بسمه تعالی
رؤوس المطالب:
احکام اوقات المخصوصة بصلوة الظهر و العصر. 1
اتیان العصر في الوقت المختص بالظهر ساهيا 2
صحيحة زرارة دالة علی صحة هذة الصلوه 2
لو ذكر في الأثناء أنه لم يصل الظهر. 3
من صلى الظهر باعتقاد سعة الوقت ثم تبين وقوعها في الوقت المختص بالعصر. 5
لو خاف أن لا يسع الوقت لادراك ركعة من صلاة العصر بعد الاتيان بالظهر. 5
اذا اعتقد دخول الوقت فقام الى صلاة الظهر وفي آخرها دخل الوقت فالتفت الى ذلك بعده 6
الوجه الثاني: ما ذكره العلامة. 8
احکام اوقات المخصوصة بصلوة الظهر و العصر
الامر الثاني: المشهور أن للظهر وقتا يختص به وهو أول الوقت بمقدار أداءها بحسب حاله، كما أن للعصر وقتا يختص به وهو ما قبل الغروب بمقدار اداءها كذلك، وهذا ما ذكره صاحب العروة بقوله “ويختص الظهر باوله بمقدار اداءها بحسب حاله، ويحتص العصر بآخره كذلك”، بل عن المنتهى نسبته الى علماءنا، وادعي في بعض الكلمات عليه الاجماع، وذهب جماعة إلى أنّ الوقت مشترك بينهما من أوله إلى آخره، غايته أنه لابدّ من رعاية الترتيب بينهما بإيقاع الظهر قبل العصر، وعن العلامة الحلي والشهيد الاول نسبة ذلك الى الصدوق و عن جامع المقاصد و المدارك نسبته إلى الصدوقين. و ناقش صاحب الحدائق فی نسبة القول بالوقت المختص بالظهر الى الصدوق، وقال منشأ هذه النسبة نقله الأخبار الدالة على الاشتراك من أول الوقت الى آخره، و عدم نقل ما يخالفها و إلا فإنه لم يصرح بذلك في الكتاب و لو بالإشارة، و صريح كلامه بالنسبة إلى آخر الوقت يوافق كلام الأصحاب فإنه قال في باب أحكام السهو في الصلاة “ان نسيت الظهر و العصر ثم ذكرتهما عند غروب الشمس فصل الظهر ثم صل العصر ان كنت لا تخاف فوت إحداهما و ان خفت ان تفوتك إحداهما فابدأ بالعصر و لا تأخرها فيكون قد فاتتاك جميعا ثم صل الاولى بعد ذلك على أثرها” و حينئذ فالخلاف لو سلم انما هو في أول الوقت خاصة[1].
فروع
وكيف كان فقبل أن نذكر ادلة المشهور والمخالفين لهم ينبغي ان نذكر الفروع التي رتبوها على هذا الخلاف، فانهم فرعوا عليه فروعا:
اتیان العصر في الوقت المختص بالظهر ساهيا
منها: ما لو صلّى العصر في الوقت المختص بالظهر ساهيا او فرضنا أنه صلى الظهر قبل دخول الوقت باعتقاد دخول الوقت ثم صلى العصر بعدها وكان الوقت داخلا حين الاتيان بها، فيحكم ببطلان صلاة عصره على قول المشهور -لاخلاله بالوقت الذي هو من مستثنيات حديث لا تعاد- ويحكم بصحتها عصرا بناء على القول الآخر، لاخلاله بشرطية الترتيب بين الظهر والعصر وهو مشمول لحديث لا تعاد.
صحيحة زرارة دالة علی صحة هذة الصلوه
اقول: هذا مع الغمض عما ورد في صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال إذا نسيت الظهر حتى صليت العصر فذكرتها و أنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها الأولى ثم صل العصر فإنما هي أربع مكان أربع[2]، والا فالظاهر أنها تحسب ظهرا صحيحا سواء قلنا بقول المشهور ام بخلافه، وقد أفتى صاحب العروة بمضمون الرواية، ولكن يقال إن المشهور اعرضوا عنها، فبناء على كون اعراض المشهور مانعا عن حجية الخبر إما مطلقا كما عليه جماعة من الأعلام أو فيما كان إعراضا عن سند الخبر دون ما كان إعراضا عن دلالته، كما اختاره في البحوث حيث يرى ان حجية خبر الثقة مشروطة بعدم الامارة الظنية على الخلاف وإعراض المشهور أمارة ظنية على الخلاف، فتسقط هذه الرواية عن الحجية العقلائية، وأما لو اعرض المشهور عن الظهور والدلالة فحيث ان حجية الظهور مطلقة وليست مشروطة بعدم الامارة الظنية على الخلاف فلا أثر لإعراض المشهور عن الدلالة، فبناء على هذا التفصيل فحيث ان دلالة الرواية واضحة فاعراض المشهور لامحالة يكون عن سندها، فحينئذ تسقط هذه الرواية عن الاعتبار، ولكن المهم عدم ثبوت اعراض المشهور عن هذه الرواية لاسندا ولادلالة، على أن اعراض المشهور عن أي منهما لا يكون موهنا عندنا.
هذا وقد ذكر بعض السادة الاعلام “دام ظله” أن من المحتمل قويا ان تكون هذه الجملة كلام زرارة نفسه، واجتهاد زرارة ليس حجة في حقنا، واستشهد عليه بما في بعض الجوامع الروائية، وقال: لعل هذا هو المنشأ لإعراض المشهور، ولعل منشأ ما ذكره من قوة احتمال كون هذه الجملة من كلام زرارة اختلاف كيفية التعبير في الرواية، حيث روى في الكافي عن حماد عن حريز عن زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: …وقال قال ابو جعفر… وقال: إن نسيت الظهر حتى صليت العصر، فذكرتها و أنت في الصلاة، أو بعد فراغك، فانوها الأولى، ثم صل العصر، فإنما هي أربع مكان أربع[3]، حيث كرر لفظة “قال” في الجملة السابقة عليها دونها، والا فلم نظفر بقرينة في الجوامع الروائية، والصحيح عدم تمامية القرينة التي ذكرها، لما ورد في ذيلها:…و إن كانت المغرب و العشاء الآخرة قد فاتتاك جميعا، فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة، ابدأ بالمغرب، ثم العشاء، فإن خشيت أن تفوتك الغداة إن بدأت بهما، فابدأ بالمغرب، ثم بالغداة، ثم صل العشاء؛ فإن خشيت أن تفوتك الغداة إن بدأت بالمغرب، فصل الغداة، ثم صل المغرب و العشاء، ابدأ بأولهما، لأنهما جميعا قضاء أيهما ذكرت، فلا تصلهما إلا بعد شعاع الشمس، قال: قلت: لم ذاك؟ قال: لأنك لست تخاف فوتها.
لو ذكر في الأثناء أنه لم يصل الظهر
ومنها: ما فی المستمسك من أنه لو ذكر في الأثناء أنه لم يصل الظهر عدل على القول بالاشتراك، و أشكل ذلك على الاختصاص، لاختصاص العدول بصورة وقوع الصلاة صحيحة لولا الترتيب، فالتعدي إلى غيرها محتاج إلى دليل، و هو مفقود[4].
اقول: لابد من كون الاشكال هو القصور الاثباتي وعدم الاطلاق في ادلة العدول، وهذا صحيح في ما عدا صحيحة زرارة السابقة، كرواية (محمد) ابن سنان عن ابن مسكان عن الْحَلَبِيِّ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ أَنْ يُصَلِّيَ الْأُولَى حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ، قَالَ فَلْيَجْعَلْ صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّى الْأُولَى، ثُمَّ لْيَسْتَأْنِفِ الْعَصْرَ[5]، فان ظاهر أنه نسي الظهر حتى صلى العصر وقوع العصر في محلها وانما نسي الظهر الى حينها، واوضح منها صحيحة الحلبي قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ أَمَّ قَوْماً فِي الْعَصْرِ فَذَكَرَ وَ هُوَ يُصَلِّي بِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَلَّى الْأُولَى قَالَ فَلْيَجْعَلْهَا الْأُولَى الَّتِي فَاتَتْهُ وَ يَسْتَأْنِفُ الْعَصْرَ وَ قَدْ قَضَى الْقَوْمُ صَلَاتَهُمْ[6].
وكذا لا تشملها رواية مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ صَلَاةً حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى- فَقَالَ إِذَا نَسِيَ الصَّلَاةَ أَوْ نَامَ عَنْهَا صَلَّى حِينَ يَذْكُرُهَا فَإِذَا ذَكَرَهَا وَ هُوَ فِي صَلَاةٍ بَدَأَ بِالَّتِي نَسِيَ وَ إِنْ ذَكَرَهَا مَعَ إِمَامٍ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَتَمَّهَا بِرَكْعَةٍ- ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ صَلَّى الْعَتَمَةَ بَعْدَهَا وَ إِنْ كَانَ صَلَّى الْعَتَمَةَ وَحْدَهُ فَصَلَّى مِنْهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ نَسِيَ الْمَغْرِبَ أَتَمَّهَا بِرَكْعَةٍ فَتَكُونُ صَلَاتُهُ لِلْمَغْرِبِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ- ثُمَّ يُصَلِّي الْعَتَمَةَ بَعْدَ ذَلِكَ[7].
تبقى صحيحة زرارة، فان قوله “اذا نسيت الظهر حتى صليت العصر” وان كان ظاهرا او محتمل الظهور بقرينة “حتى” في اتيان صلاة العصر بعد مضى فترة نسي أن يصلي فيها الظهر، فيختص موردها بفرض الاتيان بصلاة العصر في الوقت المشترك، لكن يمكن أن يقال بأن تعليل الامر بالعدول من صلاة العصر الى الظهر بكونها اربعا مكان اربع موجب للتعميم الى فرض الاتيان بالعصر في الوقت المختص للظهر، لكن قد يناقش فيه بأنه يوجد في قوله “فانما هي اربع مكان اربع” ثلاث احتمالات:
1- أن يكون بمعنى أنه لأجل أن ما اتى به كان اربع ركعات فيعتبره الشارع مكان اربع ركعات التي كان مأمورا بالاتيان بها.
2- أن يكون بمعنى أنه لأجل أن ما اتى به في محل الظهر كان مثلها من حيث عدد الركعات، فيكون هذا علة للحكم بكونها الصلاة الاولى.
3- أن يكون بمعنى أن ما اتى به بعنوان العصر اربع ركعات اعتبر شرعا مكان الظهر واحتسب ظهرا شرعا، ولذا امره بأن ينويها و يحسبها ظهرا، واستفادة عموم التعليل للمقام مبني على احد هذين الاحتمالين الأولين، دون الاحتمال الثالث، اذ بناء عليه تكون العصر المأتي بها في الوقت المختص للظهر، شبهة مصداقية لما تقع مكان الظهر شرعا.
والفرق بين الاحتمالين الاولين انه بناء على الاول يستفاد التعميم لكل ما اذا اتى بصلاة أخرى متفقة العدد مع الصلاة المأمور بها، كما لو تخيل أنه لم يصل الظهر فاتى باربع ركعات بنية الظهر، ثم تبين أنه كان قد أتى بالظهر وكانت وظيفته الاتيان بالعصر، اذ يستفاد منه أن قوله “فانوها الاولى” تطبيق من تطبيقات كبرى حكم الشارع بأن كل ما اتي به من الصلاة مكان صلاة أخرى مأمور بها وكانتا متفقتي العدد احتسبت هذه الصلاة المأمور بها، بينما أنه على الاحتمال الثاني يكون قوله “انما هي اربع مكان اربع علة للحكم بكون ما أتى به من اربع ركعات هي الصلاة الأولى وكون العلة وجبة للتعيميم لا يعني الا الغاء خصوصية المورد لا الغاء خصوصية الحكم المعلل، لا يقتضي التعميم الى العدول من السابقة الى اللاحقة كما في المثال المذكور آنفا، مثل أن قوله “ان جاءك زيد فأكرمه لأنه عالم” لا يقتضي الغاء خصوصية وجوب الاكرام المقيد بالمجيء، وانما يقتضي التعميم من زيد الى اي عالم آخر.
والانصاف كون الاحتمال الثاني هو الظاهر دون الاحتمال الاول فضلا عن الثالث، لأن الظاهر من التعليل كونه تعليلا بامر واقعي لا تعبدي.
وعليه فالظاهر شمول صحيحة زرارة للصلاة التي نواها عصرا فيما اذا كانت على فرض نيتها ظهرا تقع صحيحة، فان لم نستشكل باعراض المشهور عنها ونحوه كان اطلاقها متبعا.
من صلى الظهر باعتقاد سعة الوقت ثم تبين وقوعها في الوقت المختص بالعصر
و منها: أن من صلى الظهر باعتقاد سعة الوقت ثم تبين وقوعها في الوقت المختص بالعصر، فإنه بناء على القول المخالف للمشهور تصح صلاة الظهر، ويجب عليه قضاء العصر، وبناء على قول المشهور فيقال بأنه يبطل صلاته لاخلاله بالوقت، فيجب عليه قضاء كلتا الصلاتين، ولكنه مبني على كون الامر بقضاء الظهر متأخرا عن غروب الشمس، والا فلا وجه للمنع من صحة ظهره قضاء، وسيأتي الكلام فيه.
لو خاف أن لا يسع الوقت لادراك ركعة من صلاة العصر بعد الاتيان بالظهر
ومنها: ما لو خاف أن لا يسع الوقت لادراك ركعة من صلاة العصر بعد الاتيان بالظهر[8] فبناء على القول المخالف للمشهور، فيقال تارة بأنه يجب عليه من الاول الاتيان بالظهر دون العصر، اذ لو اتى بالعصر كان فاقدا لشرطية الترتيب، ولو فرض عدم دليل على الترتيب بينهما في هذا الفرض فيكون مخيرا بينهما، ولو قام الدليل التعبدي على لزوم الاتيان بالعصر، فاتى بها ثم تبين له بقاء الوقت بمقدار ادراك صلاة الظهر في الوقت، فلابد أن يأتي بالظهر في هذا الوقت اداء.
وبناء على قول المشهور فلا اشكال في لزوم اتيانه بصلاة العصر، فاذا اتى بالعصر ثم تبين له بقاء الوقت بمقدار ادراك صلاة الظهر في الوقت بتمامها او بركعة منها، فقد يقال بأنه لا يجب عليه الإتيان بصلاة الظهر في هذا الوقت أداءً، وهل يجوز له الاتيان بها قبل غروب الشمس قضاءً ام لابد من تأخير القضاء الى ما بعد الغروب، فيه كلام، وفي المستمسك أنه على قول المشهور ايضا قيل بوجوب الاتيان بالظهر حينئذ اداء، لاختصاص أدلة الاختصاص بصورة اشتغال ذمة المكلف بالعصر، فمع فراغها عنه يكون المرجع أدلة الاشتراك، ثم اورد عليه بأن النسبة بين أدلة الاختصاص و أدلة الاشتراك ليست من قبيل النسبة بين الخاص و العام، كي يرجع إلى أدلة الاشتراك عند عدم صلاحية أدلة الاختصاص للمرجعية، بل هما متباينان، لورودهما معاً في مقام التحديد للوقت، فاذا جمع بينهما بحمل أدلة الاشتراك على ما يوافق الاختصاص فاذا فرض قصور أدلة الاختصاص عن شمول المورد كانت أدلة الاشتراك كذلك، ودعوى (أن مقتضى أدلة الاشتراك أن كل حصة من الزمان بين الزوال و الغروب مشتركة بين الفريضتين، و أدلة الاختصاص إنما تنافيها في الجزء الأول و الأخير لا غير، فنسبتها إليها نسبة الخاص إلى العام، فإذا أجمل الخاص في بعض الأحوال كان المرجع العام، و كذا في المقام) مندفعة، بما قد عرفت من أن أدلة الاشتراك واردة في مقام تحديد الوقت للفريضتين، و أن مقتضى الجمع بينها و بين أدلة الاختصاص حملها على معنى لا ينافي الاختصاص، لا تخصيصها بأدلته، فلو اختصت أدلة الاختصاص بغير فرض الاتيان بالعصر سابقا، كانت أدلة الاشتراك كذلك، فلابد من الرجوع إلى الأصل، و ليس هو استصحاب بقاء الوقت المشترك، لأنه من الاستصحاب الجاري في المفهوم المردد الذي ليس بحجة، مع أنه يتوقف على البناء على أنه يكفي في صحة الصلاة أداء بقاء الوقت بنحو مفاد كان التامة، أما لو اعتبر وقوعها في وقت هو وقتها بنحو مفاد كان الناقصة فلا يجدي الأصل المذكور، إلا بناء على الأصل المثبت، و منه يظهر الإشكال في استصحاب بقاء الاشتراك، أما إثبات كون الوقت المعين وقتاً لها بالأصل فغير ممكن، لعدم الحالة السابقة له، اللهم إلا أن يلحظ بعضاً مما سبق فيقال: كان مشتركاً فهو على ما كان، و أما استصحاب وجوب الأداء فلا يثبت القدرة على الأداء و صحتها أداء، و لو فرض سقوط الاستصحاب عن المرجعية كان المرجع أصل البراءة من وجوب الفعل في الوقت المعين، هذا إذا جوزنا فعلها قضاء على تقدير القول بالاختصاص و إلا كان من الدوران بين المتباينين، للعلم بوجوب فعلها في باقي الوقت أداء أو في خارجه قضاء، فيجب الاحتياط.
ثمَّ إنه لو بني على الاختصاص حتى في الفرض، لم يبعد جواز إيقاع الظهر قضاء. و دعوى: أن الظاهر من الاختصاص عدم صحة الشريكة مطلقاً و لو قضاء، كما في الجواهر، غير مجدية و إن سلمت، إذ لم يقع لفظ الاختصاص في لسان الأدلة، ليرجع إلى ظهوره، و إنما المرجع أدلة القول به، و ليس مقتضاها إلا خروج وقت الظهر إذا بقي من الوقت مقدار أداء العصر، و هذا المقدار لا يقتضي بطلانها قضاء، فإطلاق ما دل على جواز القضاء محكم[9].
اذا اعتقد دخول الوقت فقام الى صلاة الظهر وفي آخرها دخل الوقت فالتفت الى ذلك بعده
ومنها: ما اذا اعتقد دخول الوقت فقام الى صلاة الظهر وفي آخرها دخل الوقت فالتفت الى ذلك بعده فالمشهور على صحتها لرواية ابن أبي عمير عن إسماعيل بن رباح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا صليت و أنت ترى أنك في وقت و لم يدخل الوقت فدخل الوقت و أنت في الصلاة فقد أجزأت عنك[10]، واسماعيل بن رباح وان لم يرد في حقه توثيق خاص، لكن روى عنه ابن ابي عمير فيمكن توثيقه بناء على ما هو الظاهر من وثاقة مشايخ ابن ابي عمير لما قاله الشيخ في العدة من أنه وصفوان والبزنطي ممن عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون الا عن ثقة، كما يمكن تصحيح الرواية بناء على نظرية اصحاب الاجماع فان ابن ابي عمير من اصحاب الاجماع اي الذين شهد الكشي باجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهم فبناء على كون معناه أن ما صح نقله عنهم فهو صحيح مطلقا اي لا يلحظ الواسطة بينهم وبين الامام (عليه السلام) فيمكن تصحيح الرواية.
وعليه فان اريد من الوقت المختص للعصر ما يعني لزوم الانتظار في هذا الفرض الى أن يمضي مقدار اربع ركعات من دخول الوقت حتى يصح الاتيان بالعصر كما اختاره في المستمسك فبناء على القول بالوقت المختص يجب عليه الانتظار الى أن يدخل الوقت المشترك كي يتمكن من صلاة العصر.
ادلة قول المشهور
هذا وقد استدل للمشهور بعدة وجوه:
الوجه الاول: ما في المدارك
من أنّه لا معنى لوقت الفريضة إلّا ما جاز إيقاعها فيه و لو على بعض الوجوه، و لا ريب أنّ إيقاع العصر عند الزوال على سبيل العمد ممتنع، و كذا مع النسيان على الأظهر، لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه، و انتفاء ما يدل على الصحة مع المخالفة، و إذا امتنع وقوع العصر عند الزوال مطلقا انتفى كون ذلك وقتا لها[11].
وفيه اولا: أن دليل الصحة في حال النسيان بل الجهل هو حديث لا تعاد، فانه يشمل الاخلال بالترتيب، الا أن يلحظ صحيحة زرارة السابقة من أنها تحتسب ظهرا، الا أنهم لو يفتوا بها على أنها لا تجري في المغرب والعشاء، اذا لم يتذكر حتى دخل في ركوع الركعة الرابعة.
وثانيا: انه اذا اعتقد دخول الوقت فقام الى صلاة الظهر وفي آخرها دخل الوقت فالتفت الى ذلك بعده فالمشهور على صحتها لرواية ابن أبي عمير عن إسماعيل بن رباح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا صليت و أنت ترى أنك في وقت و لم يدخل الوقت فدخل الوقت و أنت في الصلاة فقد أجزأت عنك[12]، واسماعيل بن رباح وان لم يرد في حقه توثيق خاص، لكن روى عنه ابن ابي عمير فيمكن توثيقه بناء على ما هو الظاهر من وثاقة مشايخ ابن ابي عمير لما قاله الشيخ في العدة من أنه وصفوان والبزنطي ممن عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون الا عن ثقة، كما يمكن تصحيح الرواية بناء على نظرية اصحاب الاجماع فان ابن ابي عمير من اصحاب الاجماع اي الذين شهد الكشي باجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهم فبناء على كون معناه أن ما صح نقله عنهم فهو صحيح مطلقا اي لا يلحظ الواسطة بينهم وبين الامام (عليه السلام) فيمكن تصحيح الرواية.
وعليه فان اريد من الوقت المختص للعصر ما يعني لزوم الانتظار في هذا الفرض الى أن يمضي مقدار اربع ركعات من دخول الوقت حتى يصح الاتيان بالعصر فلا يجري هذا الوجه بالنسبة اليه.
الوجه الثاني: ما ذكره العلامة
الوجه الثاني: ما ذكره العلامة في المختلف، فانه بعد ما ذكر (أنه لا خلاف في أنّ زوال الشمس أوّل وقت الظهر، و إنّما الخلاف في أنّه من حين الزوال يشترك الوقت بينها و بين العصر، أو يختص الظهر من أوّل الزوال بمقدار أداء أربع ركعات للحاضر و ركعتين للمسافر. فالأول اختيار أبي جعفر بن بابويه و باقي علمائنا على الثاني، و هو الحق عندي، و قال السيد المرتضى “ره” في الناصريات: الذي نذهبإليه أنّه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر بلا خلاف ثمَّ يختصّ أصحابنا بأنّهم يقولون: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر معا الّا أنّ الظهر قبل العصر، قال: و تحقيق هذا الموضع أنّه إذا زالت فقد دخل وقت الظهر بمقدار ما يؤدّي أربع ركعات، فاذا خرج هذا المقدار من الوقت اشترك الوقتان، و معنى ذلك أنّه يصحّ أن يؤدي في هذا الوقت المشترك الظهر و العصر بطوله على أنّ الظهر متقدّمة للعصر، ثمَّ لا يزال في وقت منهما إلى أن يبقى إلى غروب الشمس مقدار أداء أربع ركعات فيخرج وقت الظهر و يخلص هذا المقدار للعصر كما خلص الوقت الأول للظهر، و على هذا التفسير الذي ذكره السيد يزول الخلاف)، قال: لنا انّ القول باشتراك الوقت حين الزوال بين الصلاتين مستلزم لأحد المحالين، إمّا تكليف ما لا يطاق، أو خرق الإجماع، فانّ التكليف حين الزوال إمّا أن يقع بالعبادتين معا، أو بإحداهما لا بعينها أو بواحدة معيّنة، و الأوّل يستلزم تكليف ما لا يطاق إذ لا يتمكن المكلّف من إيقاع فعلين متضادين في وقت واحد، و الثاني يستلزم خرق الإجماع إذ لا خلاف بأنّ الظهر مرادة بعينها حين الزوال لا لأنّها أحد الفعلين، و الثالث يستلزم إمّا المطلوب أو خرق الإجماع، لأنّ تلك المعيّنة إن كانت هي الظهر ثبت الأوّل، و إن كانت هي العصر ثبت الثاني، و لأنّ الإجماع واقع على أنّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) صلّى الظهر أوّلاً، و قال “صلوا كما رأيتموني أصلّي” فلو لم يكن وقتا لها لما صحّ منه إيقاعها فيه.
لا يقال: المراد بالاشتراك ليس هو إيقاع العبادتين في وقت واحد، فإنّ هذا محال، بل المراد صلاحيّة الوقت لايقاع كلّ من العبادتين و الاجتزاء بأيهما وقعت، سواء كانت الظهر مطلقا أو العصر مع النسيان كما يذهبون إليه فيما بعد الأربع، فإن الاشتراك لو كان مفسَّرا بما ذكرتم لما أمكنكم المصير إليه بعد الأربع أيضا، و إذا كان المراد ذلك انتفت الاستحالتان، إذ ليس في ذلك تكليف محال و لا خرق إجماع، و أمّا فعل النبي فإنّا نقول به، لأنّه عندنا وقت لإحدى الفريضتين مع النسيان و للظهر عينا مع الذكر، و السهو على الرسول محال.
لأنّا نقول: اشتراك الوقت على ما فسّرتموه فرع وقوع التكليف بالفعل، و نحن قد قسّمنا التكليف إلى ما يستلزم المطلوب، أو المحال[13].
وانت ترى أن ما ذكره بقوله “لا يقال” متين جدا، وليس لجوابه عنه معنى محصل.
الوجه الثالث: الروايات
فانهم استدلوا بعدة من الروايات وهي:
الرواية الاولى:
ما رواه الشيخ في التهذيب عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى و موسى بن جعفر بن أبي جعفر عن أبي طالب عبد الله بن الصلت (وثقه النجاشي) عن الحسن بن علي ابن فضال عن داود بن أبي يزيد و هو داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللٰه (عليه السلام) قال: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات، فاذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر و العصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر و بقي وقت العصر حتى تغيب الشمس[14].
و يقع الكلام تارة حول سندها وأخرى حول دلالتها، أما سندها فمشكلته الارسال وقد يحاول تصحيحه بطريقين
1- ما يدعى من انجبارها بعمل المشهور، وفيه المنع صغرى و كبرى.
2- ما ذكره الشيخ الاعظم “قده” من أن هذه الرواية و إن كانت مرسلة إلا أن إرسالها غير قادح فيها، لأن في سندها الحسن بن علي بن فضال، و قد ورد في بني فضال “خذوا بما رووا و ذروا ما رأوا” فإن مقتضاه الأخذ برواياتهم التي منها هذه الرواية[15]
و فيه أن الرواية المتضمنة لهذه الجملة ضعيفة السند، فان الشيخ الطوسي “ره” نقل في كتاب الغيبة عن أبي الحسين بن تمام حدثني عبد الله الكوفي خادم الشيخ الحسين بن روح رضي الله عنه قال سئل الشيخ يعني أبا القاسم رضي الله عنه عن كتب ابن أبي العزاقر (الشلمغاني) بعد ما ذم و خرجت فيه اللعنة فقيل له فكيف نعمل بكتبه و بيوتنا منها ملاء فقال أقول فيها ما قاله أبو محمد الحسن بن علي (صلى الله عليه وآله) و قد سئل عن كتب بني فضال فقالوا كيف نعمل بكتبهم و بيوتنا منها ملاء.
فقال (صلى الله عليه وآله) خذوا بما رووا و ذروا ما رأوا[16]، والحسين بن تمام و عبدالله الكوفي ليسا موثقين.
مضافا الى أن ظاهر هذه العبارة عدم كون انحراف بني فضال سببا لعدم العمل برواياتهم، لا حجيتها من غير ملاحظة الوسائط بينهم وبين الامام (عليه السلام) كيف وحينئذ يزيد بنو فضال على أمثال زرارة و محمد بن مسلم.
وثانيا: ما يقال من أن الظاهر من مضي أربع ركعات ليدخل وقت العصر، و لو بضميمة تلك الروايات الدالة على أنه إذا زالت الشمس دخل الوقتان إلا أنّ هذه قبل هذه، هو مضي أربع ركعات بالفعل بأن صلاها المكلف فعلًا، ليتمكن من الاتيان بالعصر مطلقا، وتوجد قرائن على ذلك، منها: أنه يبعد جدا الالتزام بأن من صلى الظهر قبل الوقت معتقدا دخول الوقت فوقع سلامه مثلا في داخل الوقت وحكم بصحة صلاته لاجل رواية اسماعيل بن رباح فلا يجوز له الاتيان بالعصر الا بعد مضي مقدار اربع ركعات، ومنها: أن المدار ان كان على المقدار من الوقت الذي يحتاج اليه متعارف الناس للاتيان باربع ركعات، فهذا يعني أن من كان سريع الاتيان بالصلاة، خصوصا فيما لو نسي القراءة مثلا، فبعد فراغه من صلاة الظهر لا يجوز له المبادرة الى العصر، وكذا لو كان المدار على المتعارف من حاله ففرغ من صلاته مرة سريعا فلا يجوز له المبادرة الى العصر، وهذا بعيد جدا، كما ان من البعيد جدا أن يكون المدار على الوقت الذي يحتاج اليه المكلف بلحاظ ظروفه وحالاته في كل يوم، فقد لا يتمكن في يوم من ادراك اربع ركعات في مقدار من الوقت، لتعبه وبطء لسانه ويتمكن في يوم آخر في ذاك المقدار، وقد يكون في يوم لو كان صلى الظهر ينسى بعض واجباته غير الركنية، وفي يوم آخر لا ينسى ذلك فيطول صلاته، فيصح صلاة عصره اذا اخطأ فاتى بها قبل الاتيان بالظهر في اليوم الاول اذا كان بعد هذا المقدار، دون ما اذا اتى بها هذا اليوم الأخير.
ومن هنا تبين الاشكال فيما ذكره في المستمسك من أنه حيث يكون وقت الاختصاص عبارة عن المقدار المحتاج إليه في أداء الصلاة، فلابد حينئذ من ملاحظة أحوال المكلف التي يختلف مقدار الصلاة باختلافها شرعا مثل السفر والحضر ، أم تكوينا مثل طلاقة اللسان و عيّه، و الإبطاء في الحركات، وعدمه، و غير ذلك، فيقدَّر الوقت بقدر الصلاة الذي يختلف بلحاظها، كما لا فرق أيضاً بين أن تكون حاصلة قبل الصلاة و طارئة في أثنائها، فلو صلى الظهر في أول الوقت فنسي بعض الأجزاء غير الركنية فقد دخل الوقت المشترك بالفراغ، و كذا لو طرأ له في الأثناء ما يوجب خفة اللسان أو الحركات الصلاتية، و لو عرض له ما يوجب الإبطاء كالعي في اللسان، أو الثقل في الحركات الصلاتية، أو نسي فقرأ بعض السور الطوال، أو نحو ذلك كان التقدير بتلك الصلاة، نعم لو كان التطويل مستنداً إلى الاختيار كما لو اختار قراءة السور الطوال، أو القنوت ببعض الأدعية كذلك كان ذلك خارجاً عن التقدير، و لو لم يصلّ الظهر لكن علم بأنه لو صلى طرأ عليه ما يوجب له الإبطاء أو السرعة كنسيان بعض الأجزاء أو نحوه لم يبعد دخول ذلك في التقدير، لأن تقدير النسيان مثلا أو نحوه لابد أن يكون راجعاً إلى حالة فعلية للمكلف لا فرق بينها و بين سائر الحالات الفعلية من السفر و الحضر و نحوهما[17].
وثالثا: ما ذكره السيد الخوئي “قده” من انه لو لم يكن حمل رواية داود بن فرقد على ما ذكر عرفيا فتتعارض هذه الرواية مع الروايات الدالة على أنه إذا زالت الشمس دخل الوقتان جميعاً، فإنها صريحة في دخول كلا الوقتين بمجرد الزوال.
اقول: سيأتي الجواب عنه قريبا.
الرواية الثانية:
ما رواه الشيخ باسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن سنان عن ابن مسكان عن الحلبي في حديث قال: سألته عن رجل نسي الأولى و العصر جميعا، ثم ذكر ذلك عند غروب الشمس فقال إن كان في وقت لا يخاف فوت إحداهما فليصل الظهر ثم ليصل العصر و إن هو خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر و لا يؤخرها فتفوته فتكون قد فاتتاه جميعا و لكن يصلي العصر فيما قد بقي من وقتها ثم ليصل الأولى بعد ذلك على أثرها[18].
وابن سنان في السند هو محمد بن سنان دون عبد الله بن سنان، بقرينة رواية الحسين بن سعيد عنه وروايته عن ابن مسكان، فان ابن مسكان هو الذي يروي عن عبد الله بن سنان، لا أن عبد الله يروي عنه، ولذا يكون سند الرواية مبتلى بالاشكال من ناحية محمد بن سنان.
محمد بن سنان
فقد قال النجاشي في حقه: محمد بن سنان أبو جعفر الزاهري، وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد (ابن عقدة) إنه روى عن الرضا (عليه السلام) قال: وله مسائل عنه معروفة، وهو رجل ضعيف جدا لايعول عليه و لا يلتفت إلى ما تفرد به[19].
وقال في ترجمة مياح المدائني: ضعيف جدا، له كتاب يعرف برسالة مياح، وطريقها أضعف منها، وهومحمد بن سنان[20].
وقال الشيخ الطوسي “ره”: محمد بن سنان ضعيف[21]، وقال في التهذيب والاستبصار: محمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جدا، وما يستبد بروايته ولايشركه فيه غيره لايعمل عليه[22].
وقد ضعفه المفيد في رسالته العددية فقال: محمد بن سنان مطعون فيه، لاتختلف العصابة في تهمته وضعفه، وما كان هذا سبيله لايعمل عليه في الدين.
وقد حكى الكشي في رجاله عن أبي الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري أنه قال: قال الفضل بن شاذان: لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان، وقال الكشي: ذكر حمدويه بن نصير، أن أيوب بن نوح دفع إليه دفترا فيه أحاديث محمد بن سنان، فقال لنا: إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، فإني كتبت عن محمد بن سنان، ولاأروي لكم أنا عنه شيئا، فإنه قال له محمد قبل موته: كلما أحدثكم به لم يكن لي سماعة ولارواية، إنما وجدته.
ونقل ايضا عن محمد بن مسعود العياشي قال عبد الله بن حمدويه: سمعت الفضل بن شاذان يقول: لاأستحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان، وذكر الفضل في بعض كتبه أن من الكاذبين المشهورين ابن سنان، و ليس بعبد الله.
ونقل عن أبي الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، قال: قال أبو محمد الفضل بن شاذان: لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان عني ما دمت حيا، وأذن في الرواية بعد موته.
وقال ابن الغضائري: محمد بن سنان ضعيف غال يضع، لايلتفت إليه.
نعم ذكر الشيخ المفيد في الارشاد أن محمّد بن سنان هذا ممّن روى النصّ على الرضا من أبيه عليهما السلام، وانّه من خاصّته و ثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته[23].
كما اكثر الاجلاء الرواية عنه وقد روى الكشي في مدحه روايات: قال: حدثني محمد بن قولويه، قال حدثني سعد بن عبد الله، قال حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى، عن رجل، عن علي بن الحسين بن داود القمي، قال، سمعت أبا جعفر الثاني (عليه السلام) يذكر صفوان بن يحيى و محمد بن سنان بخير، و قال: رضي الله عنهما برضاي عنهما فما خالفاني قط، هذا بعد ما جاء عنه فيهما ما قد سمعته من أصحابنا.
وعن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمي، قال دخلت على أبي جعفر الثاني (عليه السلام) في آخر عمره فسمعته يقول: جزى الله صفوان بن يحيى و محمد بن سنان و زكريا بن آدم عني خيرا فقد وفوا لي و لم يذكر سعد بن سعد، قال، فخرجت فلقيت موفقا، فقلت له: إن مولاي ذكر صفوان و محمد بن سنان و زكريا بن آدم و جزاهم خيرا، و لم يذكر سعد بن سعد! قال، فعدت إليه، فقال: جزى الله صفوان بن يحيى و محمد بن سنان و زكريا بن آدم و سعد بن سعد عني خيرا فقد وفوا لي.
وحدثني محمد بن قولويه، قال حدثني سعد (بن عبدالله) عن أحمد بن هلال، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، أن أبا جعفر (عليه السلام) كان لعن صفوان بن يحيى و محمد بن سنان، فقال: إنهما خالفا أمري، قال، فلما كان من قابل، قال أبو جعفر (عليه السلام) لمحمد بن سهل البحراني تول صفوان بن يحيى و محمدالغيبة (للطوسي)/ كتاب الغيبة للحجة ؛ النص ؛ ص346
[ذكر المحمودين من وكلاء الأئمة ع]
فمن المحمودين حمران بن أعين
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَزَوْفَرِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) وَ ذَكَرْنَا حُمْرَانَ بْنَ أَعْيَنَ فَقَالَ لَا يَرْتَدُّ وَ اللَّهِ أَبَداً ثُمَّ أَطْرَقَ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ أَجَلْ لَا يَرْتَدُّ وَ اللَّهِ أَبَداً[24].
و منهم المفضل بن عمر
. بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ أَسَدِ بْنِ أَبِي عَلَاءٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ أَحْمَرَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ وَ هُوَ فِي ضَيْعَةٍ لَهُ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ وَ الْعَرَقُ يَسِيلُ عَلَى صَدْرِهِ فَابْتَدَأَنِي فَقَالَ نِعْمَ وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّجُلُ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ الْجُعْفِيُّ نِعْمَ وَ اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّجُلُ [هُوَ][25] الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ الْجُعْفِيُّ حَتَّى أَحْصَيْتُ
الغيبة (للطوسي)/ كتاب الغيبة للحجة، النص، ص: 347
بِضْعاً وَ ثَلَاثِينَ مَرَّةً يُكَرِّرُهَا وَ قَالَ إِنَّمَا هُوَ وَالِدٌ[26] بَعْدَ وَالِدٍ.
وَ رُوِيَ عَنْ هِشَامِ بْنِ أَحْمَرَ قَالَ: حَمَلْتُ إِلَى أَبِي إِبْرَاهِيمَ (عليه السلام) إِلَى الْمَدِينَةِ أَمْوَالًا فَقَالَ رُدَّهَا فَادْفَعْهَا إِلَى الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ فَرَدَدْتُهَا إِلَى جُعْفِيٍّ فَحَطَطْتُهَا عَلَى بَابِ الْمُفَضَّلِ[27].
وَ رُوِيَ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي خِدْمَةِ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) فَلَمْ أَكُنْ أَرَى شَيْئاً يَصِلُ إِلَيْهِ إِلَّا مِنْ نَاحِيَةِ الْمُفَضَّلِ وَ لَرُبَّمَا رَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجِيءُ بِالشَّيْءِ فَلَا يَقْبَلُهُ مِنْهُ وَ يَقُولُ أَوْصِلْهُ إِلَى الْمُفَضَّلِ[28].
و منهم المعلى بن خنيس
و كان من قوام أبي عبد الله (عليه السلام) و إنما قتله داود بن علي بسببه و كان محمودا عنده و مضى على منهاجه و أمره مشهور.
فَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: لَمَّا قَتَلَ دَاوُدُ بْنُ [عَلِيٍ][29] الْمُعَلَّى بْنَ خُنَيْسٍ فَصَلَبَهُ[30] عَظُمَ ذَلِكَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ وَ قَالَ لَهُ يَا دَاوُدُ عَلَى مَا قَتَلْتَ مَوْلَايَ وَ قَيِّمِي فِي مَالِي وَ عَلَى عِيَالِي وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَأَوْجَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْكَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ[31].
وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ[32].
و منهم نصر بن قابوس اللخمي
فروي أنه كان وكيلا لأبي عبد الله عشرين سنة و لم يعلم أنه
الغيبة (للطوسي)/ كتاب الغيبة للحجة، النص، ص: 348
وكيل و كان خيرا فاضلا و كان عبد الرحمن بن الحجاج وكيلا لأبي عبد الله (عليه السلام) و مات في عصر الرضا (عليه السلام) على ولايته[33].
و منهم عبد الله بن جندب البجلي
و كان وكيلا لأبي إبراهيم و أبي الحسن الرضا (عليه السلام) و كان عابدا رفيع المنزلة لديهما على ما روي في الأخبار[34].
[و منهم صفوان بن يحيى و زكريا بن آدم و سعد بن سعد]
و منهم
مَا رَوَاهُ أَبُو طَالِبٍ الْقُمِّيُ[35] قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (عليه السلام) فِي آخِرِ عُمُرِهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ جَزَى اللَّهُ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيَى وَ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ وَ زَكَرِيَّا بْنَ آدَمَ وَ سَعْدَ بْنَ سَعْدٍ عَنِّي خَيْراً فَقَدْ وَفَوْا لِي وَ كَانَ زَكَرِيَّا بْنُ آدَمَ مِمَّنْ تَوَلَّاهُمْ.
وَ خَرَجَ [فِيهِ][36] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) ذَكَرْتَ مَا جَرَى مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ فِي الرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً فَقَدْ عَاشَ أَيَّامَ حَيَاتِهِ عَارِفاً بِالْحَقِّ قَائِلًا بِهِ صَابِراً مُحْتَسِباً [لِلْحَقِ][37] قَائِماً بِمَا يَجِبُ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ عَلَيْهِ وَ مَضَى رَحِمَهُ اللَّهُ غَيْرَ نَاكِثٍ وَ لَا مُبَدِّلٍ فَجَزَاهُ اللَّهُ أَجْرَ نِيَّتِهِ وَ أَعْطَاهُ جَزَاءَ سَعْيِهِ[38].
و أما محمد بن سنان
فإنه
رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الثَّانِيَ (عليه السلام) يَذْكُرُ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ بِخَيْرٍ وَ يَقُولُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِرِضَائِي عَنْهُ فَمَا خَالَفَنِي وَ مَا خَالَفَ أَبِي قَطُّ[39].
الغيبة (للطوسي)/ كتاب الغيبة للحجة، النص، ص: 349
و منهم عبد العزيز بن المهتدي القمي الأشعري
خَرَجَ فِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قُبِضْتَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ قَدْ عَرَفْتَ الْوُجُوهَ الَّتِي صَارَتْ إِلَيْكَ مِنْهَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ وَ لَهُمُ الذُّنُوبَ وَ رَحِمَنَا وَ إِيَّاكُمْ وَ خَرَجَ فِيهِ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذَنْبَكَ وَ رَحِمَنَا وَ إِيَّاكَ وَ رَضِيَ عَنْكَ بِرِضَائِي عَنْكَ[40].
و منهم علي بن مهزيار الأهوازي
رجال النجاشي – فهرست أسماء مصنفي الشيعة؛ ص: 328
حمد بن سنان أبو جعفر الزاهري
من ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي، كان أبو عبد الله بن عياش يقول: حدثنا أبو عيسى محمد بن أحمد بن محمد بن سنان قال: هو محمد بن الحسن بن سنان مولى زاهر توفي أبوه الحسن و هو طفل و كفله جده سنان فنسب إليه، و قال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد إنه روى عن الرضا عليه السلام قال: و له مسائل عنه معروفة، و هو رجل ضعيف جدا لا يعول عليه و لا يلتفت إلى ما تفرد به، و قد ذكر أبو عمرو في رجاله قال: أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري (النيشابوري) قال: قال أبو محمد الفضل بن شاذان: لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان. و ذكر أيضا أنه وجد بخط أبي عبد الله الشاذاني أني سمعت العاصمي يقول: إن عبد الله بن محمد بن عيسى الملقب ببنان قال: كنت مع صفوان بن يحيى بالكوفة في منزل إذ دخل علينا محمد بن سنان فقال صفوان: إن هذا ابن سنان لقد هم أن يطير غير مرة فقصصناه حتى ثبت معنا، و هذا يدل على اضطراب كان و زال، و قد صنف كتبا، منها: كتاب الطرائف أخبرناه الحسين عن أبي غالب عن جده أبي طالب محمد بن سليمان عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عنه به، و كتاب الأظلة، و كتاب المكاسب، و كتاب الحج، و كتاب الصيد و الذبائح، كتاب الشراء و البيع، كتاب الوصية، كتاب النوادر. أخبرنا جماعة شيوخنا عن أبي غالب أحمد بن محمد عن عم أبيه علي بن سليمان عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عنه بها، و مات محمد بن سنان سنة عشرين و مائتين.
889 محمد بن الخليل (خليل) أبو جعفر السكاك
بغدادي يعمل السكك صاحب هشام بن الحكم و تلميذه
رجال النجاشي – فهرست أسماء مصنفي الشيعة، ص: 329
أخذ عنه. له كتب، منها: كتاب في الإمامة و كتاب سماه التوحيد و هو تشبيه و قد نقض عليه.
890 محمد بن سماعة بن موسى بن رويد بن نشيط الحضرمي
مولى عبد الجبار بن وائل بن حجر أبو عبد الله والد الحسن و إبراهيم و جعفر و جد معلى بن الحسن، و كان ثقة في أصحابنا وجها. له كتاب الوضوء، و كتاب الحيض، و كتاب الصلاة، و كتاب الحج، أخبرنا محمد بن جعفر، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن فنتي قال: حدثنا محمد بن سماعه بكتبه، و عن ابن سعيد، عن محمد بن مفضل بن إبراهيم، عنه بها.
________________________________________
نجاشى، ابو الحسن، احمد بن على، رجال النجاشي – فهرست أسماء مصنفي الشيعة، در يك جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم – ايران، 1407 ه ق
رجال الكشي؛ ص: 502
963 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُولَوَيْهِ، قَالَ حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْقُمِّيِّ، قَالَ، سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الثَّانِيَ (عليه السلام) يَذْكُرُ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيَى وَ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ بِخَيْرٍ، وَ قَالَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِرِضَايَ عَنْهُمَا فَمَا خَالَفَانِي قَطُّ، هَذَا بَعْدَ مَا جَاءَ عَنْهُ فِيهِمَا مَا قَدْ سَمِعْتَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا.
رجال الكشي، ص: 503
964 عَنْ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ الْقُمِّيِّ، قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي (عليه السلام) فِي آخِرِ عُمُرِهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: جَزَى اللَّهُ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيَى وَ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ وَ زَكَرِيَّا بْنَ آدَمَ عَنِّي خَيْراً فَقَدْ وَفَوْا لِي وَ لَمْ يَذْكُرْ سَعْدَ بْنَ سَعْدٍ، قَالَ، فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ مُوَفَّقاً، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ مَوْلَايَ ذَكَرَ صَفْوَانَ وَ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ وَ زَكَرِيَّا بْنَ آدَمَ وَ جَزَاهُمْ خَيْراً، وَ لَمْ يَذْكُرْ سَعْدَ بْنَ سَعْدٍ! قَالَ، فَعُدْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: جَزَى اللَّهُ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيَى وَ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ وَ زَكَرِيَّا بْنَ آدَمَ وَ سَعْدَ بْنَ سَعْدٍ عَنِّي خَيْراً فَقَدْ وَفَوْا لِي.
965 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قُولَوَيْهِ، قَالَ حَدَّثَنِي سَعْدٌ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ، أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) كَانَ لَعَنَ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيَى وَ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ، فَقَالَ: إِنَّهُمَا خَالَفَا أَمْرِي، قَالَ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) لِمُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْبَحْرَانِيِّ تَوَلَّ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيَى وَ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ فَقَدْ رَضِيتُ عَنْهُمَا.
966 وَ عَنْهُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ، قَالَ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عليه السلام) مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ فِي غَنَمٍ قَدْ غَابَ عَنْهَا رِعَاؤُهَا بِأَضَرَّ فِي دِينِ الْمُسْلِمِ مِنْ حُبِّ الرِّيَاسَةِ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ صَفْوَانُ لَا يُحِبُّ الرِّيَاسَةَ.
967 مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنِي
رجال الكشي، ص: 504
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْقُمِّيِّ، قَالَ، سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَذْكُرُ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيَى وَ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ بِخَيْرٍ، وَ قَالَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِرِضَايَ عَنْهُمَا، فَمَا خَالَفَانِي وَ مَا خَالَفَا أَبِي (عليه السلام) قَطُّ، بَعْدَ مَا جَاءَ فِيهِمَا مَا قَدْ سَمِعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.
________________________________________
كشّى، ابو عمرو، محمد بن عمر بن عبد العزيز، رجال الكشي، در يك جلد، مؤسسه نشر دانشگاه مشهد، مشهد – ايران، 1490 ه ق
رجال الكشي؛ ص: 506
كَ.
مَا رُوِيَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ
977 ذَكَرَ حَمْدَوَيْهِ بْنُ نُصَيْرٍ، أَنَّ أَيُّوبَ بْنَ نُوحٍ، دَفَعَ إِلَيْهِ دَفْتَراً فِيهِ
رجال الكشي، ص: 507
أَحَادِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، فَقَالَ لَنَا: إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَكْتُبُوا ذَلِكَ فَافْعَلُوا! فَإِنِّي كَتَبْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ وَ لَكِنْ لَا أَرْوِي لَكُمْ أَنَا عَنْهُ شَيْئاً، فَإِنَّهُ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ: كُلَّمَا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ لَمْ يَكُنْ لِي سَمَاعٌ وَ لَا رِوَايَةٌ إِنَّمَا وَجَدْتَهُ.
978 مُحَمَّدِ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُمِّيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ، كُنَّا عِنْدَ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، فَذَكَرَ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ فَقَالَ، إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ كَانَ مِنَ الطَّيَّارَةِ فَقَصَصْنَاهُ.
979 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمْدَوَيْهِ، سَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ شَاذَانَ، يَقُولُ: لَا أَسْتَحِلُّ أَنْ أَرْوِيَ أَحَادِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، وَ ذَكَرَ الْفَضْلَ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ: أَنَّ مِنَ الْكَاذِبِينَ الْمَشْهُورِينَ ابْنَ سِنَانٍ وَ لَيْسَ بِعَبْدِ اللَّهِ.
980 أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، رُدُّوا أَحَادِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ! وَ قَالَ: لَا أُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَرْوُوا أَحَادِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِّي مَا دُمْتُ حَيّاً، وَ أَذِنَ فِي الرِّوَايَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو: قَدْ رَوَى عَنْهُ الْفَضْلُ وَ أَبُوهُ وَ يُونُسُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْعُبَيْدِيُّ
رجال الكشي، ص: 508
وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ابْنَا سَعِيدٍ الْأَهْوَازِيَّانِ وَ ابْنَا دَنْدَانٍ وَ أَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ وَ غَيْرُهُمْ، مِنَ الْعُدُولِ وَ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ مَكْفُوفَ الْبَصَرِ أَعْمَى فِيمَا بَلَغَنِي.
981 وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّاذَانِيِّ، أَنِّي سَمِعْتُ الْعَاصِمِيَّ، يَقُولُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْأَسَدِيَّ الْمُلَقَّبَ بِبُنَانٍ، قَالَ، كُنْتُ مَعَ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى بِالْكُوفَةِ فِي مَنْزِلٍ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، فَقَالَ صَفْوَانُ: هَذَا ابْنُ سِنَانٍ لَقَدْ هَمَّ أَنْ يَطِيرَ غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَصَصْنَاهُ حَتَّى ثَبَتَ مَعَنَا. وَ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ أَيْضاً قَالَ، كُنَّا نَدْخُلُ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ، فَكَانَ يَنْظُرُ إِلَيْنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، وَ يَقُولُ: مَنْ أَرَادَ الْمُعْضِلَاتِ فَإِلَيَّ، وَ مَنْ أَرَادَ الْحَلَالَ وَ الْحَرَامَ فَعَلَيْهِ بِالشَّيْخِ، يَعْنِي صَفْوَانَ بْنَ يَحْيَى.
982 حَدَّثَنِي حَمْدَوَيْهِ، قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ، دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام) قَبْلَ أَنْ يُحْمَلَ إِلَى الْعِرَاقِ بِسَنَةٍ، وَ عَلِيٌّ ابْنُهُ (عليه السلام) بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ! قُلْتُ لَبَّيْكَ، قَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ حَرَكَةٌ وَ لَا تَخْرُجُ مِنْهَا، ثُمَّ أَطْرَقَ وَ نَكَتَ الْأَرْضَ بِيَدِهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ وَ هُوَ يَقُولُ وَ يُضِلُّ اللّٰهُ الظّٰالِمِينَ وَ يَفْعَلُ .. مٰا يَشٰاءُ، قُلْتُ وَ مَا ذَاكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ: مَنْ ظَلَمَ ابْنِي هَذَا حَقَّهُ وَ جَحَدَ إِمَامَتَهُ مِنْ بَعْدِي كَانَ كَمَنْ ظَلَمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ حَقَّهُ وَ إِمَامَتَهُ مِنْ بَعْدِ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله)، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ قَدْ نَعَى إِلَيَّ نَفْسَهُ وَ دَلَّ عَلَى ابْنِهِ، فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَئِنْ
رجال الكشي، ص: 509
مَدَّ اللَّهُ فِي عُمُرِي لَأُسَلِّمَنَّ إِلَيْهِ حَقَّهُ وَ لَأُقِرَّنَّ لَهُ بِالْإِمَامَةِ، أَشْهَدُ أَنَّهُ مِنْ بَعْدِكَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَ الدَّاعِي إِلَى دِينِهِ، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ يَمُدُّ اللَّهُ فِي عُمُرِكَ وَ تَدْعُو إِلَى إِمَامَتِهِ وَ إِمَامَةِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَقُلْتُ وَ مَنْ ذَاكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ، قُلْتُ بِالرِّضَى وَ التَّسْلِيمِ، فَقَالَ: كَذَلِكَ قَدْ وَجَدْتُكَ فِي صَحِيفَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أَمَا إِنَّكَ فِي شِيعَتِنَا أَبْيَنَ مِنَ الْبَرْقِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ الْمُفَضَّلَ أُنْسِي وَ مُسْتَرَاحِي، وَ أَنْتَ أُنْسُهُمَا وَ مُسْتَرَاحُهُمَا، حَرَامٌ عَلَى النَّارِ أَنْ تَمَسَّكَ أَبَداً، يَعْنِي أَبَا الْحَسَنِ وَ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ).
________________________________________
كشّى، ابو عمرو، محمد بن عمر بن عبد العزيز، رجال الكشي، در يك جلد، مؤسسه نشر دانشگاه مشهد، مشهد – ايران، 1490 ه ق
رجال الكشي؛ ص: 542
11 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ أَبُو عَلِيٍّ الْبَيْهَقِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أَمَّا مَا سَأَلْتَ مِنْ ذِكْرِ التَّوْقِيعِ الَّذِي خَرَجَ فِي الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، أَنَّ مَوْلَانَا (عليه السلام) لَعَنَهُ بِسَبَبِ قَوْلِهِ بِالْجِسْمِ: فَإِنِّي أُخْبِرُكَ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَ إِنَّمَا كَانَ مَوْلَانَا (عليه السلام) أَنْفَذَ إِلَى نَيْسَابُورَ
رجال الكشي، ص: 543
وَكِيلًا مِنَ الْعِرَاقِ، كَانَ يُسَمَّى أَيُّوبُ بْنُ النَّابِ، يَقْبِضُ حُقُوقَهُ، فَنَزَلَ بِنَيْسَابُورَ عِنْدَ قَوْمٍ مِنَ الشِّيعَةِ مِمَّنْ يَذْهَبُ مَذْهَبَ الِارْتِفَاعِ وَ الْغُلُوِّ وَ التَّفْوِيضِ، كَرِهْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ، فَكَتَبَ هَذَا الْوَكِيلُ: يَشْكُو الْفَضْلَ بْنَ شَاذَانَ، بِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنِّي لَسْتُ مِنَ الْأَصْلِ، وَ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ إِخْرَاجِ حُقُوقِهِ، وَ كَتَبَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ أَيْضاً إِلَى الْأَصْلِ: الشِّكَايَةَ لِلْفَضْلِ، وَ لَمْ يَكُنْ ذَكَرُوا الْجِسْمَ، وَ لَا غَيْرَهُ، وَ ذَلِكَ التَّوْقِيعُ خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمَعْرُوفِ بِالدِّهْقَانِ بِبَغْدَادَ فِي كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ الْبَيْهَقِيِّ، وَ قَدْ قَرَأْتُهُ بِخَطِّ مَوْلَانَا عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ التَّوْقِيعُ هَذَا: الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ مَا لَهُ وَ لِمَوَالِيَّ يُؤْذِيهِمْ وَ يُكَذِّبُهُمْ! وَ إِنِّي لَأَحْلِفُ بِحَقِّ آبَائِي لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، عَنْ هَذَا لَأَرْمِيَنَّهُ بِمَرْمَاةٍ لَا يَنْدَمِلُ جُرْحُهُ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا وَ لَا فِي الْآخِرَةِ. وَ كَانَ هَذَا التَّوْقِيعُ بَعْدَ مَوْتِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ بِشَهْرَيْنِ فِي سَنَةِ سِتِّينَ، وَ مِائَتَيْنِ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ كَانَ بِرُسْتَاقِ بَيْهَقَ فَوَرَدَ خَبَرُ الْخَوَارِجِ فَهَرَبَ مِنْهُمْ فَأَصَابَهُ التَّعَبُ مِنْ خُشُونَةِ السَّفَرِ فَاعْتَلَّ وَ مَاتَ مِنْهُ، وَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ.
1029- وَ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ يَرْوِي عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ، وَ صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى، وَ الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَاسِطِيُّ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، وَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَهْلٍ، وَ عَنْ أَبِيهِ شَاذَانَ بْنِ الْخَلِيلِ، وَ أَبِي دَاوُدَ الْمُسْتَرِقِّ، وَ عَمَّارِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، وَ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، وَ عَلِيِّ
رجال الكشي، ص: 544
بْنِ الْحَكَمِ، وَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَاصِمٍ، وَ أَبِي هَاشِمٍ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ، وَ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ، وَ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ. وَقَفَ بَعْضُ مَنْ يُخَالِفُ لِيُونُسَ وَ الْفَضْلَ، وَ هِشَاماً قَبْلَهُمْ، فِي أَشْيَاءَ، وَ اسْتَشْعَرَ فِي نَفْسِهِ بُغْضَهُمْ وَ عَدَاوَتَهُمْ وَ شَنْأَتَهُمْ، عَلَى هَذِهِ الرُّقْعَةِ، فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَ فَتَحَ عَيْنَيْهِ، وَ قَالَ يُنْكِرُ طَعْنَنَا عَلَى الْفَضْلِ! وَ هَذَا إِمَامُهُ قَدْ أَوْعَدَهُ وَ هَدَّدَهُ، وَ كَذَّبَ بَعْضَ وَصْفِ مَا وَصَفَ، وَ قَدْ نَوَّرَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَمَّا الرُّقْعَةُ: فَقَدْ عَاتَبَ الْجَمِيعَ وَ عَاتَبَ الْفَضْلَ خَاصَّةً وَ أَدَّبَهُ، لِيَرْجِعَ عَمَّا عَسَى قَدْ أَتَاهُ مَنْ لَا يَكُونُ مَعْصُوماً. وَ أَوْعَدَهُ: وَ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، بَلْ تَرَحَّمَ عَلَيْهِ فِي حِكَايَةِ بُورَقٍ، وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ الثَّانِيَ وَ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) ابْنَهُ بَعْدَهُ قَدْ أَقَرَّ أَحَدَهُمَا وَ كِلَاهُمَا صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى وَ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ وَ غَيْرُهُمَا لَمْ يَرْضَ بَعْدُ عَنْهُمَا وَ مَدَحَهُمَا. وَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَضْلُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ بِمَكْرُوهٍ بَعْدَ الْعِتَابِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ الرُّقْعَةَ وَ جَمِيعَ مَا كَتَبَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدَةَ: كَانَ مَخْرَجُهُمَا مِنَ الْعَمْرِيِّ وَ نَاحِيَتِهِ، وَ اللّٰهُ الْمُسْتَعٰانُ
________________________________________
كشّى، ابو عمرو، محمد بن عمر بن عبد العزيز، رجال الكشي، در يك جلد، مؤسسه نشر دانشگاه مشهد، مشهد – ايران، 1490 ه ق
تذكرة الفقهاء (ط – الحديثة)؛ ج7، ص: 17
فإنّ السند لا يخلو من ضعف، فإنّ الحديث الذي رواه حذيفة بن منصور عن الصادق عليه السلام، قال: «أنزل اللّٰه فرض الحجّ على أهل الجدة في كلّ عام» «1» في طريقه محمد بن سنان و فيه قول.
________________________________________
حلّى، علامه، حسن بن يوسف بن مطهر اسدى، تذكرة الفقهاء (ط – الحديثة)، 14 جلد، مؤسسه آل البيت عليهم السلام، قم – ايران، اول، 1414 ه ق
نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام؛ ج1، ص: 107
العلّامة في المختلف لمّا أورد ذلك على نفسه: ان قد بيّنا رجحان العمل برواية محمّد بن سنان في كتاب الرجال، و الذي اختاره في الخلاصة، التوقف فيما يرويه لا رجحان العمل بقوله.
________________________________________
عاملى، محمد بن على موسوى، نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام، 2 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم – ايران، اول، 1411 ه ق
رجال العلامة – خلاصة الأقوال؛ ص: 251
ا و الوجه عندي التوقف فيما يرويه فإن الفضل بن شاذان ره قال في بعض كتبه إن من الكذابين المشهورين ابن سنان و ليس بعبد الله و رفع أيوب ابن نوح إلى حمدويه دفترا فيه أحاديث محمد بن سنان فقال إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا فإني كتبت عن محمد بن سنان و لكني لا أروي لكم عنه شيئا فإنه قال قبل موته كل ما حدثتكم به لم يكن لي سماعا و لا رواية و إنما وجدته و نقل عنه أشياء أخر ردية ذكرناها في كتابنا الكبير
مختلف الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج7، ص: 31
لا يقال: في طريقه محمد بن سنان، و فيه قول.
لأنّا نقول: قد بيّنّا رجحان العمل برواية محمد بن سنان في (كتاب الرجال).
مختلف الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج7، ص: 146
فالجواب: ضعف الرواية، فإنّ في طريقها محمد بن سنان.
والرواية الثانية صحيحة لأن الظاهر تعليق سندها على سند الرواية الاولى فيكون الراوي لهذه الرواية عن عبد الله بن الصلت هو احمد بن محمد بن عيسى الذي كان احد رواته، كما أن الرواية الثالثة صحيحة بناء على وثاقة احمد بن الهلال العبرتائي.
ولأجل ذلك ذكر العلامة الحلي في رجاله أنه قد اختلف علماؤنا في شأنه فالشيخ المفيد “ره” قال إنه ثقة، وأما الشيخ الطوسي “ره” فإنه ضعفه وكذا قال النجاشي وابن الغضائري قال إنه ضعيف غال لايلتفت إليه وروى الكشي فيه قدحا عظيما وأثنى عليه أيضا، والوجه عندي التوقف فيما يرويه، فإن الفضل بن شاذان “ره” قال في بعض كتبه إن من الكذابين المشهورين ابن سنان وليس بعبد الله ودفع أيوب ابن نوح إلى حمدويه دفترا فيه أحاديث محمد بن سنان فقال إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا فإني كتبت عن محمد بن سنان و لكني لاأروي لكم عنه شيئا فإنه قال قبل موته كل ما حدثتكم به لم يكن لي سماعا ولارواية وإنما وجدته[43]
وقد ذكر صاحب الوسائل أن الذي يقتضيه النظر أن تضعيفه أنما هو من ابن عقدة الزيدي، و في قبوله نظر، و قد صرح النجاشي بنقل التضعيف عنه، و كذا الشيخ، و لم يجزما بضعفه،ووثقه أيضا ابن طاوس، والحسن بن علي بن شعبة وغيرهما، ورجح ابن طاوس في فلاح السائل مدحه وتوثيقه[44]،
وقد ذكر بعض الاجلة أن التضعيف حيث يحتمل عادة أن يكون ناشئا عن نكات راجعة الى مثل ما رمي في بعض الكلمات بالغلو، حيث كانوا يعتبرون ذلك موجبا للضعف والطعن، فلا يعارض التوثيقات المستفادة من تنصيص الرجاليين واكثار الاجلاء الرواية عنه.
اقول: قد عرفت أنه ورد في حقه الرمي بالكذب بل ذكروا أنه من الكذابين، وقد ذكر الشيخ الطوسي (انه مطعون عليه ضعيف جدا، وما يستبد بروايته ولايشركه فيه غيره لايعمل عليه) فان كان الاشكال في اعتقاده فهل هو اسوء حالا من ابن ابي حمزة البطائني الواقفي الملعون الذي ذكر الشيخ في العدة عمل الطائفة برواياته.
وقد ذكر السيد الخوئي “قده” ان المتحصل من الروايات أن محمد بن سنان كان من الموالين، فإن ثبت فيه شيء من المخالفة، فقد زال ذلك وقد رضي عنه المعصوم (عليه السلام)، ولأجل ذلك عده الشيخ الطوسي “ره” في كتاب الغيبة ممن كان ممدوحا حسن الطريقة[45] ولولا أن ابن عقدة والنجاشي والشيخ والمفيد وابن الغضائري ضعفوه، وأن الفضل بن شاذان عده من الكذابين لتعين العمل برواياته، ولكن تضعيف هؤلاء الأعلام يسدّنا عن ذلك، ولأجل ذلك لايمكن الاعتماد على توثيق مثل الشيخ المفيد إياه في الارشاد، وما قد يقال (من إن محمد بن سنان لابد من الاعتماد على رواياته لروايات الأجلة عنه، كما تقدم عن الكشي، فلامناص من حمل التضعيف في كلام من ضعفه على التضعيف من جهة نسبة الغلو إليه، لامن جهة الضعف في نفسه، و أما عد الفضل محمد بن سنان من الكذابين المشهورين فلايمكن تصديقه، إذ كيف يجتمع ذلك مع رواية الأجلاء عنه، و كيف يمكن أن يروي الأجلاء عمن هو مشهور بالوضع و الكذب) ففيه أن حمل التضعيف في كلامهم على ما ذكر خلاف ظاهر كلماتهم، بل هو خلاف ما صرح به الشيخ في التهذيبين كما مر، و أما رواية الأجلاء عمن هو معروف بالكذب و الوضع فليست بعزيزة، فقد روى عن محمد بن علي الكوفي الصيرفي أبي سمينة غير واحد من الأجلاء، على ما يأتي في ترجمته، كأحمد بن أبي عبد الله، و والده محمد بن خالد، و محمد بن أبي القاسم ماجيلويه، و محمد بن أحمد بن داود، و محمد بن أحمد بن خاقان، و غيرهم[46].
وعليه فسند الرواية ضعيف بمحمد بن سنان.
وأما تقريب الاستدلال بها فهو أن المستفاد من قوله “و لا يؤخرها…” أنه لو أتى بالظهر في هذا الوقت و أخّر العصر فقد فاتته الصلاتان معا، أما العصر فواضح، و أما الظهر فلأجل إيقاعها في الوقت المختص بالعصر الذي هو بمثابة الوقوع في خارج الوقت.
وفيه أنه لا يستفاد منه أكثر من أنه عند ضيق الوقت عن ادراك اكثر من اربع ركعات في الوقت فقد فاتته الظهر، ولو اتى بها في ضيق الوقت فلايمنع ذلك من فوت اداء الظهر، وأنه يجب عليه الاتيان بالعصر، ولكنه اخص من قول المشهور بالوقت المختص، اذ اولا: لا تدل على الوقت المختص بالظهر في اول الوقت، وثانيا: انه لو كان قد اتى بالعصر في سعة الوقت نسيانا او خطأ وبعدها لم يبق قبل الغروب الا مقدار اربع ركعات فلاتدل الرواية على أنه لا يجب عليه اداء الظهر في ذلك الوقت.
نعم لو تم سند الرواية لكانت دليلا على وجوب الاتيان بالعصر في ضيق الوقت، وهذا خلاف مقتضى القاعدة، اذ بناء على اطلاق دليل شرطية الترتيب بين الظهر والعصر، (وعمدته رواية القاسم بن عروة عن عبيد بن زارة قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت الظهر و العصر فقال: اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعا الا أن هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس) لهذا الفرض، فيتعين الاتيان بالظهر والا فلو اتى بالعصر كانت باطلة لفقد شرط الترتيب، وان لم يكن له اطلاق باعتبار انصرافه الى فرض وجوب الاتيان بكليهما فيكون مخيرا بينهما بملاك التزاحم، وان كان قد ذكر السيد الخوئي “قده” أن مقتضى اعتبار قبلية الظهر أنّ الظهر لا تزاحم العصر في هذا الوقت، بل يسقط أمرها و يتعين صرف الوقت في صلاة العصر فحسب، و بعبارة اخرى: لا يعقل بقاء الأمر بالصلاتين معاً في هذا الوقت لعدم سعته، و حينئذ فإما أن يكون مأموراً بصلاة العصر فقط، أو بالظهر فقط، أو بهما معاً على البدل و على سبيل التخيير بعد وضوح عدم سقوط الصلاة عنه رأساً، لكن الأخيرين ساقطان قطعاً، إذ مضافاً إلى تسالم الأصحاب على عدم وجوب الظهر حينئذ لا تعييناً و لا تخييراً، لا يمكن الالتزام به في نفسه، فان كل جزء من الوقت و إن كان صالحاً في حدّ ذاته لكل واحدة من الصلاتين، و لا تزاحم الشريكة صاحبتها في شيء منه كما سبق إلا أنهما لمّا كانتا منبسطتين على مجموع الوقت على صفة الترتيب فاختصاص الأربع الأخيرة بصلاة العصر هو لازم الانبساط و التقسيط المزبور و من مقتضياته بطبيعة الحال، فلا جرم ينتهي بذلك وقت الظهر و يتعين صرف الوقت في العصر. و تعضده النصوص الواردة في الحائض الناطقة بأنّها تصلي العصر إذا طهرت عنده كما تقدم[47].
وفيه أن مقتضى اطلاق الترتيب هو بعدية العصر لا قبلية الظهر فيلزم كون العصر بعد الظهر، ومعه فمقتضى القاعدة سقوط الامر بالعصر لعدم التمكن من الاتيان بها صحيحا، وما اشار اليه من النصوص الواردة في الحائض فقد مر معارضتها مع ما دل على لزوم اتيانها بالظهر ايضا ولزوم حملها على التقية.
نعم يمكن الاستدلال لوجوب الاتيان بالعصر بصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن نام رجل أو نسي أن يصلي المغرب و العشاء الآخرة- فإن استيقظ قبل الفجر- قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما- و إن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة- و إن استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح- ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس[48].
الرواية الثالثة:
رواية القاسم بن عروة عن عبيد بن زارة سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت الظهر و العصر فقال: اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعا الا أن هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس[49].
وقد مر الكلام حول سند الرواية، وأنه وان لم يكن للقاسم بن عروة توثيق خاص، لكن يمكن اثبات وثاقته برواية ابن ابي عمير عنه، كما أنه رواها الصدوق باسناده الى عبيد بن زرارة، لكن في طريقه حكم بن مسكين، و هو ايضا لم يوثق في كتب الرجال ووقوعه في طريق كتاب كامل الزيارات لا يفيد بعد اختصاص التوثيق العام فيه بالمشايخ بلا واسطة لابن قولويه، نعم هو ثقة عندنا لكونه من مشايخ ابن ابي عمير والبزنطي.
وأما دلالتها فقد حكي عن السيد البروجردي “قده” أنه قال: الظاهر أنّ المراد بالقبليّة، القبليّة بحسب الوقت، لأنّ الترتيب بين الصلاتين ممّا لم يكن محتاجا إلى البيان، بعد كونه ضروريّا عند جميع المسلمين، و حينئذ فقوله “إلّا أنّ هذه قبل هذه” لم يكن مسوقا لبيان اعتبار الترتيب، بل المقصود به أنّ وقت صلاة الظهر يدخل قبل دخول وقت صلاة العصر، فتكون هذه الجملة بمنزلة الاستثناء للصدر[50].
وفيه أن ما ذكر خلاف الظاهر جدا، فان ظاهر الرواية أنه لا فرق بين الظهر والعصر في دخول وقتهما بزوال الشمس، وانما الفرق بينهما في كون الاتیان بالعصر بعد الاتيان بالظهر، وتقدير الوقت في قوله “الا أن هذه قبل هذه” خلاف الظاهر، وذكر هذا الفرق تبعا واستطرادا لبيان كون وقت العصر ايضا من الزوال عرفي، وان فرض كونه من الواضحات، كما ان التعبير عن اشتراط كون العصر بعد الظهر بكون الظهر قبل العصر عرفي.
فالانصاف ظهور هذه الرواية في كون الوقت من اوله مشتركا بين الظهر والعصر، وكذا بمثل موثقة زرارة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) أحب الوقت إلى الله عز و جل أوله حين يدخل وقت الصلاة فصل الفريضة- فإن لم تفعل فإنك في وقت منهما حتى تغيب الشمس[51]، بضم عدم احتمال الفصل بين آخر الوقت مع اوله.
انما الكلام في أنه هل يوجد جمع عرفي بينها وبين الروايات التي استدل بها على قول المشهور كمرسلة داود بن فرقد ورواية الحلبي، ام المعارضة مستقرة بينهما، فالظاهر وجود الجمع العرفي بينهما حيث يحمل العرف رواية القاسم بن عروة على كونها بصدد نفي قول العامة من انقضاء وقت صلاة الظهر ببلوغ الظل مثل الشاخص و ابتداء وقت العصر من حينه، لا ما ذكره السيد الخوئي “قده” من كون مقتضى الجمع العرفي بينها حمل رواية داود بن فرقد على كون الوقت الفعلي لصلاة العصر في الحالات المتعارفة التي تعني الذكر والالتفات هو بعد مضي مقدار اربع ركعات من زوال الشمس، ونكتة ذلك رعاية شرط الترتيب، واستبعاد كون الوقت المختص نسبيا اي مقدار ما يحتاج اليه لاداء صلاة الظهر بلحاظ حال المكلف في ذلك اليوم، من السفر والحضر والتعب وعدم التعب وطلاقة اللسان وعدمها فيوجب ذلك أنه لو صلى جماعة الظهر قبل الوقت سهوا ثم صلّوا العصر في اول وقت الظهر فتصح صلاة عصر بعضهم دون بعض، وكذا استبعاد أن لا يجوز الاتيان بصلاة العصر فورا بالنسبة الى من بدأ بصلاة الظهر باعتقاد دخول الوقت فدخل الوقت قبل تسليمه لصلاة الظهر، -فانه مقتضى اطلاق رواية داود بن فرقد فلا وجه لما عن الجواهر من أنه لا يظهر من روايات الوقت المختص-، ولكن هذا الاستبعاد ليس بمثابة ما يصلح للقرينية المتصلة كي يمنع من ظهور الخطاب ولا قرينة منفصلة قطعية او ظاهرة،كي توجب رفع حجية ظهوره، فالمهم ضعف سند رواية داود بن فرقد، وأما رواية الحلبي فضعيفة السند والدلالة كما مر آنفا.
ولو فرض تعارض الروايات وتكافؤها من حيث الدلالة فقد يقال بان ما دل على اشتراك الوقت بتمامه بين الظهر والعصر مستفيض حيث ورد ذلك في صحيحة زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ دَخَلَ الْوَقْتَانِ الظُّهْرُ وَ الْعَصْرُ[52]، ورواية عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ وَقْتِ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ- فَقَالَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ- دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ جَمِيعاً إِلَّا أَنَّ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ- ثُمَّ أَنْتَ فِي وَقْتٍ مِنْهُمَا جَمِيعاً حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ[53]، وموثقة زرارة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) أحب الوقت إلى الله عز و جل أوله حين يدخل وقت الصلاة فصل الفريضة- فإن لم تفعل فإنك في وقت منهما حتى تغيب الشمس[54]، وان كانت هذه الرواية دالة على الاشتراك في آخر الوقت، وروى الشيخ “ره” باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة اربع روايات بلسان أنه اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين، فقد روى عنه عن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ سَيَابَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وروى عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ السِّمْطِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام)، وروى عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ (عليه السلام) وروى عنه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام)[55]، والانصاف حصول العلم بصدور هذا المضمون، وان كان الراوي لهذه الروايات الاربعة مشتركا وهو الحسن بن محمد بن سماعة، لكن الكلام في ترجيحها على رواية داود بن فرقد، فان مجرد كون احد المتعارضين قطعي الصدور لا يوجب ترجيحه على معارضه الذي يكون ظني الصدور، وما ذكره السيد الخوئي “قده” من أنه يصير معارضه من الخبر المخالف للسنة القطعية فيشمله ما ورد في صحيحة ايوببنالحر من “ان كل حديث مردود الى الكتاب والسنة”، وفيه أن الظاهر من السنة قول النبي (صلى الله عليه وآله) او فعله او تقريره، ولميعهد استعمال السنة في الخبر القطعي الصدور.
نعم قد يقال بان مناسبة الحكم والموضوع تقتضي عدم الفرق بين الكلام الصادر عن النبي (صلى الله عليه وآله) او من الإمام (عليه السلام) اذ أي فرق في الكشف عن الحكم الشرعي بينه وبين الخبر الصادر عن الإمام عليهالسلام بعد ان كان كل منهما ظني الدلالة، نعم حيث لايكون الخبر الصادر عن النبي في معرض التقية فيكون قطعي الجهة، فلايمكن الغاء الخصوصية منه الى الخبر الصادر عن الإمام الذي يكون ظني الجهة، فيكون مقتضى الغاء الخصوصية هو التعدي الى كل خبر صادر عن المعصوم اذا كان قطعي الجهة.
نعم الظاهر كون روايات الوقت المشترك قطعية الجهة لمخالفتها للعامة كرواية داود بن فرقد، فتقدم على رواية داود بن فرقد مع فرض تكافؤ دلالتها مع تلك الروايات، لكن الاشكال في ان احراز تكافؤهما عرفا مشكل غايته عدم احراز الجمع العرفي بينهما فلا يحرز صدق المخالفة للسنة على رواية داود بن فرقد.
وكيف كان فبعد تعارض الروايات وتكافؤها فحيث لا يوجد عام فوقاني يرجع اليه فلابد من الرجوع الى الاصل العملي وهو عندنا اصل البراءة عن تقيد وقت العصر بخصوص مضي مقدار اربع ركعات من الزوال، وان ذكر السيد الخوئي “قده” في مثل المقام حكومة استصحاب عدم الوجوب عليها، حيث قال في بحث زكاة الفطرة أنه اذا شك في جواز اداء زكاة الفطرة من اول ليلة العيد او وجوب اداءه بعد طلوع الفجر من نهار يوم العيد، فلا يجوز التمسك باصل البراءة عن تقيد اداء زكاة الفطرة بكونه بعد طلوع الفجر لأن البراءة عن التقيد فرع إحراز أصل التكليف ليتعلّق الشكّ بقيده، و هو مشكوك في المقام، بل محكوم بالعدم بمقتضى الاستصحاب إلى مطلع الفجر، و عندئذٍ فيكون التقيّد باليوم قهريّاً و إن لم يكن شرطاً ملحوظاً في نفس الواجب، نظير الأمر بالصلاة بعد الزوال، فإنّه يستوجب تقيّدها بما بعد الوقت بطبيعة الحال، إذ لا معنى لكون شيء مصداقاً للواجب قبل أن يتعلّق به الوجوب كما هو ظاهر، فالمقام من موارد قاعدة الاشتغال حسبما عرفت دون البراءة[56].
و فيه: أن استصحاب عدم وجوب اداء زكاة الفطرة قبل طلوع فجر يوم العيد لا يثبت تقيد الواجب و لو قهرا بكونه بعد طلوع الفجر، فانه لازم عقلي له، و بعد بقاءه مشكوكا فتجري البراءة عنه بعد كون البراءة موجبة للتوسعة على المكلف.
وأما بالنسبة الى الوقت المختص لصلاة العصر فحيث ان ثمرته تظهر فيما لو اتى بالعصر في الوقت المشترك قبل الظهر نسيانا، فتذكر وقد بقي الى الغروب مقدار اربع ركعات فيقع الكلام في انه هل يجب عليه اداء صلاة الظهر في هذا الوقت ام لا، فلابد من البحث عن هذا الفرع فنقول: الصحيح عدم جريان استصحاب بقاء وقت الظهر لعدم جريان الاستصحاب الموضوعي في المقام الذي يكون من الشبهة الحكمية للوقت، بل ولو فرض كون المورد من الشبهة المفهومية للوقت لم يجر الاصل الموضوعي، وأما استصحاب بقاء الوجوب فقد اورد عليه في المستمسك بأنه لا يثبت القدرة على الأداء و صحتها أداء، فيكون المرجع أصل البراءة من وجوب اداء الظهر في هذا الوقت، هذا إذا جوزنا فعلها قضاء على تقدير القول بالاختصاص و إلا كان من الدوران بين المتباينين، للعلم بوجوب فعلها في باقي الوقت أداء أو في خارجه قضاء، فيجب الاحتياط[57].
اقول: المهم في الاشكال على استصحاب الوجوب كونه من قبيل الاستصحاب في الشبهة الحكمية وهو غير جار عندنا، والا فما ذكره من أنه لا يثبت القدرة على الأداء، قابل للجواب، فان حاصل هذا الاشكال هو ما يقال من أن متعلق الوجوب لعله كان هو الظهر قبل هذا الوقت ولا يكون وجوبه قابلا للتنجيز بعد انقضاء هذا الوقت لكونه غير مقدور، فيكون استصحابه من قبيل استصحاب وجوب الجامع بين المقدور القطعي وغير المقدور القطعي فيكون من قبيل الجامع بين ما يقبل التنجيز وما لا يقبله، فلا يصلح للمنجزية، لكن حاولنا في الاصول أن نجيب عنه بأنه وان كان الوقت قيدا في متلق الوجوب، لكن العرف يرى كون معروض الوجوب هو ذات الفعل ويكون الوقت ظرفا لثبوت الوجوب له، فاذا كان غسل الجمعة مثلا مقيدا بما قبل الزوال فمع ذلك العرف يقول كان غسل الجمعة مأمورا به قبل الزوال فيستصحب بقاء وجوبه الى ما بعد الزوال، فتأمل.
وأما أنه بعد فرض عدم جريان استصحاب الوجوب أجرى اصل البراءة عن وجوب اداء الظهر قبل الغروب في هذا الفرض، فالمفروض في كلامه تذكره لنسيان الظهر في ضيق الوقت اي مقدار اربع ركعات -او ركعة على الاقل- قبل الغروب ولكنه قد يكون تذكره في سعة الوقت فهنا يكون مقتضى البراءة جواز تأخير الظهر الى قبل الغروب بمقدار اربع ركعات، وهل تتعارض هذه البراءة مع البراءة عن وجوب الاتيان بها قبل الغروب ان تركها الى أن بقي الى الغروب مقدار اربع ركعات، فيه بحث وكلام تعرضنا اليه في بحث الاقل والاكثر الارتباطي[58].
نعم هذا المطلب لا يوجب اشكالا على اجراء البراءة عن اداء الظهر قبل الغروب بالنسبة الى المكلف الذي تذكر نسيان الظهر في ضيق الوقت، لكن ذكر في المستمسك (أنه بناء على عدم صحة الاتيان بقضاء الظهر في هذا الوقت بناء على الوقت المختص لا تجري هذه البراءة لوجود علم اجمالي منجز بين المتباينين فيجب الاحتياط باداءها في هذا الوقت وقضاءها بعد الغروب، الا أنه لا وجه للمنع من صحتها قضاء في هذا الوقت).
ولا يخفى اولا: أن ما ذكره مبني على منجزية العلم الاجمالي الذي يكون ترك احد طرفيه مستلزما للعلم التفصيلي بالتكليف في الطرف الآخر، وهو محل بحث ونقاش، وثانيا: انه بناء على كون الاداء والقضاء من العناوين القصدية فحتى لو صح قضاء الظهر في هذا الوقت يوجد علم اجمالي بين فعلين مختلفين، حيث يعلم اجمالا بوجوب اداءها في هذا الوقت او وجوب قضاءها، وهو منجز وان امكن الاحتياط فيه باتيان الظهر في هذا الوقت بقصد ما في الذمة، وان كان الصحيح عدم كون قضاء فريضة واداءها من العناوين القصدية، وأما ما ذكره من جواز الاتيان بالقضاء في هذا الوقت فالظاهر تماميته، ففي صحيحة زرارة عن ابي جعفر عليهالسلام أنه سئل عن رجل صلى بغير طهور أو نسي صلاة لميصلها أو نام عنها، فقال: يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فإذا دخل وقت الصلاة ولميتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت وهذه أحق بوقتها فليصلها فإذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضى، ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة كلها([59])، وكذ صحيحته الأخرى عنه انه قال اربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة: صلاة فاتتك فمتى ذكرتها أديتها([60])، هذا مضافا الى مسلكه من كون ظاهر الامر بالقضاء هو تعدد المطلوب اي تعلق وجوب بالظهر في لوقت وتعلق وجوب آخر بطبيعي الظهر، لا أنه يحدث بفوتها ملاك في اداءها خارج الوقت.
قول المختار
وعليه فالظاهر تمامية اجراء البراءة عن وجوب الاتيان بالظهر قبل الغروب في الفرض المذكور، مع الشك في كون مقدار اربع ركعات قبل الغروب وقتا مختصا للعصر حتى لمن أتى بالعصر قبل الظهر في الوقت المشترك سهوا، لكن المهم عدم وصول النوبة الى الاصل العملي بعد تمامية ادلة الوقت المشترك.
[8] – هنا كلام لا بأس بذكره وهو أنه في خوف ضيق الوقت الموجب للتيمم ذكروا أن موضوعه خوف فوت الوقت الاختياري اي ادراك تمام الركعات في الوقت، ولكن افتوا في المقام بأن موضوع وجوب المبادرة الى الاتيان بالعصر خوف فوت الوقت الاضطراري، فلو وثق بانه لو صلى الظهر ادرك ركعة من العصر في الوقت وجب عليه الاتيان بالظهر، و حيئنذ فقد يقال بأنه لو كان ظاهر قوله “فاذا خاف الوقت فليتيمم” هو خوف الوقت الاختياري فليكن قوله في المقام “ان خاف أن تفوته العصر بدأ بالعصر” مثله، وان كان ظاهرا في الوقت الشامل للوقت الاضطراري الثابت بقاعدة من ادرك ركعة من الصلاة فقد ادرك الصلاة، فلماذا اوجبوا التيمم على من يثق بأنه لو توضأ يدرك ركعة من الصلاة في الوقت، والحل أنه بعد أن كان ظاهر قوله “اذا قمتم الى الصلاة … فلم تجدو ماء فتيمموا” هو أن من لا يتمكن من الاتيان بالصلاة في الوقت مع الوضوء فيكون مأمورا بالصلاة مع التيمم، ومعه فيخرج عن موضوع قاعدة من ادرك، فانه يدرك تمام الركعات من الصلاة المأمور بها في حقه في الوقت، وأما في المقام فالمفروض أنه لا يسع الوقت الا لخمس ركعات، فيشمله قاعدة من ادرك جزما، وتفصيل الكلام فيه في محله،
[35] ( 3) قال النجاشيّ: عبد اللّه بن الصلت أبو طالب القمّيّ مولى بني تيم اللات بن ثعلبة، ثقة مسكون إلى روايته، روى عن الرضا عليه السلام، يعرف، له كتاب التفسير.
[58] – وخلاصة ما ذكرناه هناك أنه قد يجاب عنه إما بدعوى تنجز الاقل -و هو اصل اداء الظهر في المقام قبل الغروب بالمنجز التفصيلي، كما هو شأن الاقل في موارد دوران الامر بين الاقل و الاكثر، و فرض ارتفاع تنجزه بعد العمل بمقتضى البراءة عن الاكثر يكون من الخلف الواضح، و هذا هو الفارق بين فرض العلم بالوجوب قبل انقضاء وقت التمكن من الاحتياط باتيان الاكثر و فرض العلم بالوجوب بعده، حيث يتنجز الاقل بالعلم التفصيلي حين العلم بالحكم الفعلي الدائر بين الاقل و الاكثر.
وفيه أن التنجز التفصيلي تابع لانحلال العلم الاجمالي الى علم تفصيلي باشتغال العهدة بالاقل، وشك في اشتغال العهدة بالزائد، و هذا مختص بحال ما قبل طرو العجز عن الاكثر، فمن ترك الاحتياط بالاتيان بالاكثر الى أن عجز عنه فلا يعلم بوجوب الاقل عليه بعد ذلك، لأن وجوبه لو كان في ضمن وجوب الاكثر فقد سقطت فعليته او فاعليته بعد العجز عن الاكثر، و انما يكون طرفا للعلم الاجمالي بوجوب الاكثر او بقاء وجوب الاقل، او يجاب عنه بأنه لا اثر لجريان البراءة عن وجوب الاقل بعد العجز عن الاكثر، بعد افتراض تنجز التكليف عليه بسبب علمه به قبل طرو العجز عن الاكثر، حيث انه يعلم بأنه لو ترك الامتثال رأسا فيستحق عقابا واحدا على مخالفته القطعية للتكليف، و لا يستحق اكثر من ذلك، جرت البراءة عن وجوب الاقل بعد العجز عن الاكثر او لم تجر، و عليه فتجري البراءة عن وجوب الاكثر بلا معارض، نعم هذا البيان لا يتم الا على مسلك الاقتضاء، دون مسلك العلية، الذي لا يعترف بجريان الاصل بلا معارض في بعض اطراف العلم الاجمالي.
او يجاب عنه بأنه بناء على مسلك الاقتضاء تجري البراءة عن وجوب الاكثر بلا معارض، لأنّه بترك الاقل بعد ترك الاكثر يعلم بتحقق المخالفة القطعية إمّا بتركه أو بترك الأكثر قبله، فلا معنى لجريان البراءة عنه حتى يعارض البراءة عن وجوب الاكثر.
او يجاب عنه بأن البراءة عن الاكثر تثبت بمقتضى الاطلاق المقامي آثار الصحة الواقعية للاقل، و من جملة آثاره بقاء الامر بالاقل بعد ترك الاكثر الى أن عجز عنه، فيكون منتجزا بذلك، و لا تصل النوبة معه الى اجراء البراءة عنه.