فهرست مطالب

فهرست مطالب

تقریرات دروس خارج مدرسه فقهی امام محمد باقر علیه السلام

بسمه تعالی

 

رؤوس المطالب:

وقت صلوة المغرب و العشاء. 2

اول وقت المغرب.. 2

منتهى وقت المغرب والعشاء. 2

القول المشهور:منتصف الليل مطلقا 2

القول الثاني: للمضطر الى طلوع الفجر و للمختار عند منتصف الليل.. 3

القول الثالث: امتداد وقتهما الى طلوع الفجر مطلقا 3

القول الرابع: آخر وقت المغرب إغتیاب الحمرة و آخر وقت العشاء للمختار ثلث الليل و للمضطر إلى نصف الليل.. 3

القول الخامس: التفصيل بین الحاضر و المسافر. 3

القول السادس: للمغرب ثلاثة أوقات.. 3

أدلة قول المشهور. 4

أدلة قول الثاني.. 5

أدلة قول الثالث5

أدلة قول الرابع. 6

أدلة قول الخامس8

أدلة قول السادس8

عدة ملاحظات.. 9

الملاحظة الاولى: لا وجه للتقیه. 9

الملاحظة الثانية: 12

وجوه قول اتساع وقت المغرب الى منتصف الليل و أن سقوط الشفق آخر وقت فضيلته. 15

الوجه الاول: 15

الوجه الثاني: 15

قول القدماء فی ضيق وقت المغرب الی غیبوبة الشفق.. 15

عدم شهرة بین المتشرعین لضيق وقت المغرب الی غیبوبة الشفق.. 17

الوجه الثالث: 18

الوجه الرابع: 18

قول المختار. 19

مبدأ وقت صلاة العشاء. 19

قول المشهور: غروب الشمس19

أدلة قول المشهور. 20

حمل التهذیب للروایات.. 20

مناقشة. 21

منتهى وقت صلوة العشاء. 21

الاقوال. 21

أدلة للقول بامتداد وقت العشاء الى منتصف الليل.. 22

روايات دالة على أن آخر وقت العشاء ثلث الليل.. 23

ردّ توهّم أفضلية تأخير العشاء إلى ثلث الليل.. 24

 

 

 

وقت صلوة المغرب و العشاء

قال صاحب العروة: و ما بين المغرب و نصف الليل وقت للمغرب و العشاء، و يختصّ المغرب بأوّله‌ بمقدار أداءه، و العشاء بآخره كذلك، هذا للمختار، و أمّا المضطرّ لنوم أو نسيان أو حيض أو نحو ذلك من أحوال الاضطرار فيمتدّ وقتهما إلى طلوع الفجر، و يختصّ العشاء من آخره، بمقدار أداءها دون المغرب من أوّله، أي ما بعد نصف الليل، و الأقوى أنَّ العامد في التأخير إلى نصف الليل أيضاً كذلك، أي يمتدّ وقته إلى الفجر و إن كان آثماً بالتأخير، لكن الأحوط أن لا ينوي الأداء‌ و القضاء، بل الأولى ذلك في المضطرّ أيضاً.

اول وقت المغرب

اقول: الكلام في اختصاص اول الوقت بالمغرب وآخره بالعشاء مثل ما تقدم في الظهر والعصر والمشهور على الوقت المختص فيهما ايضا، وقد ورد ذلك في مرسلة داود بن فرقد، ولا إشكال في أن مبدأ وقت صلاة المغرب هو الغروب، و تدل عليه روايات كثيرة منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): إذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة.

نعم يوجد خلاف في تفسير الغروب حيث ذهب المشهور الى كونه ذهاب الحمرة المشرقية، وذهب جماعة الى كونه استتار القرص، و سيأتي الكلام في ذلك قريبا ان شاء الله.

منتهى وقت المغرب والعشاء

فالمهم فعلا تبعا لصاحب العروة البحث عن منتهى وقت المغرب والعشاء، ويوجد فيه عدة اقوال:

القول المشهور:منتصف الليل مطلقا

القول الاول: ما هو المشهور من كونه منتصف الليل مطلقا،

القول الثاني: للمضطر الى طلوع الفجر و للمختار عند منتصف الليل

القول الثاني: ما ذهب اليه المحقق في المعتبر وصاحب المدارك من امتداد وقتهما للمضطر الى طلوع الفجر وان كان ينتهي وقتهما للمختار عند منتصف الليل، ففي المعتبر: أول وقت المغرب عند غروب الشمس، و هو إجماع العلماء، و آخره للفضيلة إلى ذهاب الشفق، و الاجزاء الى أن يبقى لانتصاف الليل قدر العشاء، و يمتد وقت المضطر حتى يبقى للفجر قدر العشاء[1]، ونحوه في المدارك[2].

القول الثالث: امتداد وقتهما الى طلوع الفجر مطلقا

القول الثالث: امتداد وقتهما الى طلوع الفجر مطلقا، وان كان التأخير الى ما بعد منتصف الليل عمدا معصية، وقد حكى ذلك في المبسوط عن بعض الاصحاب، وقوّاه صاحب العروة.

القول الرابع: آخر وقت المغرب إغتیاب الحمرة و آخر وقت العشاء للمختار ثلث الليل و للمضطر إلى نصف الليل

القول الرابع: ما اختاره الشيخ الطوسي “ره” في الخلاف من أن آخر وقت المغرب إذا غاب الشفق و هو الحمرة، و به قال أبو حنيفة، و الثوري، و أحمد…[3]، ونقل مثله عن ابن البراج، وهذا وان كان مطلقا بالنسبة الى المضطر ايضا، لكن الظاهر اختصاصه بالمختار، فان ما اختاره الشيخ في اکثر کتبه کالمبسوط هو أن آخر وقت المغرب للمختار سقوط الشفق، أما المضطر فيمتد إلى ربع الليل، كما ذكر أن آخر وقت العشاء للمختار ثلث الليل ويمتد للمضطر إلى نصف الليل[4]، وبه قال ابوالصلاح الحلبي وابن حمزة[5].

القول الخامس: التفصيل بین الحاضر و المسافر

القول الخامس: ما عن المفيد و الصدوق من اختيار هذا التفصيل بالإضافة إلى الحاضر و المسافر بدلًا عن المختار و المضطر.

القول السادس: للمغرب ثلاثة أوقات

القول السادس: ما اختاره صاحب الحدائق من أن للمغرب أوقاتاً ثلاثة: وقت لزوم الاتيان به في حال الاختيار، ومنتهاه سقوط الشفق، ووقت جواز التأخير في حال الاضطرار ومنتهاه ربع الليل أو ثلثه، ووقت جواز التأخير في شدة الاضطرار من نوم أو حيض و نحوهما ومنتهاه منتصف الليل، وهو وقت الاجزاء للكل[6].

أدلة قول المشهور

واستدل للمشهور بقوله تعالى “أقم الصلٰاة لدلوك الشمس إلىٰ غسق الليل” بضميمة ما ورد في صحيحة زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عما فرض الله عز و جل من الصلاة- فقال خمس صلوات في الليل و النهار- فقلت هل سماهن الله و بينهن في كتابه قال نعم قال الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله) أقم الصلٰاة لدلوك الشمس إلىٰ غسق الليل و دلوكها زوالها، و فيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع‌صلوات- سماهن الله و بينهن و وقتهن- و غسق الليل هو انتصافه[7]،

فذكر السيد الخوئي “قده”: انه بعد القطع الخارجي بعدم جواز تأخير الظهرين عن الغروب، و لا تقديم العشاءين عليه يعلم بأنّ منتهى وقتهما هو منتصف الليل، و بما أن الخطاب متوجه إلى النبي (صلى اللّٰه عليه و آله) كوظيفة مقررة على جميع المسلمين و طبيعي المكلفين من غير اختصاص بطائفة دون اخرى، فلا سبيل لحمله على خصوص المعذورين و المضطرين و عليه، فلو وردت رواية تامة السند و الدلالة و قد دلت على امتداد الوقت إلى ذهاب الشفق أو غيره من التحديدات الواردة في المقام لم يكن بدّ من حملها على الأفضلية، لا أن يحمل على خروج الوقت بذلك، أو أن التأخير يحرم و إن لم يخرج الوقت، أو يحمل على المختار، بل يلتزم بالاختلاف في مراتب الفضل، فالأفضل الإتيان ما بين الغروب إلى غيبوبة الشفق، و دونه في الفضيلة إلى ربع الليل، و دونه إلى ثلثه، و ما بعده إلى منتصف الليل هو وقت الاجزاء، ويؤيد قول المشهور مرسلة داود بن فرقد ورواية القاسم بن عروة[8].

ومرسلة داود بن فرقد هي ما رواها عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي ثلاث ركعات فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب و العشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات و إذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب و بقي وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل.[9]

ورواية القاسم بن عروة هي رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر عن القاسم مولى أبي أيوب عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتينإلى نصف الليل إلا أن هذه قبل هذه[10]، وهذه الرواية معتبرة عندنا لرواية البزنطي عن القاسم بن عروة، ونحوهما رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الضحاك بن زيد عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى أقم الصلٰاة لدلوك الشمسإلىٰ غسق الليل قال إن الله افترض أربع صلواتأول وقتها زوال الشمس إلى انتصاف الليلمنها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمسإلى غروب الشمس إلا أن هذه قبل هذه و منها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمسإلى انتصاف الليل إلا أن هذه قبل هذه.[11]

والعمدة هذه الروايات، والا فلا يستفاد من الآية ولو بضميمة صحيحة زرارة امتداد وقت المغرب الى منتصف الليل، فلعل وقت العشاء ممتد اليه، ولعل هذا وقت المغرب والعشاء في الجملة اي وقت الاجزاء وان كان المختار مأمورا بالاتيان بالمغرب قبل سقوط الشفق وبالعشاء قبل ثلث الليل، كما لا ينافي كون وقت المغرب والعشاء للمضطر ممتدا الى طلوع الفجر، لامكان كون المختار مأمورا بالاتيان بالمغرب و العشاء لكن وقت الاجزاء خصوصا للمضطر يمتد الى طلوع الفجر.

أدلة قول الثاني

وأما القول الثاني، وهو التفصيل بين المختار والمضطر بكون منتهى وقت المغرب والعشاء للاول منتصف الليل وللثاني طلوع الفجر، فقد استدل له في المدارك بصحيحة عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إن نام رجل، أو نسي أن يصلّي المغرب و العشاء الآخرة، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما، و إن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء، و إن استيقظ بعد الفجر فليصلّ الصبح، ثم المغرب، ثم العشاء قبل طلوع الشمس[12]، فذكر أن حمل العلّامة في المنتهى القبلية في هذه الرواية على ما قبل منتصف الليل بعيد جدا، لكن لو قيل باختصاص هذا الوقت بالنائم و الناسي كما هو مورد الخبر كان وجها قويا[13].

ويمكن الاستدلال له ايضا بمعتبرة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن نام رجل و لم يصل صلاة المغرب و العشاء أو نسي- فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما و إن خشي أن تفوته إحداهما- فليبدأ بالعشاء الآخرة[14].

أدلة قول الثالث

وأما القول الثالث فلعل مستنده الاستظهار من هاتين الروايتين كون وقت المغرب والعشاء الى طلوع الفجر مطلقا، ولو لأجل أن اطلاق النائم يشمل من نام باختياره بعد دخول الوقت، ويدل عليه رواية محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن يعقوب الهاشمي عن مروان بن مسلم عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة- لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس و لا صلاة الليل حتى يطلع الفجر، و لا صلاة الفَجر حَتى تَطلعَ الشمس[15]، لكنها ضعيفة السند، .

أدلة قول الرابع

وأما القول الرابع وهو كون منتهى وقت المغرب سقوط الشفق مطلقا او للمختار فيدل عليه عدة روايات:

منها: رواية موسى بن بكر عن زرارة قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول… و آخر وقت المغرب إياب الشفقفإذا آب الشفق دخل وقت العشاءو آخر وقت العشاء ثلث الليل[16]

ومنها: صحيحة زرارة و الفضيل قالا قال أبو جعفر (عليه السلام) إن لكل صلاة وقتين غير المغرب فإن وقتها واحد و وقتها وجوبها و وقت فوتها سقوط الشفق.[17]

وموضع الاستدلال فيها امران:

1- قوله “فان وقتها واحد” فانه يدل على أن لكل صلاة وقتين: وقت فضيلة ووقت وجوب، الا صلاة المغرب، فان لها وقتا واحدا، و هو وقت وجوبها، فيجب الإتيان بها فيه، و لا يجوز تأخيرها عن ذهاب الشفق، وبناء على كون كلام الخلاف “آخر وقت المغرب سقوط الحمرة” مطلقا بلحاظ حال الاضطرار والاختيار فيدل على أنه ليس لصلاة المغرب وقت اضطراري، بل وقتها واحد مطلقا وآخر وقتها سقوط الشفق.

2- قوله “و وقت فوتها سقوط الشفق” فإنّه صريح في انتهاء وقت المغرب بسقوط الشفق.

ومنها: صحيحة بكر بن محمد عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) أنه سأله سائل عن وقت ا لمغرب، فقال: إن اللّٰه يقول لإبراهيم “فَلَمّٰا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأىٰ كَوْكَباً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي” و هذا أوّل الوقت، و آخر ذلك غيبوبة الشفق[18].

ومنها رواية سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران قال: كتبت إلى الرضا (عليه السلام) كتبت الى الرضا (عليه السلام) ذكر أصحابنا انه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر و إذا غربت دخل وقت المغرب و العشاء الآخرة إلا ان هذه قبل هذه في السفر و الحضر و ان وقت المغرب الى ربع الليل؟ فكتب كذلك الوقت غير ان وقت المغرب ضيق و آخر وقتها ذهاب الحمرة و مصيرها الى البياض في أفق المغرب.[19]

ومنها: معتبرة إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن وقت المغربقال ما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق[20].

ومنها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: وقت المغرب من حين تغيب الشمس إلى أن تشتبك النجوم[21].

ومنها: مرسلة سعيد بن جناح عن بعض أصحابنا عن الرضا (عليه السلام) قال: إن أبا الخطاب قد كان أفسد عامة أهل الكوفة، و كانوا لا يصلون المغرب حتى يغيب الشفق، و إنما ذلك للمسافر و الخائف و لصاحب الحاجة.[22]

ويدل على توسعة الوقت للمعذور الى ما بعد سقوط الشفق صحيحة عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) وقت المغرب في السفر إلى ثلث الليل، وفي صحيحته الأخرى قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) وقت المغرب في السفر إلى ربع الليل، وفي صحيحة عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا بأس أن تؤخر المغرب في السفر حتى يغيب الشفق[23]، وفي صحيحة جميل بن دراج قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما تقول في الرجل يصلي المغرببعد ما يسقط الشفق فقال لعلة لا بأسقلت فالرجل يصلي العشاء الآخرةقبل أن يسقط الشفق قال لعلة لا بأس.[24]

وفي موثقة ابي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) أنت في وقت من المغرب في السفر إلى خمسة أميال من بعد غروب الشمس[25]، و في رواية إسماعيل بن جابر قال: كنت مع ابي عبد الله (عليه السلام) حتى إذا بلغنا بين العشاءين قال يا إسماعيل امض مع الثقل و العيال حتى ألحقك و كان ذلك عند سقوط الشمس فكرهت ان انزل و أصلي و ادع العيال و قد أمرني ان أكون معهم فسرت ثم لحقني أبو عبد الله (عليه السلام) فقال يا إسماعيل هل صليت المغرب بعد؟ فقلت لا، فنزل عن دابته فاذن و اقام و صلى المغرب و صليت معه‌ و كان من الموضع الذي فارقته فيه الى الموضع الذي لحقني ستة أميال[26].

وفي رواية القاسم بن سالم عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: ذكر أبو الخطاب فلعنه ثم قال انه لم يكن يحفظ شيئا، حدثته ان رسول الله (صلى الله عليه و آله) غابت له الشمس في مكان كذا و كذا و صلى المغرب بالشجرة و بينهما ستة أميال فأخبرته بذلك في السفر فوضعه في الحضر[27].

و في صحيحة علي بن يقطين قال: سألته عن الرجل تدركه صلاة المغرب في الطريق أ يؤخرها الى ان يغيب الشفق؟ قال لا بأس بذلك في السفر فاما في الحضر فدون ذلك شيئا.

و في روایة عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أكون مع هؤلاء و انصرف من عندهم عند المغرب فأمر بالمساجد فأقيمت الصلاة فإن أنا نزلت أصلي معهم لم استمكن من الأذان و الإقامة و افتتاح الصلاة؟ فقال ائت منزلك و انزع ثيابك و ان أردت أن تتوضأ فتوضأ و صل فإنك في وقت الى ربع الليل[28]، وفي سندها القاسم بن محمد الجوهري وفيه كلام.

و في صحيحة عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أكون في جانب المصر فتحضر المغرب و انا أريد المنزل فإن أخرت الصلاة حتى أصلي في المنزل كان أمكن لي و أدركني المساء فأصلي في بعض المساجد؟ فقال صل في منزلك[29].

و في روايته الاخرى قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن وقت‌ المغرب؟ فقال إذا كان ارفق بك و أمكن لك في صلاتك و كنت في حوائجك فلك أن تؤخرها إلى ربع الليل. فقال قال لي و هو شاهد في بلده[30].

و في رواية داود الصرمي قال: كنت عند ابي الحسن الثالث (عليه السلام) فجلس يحدث حتى غابت الشمس ثم دعا بشمع و هو جالس يتحدث فلما خرجت من البيت نظرت و قد غاب الشفق قبل ان يصلي المغرب ثم دعا بالماء فتوضأ و صلى[31]، ولايوجد توثيق لداود الصرمي وان كان من المشايخ مع الواسطة لابن قولويه.

وفي صحيحة إسماعيل بن همام قال: رأيت الرضا (عليه السلام) و كنا عنده لم يصل المغرب- حتى ظهرت النجوم ثم قام- فصلى بنا على باب دار ابن أبي محمود[32].

و قد حملها الشيخ في التهذيب على حال الضرورة و استند الى اخبار عمر بن يزيد المذكورة.

و في موثقة عمار عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن صلاة المغرب إذا حضرت هل يجوز ان تؤخر ساعة؟ قال لا بأس ان كان صائما أفطر و ان كانت له حاجة قضاها ثم صلى.

أدلة قول الخامس

وأما دليل القول الخامس فهو الجمود على عنوان السفر الوارد في صحيحتي عمر بن يزيد، وصحيحة الحلبي، ولكن الوارد في بعض الروايات كصحيحة جميل بن دراج مطلق العذر، بل صريح بعضها العذر غير السفر.

أدلة قول السادس

وأما دليل القول السادس وهو قول صاحب الحدائق فمنشأه -بعد حمل روايات امتداد وقت المغرب والعشاء للمضطر الى طلوع الفجر على التقية-، الجمع بين الروايات المختلفة، حيث انها على عدة طوائف:

الطائفة الاولى: الروايات الدالة على أن آخر وقت المغرب سقوط الشفق، وقد مضى نقلها،

الطائفة الثانية: الروايات الدالة على امتداد وقت المغرب في حال الاعذار العرفية الى ثلث الليل او ربعه،

الطائفة الثالثة: ما ورد في عدة روايات كرواية داود بن فرقد ورواية القاسم بن عروة من امتداد وقت المغرب والعشاء الى منتصف الليل.

فجمع بينها بحمل الاولى على وجوب المبادرة في حال الاختيار العرفي الى صلاة المغرب قبل سقوط الشفق، وحمل الثانية على لزوم المبادرة اليها في حال الاعذار العرفية من السفر او الحاجة ونحوهما اليها قبل ذهاب ربع الليل، وحمل الثالثة على فرض الضرورة الشديدة كالنسيان والنوم والحيض وعدم التمكن من الصلاة الأختيارية كالصلاة مع الوضوء وما شابه ذلك.

عدة ملاحظات

اقول: هنا عدة ملاحظات:

الملاحظة الاولى: لا وجه للتقیه

الملاحظة الاولى: ان حمل ما دل على امتداد وقت المغرب والعشاء الى طلوع الفجر ولو في حال الضرورة على التقية، مما لا يرى له وجه، توضيح ذلك أنه قد ورد في عدة روايات امتداد وقت المغرب والعشاء الى طلوع الفجر، منها صحيحة ابن سنان ومعتبرة ابي بصير السابقتان، ومنها: ومنها ما رواه الشيخ باسناده عن علي بن الحسن بن فضال عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر و العصر و إن طهرت من آخر الليل فلتصل المغرب و العشاء، وقد اشكل السيد الخوئي “قده” هنا في سند هذه الرواية بضعف سند الشيخ الى ابن فضال لوقوع علي بن محمد بن الزبير فيه، ولكنه عدل عن ذلك فصحح الرواية بتعويض سند النجاشي، ولكن تقدم أنه مبني على كون الاسناد الى نسخ الكتب وهذا غير واضح، لكن يكفينا احتمال كون كتب ابن فضال مشهورة، فتجري أصالة الحس في نقل الشيخ “ره”.

ونحوها رواية أبي الصباح الكناني عن الصادق (عليه السلام)، ورواية داود الدجاجي عن أبي جعفر (عليه السلام) ورواية عمر بن حنظلة[33].

فذكر صاحب الحدائق أن الظاهر عندي ان هذه الاخبار انما خرجت مخرج التقية فلا تصلح للاعتماد عليها في تأسيس حكم شرعي، وذلك لوجوه:

منها: قوله تعالى: أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ، فقد ورد في صحيحة زرارة في تفسيرها “في ما بين دلوك الشمس الى غسق الليل اربع صلوات سماهن الله تعالى و بيَّنهن و وقَّتهن و غسق الليل انتصافه، و ورد في رواية عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله (عليه السلام) في تفسيرها: ان الله تعالى افترض اربع صلوات أول وقتها من زوال الشمس الى انتصاف الليل… و منها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس الى انتصاف الليل إلا ان هذه قبل هذه، وفي رواية العياشي: ان هذه الآية جمعت الصلوات كلها و دلوك الشمس زوالها و غسق الليل انتصافه، و قال انه ينادي مناد من السماء كل ليلة إذا انتصف الليل: من رقد عن صلاة العشاء في هذه الساعة فلا نامت عيناه[34]، فيكون ما دل على امتداد وقت المغرب والعشاء لما بعد منتصف الليل يكون مخالفا للقرآن.

ومنها: أن شيئا من الروايات الواردة في أوقات الصلاة على تعددها وكثرتها واشتمالها للوقت الاختياري والاضطراري لم يتضمن للإشارة الى هذا الوقت فضلا عن التصريح به، و غاية ما دلت عليه امتداد وقتهما الى نصف الليل، فلو كان هنا وقت آخر لأشير إليه في شي‌ء منها.

ومنها: ان تلك الروايات مع مخالفتها لظاهر القرآن، موافقة لمذهب العامة، لأن ذلك مذهب أئمتهم الأربعة على اختلاف بينهم في ذلك، فبعض منهم -كما حكاه في المعتبر عن الشافعي واحمد بن حنبل- جعل هذا الوقت وقتا للمضطر، و بعضهم -كما حكاه في المعتبر عن ابي حنيفة ومالك- جعله وقتا للمختار، كما أنه بالنسبة الى الحائض التي طهرت قبل طلوع الفجر حكى في المعتبر عن الشافعي و مالك و احمد بن حنبل أنه يلزمها الإتيان بالمغرب والعشاء، لما روي عن عبد الرحمن بن عوف و عبد الله بن عباس من أنهما قالا في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة تصلي المغرب و العشاء.

ومنها: الأخبار الدالة على ذم النائم عن صلاة العشاء إلى الانتصاف و امره بالقضاء بعد الانتصاف ففي علل الشرايع عن أبيه قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال ملك موكل يقول من نام عن العشاء إلى نصف الليل فلا أنام الله عينيه[35]‌، وفي التهذيب باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن الحسين بن هاشم (هو الحسين بن أبي سعيد، الذي قال عنه النجاشي: الحسين بن أبي سعيد، هاشم بن حيان، كان هو و أبوه وجهين في الواقفة، و كان الحسين ثقة في حديثه[36]) عن ابن مسكان عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العتمة إلى ثلث الليل أو إلى نصف الليل و ذلك التضييع.

و في الفقيه: و روى في من نام عن العشاء الآخرة الى نصف الليل انه يقضي و يصبح صائما عقوبة و انما وجب ذلك لنومه عنها الى نصف الليل[37]، و قد ذهب الى وجوب الصوم هنا السيد المرتضى مدعيا عليه الإجماع، و تبعه العلامة، فلو كان الوقت ممتدا شرعا بالنسبة إلى المضطر الى طلوع الفجر لم يترتب على النائم عنها الى الانتصاف ما تضمنته هذه الاخبار من الذم و الدعاء عليه و القضاء الذي هو شرعا عبارة عن فعل الشي‌ء خارج وقته و الصوم عقوبة و الاستغفار سيما ان النائم غير مخاطب حال النوم، فكيف يترتب عليه ما ذكر و وقته ممتد الى الفجر لمكان العذر[38].

ويرد عليه أن الحمل على التقية انما يتم في فرض استقرار التعارض بين الروايات الدالة على امتداد وقت المغرب والعشاء الى طلوع الفجر للمضطر وبين سائر الأدلة، فترجح تلك الأدلة لمخالفتها للعامة، ولكنه ليس كذلك، فان الآية الكريمة قابلة للحمل على وقت المختار، بل قابلة للحمل على وجوب المبادرة الى المغرب والعشاء قبل منتصف الليل، وان فرض كون وقت الاداء ممتدا الى طلوع الفجر، وأما قوله في صحيحة زرارة “ووقّتهن” فيمكن حمله على وقت وجوب المبادرة، دون وقت الاداء، وان منع من ذلك فلا أقل من امكان تقييده بحمله على وقت المختار، وهكذا يمكن تقييد رواية داود بن فرقد (الدالة على خروج وقت المغرب اذا بقي الى منتصف الليل مقدار اربع ركعات، فيبقى وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل) بحملها على وقت المختار مع غمض العين عن ضعف سندها، وهكذا رواية القاسم بن عروة الدالة على أن وقتهما من غروب الشمس الى انتصاف الليل فانه يمكن حملها على وقت المختار بل يمكن حملها على وقت جواز التأخير، كما يأتي هذا الجواب في بقية الروايات، كمرسلة الصدوق فانه مع غمض العين عن ارسالها فلا منافاة بين الالتزام بوجوب الصوم في غده عقوبة مع الالتزام ببقاء وقت الاداء، فانه يكفي فيه انقضاء وقت المختار بل وقت وجوب المبادرة، والتعبير فيها عن الاتيان بالمغرب والعشاء بعد منتصف الليل بالقضاء لا يكون ظاهرا في كونه في قبال الاداء، كيف وقد ورد مثل هذا التعبير مع بقاء الوقت، كما في رواية زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا جاء يقين بعد حائل- قضاه و مضى على اليقين و يقضي الحائل و الشك جميعا- فإن شك في الظهر- فيما بينه و بين أن يصلي العصر قضاها- و إن دخله الشك بعد أن يصلي العصر- فقد مضت إلا أن يستيقن[39]، وفي صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا بأس أن يقضى المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف[40].

وأما ما يقال (من امكان ان يراد من هذه الروايات الامر بالمبادرة الى قضاءهما قبل طلوع الفجر، كما ورد الامر بالاتيان بهما بعد صلاة الصبح وقبل طلوع الشمس في صحيحة ابن سنان ففيه ان الظاهر و إن استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح، ثم المغرب، ثم العشاء قبل طلوع الشمس، بل ورد في معتبرة ابي بصير “إن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فإن خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدى الصلاتين، فليصل المغرب و يدع العشاء الآخرة- حتى تطلع الشمس و يذهب شعاعها ثم ليصلها” فترى أنه عبر فيها بخوف الفوت مع أنه كان بعد طلوع الفجر مع كونه قضاء قطعا) ففيه ان الظاهر من الامر بتقديم العشاء عند ضيق الوقت قبل طلوع الفجر، هو كونه اداء بخلاف ما بعد الفجر فانه امر باتيان المغرب قبل العشاء مطلقا.

وعليه فالأظهر كما افاد السيد الخوئي امتداد وقت المضطر كالناسي والنائم والحائض الى طلوغ الفجر، وأما ما قواه في العروة من كونه وقت المختار ايضا ففيه انه ان كان مستنده اطلاق لفظ النائم لمن نام باختياره بعد غروب الشمس فلا يبعد ان يكون اقترانه بالناسي مانعا عن اطلاقه له، وان كان هو رواية علي بن يعقوب الهاشمي عن مروان بن مسلم (وثقه النجاشي) عن عبيد بن زرارة “لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس و لا صلاة الليل حتى يطلع الفجر، و لا صلاة الفَجر حَتى تَطلعَ الشمس[41]، فهي ضعيفة السند بعلي بن يعقوب الهاشمي. ولو فرض تمامیة سندها او اطلاق النوم في صحيحة ابن سنان للنوم الاختياري بعد دخول الوقت لوقع التعارض بينها وبين رواية داود بن فرقد على تقدير جبر ضعف سندها بعمل المشهور، لكن لا يمنع ذلك من العمل بالفقرة الواردة في الناسي وكذا الصحيحة الواردة في الحائض مع الغاء الخصوصية العرفية منها الى مطلق الاضطرار.

الملاحظة الثانية:

ان ما ذكره من حمل الطائفة الاولى وهي ما دل على أن وقت فوت المغرب سقوط الشفق، على وقت وجوب المبادرة في غير حال العذر، يشكل الالتزام بكونه جمعا عرفيا في تمام روايات الطائفة الاولى، فقد يورد عليه تارة بلزوم حملها على الافضلية، بل حمل الطائفة الثانية عليها، كما عليه المشهور، وأخرى بلزوم حملها على وقت المختار بحيث لو اتى بها بعده لا يصح اداء، كما هو مقتضى القول الرابع الذي اختاره الشيخ الطوسي “ره” في كتبه.

أما لزوم حمل تلك الروايات على وقت المختار فقد يقال بأنه مقتضى الجمع بين مثل قوله “ووقت فوتها سقوط الشفق”، او أن صلاة المغرب من غروب الشمس الى ذهاب الحمرة –المغربية-” وبين الروايات المرخصة في التأخير للمسافر ومن به علة، وأما لزوم حملها على الافضلية، فهو ما ادعاه السيد الخوئي “قده” ببيان أن الآية الشريفة صريحة في امتداد وقت العشاءين إلى منتصف الليل بعد تفسير الغسق بذلك، مضافا الى دلالة جملة من الروايات على ذلك:

منها: صحيحة عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): أكون مع هؤلاء و أنصرف من عندهم عند المغرب فأمرّ بالمساجد فأُقيمت الصلاة فإن أنا نزلت أُصلي معهم لم استمكن (أتمكن) من الأذان و الإقامة و افتتاح الصلاة، فقال: ائت منزلك و انزع ثيابك و إن أردت أن تتوضأ فتوضأ و صلّ فإنك في وقت إلى ربع الليل[42]، و لا يقدح اشتمال السند على القاسم بن محمد الجوهري بعد وقوعه في أسناد كامل الزيارات.

و منها: صحيحة أخرى له قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): أكون في جانب المصر فتحضر المغرب و أنا أُريد المنزل، فإن أخّرت الصلاة حتى أُصلي‌ في المنزل كان أمكن لي و أدركني المساء أ فأُصلي في بعض المساجد؟ فقال: صلّ في منزلك[43].

و منها: موثقة عمار عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: سألته عن صلاة المغرب إذا حضرت هل يجوز أن تؤخر ساعة؟ قال: لا بأس إن كان صائماً أفطر ثم صلى و إن كانت له حاجة قضاها ثم صلى[44].

فان هذه الأخبار تدل بوضوح على جواز التأخير عن سقوط الشفق لأدنى مرجح و إن لم يكن بالغاً حدّ الاضطرار، بل يظهر من ذيل الأخيرة أن العبرة بقضاء الحاجة العرفية و إن زاد على الساعة بل الساعتين لوضوح اختلاف الحوائج، فلو كان التأخير المزبور محرّماً لم تسوغه الحاجة العرفية المباحة كما هو ظاهر.

كما تدل عليه صحيحة إسماعيل بن همام وصحيحة داود الصرمي[45] حيث يظهر منهما جواز التأخير حتى اختياراً، فان‌ فرض كونه (عليه السلام) و جميع من معه معذورين في التأخير بعيد غايته، نعم التأخير عن أول الوقت الذي لا ريب في أفضليته لا بد و أن يكون لمرجح، و لعله (عليه السلام) كان متشاغلًا ببيان الأحكام، أو أنه (عليه السلام) أراد بذلك بيان جواز التأخير عن سقوط الشفق[46].

وقد ذكر حول ما في صحيحة زرارة و الفضيل “من أن لكل صلاة وقتين غير المغرب فإن وقتها واحد و وقتها وجوبها و وقت فوتها سقوط الشفق” أن الملحوظ فيه اول الوقت، فان كل صلاة ما عدا المغرب مسبوقة بوقت النافلة، فالصبح والظهر والعصر مسبوقة بنافلتها، والعشاء مسبوقة بنافلة المغرب، وصلاة الجمعة مثل صلاة المغرب إذ لا نافلة قبلها أيضا، و من ثم ورد في صحيحة زرارة قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول أن صلاة الجمعة من الأمر المضيق إنما لها وقت واحد حين تزول[47]، ثم قال و يشهد لما ذكرناه: موثقة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمواقيت الصلاة- فأتاه حين زالت الشمس فأمره فصلى الظهر- ثم أتاه حين زاد الظل قامة فأمره فصلى العصر- ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب- ثم أتاه حين سقط الشفق فأمره فصلى العشاء- ثم أتاه حين طلع الفجر فأمره فصلى الصبح- ثم أتاه من الغد حين زاد في الظل قامة- فأمره فصلى الظهر- ثم أتاه حين زاد من الظل قامتان فأمره فصلى العصر- ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب- ثم أتاه حين ذهب ثلث الليل فأمره فصلى العشاء- ثم أتاه حين نور الصبح فأمره فصلى الصبح- ثم قال ما بينهما وقت[48]، فتدل على نزول جبرئيل و إتيانه بوقتين في يومين لكل من الفرائض ما عدا المغرب، ويظهر منها أن الوجه في التفكيك هو مراعاة النوافل و عدم سبق المغرب بها، و من ثم كان لها وقتان و للمغرب وقت واحد.

اقول: ما ذكره من صراحة الآية في امتداد وقت المغرب والعشاء الى منتصف الليل، غير متجه، فان الآية لاتدل على امتداد وقت المغرب الى منتصف الليل، فلعل منتهى وقتها سقوط الشفق، مضافا الى امكان تقييد امتداد وقت الصلاة الى منتصف الليل بفرض الاضطرار، فلا صراحة في الآية، مضافا الى أن الآية لا تنافي وجوب المبادرة في حال الاختيار الى صلاة المغرب قبل سقوط الشفق والى العشاء قبل خروج ثلث الليل، فالمهم الروايات، وأما ما ذكره حول صحيحة زرارة و الفضيل ففيه أن ظاهرها اتحاد وقت الفضيلة والوجوب في صلاة المغرب و لذا قال ووقتها وجوبها ووقت فوتها سقوط الشفق، كما أن معنى صحيحة زرارة الواردة في صلاة الجمعة كذلك، فقد روى عن ابي جعفر (عليه السلام) إن من الأمور أمورا مضيقة و أمورا موسعة و إن الوقت وقتان- و الصلاة مما فيه السعة فربما عجل رسول الله (صلى الله عليه وآله) و ربما أخر إلا صلاة الجمعة فإن صلاة الجمعة من الأمر المضيق إنما لها وقت واحد حين تزول و وقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الأيام[49].

ولم نفهم وجه استشهاده بموثقة معاوية بن وهب على أن المراد بوحدة وقت المغرب عدم النافلة قبلها، وعليه فظاهر صحيحة زرارة والفضيل وجوب الاتيان بالمغرب في حال الاختيار قبل سقوط الشفق.

نعم يمكن حملها على شدة الافضلية، بأن يكون وقت فوتها سقوط الشفق ادعائيا، اي كأنها قد فاتت لشدة استحباب الاتيان بها في حال الاختيار قبله، وانما يحتاج ذلك الى قرينة معتبرة واضحة على جواز تأخير صلاة المغرب الى ما بعد سقوط الشفق، ولا يبعد وجود مثل هذه القرينة، مثل رواية عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): أكون مع هؤلاء و أنصرف من عندهم عند المغرب فأمرّ بالمساجد فأُقيمت الصلاة فإن أنا نزلت أُصلي معهم لم استمكن (أتمكن) من الأذان و الإقامة و افتتاح الصلاة، فقال: ائت منزلك و انزع ثيابك و إن أردت أن تتوضأ فتوضأ و صلّ فإنك في وقت إلى ربع الليل، وسندها وان كان مشتملا على القاسم بن محمد الجوهري، لكن يمكن اثبات وثاقته برواية ابن أبي عمير و صفوان عنه، وكذا اكثار الحسين بن سعيد الرواية عنه، ويؤيد وثاقته توثيق ابن داود له وان كان من المتأخرين.

وفي صحيحته الأخرى: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): أكون في جانب المصر فتحضر المغرب و أنا أُريد المنزل، فإن أخّرت الصلاة حتى أُصلي‌ في المنزل كان أمكن لي و أدركني المساء أ فأُصلي في بعض المساجد؟ فقال: صلّ في منزلك[50].

وفي موثقة عمار عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: سألته عن صلاة المغرب إذا حضرت هل يجوز أن تؤخر ساعة؟ قال: لا بأس إن كان صائماً أفطر ثم صلى و إن كانت له حاجة قضاها ثم صلى[51]، وان كان قد يقال بأن موردها تأخير صلاة المغرب لأجل الافطار في الصوم او قضاء حاجة، فلا يمكن التعدي من موردها الى موارد عدم العذر.

كما أن رواية داود الصرمي قال: كنت عند ابي الحسن الثالث (عليه السلام) فجلس يحدث حتى غابت الشمس ثم دعا بشمع و هو جالس يتحدث فلما خرجت من البيت نظرت و قد غاب الشفق قبل ان يصلي المغرب ثم دعا بالماء فتوضأ و صلى[52]، حكاية فعل الامام الهادي (عليه السلام) ولعله كان مشتغلا بحديث مهم كان يخاف فوته، والا فلا أقل من أن تأخير صلاة المغرب الى ما بعد سقوط الشفق خلاف الاستحباب المؤكد ولا يرتكبه الامام (عليه السلام) من غير علة، واحتمال كونه لأجل تعليم الناس جواز تأخيرها بعيد جدا، هذا مضافا الى أنه لايوجد توثيق لداود الصرمي، ولا يجدي كونه من رجال كامل الزيارات، بعد أن كان من المشايخ مع الواسطة لابن قولويه صاحب كامل الزيارات.

ويأتي نفس ما ذكرناه حول رواية الصرمي في صحيحة إسماعيل بن همام قال: رأيت الرضا (عليه السلام) و كنا عنده لم يصل المغرب- حتى ظهرت النجوم ثم قام فصلى بنا على باب دار ابن أبي محمود[53]، وما ذكره السيد الخوئي “قده” من أن‌ فرض كونه (عليه السلام) و جميع من معه معذورين في التأخير بعيد غايته، فوجهه غير واضح، بعد أن كان العذر الموجب لتأخير صلاة المغرب الى ما بعد سقوط الشفق اعم من الضرورة العرفية بل يشمل مطلق الحاجة العرفية، كما ان الحاجة العرفية مسوغة لترك السورة في الصلاة او لخروج المتمتع بعد عمرة تمتعه وقبل احرامه للحج، وأي بعد في وجود الحاجة العرفية للامام (عليه السلام) ومن معه، بعد افتراض علة موجبة لترك المستحب المؤكد، ان لم نحتمل كونهم في السفر.

وكيف كان فيكفي وجود صحيحتي عمر بن يزيد في ثبوت القرينة على حمل الروايات الدالة على كون آخر وقت المغرب سقوط الشفق على كونه آخر وقت فضيلته.

وجوه قول اتساع وقت المغرب الى منتصف الليل و أن سقوط الشفق آخر وقت فضيلته

والحاصل أنه يوجد وجوه للقول باتساع وقت المغرب ولو للمختار الى منتصف الليل وأن سقوط الشفق آخر وقت تأكد فضيلته:

الوجه الاول:

كون صحيحتي عمر بن يزيد قرينة على ذلك.

الوجه الثاني:

انه لو كان آخر وقت صلاة المغرب للمختار سقوط الشفق ولو من حيث وجوب المبادرة اليها قبله كما يقول به صاحب الحدائق لبان واشتهر ولم يخف على اصحاب الأئمة و الشيعة، بعد عموم البلوى به، فلابد من رفع اليد عن ظهور روايات تضييق وقت المغرب لما قبل سقوط الشفق او ربع الليل.

قول القدماء فی ضيق وقت المغرب الی غیبوبة الشفق

ان قلت: ان القول بضيق وقت المغرب لم يكن قولا شاذا بين القدماء، فلعله خفي على الناس نتيجة فتاوى المتأخرين، فقد ذكر الكليني في الكافي بعد ما نقل رواية زُرَارَةَ وَ الْفُضَيْلِ، قَالَا: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: إِنَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتَيْنِ غَيْرَ الْمَغْرِبِ، فَإِنَّ وَقْتَهَا وَاحِدٌ، وَ وَقْتَهَا وُجُوبُهَا[54]، وَ وَقْتَ فَوْتِهَا سُقُوطُ الشَّفَق، قال: وَ رُوِيَ أَيْضاً أَنَّ لَهَا وَقْتَيْنِ، آخِرُ وَقْتِهَا سُقُوطُ الشَّفَقِ، وَ لَيْسَ هٰذَا مِمَّا يُخَالِفُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ، إِنَّ لَهَا وَقْتاً وَاحِداً؛ لِأَنَّ الشَّفَقَ هُوَ الْحُمْرَةُ، وَ لَيْسَ بَيْنَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ وَ بَيْنَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ إِلَّا شَيْ‌ءٌ يَسِيرٌ، وَ ذٰلِكَ أَنَّ عَلَامَةَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ بُلُوغُ الْحُمْرَةِ الْقِبْلَةَ، وَ لَيْسَ بَيْنَ بُلُوغِ الْحُمْرَةِ الْقِبْلَةَ وَ بَيْنَ غَيْبُوبَتِهَا إِلَّا قَدْرُ مَا يُصَلِّي الْإِنْسَانُ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَ نَوَافِلَهَا إِذَا صَلَّاهَا عَلىٰ تُؤَدَةٍ وَ سُكُونٍ، وَ قَدْ تَفَقَّدْتُ ذٰلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَ لِذٰلِكَ صَارَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ ضَيِّقاً[55].

وذكر الصدوق في الهداية: وقت المغرب أضيق الأوقات، و هو من حين غيبوبة الشمس إلى غيبوبة الشفق، و وقت العشاء من غيبوبة الشفق إلى ثلث الليل[56]

وفي من لا يحضره الفقيه: وَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ لِمَنْ كَانَ فِي طَلَبِ الْمَنْزِلِ فِي سَفَرٍ إِلَى رُبُعِ اللَّيْلِ وَ الْمُفِيضِ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى جَمْعٍ كَذَلِكَ، وَ رَوَى بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَّهُ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ لِإِبْرَاهِيمَ ع- فَلَمّٰا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأىٰ كَوْكَباً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي فَهَذَا أَوَّلُ الْوَقْتِ وَ آخِرُ ذَلِكَ غَيْبُوبَةُ الشَّفَقِ فَأَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ذَهَابُ الْحُمْرَةِ، وَ آخِرُ وَقْتِهَا إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ يَعْنِي نِصْفَ اللَّيْلِ، وَ فِي رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَ كَأَنَّ الثُّلُثَ هُوَ الْأَوْسَطُ وَ النِّصْفَ هُوَ آخِرُ الْوَقْتِ[57].‌

وذكر الشيخ المفيد في المقنعة: و أول وقت المغرب مغيب الشمس و آخره أول وقت عشاء الآخرة، و أول وقت العشاء الآخرة مغيب الشفق و آخره مضي الثلث الأول من الليل[58].

وذكر السيد المرتضى في الناصريات: عندنا أن أول وقت المغرب مغيب الشمس، و آخر وقتها مغيب الشفق الذي هو الحمرة، و روي ربع الليل، و حكى بعض أصحابنا: أن وقتها يمتد الى نصف الليل[59]، وان ذهب في بعض كتبه الى امتداد وقت المغرب الى منتصف الليل، ففي جوابات المسائل الميافارقيات‌: إذا غربت الشمس دخل وقت صلاة المغرب، فإذا بقي إلى انتصاف الليل مقدار ما يؤدى فيه اربع ركعات مضى وقت المغرب، و خلص ذلك الوقت لعشاء الآخرة، فإذا انتصف فاتت العشاء الآخرة[60].

وقال الشيخ الطوسي “ره” في التهذيب بعد ذكر جملة من الأخبار: فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَوْقَاتَ لِصَاحِبِ الْأَعْذَارِ لِأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِالْمَوَانِعِ وَ مَا يَجْرِي مَجْرَاهَا وَ الَّذِي يَكْشِفُ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ وَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ- عَنْ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ إِلَّا عَنْ عُذْرٍ مَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ فِي هَذَا الْوَقْتِ بِالصَّلَاةِ وَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى الْفَوْرِ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَاجِبَةً فِي هَذِهِ الْحَالِ[61]

وقال في النهاية: و أوّل وقت صلاة المغرب عند غيبوبة الشّمس، و آخر وقته سقوط الشّفق، و لا يجوز تأخيره من أوّل الوقت إلى آخره إلّا لعذر، و قد رخّص للمسافر تأخير المغرب إلى ربع الليل، و أوّل وقت العشاء الآخرة سقوط الشّفق، و آخره إلى ثلث الليل. و لا يجوز تأخيره إلى آخر الوقت إلّا لعذر، و قد رويت رواية: أنّ آخر وقت العشاء الآخرة ممتد إلى نصف الليل. و الأحوط ما قدّمناه. و يجوز تقديم العشاء الآخرة قبل سقوط الشّفق في السّفر و عند الأعذار، و لا يجوز ذلك مع الاختيار[62].

وذكر في الخلاف: أول وقت المغرب، إذا غابت الشمس، و آخره إذا غاب الشفق و هو الحمرة، و به قال أبو حنيفة، و الثوري، و أحمد، و إسحاق، و أبو ثور، و أبو بكر بن المنذر، و حكى أبو ثور هذا المذهب عن الشافعي، و لم يصححه أصحابه، و قال الشافعي و أصحابه: إن وقت المغرب وقت واحد، و هو إذا غابت الشمس، و تطهر و ستر العورة و أذن و أقام فإنه يبتدئ بالصلاة في هذا الوقت، فإن أخر الابتداء بها عن هذا الوقت فقد فاته، و قال أصحابه: لا‌ يجي‌ء على مذهبه غير هذا، و به قال الأوزاعي، و ذهب مالك الى أن وقت المغرب ممتد الى طلوع الفجر الثاني، و في أصحابنا من قال بذلك، و منهم من قال أن وقته ممتد الى ربع الليل، دليلنا: إن ما اعتبرناه مجمع عليه بين الفرقة المحقة انه من الوقت، و انما اختلفوا في آخره، و طريقة الاحتياط تقتضي ما قلناه، فإنه إذا صلى في هذا الوقت كان مؤديا بلا خلاف، و اختلفوا إذا صلى بعد هذا الوقت[63].

وذكر ابو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: و أول وقت المغرب غروب الشمس و هو أفضل، و آخر وقت الاجزاء ذهاب الحمرة من المغرب، و آخر وقت المضطر ربع الليل، و أول وقت عشاء الآخرة أن يمضي من غروب الشمس مقدار صلاة المغرب، و تأخيرها الى أن تغيب الحمرة من المغرب أفضل، و آخر وقت الاجزاء ربع الليل، و آخر وقت المضطر نصف الليل، و تأخير المختار الصلاة عن وقته الى وقت المضطر تفريط معفو عن تفريطه مؤد غير قاضٍ، و فعلها بعد الوقت قضاء و ليست بأداء، فإذا كان كذلك لضرورة فلا اثم عليه، و ان كان عن تفريط فهو مأزور، و يلزمه القضاء و التوبة من تفريطه[64].

وذكر ابن حمزة في الوسيلة و وقت المغرب غروب الشمس إلى غروب الشفق للمختار و إلى ربع الليل لصاحب العذر. و أول وقت العشاء الآخرة بعد الفراغ من فريضة المغرب و روي بعد غيبوبة الشفق و آخره ثلث الليل للمختار و نصفه لصاحب العذر[65].

وقال ابن سلار في المراسم: أما المغرب فيمتد وقته إلى أن يبقى لغياب الشفق الأحمر مقدار أداء ثلاث ركعات، و أما العشاء الآخرة: فيمتد وقتها إلى أن يبقى لانتصاف الليل مقدار أداء أربع ركعات: و قيل إلى ثلث الليل، و قد روي جواز تأخير المغرب للمسافر إذا جد به السير إلى ربع الليل[66].

وذكر الكيدري في إصباح الشيعة: و أول وقت المغرب غيبوبة الشمس و آخره غيبوبة الحمرة من ناحية المغرب للمختار، و وقت الضرورة يمتد إلى ربع الليل، و أول وقت العشاء الآخرة غيبوبة الحمرة من المغرب، و آخره ثلث الليل للمختار، و للمضطر نصف الليل[67].

عدم شهرة بین المتشرعین لضيق وقت المغرب الی غیبوبة الشفق

قلت: نحن لا ننكر ذهاب جمع من الفقهاء الى ذلك، لكن وجود الخلاف الشديد في المسألة يكفي في كشف عدم كون التوقيت الى سقوط الشفق واضحا لدى المتشرعة واصحاب الأئمة، ويدل عليه تمسك الشيخ الطوسي باصالة الاحتياط حيث اتفقوا على جواز صلاة المغرب قبل سقوط الفق واختلفوا في جوازه بعده، وهذا يعني انه لم يتبين وجوبه ولم يشتهر لدى المتشرعة وهذا يكشف عن عدم وجوبه فانه لو كان لبان واشتهر.

الوجه الثالث:

مع الغمض عن الوجهين السابقين وقبول استقرار المعارضة بين روايات تحديد وقت المغرب بسقوط الشفق وروايات جواز تأخيرها عنه حتى في حال الاختيار بأن يقال انه لا يجمع العرف بين مثل قوله في صحيحة الفضيل وزرارة “ان لكل صلاة وقتين الا المغرب، فان وقتها واحد ووقتها وجوبها ووقت فوتها سقوط الشفق” وبين قوله في صحيحة عمر بن يزيد “انت في وقت الى ربع الليل”، فيمكن ترجيح الطائفة الثانية لموافقة الاولى مع مشهور العامة كما مر نقله عن الخلاف.

ولكن قد يورد على هذا الوجه أن مالك الذي هو كان فقيه اهل المدينة في زمان الامام الصادق (عليه السلام) كان يرى امتداد وقتها الى طلوع الفجر، فمعه لا يصدق على الطائفة الاولى انها موافقة للعامة، ولكن يمكن أن يقال بأن المهم هو صدق المخالف للعامة على الروايات الدالة على كون آخر وقت المغرب ربع الليل او نصف الليل لانه لم ينقل من احد من العامة كما سبق ذكره في الخلاف القول بذلك فيشمله ما في مقبولة عمر بن حنظلة “ما خالف العامة ففيه الرشاد” نعم رواية الراوندي لا تشمله حيث ورد فيها “إذا ورد عليكم حديثان مختلفان- فاعرضوهما على كتاب الله- فما وافق كتاب الله فخذوه- و ما خالف كتاب الله فردوه- فإن لم تجدوهما في كتاب الله- فاعرضوهما على أخبار العامة- فما وافق أخبارهم فذروه- و ما خالف أخبارهم فخذوه[68]

الوجه الرابع:

لو فرض تساقط الطائفتان فالمرجع بعد ذلك اصل البراءة عن وجوب الاتيان بالمغرب قبل سقوط الشفق، بل يمكن ان يقال بمرجعية مثل رواية القاسم بن عروة (قد مر توثيقه لرواية البزنطي عنه) عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل إلا أن هذه قبل هذه[69]، ونحوها رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الضحاك بن زيد عن عبيد بن زرارة.[70] وفي مرسلة داود بن فرقد “إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي ثلاث ركعات فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب و العشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات و إذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب و بقي وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل.[71]فانها حيث تصلح للحمل على وقت المضطر او وقت الأجزاء وان كان يجب على المختار المبادرة الى المغرب قبل سقوط الشفق فلا تكون في طرف المعارضة.

وأما ما قد يقال بأن روايات سقوط الشفق مشهورة شهرة روائية بل مشهورة شهرة فتوائية قدمائية فمع استقرار المعارضة بينها وبين الطائفة المرخصة في التأخير لابد من ترجيحها حيث يشملها قوله في مقبولة عمر بن حنظلة “المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه” ففيه مضافا الى ما مر من وجود جمع عرفي بين الروايات بالحمل على الافضلية الشديدة، وعدم ثبوت الشهرة الفتوائية، أن المرجح هو الشهرة بين أصحاب الأئمة حيث خاطب الامام (عليه السلام) ابن حنظلة بقوله “المجمع عليه بين اصحابك” لا الشهرة بين فقهاء عصر الغيبة.

قول المختار

ولأجل جميع ما ذكرناه فالاظهر كون سقوط الشفق آخر وقت الفضيلة الشديدة، و يليه في الفضل ربع الليل وان كان الاحوط الاستحبابي المؤكد هو عدم تأخير المغرب الى سقوط الشفق من غير عذر عرفي.

هذا كله بالنسبة الى وقت صلاة المغرب.

مبدأ وقت صلاة العشاء

وأما وقت صلاة العشاء فيقع الكلام تارة في مبدأه وأخرى في منتهاه،

قول المشهور: غروب الشمس

أما مبدأه فالمشهور كونه غروب الشمس، ولكن ذهب جماعة الى كونه سقوط الشفق، كالمفيد[72] والسيد المرنضى في بعض كتبه[73] والشيخ الطوسي[74] وسلار[75]، وهو المحكي عن ابن ابي عقيل وابن الجنيد، بل ذكر الشيخ في الخلاف ان الأظهر من مذهب أصحابنا و من رواياتهم ان أول وقت العشاء الآخرة إذا غاب الشفق الذي هو الحمرة، و في أصحابنا من قال: إذا‌ غابت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين، و لا خلاف بين الفقهاء ان أول وقت العشاء الآخرة غيبوبة الشفق، دليلنا: ان ما اعتبرناه من ذلك لا خلاف بين الطائفة المحقة أنه من الوقت، و ليس ها هنا إجماع على أن ما قبله وقت فوجب الاحتياط لئلا يصلي قبل دخول الوقت[76].

أدلة قول المشهور

و قد استدل للمشهور بعدة روايات:

منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر، فاذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة[77].

و منها: موثقة عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) «قال: صلى رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) بالناس المغرب و العشاء الآخرة قبل الشفق من غير علة في جماعة، و إنما فعل ذلك ليتسع الوقت على أُمته[78].

و منها: ما رواه الشيخ بإسناده عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن أبي طالب عبد الله بن الصلت عن الحسن بن علي بن فضال عن الحسن بن عطية عن زرارة قال: سألت أبا جعفر و أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصلي- العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق فقالا لا بأس به[79].

و منها: ما رواه ايضا بهذا الإسناد عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن عبيد اللٰه و عمران ابني علي الحلبيين قالا: كنا نختصم في الطريق في الصلاة، صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق، و كان منا من يضيق بذلك صدره، فدخلنا على أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) فسألناه عن صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق، فقال: لا بأس بذلك، قلنا: و أي شي‌ء الشفق؟ فقال: الحمرة[80].

ومنها: رواية القاسم بن عروة عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: إذا غربت الشمس دخل وقت الصلاتين إلا أنّ هذه قبل هذه[81].

و هذه الروايات واضحة الدلالة على جواز الإتيان بصلاة العشاء قبل سقوط الشفق، فتكون قرينة على حمل صحيحة عمران بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) متى تجب العتمة؟ قال: إذا غاب الشفق[82]، على بيان استحباب اداء صلاة العشاء عند سقوط الشفق.

حمل التهذیب للروایات

ولكن ذكر في التهذيب أنه تحتمل هذه الأخبار وجهين: أحدهما أن تكون مخصوصة بحال الاضطرار و هو لمن يعلم أو يظن أنه إن لم يصل في هذا الوقت و انتظر سقوط الشفق لم يتمكن من ذلك لحائل يحول بينه و بين الصلاة أو مانع يمنعه منه و الذي يدل على ذلك‌ ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا بأس بأن تعجل العشاء الآخرة في السفر قبل أن يغيب الشفق، وما رواه أحمد بن محمد عن جعفر بن بشير عن حماد بن عثمان عن محمد بن علي الحلبي عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا بأس أن تؤخر المغرب في السفر حتى يغيب الشفق و لا بأس بأن تعجل العتمة في السفر قبل أن يغيب الشفق، وما رواه الحسين بن سعيد عن فضالة عن حسين عن ابن مسكان عن أبي عبيدة قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كانت ليلة مظلمة و ريح و مطر صلى المغرب ثم مكث قدر ما يتنفل الناس ثم أقام مؤذنه ثم صلى العشاء الآخرة ثم انصرفوا.

و الثاني أن تكون رخصة للدخول في الصلاة لمن يعلم أنه يسقط الشفق قبل فراغه من الصلاة لأنه متى كان الأمر على ما وصفناه فإنه يجزيه و ليس في شي‌ء من هذه الأخبار أنه يجوز له أن يصلي قبل سقوط الشفق و إن علم أنه يفرغ منها مع بقاء الشفق فإذا احتمل ما ذكرناه حملناه على ذلك و الذي يدل على أن ذلك جائز ما رواه‌ محمد بن علي بن محبوب عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن إسماعيل بن رباح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا صليت و أنت ترى أنك في وقت و لم يدخل الوقت فدخل الوقت و أنت في الصلاة فقد أجزأت عنك[83].

مناقشة

اقول: الانصاف عدم تمامية اي من التوجيهين، للروايات المرخصة لاتيان العشاء قبل سقوط الشفق، أما التوجيه الاول فمناف لصريح موثقة ابن بكير السابقة، فلابد من حمل مثل صحيحة جميل بن دراج قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما تقول في الرجل الذي يصلي المغرب بعد ما يسقط الشفق فقال لعلة لا بأس قلت فالرجل يصلي العشاء الآخرة قبل أن يسقط الشفق فقال لعلة لا بأس[84]، على الافضلية، بل حمل الروايات المطلقة المرخصة لاتيان العشاء قبل سقوط الشفق على فرض العذر ليس عرفيا، وأما التوجيه الثاني فابعد، ومورد رواية اسماعيل بن رباح اعتقاد دخول الوقت، فالصحيح ما عليه المشهور

منتهى وقت صلوة العشاء

الاقوال

وأما منتهى وقت العشاء فالمشهور بين المتأخرين وان كان هو كونه منتصف الليل مطلقا، لكن ذهب جماعة الى كونه للمختار ثلث الليل، وهذا قول المفيد في المقنعة[85] وقال الشيخ في الخلاف: الأظهر من مذاهب أصحابنا و من روايتهم ان آخر‌ وقت العشاء إذا ذهب ثلث الليل و قد روي نصف الليل، و روي الى طلوع الفجر، و قال الشافعي في الجديد: إن آخر وقتها المختار الى ثلث الليل، و روى ذلك عن عمر و أبي هريرة و عمر بن عبد العزيز، و قال في القديم آخر وقتها الى نصف الليل، و هذا وقت الاختيار، فأما وقت الضرورة و الاجزاء فإنه باق الى طلوع الفجر كما قالوا في الظهر و العصر الى غروب الشمس، و به قال الثوري و أبو حنيفة و أصحابه، و قال قوم: وقتها ممتد الى طلوع الفجر الثاني، و روي ذلك عن ابن عباس و عطاء و عكرمة و طاوس و مالك و قال النخعي: آخر وقتها ربع الليل، دليلنا: إجماع الفرقة بل إجماع المسلمين على أن وقتها ممتد إلى ثلث الليل، و انما الخلاف فيما زاد على ذلك، و ما زاد على ثلث الليل ليس عليه دليل فوجب إطراحه و الأخذ بالاحتياط[86].

و قد ذكر في الحدائق أنه يجب للمختار المبادرة الى العشاء قبل مضي ثلث الليل ولكن لو أخّرها كان اداء[87].

أدلة للقول بامتداد وقت العشاء الى منتصف الليل

واستدل للقول بامتداد وقت العشاء الى منتصف الليل بعدة وجوه:

1- ما استدل به بعضهم من قوله تعالى “أقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر” بضميمة النصوص المفسرة لها كصحيحة زرارة “و فيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات سماهن اللّٰه و بيّنهنّ و وقتهنّ، و غسق الليل هو انتصافه”.

وقد يقال بأن الآية قابلة للحمل على وقت الاداء مطلقا او للمختار وان وجب عليه المبادرة الى العشاء قبل مضي ثلث الليل كما هو مختار صاحب الحدائق، لكن ذكر السيد الخوئي “قده” أن الآية خطاب للنبي (صلى اللّٰه عليه و آله) في مقام التشريع لعامة المكلفين و طبيعي المصلين لبيان ما هو وظيفتهم في حدّ أنفسهم، لا بلحاظ الحالات العارضة و العناوين الطارئة، فظاهرها أنه حكم لصورة الاختيار دون الاضطرار، فالتفصيل بينهما بعيد عن مساقها و خلاف ظاهر الآية و إطلاقها، فالتفصيل المزبور في غاية السقوط[88].

2- صحيحة بكر بن محمد عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) أنه سأله سائل عن وقت المغرب، فقال: إن اللّٰه يقول في كتابه لإبراهيم فَلَمّٰا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأىٰ كَوْكَباً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي و هذا أول الوقت و آخر ذلك غيبوبة الشفق، و أول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة، و آخر وقتها إلى غسق الليل، يعني نصف الليل[89]، ويرد على الاستدلال بها ما اورد على الاستدلال السابق.

3- رواية القاسم بن عروة عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل إلا أنّ هذه قبل هذه.

ويرد عليها الايراد السابق.

4- موثقة الحسن بن محمد بن سماعة عن الحسين بن هاشم عن ابن مسكان عن الحلبي عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: العتمة إلى ثلث الليل أو إلى نصف الليل و ذلك التضييع[90].

فان اريد الاستدلال بها على بقاء وقت الاداء فهو الصحيح ولكنها مؤيدة لقول صاحب الحدائق حيث اغتبرت التاخير الى ما بعد ثلث الليل تضييعا لصلاة العشاء فينافي الامر في الآية بالمحافظة على الصلوات.

5- موثقة سماعة عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله): لولا أني أخاف أن أشق على أُمتي لأخّرت العتمة إلى ثلث الليل و أنت في رخصة إلى نصف الليل و هو غسق الليل، فاذا مضى الغسق نادى ملكان من رقد عن صلاة المكتوبة بعد نصف الليل فلا رقدت عيناه[91] والظاهر تمامية دلالتها.

روايات دالة على أن آخر وقت العشاء ثلث الليل

وهناك روايات دلت على أن آخر وقت العشاء ثلث الليل، منها: صحيحة معاوية بن عمار “إن وقت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل[92]، ومنها موثقة معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: أتى جبرئيل رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) بمواقيت الصلاة…ثم أتاه حين سقط الشفق فأمره فصلى العشاء إلى أن قال ثم أتاه حين ذهب ثلث الليل فأمره فصلى العشاء إلى أن قال ثم قال: ما بينهما وقت.

و مقتضى الجمع حملهما على الأفضلية، هذا وقد ذكر السيد الخوئي أن في الموثقة دلالة واضحة على أنه (صلى اللّٰه عليه و آله) صلاها بعد الثلث لا قبله، ثم قال: و مما يشهد للحمل على الافضيلة موثقة الحلبي المتقدمة حيث عبّر فيها عن تأخير العشاء إلى نصف الليل بالتضييع الكاشف عن أنه أمر مرجوح و أنّ خلافه هو الأفضل كما لا يخفى[93]، وفيه أنه لابد من حملها بقرينة الروايات الدالة على كون آخر وقت العشاء ثلث الليل المحمول على وقت الفضيلة على اتيانه العشاء قبيل ثلث الليل، وأما التضييع فظاهر اطلاقه منافاته للأمر بالمحافظة على الصلوات.

هذا وقد ورد في فقه الرضا تحديد وقت العشاء لغير العليل و المسافر بربع الليل، قال: و وقت العشاء الفراغ من المغرب ثم إلى ربع الليل، و قد رخّص للعليل و المسافر فيهما إلى انتصاف الليل و للمضطر إلى قبل طلوع الفجر[94].

ثم انه قد ورد في غير واحد من الأخبار أنه: لولا أن أشق على أُمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل.

منها: موثقة أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) لولا أني أخاف أن أشق على أُمتي لأخّرت العشاء إلى ثلث الليل[95]، ونحوها موثقة ذريح.

و منها: موثقته الأُخرى عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: قال رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله): لولا نوم الصبي و غلبة الضعيف لأخّرت العتمة إلى ثلث الليل[96].

ردّ‌ توهّم أفضلية تأخير العشاء إلى ثلث الليل

فقد توهم هذه الروايات أفضلية تأخير العشاء إلى ثلث الليل، فيجاب عنه كما في كلمات الاعلام بأن المستفاد منها هو وجود المقتضي لتشريع التأخير إلى الثلث رعاية لانتظام توزيع الفرائض على الأوقات الخمسة و تفريقها على مجموع الليل و النهار لتقع كل فريضة في وقت منفصل عن الأُخرى بنسبة معينة، لكن المشقة على الأُمة كانت مانعةً عن هذا الجعل، فجعل الأفضل الإتيان بها إلى الثلث.

 

 



[1] – المعتبر ج2ص 40

[2] – مدارك الاحكام ج 3ص 53

[3] – الخلاف ج1ص261

[4] – المبسوط ج1ص75

[5] – الكافي في الفقه ص 137و من لا يحضره الفقيه ج1ص 83

[6] – الحدائق ج 6ص 180

[7] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 10

[8] – موسوعة الامام الخوئي ج11ص 114

[9] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 184

[10] – وسائل الشيعةج‌4 ص 181

[11] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص 157

[12] – وسائل الشيعة ج4ص 288

[13] – مدارك الاحكام ج3ص56

[14] – وسائل الشيعة ج4ص 288

[15] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 159

[16] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص 156

[17] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص 187

[18] – وسائل الشيعة ج4ص174

[19] – وسائل الشيعة، ج‌4،ص 188‌

[20] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص190

[21] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص190

[22] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص 192

[23] – وسائل الشيعة ج 4ص 194

[24] – وسائل الشيعة ج4ص197

[25] – وسائل الشيعة ج4ص

[26] – وسائل الشيعة ج4ص

[27] – وسائل الشيعة ج4ص

[28] – وسائل الشيعة ج4ص 196

[29] – وسائل الشيعة ج4ص 197

[30] – وسائل الشيعة ج4ص 195

[31] – وسائل الشيعة ج4ص 196

[32] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 195

[33] – وسائل الشيعة؛ ج‌2، ص: 364

[34] – مستدرك الوسائل ج3ص132

[35] – علل الشرائع ج‌2 ص 356

[36] – رجال النجاشي ص 38

[37] – من لا يحضره الفقيه ج1ص219

[38] – الحدائق ج6 ص183

[39] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 283

[40] – وسائل الشيعة؛ ج‌1، ص: 374

[41] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 159

[42] – وسائل الشيعة ج4ص 196

[43] – وسائل الشيعة ج4ص 197

[44] – وسائل الشيعة ج4ص 196

[45] – هو “قده” كان يعتبرها صحيحة لكون الصرمي من رجال كامل الزيارات، لكنه عدل عن هذه النظرية وخص التوثيق العام لرجال كامل الزيارات بالمسايخ بلا واسطة لابن قولويه.

[46] – موسوعة الامام الخوئي ج11ص 117

[47] – وسائل الشيعة ج 7ص316

[48] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 157

[49] – وسائل الشيعة ج7ص316

[50] – وسائل الشيعة ج4ص 197

[51] – وسائل الشيعة ج4ص 196

[52] – وسائل الشيعة ج4ص 196

[53] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 195

[54] – قال المجلسي “ره” الظاهر أن الضمير راجع الى الشمس بقرينة المقام اي سقوطها ويحتمل رجوعه الى الصلاة فتأمل (مرآة العقول ج15ص 40 ) اقول وورد في الحديث اذا وجبت الشمس فصل المغرب (قرب الاسناد ص 218) وفي الصحاح وحبت الشمس اي غربت، الا أن ارادة ذلك في الرواية خلاف السياق و لم يذكر الشمس في الرواية.

[55] – الكافي (ط – دار الحديث)، ج‌6، ص: 52‌

[56] – الهداية ص 130

[57] – من لا يحضره الفقيه ج‌1، ص: 219

[58] – المقنعة ص 93

[59] – المسائل الناصريات؛ ص: 193

[60] – رسائل الشريف المرتضى؛ ج‌1، ص: 274

[61] – تهذيب الأحكام؛ ج‌2، ص: 32

[62] – النهاية ص: 59

[63] – الخلاف ج‌1، ص: 261

[64] – الكافي في الفقه ص: 137

[65] – الوسيلة ص 83

[66] – المراسم ص: 62

[67] – اصباح الشيعة ص: 59

[68] – وسائل الشيعة؛ ج‌27، ص: 118

[69] – وسائل الشيعةج‌4 ص 181

[70] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص 157

[71] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 184

[72] – المقنعة ص 93

[73] – الناصريات ص 193

[74] – النهاية ص59 الخلاف ج1ص

[75] – المراسم ص 62

[76] – الخلاف، ج‌1، ص: 262‌

[77] – وسائل الشيعة ج4ص 125

[78] – وسائل الشيعة ج4ص 138

[79] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 203

[80] – وسائل الشيعة ج4ص 203

[81] – وسائل الشيعة ج4ص181

[82] – وسائل الشيعة ج4ص

[83] – تهذيب الاحكام ج2ص 34

[84] – وسائل الشيعة ج4ص

[85] – المقنعة ص 93

[86] – الخلاف، ج‌1، ص: 265‌

[87] – الحدائق ج6 ص 194

[88] – موسوعة الامام الخوئي ج11ص 124.

[89] – وسائل الشيعة ج4ص 174

[90] – وسائل الشيعة ج4ص 185

[91] – وسائل الشيعة ج4ص 185

[92] – وسائل الشيعة ج4ص 200

[93] – موسوعة الامام الخوئي ج11ص 124

[94] – فقه الرضا ص 103

[95] – وسائل الشيعة ج4ص 200

[96] – وسائل الشيعة ج4ص 201