فهرست مطالب

فهرست مطالب

 

 

جلسه 2 (الطهاره) – الثلثاء – 19 المحرم 1442 – 99/06/18

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.


ذكر صاحب العروه انه يجب كفاية دفن الميت بمعنى مواراته في الأرض بحيث يؤمن على جسده من السباع و من إيذاء ريحه للناس و لا يجوز وضعه في بناء أو في تابوت و لو من حجر بحيث يؤمن من الأمرين مع القدرة على الدفن تحت الأرض.

قلنا بان الظاهر من الامر بالدفن و المواراة هو الدفن في الارض، و المواراة في الارض كما فهم الاعلام و لاجل ذلك نرى في كلمات الفقهاء المعاصرين كالسيد السيستاني هكذا يقولون: “و كيفية الدفن ان يوارى في حفيرة في الارض، فلا يجزي البناء عليه و لا وضعه في بناء او تابوت مع القدرة على المواراة في الارض”.

اما ما قد يقال من تعارف دفن الموتى في السرداب في المقابر هذا انما يمكن تصحيحه اذا صدق على السرداب الحفيرة في جوف الارض، حفيرة و لو واسعة في جوف الارض و يسد بابها بحيث يصدق على ذلك الدفن و المواراة في الارض، قلنا بان الفقهاء ذكروا ان الواجب هو دفن الميت في الارض مواراة الميت في الارض فلا يجوز وضع الميت في داخل جدار او وضع الميت فوق الارض و البناء عليه لانه لا يصدق عليه دفن الميت، و لاجل ذلك الساكنين في مناطق القطب اذا حفروا مقدارا من الثلج و وضع الميت في الثلج يؤمن على هذا الميت من السباع اذا كان الثلج كثيرا و متراكما و لا يذوب، كما يؤمن من انتشار ريح الميت و لكن لا يصدق عليه انه دفن للميت لان هذا الثلج ليس من الارض و انما هو فوق الارض نعم لو فرضنا انه صدق عليه الارض مع انه ليس كذلك عادة و لكن لو فرضنا انه يصدق عليه الارض فيجوز حفر مقدار من الثلج و دفن الميت فيه، و لكن حيث ان الظاهر انه لا يصدق عليه الارض فلابد من الوصول الى نفس الارض و الدفن فيه.

و اما دعوى ان الحكمة تحقق امرين المنع من انتشار ريح الميت و المنع من اكل السباع لجسده فهذا لا مسير اليه في الاستنباطات الشرعية لاننا يجب علينا متابعة النصوص، و ظاهر الامر بدفن الميت و الامر بمواراة الميت دفنه في باطن الارض.

و اما ما يقول من تعارف وضع الميت في السرداب في المقابر فهذا انما يمكن تصحيحه في ما اذا صدق على ذلك السرداب انه حفيرة في داخل الارض و لابد من سد بابه لا بقفل بل ببناء بحيث يعد باطن الارض و لاجل ذلك يقول السيد السيستاني و كيفية الدفن ان يوارى في حفيرة من الارض و ان كانت الحفيرة واسعة، لم يذكر السيد السيستاني ذلك و لكن مقتضى الاطلاق ان الحفيرة قد تكون واسعة فيصدق عليه السرداب، و لكن لابد من سد باب السرداب بحيث يصدق انه ليس بناءا على الارض و انما هو حفيرة في داخل الارض.

سوال و جواب: دفنه شيئا اذا جعله في داخل جدار فلا يقال دفنه في الجدار بل يقال وضعه في الجدار، الدفن ظاهر في جعل شيء في داخل الارض حتى يقال بانه واراه، دفنه.

و لكن وقع البحث في انه هل يجب مع عدم وجود سباع او عدم وجود انسان في مكان ان يكون دفن الميت في ذلك المكان مع حفر مقدار متر او مترين من الارض بحيث لو كان في ذلك المكان انسان او سبع لكان يمنع ذلك الدفن من انتشار ريح الميت و من اكل السباع له او لا، اذا وجدنا ان هذا المكان لا يتردد اليه انسان و تردد اليه السباع فيكفي حفر مقدار قليل و يسير من الارض و وضع الميت فيه و القاء شبر من التراب عليه.

السيد الخوئي قال حيث ان الظاهر من المواراة هو المواراة الفعلية لا المواراة الشأنية و التقديرية فصدق المواراة يختلف باختلاف الاماكن ففي هذا المكان الذي لا يوجد فيه انسان و لا سبع يصدق المواراة الفعلية لهذا الميت في الارض، و لو بـإلقاء مقدار شبر من التراب عليه و لا حاجة الى تعميق الحفيرة بمقدار متر او مترين، اما اذا كان المكان مما يتردد اليه الناس مما يخاف من اكل السباع لجسد الميت المواراة الفعلية هناك لا تصدق الا بحفر مقدار اكثر من الارض مقدار متر او مترين، فان الاحكام تتبع العناوين الفعلية لا العناوين التقديرية.

توضيح ذلك ان العناوين قد يكون لها وجود تقديري، مثلا تغير الماء قد يكون بالفعل و قد يكون بالتقدير، قد تكون التغير فعليا و قد تكون التغير تقديريا، التغير الفعلي واضح كان لون الماء ابيض فصار اصفر بإلقاء الدم عليه التغير التقديرية هو ان هذا الماء كان اصفر لاجل كونه عتيقا و بالشمس صار الماء اصفر، او بالقاء اللون عليه صار الماء اصفر فألقينا عليه مقدار من الدم بحيث لو كان ابيض لصار اصفر و لكن الآن لم يتغير لونه فقد يقال بان هذا تغير تقديري و لا اثر له، لان العناوين ظاهرة في الوجود الفعلي لا الوجود التقديري او مثلا هذا الماء لو كان فصل السيف لكان يتغير ريحه بوقوع جيفة فيه اما الآن فصل الشتاء حيث ان الجو بارد لا يتغير ريح الماء فيقولون بانه لا يكفي التغير التقديري اي لو كان فصل الصيف لكان يتغير ريح الماء لا الآن خب لم يتغير ريح الماء، بالنسبة الى المثال الاول لو كان لون الماء اصفر ثم القينا عليه دما هنا حاول السيد الخوئي ان يقول التغير هنا فعلي فانه اذا ازيل منه وصف الصفرة السابقة ترى ان الماء بعد اصفر لاجل هذا الدم فتغير الماء بالدم تغير وصف لون الماء بالدم ليس تقديريا، على اي حال المهم ان الاحكام تتبع العناوين الفعلية فالآن بالفعل هنا يقول السيد الخوئي لا انسان و لاسبع في هذا المكان يصدق ان هذا الميت دفن في هذا الارض و وارى جسده فيه و ان كان لو فرض وجود انسان او سبع في هذا المكان لم تصدق المواراة.

انا نقول اذا كانت المشكلة مشكلة اكل السباع فالظاهر ان انصراف وجوب الدفن الى دفن يمنع من اكل السباع ليس بلحاظ عنوان الدفن و انما بمناسبة الحكم و الموضوع ينصرف الامر بالدفن عن هذا الفرض الذي نضع الميت في حفيرة و نلقي عليه مقدارا من التراب بحيث لا يمنع من اكل السباع عليه يصدق عليه دفن الميت و لكن دفنا غير مناسب، فينصرف عنه الخطاب الذي يأمر بالدفن و هذا الانصراف ليس موجودا في المكان الذي يؤمن فيه من وجود السباع، و اما مشكلة انتشار ريح الميت فالظاهر انها مشكلة عامة يعني حتى لو لم يوجد انسان في هذه الجزيرة ذهبنا مع صديقنا الى جزيرة من الجزر ففات رحمه الله في تلك الجزيرة و لا يتردد الى تلك الجزيرة احد، افرض، فدفنّاه هناك و لكن دفناه بحيث بعد اسبوع تنتشر رايحته في هذا المكان، يمكن ان نقول بان الدفن حتى هناك ينصرف عن هذا الفرض، الدفن الذي لا يمنع من انتشار ريح الميت.

و حاصل كلامنا انه تارة بمناسبة الحكم و الموضوع يفهم من خطاب الامر بالدفن الدفن بكيفية خاصة فهذا يتبع المناسبات العرفية، المنع من اكل السباع مناسبة حكمية و لاجل ذلك يختلف الدفن باختلاف انواع السباع الموجودة في هذه المنطقة، خب بعض السباع يحفرون مقدارا يسيرا من الارض اما بعض السباع لا، يحفرون اكثر من ذلك، اذا كان في المنطقة سبع يخاف منه على جسد الميت حتى لو دفناه بالمقدار المتعارف بحفر متر او مترين، و لكن مع ذلك لما هذا السبع يجيء و يحسّ برائحة ميت هنا يحفر الارض بيديه الى ان يخرج جسد الميت، مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي ان نحفر اكثر من هذا المقدار او نضع على جسده حجرا على اطراف جسده حجرا بحيث لا يصل اليه ذلك السبع، هذا يتبع مناسبات الحكم و الموضوع اذا لم يكن في مكان سبع لا حاجة حتى الى الدفن بمقدار الذي يحفر متر او مترين و اما انتشار رائحة ريح الميت انا اشوف هذا داخل في مفهوم الدفن، دفن الميت ظاهر عرفا في دفن يمنع من انتشار رائحته، و لاجل ذلك حتى لو لم يوجد اي انسان في هذه المنطقه و لكن بعد اسبوع بعد شهر تنتشر رائحة الميت بحيث لو جاء الى هذه المنطقة انسان لأحسّ برائحة نتنة فينجبر يشرد من هذه المنطقة خب هذا خلاف ظاهر الامر بالدفن فهنا لا اقل من ان يكون الاحوط رعاية هذه النكتة و حفر مقدار اكثر من الارض بحيث يؤمن معه من انتشار رائحة الميت و لو لم يكن هناك انسان يتردد الى هذه المنطقة.

المسالة الاولى يجب كون الدفن مستقبل القبلة على جنبه الأيمن‌بحيث يكون رأسه إلى المغرب و رجله إلى المشرق.

صاحب العروة توهم ان الاموات دائما يموتون في مناطقنا العراق او ايران و هكذا فتبعا اذا وضع راس الميت الى المغرب و رجله الى المشرق و وضع الميت على جنبه الايمن فيصير مستقبل القبلة، خب و لكن من يموت في افريقيا اشلون؟ من يموت في الاروبا اشلون؟ في نفس مكة، من يموت في شارع الذي في هذا الطرف من المسجد الحرام يختلف وضعه على القبر مع الميت الذي يموت و يدفن في شارع آخر في طرف آخر من المسجد الحرام، فالمهم انه يجب ان يكون الميت في القبر موضوعا على جانبه الايمن و وجهه يكون مستقبل القبلة، بهذا النحو لا بان يوضع بشكل منكوس، هنا يصح كلام صاحب العروة يوضع راس الميت الى جهة الغرب على جانب الايمن و رجله الى جهة الشرق و وجهه مستقبل للقبلة.

ما هو الدليل على وجوب كون الميت في القبر موضوعا مستقبلا القبلة؟ قد يقال بانه لا دليل معتبر عليه الا التسالم، و هذا صحيح ان التسالم موجود، و لكن يمكن ان يستدل على ذلك ببعض الروايات:

الرواية الاولى: رواية الدعائم عن علي عليه السلام أَنَّهُ شَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله، يعني امير المؤمنين شهد رسول الله صلى الله عليه و آله، حضر جِنَازَةَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمَّا أَنْزَلُوهُ فِي قَبْرِهِ قَالَ أَضْجِعُوهُ فِي لَحْدِهِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَ لَا تَكُبُّوهُ لِوَجْهِهِ. دلالة الرواية تاما و لكن الرواية مرسلة.

الرواية الثانية: ما في فقه الرضا نفس هذا المضمون شهد رسول الله صلى الله عليه و آله انه حضر جنازة رجل من بني عبد المطلب الى آخر الرواية، خب فقه الرضا اصلا مو معلوم يكون كتاب رواية، فانه كتاب تأليف لا يعرف مؤلفه و لعله كتاب التكليف للشلمغاني.

الرواية الثالثة صحيحة معاوية بن عمار التي استدل بها السيد الخوئي على لزوم استقبال القبلة في وضع الميت في قبره عن ابي عبدالله عليه السلام كَانَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ التَّمِيمِيُّ الْأَنْصَارِيُّ بِالْمَدِينَةِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله بِمَكَّةَ وَ إِنَّهُ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَوْصَى الْبَرَاءُ إِذَا دُفِنَ أَنْ يَجْعَلَ وَجْهَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، النبي كان بمكة و الاعراب بالمدينة فلما حضره الموت قال وجه وجهي في القبر الى رسول الله، و إِلَى الْقِبْلَةِ، اي مكة، فَأَوْصَى أَنْ يَجْعَلَ وَجْهَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله و الى القبلة فَنَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ وَ جَرَتْ بِهِ السُّنَّةُ.

يقول السيد الخوئي خب التعبير بانه جرت به السنة يعني الشارع امضى ذلك و صار معمولا به بين المسلمين فجرت به السنة بعد.

يمكن ان يناقش في الاستدلال بهذه الصحيحة فيقال بان التعبير بانه نزل به الكتاب خب الكتاب لم ينزل في توجيه الميت الى القبلة، نزل الكتاب في تحويل القبلة من بيت المقدس الى الكعبة، قد نرى تقلب وجهك في السماء و هذا بعد ما جاء النبي من مكة الى المدينة السنة الثانية من الهجرة. و على اي حال نزل به الكتاب يعني الكتاب حول القبلة من بيت المقدس حسب سيرة اليهود كانت القبلة بيت المقدس فحول القرآن الكريم القبلة من بيت المقدس الى الكعبة المكرمة و جرت به السنة ظاهر في انه جرت به السنة في دفن الموتى، هذا التعبير جرت به السنة و الا الصلاة على الكعبة خب لا ينبطق عليه التعبير بانه جرت به السنة خب هذا فرض الكتاب، الصلاة نحو القبلة مما فرضه الله في كتابه، التعبير بانه جرت في السنة ظاهرة في مسألة دفن الميت، و لكن انا نقول هل التعبير بجرت به السنة هل يدل على الوجوب؟ خب جرت به السنة هل هذا يعني الوجوب، السنة على قسمين سنة واجبة و سنة مستحبة، غسل الجمعة سنة و لكنها سنة مستحبة، عسل الميت سنة و لكنها سنة واجبة، و جرت به السنة هل يفهم منه انه جرت به السنة الواجبة؟ من اين؟.

و لاجل ذلك المهم في الحكم بلزوم استقبال القبلة و توجيه وجه الميت الى جهة القبلة التسالم بين المسلمين عامة و بين الشيعة و فقهائهم خاصة.

و قد يؤيد لزوم استقبال القبلة بصحيحة يعقوب بن يقطين قال سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام عَنِ الْمَيِّتِ كَيْفَ يُوضَعُ عَلَى الْمُغْتَسَلِ مُوَجَّهاً وَجْهُهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ أَوْ يُوضَعُ عَلَى يَمِينِهِ وَ وَجْهُهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ؟ قَالَ يُوضَعُ كَيْفَ تَيَسَّرَ، حين الغسل مو مهم، فَإِذَا طَهُرَ، يعني فاذا فرضوا من غسل، وُضِعَ كَمَا يُوضَعُ فِي قَبْرِهِ. فيقال بانه لا اشكال في دلالة هذه الرواية على ان للوضع في القبر كيفية خاصة، و الا فلا معنى لقوله عليه السلام وضع كما يوضع في قبره، و الكيفية الخاصة بلا اشكال لاجل السيرة العملية هي هذه الكيفية، توجيه وجه الميت الى جهة القبلة بحيث من يقف ورائه يكون رأس الميت على جانبه الايمن و رجل الميت على جانبه الايسر، من يقف ورائه مستقبل القبلة يشوف ان راس الميت على الجانب الايمن من هذا الواقف و رجله على الجانب الايسر من هذا الواقف هذا صحيح انا اقبل ان هذه الرواية تدل على ان للوضع في القبر كيفية خاصة و تنحصر هذه الكيفية في هذه الطريقة المتعارفة لدفن الموتى.

و لكن يمكن ان نناقش في استفادة الوجوب حتى من هذه الرواية، لان “فاذا طهر وضع” قطعا يعني وضع على نحو الاستحباب “كما يوضع في قبره” لعل التشبيه بلحاظ التعارف لا بلحاظ الوجوب يعني كما يوضع في قبره حسب المتعارف و لو لاجل العمل بالاستحباب فكذلك يستحب ان يوضع بعد ما غسل و هذا لا يدل على وجوب استقبال القبلة في دفن الميت.

فاذا نرجع الى ذلك المدعى و هو ان المهم في الدليل على وجوب استقبال القبلة في دفن الميت هو التسالم و كفى به دليلا بعد عموم ابتلاء المسلمين بهذا المطلب و عدم وجود مخالف لهذا الحكم.

الحمد لله رب العالمين.