فهرست مطالب

فهرست مطالب

تقریرات دروس خارج مدرسه فقهی امام محمد باقر علیه السلام

بسمه تعالی

 

رؤوس المطالب:

العرض الذاتي والغريب.. 1

تعريف المحقق السبزواري للعوارض الذاتية. 2

تعريف المحقق العراقي للعوارض الذاتية. 3

عدم الفرق بين الحمل الحقيقي والعروض الحقيقي.. 6

تعريف البحوث للعوارض الذاتية. 7

مناقشه فی کلام البحوث.. 9

تعريف المحقق الاصفهاني للعوارض الذاتية. 10

لادليل على تخصيص البحث في كل علم بالبحث عما يعرض لموضوع العلم بلاواسطة او بواسطة مساو. 11

موضوع علم الاصول. 11

الاقوال و الانظار فی موضوع علم الاصول. 11

 

 

العرض الذاتي والغريب

ذكر في الاسفار أنهم قالوا انه لابد لكل علم من موضوع يبحث فيه عن عوارضه الذاتية وقد فسروا العرض الذاتي بالخارج المحمول الذي يلحق الشيء لذاته او لأمر يساويه([1]).

وعليه فيكون البحث عن عوارض موضوع العلم بواسطة اخص او اعم بحثا عن عوارضه الغريبة، فيكون خارجا عن مباحث ذلك العلم، ومن ثم وقع الاشكال في البحث عن عوارض موضوعات المسائل التي هي اخص من موضوع العلم، مثال ذلك ان الفلاسفة ذكروا ان موضوع علم الفلسفة هو الموجود ثم قسموه الى الممكن والواجب ثم قسموا الممكن الى الجوهر والعرض وقسموا الجوهر الى عقل ونفس وجسم، مع ان عروض الجوهر مثلا على الموجود يكون بواسطة أمر اخص وهو الممكن.

وذكر علماء الاصول ان موضوع علم الاصول هو الأدلة الاربعة (الكتاب والسنة والاجماع والعقل) ويبحث في هذا العلم عن حجية الظهور، مع ان عروض الحجية لظهور الكتاب بواسطة اعم وهو طبيعي الظهور، فاذا كان البحث عن عوارض موضوع العلم بواسطة اعم او اخص بحثا عن عوارضه الغريبة فيلزم منه خروج جل المباحث المطروحة في العلوم عن مسائل تلك العلوم.

وقد حاول الاعلام الإجابة عن هذا الاشكال بعدة وجوه:

تعريف المحقق السبزواري للعوارض الذاتية

الأول: ما ذكره المحقق السبزواري “ره “في تعليقة الاسفار من ان العرض الذاتي لايختص بما كان عروضه لموضوع العلم بلاواسطة او بواسطة امر مساو، بل يشمل ما اذا كان عروضه بواسطة اعم او اخص، فان العرض الذاتي ما يكون بلاواسطة في العروض، أي ماينسب الى الشيء بلاتجوز عرفي او عقلي، فمثل قولنا جالس السفينة متحرك او ان الماهية موجودة يكون من الواسطة في العروض لكون انتساب الحركة الى جالس السفينة مجازا عرفيا وانتساب الموجودية الى الماهية مجازا عقليا، وهذا بخلاف مثل البحث عن حرارة الماء الثابتة له بواسطة النار فان النار انما تكون واسطة في ثبوت الحرارة للماء ولكن تنتسب الحرارة الى نفس الماء حقيقة، فتكون عرضا ذاتيا له([2]).

ولعل صاحب الكفاية “قده” تبعه في ذلك حيث قال: ان موضوع كل علم هو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية أي بلاواسطة في العروض.

تعريف المحقق العراقي للعوارض الذاتية

الثاني: ما ذكره المحقق العراقي “قده” من ان الوصف الذي ينسب الى الشيء علي قسمين:

القسم الاول: ما لايحمل على الشيء حقيقة فهو عرض غريب جزما، كما في قولنا جالس السفينة متحرك، وكذا قولنا الجسم بطئ او سريع حيث ان البطؤ والسرعة يعرضان الحركة حقيقة والحركة مغايرة ذاتا ووجودا مع الجسم، وحيث ان ملاك صحة الحمل حقيقة هو الاتحاد في الوجود فلايصح حمل عوارض الحركة على الجسم بعد عدم اتحادهما في الوجود.

القسم الثاني:ما يحمل على الشيء حقيقة بان يتحد معه وجودا.

وله ثلاث صور، فانه قد يعرضه حقيقة استقلالا، وقد يعرضه حقيقة ضمنا لااستقلالا، وقد لايعرضه حقيقة مطلقا لاضمنا ولااستقلالا.

اماالصورة الاولى -وهو ما يعرض الشيء حقيقة استقلالا- فلها ثلاثة فروض:

الفرض الاول: ان يكون هذا العرض منتزعا عن ذات الشيء بلالحاظ جهة خارجية زائدة عنها كما في قولنا البياض ابيض([3]).

الفرض الثاني: ان يكون هذا العرض منتزعا من جهة خارجة عن ذات الشيء ولكن يعرضه باقتضاء ذاته أي بلاواسطة في الثبوت كما في قولنا العقل مدرك والانسان ضاحك بالقوة([4]).

الفرض الثالث: ان يكون هذا العرض خارجا من ذات الشيء ولايكون عروضه له باقتضاء ذاته بل بواسطة في الثبوت، كثبوت الحرارة للماء بواسطة النار، حيث تكون النار سببا لعروض الحرارة على الماء مستقلا من دون ان تكون النار بنفسها معروضة لهذه الحرارة الثابتة للماء.

واماالصورة الثانية -وهي ما يعرض الشيء حقيقة ضمنا لااستقلالا- فموردها ما اذا كان عروض العرض للشيء بواسطة وكانت هذه الواسطة بنفسها هي المعروضة لذاك العرض بالدقة، وتسمى بالواسطة في العروض، الاّ أنّ ذاك الشيء يكون معروضا لهذا العرض ضمنا، نظير عروض عوارض النوع للجنس الذي في ضمن هذا النوع ومن هذا القبيل عروض وجوب الصلاة لفعل المكلف الذي هو في ضمن الصلاة فان فعل المكلف جنس للصلاة.

واماالصورة الثالثة -وهي ما لايعرض الشيء حقيقة لااستقلالا ولاضمنا- فموردها ما اذا كان عروض العرض للشيء بواسطة في العروض بحيث تكون الواسطة هي التي يعرضهاذاك العرض حقيقة، بلاعروضه لذي الواسطة اصلا ولو بنحو الضمنية، كما في عوارض الفصل المقسم بالنسبة الى الجنس نظير قولنا بعض الحيوان مدرك للكليات، فانه وان حمل ادراك الكليات على الحيوان في هذا المثال، ولكن تمام معروضه بالدقة هو جهة الفصلية –اي النفس الناطقة التي هي اجنبية عن جهة الجنسية، مع ما كان بينهما من الاتحاد في الوجود لعدم تحصل الجنس الا بالفصل، فبملاحظة قابلية الفصل الذي هو الواسطة للحمل على الجنس صح حمل خواصه عليه ايضا في مثل قولنا بعض الحيوان مدرك للكليات([5]).

ثم قال “قده” انه بناء على كفاية الحمل الحقيقي في صيرورة العرض عرضا ذاتيا للشيء كانت جميع هذه الصور عرضا ذاتيا ما عدا الصورة الأولى التي لم‌يكن يحمل الوصف على الشيء الا مجازا، كما في قولنا جالس السفينة متحرك.

لكن المستفاد من كلمات جمع من الحكماء -كالمحقق الطوسي وصاحب الاسفار”ره”- اختصاص العرض الذاتي بخصوص ما يكون عروضه للشيء عروضا حقيقيا استقلاليا.

فذكر المحقق الطوسي: ان البحث عن عوارض عنوان أخص لابد ان يكون في علم يصير هذا العنوان موضوعا له غير العلم الذي يكون موضوعه العنوان الاعم.

وكذا ذكر في الاسفار: ان كل عرض يحتاج في ثبوته للجنس الى تخصص هذا الجنس بخصوصية في الرتبة السابقة يكون من العوارض الغريبة لذلك الجنس (كالضحك العارض للحيوان بعد تخصصه بخصوصية كونه ناطقا).

فان مقتضى هاتين العبارتين خروج البحث عن عوارض النوع عن العلم الذي يكون موضوعه الجنس، مع ان عوارض النوع تعرض الجنس ضمنا وانما لاتعرضه استقلالا كما مر في مثال عروض وجوب الصلاة لفعل المكلف الذي هو في ضمن الصلاة([6]).

اقول: يرد على ما ذكره المحقق العراقي “قده” اولا: ان ذيل كلام المحقق الطوسي “ره” صريح في خلاف ما استظهره من كلامه، حيث ذكر ان البحث عن عوارض النوع مندرج في علم الجنس ولكن البحث عن الموضوع الذي كانت اخصيته من موضوع العلم لأمر عرضي فلا كالبحث في علم الحيوان عن الحيوان الطويل القامة، فانه لايكون بحثا عن العرض الذاتي للحيوان([7])، نعم ما نقله عن صاحب الاسفار مطابق لما هو الموجود في الاسفار كما سيأتي توضيحه.

عدم الفرق بين الحمل الحقيقي والعروض الحقيقي

وثانيا: انه لاوجه للفرق بين الحمل الحقيقي والعروض الحقيقي، فانه اذا كان الملحوظ هو الوجود الخارجي فما يعرض الفصل يكون عارضا للجنس الذي يكون في ضمن هذا الفصل لاتحادهما وجودا، وهذا مثل إدراك الكليات حيث يعرض النفس الناطقة فيكون عارضا للحيوان، فيكون الحمل والعروض في قولنا” بعض الحيوان مدرك للكليات” حملا وعروضا حقيقيا معا، وان كان الملحوظ هو المفهوم -الذي هو المناط في الحمل الاولي بين الموضوع والمحمول- فلاحمل اولي بين الجنس والفصل لاختلافهما مفهوما، فكيف بحمل عوارض احدهما على الآخر بالحمل الاولي، فينحصر الحمل بين الجنس والفصل بالحمل الشايع الصناعي الذي يلحظ فيه الوجود الخارجي، وحينئذ يكون عارض الفصل عارض الجنس حقيقة لاتحادهما في الوجود.

نعم يمكن تعقل الفرق بين العروض والحمل بان يكون المناط في الحمل الحقيقي هو النظر العرفي، وفي العروض الحقيقي هو النظر العقلي، ولاريب في اختلاف النظر العرفي والعقلي أحيانا، كما في قولنا الماهية موجودة فانه حمل حقيقي بالنظر العرفي ومجاز بالنظر العقلي، ولكنه لاينطبق على كلامهم، على انه اجنبي عما هو محل البحث في المقام.

تعريف البحوث للعوارض الذاتية

الثالث: ما ذكره في البحوث من ان العرض الذاتي للشيء هو ما يوجد بوجود ذلك الشيء وينتفي بانتفاءه، توضيح ذلك ان للعرض محلا ومنشأ، فقد يتحدان في مورد كما في حرارة النار، حيث ان منشأ الحرارة هو النار كما ان النار محل لها ايضا فيقال النار حارة، وقد تفترقان في مورد آخر كحرارة الماء بواسطة مجاورته مع النار، فتكون مجاورته للنار منشأ لحرارته بينما يكون محل الحرارة نفس الماء، فليست المجاورة مع النار حارة وانما هي منشأ وسبب لكون الماء حارّا، ويلزم في العرض الذاتي في موضوع العلم ان يكون هذا الموضوع منشأ له، والمراد من المنشأ ليس هو العلة الفاعلية بل ما ذكرنا من كونه مما يوضع العرض بوضعه ويرفع برفعه ولو كان علة مادية له كما في موت النبات؛ وهذا ظاهر كلمات الحكماء حيث فسروا العرض الذاتي بما يعرض الشيء لذاته او لأمر يرجع الى ذاته، على ان مقتضى البرهان هو البحث في العلوم البرهانية عن العرض الذاتي بهذا المعنى، حيث أن العلم البرهاني عندهم ما يوجب اليقين بان هذا كذا ولايمكن خلافه (أي يكون ضروري الصدق) فلو كانت الواسطة لعروض العرض للشيء واسطة اخص من ذلك الشيء لما كان ذلك الشيء مستتبعا لهذا العرض، بحيث يوجد العرض بوجوده، كما انه لو كانت الواسطة في ثبوت العرض للشيء واسطة اعم لما كان العرض ينتفي بانتفاء ذلك الشيئ، لإمكان وجود الواسطة الاعم بدون وجود ذلك الشيئ، فيتحقق معها ذلك العرض.

نعم يبقى الكلام فيما لو كان عروض العرض للشيء بواسطة اخص داخلي، كما في عروض عارض الفصل المقسم للجنس، فانه لو كان عرضا غريبا توجه الاشكال بلزوم خروج البحث عن محمولات المسائل التي تعرض على موضوع العلم بواسطة موضوعات تلك المسائل التي تكون غالبا اخص من موضوع العلم من البحث عن العرض الذاتي لموضوع العلم الذي التزموا بخروجه عن مباحث العلم.

ولكن أجابوا عن هذا الاشكال بان عوارض الفصل المقسم تكون من العوارض الذاتية للجنس، حيث ان عروض الفصل على الجنس في مثل قولنا بعض الحيوان ناطق يكون بواسطة أمر اخص وهو تلك الحصة الخاصة من الحيوانية التوأمة مع الفصل خارجا، الا ان هذه الواسطة تمتاز على ما عداها من الوسائط في انها تكون عين ذي الواسطة بلاميز بينهما، ببرهان ان تلك الواسطة اذا كانت مغايرة للجنس الذي هو ذو الواسطة لكانت هذه الواسطة هي الفصل، وهذا خلف، فعوارض الجنس بسبب الفصل يكون من العوارض الذاتية للجنس فان الجنس وان لم‌يكن وجوده مستتبعا دائما لوجود العرض، الا انه باعتبار عدم حيلولة امر خارجي بين الفصل العارض على الجنس وبين نفس ذلك الجنس في الوجود كانت المنشأية الحقيقية بين الجنس وبين الفصل وعوارضه ثابتة ايضا([8]).

مناقشه فی کلام البحوث

وفيه اولا: ان غاية ما يقتضيه البرهان هو عدم كون محمول المسألة اخص من موضوعها ولامحذور في ان يكون اخص من موضوع العلم كما لامانع من كون محمول المسألة اعم من موضوعها كما يقال الانسان مدرك للكليات فانه لايرتفع برفعه لان الجنّ او الملك مدرك للكليات أيضا.

وعليه فما ذكره السيدالطباطبائي “قده” من انه لو كان المحمول اعم من الموضوع لكان اخذ خصوصية هذا الموضوع لغوا لااثر لها في عروض المحمول([9])، فيرد عليه انه ربما لايتعلق الغرض الا بإثبات محمول لموضوع مّا دون حصره فيه، حتى ولو كان العلم من العلوم البرهانية فكيف بالعلوم الاعتبارية.

وثانيا: ان ما ذكره في توجيه كون عوارض الفصل عوارض ذاتية للجنس وان كان قريبا مما ذكره في الاسفار في مقام توجيه البحث عن محمولات المسائل التي تكون عروضها لموضوع العلم بواسطة موضوعات تلك المسائل، مع ان تلك الموضوعات تكون اخص من موضوع العلم عادة، حيث قال ان عروض الفصل للجنس ليس بواسطة حيث انه لايقتضي تخصص الجنس في الرتبة السابقة كي يتهيأ لعروض الفصل له، وعليه فيكون الفصل عرضا ذاتيا للجنس.

ولكنه انما يفيد كلامه في توجيه عروض نفس الفصل للجنس فيصير بهذا التوجيه عرضا ذاتيا له، لكنه لايجدي بلحاظ عوارض الفصل، حيث انها لاتعرض الجنس الا بعد تخصصه بالفصل، فالتعجب العارض لبعض الحيوان (اي الانسان) انما يكون بواسطة تخصص الحيوان بالفصل المقسم وهو النفس الناطقة.

نعم يمكن ان يقال بالنسبة الى حمل عوارض الفصل على الجنس انه يكفي كون عوارض موضوعات مسائل العلم مساوية لموضوع العلم ولو باخذها وما يقابلها محمولا له، فيقال في علم الفلسفة ان الموجود اما عقل او نفس او جسم او عرض او واجب، فيكون مجموع هذه المحمولات مساوية للموجود، كما ذكره السيدالطباطبائي “قده” في تعليقة الاسفار([10]).

تعريف المحقق الاصفهاني للعوارض الذاتية

الرابع: ما ذكره المحقق الاصفهاني “قده” من ان العرض الذاتي ما يعرض الشيء بلاواسطة او بواسطة امر يكون عروضه للشيء في مرتبة ذاته قبل مرتبة وجوده، كالفصل بالنسبة الى الجنس، فان الفصل يعرض الجنس في مرتبة ذاته ويكون جعله بعين جعله، بخلاف البحث عن عروض السواد للانسان بواسطة كونه زنجيا([11]).

ولكن يرد عليه انه لاوجه لاختصاص العرض الذاتي بما يكون عارضا لموضوع العلم بلاواسطة او بواسطة فصله الذي يكون عرضا اوليا له، بل يشمل ما لو كان بواسطة امر خارجي كثبوت الحرارة للماء بواسطة مجاورة النار، كما حكي عن الشيخ الرئيس في مقدمة كتاب البرهان.

لادليل على تخصيص البحث في كل علم بالبحث عما يعرض لموضوع العلم بلاواسطة او بواسطة مساو

وكيف كان فالصحيح ما ذكره صاحب الكفاية وفاقا للمحقق السبزواري في تعليقته على الاسفار من انه لادليل على تخصيص البحث في كل علم بالبحث عما يعرض لموضوع العلم بلاواسطة او بواسطة مساو، فيصح البحث عما يكون عروضه بواسطة اعم او اخص، بل الصحيح ان يقال ان البحث في كل علم تابع لحد الغرض من تدوين العلم، فقد يتعلق الغرض بالبحث عن جميع عوارض موضوع العلم ولو كانت من عوارضه الغريبة، كما لو كان بواسطة في العروض، فانه لامانع منه ابدا كما افاده المحقق الاصفهاني “قده”.

موضوع علم الاصول

الاقوال و الانظار فی موضوع علم الاصول

ذكر السيد المرتضى “ره”أن الكلام في اصول الفقه في الحقيقة في ادلة الفقه([12]).

وهذا يعني أن موضوع علم الاصول هو الادلة في الفقه.

وقد ذكر صاحب القوانين “قده” على ما حكي عنه ان موضوع علم الاصول هو الأدلة الاربعة (الكتاب والسنة والاجماع والعقل) بما هي أدلة.

وقد اورد عليه باستلزامه خروج جل مباحث الاصول عن هذا العلم، فان البحث عن حجية ظهور الكتاب يكون بحثا عن المبادئ التصديقية لموضوع علم الاصول، حيث يبحث ان الدليل الكتابي موجود ام لا، وكذا يبحث ان حكم العقل بالملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها موجود ام لا، نعم مباحث الالفاظ تندرج في علم الاصول لانه يبحث هل الأمر في الدليل الكتابي ظاهر في الوجوب ام لا.

ومن ثم تصدى صاحب الفصول”قده” لحل الإشكال، فذكر ان الموضوع ذات الأدلة الاربعة، فالبحث عن دليليتها بحث عن عوارضها([13]).

واورد عليه انه لايجدي بحال الملازمات العقلية حيث ان البحث فيها عن وجود حكم العقل لاعن دليليته، وكذا لايجدي بحال البحث عن حجية خبر الواحد فان حجيته ليست من عوارض السنة الا اذ عنى بالسنة ما يعمّ الخبر الحاكي عن السنة أيضا، وقد حاول الشيخ “قده” ان يُرجع البحث عن حجية خبر الواحد الى البحث عن عوارض السنة حيث يبحث فيه عن ان السنة تثبت تعبدا بخبر الواحد ام لا.

واورد عليه المحقق صاحب الكفاية “قده” اولا: بان البحث عن حجية الخبر بحث عن عوارض الخبر لاعوارض السنة، وثانيا: ان التعبد بثبوت السنة لدى الاخبار بها يكون من عوارض مشكوك السنة لامن من عوارض السنة، اذقد يكون الخبر كاذبا واقعا فلاتكون في الواقع سنة، وثالثا: ان الملاك في كون مسألة من مباحث الاصول او غيرها هو المبحوث عنه في المسألة لا ما هو لازمه([14]).

والجواب عن ايراده الاول أن الحجية وان كانت ثابتة اولا وبالذات للخبر، لكنه من حالات السنة أيضا بنظر العرف، حيث ان السنة الواقعية تنكشف به تعبدا.

وعن ايراده الثاني ان انكشاف السنة بخبر الواحد من عوارض طبيعي السنة عرفا، ولايحتاج الى وجود السنة في خصوص مؤدى الخبر.

وعن ايراده الثالث ما مرمن استبعاد تأثير اختلاف عنوان البحث في صيرورة المسألة اصولية وعدمها.

هذا، والمهم عدم وجود وجهٍ لتخصيص موضوع علم الاصول بالادلة الاربعة، بل يعم موضوعه جميع ما يمكن ان يكون دليلا على الجعل الشرعي الكلي في الفقه مثل الشهرة.

وقد ذكر السيد البروجردي “قده” ان موضوع علم الاصول هو الحجة في الفقه فيبحث في علم الاصول عن مصاديقها([15]).

الا أن الاولى ما ذكره في البحوث من ان موضوع علم الاصول ذات الأدلة المشتركة في الفقه، فيبحث فيه عن دليليتها([16])، فانه لايختص البحث الاصولي بالبحث عن حيثية الحجية، بل قد يكون البحث عن الدليلية في الرتبة السابقة على الحجية، فيقال مثلا ان الجملة الشرطية هل تدل على انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط ام لا.

وحينئذ فقد حاول في البحوث ان يرجع مثل البحث عن اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضده او الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته، او البراءة العقلية في موارد الشبهة البدوية الى ان الأمر بالشيء هل يكون دليلا على النهي عن ضده او انه هل يكون دليلا على الأمر بمقدمته او ان الشك هل يدل على المعذرية عقلا ام لا([17]).

ولكن لايخفى ما في جعل الشك دليلا على المعذرية من التكلف، فان الشك لايكون دليلا على المعذرية وانما هو مورد لحكم العقل بالمعذرية، نعم لو عبر بان العقل هل يدل على العذر في مورد الشك في التكليف ام لا لكان احسن، كما يمكن ان يوجه البحث عن في الملازمات العقلية كالملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع بانه هل يدل العقل على الملازمة ام لا.

 



[1] – الأسفار الأربعة ج1ص30

[2] – الاسفار الاربعة ج1ص30

[3] – ومن هذا القبيل كل ما كان ذاتي باب الكليات الخمس بان يكون ما يعرض الشيئ جنسه او فصله المقوم، كقولنا الانسان حيوان او الانسان ناطق.

[4] – وهذا هو الذاتي في كتاب البرهان مثل ثبوت الزوجية للاربعة، ونظيره عروض الحرارة للنار، حيث ان عروضها للنار يكون باقتضاء وجودها الخارجي بلاحاجة الى سبب آخر.

[5] – ذكر في البحوث نقلا عن المحقق العراقي “قده” مثالا آخر لهذه الصورة وهو عروض عوارض الجنس للنوع كما في قولنا الانسان ماش، فان عروض المشي للانسان بواسطة كونه حيوانا، فان ذا الواسطة وهو الانسان ليس معروضا لهذا العرض لااستقلالا كما هو واضح، ولاضمنا لعدم كونه جزءا تحليليا للحيوان الذي هو معروض المشي حقيقة (بحوث في علم الاصول ج1ص44) ولكنه ليس مذكورا في كلام المحقق العر”قده”، ومن الممكن انه يرى ان الجنس حيثية تعليلية لعروض عوارضه على النوع، فيكون المشي عارضا للانسان حقيقة وان كانت الواسطة في الثبوت كونه حيوانا.

[6] – نهاية الافكار ج1ص13، مقالات الاصول ج1ص40

[7] – راجع شرح الاشارات ج1ص302

[8] – بحوث في علم الاصول ج1ص49

[9] – التعليقة المطبوعة في ذيل كتاب الاسفار الأربعة ج1ص30

[10] – الاسفار الاربعة ج1 ص30

[11] -نهاية الدراية ج1ص22

[12] -الذريعة في اصول الفقه ص7

[13]– الفصول الغروية ص12

[14] – كفاية الاصول ص 8

[15] -نهاية الاصول ص15

[16]– بحوث في علم الاصول ج1ص52

[17] – بحوث في علم الاصول ج1ص52