الدرس 106-311
الأحد – 20 ذيقعدة الحرام 46
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
تتمة البحث عن حكم الاسير و نحوه
كان الكلام فيمن لا يتمكن من تشخيص شهر رمضان من سائر الشهور كما لو وصل الی جزيرة لا يسكنها مسلمون و انجبر ان يسكن فيها و اختلط عليه الايام و الشهور.
فقال المشهور بانه يحاول ان يحصل له الظن الاقوی فالاقوی بكون شهر شهر رمضان فيصوم في ذلك الشهر و اذا لم يحصل له الظن يختار شهرا فيصوم و هذا ما ذهب اليه السيد السيستاني ايضا لكنه يقول قد يكون من طرق تحصيل الظن الاقوی القرعة.
استندوا الی صحيحة عبدالرحمن بن ابي عبدالله المروية في الكافي و التهذيب و من لا يحضره الفقيه في بعض نسخ الكافي لم يذكر اسم الامام عليه السلام، عن عبدالرحمن بن ابي عبدالله قال قلت له و لكن المهم ان هذا قطعا قد سقط فيه قوله عن ابي عبدالله عليه السلام لانه قال عبدالرحمن بن ابي عبدالله فهذا التشابه اوجب ان يذهب عينه الی ما بعد، قال عبدالرحمن بن ابي عبدالله، ما التفت الی انه بعد ذلك يوجد عن ابي عبدالله و الشاهد علی ذلك وجود هذه الجملة في كثير من النسخ كما توجد في من لا يحضره الفقيه و التهذيب عن عبدالرحمن بن ابي عبدالله عن ابي عبدالله. مضافا الی ان المضمرات لا اشكال فيها لان مثل عبدالرحمن بن ابي عبدالله اذا قال قلت له فظاهره انه يروي عن الامام عليه السلام. اصلا من المستهجن ان يبدأ الانسان ان يقول قلت له، عمن قلت؟ الاضمار نتيجة التقطيع بين الروايات، قلت لابي عبدالله عليه السلام ثم يقول قلت له، ابتداءا انا اجيء اسلم عليكم اقول شيخنا قلت له، عمن قلت، هذا ليس طريق المحاولة.
نحن قلنا باطلاق قوله يتوخاه لفرض عدم حصول الظن، يختار شهرا اذا لم يحصل له الظن بان غيره شهر رمضان يختار شهرا برجاء انه شهر رمضان. لكن تنازلنا عن ذلك و قلنا بعدم شمول هذه الصحيحة لفرض عدم حصول الظن، ماذا نصنع؟ قلنا بانه علی المبنی السابق للسيد الخوئي الذي ذكره في الاستصحاب كان يجري استصحاب عدم دخول شهر رمضان الی اول الشهر الثاني عشر ثم بعد ذلك حيث يعلم بدخول شهر رمضان إما فعلا أو سابقا و يشك في بقاءه يستصحب بقاء شهر رمضان. و لكن كما التفت السيد الخوئي الی اشكال المعارضة في هذا البحث يقال بان استصحاب بقاء شهر رمضان معارض باستصحاب عدم شهر رمضان في احد هذه الازمنة كما تقول اعلم اجمالا بحدوث شهر رمضان في هذه الازمنة إما هذا اليوم أو قبل ذلك تقول اعلم اجمالا بعدم شهر رمضان إما في هذا اليوم أو في الاشهر السابقة و هذا العنوان يختلف عن عدم شهر رمضان قبل ان اجيء الی هنا، لان ذلك العدم لشهر رمضان قد انتقض يقينا و هذا عدم آخر، عدم شهر رمضان في احد هذه الازمنة التي انا كنت ساكنا في هذه الجزيرة. السيد الخوئي قال نعم هذا الاستصحاب يعارض استصحاب بقاء رمضان فانه استصحاب في القسم الرابع من الكلي.
انا اقول لا، كما قال السيد الصدر في البحوث هذا استصحاب شخصي، تردد زمان المستصحب بين زمانين لا يخرجه من استصحاب الفرد الی الاستصحاب الكي. انا لا ادري هل دخل زيد في هذا البيت ساعة ستة فيكون قد خرج لانه لا يبقی اكثر من ساعتين هنا أو جاء الی هنا ساعة ثمانية فيبقی الی ساعة عشر، مع غمض العين عن المعارضة، ان لم يكن هناك معارضة فانا اقول اعلم بدخول زيد في هذا المكان، دخول زيد في هذا المكان تردد زمانه بين كونه ساعة سادسة أو ساعة ثامنة لا يخرجه عن الاستصحاب الفرد و الاستصحاب الشخصي الی الاستصحاب الكلي، استصحاب الكلي هو ما يكون جامعا بين فردين كأن يقول لا ادري هل زيد كان في الدار أو عمرو، اليوم اذا كان زيد في الدار فقد خرج و ان كان عمرو في الدار فقد بقي في الدار استصحاب بقاء الانسان في الدار هو الاستصحاب الكلي لانه جامع بين الفردين اما وجود زيد في الدار اذا تردد دخوله في الدار بين ساعة السادسة أو ساعة الثامنة هذا لا يكون من الاستصحاب الكلي. لو فرض انه استصحاب للكلي فهو استصحاب من القسم الرابع كما ذكر السيد الخوئي يعني جعلنا للمعلوم بالاجمال عنوانا لا يعلم بانطباقه علی ذلك الفرد السابق المعلوم الزوال.
فلاجل ذلك قال السيد الخوئي بانه حيث يتعارض استصحاب بقاء رمضان في الشهر الثاني عشر مع استصحاب عدم رمضان، فاستصحاب عدم دخول شهر رمضان الی الشهر الثاني عشر يؤمّن عن وجوب الصوم في تلك الاشهر و البراءة عن وجوب الصوم في الشهر الثاني عشر تؤمّن عن وجوب صوم هذا الشهر الآخر فيحصل المعارضة بين ذاك الاستصحاب و بين هذه البراءة و يسقطان فيكون العلم الاجمالي منجزا.
انا اقول: يمكن مع ذلك ان يقال بان هذا العلم الاجمالي ليس منجزا، مع غمض العين عن صحيحة عبدالرحمن بن ابي عبدالله. اما علی مبنی عدم منجزية العلم الاجمالي في التدريجيات فواضح صاحب الكفاية و قبله الشيخ الانصاري ذهبا الی ان العلم الاجمالي ليس منجزا في التدريجيات اذا دار امر المعلوم بالاجمال بين واجب فعلي و بين واجب مشروط لم يتحقق شرطه فعلا أو واجب موقت لم يدخل وقته فعلا، فيقول هذا العلم الاجمالي ليس منجزا. وجوب صوم شهر رمضان شرط وجوبه دخول شهر رمضان، من شهد منكم الشهر فليصمه. و اما علی المبنی الصحيح من منجزية العلم الاجمالي في التدريجيات فنقول بناءا علی تقديم الخطاب المختص علی الخطاب المشترك فالبراءة عن وجوب صوم هذه الاشهر خطاب مشترك، اصل البراءة يعم جميع الشهور، البراءة عن وجوب صوم الشهر الاول و البراءة عن وجوب صوم الشهر الثاني و هكذا الی الشهر الثاني عشر، لكن استصحاب عدم دخول شهر رمضان خطاب مختص بما قبل الشهر الثاني عشر. و حيث ان الصحيح كما سيأتي في الاصول انشاءالله وفاقا لجمع من الاعلام ان خطاب الاصل المختص يجري بلا معارض لان الخطاب المشترك مبتلی بالاجمال. فاذن ينحل العلم الاجمالي حكما بجريان الاستصحاب الذي هو خطاب مختص فيما عدی الشهر الثاني عشر يجب الاحتياط في خصوص الشهر الثاني عشر.
لكن يورد عليه ايرادان:
الايراد الاول ما يقال وفقا لمباني السيد الخوئي من ان هذا الاستصحاب خطاب مختص حاكم و الخطاب المختص الحاكم طرف للمعارضة، الخطاب المختص قد يكون حاكما كما ان استصحاب عدم دخول شهر رمضان استصحاب موضوعي حاكم علی البراءة عن وجوب الصوم علی رأي المشهور و قد يكون الخطاب المختص محكوما كما لو تعارض اصالة الطهارة في ماء و ثوب علمنا بان احدهما نجس ثم جرت قاعدة الحل كخطاب مختص في الماء لجواز شربه، هذا خطاب مختص محكوم لان اصالة الطهارة اصل موضوعي حاكم عليه و قد يكون الخطاب المختص لا حاكم و لا محكوم، في عرض الخطاب المشترك، السيد الخوئي يقول الخطاب المختص اذا كان حاكما فهو طرف للمعارضة، نحن في الاصول منعنا عن ذلك، كما ذكر في البحوث لا فرق في تقديم الخطاب المختص بين ان يكون حاكما أو محكوما أو في عرض الخطاب المشترك لان الخطاب المشترك مجمل و المجمل لا يعارض المبين.
هذا مضافا الی الصحيح عندنا وفاقا للبحوث جريان الاصل السببي و المسببي المتوافقين في عرض واحد، استصحاب عدم دخول شهر رمضان يؤمّن عن وجوب الصوم كما ان البراءة يؤمّن عن وجوب الصوم فيجريان في عرض واحد، الذين يكون حاكما هو الاصل السببي المخالف لا الاصل السببي الموافق. و تفصيله في محله في الاصول.
فاذن من هذه الناحية نحن ما عندنا مشكلة، الخطاب المختص حتی لو كان حاكما فيجري بلا معارض مضافا الی انه قلنا بان هذا الخطاب ليس حاكما بل هو في عرض اصل البراءة.
المهم هو الايراد الثاني: هو ان يقال بان استصحاب عدم دخول شهر رمضان قبل الشهر الثاني عشر معارض باستصحاب عدم شهر رمضان في الشهر الثاني عشر.
هذا الاشكال الثاني السيد الخوئي لا يقبله، يعني نحن لم نقبل الايراد الاول خلافا للسيد الخوئي، لو ان السيد الخوئي اقتنع بما قلناه من ان الايراد الاول مو صحيح، الايراد الثاني ليس صحيحا بنظر السيد الخوئي، ليش؟ لان السيد الخوئي يقول: اذا كان احد الاستصحابين مورد توارد الحالتين فخطاب الاستصحاب يكون مجمل بالنسبة اليه، استصحاب عدم شهر رمضان في الشهر الثاني عشر هو كان مورد توارد الحالتين و كان متعارضا مع استصحاب بقاء شهر رمضان و خطاب الاستصحاب مجمل بالنسبة الي توارد الحالتين. فيبقی خطاب الاستصحاب بالنسبة الی عدم دخول شهر رمضان فيما قبل الشهر الثاني عشر بلا معارض.
السيد الخوئي طبّق هذا المبنی في بعض الفروع، مرّ بيان هذا الفرع، السيد الخوئي يقول: اذا توضأ شخص فصلی صلاة الظهر مثلا، ثم توضأ فصلی صلاة العصر ثم علم اجمالا بحدث بعد احد الوضوئين إما بعد الوضوء الاول أو بعد الوضوء الثاني، يجري استصحاب بقاء الوضوء الاول الی زمان الصلاة بلامعارض، يقال يا سيدنا استصحاب بقاء الوضوء الاول الی زمان الصلاة الظهر لا يمكن ان يجتمع من استصحاب بقاء الوضوء الثاني الی زمان الصلاة العصر لان الجمع بين الاستصحابين يؤدي الی الترخيص في المخالفة القطعية يعني اعلم اجمالا ببطلان احدی الصلاتين. يقول السيد الخوئي: اسكتوا، انا فكرت للجواب عن هذا الاشكال، استصحاب بقاء الوضوء الثاني الی زمان الصلاة العصر مبتلی بتوارد الحالتين، لاني اعلم في الوضوء الثاني إما احدثت ثم توضأت أو توضأت ثم احدثت، فالوضوء الثاني مبتلی بتوارد الحالتين و عدم شمول دليل الاستصحاب لمورد توارد الحالتين واضح و بديهي فلا ينعقد ظهور في دليل الاستصحاب بالنسبة اليه بينما ان عدم شمول دليل الاستصحاب لطرفي العلم الاجمالي اذا كان يؤدي الی الترخيص في المخالفة القطعية ليس امرا بديهيا، امر نظري لا يمنع من الظهور و انما يمنع من حجية الظهور، فاذن حتی لو فرضنا ان استصحاب بقاء الوضوء الثاني كان ينعقد للخطاب ظهور فيه و يتعارض مع استصحاب الوضوء الاول الی زمان الصلاة الظهر هذا لم يكن يمنع من انعقاد الظهور و انما يمنع من حجية الظهور لقرينة منفصلة عقلية و هي قبح الترخيص في المعصية فاذن انعقد الظهور لدليل الاستصحاب بالنسبة الی الوضوء الاول الی زمان الصلاة الاولی و لا يعارض هذا الظهور ایّ ظهور آخر لابتلاء الاستصحاب في الوضوء الثاني بالاجمال لكونه مورد توارد الحالتين.
نفران وقفا في قبال استاذهما: الاول السيد الصدر. قال: لا، هذا مو صحيح، لان دليل الاصل مبتلی بالاجمال في كل من توارد الحالتين و اطراف العلم الاجمالي فلا مزية لاستصحاب بقاء الوضوء الاول الی زمان الصلاة الاولی علی الاستصحاب في توارد الحالتين، دليل الاستصحاب مجمل بالنسبة الی الجميع.
الثاني الذي وقف في قبال استاذه رحمة الله علی الجميع هو شيخنا الاستاذ، قال ظهور دليل الاستصحاب منعقد حتی في توارد الحالتين و المانع العقلي لا يمنع من انعقاد الظهور.
يعني تلك المزية التي اكتسبها السيد الخوئي حيث جعل استصحاب الوضوء الاول الی زمان الصلاة الاولی سليما عن المعارضة اراد كل من العلمين تخريب هذه المزية.
بناءا علی ما ذكره السيد الخوئي هنا ايضا ينعقد الظهور لاستصحاب عدم دخول شهر رمضان فيما قبل الشهر الثاني عشر لان استصحاب عدم شهر رمضان في الشهر الثاني عشر مبتلی بتوارد الحالتين و دليل الاستصحاب مجمل بالنسبة اليه و لا يعارض استصحاب عدم دخول شهر رمضان في الاشهر الاولی.
اذا قلتم لي: انت قلت الايراد الاول مو صحيح، اذا كنت تقبل اندفاع الايراد الثاني، تقبل دفاع السيد الخوئي و جوابه عن الايراد الثاني فاذان يجري استصحاب عدم دخول شهر رمضان الی الشهر الثاني عشر بلا معارض. اقول: انا يصعب علیّ قبول كلام السيد الخوئي، انا ايضا فكري اشوي روح مرتاح، يعني اشوف اجمال دليل الاستصحاب بالنسبة الي كل من توارد الحالتين و اطراف العلم الاجمالي كما ذكر السيد الصدر لاني اری ان ارتكاز العقلاء بمثابة قرينة لبية متصلة فكما ان دليل الاستصحاب لم ينعقد ظهوره لفرض توارد الحالتين لم ينعقد ظهوره لفرض الترخيص في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي فالمشكلة هنا ان استصحاب عدم دخول شهر رمضان لم ينعقد لدليل الاستصحاب ظهور فيه.
ثم ان السيد الخوئي قال: بناءا علی مبانينا من عدم حرمة صوم يوم العيد حرمة ذاتية فما لم يقع هذا المكلف في حرج فلا بد ان يصوم طول السنة. لا وجه لكلام المشهور من انه يصوم شهرا علی وجه التخيير بل هو يصوم الا اذا كان يقع في حرج، ليس الكل يقع في حرج، انا شائف بعض الناس دائم الصوم، طول السنة يصومون، شائف أو سامع، متعودين علی الصوم، فليس كل الناس يقع في حرج و اذا وقع شخص في حرج فاللازم ان يحتاط الی ان يقع في حرج. الا علی مبنی صاحب الكفاية حيث قال اذا انت الاحتياط التام يجعلك في حرج فلا يجب عليك الاحتياط التام و نتيجة ذلك عدم العلم بالتكليف الفعلي لانك تصوم الی ستة اشهر مثلا ثم تترك الصوم لانك تقع في حرج، لعل الواجب هو الصوم بعد ستة اشهر فانت لا تعلم بتكليف فعلي علی اي تقدير فعلی مسلك صاحب الكفاية يجوز ترك الصوم في تمام السنة. اراح الله البعاد و البلاد. يعني صاحب الكفاية يقول لو ما كانت صحيحة عبدالرحمن لكنت انا حسب ما ذكرته في الاضطرار اقول ليس التكليف المعلوم بالاجمال فعليا علی ایّ تقدير فتجوز المخالفة القطعية لكن شتسوي صحيحة عبدالرحمن ما خلّتني افتي حسب مباني الاصولية.
و بقية الكلام في الليلة القادمة ان شاء الله.
و الحمد لله رب العالمين.