الدرس 69-274
الأحد – 3 شعبان المعظم 46
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في دليل القائلين بكفاية رؤية الهلال بالعين المسلحة حيث كان دليلهم الثاني التمسك باطلاق قوله عليه السلام صم للرؤية و افطر للرؤية.
العین العادیة هو الموضوع في الخطابات الشرعیة
اشكلنا عليه بان الكلام في صدق الهلال كما ذكر السيد الخوئي فضوء القمر اذا لم يكن يرائی بالعين العادية و انما يرائی بالآلات المقربة كالتلسكوب اصلا العرف لم يضع عليه اسم الهلال و لااقل من الشك.
و هكذا في خسوف القمر كسوف الشمس، اذا بالعين العادية لا يشخص خسوف القمر لكن بالتلسكوب يشاهدون ان جزءا بسيطا من القمر خسف يعني حالت الارض بينه و بين الشمس، لم يوضع عليه اسم الخسوف و ان كان القائل بكفاية رؤية الهلال بالعين المسلحة يری ان هذا المقدار الذي يری بالعين المسلحة من خسوف القمر يوجب صلاة الآيات و لكن اشكالنا ان عنوان الخسوف لم يوضع علی هذا المقدار الضئيل الذي لا يری الا بالعين المسلحة.
و هكذا الزلزال، انا ما احسست بزلزلة لكن الاجهزة العلمية احست انه في قم بوقوع زلزال في الارض، الزلزال لم يوضع علی هذا المقدار من الحركة الحاصلة لهذا القسم من الارض بنحو لا تحس بالاحساس العادي.
السمك الذي له فلس، الناس ما يعاينون السمك في هذا السمك لكن بالميكروسكوب كبروا قشر هذا السمك شافوا اك به اجزاء ضئيلة من الفلس. يا ابه هذا لا يطلق عليه الفلس لا يطلق عليه العرف و لم يضع عليه العرف هذا اللفظ، نعم هنا اذا وصلت النوبة الي الاصل العملي يكون مقتضی الاصل العملي البراءة و لكن لا تصل النوبة الي الاصل العملي، نحن لا نشك في ان العرف لا يضع عليه عنوان الفلس. بينما انه في المقام لو وصلت النوبة الی الاصل العملي كان مقتضی الاصل العملي هو الاحتياط كما سنذكر.
و قد ايّدنا هذا المطلب كما ذكر السيد السيستاني بقوله تعالی يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس، ظاهر هذه الآية ان الهلال ميقاتا لعامة الناس و كيف يكون الهلال ميقاتا للناس و عامة الناس لا يشخصون؟
اشكال آخر علی التمسك باطلاق صم للرؤية للرؤية بالعين المسلحة
وصلنا الی اشكال آخر علی التمسك باطلاق صم للرؤية للرؤية بالعين المسلحة و هو ما يقال من انه لو تم هذا القول فحيث ان الرؤية طريق محض و ليس لها موضوعية بنظر العرف فهذا يعني ان المعصومين عليهم السلام دائما كانوا يخالفون الواقع في اول شهر رمضان في آخر شهر رمضان في الوقوف بعرفة. لا تقولوا ان الائمة تمسكوا باصل البراءة في الشبهة الموضوعية لانه ما كان يعلم انه اذا استخدم التلسكوب فكان يری الهلال من خلال التلسكوب.
نقول: في بعض الاحيان يحصل العلم العادي بذلك، اقرأ لكم صحيحة محمد بن عيسی عن علی بن راشد الذي اشرت اليها البارحة قال كتب لي ابو الحسن العسكري عليه السلام كتابا و أرّخه يوم الثلاثا لليلة بقيت من شعبان و ذلك في سنة 232 و كان يوم الاربعاء يوم الشك و صام اهل بغداد يوم الخميس و اخبروني انهم رأوا الهلال ليلة الخميس و لم يغب الهلال الا بعد الشفق بزمان طويل، الحمرة المغربية بعد ساعة من غروب الشمس تزول من الافق، لم يقع بالهلال الا بعد زوال الحمرة المغربية بزوال طويل، ساعة يكون ينتظرون حتی بعد غروب الشمس تزول الحمرة المغربية ثم بعد زمان طويل غاب الهلال عن الافق، ساعة و نصف أو ساعتين من غروب الشمس. قال فاعتقدت ان الصوم يوم الخميس لاجل طول مكث الهلال في الافق حصل الشك و لكن انا صمت يوم الخميس فاعتقدت ان الشهر كان عندنا ببغداد يوم الاربعاء، انا اعتقدت انه الهلال بقي في الافق ساعتين تقريبا، هذا يعني انه كان الهلال موجود في الليلة الماضية ليلة الاربعاء و ان الاربعاء كان اول شهر رمضان في بغداد. فكتبت الی الامام فكتب الی الامام الهادي عليه السلام في آخر سنة كان سلام الله عليه في المدينة، فكتب الیّ زادك الله توفيقا فقد صمت بصيامنا، انا ايضا صمت مثلك يوم الخميس مع ان المدينة بلد غربي و بغداد إما متقارب الافق مع المدينة المنورة او متقدم علی المدينة المنورة بدقائق فاذا بقي الهلال في الافق ساعتين ليلة الخميس فهذا يعني انه بقي الهلال في افق المدينة المنورة ساعتين أو اكثر مع ذلك الامام قال انا لم اصم يوم الاربعاء فقد صمت بصيامنا ثم لقيت الامام بعد ذلك فسألته عما كتبت به اليه فقال لي أ و لم اكتب اليك انما صمت الخميس و لا تصم الا للرؤية هل يعني الامام سلام الله عليه ما كان يدري انه اذا رؤي الهلال في الافق ليلة الخميس و بقي ساعتين هذا يكشف ان الهلال في الليلة الماضية كان قابلا للرؤية بالعين المسلحة بالتلسكوب. مع ذلك الامام لم يأمر هذا المؤمن بقضاء صوم يوم الاربعاء. و هذا خیر منبّه علی عدم كفاية رؤية الهلال بالعين المسلحة.
کلام الحلي في المقام و الجواب عنه
انا في آخر البحث اذكر الجواب الحلي عن دعوی اطلاق الامر بالصوم للرؤية للرؤية بالعين المسلحة و قياس ذلك بحرمة رؤية الاجنبية أو بجواز اداء الشهادة حيث قالوا بان من يری ان الرؤية تنصرف الی الرؤية بالعين المجردة فلماذا يعاقبون من عاين الاجنبية من خلال التلسكوب؟ لا يقبل عذره باني لم انظر الی هذه الاجنبية بالعين المجردة، انما نظرت اليها بالعين المسلحة من خلال التلسكوب. أو من شاهد جريمة من خلال التلسكوب يمكنه ان يشهد بوقوع تلك الجريمة و ان زيدا قتل عمرا انا رأيت ذلك من طريق التلسكوب.
نقول هنا فرق بين هذين المثالين و بين المقام. تارة يدور الحكم مدار انكشاف الواقع بایّ وجه كان فهنا يكتفی بانكشاف الواقع بالعين المسلحة. المهم في حرمة النظر الی الاجنبية ان ينكشف جسدها قدام عينيك، المهم في الشهادة علی وقوع جريمة ان تنكشف هذه الجريمة قدام عينيك، فرق بين هذا المطلب و بين ما لو دار الحكم مدار وصول الجسم الی حد معين، وصول القمر الی حد يری، هذا وصول الجسم الی حد معين، هذا ظاهر و منصرف الی وصوله الی حد يمكن ان يری بالعين العادية. و الظاهر ان هذا هو السبب لفتوی الاعلام بانه من احرم من مسجد التنعيم يقطع تلبيته اذا رأی الكعبة يعني رآها بالعين العادية يعني ان قطع التلبية يدور مدار وصولك الی مكان يمكن ان تری فيه الكعبة. و هكذا حينما يقال بانك اذا رأيت في منقار طير دما فلا تشرب من سؤره، يعني اذا وصل ذلك الدم الی حد يری، هذا معناه دوران الحكم مدار وصول الجسم و هو الدم في منقار الطير الی حد معين، هنا ظاهره ان يصل الی حد يری بالعين العادية.
آخر الدليل علی بطلان القول بكفاية رؤية الهلال بالعين المسلحة: صحيحة معمر بن خلاد
و آخر دليلنا علی بطلان القول بكفاية رؤية الهلال بالعين المسلحة مهما كان مستوی القائلين بهذا القول من فقيه و غير فقيه نقول صحيحة معمر بن خلاد، اشرنا اليها ان الامام كان أمامه مائدة فطلب من معمر ان يشاركه في الأكل فقال معمر انا صائم لان اجدادك قالوا في يوم الشك اذا صمت فيوم وفّق لك، فقال ذاك اذا كان في السماء علة فاما اذا لم يكن علة و لا شبهة فلا، يعني كان الجو صافي، الناس استهلوا و لم يروا الهلال. فليس هناك شبهة حتی تقول هذا يوم شك فانا اريد اصوم كي اذا صادف شهر رمضان اك مصداق لقوله عليه السلام فذاك يوم وفق له.
فالمسأله واضحة جدا. و اتعجب من بعض الاعلام كالشيخ البهجت و السيد تقي القمي كيف اعجبهم هذا القول و هو القول بكفاية رؤية الهلال بالعين المسلحة.
الاصل العملي في المقام
اذا انتم قلتم نحن بلحاظ الخطابات اللفظية لم نقتنع، بقينا شاكين و متحيرين، بيّنوا لنا مقتضی الاصل العملي. نقول مقتضی الاصل العملي بناءا علی مسلك المشهور من جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية عدم وجوب الصوم في اول الشهر و بقاء وجوب الصوم في آخر الشهر و يعني ذلك ان مقتضی الاصل العملي بصالح المشهور من لزوم رؤية الهلال بالعين المجردة. الليلة قالوا بانه رؤي الهلال بالتلسكوب، مقتضی الاصل العملي انه لا يجب علیّ صوم غد في آخر الشهر قالوا بانه رؤي الهلال للشوال بالعين المسلحة استصحب بقاء وجوب صوم غد.
نعم بناءا علی انكار جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية فهنا لو علمنا بانه تختلف النتجية العملية في هذا الشهر أو في شهر آخر بين القولين يعني انا اعلم حسب ما اخبروني انه الليلة اعلنوا اول شهر رمضان من خلال الرؤية بالتلسكوب و سوف يعلنون الهلال في آخر الشهر أو في آخر الشهر من سنة ثانية و انا اطمئن ببقاءه الی ذاك الوقت، يعلنون اول شوال من طريق الرؤية بالعين المسلحة يحصل العلم الاجمالي، افرض في نفس هذه السنة حصل العلم الاجمالي، انا اعلم اجمالا إما ان هذا القول بكفاية رؤية الهلال بالعين المسلحة صحيح فيجب علیّ صوم غد الذي اعلنوا فيه بدخول الشهر اعتماد علی التلسكوب و إما ان قول المشهور بلزوم رؤية الهلال بالعين المجردة هو الصحيح فيجب علیّ استمرار الصوم في آخر الشهر حيث يعلنون بثبوت العيد في اليوم الثلاثين و لكن لم يری الهلال بالعين العادية فإما يجب علیّ الصوم اول الشهر لو كان القول بالتلسكوب صحيحا أو يجب علیّ في آخر الشهر لو كان القول بعدم كفاية رؤية الهلال بالتلسكوب هو الصحيح فيجب علیّ الاحتياط.
هذا تمام الكلام في هذه المسألة و لعمري ان المسألة واضحة و لا تصل النوبة فيها الی مقتضی الاصل العملي، لا تشككوا، يقع الكلام في الطريق الثاني للحكم بثبوت الهلال و هو قيام البينة و الطريق الآخر هو حكم الحاكم سنتكلم عن هذين الطريقين، تفاصيل كفاية شهادة البينة علی الهلال و تفاصيل ثبوت الهلال بحكم الحاكم، هذان البحثان المهمان و نتكلم عنهما بتفصيل انشاءالله في الليالي القادمة.
و الحمد لله رب العالمين.