الدرس 37-144
الإثنين – 19 جماديالاولی 45
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
فصل
المفطرات المذكورة ما عدا البقاء علی الجنابة انما توجب بطلان الصوم اذا وقعت علی وجه العمد و الاختيار اما مع السهو و عدم القصد فلاتوجبه من غير فرق بين اقسام الصوم من الواجب المعين و الموسع و المندوب.
تارة لايستند ارتكاب المفطر الی الانسان كما لو زلق فدخل في الماء، هنا لايقال انه ارتمس في الماء، لميرتمس في الماء، و لاجل ذلك نقول: لو زلق شخص فانكسر متاع مالك فلايضمنه هذا الشخص، لايقال هذا كسره، افرض وقع الزلزال في هذا المثال واضح، وقع الزلزال فهذا زلق و وقع علی متاع الغير فانكسر هذا يكون بقضاء من الله و قدر لايستند اتلافه الی هذا الشخص.
و تارة يستند الی هذا الشخص، كما لو لميكن ملتفتا، تخيل ان هذا سراب فدخل فيه فاذن هو ماء، حسبته لجة فكشفت عن ساقيها، هذا صار بالعكس، حسبه سرابا فدخل فاذن هو ماء غطّی رأسه، هذا يكون باختياره، يستند اليه، لكن ليس متعمدا. ما هو الدليل علی انه في هذا الفرض لايبطل الصوم؟
السيد الخوئي قال اولا المقتضي مو موجود لبطلان الصوم لانه لايصدق عليه انه لميجتنب عن الارتماس في الماء، هو اجتنب عن الارتماس في الماء. تخيل ان هذا سراب فارتمس فيه بغير قصد فهو اجتنب عن الارتماس في الماء.
لكن هذا مو صحيح. ألايصح ان يقال لماتمكن من الاجتناب عنه؟ تخيلت انه سراب فارتمست فيه و لماتمكن من الاجتناب عنه أو لماوفق علی الاجتناب عنه. الاجتناب هو ترك الشيء عن قصد لايصدق علی ما اذا لميتركه، فعله بغير التفات الی عنوان الفعل، ما كان يدري ان زيدا جالس بصفّة ابتنائا علی انه صورة صهيوني فضرب راژدي، فزيد القاعد بصفّة قال شستوي، ليش تضربني؟ قال و الله انا كنت اعاين تلفيزيون فشفت دولة الصهاينة المجرمين يقتلون الابرياء فانقرحت، صرت عصبيا، و ابتنائي ان اهنانة صورة صهيوني فضربت راژدي، مو ملتفت الی انه هذا صديقي، هل يقال هذا اجتنب عن ضرب زيد؟ كيف اجتنب عن ضرب هذا الشخص، هذا صديقه اسمه زيد،اجتنب عن ضربه؟ الاجتناب هو الترك الخاص، الترك عن قصد، و لاينطبق علی ما اذا ارتكبه بلا قصد.
السيد الخوئي بعد ذلك قال ميخالف، لاتقبلوا مني هذا الكلام، مو مهم، انا اتمسك بفحوی ما دل علی عدم مفطرية ارتكاب المفطرات نسيانا، يوجد روايات تدل علی ان من أكل أو شرب نسيانا في شهر رمضان فهذا رزق رزقه الله، هذه الروايات واردة فيمن كان ملتفتا الی انه يشرب ماءا، ناسي لصومه مو طبيعي فشخص يشرب ماءا مو ملتفت الی انه يشرب ماءا، هذا غير المتعارف، المتعارف هو انه ملتفت الی انه يشرب ماءا، ناسي انه صائم. فهنا وردت الروايات انه لا شيء عليه رزق رزقه الله، فكيف بما اذا لميكن ملتفتا الی انطباق عنوان الاكل أو الشرب علی فعله أو انطباق عنوان الارتماس علی فعله.
و هذا كلام صحيح. و لاجل ذلك هذا الحكم متسالمعليه بين الفقهاء.
الفرض الثالث ان يكون ناسيا لصومه فيأكل أو يشرب ماءا أو يجامع اهله، يتغدی يجامع اهله يشرب بطل ماءا، بعد ذلك يقول عجيب انا كنت صائما، الله لايقبل هذا الصوم، شنو هذا الصوم؟ لكن شرعا [صحيح]، الله يقبل، الله يكتفي بهذا الصوم لانه اكل نسيانا شرب نسيانا جامع نسيانا، ارزاق رزقه الله اياه.
هذه الروايات ليست واردة في جميع المفطرات، واردة في بعضها، كالاكل و الشرب، مثل صحيحة الحلبي رجل نسي فاكل و شرب ثم ذكر قال لايفطر انما هو شيء رزقه الله فليتم صومه. و موثقة عمار: رجل ينسی و هو صائم فجامع اهله قال يغتسل و لا شيء عليه. فالروايات واردة في الاكل و الشرب و الجماع نسيانا دون سائر المفطرات.
السيد الخوئي يقول: بالاولوية نتعدی الی سائر المفطرات، الاكل و الشرب و الجماع مما ورد النهي عنها في القرآن الكريم يعني فريضة الهية، من نسي فارتكبها لايبطل صومها فكيف بسائر المفطرات التي لمترد في القرآن الكريم.
بالنسبة الی المفطرات الحلال مثل الارتماس في الماء و التقيؤ و الاحتقان بالمايع صحيح، انصافا العرف ما يتردد في التعدي من عدم مفطرية الاكل و الشرب و الجماع نسيانا الی عدم مفطرية الارتماس في الماء و الاحتقان بالمايع و التقيؤ نسيانا.
جواب سؤال: العرف حينما يسمع ان من اكل نسيانا في شهر رمضان يتم صومه انما هو رزق رزقه الله لايتردد في انه لو ارتمس في الماء نسيانا انه لايبطل صومه، يعني إما ان نقول بانه يعلم بعدم الفرق، قياس قطعي، أو يستظهر من الرواية امرا كليا.
و لكن في المفطر الحرام اشلون؟ كذب علی الله و هو ناس لصومه، قال لو كنت ادري ان هذا اليوم اول رمضان ما كنت اصعد المنبر و اتكلم هذا الكلام، نسيت انه شهر رمضان أو انا صائم فصدر مني كذب علی الله و رسوله و الائمة عليهم السلام، من اين نلغي الخصوصية اليه؟ أو ارتمس في الماء المغصوب مثلا، أو استمنی و هو ناس لصومه.
السيد الخوئي قال: عندنا دليل آخر علی ان ارتكاب المفطرات نسيانا لايبطل الصوم. ما هو الدليل الآخر غير الدليل الاول و هو صدق انه اجتنب عن المفطرات و نحن انكرنا ذلك و غير الدليل الثاني و هو انه يلغي الخصوصية مما ورد في الاكل و الشرب و الجماع نسيانا انه لايبطل الصوم الا سائر المفطرات نحن اشكلنا في الغاء الخصوصية الی المفطر الحرام النفسي. السيد الخوئي ميخالف عندي دليل ثالث و هو انه ورد في بعض الروايات ترتب وجوب القضاء علی التعمد. لكن يقول السيد الخوئي: اقول من الاول، عنوان التعمد في بعض الروايات ورد في سؤال السائل مثل موثقة سماعة، انا لااستند اليها، رجل اتی اهله في شهر رمضان متعمدا قال عليه عتق رقبة أو اطعام ستين مسكينا أو صوم شهرين متتابعين و قضاء ذلك اليوم، لا، انا اقول هذا القيد ورد في سؤال السائل و لاينعقد له مفهوم، لكن اتمسك برواية المشرقي احمد بن محمد بن ابينصر البزنطي عن المشرقي عن ابي الحسن عليه السلام قال سألته عن رجل افطر من شهر رمضان اياما متعمدا ما عليه من الكفارة؟ فكتب من افطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة و يصوم يوما بدل يوم. الامام في الجواب اخذ قيد عنوان المتعمد. السيد الخوئي يقول: الشرط اذا ترتب عليه جزاءان فمفهوم الشرط انه بانتفاء الشرط ينتفي كلا الجزائين، ان جاءك زيد فاطعمه و اعطه دينارا، مفهومه انه اذا لميجئك زيد فلايجب لا ان تطعمه و لا ان تعطيه دينارا، هذا رأي السيد الخوئي يعني مفهوم الجملة الشرطية و ان ورد في جزاءها جملتان مفهوم هذه الجملة الشرطية انتفاء كلتا الجملتين الواردتين في الجزاء لا انتفاء مجموع الجملتين بحيث يجتمع مع ثبوت احداهما، لا، يقول السيد الخوئي ظاهر ان جاءك زيد فاطعمه و اعطه دينارا انه ان لميجئك زيد فلايجب لا هذا و لا ذاك، لا ان تطعمه و لا ان تعطيه دينارا.
و نحن اشكلنا عليه في الاصول قلنا: لا، انصافا من يقول مثلا ان افطر شخص يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه كفارة و قضاء الصوم لايستفاد منه انه اذا لميكن متعمدا لايثبت في حقه لا الكفارة و لا القضاء، العرف لايستفيد اكثر من انتفاء مجموع الجملتين كما اشار اليه السيد السيستاني في بحث ابحاثه. لكن السيد الخوئي يقول ظاهر الجملة الشرطية انتفاء كلتا الجملتين في الجزاء بانتفاء الشرط.
انا عندي اشكال ثانٍ علی السيد الخوئي، و هو ان الجملة الشرطية التي لها مفهوم ما استخدم فيها اداة التعليق، ليس كل اداة شرط اداة تعليق، من كان عالما فاكرمه، هذا بالنظر الی علم الادب جملة شرطية لكن هذا ليس اداة تعليق، بل بيان الموضوع، اداة الشرط بالنظر الاصولي هي الاداة التي تستخدم في مقام التعليق ثبوت حكم علی موضوع، تعليق ثبوت هذا الحكم علی الموضوع علی وجود شرط، ان جاءك زيد فاكرمه، اذا جاءك زيد فاكرمه، اما اذا قال شخص من جاءك فاكرمه لايفهم منه انه من لميجئك فلايجب ان تكرمه، لان الضمير في الجزاء يرجع الی هذا الموضوع من جاءك فاكرمه، اما من لميجئك اشلون؟ فلعل فيه تفصيل، اذا لميجئك اذا شخص متدين ايضا اكرمه اذا سرسري لاتكرمه.
هذا هو الاشكال الثاني علی السيد الخوئي. الاشكال الثالث: يا سيدنا الخوئي! الموضوع من افطر في يوم من شهر رمضان، خب من لميفطر خارج عن الموضوع و انتم تقولون بان من ارتكب المفطرات نسيانا هذا اصلا لايصدق علی انه افطر، اذا كانت الرواية هكذا: من ارتكب مفطرا في يوم من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة و قضاء صوم ميخالف، هذا ارتكب مفطرا، نتكلم انه ارتكبه ناسيا، غير متعمد فلايشمله هذا الخطاب، اما الموضوع هو عنوان من افطر، و في السؤال اخذ هذا الموضوع، في السؤال قال من افطر و في الجواب قال من افطر، اما من الذي يفطر؟ لايتكلم عن هذا الموضوع. الذي يرتكب المفطر نسيانا المدعی انه لايصدق انه افطر، فكيف تتمسكون بمفهوم الشرط لاثبات ان من اكل نسيانا فلم يفطر لانه اكل نسيانا لا متعمدا، خب موضوع هذه الرواية من افطر متعمدا، اما من اكل نسيانا هو خارج عن الموضوع بتاة علی رأيكم. الذي ابطل صومه و افطر هذا ينقسم الی المتعمد و غير المتعمد، فاذا كان متعمدا يثبت في حقه هذا الجزاء، و اما اذا لميكن متعمدا فلايثبت في حقه هذا الجزاء، لكنه اذا افطر فلااشكال في انه عليه القضاء، من افطر لايشك في ان عليه القضاء، انما المدعی ان من اكل نسيانا لميفطر، و اين هذا من التمسك بمفهوم الشرط. مفهوم الشرط انما يتحفظ علی الموضوع فيه و ينفی عن هذا الموضوع حكم لانتفاء الشرط فيه، الموضوع هنا من افطر، حتی لو قال ان افطر، مو مهم، من أو ان، لكن الموضوع افطر، هذا هو الموضوع، هذا الموضوع لايعلم بكونه محفوظا فيما اذا اكل نسيانا و الا لو علم بكونه مصداقا لمن افطر فلاشك و لاشبهة في انه يجب عليه القضاء، من لميصم في شهر رمضان لااشكال في انه يجب عليه القضاء، اذا صدق علی هذا الشخص انه افطر فلااشكال في ان عليه القضاء، انما كلامنا في عدم انطباق عنوان الموضوع علی هذا الذي اكل نسيانا أو شرب نسيانا أو جامع نسيانا. فالتمسك بهذه الرواية ايضا مو صحيح.
ثم دخل السيد الخوئي في بحث رجالي فقال: هذا المشرقي من هو؟ هنا يقول السيد الخوئي هذا المشرقي لميوثق لكنه في معجم رجال الحديث وثّقه، و هو الصحيح. لماذا؟ لان المشرقي هو هاشم بن ابراهيم مضافا الی ان الراوي عنه في هذه الرواية احمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي و هو عندنا اذا روی عن شخص فيكون شهادة منه بوثاقته، مضافا الی ذلك، المشرقي هو الذي قال النجاشي هاشم بن ابراهيم بن عباسي أو هشام بن ابراهيم بن عباسي، هذا مو مهم، الذي يقال له المشرقي روی عن الرضا عليه السلام. السيد الخوئي يقول: مقتضی كلام النجاشي ان المشرقي اسمه هاشم و لكن ذكر الكشي ان اسمه هشام. مو مهم، كلامه صحيح، اسم المشرقي هو هشام، و نقل الكشي عن حمدويه قال هشام المشرقي هو ابن ابراهيم البغدادي فسألته عنه و قلت له ثقة هو؟ فقال ثقة ثقة، فلاوجه لتضعيف سند هذه الرواية كما صدر من السيد الخوئي في بحث الصوم. و الصحيح ما ذكره في كتاب الرجال من كون المشرقي ثقة.
و لكن المهم هو الاشكال الدلالي في هذه الرواية. و الحاصل اننا نلغي الخصوصية عن الاكل و الشرب و الجماع نسيانا الی ارتكاب المفطر الحلال دون ارتكاب المفطر الحرام. اهتموا! اذا في شهر رمضان تشربون ماءا مو حلال تأكلون طعاما مو حلال و لو نسيانا انا ما اضمن لكم ان صومكم صحيح، لانه لادليل علی صحة هذا الصوم بعد عدم صدق انكم اجتنبتم عن الطعام و الشراب، لمتجتنبوا عن الطعام و الشراب، و ما ورد من الاكل نسيانا أو الشرب نسيانا مذيّل بقوله رزق رزقه الله، هذا الطعام الحرام هذا رزق رزقه الله؟ فشخص عن حرام كان قاعد في مجلس، الخطيب قال الله رازقكم ليش ما تعملون بوظيفتكم ما تصلون ما تصومون، فشخص عن حرام كان قاعد اهنانه، انا مطمئن الله ما رازقني و لا فلس، قال اشلون، قال لان كل ما عندي حرام، الله يرزق الحرام؟ الله ما يرزق الحرام. رزق رزقه الله ينصرف عن الحرام، فكيف بما اذا ارتكب حراما آخر كالكذب علی الله و نحوه و ان كان ناسيا لصومه فان مقتضی الاحتياط الوجوبي بطلان صومه.
و بقية الكلام في الليلة القادمة انشاءالله.