اذکر الجواب انت تفکروا. استبعد أنه بالتفکیر تصلون الی نتیجة. لأن المسئلة غامضة.

یقول السید الخوئی: تجب اعادة صلاة العصر دون صلاة الظهر. لماذا؟ لو کان السید الخوئی مثل الشیخ الانصاری کان یقول کما قال الشیخ الانصاری لمیرزا حبیب الله الرشتی اذا سأله ما الحکومة؟ قال لابد أن تحضر درسی ستة اشهر حتی تعرف معنی الحکومة. و السید الخوئی اذا سألناه عن نکتة هذا الفتوی یقول: لابد أن تحضروا بحثی ستة اشهر حتی تعرفوا مبانی هذا الفتوی. و لکن باختصار یذکر السید الخوئی:

أن قاعدة الفراغ فی الصلاتین متعارضة، قاعدة الفراغ فی صلاة الظهر متعارضة مع قاعدة الفراغ فی صلاة العصر. لا تفکروا بقاعدة الفراغ. فکروا بالاستصحاب. یقول السید الخوئی:

هنا یجری استصحاب بقاء الوضوء الاول الی زمان صلاة الظهر بلا معارض. لماذا؟ یقول السید الخوئی لأن دلیل الاستصحاب یشمل استصحاب بقاء الوضوء الاول الی زمان صلاة الظهر بلا معارض. لماذا؟ لأن المعارض له ماذا؟ المعارض لاستصحاب بقاء الوضوء الاول الی زمان صلاة الظهر ماذا؟ قاعدة الفراغ فی صلاة الظهر؟ لا، لأنها معارضة بقاعدة الفراغ فی صلاة العصر. استصحاب بقاء الوضوء الاول الی زمان صلاة الظهر لیس له معارض الا استصحاب بقاء الوضوء الثانی الی صلاة العصر.

و لکن استصحاب الوضوء الثانی مورد توارد الحالتین. لأننا نعلم بوضوء و حدث، إما أن الوضوء الثانی کان قبل الحدث أو أن الحدث کان قبل الوضوء الثانی. فالوضوء الثانی مورد توارد حالتین. عرفتم؟ بالنسبة الی الوضوء الاول قطعا الحدث بعد الوضوء الاول، لا ندری قبل الصلاة أو بعد الصلاة. فلیس الحدث و الوضوء الاول من قبیل توارد الحالتین. لأننا نعلم أن الحدث وقع بعد الوضوء الاول، لا ندری هل وقع بعد الصلاة الاولی أو قبل الصلاة الاولی، فیکون خارجا عن مورد توارد الحالتین. و لکن بالنسبة الی الوضوء الثانی عندنا علم بتوارد الحالتین، إما أن الوضوء الثانی کان بعد الحدث أو أن الحدث کان بعد الوضوء الثانی. علمنا بوقوع وضوء ثان و حدث، لا ندری المتقدم و المتأخر منهما. فاستصحاب الوضوء الثانی یکون من قبیل توارد الحالتین. فلا ینعقد ظهور دلیل الاستصحاب بالنسبة الیه. فإذا لا ینعقد، ظهور دلیل الاستصحاب فی شمول استصحاب الوضوء الاول الی زمان صلاة الظهر یجری بلا معارض. فتکون النتیجة أن صلاة الظهر تکون محکومة بالصحة بمقتضی استصحاب بقاء الوضوء، و لا یجب الا اعادة صلاة العصر.

هذه من برکات تلک النظریة التی تقول دلیل الاصل إما البراءة أو الاستصحاب یشمل الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالی، و لکن المقید المنفصل اسقط حجیته بالنسبة الی اطراف العلم الاجمالی.

فدلیل الاستصحاب ینعقد ظهوره فی اطراف العلم الاجمالی، و لکن لا ینعقد ظهوره بالنسبة الی مورد توارد الحالتین.

و هناک نظریتان اخریان:

احداهما للسید الصدر و نحن وافقناه من انصراف دلیل الاصل عن کل من توارد الحالتین و الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالی.

و نظریة اخری لشیخنا الاستاذ الشیخ التبریزی من انعقاد ظهور دلیل الاصل حتی بالنسبة الی توارد الحالتین.

و تکون نتیجة کلتا النظریتین الاخیرتین واحدة و هی لزوم اعادة صلاة الظهر و العصر معا. بینما أن السید الخوئی علی اساس تلک النظریة قال انعقد ظهور دلیل الاستصحاب بالنسبة الی وضوء الاول لأنه لیس مورد ابتلاء توارد الحالتین بخلاف استصحاب الوضوء الثانی، فإنه مورد توارد الحالتین و لم ینعقد ظهور دلیل الاستصحاب بالنسبة الیه.

و علی أی حال نرجع الی بحثنا، و هو أن السید الخوئی آخر نظریته أن دلیل الاصل ظهوره ینعقد للشمول للشبهة المقرونة بالعلم الاجمالی دون الشبهة البدویة الحکمیة قبل الفحص.

و بقیة الکلام فی اللیلة القادمة إن شاءالله.

و الحمد لله رب العالمین.