فهرست مطالب

فهرست مطالب

تقریرات دروس خارج مدرسه فقهی امام محمد باقر علیه السلام

بسمه تعالی

 

رؤوس المطالب:

مباحث الوضع. 1

1- في حقيقة الوضع. 1

تفسیران فی منشإ سببية تصور اللفظ لتصور المعنى.. 2

1- وجود مناسبة ذاتية بين كل لفظ ومعناه 2

2-الوضع نتیجة علاقة حاصلة بين اللفظ والمعنى.. 3

فی تفسیر حقيقة الوضع. 4

المسلك الاول:جعل الملازمة الواقعية بين اللفظ والمعنى.. 4

المسلك الثاني:كون الوضع عملية تمهيدية لايجاد الملازمة الواقعية بين اللفظ والمعنى.. 7

المسلك الثالث:مسلك القرن الأكيد. 20

المسلك الرابع:مسلك الهوهوية. 24

فتحصل: الوضع هو العلقة الوضعية و هو حالة الارتباط العرفي بين اللفظ والمعنى.. 28

 

 

 

مباحث الوضع

ويقع الكلام فيها في عدة جهات:

1-في حقيقة الوضع.

2- في اقسام الوضع.

3- في تشخيص الواضع.

1- في حقيقة الوضع

وقبل التكلم في حقيقة الوضع ينبغي ذكر مقدمة حول منشأ دلالة اللفظ على المعنى، فنقول ان دلالة اللفظ على المعنى لما كانت بمعنى سببية تصور اللفظ لتصور المعنى فيوجد تفسيران حول منشأ هذه السببية:

تفسیران فی منشإ سببية تصور اللفظ لتصور المعنى

1- وجود مناسبة ذاتية بين كل لفظ ومعناه

1- ما حكي عن بعض الاشاعرة من وجود مناسبة ذاتية بين كل لفظ ومعناه، والمراد بها ليس هو المناسبة الذاتية على سبيل العلية التامة بنحو يوجب ان يكون تصور اللفظ علة تامة لتصور المعنى، فان ذلك واضح البطلان، والا فيلزم معرفة كل انسان بجميع اللغات واستحالة جهله بها، بل المراد بها المناسبة الذاتية على سبيل الاقتضاء، وهي وان كانت ثابتة في بعض الالفاظ بالنسبة الى معانيها كأسماء الاصوات لكن ثبوتها في جميع الالفاظ بالنسبة الى معانيها خلاف بداهة الوجدان، وقد يذكر كشاهد على ماذكرناه- من عدم ثبوت المناسبة الذاتية ولوبنحوالاقتضاء- الفاظ الاضداد كلفظ القُرء حيث لايحتمل مناسبته الذاتية مع كل من معنى الحيض والنقاء منه، واحتمال مناسبته مع الانتقال من حالة مرتبطة بالحيض والطهر الى حالة أخرى مضادة لها وهمٌ محض.

وكيف كان فقد استدل على لزوم المناسبة الذاتية بانه لولاه لزم كون وضع لفظٍ معين لمعنىً معين ترجيحا بلامرجح وهو محال.

توضيح ذلك: أن مشهور الفلاسفة ذكروا انّ من اراد أي فعل فلابد ان تنشأ ارادته من مرجحٍ، اذ الإرادة ممكن الوجود فيحتاج الى علة، ولأجل ذلك ذكروا ان الجائع الذي بين يديه رغيفان لو تعلقت ارادته باحدهما المعين بلامرجح لزم تحقق الإرادة بلاعلة، فتكشف ارادته لاي منهما عن وجود مرجح لهذه الارادة، والمراد من المرجح هو المرجح التكويني لاالمرجح العقلائي او العقلي او الشرعي، فمن اختار الكذب مثلا فانه وان كان عمله ترجيحا للمرجوح العقلي والعقلائي والشرعي فيكون قبيحا لكنه ناش عن مرجح تكويني يوجب ارادته للكذب، وحينئذ فيقال في المقام ان إرادة وضع لفظ معين لمعنى لايمكن ان تصدر من الواضع الا لمرجح وهو المناسبة الذاتية بين هذا اللفظ وذاك المعنى.

وفيه اولا: ماسيأتي في بحث الجبر والاختيار من ان الفاعل المختار -ومنه الواضع- لما كان فاعلا بالسلطنة وله ان يفعل لاأن عليه ان يفعل، فهو بنفسه علة تامة لإرادة الفعل ولكن سنخ عليته التامة يكون بنحو يمكن ان يتخلف معلوله عنه الا اذا اراد اعمال السلطنة في ايجاد الفعل، وأما ما عليه جمهور الفلاسفة من أن الإرادة لما كانت ممكنة الوجود فما لم‌توجد علتها التامة امتنع وجودها بالغير واذا وجدت علتها التامة وجب وجودها بالغير، فهو التزام بحقيقة الجبر، حيث أن لازمه ان يمتنع لقاتل الحسين (عليه‌السلام) ان لايريد قتله بعد تحقق العلة التامة لإرادته كما كان يمتنع على ناصر ه ان لايريد نصره بعد تحقق العلة التامة لإرادة نصره، ولايجدي دعوى ان بعض مبادئ الإرادة يكون اراديا، لانا ننقل الكلام اليه، فنسأل عن كيفية صدوره، فيعود الاشكال من جديد.

وعليه فلايحتاج إرادة وضع لفظ معين لمعنى الى اكثر من اعمال الواضع سلطنته في سبيل ذلك.

وثانيا: ان غاية ذلك هو لزوم المرجح النفساني لإرادة وضع هذا اللفظ بازاء معناه ولايختص المرجح بالمناسبة الذاتية بين اللفظ والمعنى.

2-الوضع نتیجة علاقة حاصلة بين اللفظ والمعنى

2- ما هو المشهور من ان سببية تصور اللفظ لتصور المعنى ناشئة عن علاقة حاصلة بين اللفظ والمعنى نتيجة عامل خارجي يعبر عنه بالوضع، وهذا هو الصحيح، وحينئذ فيقع الكلام في حقيقة الوضع.

فی تفسیر حقيقة الوضع

فنقول قد اختلف الاعلام في تفسير حقيقة الوضع لهم في ذلك اربعة مسالك رئيسية:

المسلك الاول:جعل الملازمة الواقعية بين اللفظ والمعنى

المسلك الأول: ما نقله السيدالخوئي عن المحقق العراقي “قدهما” من ان حقيقة الوضع من الامور الواقعية، حيث أنها ملازمة خاصة بين اللفظ والمعنى نظير الملازمات الثابتة بين شيئين، كالملازمة بين وجود العلة التامة ومعلولها، غاية الأمر أن الملازمة بين وجود العلة التامة ومعلولها ذاتية ازلية، ولكن هذه الملازمة بين اللفظ والمعنى ناشئة من الوضع والجعل، وعليه فوضع اللفظ للمعنى يكون علة لحدوث الملازمة الواقعية بينهما.

وهذه الملازمة الواقعية اللفظ والمعنى التي يعبر عنها بالعلقة الوضعية ليست من الامور التكوينية المحضة كالفوقية والتحتية، فان العلقة الوضعية لاتوجب تغيرا في وجود طرفيها من اللفظ والمعنى لاذهنا ولاخارجا، بخلاف الفوقية والتحتية، كما انها ليست من الامور الاعتبارية المحضة كفرض انياب الاغوال فانها تنعدم بانعدام الاعتبار، بينما ان العلقة الوضعية لاتنعدم بانعدام الاعتبار بل يكون لها واقعية وان كانت حاصلة بسبب الاعتبار([1]).

ويرد عليه ان الجعل الاعتباري لايتعلق الا بالأمر الاعتباري، واما الملازمة الواقعية بين اللفظ والمعنى او فقل –على الاصحّ- سببية تصور اللفظ لتصور المعنى فلايعقل ان توجد بنفس اعتبار تلك الملازمة والسببية مباشرة، اذ السببية صفة ذاتية للسبب الحقيقي، فلايمكن جعلها تكوينا لما ليس بسبب فضلا عن جعلها اعتبارا.

هذا، ولكن لايبعد ان يكون مراد المحقق العراقي “قده” –على مايظهرمن كلامه -ان اعتبار الملازمة بين اللفظ والمعنى يكون عملية تمهيدية لتحقق الملازمة الذهنية في حق العالم بتلك الملازمة الاعتبارية، فبناء على ذلك تكون العلقة الوضعية بنظره هي الملازمة الذهنية بين اللفظ والمعنى في حق العالم بجعل عنوان الملازمة بينهما، وهذا مما لايرد عليه اي محذور عقلي.

هذا، وقد نسب الى السيد الخوئي “قده” انه اورد على المحقق العراقي “قده” ان الملازمة الواقعية بين اللفظ والمعنى حيث لم‌تتحقق بالنسبة الى الجاهل بالوضع لعدم تحقق الملازمة بين تصور اللفظ وتصور المعنى في حقه، فلابد ان يلتزم المحقق العراقي “قده” باختصاص جعل الملازمة بين الفظ والمعنى بخصوص العالم بالوضع، وحيث ان المفروض كون الوضع بنظره نفس الملازمة فيكون مآل ذلك الى اخذ العلم بالملازمة في موضوع نفس الملازمة، وهو محال لأجل استحالة اخذ العلم بالشيء في موضوع نفسه، كأخذ العلم بالحكم في موضوع نفس الحكم([2]).

ولكن لم‌يتبين لنا من كلام السيد الخوئي “قده” عدا انه اورد على المحقق العراقي “قده” ان الملازمة الذهنية بين اللفظ والمعنى حيث تختص بالعالم بالوضع فلاتكون نفس الوضع وانما تكون من آثاره، نعم لو كان مقصودالسيدالخوئي هو هذا الاشكال الذي نسب اليه فقد يقال بان الصحيح -خلافا للسيد الخوئي “قده”- امكان اخذ العلم بالجعل في موضوع المجعول، كجعل وجوب الصلاة على من علم بهذا الجعل فان ما يتوقف عليه العلم بالجعل هو الجعل على نهج القضية الحقيقية، ولايتوقف الجعل على علم المكلف به خارجا، حيث انه بمجرد ايجاب المولى الصلاة على من علم بهذا الجعل يتحقق هذا الجعل الكلي، فان اتفق علم المكلف به فيكون الموضوع فعليا في حقه، وهذا هو المراد بالمجعول، فالمتحصل ان العلم بالجعل يكون موقوفا على الجعل والمفروض ان الجعل لايتوقف على العلم به خارجا، وانما يتوقف المجعول والحكم الفعلي على العلم بالجعل خارجا، فلايلزم من اخذ العلم بالجعل في موضوع المجعول أي محذور، وهذا بخلاف اخذ المجعول في موضوع المجعول، كأن يقول تجب الصلاة على من علم بوجوب الصلاة عليه، فانه من الدور الواضح، وعليه فيمكن جعل الملازمة بين اللفظ والمعنى في حق العالم بهذا الجعل.

ولكن لايخفى ان تطبيق كبرى اخذ العلم بالجعل في موضوع المجعول على المقام انما يختص بما اذا اريد من جعل الملازمة الجعل الاعتباري لعنوان الملازمة بين اللفظ والمعنى من دون ان يكون جعلا للملازمة الواقعية فيمكن تخصيص جعل عنوان الملازمة بين اللفظ والمعنى بخصوص العالم بهذا الجعل.

اما اذا اريد من جعل الملازمة الجعل التكويني لها كماهو ظاهر كلام المحقق العراقي “قده” فلايعقل تطبيق تلك الكبرى لاختصاصها بما يمكن فرض وجود تقديري لمتعلق الجعل كجعل وجوب الفعل على من يعلم بهذا الجعل فانه قد تعلق الوجوب بموضوع مقدر وهو من يعلم بهذا الجعل فاذا وصل هذا الخطاب الى شخص وعلم بالجعل فيصير الوجوب في حقه فعليا، وهكذا في مثل الحب والبغض ممايمكن ان يتعلق بالعناوين من غيرحاجة الى وجودها خارجا، فيتعلق حب مالك الدار بان يدخل داره كل من يعلم بهذا الحب فاذاعلم شخص بهذا الحب فسوف ينطبق عليه هذا العنوان فيصدق في حقه حينئذ أن مالك الدار يحب دخوله فيها وأما في الجعل التكويني -كجعل الاشياء الخارجية -فلايمكن ذلك، فانه بمجرد الجعل التكويني يتحقق المجعول ولايفرض له وجودمقدر، فلايصح ان يقال في المقام بانه يجعل الملازمة الواقعية بين اللفظ والمعنى اولا في حق العالم بذلك الجعل على نهج القضية الحقيقية، فاذا اتفق علم احد به فيكون الموضوع فعليا في حقه.

المسلك الثاني:كون الوضع عملية تمهيدية لايجاد الملازمة الواقعية بين اللفظ والمعنى

المسلك الثاني: ان تكون حقيقة الوضع عملية تمهيدية لتكوّن الملازمة الواقعية بين اللفظ والمعنى نتيجة تلك العملية، وحينئذ فيقع الكلام في تشخيص هذه العملية التمهيدية التي قام بها الواضع.

وهناك نظريتان للاعلام في تشخيص تلك العملية:

النظرية الاولى في المسلك الثاني:نظرية اعتبارية الوضع

النظرية الاولى:نظرية الاعتبار، فقد ذهب جماعة من الاعلام الى ان الوضع حالة اعتبارية بين اللفظ والمعنى[s1] .

الصيغ المختلفة في بيان اعتبارية الوضع

وتوجد صيغ مختلفة في بيان هذه العملية الاعتبارية:

1- اعتبار وضع اللفظ على المعنى على وزان وضع العَلَم على المكان

الصيغة الأولى: ما ذكره المحقق الاصفهاني “قده” من ان الوضع أمر اعتباري حيث يجعل الملازمة بين طبيعي اللفظ وطبيعي المعنى، ولايمكن ان تكون هذه الملازمة من المقولات التكوينية لانها انما توجد في موضوعها في الخارج او بوجود منشأ انتزاعها في الخارج، بينما ان الملازمة بين اللفظ والمعنى ثابتة بين طبيعي اللفظ وطبيعي المعنى ولو لم‌يتلفظ احد بهذا اللفظ و لم‌يخطر معناه بالذهن، فالوضع نظير وضع العَلَم على مكان ليدل على انه رأس الفرسخ فكذا يوضع اللفظ على المعنى ليدل عليه غاية الأمر ان الوضع في العَلَم حقيقي دونه([3]).

عدة ایرادات

وقد اورد عليه بعدة وجوه:

1- ان هذا التفسير بعيد عن ارتكاز الواضعين الذين يوجد بينهم الصبيان والمجانين، فانه وان كان لايلزم في المعنى العرفي التفات العرف اليه تفصيلا كالمعاني الحرفية، لكن الانصاف اباء العرف بارتكازه عن قبول هذا التفسير للوضع، فهل ترى ان واضع دق الجرس لأجل الدلالة على تعطيل المدرسة اعتبر حين وضعه ان يكون دقّ الجرس موضوعا على تعطيل المدرسة، نظير وضع العَلَم على المكان، وكذا هل كان واضع اشارة خاصة للاخرس للدلالة على معنى هل اعتبر في نفسه كون هذه الاشارة موضوعة على ذلك المعنى.

2- ما اورده السيد الخوئي “قده” من انه بناء عليه يكون المعنى موضوعا عليه و لم‌يعهد هذا التعبير لو لم‌نقل بكونه غلطا([4]).

وفيه ان التعبير بوضع اللفظ على المعنى، تعبير صحيح كما يقال وضعت اسم “علي” على ولدي، لكن المهم ان هذا التعبير لايدل على كون عملية الوضع بنحو اعتبار وضع اللفظ على المعنى، بل يلائم مع سائر صياغات الوضع.

3- ما ذكره السيد الخوئي “قده” أيضا من أنه في العَلَم يوجد ثلاثة أشياء: موضوع وهو العَلَم، وموضوع عليه وهو المكان، وموضوع له وهو كون المكان رأس الفرسخ مثلا، ولكن في وضع اللفظ على المعنى لايوجد الا اثنين، وهما الموضوع والموضوع له فلايصح قياسه بوضع العَلَم على المكان([5]).

وقد حكي عن السيد الصدر “قده” أنه أجاب عن ذلك بما محصله ان مرادالسيدالخوئي “قده” ان كان تعدد الموضوع عليه والموضوع له خارجا في وضع العَلَم على المكان فهذا غير لازم دائما، فانه لو نصب علَم على ارض للدلالة على وجود السبُع في هذه الارض فهنايكون الموضوع عليه هو الارض والموضوع له هو وجود السبُع متعددا، ولكن قد ينصب علم على ارض للدلالة على وصف من اوصافها وهو كونها رأس الفرسخ فيكون الموضوع عليه هو الارض والموضوع له هو رأس الفرسخ، وهما متحدان في الوجود الخارجي.

وان كان مراده تعددهما اعتبارا ولو بلحاظ كون الموضوع له وصفا من اوصاف الموضوع عليه كما في مثل نصب العلم على مكان ليدل على انه رأس الفرسخ، فقد يقال في المقام أيضا بان لفظ الماء مثلا وضع على الصورة الذهنية الموجودة حين التلفظ بلفظ الماء ليدل على وصفها وهو أنها صورة الماء([6]).

ولكن هذا الجواب خلاف الوجدان العرفي، فان الموضوع عليه عرفا ليس هو الصورة الذهنية، ويشهد لذلك وضع الاعلام كما في وضع اسم “علي” على مولود، فالموضوع عليه بالنظر العرفي على الأقل هو وجوده الخارجي، وحينئذ فلايوجد شيء آخر مغاير له ولو اعتبارا كي يكون هو الموضوع له.

4- ما قد يقال من ان سنخ دلالة العَلَم على كون المكان رأس الفرسخ مثلا دلالة تصديقية، والأمر في الوضع ليس كذلك دائما، فان دلالة المفردات على معانيها دلالة تصورية اي لاتدل على وجودها في الخارج فيختلف الوضع في الالفاظ عن وضع العَلَم على المكان([7]).

ولكن يمكن للمحقق الاصفهاني”قده” ان يجيب عنه اولا بانه لايلزم تشابه وضع اللفظ مع وضع العَلَم على المكان من جميع الجهات، وثانيا بامكانه ان يدعي ان لفظ الماء مثلا قد وضع على معنى الماء ليدل على وجود هذا المعنى في ذهن المتكلم، او فقل –مع غمض العين عماذكرناه آنفا من عدم كون الموضوع له هي الصورة الذهنية -ان لفظ الماء وضع على الصورة الذهنية الموجودة في ذهن المتكلم، ليدل على أنها صورة الماء.

5- ما اورد عليه في البحوث بان وضع العلَم على مكان لايكفي بمجرده في الدلالة على انه رأس الفرسخ مثلا، فكيف بالمقام مما يكون وضع اللفظ على المعنى اعتباريا، وحينئذ فلابدّ من ضم نكتة أخرى كتعهد الواضع بان لايضعه الا في مكان مخصوص، ولعل هذه النكتة تكون مساوقة لعملية الوضع([8]).

ولكن يلاحظ عليه: ان مدعى المحقق الاصفهاني “قده” هو أنه كما يكون العَلَم موضوعا تكوينا على المكان بغرض ان يدل على انه رأس الفرسخ مثلا، وتكون سببيته لانتقال المخاطب الى هذا المعنى في طول علمه بوضع العَلَم بهذا الغرض فكذلك وضع اللفظ على المعنى يكون بغرض ان يدل عليه، ويكفي علم المخاطب بوضع اللفظ ادعاءً على المعنى بغرض دلالته عليه في سببية سماع اللفظ لانتقال ذهنه الى ذلك المعنى.

وكيف كان فالمهم في الاشكال على نظرية المحقق الاصفهاني “قده” ان اعتبار وضع اللفظ على المعنى على وزان وضع العَلَم على المكان بعيد عن مرتكز العرف، والمفروض صدور عملية الوضع من الواضع بما له من المرتكز العرفي.

ثم لايخفى ان ما ذكره المحقق الاصفهاني “قده” في المقام ينافي ما ذكره في بحث علامية التبادر من ان الوضع هو إنشاء كون طبيعي اللفظ هو طبيعي المعنى، فيكون اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى([9]).

2- ان حقيقة الوضع هو ادعاء الهوهوية بين اللفظ والمعنى

الصيغة الثانية: ما ذكره المحقق الايرواني “قده” من ان حقيقة الوضع هو ادعاء الهوهوية بين اللفظ والمعنى، فيصبح اللفظ آلة اشارة الى المعنى.

عدة ايرادات

وقد اورد عليه بعدة ايرادات:

1- ما ذكره السيد الخوئي “قده” من ان اعتبار وحدة اللفظ والمعنى لغو عرفا، بعد كون الغرض هو كون اللفظ دالا والمعنى مدلولا، وهذا يقتضي المغايرة بينهما، مضافا الى ان التنزيل يكون بلحاظ الآثار، وليس للمعنى أثر يترتب على اللفظ.

وفيه ان اعتبار وحدة اللفظ والمعنى من احد اسباب تحقق الدلالة فلالغوية فيه، وتنزيل اللفظ منزلة المعنى انما يكون بغرض تحقق اثر الانتقال الى الصورة المائية مثلا من الاحساس بالماء في الاحساس بلفظ الماء.

2- ما ذكره في البحوث من انه ان اريد كون لفظ الماء مصداقا ادعائيا للماء فالاحساس بالفرد الحقيقي للماء قد لايوجب انتقال الذهن الى مفهوم الماء، -كما ان الاحساس بزيد لايوجب الانتقال الى مفهوم الانسان- فكيف بالاحساس بالفرد الادعائي للماء، فلابد ان يراد كون لفظ الماء متحدا ادعاء مع مفهوم الماء فيكون تصور لفظ الماء عين تصور مفهوم الماء ادعاء واعتبارا، لكنه لايفسر لنا نكتة سببية تصور لفظ الماء لتصور مفهوم الماء حقيقة.([10])

وفيه انه لامانع ان يكون ادعاء الهوهوية بين شيئين موجبا لتشكل ملازمة ذهنية بينهما في حق العالم بالوضع، فيوجب تصور لفظ الماء تصور مفهوم الماء حقيقة.

3- ما هو الصحيح من ان ما ذكره المحقق الايرواني “قده”مبتن على دقة خارجة عن مرتكز عرف الواضعين وفيهم الصبيان والمجانين، وان شئت فلاحظ العلامات او الافعال التي وضعت للدلالة على معنى، كما يقول الامير اذا وضعت العمامة عن رأسي فمعنى ذلك ان تقوموا من المجلس، فهل يعتبر الهوهوية بين وضعه العمامة عن رأسه وبين قيام الآخرين عن المجلس؛ ودعوى الفرق بين وضع اللفظ على المعنى ووضع العلامات والافعال خلاف الوجدان عرفا.

3- ان الوضع هو اعتبار اللفظ علامة للمعنى

الصيغة الثالثة: ما اختاره جماعة -منهم شيخنا الاستاذ “دام‌ظله”([11])– من ان الوضع هو اعتبار اللفظ علامة للمعنى، فحينما يسمي الوالد ولده باسم معين، فيقصد من ذلك ان يجعل هذا اللفظ علامة عليه بغرض ان يكون تصور هذا اللفظ موجبا لتصور هذا الولد، ويظهر ذلك بملاحظة وضع فعل خاص للدلالة على معنى معين كدقّ الجرس للدلالة على تعطيل المدرسة، او وضع الأمير رفع عمامته دليلا على لزوم قيام الجالسين، حيث ان الظاهر عرفا جعل هذا الفعل علامة على معناه، وهذا هو الرأي الصحيح في تفسير الوضع التعييني كما سيأتي توضيحه قريبا.

4- ان الوضع هو اعتبار الملازمة بين اللفظ والمعنى

الصيغة الرابعة: ما قد يقال من ان الوضع هو اعتبار الملازمة بين اللفظ والمعنى، ولايخفى ان ظاهر الملازمة هو كون الملازمة من الطرفين، بان يستلزم تصور اللفظ تصور المعنى، كما يستلزم تصور المعنى تصور اللفظ أيضا، ولكنه ليس كذلك، فان الوضع يكون لأجل استلزام تصور اللفظ لتصور المعنى دون العكس، فكان ينبغي ان يعبر بجعل استلزام اللفظ للمعنى بدل التعبير بجعل الملازمة.

وكيف كان فقد اختار هذا المسلك بعض الاعلام “قده” بل استظهر ذلك مما ذكره صاحب الكفاية “قده” من ان الوضع نحو اختصاص اللفظ بالمعنى الناشيء من تخصيصه به تارة ومن كثرة استعماله فيه أخرى، حيث قال ان مراده من تخصيص اللفظ بالمعنى هو جعل الملازمة بينهما([12]).

وقد اورد عليه السيد الخوئي “قده” بان اعتبار الملازمة في حق الجاهل بالوضع لغو محض وفي حق العالم به تحصيل للحاصل، بل من اردء أنحائه، حيث يراد التحصيل التعبدي لما هو حاصل تكوينا، فلامعنى لاعتبار الملازمة بين اللفظ والمعنى أبدا.

والظاهر عدم تمامية هذا الايراد فانه لامحذور في اعتبار الملازمة بين اللفظ والمعنى مطلقا بغرض ان يعلم الآخرون بهذا الاعتبار فيحصل لهم بذلك الملازمة الذهنية بين اللفظ والمعنى، فيكون اعتبار الملازمة استطراقا الى ذلك ولالغوية فيه أبدا، نظير جعل الاحكام حيث يكون بغرض وصولها الى المكلف.

نعم يرد على هذه الصيغة الرابعة ان تفسير حقيقة الوضع باعتبار الملازمة بين اللفظ والمعنى خلاف الظاهر عرفا، فمن يسمي ولده باسم معين فلايعتبر الملازمة بينهما، وانما يجعل هذا الاسم سمة وعلامة عليه.

النظرية الثانية في المسلك الثاني: نظرية التعهد

النظرية الثانية:نظرية التعهد، فقد حكي عن المحقق النهاوندي “قده” انه اختار في كتاب تشريح الاصول ان حقيقة الوضع هو تعهد الواضع بانه لايتكلم بهذا اللفظ الا عند إرادة تفهيم هذا المعنى، وقداختار ذلك جماعة – منهم المحقق الحائري وصاحب وقاية الأذهان” قدهما”([13])– واختار ذلك ايضا السيد الخوئي “قده” وذكر انه يدل على ذلك بوضوح وضع الاعلام الشخصية، فان كل شخص اذا راجع وجدانه ظهر له انه اذا اراد ان يضع اسما لولده يتصور اولا ذات ولده ويتصور ثانيا لفظا يناسبه ثم يتعهد في نفسه بانه متى قصد تفهيمه يتكلم بهذا اللفظ، ثم قال أنه حيث لامعنى لتعهد الشخص الا بالنسبة الى فعله الاختياري فلايمكن للواضع ان يتعهد بالنسبة الى استعمال الآخرين، ولكن كل مستعمل -بلحاظ انه واحد من اهل العرف- يتعهد بان لايستعمل هذا اللفظ الا عند إرادة تفهيم هذا المعنى، فكل مستعمل واضع حقيقة اي يصدر منه عملية التعهد وان كان منصرف مفهوم الواضع الى المتعهد الاول.

والوضع بهذا المعنى موافق لمعناه اللغوي أيضا، فانه في اللغة بمعنى الجعل والقرار، ومنه وضع القوانين في الحكومات، فانه بمعنى التزام تلك الحكومة بتنفيذها في الأمة، وبناء عليه فالدلالة الوضعية تكون دلالة تصديقية دائما، اي تدل على وجود إرادة المتكلم لتفهيم المعنى وليست مجرد دلالة تصورية بمعنى وضع اللفظ لأجل ان يوجب تصوره تصور المعنى، وعليه فدلالة الكلام الصادر من النائم لاتكون دلالة وضعية، حيث ان الانسان لايتعهد بان لايتلفظ باللفظ في حال نومه الا عند إرادة تفهيم معناه، وما يخطر بذهن المخاطب من الكلام الصادر من النائم يكون من باب الأُنس، فدلالة هذا اللفظ الصادر من النائم على معناه تكون دلالة أُنسية لاوضعية([14]).

وقد أشكل عليه بعدة اشكالات:

الاشكال الاول:

النقض بما لو لم‌يكن الواضع مستعملا ابدا، كما في وضع الزعيم إسما لمولودٍ مع انه لايستعمله فيه أبدا لبُعده عنه، اووضع الواضع اشارات معينة ليستعين بها الأخرس على تفهيم مقاصده، فانه لامعنى لتعهد الواضع بالنسبة الى فعل الآخرين، فيلزم بناء على هذا التفسير لحقيقة الوضع عدم صدور اي وضع من هذا الواضع وهو خلاف الوجدان، وكونه من قبيل التصرف الفضولي بان يتعهد هذا الواضع فضولة عن عائلة المولود في المثال الأول وعن الأخرس في المثال الثاني، بعيد جدا، لشهادة الوجدان بخلوّ وضع الواضع في المثالين عن التعهد ولو بنحو الفضولية.

الاشكال الثاني:

ما ذكره المحقق الايرواني”قده” من انه بناء على نظرية التعهد يكون المعنى الموضوع له هو إرادة تفهيم المعنى دون نفس المعنى، وهو خلاف الوجدان، حيث لاينتقل الذهن من اللفظ الا الى نفس المعنى([15]).

ولكن يجاب عنه أيضا بان الموضوع له للفظ الماء مثلا هو نفس معنى الماء، وإرادة التفهيم داخلة في حقيقة الوضع، اي تعهد الواضع بان لايستعمل لفظ الماء الا في معنى الماء عند إرادة تفهيمه.

ومما ذكرنا يظهر الاشكال في ما ذكره شيخنا الاستاذ “دام ظله” من انه يكون مقتضى الدلالة الأنسية هو انتقال الذهن من لفظ الماء الصادر من النائم او من تموّج الهواء مثلا الى إرادة تفهيم معنى الماء، وهو خلاف الوجدان([16])، فانه ليس مدعى كون إرادة تفهيم المعنى داخلة في الموضوع له، وانما هي داخلة في حقيقة الوضع.

الاشكال الثالث:

ما قد يقال من ان نظرية التعهد تستلزم الدور، فان إرادة تفهيم المعنى بلفظ معين يتوقف على علم المخاطب بالوضع، حيث انه لو كان جاهلا بالوضع كان تفهيم المعنى بهذا اللفظ غير مقدور، وحينئذ فان كان الوضع نفس إرادة التفهيم لزم الدور، حيث تكون النتيجة حينئذ توقف إرادة تفهيم المعنى بلفظ معين على علم المخاطب بالوضع اي بإرادة تفهيم هذا المعنى بهذا اللفظ.

ولكن يجاب عنه اولا: بما ذكره السيد الخوئي “قده” بتقريب منّا، وهو ان حقيقة الوضع بناء على نظرية التعهد هو الإرادة –او فقل على الاصح هو الالتزام- بقضية شرطية وهي انه كلما اراد تفهيم هذا المعنى فيبرزه بهذا اللفظ، وما يتوقف عليه العلم بالوضع هو هذا الالتزام الذي يكون متعلقا بتلك القضية الشرطية، وما يتوقف على علم المخاطب بهذا الوضع ليس هو هذا الالتزام، وانما هو ايجاد شرط تلك القضية الشرطية التي كانت طرفا لذلك الالتزام ونعني بشرط تلك القضية الشرطية إرادة المتكلم تفهيم المعنى بهذا اللفظ([17])، وما افاده متين جدّا.

وثانيا: انه يكفي في إرادة تفهيم المعنى باللفظ علم المخاطب بالوضع في ظرف الاستعمال، كما يقول الوالد في مقام تسمية ولده “جئني بولدي الحسين”، فالذي يتوقف عليه إرادة تفهيم المعنى هو القضية الشرطية اي أنه لو استعمل اللفظ في هذا المعنى لفهمه المخاطب، وهذه القضية الشرطية متحققة قبل إرادة تفهيم المعنى باللفظ.

الاشكال الرابع:

ما حكي عن السيد الصدر”قده” من ان القضية المتعهد بها ان كانت هي ما يظهر من كلمات السيد الخوئي في المقام من انه كلما قصد تفهيم معنى الحيوان المفترس مثلا نطق بلفظ الأسد، فهذا لايجدي في ايجاد الدلالة التصديقية المطلوبة من التعهد، لانه لايقتضي انه كلما تلفظ بلفظ الاسد فهو يقصد تفهيم معنى الحيوان المفترس، وان كانت هذه القضية المتعهد بها أنه كلما صدر منه هذا اللفظ هي انه لايتكلم بلفظ الاسد الا حينما يكون قاصدا تفهيم معنى الحيوان المفترس([18])، فالتعهد بذلك وان كان معقولا ومحققا للدلالة التصديقية المطلوبة لكنه يشتمل على تعهد ضمني بعدم الاستعمال المجازي، ومن الواضح ان الوضع لايعني التعهد بعدم الاستعمال المجازي.

ان قلت: يمكن اصلاحه بدعوى ان الوضع هو التعهد بان لايتكلم بلفظ الاسد مثلا من دون قرينة الا حينما يكون قاصدا لتفهيم معنى الحيوان المفترس([19])، وبناء على ذلك فمع نصب القرينة على إرادة الرجل الشجاع مثلا من لفظ الاسد فلم يتعهد بكونه قاصدا تفهيم معنى الحيوان المفترس.

قلت: يرد عليه اولا: ان الانسان العرفي قد يتعلق غرضه بالاستعمال المجازي من دون نصب قرينة، حيث يكون غرضه أحيانا هو الإجمال والإبهام.

وثانيا: ان كان المراد من القرينة هو خصوص القرينة المتصلة لزم التعهد الضمني بعدم الاستعمال المجازي مع الاعتماد على قرينة منفصلة، وان كان المراد من القرينة ما يعم القرينة المنفصلة فاذا شك في القرينة المنفصلة فلايحرز تعهد المتكلم حينئذ ان يقصد من لفظ الاسد مثلا الحيوان المفترس، وهذا يوجب اجمال الخطاب اذا كان نكتة الظهور هو تعهد المتكلم، كما هو المفروض بناء على نظرية التعهد ولوبمقتضى مايقال من ظهورحالي عقلائي في وفاءكل متعهد بما تعهد به، ولايتم مايقال (من انه يمكن نفي الشك في وجود القرينة المنفصلة بالأصل العقلائي حيث يبني العقلاء على عدم القرينة المنفصلة عند الشك في وجودها)، وذلك لان الاصول العقلائية ليست تعبدية محضة بل هي بملاك وجود كاشفية في موردها كالظهور في محل الكلام، والمفروض ان الظهور بناء على نظرية التعهد ناش من تعهد المتكلم، -بمقتضى كون الظاهر النوعي من حال العقلاء وفاءهم بتعهدهم- والمفروض ان تعهده يكون مشكوكا في مورد الشك في وجود القرينة المنفصلة، فلايحرز الظهور حينئذ ليتمسك به لنفي القرينة المنفصلة([20]).

وقد حكي عن بعض السادة الأعلام “دام‌ظله” أنه أجاب عن اشكال منافاة الاستعمال المجازي للتعهد بعدم استعمال اللفظ الا في معناه الحقيقي بأن الاستعمال المجازي بناء على نظرية السيد الخوئي “قده” لاينافي التعهد بإرادة تفهيم معنى الحيوان المفترس بلفظ الاسد، حيث ان الاستعمال المجازي عنده ليس هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له، بل اللفظ مستعمل دائما في المعنى الموضوع له غاية الأمر ان التفهيم في موارد الاستعمال المجازي يكون مبتنيا على التنظير والادعاء([21]).

ولكن يلاحظ على هذا الجواب انه لو فسر الوضع بالتعهد فمعناه تعهد المتكلم ان لايريد من لفظ الاسد مثلا الا تفهيم الفرد الحقيقي لمعنى الحيوان المفترس لاالفرد الادعائي اي الرجل الشجاع، والا لما كان منشأ لظهور كلامه في إرادة الفرد الحقيقي من الاسد دون الفرد الادعائي.

فالانصاف تمامية هذا الاشكال الرابع على السيد الخوئي “قده”.

نعم لوكان مدعى السيدالخوئي”قده” اختصاص تعهد الواضع بما اذا لم ينصب قرينة متصلة او منفصلة على الخلاف و لم‌يكن في مقام الاجمال ايضا وحيث ان الاعتمادعلى القرينة المنفصلة اوكون المستعمل في مقام الاجمال حالة نادرة فبمقتضى الغلبة يتم الظهور، فحينئذ يرتفع الاشكال الثالث والرابع.

الاشكال الخامس:

ان دعوى كون الواضع يتعهد حين وضعه ان لايتكلم باللفظ المعين الا عند إرادة تفهيم معناه خلاف ما نحسّه بالوجدان، فاننا لمّا نسمي ولدنا باسم علي مثلا لانلتزم بعدم استعمال هذا اللفظ الا عند إرادة تفهيم هذا المولود، وانما نريد ان نجعل هذا اللفظ سمة وعلامة عليه، بحيث تكون نتيجته ان كل من اراد ان يفهِّم هذا المعنى استخدم هذا اللفظ، ومما يؤكِّد ذلك هو ان ظاهرة الوضع كانت متحققة في حياة الانسان منذ العهد الأول قبل ان تتكامل مدركاته العقلائية التي ينطلق منها التعهد والالتزام العقلائي.

المسلك الثالث:مسلك القرن الأكيد

المسلك الثالث في تفسير حقيقة الوضع هو ما ذهب السيدالصدر”قده” ومحصله ان الوضع هو الاقتران الأكيد بين اللفظ والمعنى، وقد ذكر في تقريبه ان للنفس ثلاث حالات:

1- اذا احس بشيء كأن رأى أسدا فينتقل صورته الى الذهن.

2- واذا احس بما يشبه ذلك الشيء انتقل ذهنه منه الى ذلك الشيء أيضا، كما لو رأى صورة الأسد فينتقل ذهنه منها الى نفس الاسد، ولأجل ذلك قد يستفيد الانسان لاجل انتقال ذهن المخاطب الى شيء من اراءته ما يشبهه كإراءة صورته.

3- وكذا اذا احس بما رأه مقترنا مع ذلك الشيء بنحو اكيد فينتقل ذهنه منه الى ذلك الشيء، وقد اكتشف ذلك العالم الروسي الفيزيولوجي (ايوان بافلوف) حيث حاول مرة ان يجمع لعاب الكلب فاحضر عنده طعاما لإثارة غدده اللعابية وقرن ذلك فترة بدقّ الجرس، فكانت النتيجة بعدها انه كلما دق الجرس ولو من دون حضور طعام سال لعاب الكلب، ويسمى دق الجرس في المثال بالمنبِّه الشرطي، كما تسمى هذه الحالة بالاستجابة الشرطية.

وعليه فاذا سمع احد صوت انسان شبيها بزئير الاسد فيحسّ اولا بنفس صوت ذلك الانسان بمقتضى الحالة الاولى وينتقل ذهنه الى زئير الاسد بمقتضى الحالة الثانية، ثم ينتقل ذهنه من زئير الاسد الى نفس الاسد بمقتضى الحالة الثالثة، ومن ثم تصدى الانسان لتبيين مقاصده بالاستفادة من الحالة الثالثة لإيجاد الاقتران الأكيد بين اللفظ والمعنى- بلاواسطة، فيخرج مثل القرن الأكيد بين لفظ الزئير مع معنى الاسد، حيث ان القرن الاكيد بينهما بواسطة القرن الاكيد بين معنى الزئير ومعنى الاسد- وهذا الاقتران الأكيد قد يكون بسبب عامل كيفي وهو الوضع التعييني او عامل كمي وهو كثرة الاستعمال، وليس الوضع امرا اعتباريا بل هو امر تكويني ويسمى بالقرن الأكيد بين اللفظ والمعنى ويكون سببا لتحقق حالة الاستجابة الشرطية في ذهن المخاطب بين اللفظ والمعنى، واستخدام الإنشاء في موارد الوضع التعييني لإيجاد هذا القرن الأكيد لايعني ان المنشأ به هو القرن الأكيد، بل يكون الإنشاء عملية تكوينية موجبة لتحقق هذا القرن الأكيد تكوينا.

وبناء على ذلك فالدلالة الوضعية دلالة تصورية دائما بمعنى ان الاقتران الأكيد ثابت بين المعنى واللفظ، بحيث يستلزم تصور اللفظ تصور المعنى اينما وجد هذا اللفظ وكيفما وجد ولو من تموّج الهواء او من الشخص النائم، ومن جهة أخرى ان الاقتران الأكيد بين اللفظ والمعنى وان كان موقوفا على العلم بالوضع غالبا، لكنه قد يحصل على اساس عامل تلقيني كأن يقرن بشكل مكرّر بين لفظ ومعنى أمام الطفل، فيؤثر ذلك في الاستجابة الطبيعية في نفس الطفل، والحاصل أن العلقة الوضعية بعدأن كانت هي القرن الاكيدبين اللفظ والمعنى فقدتتحقق في ذهن شخص دون شخص فتكون العلقة الوضعية نسبية لانهاهي اقتران اللفظ بالمعنى في الذهن فلم تتحقق في حق الجاهل بالوضع وانماتحققت في حق العالم بالوضع نعم قدتتحقق في حق الجاهل بالوضع نادرا كما اذا تم الاقتران في الذهن من دون علم من اريدتعليمه كقرن لفظ الحليب في ذهن الطفل الرضيع بالحليب.([22])

اقول: تارة يراد من الوضع العملية التي يتصدى لها الواضع مباشرة، ويعبر عنه بالوضع بالمعنى المصدري، ومن الواضح انه لايساوق القرن الأكيد بين اللفظ والمعنى وان كان نحو محاولة لإيجاده، وهذا هو الظاهر من الوضع في قولنا: وضعت اسم الحسين على ولدي، فيصدق هذا الكلام بمجرد تسمية ولده بهذا الاسم وان لم‌يعلن ذلك لأي احد، وقد مر ان الظاهر من عملية الوضع عرفا هو كونها اعتبارا بصيغته الثالثة وهو اعتبار اللفظ علامة على المعنى.

و أخرى يراد من الوضع العلقة الوضعية بين اللفظ والمعنى، ويعبر عنه بالوضع بالمعنى الاسم المصدري، وهو الذي اراده صاحب الكفاية “قده” في قوله “ان الوضع نحو اختصاص اللفظ بالمعنى ناش من تخصيصه به تارة ومن كثرة استعماله فيه أخرى” فترى انه فسر الوضع باختصاص اللفظ بالمعنى الناشيء من تخصيصه به تارة وكثرة استعماله فيه أخرى، فان الوضع بالمعنى المصدري يساوق تخصيص اللفظ بالمعنى مع انه فسر الوضع بالاختصاص الناشيء منه.

وهذه العلقة الوضعية بين اللفظ والمعنى ان اريد بها الملازمة الذهنية كما قد يوحي اليه ما حكي عن السيد الصدر”قده” من ان الاقتران الأكيد موقوف على العلم بالوضع غالبا([23])، فمعناه كون العلقة الوضعية حالة تكوينية نسبية وهذا ما صرح به نفسه على مانقل عنه في المباحث حيث ذكر ان روح الوضع هو اقتران اللفظ بالمعنى في الذهن ففي حق الجاهل بالوضع لم‌يتم الوضع بعد لعدم تحقق الاقتران المخصوص بين اللفظ والمعنى في ذهنه، فالقرن الأكيد يتحقق غالبا بالعلم بانشاء اعتبار او تنزيل او قرن سابق في ذهن الآخرين وقد يتحقق من دون علم بالوضع كما اذا تم الاقتران في الذهن من دون اطلاع من اريد تعليمه على الوضع كالاطفال الذين تتم الدلالة في اذهانهم مثل قرن كلمة الحلبيب في ذهنهم بالحليب([24])، ولكن ينافيه ماحكي عنه في البحوث من ان الوضع عملية قرن اكيد بين اللفظ والمعنى، وتكون الملازمة بين تصور اللفظ وتصور المعنى في ذهن السامع فرع هذا القرن الأكيد([25]).

فان ادعى كون العلقة الوضعية نسبية كما هو المنسجم مع مبناه، فيلاحظ عليه أن العلقة الوضعية ليست نسبية بالنظر العرفي بحيث تختص بمن وجد في ذهنه القرن الاكيد.

وان ادعى ما في البحوث من كون الوضع هو القرن الاكيد وتكون الملازمة الذهنية فرع القرن الاكيد، ففيه انه لم‌يحدث في عالم التكوين شيء عدا امرين الأول: إنشاء الواضع وجعله اللفظ لمعنى حيث قال مثلا سميت ولدي عليا والثاني: انه علم به المخاطب وحصل له ملازمة ذهنية بين اللفظ والمعنى، والمفروض انه لايرى أيّا منهما وضعا، حيث ذكر ان انشاء الواضع عملية تكوينية لتحقيق القرن الأكيد بين اللفظ والمعنى، فلايكون بنفسه هو القرن الأكيد، كما ذكر ان الملازمة الذهنية تكون من آثار القرن الأكيد، وحينئذ فيسأل اين هذا الواقع التكويني الذي يعبر عنه بالقرن الأكيد وراء هذين الأمرين.

فالظاهر ان يقال ان العلقة الوضعية حالة منتزعة من مرتبة من القرن الأكيد والملازمة الذهنية بين اللفظ والمعنى لدى اهل لغة ولو في الجملة.

اويقال بان العلقة الوضعية حالة ارتباط عرفي بين اللفظ والمعنى، وهذه الحالة العرفية قد تنشأ من وضع واضع مقبول لدى العرف او من مرتبة من كثرة الاستعمال.

المسلك الرابع:مسلك الهوهوية

المسلك الرابع في حقيقة الوضع ما حكي عن بعض السادة الأعلام “دام‌ظله” من ان العلقة الوضعية هي الهوهوية بين اللفظ والمعنى.

توضيح ذلك: انه يمضي على الوضع اربعة مراحل:

المرحلة الأولى: انتخاب لفظٍ لمعنىً، وهذا هو الذي يطلق عليه الوضع بالمعنى المصدري.

المرحلة الثانية: مرحلة الإشارة الى المعنى حيث أن مجرد انتخاب لفظ معين وجعله بإزاء المعنى لايؤدي الى انسباق المعنى في الذهن ما لم‌تضمّ الى اطلاق اللفظ على ذلك المعنى عوامل كمية ككثرة الاستعمال وعوامل كيفية كاحتفاف الكلام بالقرائن المشيرة للمعنى.

المرحلة الثالثة: مرحلة سببية تصور اللفظ لتصور المعنى، وهذه المرحلة انما تتحقق اذا تاكدت علاقة اللفظ بالمعنى بحيث استغنى اللفظ في اخطاره للمعنى عن القرائن المشيرة، وقد اعتبر كثير من الاصولين هذه المرحلة هي العلقة الوضعية بين اللفظ والمعنى، ولكن الصحيح عندنا انها هي المرحلة الرابعة.

المرحلة الرابعة: مرحلة الاندماج والهوهوية التي تعني اندكاك صورة المعنى في صورة اللفظ ذهنا وفناء احديهما في الاخرى فلايرى الذهن صورتين صورة للفظ وصورة للمعنى، بان تكون الاولى سببا للثانية، بل تكون صورة اللفظ مغفولا عنها، بحيث لايلتفت الى اللفظ وخصوصياته الصوتية والبنائية والاعرابية أبدا، ولو كانت علاقة اللفظ بالمعنى علاقة السببية نظير علاقة النار مع الاحتراق بحيث يوجب رؤيتها تصور الاحتراق او علاقة زئير الاسد بالاسد بحيث يوجب سماعه تصور الاسد لم‌تستلزم هذه العلاقة الفناء والغفلة عن اللفظ بينما ان الفناء والغفلة حاصلة، وهذا دليل على كون العلقة بين اللفظ والمعنى علاقة الهوهوية لا السببية.

ويشهد على ذلك ايضا سريان حسن المعنى وقبحه الى اللفظ، فيشعر الانسان بكراهة بعض الالفاظ كلفظ هتلر ويزيد لقبح معانيها، واستحسان بعض الالفاظ الأخرى كمحمد وعلي لحسن معانيها، فلولا علاقة الاندماج بين اللفظ والمعنى واتحاد صورتيهما لما سرى الحسن والقبح من المعنى الى اللفظ، ويشهد له ايضا ان الانسان قد يستخدم اللفظ لا لغرض التفهيم بل لغرض التلقين او الترويح النفسي، بان يتحدث مع نفسه حينما اصاب بمرض القلق والتوتر النفسي بالفاظ التشجيع ونحوها فلايقصد من طرح اللفظ اخطار معناه في ذهنه لحضوره في ذهنه مسبقا قبل تلفظه بلفظه، ولكنه يريد من خلال تلفظه بهذا اللفظ تلقين نفسه، فلو لم‌تكن علاقة اللفظ بالمعنى علاقة هوهوية بل كان مجرد علاقة سببية تصور اللفظ لتصور المعنى لم‌يتم عملية التلقين، بل لم‌يكن هناك حاجة للتلفظ لان المفروض تصوره للمعنى مسبقا.

وهذه هي العلقة الوضعية بين اللفظ والمعنى، فتختلف عن مثل سببية رؤية النار لتصور الاحتراق، حيث لايوجد بين النار والاحتراق علاقة هوهوية، وهكذا في وضع العلم على مكان ليدل على انه رأس الفرسخ.

فالحاصل هو ان العلاقة الوضعية هي علاقة الهوهوية بين اللفظ والمعنى وأما علاقة سببية تصور اللفظ لتصور المعنى فهي تكون من مبادئ العلقة الوضعية وما يرى من عدم حصول علاقة الهوهوية بين الاذهان بالنسبة لبعض الالفاظ كمن يتذكر اللفظ وهو ناس للمعنى او بالعكس او لايكون انتقاله للمعنى من خلال اللفظ مباشرة كالمتعلم للغة اجنبية حيث ينتقل ذهنه للمعنى بنحو السببية لاالهوهوية فهذا يعني انه لم‌يتحقق العلاقة الوضعية بالنسبة اليه فان العلاقة الوضعية امر ذهني يختلف باختلاف الاذهان والظروف، فربما تحققت في بعض الأذهان دون بعض.

هذا، والمتناسب مع العلقة الوضعية بناء على هذا التفسير هو ان يكون مرحلة الانتخاب اي عملية الوضع بالمعنى المصدري هو اعتبار الهوهوية بين اللفظ والمعنى وان كان لايتعين في ذلك ويمكن ان يكون عملية الوضع على نحو جعل الملازمة، او جعل العلامية وغير ذلك.

وما ذكره السيد الخوئي “قده” من ان اعتبار الهوهوية امر بعيد عن اذهان العرف الواضعين بما فيهم الصبيان ففيه ان اعتبار الهوهوية امر بسيط يلتفت اليه حتى الصبيان، ولذا ترى ان الصبيان يقولون في مقام السبّ “كلب بن كلب” وهذه هي الاستعارة الشايعة بين الناس فيقال هذا اسد وذاك قمر وهكذا، كما ان ما ذكره “قده” من ان اعتبار وحدة اللفظ والمعنى لغو بعد كون الغرض كون اللفظ دالا والمعنى مدلولا، وهذا يقتضي الاثنينية بينهما فغير تام أيضا بناء على المسلك الصحيح من ان العلقة الوضعية هو هوهوية اللفظ والمعنى، فيكون اعتبار الهوهوية متناسبا معها تماما([26]).

وقد فهم بعض الاعلام من هذه العبارة كون العلقة الوضعية عبارة عن حصول الهوهوية والوحدة الحقيقية بين صورة اللفظ وصورة المعنى، وذكر انه ليس المقصود طبعا هو الاتحاد بين واقع اللفظ وواقع المعنى الخارجيين، فان بطلان ذلك من اوضح الواضحات وانما يقصد الاتحاد بين صورتهما الذهنية.

ثم ناقش فيه بانه كيف يستطيع ان يصدّق اتحاد الصورتين حقيقة رغم تعدد ذي الصورة، مع وضوح ان كل ذي صورة انما يشعّ صورته دون صورة شيء آخر([27]).

وفيه ان الظاهر من العبارة التي نقلناها في تبيين مسلك الهوهوية انه توجد في الذهن صورتان صورة اللفظ وصورة المعنى ولكن تكون صورة اللفظ مغفولا عنها ولايلحظ اليها الا كأنها صورة المعنى، فالمراد من الهوهوية بين اللفظ والمعنى هو الهوهوية التصورية لاالهوهوية التصديقة وهذا الذي يعبر عنه في الكلمات بلحاظ اللفظ في المعنى، فلايرد على مسلك الهوهوية اشكال من هذا القبيل.

نعم يرد على هذا المسلك أنه وان كان لاريب في تحقق الهوهوية التصورية للعرف العام بين اللفظ والمعنى -بمعنى لحاظ اللفظ فانيا في المعنى بحيث لايلتفت اليه تفصيلا عادة وان كان يلتفت اليه اجمالا، ولذلك يلتفت السامع الى حسن صوت المتكلم او قبحه او خطأه من حيث الاعراب والبناء ونحو ذلك- ولكن هذه الهوهوية التصورية تكون من نتائج ترسخ العلقة الوضعية بين اللفظ والمعنى في أذهان اهل اللغة، ويترتب على هذه الهوهوية التصورية ما ذكره من سريان حسن المعنى وقبحه الى اللفظ ونحو ذلك بعد فترة من تحقق العلقة الوضعية بحيث ترسخت في ذهن العرف، ولكنه لايعني ان الهوهوية التصورية هي العلقة الوضعية، ويشهد على ذلك ان العلقة الوضعية لاتختص باللفظ، فقد توضع اشارة الأخرس على معنى معين، وبذلك تتم العلقة الوضعية بينهما، ولامعنى لإنكار العلقة الوضعية في مثلها بمجرد عدم تحقق الهوهوية، كما ان ما ذكره من عدم تحقق العلقة الوضعية بين اللفظ والمعنى في حق متعلم اللغة الأجنبية حيث لم‌تتحقق في ذهنه الهوهوية بينهما، فلايخلو من غرابة.

واما ما ذكره من ان اعتبار الهوهوية امر سهل فهذا مما لااشكال فيه كبرويا، وانما الاشكال في تطبيقه على المقام، فان حمل قول الواضع “سميت ولدي باسم الحسين ” على انه بصدد اعتبار الوحدة بين لفظ الحسين وهذا المولود فهو بعيد عن الأذهان جدّا.

فتحصل: الوضع هو العلقة الوضعية و هو حالة الارتباط العرفي بين اللفظ والمعنى

فتحصل من جميع ما ذكرناه أن الوضع بمعناه المصدري هو جعل الواضع اللفظ علامة على المعنى، كما يقول الوالد “سميت ولدي باسم علي” فانه يعتبر هذا الاسم سمة وعلامة لولده، كما ان الوضع بمعناه الاسم المصدري وهو العلقة الوضعية هو حالة الارتباط العرفي بين اللفظ والمعنى، وهذا الارتباط ينشأ من وضع واضع مقبول لدى العرف او من كثرة الاستعمال، اويقال ان العلقة الوضعية حالة منتزعة من مرتبة من الملازمة الذهنية بين اللفظ والمعنى لدى اهل لغة ولو في الجملة.

وهذه العلقة الوضعية ليست نسبية، فإما ان تتحقق بين اللفظ والمعنى او لاتتحقق، بخلاف الملازمة الذهنية بين اللفظ والمعنى التي تتحقق في حق العالم بالوضع دون الجاهل به، فالملازمة الذهنية تكون من آثار الوضع لاعينه.

 



[1]– محاضرات في اصول الفقه ج1ص38

[2] – منتقى الاصول ج1ص48، بحوث في علم الاصول ج1 ص73

[3] – نهاية الدراية ج1ص47

[4] – محاضرات في اصول الفقه ج1ص44

[5] – محاضرات في اصول الفقه ج1ص44

[6] – بحوث في علم الاصول ج1ص75

[7] – بحوث في علم الاصول ج1ص76، منتقى الاصول ج1 ص56

[8] – بحوث في علم الاصول ج1 ص 76

[9] – نهاية الدراية ج1ص78 و152

[10] – بحوث في علم الاصول ج1ص77

[11] – دروس في مسائل علم الاصول ج1ص32

[12]– منتقى الاصول ج1ص68

[13] – دررالفوائدج 1ص4، وقاية الاذهان ص62

[14] – محاضرات في اصول الفقه ج1ص44

[15] – نهاية النهاية ج1ص7

[16]– دروس في مسائل علم الاصول ج1 ص32

[17]– محاضرات في اصول الفقه ج1ص46

[18] – قد ورد نظير هذا التعبيرعن السيد الخوئي نفسه في المحاضرات ج1ص202

[19] – حكى في مباحث الاصول ج1ص85 عن السيد الصدر “قده” ان السيد الخوئي “قده” ذكر ذلك له في مقام الجواب عن الاشكال عليه.

[20] – بحوث في علم الاصول ج1ص79

[21] – الرافد في علم الاصول ص182

[22] – مباحث الاصول ج1ص99، بحوث في علم الاصول ج1ص80

[23] – بحوث في علم الاصول ج1ص83،.

[24] -مباحث الاصول ج1 ص105

[25] – بحوث في علم الاصول ج1ص165

[26] – الرافد في علم الاصول ص144

[27] – تعليقة مباحث الاصول ج1ص93


 [s1]وقد اشكل السيد الصدر

وذكر في الاضواء: والشاهد على عدم تحقّق الملازمة بالوضع والاعتبار انّنا إذا اعتبرنا الطواف صلاةً لا تحصل الملازمة التصورية ولا التصديقية بينهما، فاعتبار العلامية والملازمة والهوهوية بين شيئين وجوديين خارجيين أو بين تصورين لا يحقق تلازماً بينهما لا تصوراً ولا تصديقاً. كما أنّه يرد النقض بالوضع التعيّني، فإنّه ليس فيه اعتبار ولا تعهّد واضح.