فهرست مطالب

فهرست مطالب

تقریرات دروس خارج مدرسه فقهی امام محمد باقر علیه السلام

 

بسمه تعالی

 

رؤوس المطالب:

فصل في أوقات اليومية و نوافلها‌ 2

اول وقت الصلوة الظهر. 2

الروایات الدالة علی أن اول وقت الظهر يتأخر عن وقت الزوال. 3

وقت الفضیلة فی النوافل الظهر. 5

الزوال، وقت صلاة الظهر لكن الشارع اقتطع قطعة من اول وقت‌ الفريضة لنوافل الظهر. 6

منتهی وقت صلاة الظهر. 7

قول عدم جواز التأخير إلى ما بعد وقت الفضيلة من غير عذر. 7

قول شیخ المفید ره 7

قول شیخ الطوسی ره 7

ملاحظة الادلة. 8

الأدلة الدالة على وجوب الاتيان بالظهر في وقت الفضيلة اختيارا 8

الرواية الاولى: صحيحة ابن سنان. 9

الرواية الثانية: رواية ربعي.. 10

الرواية الثالثة: مرسلة الصدوق.. 10

الرواية الرابعة: رواية إبراهيم الكرخي.. 11

الايراد الاول: ما ذكره الشيخ الاعظم “قده”.. 11

الايراد الثاني: ما ذكره السيد الخوئي “قده”.. 12

الايراد الثالث: 12

الايراد الرابع: 13

الايراد الخامس: 15

الرواية الخامسة: 15

الرواية السادسة: ما في فقه الرضا: 16

الرواية السابعة: صحيحة أبان. 16

الرواية الثامنة: صحيحة الحلبي.. 17

الرواية التاسعة: موثقة أبي بصير. 17

الرواية العاشرة: ما رواه الصدوق في الأمالي.. 18

الرواية الحادية عشر: ما في نهج البلاغة. 18

الاقوى جواز تاخير صلاة الظهر الى قبيل غروب الشمس اختياراّ ما لم يعدّ تهاونا بالصلاة 19

أقوال اُخر فی آخر وقت الظهر للمختار. 20

قول الشيخ المفيد: بلوغ الظل سبعي الشاخص…. 20

قول ابن أبي عقيل: بلوغ الظلّ ذراعا واحدا، أو قدمين من ظلّ قامته. 20

قول التهذیب و النهایة: بلوغ الظل اربعة اسباع الشاخص…. 20

قول سید المرتضی و الحلبي: بلوغ الظل أربعة أسباع الشاخص…. 21

قول الشیخ فی المبسوط: بلوغ الظل مثل الشاخص…. 21

قول ابن البراج: بلوغ ظل كل شي‌ء مثله. 22

قول المختار: 22

منتهی وقت صلوة العصر. 23

قول المفید ره : آخر الوقت الاختياري اصفرار الشمس24

قول السيّد المرتضى: بلوغ الظلّ ستّة أقدام. 25

قول المشهور في آخر وقت فضيلة العصر: بلوغ الظلّ مثلي الشاخص…. 25

قول ابن أبي عقيل: أنّ ينتهي الظلّ ذراعين بعد زوال الشمس25

قول المختار: 26

 

 

 

 

فصل في أوقات اليومية و نوافلها‌

قال صاحب العروة: وقت الظهرين ما بين الزوال و المغرب،…

اول وقت الصلوة الظهر

اقول: أما مبدأ وقت الظهرين فهو زوال الشمس، ويدل عليه القرآن الكريم والروايات الكثيرة فقد قال تعالى “أقم الصلاة لدلوك الشمس” ودلوك الشمس زوالها، وفي صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر[1].

والزوال منتصف ما بين طلوع الشمس وغروبها ويعرف بشروع الفي‌ء في الازدياد بعد بلوغ الظل منتهى قصره، فان الشمس بعد شروقها تحدث ظلا للشاخص في ناحية المغرب، و كلما ارتفعت يقل الظلّ، وبعد بلوغه منتهى القصر يأخذ الفي‌ء في الازدياد في ناحية الجنوب بالنسبة إلى البلدان الواقعة في شمال خط الاستواء، و في ناحية الشمال بالنسبة إلى الواقعة في جنوبه، ولا يعتبر انعدام الظل بالمرة، نعم ما يكون قريبا من خط الاستواء كمكة و صنعاء و نحوهما ينعدم الظل فيه من أصله في يومين من أيام السنة، (7 خرداد و 24 تير) حيث تكون الشمس فيهما مسامتة للشاخص عند بلوغها دائرة نصف النهار، وهذا مما لا يحدث في مثل بلادنا مما تبعد عن خط الاستواء بأكثر من 5/23 درجة، فالعبرة حينئذ بزمان أخذ الظل في الرجوع بعد منتهى قصره، وهذا هو زوال الشمس الذي عبر عنه في الآية بدلوك الشمس فقال “أقم الصلاة لدلوك الشمس” وفسر دلوك الشمس في اللغة والروايات بزوالها.

الروایات الدالة علی أن اول وقت الظهر يتأخر عن وقت الزوال

ثم انه قد حدد في عدة من الروايات اول وقت الظهر بما يتأخر زمانا عن الزوال، كبلوغ الفيء القدم او القدمين، او الذراع الذي هو قدمان والقدم لوحظ بالنسبة الى ظل قامة الانسان ويكون بمقدار ُسبع ظله، والقدمان او الذراع بمقدار سُبعيه.

ولكن توجد قرينة على أنه لأجل الاتيان بنوافل الظهر، توضيح ذلك أنه ورد في معتبرة إسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن وقت الظهر، فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك إلا‌ في يوم الجمعة أو في السفر فانّ وقتها حين تزول[2].

وفي معتبرة ذريح المحاربي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سأل أبا عبد الله أناس و أنا حاضر إلى أن قال- فقال بعض القوم إنا نصلي الأولى إذا كانت على قدمين و العصر على أربعة أقدام فقال أبو عبد الله (عليه السلام) النصف من ذلك أحب إلي[3]، فجعلت تأخير الاتيان بالظهر بعد الزوال الى القدم احب من تأخيرها الى بلوغ قدمين.

وفي صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّٰه (عليهما السلام) أنّهما قالا: وقت الظهر بعد الزوال قدمان، و وقت العصر بعد ذلك قدمان[4].

وفي صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن وقت الظهر فقال ذراع من زوال الشمس و وقت العصر ذراعا من وقت الظهر- فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس- ثم قال إن حائط مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان قامة- و كان إذا مضى منه ذراع صلى الظهر- و إذا مضى منه ذراعان صلى العصر- ثم قال أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان- قلت لم جعل ذلك قال لمكان النافلة لك أن تتنفل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع- فإذا بلغ فيؤك ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النافلة و إذا بلغ فيؤك ذراعين- بدأت بالفريضة و تركت النافلة[5]، وفي صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: كان حائط مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل أن يظلل قامة- و كان إذا كان الفي‌ء ذراعا و هو قدر مربض عنز صلى الظهر- فإذا كان ضعف ذلك صلى العصر[6].

وفي معتبرة إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كان في‌ء الجدار ذراعا- صلى الظهر و إذا كان ذراعين صلى العصر- قال قلت: إن الجدار يختلف- بعضها قصير و بعضها طويل- فقال كان جدار مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يومئذ قامة، و إنما جعل الذراع و الذراعان- لئلا يكون تطوع في وقت فريضة[7].

والقرينة على ما ذكرنا من كون ذلك لأجل نوافل الظهر، استثناء يوم الجمعة والسفر حيث لا امر بالنوافل بعد الزوال، وكذا صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان- قلت لم قال لمكان الفريضة- لك أن تتنفل من زوال الشمس إلى أن تبلغ ذراعا- فإذا بلغت ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النافلة.

وفي رواية إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان- قال قلت: لم قال لمكان الفريضة- لئلا يؤخذ من وقت هذه و يدخل في وقت هذه[8].

وفي معتبرة وهيب بن حفص عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الصلاة في الحضر ثماني ركعات إذا زالت الشمس- ما بينك‌ و بين أن يذهب ثلثا القامة- فإذا ذهب ثلثا القامة بدأت بالفريضة[9].

وفي رواية السرائر نقلا من كتاب حريز عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنما جعلت القدمان و الأربع و الذراع و الذراعان وقتا لمكان النافلة[10].

وفي صحيحة عبد الله بن محمد قال: كتبت إليه جعلت فداك روى أصحابنا- عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام) أنهما قالا: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين- إلا أن بين يديها سبحة- إن شئت طولت و إن شئت قصرت و روى بعض مواليك عنهما- أن وقت الظهر على قدمين من الزوال- و وقت العصر على أربعة أقدام من الزوال- فإن صليت قبل ذلك لم يجزك- و بعضهم يقول يجزي و لكن الفضل في انتظار القدمين و الأربعة أقدام- و قد أحببت جعلت فداك أن أعرف موضع الفضل في الوقت فكتب القدمان و الأربعة أقدام صواب جميعا[11]

وقت الفضیلة فی النوافل الظهر

هذا وتكون نتيجة هذه الروايات أن الافضل بنوافل الظهر قبل ارتفاع الظل بمقدار قدم بالنسبة الى قامة الانسان اي سبعي الشاخص، ثم المبادرة الى صلاة الظهر بعده، ويليه في الفضل أن يأتي بالنوافل قبل ارتفاع الظل بمقدار قدمين او ذراع، والدليل على هذا الاختلاف في مراتب الفضل ما مر في معتبرة ذريح المحاربي من قوله “النصف من ذلك أحب إلي” وهذا لا ينافي ما ورد في معتبرة اسماعيل الجعفي وغيرها من أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يأتي بالظهر عند بلوغ الظل بمقدار قدمين والذراع، اذ لعله كان يراعي ضعفة الناس، وبقرينة معتبرة ذريح المحاربي نحمل صحيحة عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أفضل وقت الظهر قال ذراع بعد الزوال قال قلت: في الشتاء و الصيف سواء قال نعم[12]، على كونه الافضل بالنسبة الى تأخيرها الى ما بعد ذلك، وان كان الاتيان بها بعد بلوغ الفيئ مقدار قدمٍ افضل منه، فتأمل.

هذا ومن جهة أخرى صرح في صحيحة عبيد بن زرارة بأن الشتاء والصيف سواء، ويعارضها ما ورد في رواية الكشي في رجاله عن حمدويه (بن نصير وثقه الشيخ في رجاله) عن محمد بن عيسى عن القاسم بن عروة عن ابن بكير قال: دخل زرارة على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال- إنكم قلتم لنا في الظهر و العصر على ذراع و ذراعين- ثم قلتم أبردوا بها في الصيف فكيف الإبراد بها- و فتح ألواحه ليكتب ما يقول- فلم يجبه أبو عبد الله (عليه السلام) بشي‌ء- فأطبق ألواحه و قال إنما علينا أن نسألكم- و أنتم أعلم بما عليكم و خرج- و دخل أبو بصير على أبي عبد الله عليه السلام فقال إن زرارة سألني عن شي‌ء- فلم أجبه و قد ضقت من ذلك- فاذهب أنت رسولي إليه فقل- صل الظهر في الصيف إذا كان ظلك مثلك- و العصر إذا كان مثليك- و كان زرارة هكذا يصلي في الصيف- و لم أسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك- غيره و غير ابن بكير[13]، وبعد تساقطهما فيرجع الى اطلاقات تحديد افضلية تأخير الظهر الى القدم او الى الذراع مطلقا، بلا فرق بين الصيف والشتاء، نعم روى الشيخ في التهذيب بإسناده عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن محمد بن عبد الجبار عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن وقت صلاة الظهر في القيظ- فلم يجبني فلما أن كان بعد ذلك- قال لعمر بن سعيد بن هلال إن زرارة سألني- عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم أخبره- فحرجت من ذلك فأقرئه مني السلام- و قل له إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر- و إذا كان ظلك مثليك فصل العصر[14]، وهي مختصة بايام القيظ اي شدة الحر، فلا مانع من تقييد الاطلاقات بل وصحيحة عبيد بن زرارة بها، الا أن الاشكال في أن الظاهر وحدة الواقعة فيها وفي رواية الكشي، ومع تعارضهما في النقل فتسقطان عن الاعتبار.

ثم انه ورد في رواية عبيس (مجهول) عن حماد عن محمد بن حكيم (ثقة لرواية ابن ابي عمير كتابه) قال: سمعت العبد الصالح (عليه السلام) و هو يقول إن أول وقت الظهر زوال الشمس و آخر وقتها قامة من الزوال و أول وقت العصر قامة و آخر وقتها قامتان- قلت في الشتاء و الصيف سواء قال نعم[15]، فهي ناظرة الى آخر وقت فضيلة الظهر، فلا ربط لها بالمقام، نعم ما ورد في ذيلها من أن اول وقت العصر قامة منافٍ للروايات السابقة الدالة على أن اول وقت فضيلة العصر قدمان او اربعة اقدام -اي اربعة اسباع الشاخص- بعد الزوال، ولكنها ساقطة بضعف السند مضافا الى شذوذها ومخالفتها للروايات الكثيرة، وما صنعه صاحب الحدائق من حمل القامة فيها على الذراع بقرينة رواية محمد بن زياد عن خليل العبدي عن زياد بن عيسى عن علي بن حنظلة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في كتاب علي (عليه السلام) القامة ذراع و القامتان الذراعان[16]، فمما لا وجه له، فانها مضافا الى ضعف سندها أنها لا تدل على أن القامة اينما استعملت فهي بمعنى الذراع، كيف وقد ورد في بعض الروايات السابقة أن وقت الظهر بلوغ الفيئ ذراعا من القامة، ووقت العصر بلوغ ذراعين من القامة.

الزوال، وقت صلاة الظهر لكن الشارع اقتطع قطعة من اول وقت‌ الفريضة لنوافل الظهر

وكيف كان فظاهر مجموع هذه الروايات أن الزوال وان كان مبدأ وقت صلاة الظهر لكن الشارع اقتطع قطعة من اول وقت‌ الفريضة لنوافل الظهر، ولكن بحيث لو لم يرد الاتيان بها أو لم تكن مشروعة في حقّه كالمسافر فالافضل أن يصلي الظهر أوّل الزوال،

ويدل على هذه الافضلية مضافا الى بعض الروايات السابقة عمومات الحثّ على الاستباق الى الخيرات والمسارعة إلى مغفرة الرب، ويشهد لذلك رواية عمر بن حنظلة قال: كنت أقيس الشمس عند أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) فقال: يا عمر أ لا أُنبئك بأبين من هذا؟ قال قلت: بلى جعلت فداك، قال: إذا زالت الشمس فقد وقع وقت الظهر إلا أنّ بين يديها سبحة، و ذلك إليك، فإن أنت خففت فحين تفرغ من سبحتك، و إن طوّلت فحين تفرغ من سبحتك[17]، و موثقة محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن (عليه السلام) روي عن آبائك القدم و القدمين و الأربع و القامة و القامتين، و ظلّ مثلك و الذراع و الذراعين، فكتب (عليه السلام): لا القدم و لا القدمين، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين، و بين يديها سبحة و هي ثماني ركعات، فإن شئت طوّلت‌ و إن شئت قصّرت ثم صل الظهر فاذا فرغت كان بين الظهر و العصر سبحة و هي ثماني ركعات إن شئت طوّلت و إن شئت قصّرت ثم صل العصر[18].

وأما موثقة زرارة عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: صلى رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) بالناس الظهر و العصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة، و صلى بهم المغرب و العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق من غير علة في جماعة. و إنما فعل ذلك رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) ليتّسع الوقت على أُمته[19]، فهي ناظرة الى الجمع بين الظهرين والعشائين.

ثم انه يستفاد من صحيحة زرارة السابقة “فإذا بلغ فيؤك ذراعاً من الزوال بدأت بالفريضة و تركت النافلة، و إذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة و تركت النافلة” عدم الامر باداء نافلة الظهر بعد بلوغ الظل الذراع، فيقضيها بعد الاتيان بصلاة الظهر، و كذا الذراعان بالإضافة إلى العصر كما هو ظاهر.

منتهی وقت صلاة الظهر

هذا كله بلحاظ تحديد اول وقت صلاة الظهر والعصر، وأما بلحاظ تحديد منتهى وقتهما، فلا اشكال في أن الاتيان بصلاة الظهر والعصر اداء الى غروب الشمس، لكن وقع الخلاف في امور:

قول عدم جواز التأخير إلى ما بعد وقت الفضيلة من غير عذر

الامر الاول: المشهور على جواز التأخير اختيارا عن وقت فضيلتهما، ولكن ذهب جمع من الفقهاء الى أنه لا يجوز التأخير إلى ما بعد وقت الفضيلة من غير عذر، وان كان التأخير لا يوجب فوت الفريضة عن وقت اداءها،

قول شیخ المفید ره

فقد ذكر المفيد في المقنعة: و لكل صلاة من الفرائض الخمس وقتان أول و آخر فالأول لمن لا عذر له و الثاني لأصحاب الأعذار، و لا ينبغي لأحد أن يؤخر الصلاة عن أول وقتها و هو ذاكر لها غير ممنوع منها، فإن أخرها ثم اخترم في الوقت قبل أن يؤديها كان مضيعا لها، فإن بقي حتى يؤديها في آخر الوقت أو فيما بين الأول و الآخر منه عفي عن ذنبه في تأخيرها إن شاء الله[20]،

قول شیخ الطوسی ره

وقال الشيخ الطوسي في التهذيب: ان آخر الوقت وقت لصاحب العذر و الحاجة و أن من لا عذر له فوقته أول الوقت، ثم استدل بعدة روايات، وقال بعد ذلك: و ليس لأحد أن يقول إن هذه الأخبار إنما تدل على أن أول الأوقات أفضل و لا تدل على أنه يجب في أول الوقت لأنه إذا ثبت أنها في أول الوقت أفضل و لم يكن هناك منع و لا عذر فإنه يجب أن يفعل و متى لم يفعل و الحال على ما وصفناه استحق اللوم و التعنيف و لم يرد بالوجوب هاهنا ما يستحق بتركه العقاب لأن الوجوب على ضروب عندنا منها ما يستحق بتركه العقاب و منها ما يكون الأولى فعله و لا يستحق الإخلال به العقاب و إن كان يستحق به ضرب من اللوم و العتب[21].

وحكي القول بعدم جواز التأخير عن ابن ابي عقيل و أبي الصلاح الحلبي و ابن البراج والمحدث الكاشاني واختاره في الحدائق.

ملاحظة الادلة

وكيف كان فلابد من ملاحظة الادلة، ولا ريب ان مقتضى الاطلاقات الاولية هو قول المشهور من جواز التأخير عن وقت الفضيلة اختيارا، وقد استدل لمذهب المشهور بقوله تعالى “أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ”، بضميمة ما ورد في تفسيرها من أن ما بين الحدّين أعني الزوال و منتصف الليل أربع صلوات: الظهران‌ و العشاءان، فمقتضى إطلاق الآية أن كلّ جزء من هذه الأزمنة المتخللة صالح لإيقاع الصلاة فيه حتى اختياراً، غير أنه ثبت من الخارج عدم جواز تأخير الظهرين إلى ما بعد الغروب، كعدم جواز تقديم العشاءين عليه فيبقى الباقي تحت الإطلاق، و لعل في إفراد صلاة الفجر بالذكر بقوله تعالى “وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ” إيماءً إلى ذلك، و أنّ هذه الصلاة تمتاز عن غيرها في انقطاع وقتها عما عداها من حيث المبدأ و المنتهى بخلاف غيرها من باقي الصلوات فإنّ أوقاتها متصلة و الأزمنة مشتركة.

و استدل ايضا برواية القاسم بن عروة عن عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله (عليه السلام) إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعاً إلا أنّ هذه قبل هذه، ثم أنت في وقت منهما جميعاً حتى تغيب الشمس[22]، والقاسم بن عروة وان لم يرد في حقه توثيق خاص، لكن يكفي كونه من مشايخ ابن ابي عمير، كما أنه رواها الصدوق باسناده الى عبيد بن زرارة، لكن في طريقه حكم بن مسكين، و هو ايضا لم يوثق في كتب الرجال ووقوعه في طريق كتاب كامل الزيارات لا يفيد بعد اختصاص التوثيق العام فيه بالمشايخ بلا واسطة لابن قولويه، نعم هو ثقة عندنا لكونه من مشايخ ابن ابي عمير والبزنطي.

الأدلة الدالة على وجوب الاتيان بالظهر في وقت الفضيلة اختيارا

انما المهم ملاحظة الادلة التي اقيمت على وجوب الاتيان بالظهر في وقت الفضيلة اختيارا، وهي عدة روايات:

الرواية الاولى: صحيحة ابن سنان

الرواية الاولى: صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لكل صلاة وقتان، و أول الوقتين أفضلهما وقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا لكنه وقت من شغل أو نسي أو سها أو نام و وقت المغرب حين تجب الشمس إلى أن تشتبك النجوم و ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلا من عذر أو علة[23].

ونحوها صحيحته الأخرى قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لكل صلاة وقتان و أول الوقت أفضله و ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلا في عذر من غير علة[24].

وتقريب الاستدلال بهما أن ظاهر قوله “وليس لأحد…” هو عدم جواز التأخير الى الوقت الثاني الا لعذر، والتعبير ب‍أنه ليس لأحد أن يجعل الثاني وقتا، لا يعني النهي عن التعود على الصلاة فيه، بل لو صلى في بعض الأحيان في ذلك الوقت صدق انه جعل وقتا ولو بلحاظ ذاك اليوم، ويكفي في اثبات الحرمة قوله في الصحيحة الاولى “ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا” كما أن كون الوقت الاول افضلهما لا يكون قرينة على حمل هذا النهي على الكراهة، لأن كون شيء او شخص افضل لا يعني عدم لزوم تقديمه، بل قد يوجب ذلك تقديمه كما في لزوم تقديم الافضل للزعامة، على ما ورد في الروايات، وقد ورد في عهد امير المؤمنين لمالك الاشتر “اختر للحكم بين الناس افضل رعيتك”، على أنه يكفي في افضلية الوقت الاول على الثاني جواز الوقت الثاني للمعذورين، والوقت الاول افضل منه.

هذا وقد ذكر السيد الخوئي “قده” في تقريب الاستدلال بها أنّ المستفاد منها أن لكل صلاة وقتين، و أنّ لكل من الوقتين أوّلا وآخرا، واول كل وقت أفضل من آخره، و قد دلت الصحيحة صريحاً على المنع عن اتخاذ الوقت الثاني إلا في حال الاضطرار. فالمتحصل منها أنّ الوقت الأوّل للمختار و الثاني للمضطر و إن كان أول كل من الوقتين أفضل من آخره.

ثم أجاب عنه بأنّ حمل قوله “و أوّل الوقت أفضله” على ما ذكر غير صحيح، كيف و الوقت الأول ليس مبدؤه و هو الزوال أفضل مما بعده، بل الأفضل التأخير بمقدار القدم أو الذراع رعاية للنوافل، للأخبار المتقدمة الدالة على أن بين يديها سبحة كما مرّ، بل المراد أنّ الوقت الأوّل أفضل من الوقت الثاني، و على هذا فالصحيحة على خلاف المطلوب أدلّ، لدلالتها على اشتراك الوقتين في الفضيلة غير أنّ أوّلهما أفضل[25].

اقول: ادراجه حمل قوله “اول الوقت افضلهما” على أن اول الوقت الاول افضل من آخره، وأن اول الوقت الثاني افضل من آخره، في تقريب الاستدلال بالصحيحة على عدم جواز التأخير بلا عذر عن الوقت الاول انما هو لأجل دفع شبهة قرينيته على حمل النهي في ذيل الصحيحة على الكراهة، حيث يقال ان كون الوقت الاول افضل يدل على وجود الفضيلة في الوقت الثاني، ولذا انكر في الجواب هذا المعنى واستظهر كونه بمعنى أن الوقت الاول افضل من الوقت الثاني، وجعل قوله في صحيحته الأخرى “واول الوقتين افضلهما” مؤيدا له، فتكون الصحيحة من ادلة قول المشهور، والانصاف أن ما ذكره من كون ظاهره افضلية الوقت الاول من الوقت الثاني، هو الصحيح، وان كان لا فرق من هذه الجهة بين الصحيحتين، ولكن ليس استدلال صاحب الحدائق مبتنيا على حمل “اول الوقت افضلهما” على كون اول كل من الوقتين افضل من آخره، بل هو يرى عدم المنافاة بين كون الوقت الاول افضل من الوقت الثاني، واشتمال الوقت الآخر على الفضيلة مع لزوم اختيار الافضل بتقديم الوقت الاول في حال الاختيار.

والمهم في الجواب عن الاستدلال بالصحيحة هو دعوى ان احتفاف النهي عن التأخير الى الوقت الثاني بقوله “اول الوقت افضلهما” يمنع من انعقاد ظهوره في الحرمة، ويؤكد ما ذكرناه التعابير الواردة في الروايات والتي لا تناسب الحرمة، ففي رواية بكر بن محمد قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) لفضل الوقت الأول على الأخير خير للمؤمن من ولده و ماله، وفي صحيحة زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أصلحك الله وقت كل صلاة أول الوقت أفضل أو وسطه أو آخره فقال أوله قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن الله يحب من الخير ما يعجل، وفي رواية سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: الصلوات المفروضات في أول وقتها إذا أقيم حدودها أطيب ريحا من قضيب الآس حين يؤخذ من شجره في طيبه و ريحه و طراوته فعليكم بالوقت الأول، وفي رواية قتيبة الأعشى عن أبي عبد الله‌ (عليه السلام) قال: إن فضل الوقت الأول على الأخير كفضل الآخرة على الدنيا، و صحيحة زرارة قال قال أبو جعفر (عليه السلام) اعلم أن أول الوقت أبدا أفضل فتعجل الخير ما استطعت و أحب الأعمال إلى الله عز و جل ما دام العبد عليه و إن قل[26].

الرواية الثانية: رواية ربعي

الرواية الثانية: رواية ربعي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنا لنقدم و نؤخر و ليس كما يقال من أخطأ وقت الصلاة فقد هلك و إنما الرخصة للناسي و المريض و المدنف و المسافر و النائم في تأخيرها[27]، ولكنها ضعيفة السند بجهالة إسماعيل بن سهل، على أن من المحتمل كون قوله “من أخطأ…” الى آخر الرواية مقول القول الذي انكره.

الرواية الثالثة: مرسلة الصدوق

الرواية الثالثة: مرسلة الصدوق: قال الصادق (عليه السلام) أول الوقت رضوان الله و آخره عفو الله و العفو لا يكون إلا عن ذنب[28]، والظاهر أن الفقرة الأخيرة من كلام الصدوق، وهي غير صحيحة لان العفو قد يكون عن بعض الذنوب السابقة، ولا يكشف عن كون هذا التأخير ذنبا.

الرواية الرابعة: رواية إبراهيم الكرخي

الرواية الرابعة: رواية إبراهيم الكرخي (يمكن اثبات وثاقته برواية ابن ابي عمير كتابه) قال: سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) متى يدخل وقت الظهر قال إذا زالت الشمس فقلت متى يخرج وقتها فقال من بعد ما يمضي من زوالها أربعة أقدام إن وقت الظهر ضيق ليس كغيره قلت فمتى يدخل وقت العصر فقال إن آخر وقت الظهر هو أول وقت العصر، قلت: فمتى يخرج وقت العصر؟ فقال: وقت العصر إلى أن تغرب الشمس و ذلك من علة و هو تضييع، فقلت له: لو أنّ رجلًا صلى الظهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام، أ كان عندك غير مؤد لها؟ فقال: إن كان تعمّد ذلك ليخالف السنّة و الوقت لم يقبل منه، كما لو أنّ رجلًا أخّر العصر إلى قرب أن تغرب الشمس متعمداً من غير علة لم يقبل منه، إنّ رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) قد وقّت للصلوات المفروضات أوقاتاً و حدّ لها حدوداً في سنته للناس، فمن رغب عن سنّة من سننه الموجبات كان مثل من رغب عن فرائض اللّٰه[29].

وتقریب الاستدلال بها على وجوب الاتيان بصلاة الظهر قبل بلوغ الظل اربعة اسباع الشاخص ما ورد فيها من قوله ” فقلت متى يخرج وقتها فقال من بعد ما يمضي من زوالها أربعة أقدام إن وقت الظهر ضيق ليس كغيره” وقوله ” إن كان تعمد ذلك ليخالف السنة و الوقت لم يقبل منه” كما أنه يستفاد منها حرمة تأخير صلاة العصر الى قرب غروب الشمس من غير عذر لقوله “وهو تضييع” فان تضييع الصلاة عصيان لقوله تعالى حافظوا على الصلوات” كما يدل على عدم جواز التأخير قوله “لو أنّ رجلًا أخّر العصر إلى قرب أن تغرب الشمس متعمداً من غير علة لم يقبل منه”.

وقد يورد عليه عدة ايرادات:

الايراد الاول: ما ذكره الشيخ الاعظم “قده”

الايراد الاول: ما ذكره الشيخ الاعظم “قده” من أنّ المراد بوقت العصر في قوله “آخر وقت الظهر أوّل وقت العصر” ليس هو اول وقت إجزاء العصر إجماعا، فانه من زوال الشمس، فتعيّن أن يكون المراد اول وقت فضيلتها، فيقوى بذلك احتمال كون المراد بخروج وقت الظهر بمضيّ أربعة أقدام: خروج وقت فضيلتها أيضا، و ليس في ذيل الرواية ما ينافي هذا المعنى صريحا و إن توهّم منه في بادئ النظر[30].

وفيه أن قيام القرينة على كون المراد من اول وقت العصر اول وقت فضيلتها لا يقتضي حمل قوله “متى يخرج وقت الظهر” وقوله ” اخر وقت الظهر” على آخر وقت الفضيلة، على أنه لو فرض اجمال هذه الفقرة فلا يمنع عن الاستدلال بسائر الفقرات.

الايراد الثاني: ما ذكره السيد الخوئي “قده”

الايراد الثاني: ما ذكره السيد الخوئي “قده” من أن مورد الرواية تعمد مخالفة السنة والاعراض عنها، رغبة عما سنّه رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) و لا ريب في حرمة التأخير بهذا العنوان[31].

اقول: حيث انه لا يتعارف تأخير صلاة الظهر عن اربعة اسباع الشاخص بغرض مخالفة السنة فالظاهر من اللام قي قوله “ان كان تعمد ذلك ليخالف السنة” كونها لام العاقبة، ويعني ذلك أن تعمد تأخيرها بدون عذر يكون مخالفة للسنة والشاهد عليه عدم تكرار هذا التعبير في قوله بعد ذلك “لو أنّ رجلًا أخّر العصر إلى قرب أن تغرب الشمس متعمداً من غير علة لم يقبل منه” وتنظير الرغبة عن السنة الموجبة اي التي اوجبها النبي (صلى الله عليه وآله) دون ما ندب اليها بالرغبة عن فريضة الله ظاهر في كون الاتيان بالظهر قبل بلوغ الظل اربعة اسباع الشاخص سنة واجبة، والا فعدم الاتيان بالسنن المندوبة كصلاة الليل ولو اعتاد ذلك وتعمده او ترك النكاح لا يكون معصية، ونظير ترك فرائض الله، وأما تركها بداعي ترك السنة فهو امر غير متعارف.

الايراد الثالث:

ان المستفاد من عدة روايات جواز تأخير صلاة والعصر الى قبيل غروب الشمس فتكون قرينة على كون الامر بالمبادرة في هذه الرواية ونحوها من باب الاستحباب المؤكد، ففي صحيحة زرارة “قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أصلحك الله وقت كل صلاة أول الوقت أفضل أو وسطه أو آخره فقال أوله قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن الله يحب من الخير ما يعجل” فان بيان أن الله يحب من الخير ما يعجل لا يتناسب مع كون تاخيره معصية، وهكذا ورد في رواية القاسم بن عروة عن عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله (عليه السلام) إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعاً إلا أنّ هذه قبل هذه، ثم أنت في وقت منهما جميعاً حتى تغيب الشمس[32]، وظاهر قوله “ثم انت في وقت منهما حتى تغيب الشمس” أنك في سعة ومهلة من الاتيان بهما حتى تغرب الشمس وحمله كحمل بقية الخطابات المطلقة على كونه نارا الى فرض العذر كالمرض والسفر ليس من الجمع العرفي.

ولو فرض استقرار المعارضة بينها وبين تلك الروايات فلابد من تقديم تلك الروايات، لمخالفتها للعامة ففي كتاب المغني: واذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقتها وبهذا قال مالك والثوري والشافعي والاوزاعي، ونحوه قال ابو يوسف ومحمد و ابو ثور وداود، وقال عطاء لا تفريط للظهر حتى تدخل للشمس وقال طاووس وقت الظهر والعصر الى الليل، وحكي عن مالك وقت الاختيار الى أن يصير ظل كل شيء مثله ووقت الاداء الى أن يبقى من غروب الشمس قدر ما يصلى به الظهر، وقال ابو حنيفة الى وقت بلوغ الظل مثليه[33].

وفي كتاب الفقه على المذاهب الاربعة: اذا طال ظل الخشبة حتى صار مثلها بعد الظل الذي كان موجودا عند الزوال خرج وقت الظهر، والمالكية قالوا “هذا وقت الظهر الاختياري، أما وقته الضروري فهو من دخول وقت العصر الاختياري ويستمر الى الغروب”، ويبتدء وقت العصر من زيادة ظل الشيء عن مثله بدون أن يحتسب الظل الذي كان موجودا عند الزوال وينتهي الى غروب الشمس، والمالكية قالوا للعصر وقتان ضروري واختيارين وأما وقته الضروري فيبتدء باصفرار الشمس في الارض والجدران لا باصفرار عينها لانها لا تصفر حتى تغرب ويستمر الى الغروب وأما وقته الاختياري هو من زيادة الظل عن مثله ويستمر لاصفرار الشمس والحنابلة قسموا وقت العصر الى اختياري ينتهي اذا بلغ ظل كل شيء مثليه وضروري وهو الى غروب الشمس ويحرم عندهم ايقاع صلاة العصر في هذا الوقت الضروري وان كانت الصلاة اداء، والشافعية قالوا ينتهي الوقت الاختياري في العصر بصيرورة كل ظل مثليه[34]

الايراد الرابع:

ان هذه الرواية مبتلاة بالمعارضة مع ما دل على أن آخر وقت الظهر بلوغ الظل مثله مثل رواية يزيد بن خليفة (يمكن توثيقه برواية صفوان عنه) قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إن عمر بن حنظلة- أتانا عنك بوقت فقال إذا لا يكذب علينا- قلت ذكر أنك قلت إن أول صلاة افترضها الله- على نبيه (صلى الله عليه وآله) الظهر- و هو قول الله عز و جل أقم الصلٰاة لدلوك الشمس فإذا زالت الشمس لم يمنعك إلا سبحتك- ثم لا تزال في وقت إلى أن يصير الظل قامة- و هو آخر الوقت فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر فلم تزل في وقت العصر حتى يصير الظل قامتين- و ذلك المساء فقال صدق[35]، ويصعب الجمع بينهما بالحمل على اختلاف مراتب الفضيلة، كيف وقد ورد في رواية ابراهيم الكرخي أن من أخر الظهر عن ذلك اي عن يلوغ الظل اربعة اسباع الشاخص ليخالف السنة والوقت لم يقبل منه، مضافا الى أن هذا الحمل ينافي القول بوجوب المبادرة.

نعم قد يورد على رواية يزيد بن خيلفة أن ظاهرها كون آخر وقت الظهر بلوغ الظل مثله، وهذا موافق للعامة، و حملها على الوقت الاختياري بمعني عدم جواز التأخير عنه عمدا وبدون عذر، او حملها على كون المراد منها آخر وقت الفضيلة، حمل بلا قرينة عرفية.

ومثل رواية يزيد بن خليفة موثقة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتى جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمواقيت الصلاة- فأتاه حين زالت الشمس فأمره فصلى الظهر- ثم أتاه حين زاد الظل قامة فأمره فصلى العصر ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب- ثم أتاه حين سقط الشفق فأمره فصلى العشاء- ثم أتاه حين طلع الفجر فأمره فصلى الصبح- ثم أتاه من الغد حين زاد في الظل قامة- فأمره فصلى الظهر- ثم أتاه حين زاد من الظل قامتان فأمره فصلى العصر- ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب- ثم أتاه حين ذهب ثلث الليل فأمره فصلى العشاء- ثم أتاه حين نور الصبح فأمره فصلى الصبح- ثم قال ما بينهما وقت[36]. وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 137

زُرَارَةَ قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَا وَ حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ- فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ مَا تَقُولُ فِيمَا يَقُولُهُ زُرَارَةُ- وَ قَدْ خَالَفْتُهُ فِيهِ- فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) مَا هُوَ قَالَ- يَزْعُمُ أَنَّ مَوَاقِيتَ الصَّلَاةِ كَانَتْ مُفَوَّضَةً إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص- هُوَ الَّذِي وَضَعَهَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَمَا تَقُولُ أَنْتَ- قُلْتُ إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَاهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بِالْوَقْتِ الْأَوَّلِ- وَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ بِالْوَقْتِ الْأَخِيرِ- ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام) مَا بَيْنَهُمَا وَقْتٌ- فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَا حُمْرَانُ فَإِنَّ زُرَارَةَ يَقُولُ- إِنَّ جَبْرَئِيلَ إِنَّمَا جَاءَ مُشِيراً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص- وَ صَدَقَ زُرَارَةُ إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَى مُحَمَّدٍ ص- فَوَضَعَهُ وَ أَشَارَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ بِهِ.

________________________________________
عاملى، حرّ، محمد بن حسن، وسائل الشيعة، 30 جلد، مؤسسه آل البيت عليهم السلام، قم – ايران، اول، 1409 ه‍ ق

 

وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 158

ذَرِيحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ: أَتَى جَبْرَئِيلُ رَسُولَ اللَّهِ ص فَأَعْلَمَهُ مَوَاقِيتَ الصَّلَاةِ- فَقَالَ صَلِّ الْفَجْرَ حِينَ يَنْشَقُّ الْفَجْرُ- وَ صَلِّ الْأُولَى إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ- وَ صَلِّ الْعَصْرَ بُعَيْدَهَا- وَ صَلِّ الْمَغْرِبَ إِذَا سَقَطَ الْقُرْصُ- وَ صَلِّ الْعَتَمَةَ إِذَا غَابَ الشَّفَقُ- ثُمَّ أَتَاهُ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ أَسْفِرْ بِالْفَجْرِ فَأَسْفَرَ- ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ- حِينَ كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْعَصْرَ- وَ صَلَّى الْعَصْرَ بُعَيْدَهَا- وَ صَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ سُقُوطِ الشَّفَقِ- وَ صَلَّى الْعَتَمَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ- ثُمَّ قَالَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَقْتٌ

 

 

وقد حمل جماعة كالسيد الخوئي القامة في هذه الرواية على الذراع، ما رواه محمد بن زياد عن خليل العبدي عن زياد بن عيسى عن علي بن حنظلة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في كتاب علي (عليه السلام) القامة ذراع و القامتان الذراعان[37]، أو على اختلاف مراتب الفضيلة، و على اي حال فقد يستدل بهذه الرواية أيضاً على مدعى صاحب الحدائق، ولكنها مضافا الى اشكال المعارضة دلت على أن النبي “صلى اللّٰه عليه و آله” صلى في اليوم الثاني الظهر بعد القامة، فيعني ذلك عدم كون القامة حدا للاتيان بصلاة الظهر في غير حال العذر.

هذا وقد افتى المشهور بمضمون هذه الروايات ونحوها كصحيحة البزنطي قال سألته عن وقت صلاة الظهر و العصر- فكتب قامة للظهر و قامة للعصر[38]، حيث دلت على أن وقت الظهر قامة اي بلوغ الظل مثل الشاخص بعد أن حملوها على وقت الفضيلة، الا أن المهم معارضتها مع رواية ابراهيم الكرخي، ولذا علّق بعض السادة الاعلام على كلام صاحب العروة حيث قال “ووقت فضيلة الظهر من الزوال الى بلوغ الظل الحادث بعد الانعدام او بعد الانتهاء مثل الشاخص” فقال: على المشهور، ولا يبعد انتهاء وقت فضيلتها ببلوغ الظل اربعة اسباع الشاخص[39]، ومستنده رواية ابراهيم الكرخي التي عرفت ابتلاءها بالمعارضة، وسيأتي الكلام عنه، هذا ولعل منشأ اختلاف الروايات في ذلك رعاية التقية العملية للشيعة لا رعاية الامام (عليه السلام) للتقة في الافتاء، وقد ورد في رواية الكافي عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البجلي (قال عنه النجاشي ثقة ثقة) عن سالم أبي خديجة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سأله إنسان و أنا حاضر فقال ربما دخلت المسجد- و بعض أصحابنا يصلون العصر و بعضهم يصلي الظهر- فقال أنا أمرتهم بهذا لو صلوا على وقت واحد عرفوا فأخذوا برقابهم[40].

الايراد الخامس:

ان هذه المسألة عامة البلوى للمسلمين، فلو كان يجب الاتيان بصلاة الظهر قبل بلوع الظل اربعة اسباع الشاخص في غير المرض والسفر لبان وظهر ولم يذهب المشهور الى خلافه.

الرواية الخامسة:

صحيحة داود بن فرقد قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قوله تعالى إِنَّ الصَّلٰاةَ كٰانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتٰاباً مَوْقُوتاً‌ قال: كتاباً ثابتاً، و ليس إن عجّلت قليلًا أو أخّرت قليلًا بالذي يضرّك ما لم تضيّع تلك الإضاعة، فإن اللّٰه عز و جل يقول لقوم أَضٰاعُوا الصَّلٰاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَوٰاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا[41]، فاستجود في الحدائق كلام بعض المحدثين من أنه أريد التعجيل و التأخير اللذان يكونان في طول أوقات الفضيلة و الاختيار، لا اللذان يكونان خارج الوقت و أريد بالإضاعة التأخير عن وقت الفضيلة بلا عذر[42].

وقد اشكل عليه الاعلام كالسيد الخوئي “قده” بأن الظاهر أنّ المراد من تلك الإضاعة هو المعنى المعهود بين الراوي و الإمام (عليه السلام)، و هو لا يخلو عن أحد أمرين: إما الصلاة خارج الوقت أي بعد مغيب الشمس، أو تأخيرها إلى أوان اصفرارها بحيث يكون ذلك عادة له و وقتاً دائمياً يستمر عليه إعراضاً عن السنة و رغبة عنها، و الحرمة في كلا الفرضين ظاهرة، و هما أجنبيان عن محل البحث[43].

وقد ظهر الجواب عن هذا الايراد، فان ظاهر قوله “أخرت قليلا” هو أن التأخير الفاحش مضر بالمكلف، والاضرار في حد نفسه وان كان لا يلازم الحرمة بل قد يكون بنجو نقص الكمال، لكن الظاهر من تطبيق الآية كونه بنحو الحرمة، وحمل قوله “ما لم تضيع تلك الاضاعة” على تأخير الصلاة الى غروب الشمس لا يناسب قوله “أخرت قليلا” كما أن حمله على الاعراض عن السنة بمعنى الاعتياد على ترك السنة لا وجه له.

فلايبعد تمامية دلالة الرواية على عدم جواز التأخير الفاحش، لكن يرد عليها الايرادان الاخيران المذكوران على الاستدلال بالرواية السابقة.

الرواية السادسة: ما في فقه الرضا:

اعلم يرحمك الله أن لكل صلاة وقتين أول و آخر فأول الوقت رضوان الله و آخره عفو الله و نروي أن لكل صلاة ثلاثة أوقات أول و أوسط و آخر، فأول الوقت رضوان الله و أوسطه عفو الله و آخره غفران الله و أول الوقت أفضله و ليس لأحد أن يتخذ آخر الوقت وقتا و إنما جعل آخر الوقت للمريض و المعتل و المسافر[44]

وفي سنده ما لا يخفى، كما يتوجه عليه الايرادان الاخيران على الاستدلال بالرواية الرابعة.

الرواية السابعة: صحيحة أبان

الرواية السابعة: صحيحة أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: يا أبان الصلوات الخمس المفروضات من أقام حدودهنّ و حافظ على مواقيتهنّ لقي اللّٰه يوم القيامة و له عنده عهد يدخله به الجنة، و من لم يقم حدودهنّ و لم يحافظ على مواقيتهنّ لقي اللّٰه و لا عهد له إن شاء عذّبه و إن شاء غفر له[45].

وقد يجاب عنه بأن غايتها أنّ من حافظ على مواقيت الصلوات فله عند اللّٰه عهد أن يدخله الجنة المساوق لغفران معاصيه، و أما من لم يحافظ فليس هو مورداً لذلك العهد، و لم يكن دخوله الجنة حتمياً، بل إن شاء غفر له و أدخله الجنة، و إن شاء عذّبه على سائر معاصيه و لم يغفرها له، لا أنه يعذّبه على عدم المحافظة كي تكون معصية و حراماً.

ويمكن أن يقال انه يحتمل أن يكون المراد منها أن من لم يهتم بصلاته بحث قد تفوت منه رأسا او لا يهتم برعاية شرائط صحتها فلا عهد له من الله على أن لا يعذبه على ذلك.

الرواية الثامنة: صحيحة الحلبي

الرواية الثامنة: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: إذا صليت في السفر شيئاً من الصلوات في غير وقتها فلا يضرك[46]، بتقريب أن المراد جواز تأخير الصلوات عن وقتها الأوّل في السفر، فيكون مفهومها عدم جواز تأخير الصلاة عنه في الحضر.

وقد اجاب عنه السيد الخوئي “قده” بأنه لم يرد في الرواية أنه لا يضر تأخير الصلاة في السفر إلى غير وقتها، وانما ورد فيها أنه لا يضر إيقاع الصلاة في السفر في غير وقتها، وهذا يشمل التقديم و التأخير معاً، و حيث إن بعض النوافل يجوز تقديمها على الوقت للمسافر كصلاة الليل، فلتكن الصحيحة محمولة عليها، و لا سيما و أنها بمقتضى تنكير “شيئاً” في سياق الإثبات لا تدل على الحكم إلا على سبيل الموجبة الجزئية و لا تفيد العموم لجميع الصلوات لتشمل الفرائض.

على أنا لو سلّمنا عمومها بل صراحتها في أنّ تأخير الفرائض عن الوقت الأول لا يضر في السفر فلا تكاد تدل على أنه يضر في الحضر، إذ القضية الشرطية لا مفهوم لها في مثل المقام مما يكون من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع، بداهة أن انتفاء الشرط يعني أنه إذا لم تصلّ في السفر شيئاً من الصلوات في غير وقتها، لا ما اذا صليت في الحضر شيئا من الصلوات في غير وقتها.

نعم بناء على ما هو الصحيح من ثبوت المفهوم للوصف في الجملة حذراً عن اللغوية فلا جرم تدل الصحيحة على أنّ للسفر مدخلية في الحكم بعدم الضرر، و لكنه يكفي فيه الالتزام بوجود نوع من الحزازة و المنقصة في الإتيان في غير الوقت الأوّل في الحضر و انتفائه في السفر. و هذا كما ترى لا يقتضي إلا أفضلية الوقت الأوّل لا تعيّنه كما هو المدعى[47].

اقول: المهم أن مفهوم عدم الاضرار ليس هو الاضرار بمعنى الحرمة بل يجتمع مع مجرد المنقصة والتنزل عن الكمال.

الرواية التاسعة: موثقة أبي بصير

الرواية التاسعة: موثقة أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث: إن الصلاة إذا ارتفعت في أول وقتها[48] رجعت إلى صاحبها و هي بيضاء مشرقة تقول حفظتني حفظك اللّٰه، و إذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت إلى صاحبها و هي سوداء مظلمة تقول ضيّعتني ضيّعك اللّٰه[49].

فذكر السيد الخوئي “قده” أن الموجود في الكافي والوسائل “اول وقتها” وان كان المنقول في التهذيب والحدائق بدون “اول” و حيث أن الكافي أضبط فيقدّم، و عليه فلا دلالة لها على المدعى بوجه، ضرورة عدم وجوب إيقاع الصلاة في أوّل الوقت الأوّل، و لم يلتزم به حتى صاحب الحدائق نفسه، نعم بناء على نقل التهذيب فللاستدلال بها مجال، لكن يمكن المناقشة فيه ايضا بأن الوارد في الرواية التقييد بقوله “بغير حدودها” وإلا أنّ للمناقشة فيه أيضاً مجالًا واسعاً، نظراً إلى ما تضمنته من التقييد بغير الحدود، ولا اشكال في أن الصلاة التي وقع الاخلال بحدودها وشرائطها تكون باطلة وترجع سوداء مظلمة.

اقول: لا بأس بما ذكره وما قد يقال من أنه بناء عليه يلغو ذكر قوله “في غير وقتها” ففيه أنه يمكن أن يكون ذكره لابتلاء العامة به من تقديم الصلاة على وقتها الشرعي كما في صلاة المغرب عند المشهور.

الرواية العاشرة: ما رواه الصدوق في الأمالي

الرواية العاشرة: ما رواه الصدوق في الأمالي عن الحسين بن إبراهيم بن تاتانة (مجهول) عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللٰه (عليه السلام) من صلى الصلوات المفروضات في أول وقتها و أقام حدودها رفعها الملك إلى السماء بيضاء نقية و هي تهتف به تقول: حفظك اللّٰه كما حفظتني و أستودعك اللّٰه كما استودعتني ملكاً كريماً، و من صلاها بعد وقتها من غير علّة و لم يقم حدودها رفعها الملك سوداء مظلمة و هي تهتف به: ضيّعتني ضيّعك اللّٰه كما ضيّعتني، و لا رعاك اللّٰه كما لم ترعني[50].

والجواب عن نفس الجواب عن الرواية السابقة.

الرواية الحادية عشر: ما في نهج البلاغة

الرواية الحادية عشر: ما في نهج البلاغة فيما كتبه أمير المؤمنين (عليه السلام) لمحمد بن أبي بكر لمّا ولّاه مصر من قوله “ثم ارتقب وقت الصلاة فصلّها لوقتها، و لا تعجّل بها قبله لفراغ و لا تؤخّرها عنه لشغل، فانّ رجلًا سأل رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) عن أوقات الصلاة، فقال: أتاني جبرئيل (عليه السلام) فأراني وقت الظهر (الصلاة) حين زالت الشمس فكانت على حاجبه الأيمن، ثم أراني وقت العصر و كان ظل كلّ شي‌ء مثله، ثم صلّى المغرب إلى أن قال فصلّ لهذه الأوقات و الزم السنّة المعروفة و الطريق الواضح ….

و فيه: مضافاً إلى ضعف السند أنه قد يكون امرا ولائيا منه (عليه السلام) الى ولاته، وقد اشتمل على ما لم يقل بلزومه أحد من الامر بالإتيان بالظهر حين الزوال، وقد ورد فيه أنّ وقت العصر صيرورة ظل كل شي‌ء مثله، مع جواز الإتيان بها قبل ذلك اتفاقاً.

الاقوى جواز تاخير صلاة الظهر الى قبيل غروب الشمس اختياراّ ما لم يعدّ تهاونا بالصلاة

فتحصل عدم دلالة دليل واضح على لزوم الاتيان بالفرائض في حال الاختيار في وقتها الاول،

وأما ما في رواية معمّر بن عمر قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن‌ الحائض تطهر عند العصر تصلي الاولى؟ قال: لا، إنما تصلي الصلاة التي تطهر عندها، ورواية الفضل بن يونس قال: سألت أبا الحسن الأول (عليه السلام) قلت: المرأة ترى الطهر قبل غروب الشمس كيف تصنع بالصلاة؟ قال: إذا رأت الطهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلا تصلي إلا العصر، لأن وقت الظهر دخل عليها و هي في الدم، و خرج عنها الوقت و هي في الدم فلم يجب عليها أن تصلي الظهر، و ما طرح اللّٰه عنها من الصلاة و هي في الدم أكثر[51].

و فيه أنه لم يعمل بمضمونهما احد من فقهاءنا حتى صاحب الحدائق، لكون موردهما الضرورة، على أنهما معارضتان بمثل ما رواه الشيخ باسناده عن علي بن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الرحمن بن ابي نجران عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر و العصر و إن طهرت من آخر الليل فلتصل المغرب و العشاء[52]، والجمع بينهما وبينها بحملها على الاستحباب ليس عرفيا بعد أن كان احدهما دالا على خروج الوقت والآخر على بقاءه، وقد اشكل السيد الخوئي “قده” هنا في سند رواية ابن سنان بضعف سند الشيخ الى ابن فضال حيث ذكر في الفهرست أنه أخبرنا بجميع كتبه قراءة عليه أكثرها و الباقي إجازة أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير سماعا و إجازة عنه[53]، ولكنه عدل عن ذلك فصحح الرواية بتعويض سند النجاشي، حيث ذكر طريقين اليه احدهما نفس طريق الشيخ والثاني ما ذكره بقوله “أخبرنا محمد بن جعفر في آخرين عن أحمد بن محمد بن سعيد عن علي بن الحسن بكتبه[54]“، فقال ان ظاهر الطريق الثاني هو كونه الى نفس النسخ التي اخبره بها احمد بن عبدون عن علي بن الزبير عن ابن فضال، وحيث لا يحتمل ان ما اخبره به ابن عبدون من النسخ يختلف عما اخبر به ابن عبدون لشيخ الطوسي فيثبت سند صحيح الى ما رواه الشيخ عن كتب ابن فضال، ولكنه مبني على كون الاسناد الى نسخ الكتب وهذا غير واضح، لكن يكفينا احتمال كون كتب ابن فضال مشهورة، فتجري أصالة الحس في نقل الشيخ “ره”.

أقوال اُخر فی آخر وقت الظهر للمختار

وكيف كان فقد ظهر أن الاقوى جواز تاخير صلاة الظهر الى قبيل غروب الشمس ولو اختيارا ما لم يعدّ تهاونا بالصلاة، فلا يتم قول جماعة بخلاف ذلك، وهم على اقوال:

قول الشيخ المفيد: بلوغ الظل سبعي الشاخص

1- كون آخر وقت الظهر للمختار بلوغ الظل سبعي الشاخص، ففی المقنعة للشيخ المفيد “ره” ان وقت الظهر من بعد زوال الشمس إلى أن يرجع الفي‌ء سبعي الشخص… و لكل صلاة من الفرائض الخمس وقتان أول و آخر فالأول لمن لا عذر له و الثاني لأصحاب الأعذار، و لا ينبغي لأحد أن يؤخر الصلاة عن أول وقتها و هو ذاكر لها غير ممنوع منها فإن أخرها ثم اخترم في الوقت قبل أن يؤديها كان مضيعا لها فإن بقي حتى يؤديها في آخر الوقت أو فيما بين الأول و الآخر منه عفي عن ذنبه في تأخيرها إن شاء الله[55].

قول ابن أبي عقيل: بلوغ الظلّ ذراعا واحدا، أو قدمين من ظلّ قامته

و حكى في المختلف عن ابن أبي عقيل: أوّل وقت الظهر زوال الشمس إلى أن ينتهي الظلّ ذراعا واحدا، أو قدمين من ظلّ قامته بعد الزوال، فإذا جاوز ذلك فقد دخل الوقت الآخر، مع أنّه حكم أنّ الوقت الآخر لذوي الأعذار، فإن أخّر المختار الصلاة من غير عذر إلى آخر الوقت فقد ضيّع صلاته و بطل عمله، و كان عند آل محمد‌ (عليهم السلام) إذا صلّاها في آخر وقتها قاضيا لا مؤدّيا للفرض في وقته[56].

قول التهذیب و النهایة: بلوغ الظل اربعة اسباع الشاخص

2- ما في التهذيب من أنه بلوغ الظل اربعة اسباع الشاخص، حيث استدل على قوله برواية الكرخي[57] ، ونحوه ما ذكره في كتاب النهاية: آخر وقت‌ الظهر لمن لا عذر له، إذا صارت الشّمس إلى أربعة أقدام[58]، ونحوه ما عن كتاب عمل يوم وليلة.

قول سید المرتضی و الحلبي: بلوغ الظل أربعة أسباع الشاخص

وذكر الحلبي في الكافي في الفقه: أول الصلوات صلاة الظهر، و أول وقتها زوال الشمس، و علامة زوالها رجوع الظل، و آخر وقت المختار الأفضل أن يبلغ الظل سبعي الشاخص، و آخر وقت الاجزاء أن يبلغ الظل أربعة أسباعه، و تأخير المختار الصلاة عن وقته الى وقت المضطر تفريط معفو عن تفريطه مؤد غير قاضٍ[59]، ومن الغريب أنه ذكر أن آخر وقت المضطر أن يصير مثله.

هذا وقد نقل في المختلف هذا القول عن السيد المرتضى في مصباحه[60]، ولكن المعروف عنه والموجود في كتاب الناصريات والذي نسب اليه الشيخ هو امتداد وقته الى الغروب

قول الشیخ فی المبسوط: بلوغ الظل مثل الشاخص

3- كون آخر وقته بلوغ الظل مثل الشاخص، وهذا ما اختاره الشيخ “ره” في اكثر كتبه، ففي المبسوط: اذا زالت الشمس فقد دخل وقت فريضة الظهر و يختص به مقدار ما يصلى فيه أربع ركعات. ثم يشترك الوقت بعده بينه و بين العصر إلى أن يصير ظل كل شي‌ء مثله و روي حتى يصير الظل أربعة أقدام، و هو أربعة أسباع الشخص المنتصب. ثم يختص بعد ذلك بوقت العصر إلى أن يصير ظل كل شي‌ء مثليه فإذا صار كذلك فقد فات وقت العصر هذا وقت الاختيار، فأما وقت الضرورة فهما مشتركان فيه إلى أن يبقى من النهار ما يصلى فيه أربع ركعات فإذا صار كذلك اختص بوقت العصر إلى أن تغرب الشمس، و في أصحابنا من قال: إن هذا أيضا وقت الاختيار إلا أن الأول أفضل[61].

وذكر في الخلاف: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر، و يختص بها مقدار ما يصلى فيه أربع ركعات، ثم بعد ذلك مشترك بينه و بين العصر الى أن يصير ظل كل شي‌ء مثله، فاذا صار كذلك خرج وقت الظهر و بقي وقت العصر، و به قال الشافعي، و الأوزاعي، و الليث بن سعد و الثوري، و الحسن بن صالح بن حي، و أبو يوسف، و محمد، و أبو ثور، و أحمد بن حنبل الا أنهم قالوا: لا يدخل وقت العصر الا بعد أن يخرج وقت الظهر الذي هو ظل كل شي‌ء مثله، و قال قوم: وقت الظهر ممتد من حين الزوال الى غروب الشمس. و به قال عطاء و طاوس و مالك و اختاره المرتضى من أصحابنا و ذهب اليه قوم من أصحاب الحديث من أصحابنا.

دليلنا على صحة ما ذهبنا اليه: أن ما اعتبرناه لا خلاف أنه وقت للظهر و هو ما بين الزوال الى أن يصير ظل كل شي‌ء مثله و ما زاد عليه ليس على كونه وقتا دليل، فوجب الاحتياط و الأخذ بما قلناه. و قد تكلمنا على ما اختلف من روايات أصحابنا في هذا الباب في الكتابين المقدم ذكرهما[62].

وذكر في الاقتصاد: كل صلاة من الفرائض الخمس وقتان أول و آخر: فأول الوقت هو الأفضل، و هو وقت من لا عذر له. و الأخر وقت من له عذر، فأول وقت الظهر إذا زالت الشمس، و آخره إذا زاد الفي‌ء أربعة أسباع الشخص أو يصير ظل كل شي‌ء مثله[63].

و ذكر في الجمل و العقود: لكل صلاة وقتان: أول و آخر، فالأول: وقت من لا عذر له. و الثاني: وقت من له عذر، فأول وقت الظهر زوال الشمس، و آخره إذا صار ظل كل شي‌ء مثله[64].

قول ابن البراج: بلوغ ظل كل شي‌ء مثله

وذكر ابن البراج في المهذب: الظهر وله وقتان: اول وآخر فالاول زوال الشمس و الآخر ان يصير ظل كل شي‌ء مثله، و الثاني العصر و له وقتان: أول و آخر، فالأول حين الفراغ من فريضة الظهر، و الأخر ان يصير ظل كل شي‌ء مثليه، وأول الوقت وقت من لا عذر له، و آخره وقت ذوي الاعذار، و كل من صلى في الوقت كان مؤديا سواء كان في أوله أو في آخره ما لم يخرج الوقت[65].

قول المختار:

وكيف كان فالاظهر ما عليه كثير من الفقهاء كالسيد المرتضى في كتبه المعروفة وابن الجنيد، و سلّار، و ابن إدريس، و ابن زهرة، والعلامة من جواز التأخير اختيارا الى غروب الشمس، ، ويؤيده ما في التذكرة من أن آخر وقت العصر للفضيلة‌ اذا صار ظلّ كلّ شي‌ء مثليه، و للإجزاء إلى الغروب عند أكثر علمائنا[66]، حيث لا يحتمل الفرق فقهيا في هذا الحكم بين الظهر والعصر، وقد ادعى ابن زهرة وابن ادريس عليه الاجماع[67]، وان كان دعوى الاجماع في غير محله بعد مخالفة من عرفت، الا أنه يكفي في ما ادعيناه من أنه لو كان واجبا لبان واشتهر، مع غلبة الابتلاء به، مضافا الى ما مر من المناقشة في الروايات سندا او دلالة، وان كان الاحتياط المستحب المؤكد لزوم الاتيان بها في حال الاختيار قبل بلوغ الظل مثله، فانه القدر المتيقن من هذه الروايات بعد معارضتها، ودعوى أن الروايات الصادرة عن الامام الصادق (عليه السلام) حيث قامت قرينة على أن الامام كان فيها بصدد القاء الخلاف بين الشيعة كما سبق في بعض الروايات فلا تصلح لمعارضة مثل رواية ابراهيم الكرخي عن الكاظم (عليه السلام) التي دلت على عدم تأخير الظهر عن بلوغ الظل اربعة اسباع الشاخص، تمامية هذا البيان كفى في معارضة رواية الكرخي ما رواه الشيخ في التهذيب باسناده الصحيح عن الحسن بن محمد بن سماعة عن عبيس(هو العباس بن هشام أبو الفضل الناشري الأسدي عربي، ثقة، جليل في أصحابنا، كثير الرواية، كسر اسمه فقيل عبيس) عن حماد عن محمد بن حكيم (يمكن اثبات وثاقته برواية صفوان وابن ابي عمير والبزنطي عنه كما روى الكشي رواية يستفاد منها مدحه، ولذا قال السيد الخوئي “قده” انه ممدوح) قال: سمعت العبد الصالح (عليه السلام) و هو يقول إن أول وقت الظهر زوال الشمس و آخر وقتها قامة من الزوال و أول وقت العصر قامة و آخر وقتها قامتان قلت في الشتاء و الصيف سواء قال نعم[68].

وكذا صحيحة البزنطي قال: سألته عن وقت صلاة الظهر و العصر- فكتب قامة للظهر و قامة للعصر[69]، وهما موافقتان لرواية يزيد بن خليفة السابقة عن ابي عبد الله (عليه السلام)، وقد مر الاشكال في حمل القامة على الذراع بمقتضى ما ورد في بعض الروايات غير المعتبرة من أن القامة في كتاب علي (عليه السلام) بمعنى الذراع.

نعم يمكن أن يقال بأن هذه الروايات المتعارضة مع رواية ابراهيم الكرخي موافقة للعامة، فيكون الترجيح مع رواية الكرخي، فانه ذكر في كتاب المغني: واذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقت الظهر وبهذا قال مالك والثوري والشافعي والاوزاعي، ونحوه قال ابو يوسف ومحمد و ابو ثور وداود، وقال عطاء لا تفريط للظهر حتى تدخل للشمس وقال طاووس وقت الظهر والعصر الى الليل، وحكي عن مالك أن وقت الاختيار لصلاة الظهر الى أن يصير ظل كل شيء مثله ووقت اداءها الى أن يبقى من غروب الشمس قدر ما يصلى به الظهر، وقال ابو حنيفة الى وقت بلوغ الظل مثليه[70].

والمهم ما مر من قيام قرينة على جواز التأخير، ويكفي في ذلك ما رواه الشيخ في التهذيب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن موسى بن بكر عن زرارة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) أحب الوقت إلى الله عز و جل أوله حين يدخل وقت الصلاة فصل الفريضة- فإن لم تفعل فإنك في وقت منهما حتى تغيب الشمس[71].

هذا كله بلحاظ وقت الظهر.

منتهی وقت صلوة العصر

وأما بالنسبة الى صلاة العصر فالمشهور امتداد وقتها الاختياري الى غروب الشمس، ففي التذكرة: آخر وقت العصر للفضيلة‌ اذا صار ظلّ كلّ شي‌ء مثليه، و للإجزاء إلى الغروب عند أكثر علمائنا[72]، لكن ذهب جماعة الى أن وقتها في غير حالات العذر اقصر من ذلك، وقد يستدل على ذلك بما مر في رواية ابراهيم الكرخي من قوله ” فمتى يخرج وقت العصر؟ فقال: وقت العصر إلى أن تغرب الشمس و ذلك من علة و هو تضييع،…كما لو أنّ رجلًا أخّر العصر إلى قرب أن تغرب الشمس متعمداً من غير علة لم يقبل منه، إنّ رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) قد وقّت للصلوات المفروضات أوقاتاً و حدّ لها حدوداً في سنته للناس، فمن رغب عن سنّة من سننه الموجبات كان مثل من رغب عن فرائض اللّٰه[73]

والقائلون بهذا القول اختلفوا في وقته الاختياري على اقوال:

قول المفید ره : آخر الوقت الاختياري اصفرار الشمس

1- ما حكي عن المفيد من أن آخر الوقت الاختياري اصفرار الشمس، ومستنده موثقة أبي بصير قال أبو عبد اللّٰه (عليه السلام) إنّ الموتور أهله و ماله من ضيّع صلاة العصر، قلت: و ما الموتور؟ قال: لا يكون له أهل و لا مال في الجنة، قلت: و ما تضييعها؟ قال: يدعها حتى تصفر أو تغيب[74]. وقد ذكر السيد الخوئي “قده” بالنسبة الى موثقة ابي بصير ما محصله أن الاستدلال بها مبني على كون العطف ب‍ “او” كما نقله في الحدائق عن التهذيب، وهو الموافق لما في المحاسن وثواب الاعمال ومن لا يحضره الفقيه[75]، ولكن الموجود في التهذيب المطبوع الموافق لنقل صاحب الوسائل والاستبصار وعلل الشرايع العطف بالواو[76]، والصحيح هو العطف بالواو، لمسبوقية الغيبوبة بالاصفرار دائماً، فلا معنى لجعل الغاية كلا منهما برأسه كما يقتضيه العطف بأو، بل العبرة بأحدهما لا محالة، و يكون ذكر الآخر مستدركاً، أما إذا كان بالواو فالغاية إنما هي الاصفرار الذي‌ يصح إطلاق الغيبوبة عليه أيضاً من باب المجاز بالمشارفة، لقرب اصفرار الشمس من غيبتها، هذا مع أن المفروض حسب ما يستفاد من قوله “يدعها حتی…” عدم ترك الصلاة في الوقت رأساً، بل يصليها فيه غير أنّه يضيّعها من جهة المسامحة و التأخير، و هذا لا يناسب العطف بأو المستلزم لتركها فيه و إيقاعها خارج الوقت كما لا يخفى، و كيف ما كان، فهذه الموثقة على خلاف المطلوب أدلّ، لدلالتها على استحقاق المصلي آخر الوقت الجنة غير أنّ مقامه فيها وضيع، حيث إنه موتور لا مال و لا أهل له، بل هو كَلٌّ و ضيف على غيره الذي لا ريب في اشتماله على نوع من الخفة و المهانة، فليس عمله هذا إلا أنه مرجوح و ترك للأفضل قبال من يصليها أول الوقت المترتب عليه ذلك الثواب العظيم لا أنه عمل محرّم، كيف و لازمه العقاب و ترتب العذاب دون الجنة، و إن كانت في أدنى مراتبها كما هو ظاهر جدّاً[77].

اقول: ما ذكره من دلالتها على عدم لزوم المبادرة، حيث فرض في الرواية دخوله الجنة، لا وجه له، لأن مجرد العصيان لا يمنع من دخول الجنة، ولا يخفى أن لازم ما ذكره أنه لو فرض تمامية دلالة بقية الروايات في مورد صلاة العصر على لزوم المبادرة اليها فلابد من رفع اليد عن ظهورها لاجل هذه الرواية او لا اقل من معارضتها مع تلك الروايات، وهذا غير صحيح.

وحينئذ يمكن تتميم الاستدلال بالرواية بأن تضييع صلاة العصر مناف للامر بالمحافظة على الصلوات الظاهر في الوجوب، لكن المهم ما مر من قيام قرينة على عدم اللزوم ويكفي في ذلك مثل موثقة زرارة السابقة وأنه لو كان لبان.

قول السيّد المرتضى: بلوغ الظلّ ستّة أقدام

2- ما حكي عن السيّد المرتضى في بعض كتبه من أن وقتها للمختار إلى أن يصير الظلّ ستّة أقدام، وان كان الموجود في الناصريات وجمل العلم والعمل امتداد وقتها الى الغروب، ومستنده صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العصر على ذراعين فمن تركها حتى تصير على ستة أقدام فذلك المضيع[78].

ولكن لم يعلم كون التضييع فيها تضييع الصلاة بل لعله تضييع وقت الفضيلة، على انها معارضة بموثقة ابي بصير مضافا الى قيام القرينة كموثقة زرارة على عدم اللزوم، وأنه لو كان لبان.

قول المشهور في آخر وقت فضيلة العصر: بلوغ الظلّ مثلي الشاخص

3- ما ذكره الشيخ في جملة من كتبه كالمبسوط والخلاف والاقتصاد [79] وكذا القاضي ابن البراج و الحلبيّ و سلّار و ابن حمزة من أنه بلوغ الظلّ مثلي الشاخص، وهذا هو المشهور في آخر وقت فضيلة العصر، ومستنده ما مر من رواية محمد بن حكيم والبزنطي ويزيد بن خليفة، واتضح الجواب عنه ايضا.

قول ابن أبي عقيل: أنّ ينتهي الظلّ ذراعين بعد زوال الشمس

4- ما حكي عن ابن أبي عقيل من أنه إلى أنّ ينتهي الظلّ ذراعين بعد زوال الشمس، فاذا جاوز ذلك فقد دخل في الوقت الآخر[80]، ولعل مستنده رواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: صل العصر على أربعة أقدام[81]، ولكن لعلها ناظرة الى اول وقت فضيلة العصر كما ورد في عدة روايات تقدم نقلها.

هذا وفي رواية سليمان بن جعفر قال: قال الفقيه (عليه السلام) آخر وقت العصر ستة أقدام و نصف[82]، والمهم ضعف سندها، مضافا الى معارضتها لسائر الروايات ووجود قرينة على عدم الوجوب كموثقة زرارة.

قول المختار:

فالاظهر امتداد وقت العصر اختيارا الى غروب الشمس، وان كان الاحتياط المستحب المؤكد عدم تأخيرها عما هو المشهور من كونه آخر وقت فضيلة العصر وهو بلوغ الظل مثلي الشاخص.

 

 

 



[1] – وسائل الشيعة ج4ص 125

[2] – وسائل الشيعة ج4ص 144

[3] – وسائل الشيعة ج4ص 146

[4] – وسائل الشيعة ج4ص 144

[5] – وسائل الشيعة ج4ص 141

[6] – وسائل الشيعة ج4ص 141

[7] – وسائل الشيعة ج4ص 143

[8] – وسائل الشيعة ج4ص 146

[9] – وسائل الشيعة ج4ص 147

[10] – وسائل الشيعة ج4ص 148

[11] – وسائل الشيعة ج4ص 148

[12] – وسائل الشيعة ج 4ص 147

[13] – وسائل الشيعة، ج‌4، ص: 150‌

[14] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 144

 

[15] – وسائل الشيعة ج4ص148

[16] – وسائل الشيعةج4ص 148

[17] – وسائل الشيعة ج4ص 133

[18] – وسائل الشيعة ج4ص 134

[19] – وسائل الشيعة ج4ص 138

[20] – المقنعة ص 94

[21] – تهذيب الاحكام ج2ص39

[22] – وسائل الشيعة ج4ص 126

[23] – وسائل الشيعة ج4ص 208

[24] – وسائل الشيعة ج4ص 122

[25] – موسوعة الامام الخوئي ج11ص 92

[26] – راجع تهذيب الاحكام ج2ص 42

[27] – وسائل الشيعة ج4ص 139

[28] – من لا يحضره الفقيه ج1ص 217

[29] – تهذيب الأحكام ج‌2 ص 26

 

[30] – كتاب الصلاة ج1ص 57

[31] – موسوعة الامام الخوئي ج 11ص

[32] – وسائل الشيعة ج4ص 126

[33] – المغني ج 1 ص226

[34] – الفقه على المذاهب الاربعة ج1ص 183

[35] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 156

[36] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 157

[37] – وسائل الشيعةج4ص 148

[38] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 144

 

[39] – العروة الوثقى ج2ص 11

[40] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 137

[41] – وسائل الشيعة ج4ص 29

[42] – الحدائق ج6ص 92

[43] – موسوعة الامام الخوئي ج11ص96

[44] – فقه الرضا ص 71

[45] – وسائل الشيعة ص 107

[46] – وسائل الشيعة ج 4ص 168

[47] – موسوعة الامام الخوئي ج11ص 102

[48] – هكذا في اكثر نسخ الكافي والوسائل لكن في بعض نسخ الكافي والوافي والتهذيب “في وقتها”، فما عن السيد الخوئي من تقديم الكافي لكونه اضبط ان تم كبرويا فلا يتم تطبيقه على المقام لعدم ثبوت كون الكافي كذلك بعد كون بعض نسخه الموافق لنقل الوافي عنه بدون “اول”.

[49] – وسائل الشيعة ج4ص 108

[50] – وسائل الشيعة ج4ص 123

[51] – وسائل الشيعة ج2ص 361

[52] – وسائل الشيعة ج2ص 364

[53] – الفهرست ص 93

[54] – رجال النجاشي ص 259

[55] – المقنعة ص 92

[56] – مختلف الشيعة ج2ص 11

[57] – تهذيب الاحكام ج2ص 26

[58] – النهاية ص 58

[59] – الكافي في الفقه ص 137

[60] – مختلف الشيعة ج 2ص12

[61] – المبسوط ج 1ص 72

[62] – الخلاف ج1ص 257

[63] – الاقتصاد ص 256

[64] – الجمل والعقود ص 59

[65] – المهذب ج1ص 71 و69

[66] – الفقهاء ج‌2، ص: 308

[67] – غنية النزوع ص 72السرائر ج1ص 295

[68] – تهذيب الاحكام ج2 ص251

[69] – وسائل الشيعة ج4ص 153

[70] – المغني ج 1 ص226

[71] – وسائل الشيعة ج‌4 ص 154‌

[72] – الفقهاء ج‌2، ص: 308

[73] – تهذيب الأحكام ج‌2 ص 26

[74] – وسائل الشيعة ج4ص

[75] – المحاسن ج1ص 83و ثواب الاعمال ص 231ومن لا يحضره الفقيه ج1ص 218

[76] – تهذيب الاحكام ج 2ص257والاستبصار ج 1ص259والوسائل ج4ص 152وعلل الشرايع ج2ص 356

[77] – موسوعة الامام الخوئي ج11ص 96

[78] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 152

[79] – المبسوط ج1ص 72 الخلاف ج1ص269والاقتصاد ص 256

[80] – مختلف الشيعة ج2ص 19

[81] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 152

[82] – وسائل الشيعة؛ ج‌4، ص: 153