دانلود فایل صوتی 250113_1843 250113_1843
دانلود فایل خام الدرس 61 الدرس 61

فهرست مطالب

فهرست مطالب

پخش صوت

250113_1843

الدرس: 61

الأستاذ: الشيخ محمد تقی الشهيدي

المبحث: البراءة الشرعیة (الروایات)
دلالة الاستصحاب علی البراءة الشرعیة

التاريخ: الاثنین 12 رجب المرجب 1446 ه.ق

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين و صلی الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين.

 

کان الکلام فی الاستدلال بصحیحة عبدالرحمن بن حجاج علی البراءة الشرعیة، حیث ورد فیها: قد یعذر الناس فی الجهالة بما هو اعظم من ذلک.

لکن نقلنا عن الشیخ الانصاری اشکالا و قبلناه من أن من المحتمل جدا أن یراد من المعذوریة، المعذوریة الوضعیة أی هذه المرأة التی تزوج بها فی زمان عدتها جهلا لا تحرم علیه ابدا. طبعا یحمل ذلک علی ما اذا لم یدخل بها فی ایام عدتها.

السید الداماد قال: لا، المعذوریة مطلقة، تشمل المعذوریة التکلیفیة یعنی نفی العقاب. و استشهد علی ذلک فقال: فی هذه الصحیحة سأل عبدالرحمن بن حجاج الامام علیه السلام قال: قلت له: بأیّ جهالتین یعذر؟ أ بجهالته أن يعلم أن ذلك محرم عليه أو بجهالته بأنها في عدتها؟ فقال علیه السلام: إحدى الجهالتين أهون من الأخرى، الجهالة بأن الله حرم ذلك عليه و ذلك بأنه لا يقدر على الاحتياط معها.

فرض عبدالرحمن تارة أن هذا الرجل عالم بکونها فی العدة و لکن جاهل بحرمة الزواج من المعتدة، و تارة اخری یفرض أن هذا الرجل جاهل بکونها فی العدة. ثم سأل الامام أی الجهالتین یکون فیها هذا الرجل اشد معذوریة؟ فقال الامام اذا کان جاهلا بأنه یحرم علیه الزواج من المعتدة هو یکون اشد معذوریة، لأنه لا یفرض فی حقه عادتا الا أن یکون جاهلا مرکبا غافلا، و ذلک بأنه لا یقدر علی الاحتیاط. الجاهل المرکب یعنی الذی لا یلتفت و لا یتردد بل هو قاطع بحلیة الزواج من ذات العدة، طبعا هذا اشد معذوریة من الجاهل المتردد فی الموضوع، أی الجاهل المتردد بکون هذه المرأة فی حال العدة، لأنه یقدر أن یحتاط بأن لا یتزوج بها.

یقول السید الداماد: المعذوریة اذا کان المراد بها المعذوریة الوضعیة أی عدم کون ذلک موجبا لحرمتها الابدیة فلیس هناک اشدیة. شنو معنی الاشدیة فی عدم حرمة الزواج منها بعد انقضاء عدتها؟ أشد معذوریة إنما یتصور بلحاظ قبح العقاب. عقاب هذا اقبح من ذاک الجاهل المتردد.

اقول: أی مانع من أن یکون اقتضاء عفو الشارع عن تسبب هذا الزواج للحرمة الابدیة، اقتضاء العفو من الشارع یکون فی احد الفرضین اشد. المقتضی للحرمة الابدیة موجود فی کلا الفرضین، و یفرض هناک مانع عن تأثیر هذا المقتضی. و المانع هو ملاحظة الشارع حال هذا الجاهل. فی فرض الجهل المرکب عفو الشارع عن الحکم بالحرمة الابدیة أولی. فیتصور فی مبادئ الحکم الوضعی الاشدیة و الاخفیة. کما ذکرنا أن ذیل الصحیحة محفوف بما یصلح للقرینیة حیث قال: فهو معذور فی أن یتزوجها.

فی نقل الوافی و التهذیب و الاستبصار بدل قوله بأی الجهالتین یعذر ورد بأی الجهالتین اعذر. شنو معنی الأعذر؟ الأعذر بمعنی اشد معذوریة. یقال عذره الله فهو معذور. و اذا قیل اعذر یعنی اشد معذوریة. احمد شنو معناه؟ یعنی اشد محمودیة. محمود، احمد، احمد یعنی اشد محمودیة. فی روایة عن امیرالمؤمنین علیه السلام ان یوسف اختار السجن فالوصی اعذر یعنی اشد معذوریة. من کذب من غیر علم اعذر ممّن کذب علی علم و إن کان لا عذر فی شیء من الکذب. اعذر یعنی اشد معذوریة.

علی أی حال هذه الصحیحة انصافا لا تدل علی البراءة الشرعیة و إنما تدل علی المعذوریة الوضعیة أی عدم تسبب الزواج من ذات العدة فی حال الجهل بشرط عدم الدخول بها فی حال عدتها، أن ذلک لا یوجب و لا یسبب الحرمة الابدیة بینهما. و لا علاقة للصحیحة بالمعذوریة التکلیفیة حتی تکون مساوقة للبراءة الشرعیة.

الروایة التاسعة: روایة حمزة بن الطیار.

فی الکافی بسند صحیح عن جمیل بن دراج عن حمزة بن الطیار عن ابی عبدالله علیه السلام: إن الله احتج علی الناس بما آتاهم و عرفهم.

تقریب الاستدلال بهذه الروایة: أن الامام یقول حسب ما فی هذه الروایة إن الله إنما یحتج علی الناس بما عرّفهم و بلّغهم و اوصل الیهم. الله سبحانه و تعالی یوم القیامة لا یقول لماذا دخّنت مع أن حرمة التدخین لم تصل الی المکلف. و إنما یقول لماذا کذبت، فإنما حرمة الکذب وصلت الی المکلفین.

لکن مضافا الی ضعف سند الروایة بجهالة حمزة بن طیار، نقول: هذه الروایة لو دلت علی البراءة بأن یکون المراد من الایتاء و التعریف هو الایصال الی المکلف لا مجرد صدور الخطاب من الله سبحانه و تعالی، کما هو الظاهر، فإن مناسبة الحکم و الموضوع تقتضی أن یکون المراد من الایتاء و التعریف هو التعریف الواصل. لکن نقول هذه الروایة بنائا علی تمامیة سندها تکون من الروایات الدالة علی البراءة بالمعنی الاعم أی القسم الذی یکون دلیل وجوب الاحتیاط واردا علیه. لأنه اذا احتج الله سبحانه و تعالی بخطاب وجوب الاحتیاط بعد وصوله الی المکلف یکون احتجاجا علیه بما آتاه و عرفه.

الروایة العاشرة (و هی الروایة الاخیرة): صحیحة البزنطی:

عن أبی الحسن الرضا علیه السلام قال: سألته عن المحرم یصید الصید بجهالة؟ قال علیه کفارة. قلت فإن اصابه خطئا؟ قال علیه السلام و أی شیء الخطأ عندک (الامام احیانا یسئل حتی یتضح مقصود السائل)؟ قلت ترمی هذه النخلة فتصیب نخلة اخری، قال نعم هذا الخطأ و علیه الکفارة، قلت فإنه أخذ طائرا متعمدا فذبحه و هو محرم؟ قال: عليه الكفارة، قلت: جعلت فداک أ لست قلت إن الخطأ و الجهالة و العمد ليسوا بسواء فبأي شي‌ء يفضل المتعمد الجاهل و الخاطئ؟ قال علیه السلام إنه أثِم و لعب بدينه. المتعمد اختلافه عن الجاهل و الخاطئ أن المتعمد أثمَ و لعب بدینه.

فیقال هذا یعنی أن الجاهل لم یأثم أی لم یرتکب حراما منجزا. الإثم هو الحرام المنجز. هذا المتعمد آثم أما الجاهل لیس بآثم.

هذه الصحیحة یقرب الی الذهن تمامیة دلالتها علی البراءة الشرعیة، لکن توجد شبهة فی النفس لا یناسب أن اکتمها علیکم:

و هو أننی احتمل أن الإثم لیس مطلق الحرام المنجز. الإثم لعلّه نحو خاص من الحرام المنجز. ومن یفعل ذلک فإنه آثم قلبه. سهل أو لا، فإنه آثم قلبه. لعل الإثم بمعنی صدور الحرام عن تقصّد و تجرّئ علی المولی. الجاهل حتی لو کان مقصرا لیس متجریا علی الله سحانه و تعالی.

لکن اذا تبین لکم أن الإثم مطلق الحرام المنجز، فدلالة هذه الروایة علی البراءة الشرعیة تامة.

و دعوی أن المتعمد لعله مختص باجتماع الإثم و اللعب بالدین لا خصوص الإثم، أثم و لعب بدینه، والجاهل المقصر لعله آثم و لیس لاعبا بدینه.

هذا خلاف الظاهر. الظاهر أن المتعمد آثم بخلاف الجاهل. لاعب بدینه بخلاف الجاهل. فإن کان الإثم بمعنی صدور الحرام المنجز فمعنی ذلک أن الجاهل لم یصدر منه حرام منجز، و هذا یساوق البراءة الشرعیة.

هذا تمام الکلام فی الروایات التی استدل بها علی البراءة، و العمدة بنظرنا حدیث الرفع. کما أن العمدة بنظر السید الخوئی حدیث الحجب.

دلالة الاستصحاب علی البراءة الشرعیة

ثم إنه یقع الکلام فی الاستدلال بالاستصحاب علی البراءة الشرعیة:

فیقال: نحن نطبّق دلیل الاستصحاب علی مورد الشک فی التکلیف. لا تنقض الیقین بالشک ابدا. نحن کنا علی یقین من عدم الحرمة لشرب التتن و نشک فی حدوث الحرمة له فنستصحب عدم الحرمة. وهذا من الاستصحاب فی الشبهة الحکمیة.

لکن فی الاستصحاب فی الشبهات الحکمیة توجد نظریتان علی خلاف المشهور:

النظریة الاولی: نظریة السید الخوئی وفاقا للمحقق النراقی: من أن استصحاب بقاء التکلیف کاستصحاب بقاء المجعول مبتلی بالمعارض. مثلا أنت حینما تستصحب بقاء الحرمة أو بقاء النجاسة، هذا الماء قبل زوال تغیره کان نجسا نستصحب بقاء نجاسته، یکون هذا الاستصحاب الذی یسمونه باستصحاب بقاء المجعول مبتلی بالمعارضة مع استصحاب عدم الجعل الزائد. قبل حدوث الشریعة لم یجعل الشارع النجاسة للماء الذی زال تغیره والآن کما کان. استصحاب عدم الجعل الزائد یتعارض مع استصحاب بقاء المجعول. و قد حکی عن السید الخوئی أنه ذکر فی کتاب القضاء و الشهادات فی تقریر ابحاث عنه، فإنه بعد ما فرغ من شرح العروة القی بحثا فی کتاب القضاء والشهادات، و تقریر ابحاثه مکتوب، المرحوم آقارضا الخلخالی کتبه و کذا صدیقنا الشیخ محمد الجواهری أیضا کتبه، هناک یقول السید الخوئی: استصحاب عدم الجعل الزائد حاکم علی استصحاب بقاء المجعول. یعنی لم یکن معارضة. سابقا کان یدعی المعارضة، الان یقول لا، استصحاب عدم جعل النجاسة للماء الذی زال تغیره یکون حاکما علی استصحاب بقاء النجاسة لهذا الماء. لأن منشأ الشک فی بقاء النجاسة هو الشک فی الجعل الزائد. علی أی حال یعنی ذلک أن استصحاب بقاء التکلیف لا یجری إما لمعارضته مع استصحاب عدم الجعل الزائد أو لحکومة استصحاب عدم الجعل الزائد علیه.

و لکن هذه النظریة لا تمنع من استصحاب عدم التکلیف. فی استصحاب عدم التکلیف لیس جعل و مجعول. فی استصحاب عدم التکلیف یتلائم استصحاب عدم المجعول و استصحاب عدم الجعل. یتوافقان. استصحاب عدم جعل الحرمة لشرب التتن و استصحاب عدم کون شرب التتن محرما.

النظریة الثانیة: نظریة ذکرها السید الخوانساری فی کتاب جامع المدارک و السید الزنجانی أیضا تبنّی هذه النظریة، و هی: عدم شمول خطاب الاستصحاب للشبهات الحکمیة ابدا. اصلا قصور فی الاطلاق. خطاب الاستصحاب ناظر الی الشبهات الموضوعیة. و قد یقال بأنه کیف خفی التمسک بدلیل الاستصحاب علی الشبهات الحکمیة علی الفقهاء الی زمان الشیخ عبدالصمد والد الشیخ البهائی؟!.

هذه النظریة الثانیة إن تمت فتمنع من جریان استصحاب بقاء التکلیف و استصحاب عدم التکلیف.

و لکن سیأتی فی بحث الاستصحاب إن­شاء­الله أن هذا الاشکال لیس تاما ودلیل الاستصحاب بقرینة قوله ابدا ظاهر فی العموم، حیث قال و لیس ینبغی لک أن تنقض الیقین بالشک ابدا.

نعم هناک قرینة لبیة متصلة علی أنه فی الشبهات الحکمیة قبل الفحص لا یجری الاصل المؤمن بل لابد من الفحص و البحث حتی ییأس من الظفر بالدلیل علی التکلیف.

هذه قرینة لبیة متصلة لا ینعقد لخطاب الاستصحاب عموم بلحاظ الشبهات الحکمیة قبل الفحص.

فدعوی السید الزنجانی أنه لماذا الامام اطلق خطاب الاستصحاب و لم یقل فی الشبهة الحکمیة لابد أن تفحصوا، و هذا یشکل قرینة أو یوجب أن یتحقق ما یصلح للقرینیة لانصراف خطاب الاستصحاب الی الشبهات الموضوعیة.

نقول: لا، استصحاب بقاء التکلیف خب اذا جری یجری حتی قبل الفحص. استصحاب عدم التکلیف (أی استصحاب نافی التکلیف) مقید لبا بما اذا کان بعد الفحص و الیأس. خب لیس گترة بأن تغمض عیونک و تجری الاستصحاب. یکون قرینة لبیة متصلة تمنع من انعقاد العموم والاطلاق فی دلیل الاستصحاب فی الشبهات الحکمیة قبل الفحص.

فإذن لا مانع من تطبیق دلیل الاستصحاب علی المقام.

ولکن هناک اشکالات اخری نطرحها فی لیلة الأحد إن شاءالله.

والحمد لله رب العالمین.