الدرس 107-312
الإثنين – 21 ذيقعدة الحرام 46
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
تتمة البحث عن حكم الاسير و نحوه
كان الكلام في اسير أو محبوس أو مجبور في الاقامة في جزيرة لا يعرف و لا يميز شهر رمضان عن سائر الشهور، اذا ظن ان هذا الشهر شهر رمضان يصوم حسب صحيحة عبدالرحمن و اذا لم يحصل له الظن قال المشهور بانه يختار صوم شهر .
صاحب العروة في البداية قال يختار صوم شهر، بعد ذلك قال و يجوز له ان لا يصم الا ان يعلم بالقضاء يعني لا يصوم طول السنة حتی في الشهر الثاني عشر تری، بعد ذلك يعلم بالقضاء و وجوب القضاء موسع، بقي هناك سنوات ما صام و ان شاء الله صلی.
السيد الخوئي قال: اذا لم يحصل الظن نحن نقبل انه لا بد من الرجوع الی مقتضی القاعدة، ما هو مقتضی القاعدة؟ ما ذكره المشهور من انه يصوم شهرا مخيرا، هذا يبتني علی ان لا تجب الموافقة القطعية و لكن مقتضی القاعدة وجوب الموافقة القطعية. نعم بناءا علی ما ذكرناه نحن في البارحة يمكن ان يقال بان مقتضی الاصل وجوب صوم الشهر الثاني عشر و يكتفی به لان استصحاب عدم دخول شهر رمضان الی اول الشهر الثاني عشر استصحاب موضوعي و يكون خطابا مختصا و يقدم علی البراءة عن الصوم و التي تجري في تمام الشهور و تسقط بالمعارضة. نعم، من لا يقبل تقديم الخطاب المختص الحاكم كالسيد الخوئي يعتبر ان هذا الاستصحاب خطاب مختص و لكنه خطاب مختص حاكم، نحن قلنا اولا: لا حكومة للاصل السببي الموافق علی الاصل المسببي الموافق له بل ادعينا في الاصول انه تجري الامارات و الاصول المحرزة و غير المحرزة في مورد الشك بلا حكومة الامارة الموافقة علی ذاك الاصل الموافق و لا حكومة للاصل المحرز علی الاصل غير المحرز اذا كانا متوافقين في النتيجة. اما معارضة هذا الاستصحاب باستصحاب عدم شهر رمضان في الشهر الثاني عشر فيمكن الجواب عنه بان نقول استصحاب عدم شهر رمضان في الشهر الثاني عشر مبتلی بتوارد الحالتين و هذا يعد بنظر العرف مانع تفصيلي عن جريان الاستصحاب يعني من الواضح عند العقلاء و من البديهي عند العقلاء انه لا وجه لجريان استصحاب عدم شهر رمضان في الشهر الثاني عشر مع انه مبتلی بتوارد الحالتين لانه في اول الشهر الثاني عشر تعلم اجمالا بدخول شهر رمضان و تعلم اجمالا بعدم شهر رمضان إما اليوم أو في يوم من الاشهر السابقة. وضوح عدم جريان الاستصحاب في توارد الحالتين يمكن ان نقول بانه يمنع من اجمال خطاب الاستصحاب بالنسبة الی الاشهر السابقة لان اجمال الخطاب انما ينشأ من ارتكاز المناقضة و تحير العرف، هنا العرف لا يتحير لان استصحاب عدم رمضان بالنسبة الی الشهر الثاني عشر مبتلی بمانع تفصيلي واضح. و لاجل ذلك لا يبعد بنظرنا انه لو لم يقبل اطلاق صحيحة عبدالرحمن لفرض عدم الظن نقول بانه يجب صوم الشهر الثاني عشر بمقتضی منجزية العلم الاجمالي و بالنسبة الی الاشهر السابقة ينحل هذا العلم الاجمالي بالانحلال الحكمي بجريان استصحاب عدم دخول شهر رمضان الی اول الشهر الثاني عشر. هذا هو المطلب الاول.
المطلب الثاني: بناءا علی مسلك صاحب الكفاية من عدم منجزية العلم الاجمالي في التدريجيات قد يقال بانه لا يجب الاحتياط. و لعل هذا منشأ كلام صاحب العروة في آخر هذه المسألة من انه يجوز تاخير الصوم الی ان يعلم بالقضاء ثم اذا علم بالقضاء يصوم؟ لا، صوم القضاء موسع يؤخره الی بعد رجوعه الی بلده و تخلصه من ذاك المكان الذي نفي اليه.
و هذا يعد نحوا من التسامح ان السيد الخوئي قال لعل منشأ ما ذكره صاحب العروة من عدم لزوم الاحتياط هو الذهاب الی ان الاضطرار الی احد الاطراف لا بعينه يوجب جواز المخالفة القطعية كما عليه صاحب الكفاية.
يا سيدنا! لم يفرض في كلام صاحب العروة انه مضطر الی ترك الاحتياط الكامل، لم يفرض في كلامه هذا المطلب، بقول مطلق قال و يجوز ان لا يصوم الی ان يعلم بالقضاء، من المظنون جدا ان منشأ كلامه ذهابه الی عدم منجزية العلم الاجمالي في التدريجيات و ان هذا رأي الشيخ الانصاري و رأي صاحب الكفاية.
ينبغي ان الفت نظركم الی شيء و هو ان فرض اضطرار الی احد الاطراف لا بعينه هنا (كما لو فرضنا انه يقع في حرج اذا صام طول السنة ) لا يخلو عن اشكال، السيد الخوئي فرض انه من الاضطرار الی المخالفة الاحتمالية، لعله فيما اذا لا يتمكن من الاحتياط الكامل، اقول: اذا هو صام الی ان طرء عليه الاضطرار و الحرج، هذا يصير من الاضطرار الی الطرف المعين، لماذا يفرض السيد الخوئي انه اضطرار الی احد الاطراف لا بعينه؟ انا اذكر لكم مثالا:
اذا انا اعلم اجمالا بانه إما يجب صوم هذا اليوم أو يجب صوم غد و انا اقع في حرج اذا اصوم كلی اليومين، السيد الخوئي بنفسه قال في بحث الانسداد انه اذا صام هذا اليوم فيرتفع وجوب صوم يوم غد بمقتضی لا حرج واقعا و هذا يكون من الاضطرار الی طرف معين و يرفع التكليف واقعا عنه. يا سيدنا الخوئي! هنا ايضا هذا ليس اضطرارا الی احد الاطراف لا بعينها، لماذا؟ لانه الان ليس مضطرا، الان يمكنه ان يصوم الی افرض الشهر الحادي عشر، في الشهر الاخير يقول بعدني ما اقدر اصوم فيصير في الشهر الاخير مضطرا الی ترك الصوم بعينه و يرتفع عنه وجوب الصوم في ذاك الشهر واقعا. فهنا قد يقال بانه من مصاديق الاضطرار الی طرف معين فكيف يكون هذا العلم الاجمالي منجزا؟
لكن هذا الاشكال ليس مقبولا عندنا لانه بمقتضی حكم العقل لانه اذا لم يصم و لم يحتط في الاشهر الاولی لا يقع في مشكلة فلا بد ان يصوم الی ان يقع في حرج.
مقتضی التحقيق في المسألة
المهم ان نغمض العين عن بقية المباني و نتكلم انه ماذا يصنع هذا المسكين؟ نترك ما قاله صاحب العروة أو غيره. نقول: ما هو مقتضی التحقيق في هذه المسألة؟ بناءا علی عدم شمول صحيحة عبدالرحمن لفرض عدم الظن و انقل كلام السيد الخوئي ثم اعلق عليه.
کلام السيد الخوئي
يقول السيد الخوئي: تارة نلتزم بان صوم يوم عيد الفطر و الاضحی ليس حراما ذاتيا و مقتضی الصناعة ان يصوم طول السنة ما لم يقع في حرج و لكن اذا قلنا بالحرمة الذاتية لصوم يوم العيد هنا لا يمكن الاحتياط التام، اذا لم يقل بالحرمة الذاتية و انما قلنا لحرمة التشريعية لصوم يوم العيد و الاضحی الصوم احتياطا في طول السنة لا ينافي تلك الحرمة التشريعية لان الاحتياط ليس تشريعا و لكن لو قلنا بالحرمة الذاتية فتارة يعلم بداية الشهر و نهايته و لكن لا يعلم انه هذا شهر رمضان أو شهر آخر و تارة اخری اصلا هو مسجون في مكان بس يعلم بطلوع الفجر، غروب الشمس و يقدر يصوم، اما لا يری الهلال حتی يشخص ان هذا اول الشهر أو آخره.
في الفرض الاول كما فيمن انجبر ان يقيم في جزيرة بعيدة هو يعرف ان هذا اول الشهر، اهلّ الهلال و لكن لا يدري هل هذا هلال شهر رمضان أو هلال شهر آخر. يقول السيد الخوئي بتوضيح منّا انه حيث يعلم بتكليفين: تكليف بوجوب الصوم ثلاثين يوما، صوم شهر و يعلم بحرمة صوم يومين حرمة تكليفية، حيث لا يجوز له المخالفة القطعية في ایّ من التكليفين كما مرّ في بحث دوران الامر بين المحذورين بل لا بد من الموافقة الاحتمالية، هنا يصوم شهرا ثم بعد مضي ذاك الشهر يفطر يوما فاذا افطر يوما باحتمال انه اول شوال، يصوم الی ثماني و ستين يوم ثم يفطر يوما احتياطا من باب انه يوم العاشر من ذي الحجة، ثم بعد ذلك يصوم. اقرأ عبارة السيد الخوئي، يقول: الحكم في هذه الصورة كما تقدم من تنجيز العلم الاجمالي المقتضي للاحتياط بقدر الامكان الا في اليوم الاول من كل شهر و عاشره، يصوم شهرا حتی لا يقع في المخالفة القطعية لوجوب صوم شهر رمضان ثم يفطر يوما ثم يصوم و بعد مضي ثماني و ستين يوما يفطر لاحتمال انه اليوم العاشر من ذي الحجة، ثم يصوم، لكنه في كل اول شهر و عاشره مخير، الله لا يبليكم، انتم افرضوا نفسكم انجبرتم تسكنون الجزيرة بس اهلّوا الهلال اختاروا صوم هذا الشهر الی آخر الشهر بعد ذلك في اول الشهر الثاني افطروا يوما بعد ذلك صوموا، بعد مضي ثماني و ستين يوما ايضا افطروا أو فقل بعد مضي شهرين افطروا في اليوم العاشر من الشهر الثالث الذي يحتمل انه شهر ذي الحجة و في بقية الايام لا بد ان تصوموا الا في كل اول شهر و عاشره لانه مورد دوران الامر بين المحذورين فتكونون مخيرين، كيفك، تصوم أو تفطر، الذي لست مخيرا فيه حتی لا تقع في مخالفة القطعية للتكليف هو ان تصوم شهرا كاملا، هذا متعين عليه، تختار ايا من الشهور مو مهم، ثم تفطر اليوم الاول من الشهر الثاني بعد ذاك الشهر الذي صمت فيه بكامله، ثم تصوم، و بعد مضي ثماني و ستين يوما أو فقل بعد مضي شهرين و تسعة ايام يكون تفطر في اليوم الذي بعده حتی لا تقع في المخالفة القطعية و في بقية الايام يكون تصوم لانه ليس مورد دوران الامر بين المحذورين الا في اليوم الاول من كل شهر و عاشره، في كل شهر انت تحتمل انه اليوم الاول من شهر شوال و في اليوم العاشر انه عشر ذي الحجة فيكون في دوران الامر في المحذورين انت مخير، كيفك، طبعا انت تختار ان لا تصوم.
و اما اذا كان هذا المؤمن في سجن لا يعرف اول الشهر و لا آخره و لا يعرف رمضان، كل يوم يحتمل انه رمضان و كل يوم يحتمل انه اول شوال و كل يوم يحتمل انه عاشر لذي الحجة، كل الايام يكون من دوران الامر بين المحذورين، كل ايام السنة، بناءا علی حرمة الذاتية لصوم يوم عيد الفطر و الاضحی، كل يوم هو يحتمل ان هذا اليوم يوم الفطر أو الاضحی كما يحتمل انه يوم رمضان، فحذر من الوقوع في المخالفة القطعية شهرا ثم يفطر في غده و بعد مضي ثماني و ستين يوما ايضا يفطر و في بقية الايام مخير يعني هذا الفرض صار اسهل الی الفرض السابق، يقول يا ليت كنت مسجون لا اعرف اول الشهر و لا آخره لاني لو كنت اعرف اول الشهر و آخره السيد الخوئي يجبرني يقول في غير اول الشهر و عاشره انت لا تحتمل ان هذا اليوم اول شوال أو عاشر ذي الحجة لان ايام الشهر واضح عندك تری الهلال فغير اليوم الاول من الشهر و اليوم العاشر من الشهر تكون تصوم اما في هذا الفرض الثاني يقول السيد الخوئي انا لا علی مودك اترحم عليك لا، علی مود الاصول، الاصول اقتضت ان اقول لك كل يوم دوران الامر بين المحذورين فيكون تصوم شهرا و بعده تفطر يوما و بفاصل ثماني و ستين يوما ايضا يكون تفطر و في بقية الايام مخير، كيفك تصوم أو ما تصوم، هذا امر يرجع اليك.
هذا هو محصل ما اختاره السيد الخوئي بناءا علی الحرمة الذاتية لصوم يوم العيد الفطر و الاضحی.
هل يمكننا المناقشة مع السيد الخوئي؟ لا يمكن، عبقري في الاصول و في الفقه. لكن اولا قلنا بان اطلاق صحيحة عبدالرحمن كما رأيت في كلام السيد الزنجاني يشمل فرض عدم حصول الظن، يصوم شهرا يتوخاه، يتوخاه يعني يحاول يحصّل الظن و لو لم يحصل له الظن يصوم شهرا برجاء انه شهر رمضان.
و ما ذكره السيد السيستاني من انه اذا امكنه الاستفادة من القرعة يستفيد من ذلك، هذا خلاف الاطلاق المقامي، ذهن الناس ما يلتفت الی القرعة، يصوم شهر يتوخاه اذا لم يحصل له الظن يجب عليه القرعة حتی يحصل له الظن الناشئ من القرعة هذا امر يحتاج الی التنبيه و لم ينبه عليه الامام عليه السلام.
انا اقول مقتضی الاطلاق انه يكتفي بصوم شهر من الاشهر بلا حاجة الی الاحتياط. و ان لم نقبل ذلك فانا يقوی في ذهني ذاك الاستصحاب، استصحاب عدم دخول الشهر الی الاول الشهر الثاني عشر ثم بعد ذلك يصوم في الشهر الثاني عشر و اذا لم تقبلوا ذلك فعندي ملاحظة اخری علی كلام السيد الخوئي اذكرها في الليلة القادمة ان شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين.