فهرست مطالب

فهرست مطالب

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

 

جلسه 1 (الطهاره) – الاثنین – 18 المحرم 1442 – 99/06/17


اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.


فصل في الدفن

يجب كفاية دفن الميت بمعنى مواراته في الأرض بحيث يؤمن على جسده من السباع و من إيذاء ريحه للناس و لا يجوز وضعه في بناء أو في تابوت و لو من حجر بحيث يؤمن من الأمرين مع القدرة على الدفن تحت الأرض.


یقع الکلام فی وجوب دفن المیت فی عدة جهات، الجهة الاولى انه لا اشكال عند المسلمين في وجوب دفن الميت شرعا في ما اذا كان من المسلمين و لايجوز ابقاء الميت بلا ان يدفن، كما لا يجوز احراقه او القائه في البحر و لكن قد يقال بانه لماذا لايجوز تشريحه اذا هو اوصى بذلك، اذا لم يوص الميت بذلك لا يجوز تشريحه من باب انه هتك لحرمته و حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا، و لكن اذا اوصى بذلك، رضي بان يشرّح جسده بعد موته لاجل التعليم الطبي او لاجل الانتفاع به في مجالات اخرى فلا يبقى جسىد الميت بحاله حتى يقال بانه يجب دفنه قطعا، فهل هذا ايضا ينافي وجوب الدفن؟. كان شيخنا الاستاذ قدس سره يحرّم تشريح جسد الميت و لو اذن في ذلك في حال حياته، لاجل انه مناف لوجوب الدفن، فهل هناك اطلاق في وجوب دفن الميت بحيث يشمل هذا الفرض؟. مجرد التسالم بين المسلمين لا يكشف الا عن اصل وجوب دفن الميت و لا اطلاق له لمثل هذه الحالات لان التسالم دليل لبي كالاجماع و لا اطلاق له.

نحن حينما نرجع الى الروايات لا نجد هناك رواية واردة في الامر بدفن الموتى بهذا البيان و انما ورد الامر بالدفن في مجالات متفرقة مثلا روى عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنِ الْمَيِّتِ يَكُونُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ، فَيُحْلَقُ عَنْهُ قَالَ لَا يُمَسُّ مِنْهُ شَيْ‌ءٌ اغْسِلْهُ وَ ادْفِنْهُ. اغسل الميت و ادفن هذا الميت. فيقال بان هذه الرواية تدل على وجوب دفن الميت مطلقا.

و لكن هذه الرواية واردة في مقام بيان حكم آخر و هو انه لا يمسّ من هذا الميت شيئا، لا يزال عنه شعره، يدفن بحاله، فاستفادة وجوب الدفن بمثل هذه الرواية بنحو مطلق بحيث يحرّم تشريح الميت و لو اوصى بذلك لاجل اطلاق وجوب الدفن في مثل هذه الرواية مشكل.

الرواية الثانيه موثقه سماعة عن ابي عبدالله عليه السلام قال سَأَلْتُهُ عَنِ السِّقْطِ إِذَا اسْتَوَى خَلْقُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَ اللَّحْدُ، اي الدفن، وَ الْكَفَنُ فَقَالَ نعم كُلُّ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ اذا استوى، فيقال بان هذه الرواية دلت على وجوب دفن الميت حتى اذا كان سقطا قد استوت خلقته، تمت خلقته.

و لكن ايضا قد يناقش في اطلاق هذه الروايه فيقال بان هذه الرواية ناظرة الى تعميم حكم الميت للسقط الذي استوت خلقته، كانه قال كلما ثبت للميت المسلم فيثبت للسقط الذي استوت خلقته اما انه هل يجب دفن الميت المسلم مطلقا في جميع الحالات؟، قد يقال بان هذه الرواية لايظهر منها كونها ناظرة الى هذه الجهة، و قد ذكر في الاصول حسب ما قال به المشهور انه اذا كانت الرواية ناظرة الى جهة خاصة، في مقام بيان نكتة خاصه، فلا تجري فيها اصالة الاطلاق لاثبات انها في مقام بيان الجهات الاخرى مثلا قال الله تعالى فكلوا مما امسكن عليكم، هذه الآية ناظرة الى الترخيص في اكل ما صاده الكلب المعلم من حيث الحكم بتذكيته، و ليس في مقام بيان اكل هذا الصيد و لو بدون ان يغسل موضع عضّ كلب المعلم. فهذه الرواية ايضا قد يقال بانها ناظرة الى حيثية اخرى و هو حيثية تعميم احكام الميت الى السقط الذي استوت خلقته و لاجل ذلك لما سأل سماحته هل يجب غسله و لحده و كفنه فقال الامام عليه السلام كل ذلك يحب عليك اذا استوى.

الرواية الثالثه معتبرة ابان بن تغلب، قال سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنِ الَّذِي يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَ يُغَسَّلُ وَ يُكَفَّنُ وَ يُحَنَّطُ قَالَ يُدْفَنُ كَمَا هُوَ فِي ثِيَابِهِ، فيقال بان هذه الرواية تدل على وجوب دفن الشهيد المقتول في سبيل الله مطلقا و حيث انه لا خصوصية لوجوب دفن الشهيد فيستفاد من هذه الرواية وجوب دفن الميت المسلم مطلقا.

هنا ايضا يمكن النقاش في اطلاق هذه الرواية فيقال بان هذه الرواية ناظرة الى انه لا يجب تكفينه و لا تغسيله و حسب العادة يدفن كما هو في ثيابه، أما انه هل يجب دفن الميت المسلم مطلقا او يمكن مثلا تشريحه اذا اوصى به او الانتفاع من اعضائه لاجل علاج المرضى او انه يوضع جثمان الشهيد في مكان يسمى متحف حتى الناس يقدسونه مثلا، الرواية ليست ظاهرة في وجوب الدفن، ظاهرة في ان الشهيد لايجب تغسيله و تكفينه و العادة ان الميت يدفن فهذا يدفن في ثيابه و ليس تركيز الرواية على وجوب الدفن.

الرواية الرابعة صحيحة الحلبي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَمُوتُ فِي السَّفَرِ وَ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَ لَا نِسَاءٌ قَالَ تُدْفَنُ كَمَا هِيَ بِثِيَابِهَا وَ عَنِ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا النِّسَاءُ لَيْسَ مَعَهُنَّ رِجَالٌ قَالَ يُدْفَنُ كَمَا هُوَ بِثِيَابِهِ.

فهنا ايضا يمكن ان يقال بان الامر بالدفن ليس ظاهرا في التركيز على وجوب الدفن و انما الرواية بصدد ان هذا الميت حيث لايوجد له مماثل و لا محرم، لا يغسل و لا يكفن، يدفن كما يدفن بثيابه.

الرواية الخامسه موثقة عمار عن ابي عبد الله عليه السلام الْمَيِّتُ يُصَلَّى عَلَيْهِ مَا لَمْ يُوَارَ بِالتُّرَابِ.

هذه الرواية ناظرة الى ان الصلاة على الميت قبل الدفن، اما ان الدفن واجب مطلقا لا يستفاد منه.

الرواية السادسة صحيحة علي بن جعفر انه سأل اخاه عَنِ الرَّجُلِ يَأْكُلُهُ السَّبُعُ وَ الطَّيْرُ فَتَبْقَى عِظَامُهُ بِغَيْرِ لَحْمٍ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ قَالَ يُغَسَّلُ وَ يُكَفَّنُ وَ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَ يُدْفَنُ.

الانصاف ان هذه الرواية اظهر الروايات في ميت بقيت عظامه بغير لحم الامام عليه السلام امر بانه يغسّل و يكفّن و يصلّى عليه و يدفن و هذا مطلق في اي حال من الحالات. الانصاف ان هذه الرواية تامة سندا و دلالة و يستفاد منها وجوب دفن الميت مطلقا.

اللهم الا ان يقال بان مورد هذه الرواية عظام بغير لحم و عادة لا يمكن ان يستفاد من العظام بغير لحم في مجالات طبية و نحوها، و لكن الجواب عن ذلك انه يمكن وضع العظام في مكان في كلية الطب لتعليم الطلاب مع ذلك الامر بالدفن مطلق.

لكن هذه الرواية لا تشمل فرض وصية الميت، اذا اوصى الميت بتشريح جسده خب هذه الرواية لايشمل هذا الفرض لانه عادة هذا الرجل الذي اكله السبع او الطير لم يوص بشيء، وجد في طريق رجل اكله السبع و بقي عظامه بغير لحم، و لاجل ذلك السيد الخوئي قال يجوز في فرض وصية الميت بقطع اعضائه و الانتفاع منها يجوز الانتفاع من اعضائه، و لعله يرى انه لا اطلاق لوجوب دفن الميت بهذا الفرض كما انه لو اوصى فهذا اذن منه في قطع اعضائه و لا يكون قطع عضوه هتكا لحرمته.

سوال و جواب: ما هو الدليل على المنع، مقتضى اصالة الحل هو جواز ذلك. انتم لابد ان تستدلوا بدليل واضح على حرمة ذلك لان كل شيء حلال حتى تعرف انه حرام ما هو الدليل على حرمته؟ هذا كلام السيد الخوئي، يقول لا يوجد منع عن قطع عضو ميت هو اوصى بذلك لان وصيته بذلك اذن منه في ذلك فلا يكون العمل بوصيته هتكا لحرمته، كما لعل السيد الخوئي يرى ان هذا لا ينافي وجوب الدفن، خلافا للشيخ التبريزي الله يرحمه.

فاذن وجدنا اطلاقا في الجملة لغير ما اذا اوصى الميت بقطع اعضائه، وجدنا اطلاقا في وجوب دفن الميت و هو صحيحة علي بن جعفر.

الجهة الثانية ذكر صاحب الجواهر انه يكفي في دفن الميت مواراة جسد الميت و لو كان بمقدار شبر اما حفر الارض بمقدار نصف متر او اكثر بحيث يمنع من انتشار ريح الميت، صاحب الجواهر يقول لا، مو لازم. و لكن ظاهر المشهور كما ذكر صاحب العروة ان الواجب ليس فقط ستر جسد الميت بالتراب و انما الواجب مواراته في الارض بحيث تمنع من انتشار رائحته و اكل السباع اياه.

السيد الخوئي قال في مقام رده على صاحب الجواهر بان الوارد في الروايات عنوان الدفن و الاقبار، اقبره، انا لم نجد و انتم افحصوا شوفو هل يوجد نص يشتمل على عنوان الاقبار و لزوم الاقبار، نعم توجد في الآية في القرآن ثم اماته فاقبره، اما هل يجب على انسان ان يُقبر جسد الميت، انا لم اجد هذا التعبير في الروايات. الوارد في الروايات عنوان الدفن و مواراة الميت، عنوان الدفن خب رأيناه في هذه الروايات التي قرأناها و عنوان مواراة الميت يوجد في صحيحة عبد الله بن سنان عن ابي عبدالله عليه السلام قال يَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ الْمَيِّتُ دُونَ الْقَبْرِ هُنَيْهَةً ثُمَّ وَارِهِ. كما تقدم عن عمار الساباطي الميت صلى عليه ما لم يوارى بالتراب، فالموجود هو عنوان الدفن و المواراة.

حسب المعنى اللغوي يصدق هذا العنوان على ما ذكره صاحب الجواهر اذا حفر حفيرة و وضع جسد الميت فيه و القى مقدارا من التراب و لكن ليس الفاصل الا مقدار شبر، لغة يصدق انه دفن الميت او واروا الميت، لكن بمناسبة الحكم و الموضوع ظاهر الامر بدفن الميت و مواراته في الارض حفظ احترامه، و لاجل ذلك ورد في الميت الكافر لا يدفنه مسلم و لا كرامة، دفن الميت المسلم لاجل كرامة هذا الميت، يدفن بدون ان يحفر حفرا متعمقا و يوضع عليه مقدار شبر من التراب وبعد اسبوع تنتشر رايحته كريهة منتنة، هذا هتك لحرمة هذا الميت و ليس فيه حفظ كرامته و هكذا لو كان بحيث يستخرجه السباع و تاكله السباع هذا ليس حفظا لكرامته، و يؤيد ذلك ما ورد في رواية العلل يعني الصدوق ذكر في كتاب العلل و عيون الاخبار باسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام إِنَّمَا أُمِرَ بِدَفْنِ الْمَيِّتِ لِئَلَّا يَظْهَرَ النَّاسُ عَلَى فَسَادِ جَسَدِهِ وَ قُبْحِ مَنْظَرِهِ وَ تَغَيُّرِ رِيحِهِ وَ لَا يَتَأَذَّى بِهِ الْأَحْيَاءُ بِرِيحِهِ- وَ بِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنَ الْآفَةِ وَ الْفَسَادِ- وَ لِيَكُونَ مَسْتُوراً عَنِ الْأَوْلِيَاءِ وَ الْأَعْدَاءِ فَلَا يَشْمَتَ عَدُوٌّ وَ لَا يَحْزَنَ صَدِيقٌ. اذا دفن الميت بالمقدار الذي يقول به صاحب الجواهر، القي عليه بمقدار شبر تراب هذا لا يمنع لا من انتشار الرائحة الكريهة و لا يكون مصونا عن اكل السباع له، الا ان الرواية ضعيفة عند جماعة فالسيد الخوئي ضعّفها لاجل ابن عبدوس و ابن قتيبة، و السيد السيستاني يرى ان ما كتبه الفضل بن شاذان في كتاب العلل من منشآت نفسه فكتابه كتاب تأليف و ليس كتاب رواية و ذكر في رسالة كتبها او قُرر ابحاثه دام ظله في ذلك ذكر عدة قرائن على ان كتاب العلل ليس كتابا رواية بل فضل بن شاذان لم ير الامام الرضا عليه السلام بمقدار يروي عنه كل هذه الروايات.

لعل اشكال السيد السيستاني يرجع الى سلب الوثوق من نقل جماعة من الفضل بن شاذان انه قال كلما كتبته فقد رويته عن الرضا عليه السلام، فلعل السيد السيستاني يقيم قرائن على ان شهادة هؤلاء كانت كاذبة. وعلى اي حال لا بأس بالتأييد بهذه الرواية.

الجهة الثالثة اذكرها باختصار و نكمل البحث في الليالي القادمة ان شاء الله. الظاهر من الدفن و الموارة الدفن في باطن الارض و لذا يقال بانه لو وضع تابوت الميت في غرفة و سد باب الغرفة، هذا لا يجوز، لان هذا ليس مواراة في الارض و ليس دفنا للميت او يثقب جدار او حجر و يوضع فيه الميت و ان كانت النتيجة العرفية بين هذا و بين دفن الميت في الارض مشتركة لكن نحن لا نعرف الملاكات الظاهر من الدفن دفن الميت و مواراته، هو دفنه في الارض، اما حفر جدار و وضع الميت في ذلك الجدار او حفر حجر ايجاد ثقب في الحجر و القاء الميت فيه ثم سد باب الحجر هذا ليس دفنا، فما دام يمكن الدفن في الارض لا يجوز وضع الميت في ثقب محفور في جدار او في حجر فانه ليس دفنا، نعم لو لم يمكن دفن الميت في الارض فلاجل حفظ كرامة المؤمن لا يخلى جسد الميت بلا دفن، لا يمكن دفنه في الارض تنتقل النوبة الى وضعه في ذلك الثقب اما مادام يمكن دفن الميت في الارض فلايجوز الانتقال الى وضعه في ثقب او في جدار او في حجر مرتقع.

هنا ينبغي الكلام في مطلب سنتكلم عنه في الليالي القادمة ان شاء الله و هو انه هل يكفي في دفن الميت المواراة الشأنية، يعني هنا تمنع البلدية من دخول السباع في البلد فيمكن دفن الميت بشكل لو لم تمنع البلدية من دخول السباع لكانت السباع تطلع تخرج جسد الميت و تأكله، لو كانت البلدية لا تمنع، او كان في قرية، و لا توجد بلدية، و السباع تأتي و تخرج جسد الميت، هناك في القرية خب لابد من تعميق الحفرة بحيث لا تصل اليه السباع، اما في المدينة توجد بلدية تمنع من السباع، السباع لا تأتي الى المدينة فهل يكتفى باقل من ذلك، و هذا يسمى بالمواراة الشأنية او انه لابد من تسوية التدفين في جميع المناطق فهنا في المدينة ايضا لابد من تعميق الحفرة بحيث لو اتت السباع لما قدرت على اخراج جسد الميت. هذا بحث سنتكلم ان شاء الله في الليالة القادمة.

الحمد لله رب العالمين.