فهرست مطالب

فهرست مطالب

تقریرات دروس خارج مدرسه فقهی امام محمد باقر علیه السلام

 

بسمه تعالی

فهرست مطالب:

أدلة الاستصحاب‏.. 1

الاستدلال بالاجماع. 1

اقوال العلماء 2

الاستدلال ببناء العقلاء 4

کلام صاحب الکفایه. 4

کلام محقق الهمدانی.. 5

مناقشه علی کلام صاحب الکفایه. 7

بیان المختار حول بناء العقلاء فی الاستصحاب.. 9

اشکالان، بناء على ثبوت السيرة العقلائية. 10

رادعیت آیات الناهیه عن اتباع الظن عن حجية سيرة العقلاء على استصحاب الحالة السابقة. 12

 

 

 

أدلة الاستصحاب‏

استدل على حجية الاستصحاب بالاجماع و ببناء العقلاء و بحصول الظن ببقاء الحالة السابقة، و بالروايات.

الاستدلال بالاجماع

قد يستدلّ على حجية الاستصحاب بالاجماع، فقد ذكر العلامة الحلي “ره” أن الاستصحاب حجة لاجماع الفقهاء على أنه متى حصل حكم ثم وقع الشك في أنه طرأ ما يزيله ام لا وجب الحكم على ما كان اولاً، و لولا القول بالاستصحاب لكان ترجيحا لاحد طرفي الممكن من غير مرجح([1]).

و ظاهر العبارة عدم اختصاصه بالامامية، و قد يقال: لعل الظاهر من عبارته الاجماع العملي، لانه قال “لاجماع الفقهاء” مع أن الاجماع القولي غير ثابت، اذ كما ذكر في ارشاد الفحول: “اختلفوا هل هو حجة عند عدم الدليل على اقوال:

اقوال العلماء

الاول: انه حجة و به قالت الحنابلة و المالكية و اكثر الشافعية و الظاهرية -أتباع داود الظاهري- سواء كان في النفي او الاثبات حكاه ابن الحاجب عن الاكثرين.

الثاني: انه ليس بحجة و اليه ذهب اكثر الحنفية و المتكلمين كابي الحسين البصري قالوا لأن الثبوت في الزمان الاول يفتقر الى الدليل فكذلك في الزمان الثاني([2]).

و أما علماء الخاصة فالشيخ المفيد قائل بحجيته، حيث ذكر أن الحكم باستصحاب الحال واجب‏ لأن حكم الحال ثابت باليقين و ما ثبت فلن يجوز الانتقال عنه إلا بواضح الدليل([3]).

و لكن انكر ذلك السيد المرتضى “ره”([4])، و أما الشيخ الطوسي “ره” فهو بعد نقل كلام المفيد في حجية استصحاب الحال قال: و في ذلك نظر([5]).

و قد وافق المحقق الحلي “ره” في المعارج، المفيد “ره” في جريان الاستصحاب، فقال: إذا ثبت حكم في وقت، ثم جاء وقت آخر و لم يقم دليل على انتفاء ذلك الحكم، فحكي عن المفيد: أنّه يحكم ببقاءه ما لم يقم دليل على نفيه، و هو المختار، و قال المرتضى‏ لا يحكم بأحد الأمرين إلّا بدليل، مثال ذلك: المتيمم إذا دخل في الصلاة، فقد أجمعوا على المضيّ فيها، فإذا رأى الماء في أثناء الصلاة، هل يستمرّ على فعلها استصحابا للحال الأوّل، أم يستأنف الصلاة بوضوء؟ فمن قال بالاستصحاب قال بالأوّل، و من انكره قال بالثاني.

لنا: أنّ المقتضي للحكم الأوّل ثابت، فيثبت الحكم، و العارض‏ لا يصلح رافعا له، لأنّ العارض إنّما هو احتمال حدوث ما يوجب زوال الحكم، لكن احتمال ذلك يعارضه احتمال عدمه، فيكون كلّ واحد منهما مدفوعا بمقابله، فيبقى الحكم الثابت سليما عن الرافع، على أن عمل الفقهاء باستصحاب الحال في كثير من المسائل، (كمن تيقّن الطهارة و شكّ في الحدث، فإنّه يعمل على يقينه. و كذلك بالعكس‏، و من تيقّن طهارة ثوبه في حال، بنى على ذلك حتى يعلم خلافها، و من شهد بشهادة بنى على بقائها حتى يعلم رافعها، و من غاب غيبة منقطعة، حكم ببقاء أنكحته، و لم تقسّم أمواله، و عزل نصيبه في المواريث، و ما ذاك‏ إلّا لاستصحاب حال حياته) و الموجب للعمل هناك موجود في موضع الخلاف، فيثبت‏ العمل به.

و الذي نختاره نحن: أن ينظر في الدليل المقتضي لذلك الحكم الذي يشك في بقاءه، فإن‏ كان يقتضيه مطلقا، وجب القضاء باستمرار الحكم، كعقد النكاح مثلا، فإنّه يوجب حلّ الوطء مطلقا، فإذا وقع الخلاف في الألفاظ الّتي يقع بها الطلاق، كقوله “أنت خليّة” فإنّ المستدلّ على أنّ الطلاق لا يقع بها لو قال حلّ الوطء ثابت قبل النطق بهذه، فيجب أن يكون ثابتا بعدها، لكان استدلالا صحيحا، لأنّ المقتضي للتحليل و هو العقد اقتضاه مطلقا، و لا يعلم أنّ الألفاظ المذكورة رافعة لذلك الاقتضاء، فيكون الحكم ثابتا، عملا بالمقتضي، فإن كان الخصم يعني بالاستصحاب ما أشرنا إليه، فليس ذلك عملا بغير دليل، و إن كان يعني به أمرا وراء ذلك، فنحن مضربون عنه([6]).

و لا يخفى أن بيانه الاخير يناسب استناده الى قاعدة المقتضي و المانع.

و علل الشهيد “ره” في الذكرى جريان استصحاب بقاء الطهارة عند الشك في طرو الحدث او بالعكس بأن الضعيف لا يعارض القوي([7]).

و كيف كان فقد تحصل عدم ثبوت الاجماع على حجية الاستصحاب بهذا العنوان بعد مخالفة السيد المرتضي و توقف الشيخ الطوسي، مضافا الى عدم كونه اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم، فانه بعد احتمال استناده الى بعض الوجوه القادمة لا ينحصر مستنده في الارتكاز المتشرعي حتى يحصل الوثوق باتصال هذا الارتكاز بزمان المعصوم (عليه السلام)، على أن القدر المتيقن من الاجماع هو جريان الاستصحاب في الشك في الرافع في الشبهات الموضوعية في غير الامور المهمة.

الاستدلال ببناء العقلاء

کلام صاحب الکفایه

ذكر في الكفاية أنه قد استدل على الاستصحاب باستقرار بناء العقلاء من الإنسان، بل ذوي الشعور من كافة أنواع الحيوان على العمل على طبق الحالة السابقة و حيث لم يردع عنه الشارع كان ماضيا.

ثم أجاب عنه أولاً: بمنع استقرار بناءهم على ذلك تعبدا، بل إما رجاء و احتياطا، أو اطمئنانا بالبقاء، أو ظنا و لو نوعا، أو غفلة، كما هو الحال في سائر الحيوانات دائما و في الإنسان أحيانا.

و ثانيا: سلّمنا ذلك، لكنه لم يعلم رضى الشارع به، و يكفي في الردع عن مثله ما دل من الكتاب و السنة على النهي عن اتباع غير العلم و ما دل على البراءة أو الاحتياط في الشبهات فلا وجه لاتباع هذا البناء فيما لابد في اتباعه من الدلالة على إمضاءه فتأمل جيدا([8]).

اقول: تارة يقع الكلام في صغرى بناء العقلاء على الاستصحاب، و أخرى في حجيته، أما الكلام في الصغرى، فحاصل جواب صاحب الكفاية بتقريب منا أن عمل العقلاء على وفق الحالة السابقة عند الشك العقلائي في بقاءها -اي عدم الغفلة او الاطمئنان بالبقاء- قد يكون برجاء اصابة الواقع، كما لو كان يترتب على العمل على وفقها على فرض بقاء الحالة السابقة منفعة، من غير أن يترتب عليه على فرض ارتفاعها مفسدة غالبة او مساوية، فيعملون على وفقها من دون أن يروا لزوم ذلك، و قد يكون لاجل الاحتياط، فيما لو ترتب على ترك العمل بها على فرض بقاءها مفسدة، و لم يترتب على العمل بها مع ارتفاعها مفسدة غالبة او مساوية، فيعلمون وفقها احتياطا من غير أن يروا لزوم ذلك، او يعملون وفق الحالة السابقة لظنهم ببقاءها ظنا شخصيا او نوعيا، من دون أن يروا لزوم ذلك، و انما يكون كمرجح نفسي لهم، و لا يعني الظن النوعي ببقاءها حجية الاستصحاب عقلاء، فكم من ظن نوعي ليس معتبرا عقلاءا، مثل الشهرة.

کلام محقق الهمدانی

لكن ذكر المحقق الهمداني “قده” في تقريب بناء العقلاء على الاستصحاب -الذي يرى اختصاص جريانه بالشك في الرافع- أنه استقرت طريقة العقلاء في أمورهم على عدم ترتيب أثر وجود شيء بمجرد احتمال وجوده، إلّا من باب حسن الاحتياط في بعض الموارد، و لأجل ذلك لا يعتني العقلاء باحتمال وجود القرينة في رفع اليد عن ظاهر القول و الفعل، و احتمال كون أصل العدم في مباحث الألفاظ حجّة بالخصوص، مدفوع بما نشاهد من أحوال العقلاء أنّ اتكالهم في عدم الاعتناء بوجود القرينة، ليس على قاعدة تعبّدية واصلة إليهم من أسلافهم، و لذا يحملون الفعل، و كذا إشارة الأخرس، و غيرها ممّا له ظاهر على ظاهره، و لا يعتنون باحتمال قرينة الخلاف.

هذا مع أن من المستبعد جدّا التزام العقلاء بقاعدة تعبّدية في خصوص موردٍ، بل المنشأ فيها ليس إلّا تعبّدهم بعدم الاعتناء بالاحتمال في ترتيب آثار الوجود على المحتمل.

و كذا لا يعتني الوكيل باحتمال موت الموكّل، و لا المستعير باحتمال موت المعير، و لا المتّهب باحتمال موت الواهب قبل قبض العين الموهوبة، و لا العبد المأمور بشي‏ء باحتمال موت مولاه و انتقاله إلى غيره، أو رجوع المولى عن امره، و كذا لا يعتني باحتمال التكليف، من دون التفاته أوّلا و بالذات إلى قبح العقاب من دون بيان.

و هكذا لا يعتني بالشك في بقاء شيء لأجل الشكّ في تحقق الرافع، او الشك في رافعية الموجود، حيث يمضي على ما يقتضيه يقينه السابق، ولا يعتني باحتمال وجود المزيل.

و ممّا يدل على ذلك أخبار الاستصحاب، لأنّ تنزيلها على بيان حكم تعبّدي ينافي ظاهر التعليل الوارد فيها، كيف و لو حملناها على التعبّد المحض لما صحّ لنا دعوى ظهور قوله “اليقين لا ينقضه الشكّ” في إرادة الجنس من لفظ اليقين و الشكّ حتّى تدلّ على حجّية الاستصحاب، لأنّ سبق ذكر اليقين و الشكّ في الأخبار المعلّلة من قرائن العهد، فلا يبقى معه ظهور في إرادة الجنس، و أمّا الظهور الذي تجده من نفسك، من عدم مدخلية خصوصية المورد في الحكم، فليس منشأه إلّا ما هو المغروس في ذهنك من المناسبة بين الحكم و موضوعه، و أمّا لو أغمض عن ذلك و نزّل الحكم على التعبّد، فليس حاله إلّا حال ما لو علّله بأمر تعبّدي، في أنّه لا يتخطّى عن مورده.

فالإنصاف أنّه لو لم يحصل لنا الوثوق من بناء العقلاء على أنّه لا يجوز رفع اليد عن الأمر الثابت، بمجرّد احتمال ما يزيله، فلابدّ من أن يجعل هذه الأخبار المستفيضة كاشفة عن بناءهم، و إمضاء لطريقتهم، لما عرفت من تعذّر تنزيلها على التعبّد، خصوصا بعد ملاحظة شيوع القول بحجّية الاستصحاب في الجملة بين العامة و الخاصّة قديما و حديثا، بل عدم القول بإنكاره مطلقا حتّى في العدميات أو ندرته، فكيف يمكن في مثل هذا المورد تنزيل مثل هذه الأخبار على التعبّد المحض، مع أنّ اعتماد جلّ القائلين بحجّيته، بل كلّهم، إلّا من شذ و ندر من جماعة من متأخّري المتأخّرين، ليس إلّا على بناء العقلاء([9]).

و قد ذكر بعض السادة الاعلام “دام ظله” أن بناء العقلاء على العمل بالحالة السابقة المتيقنة يمكن عدّه من الواضحات في الجملة، و ذلك لأننا حينما نراجع العقلاء في شؤونهم الفردية و تعاملهم مع الآخرين، و في الحكم بين الناس نراهم معتمدين على الاستصحاب، فان كثيرا من الشؤون الفردية محتاجة الى احراز الحياة و الصحة و بقاء القدرة، و لا يمكن احراز ذلك الا بالاستصحاب، و كذلك بالنسبة الى علاقاته مع الآخرين، فانه يرى صديقه السابق صديقا الآن مع أنه يحتمل تحوله الى عدوّ، و كذا العكس، فبمراجعة العقلاء باجمعهم ترى الجميع يحكمون بالبقاء، و الا لم يستقر حجر على حجر، فانا نرى الحكومات تخوِّل بعض الامور لبعض الاشخاص اعتمادا على حالتهم السابقة، ما لم تكن أمارة على تبدل حالهم، و كذا في الامور المالية يعتمد العقلاء على وكلائهم مع بعدهم عنهم و بعد العهد بهم ما لم ينكشف خيانتهم، و يرسلون اليهم الاموال مع أن من المحتمل موتهم او عدم قدرتهم على العمل فعلا، و كذا الامر في القضاء بين الناس فيميِّزون بين المدعي و المنكر بكون المدعي من يخالف قوله الاصل، و أعظم من ذلك أنهم يحكمون بالبقاء في موارد تمسّ حياتهم، فتراهم يحكمون ببقاء صحة قائد الطائرة و لذا يركبون الطائرة و لو مع احتمال طرو حالة طارئة له توجب القضاء على حياتهم، و كذا في سائر شؤونهم الفردية و الاجتماعية و القضائية.

و مما ذكرنا ظهر أن لحكمهم بالبقاء منشأين: احدهما نفسي و الآخر اجتماعي، أما المنشأ النفسي فهو رؤية الاشياء على ما رأوه سابقا، فلو رأوا شخصا جاهلا ثم لم يروه الا بعد مدة يحكمون عليه بكونه جاهلا، مع احتمال صيرورته عالما، و يمكن التعبير عنه بالاطمئنان الاحساسي، و أما المنشأ الاجتماعي فهو أنه لو لم يحكم ببقاء ما كان لاختل النظام او لا اقل من حصول البطء في سير النظام الاجتماعي.

مناقشه علی کلام صاحب الکفایه

و ما ذكره صاحب الكفاية من منع استقرار بناء العقلاء على البناء على الحالة السابقة تعبدا، بل إما رجاء او احتياطا او اطمئنانا بالبقاء او ظنا و لو نوعا او غفلة كما هو الحال في سائر الحيوانات دائما و في الانسان أحيانا، ففيه ان مورد القضاء بين الناس لا يتأتى فيه الرجاء و الغفلة و الاحتياط، كما أن ما ذكره المحقق العراقي “قده” من أنه لو كان الاستصحاب مما بنى عليه العقلاء لم يختلف فيه العلماء، و الحال أن كل واحد منهم يساوي الف عاقل([10])، فهو غير صحيح اذ المنكرون لبناء العقلاء كالسيد المرتضى انما ينكرونه باللسان لا في العمل.

و قد يكون منشأ انكار بناء العقلاء على الاستصحاب ارجاعه الى البناء على قاعدة المقتضي و المانع، فقد ذهب الملا هادي الطهراني و جماعة الى أن الجري على وفق الحالة السابقة من جهة عدم اعتناءهم باحتمال المانع عند احراز المقتضي([11]).

و ممن قبل بناء العقلاء على الاستصحاب هو المحقق النائيني “ره” و قال ان عملهم على طبق الحالة السابقة انما هو بإلهام إلهي حفظاً للنظام([12])، و اورد عليه السيد الخوئي “قده” بأن المنكرين لحجية الاستصحاب لم يختل النظام عليهم بعدُ، و لو كان حفظ النظام يقتضي ذلك، لاختلّ على المنكرين([13])، و قد يجاب عنه ب‍أن المنكرين كالسيد المرتضى انما انكروا بلسانهم لا بعملهم.

و هكذا قبل بعض الاعلام “قده” بناء العقلاء بتقريب أنا نجد العقلاء يعملون على طبق الحالة السابقة و يحتجّون به على مواليهم، و هذا ليس مرتبطا بامورهم كى يدعى انه من باب الاحتياط، و أما احتمال الغفلة فهو مدفوع بأنا نجد العقلاء بانين على طبق الحالة السابقة فى موارد الترديد فى البقاء و عدمه، و هذا دليل على ان بناءهم ليس لاجل الغفلة عن احتمال الانتفاء([14]).

و هكذا ذكر في البحوث أن الصحيح ثبوت أصل بناء العقلاء على العمل وفق الحالة السابقة في الجملة، و لو على أساس الأنس الذهني الذي يميل الإنسان على أساسه إلى افتراض بقاء الحالة السابقة، بل نفس ما ذكروه من الغفلة يكون منشؤها عادةً ذلك الأنس الذهني، و لهذا نجد أنهم يجرون على طبق الحالة السابقة في موارد قد لا يكتفى فيها حتى بالظن، فكأن ذلك الأنس الذهني أوجب سكون النفس و عدم اعتناءها باحتمال الخلاف.

و يشهد على ثبوت أصل البناء العقلائي ذكر كثير من العلماء لها، حتى قال بعضهم انه لولاه لاختل نظام المعاش، و هو كذلك، إذ كثير من الأمور تمشي ببركة هذه الغفلة و لولاه لاضطرب نظام المعاش بين الناس، لو أريد إقامته على أساس الاحتياط أو الظن المعتبر.

و لكن القدر المتيقن ثبوت هذه السيرة في الاغراض التكوينية العقلائية، و لا نجزم بثبوتها في دائرة الشارع من اغراضهم التكوينية إلى موارد الأحكام الشرعية بعد دخولها في محل ابتلاء الناس، نعم هذه السيرة و ان فرض عدم الجزم بسريانها إلى دائرة الأحكام الشرعية إلّا أنها على أية حال تشكل خطرا على أغراض المولى لكونها في معرض أن تسري إليها فلو لم يرض الشارع بذلك لردع عنها في هذا المجال([15]).

هذا محصل كلام جمع من الاعلام القائلين بثبوت بناء العقلاء على العمل بالاستصحاب على اختلاف اسالبيهم في تقريب ذلك.

بیان المختار حول بناء العقلاء فی الاستصحاب

و الصحيح أن يقال ان عمل العقلاء في الأغراض التكوينية يدور مدار الوصول الى الواقع، فلا يعتمدون على مجرد اليقين بالحالة السابقة في اغراضهم اللزومية، مع احتمال ارتفاعها احتمالا عقلائيا، نعم قد لا يعتنون بهذا الاحتمال عند تزاحم الاغراض، فلو احتمل من وكّل غيره في امواله او يريد أن يوكِّله أنه صار خائنا و كان هذا الاحتمال ناشئا عن منشأ عقلائي، كما لو سمع خبرا حول ذلك فلا يعتمد عليه بمجرد سبق امانته.

كما لم يثبت عمل العقلاء وفق الحالة السابقة في مقام احتجاج بعضهم مع بعضٍ او الاحتجاج بين الموالي و العبيد مع وجود منشأ عقلائي لاحتمال ارتفاع الحالة السابقة، و التعبير في روايات الاستصحاب بأنه لا ينبغي نقض اليقين بالشك ابدا، لا يكشف عن ارتكازية الاستصحاب، بل لعله بيان لقاعدة تعبدية محضة، فان معناه أنه لا يتسير لك نقض اليقين بالشك، فلعل المراد أنه لا يتسير ذلك شرعا، و لعله لييان قاعدةٍ لا يستنكرها الطبع العقلائي، كما سيأتي توضيحه.

و ما ذكره بعض السادة الاعلام “قده” من أن بناء العقلاء في تشخيص المدعي أنه من يخالف قوله الأصل، و المنكر من يوافق قوله الاصل، و هذا يكشف عن حجية الحالة السابقة عند الشك في البقاء، ففيه أننا لا ننكر كون بناء العقلاء في الشك في حقوق الناس على البناء على بقاء الحق او الملك السابق، و عدم ثبوت الحق المشكوك لشخص آخر و عدم انتقال الملك اليه، الا مع قيام الحجة عليه، و قد لا يكون منشأه الاستصحاب، و ذلك فيما لو كان ثبوت الحق لشخص تابعا لوصف ذاتي له، كحق الارث الذي يتبع كونه ولد المورِّث مثلا، و الاستصحاب النافي له ليس الا استصحاب العدم الازلي و لا يحتمل بناء العقلاء على جريانه.

و من جهة أخرى انه قد اختار في الفقه أنه لو كان قول احد المتنازعين موافقا للاصل و لكن كان مخالفا لظاهر الحال كان هو المدعي، لأنه الملزم بالاثبات عقلاءً، مع أن ظاهر الحال ليس حجة للشاك، فكون مخالفة الاصل ملاكا لتشخيص المدعي لا يلازم بنظره حجية الاصل.

وكيف كان فدعوى استقرار سيرة العقلاء على الاستصحاب مطلقا كما هو مدعاه، او في مورد الشك في الرافع كما هو مدعى المحقق الهمداني وبعض آخرين، غير متجهة او غير ثابتة على الأقل، نعم الظاهر ثبوتها في مورد الشك في الرافع في الحقوق والاموال.

اشکالان، بناء على ثبوت السيرة العقلائية

ثم انه بناء على ثبوت السيرة العقلائية على البناء على الحالة السابقة، كما ثبت في الجملة، فيقع الكلام في حجيتها، و یوجد اشكالان حول ذلك:

الاشكال الاول:

ما قد يقال من أن من المحتمل أن يكون المولى قد جعل البراءة واقعا في قبال بناء العقلاء على الاستصحاب، لكنه لم يهتمّ بإيصال ذلك الى العبيد، باعتبار أنّ ما يصنعه العبيد ليس بأسوأ حالًا من فرض التمسّك بالبراءة، فانه فيما اختلفت نتيجة البراءة و الاستصحاب، و هو الاستصحاب المنجز للتكليف قد يتكافؤ المقدار الذي يفوت من الاغراض الترخيصية الواقعية للمولى بهذا الاستصحاب في موارد عدم مطابقته للواقع، مع المقدار الذي يفوت من اغراضه اللزومية الواقعية بجريان البراءة المؤدية الى خلاف الواقع، و يكون انحفاظ الغرض الواقعي للمولى بعد ردع العقلاء عن الاستصحاب بايصال جعل البراءة اليهم و قبله بدرجة واحدة، فلا يكشف عدم الردع عن موافقة الشارع لبناء العقلاء على الاستصحاب.

و قد يجاب عن ذلك بأنّ الإمام (عليه السلام) يهتمّ بإيصال الأحكام و لو كانت ظاهرية، فلو كان الحكم هو البراءة لردع عن الاستصحاب، و لو فرض أنّ نسبة الملاك الواقعي إليهما كانت على حدّ سواء([16]).

و يندفع هذا الجواب بأنه لو كان المقابل للاستصحاب هو البراءة فقط لم نستكشف من سكوت الشارع موافقته للاستصحاب، لأن بناء العقلاء على الاستصحاب التنجيزي موافق للاحتياط، فلا يوجب عملهم نقض الغرض اللزومي، و أما الغرض الترخيصي الواقعي على تقدير تسلم مبنى التزاحم الحفظي فقد يتعلق بكون المكلف مرخص العنان شرعا لا بكونه مرخص العنان فعلا بايصال الترخيص الظاهري اليه، فلا كاشف عن اهتمام الامام (عليه السلام) بايصال الحكم الظاهري الترخيصي في مثله.

فالصحيح أن يجاب عن هذا الاشكال بأن المقابل للاستصحاب ليس هو البراءة فقط، بل قد يكون قاعدة الاشتغال كما في استصحاب بقاء الطهارة، و هكذا لو جرى الاستصحاب لنفي انتقال المال من شخص الى آخر، فانه بهذا الاستصحاب يرتِّب الآخرون الآثار الترخيصية و الالزامية معا، فيردّون المال الى الاول، و يكون تصرفهم فيه بدون اذن الثاني، مع أنه خلاف العلم الاجمالي بكون المال لأحدهما، المقتضي لحرمة التصرف فيه مع عدم اذنهما، و هكذا استصحاب عدم زوجية امرأة لرجلٍ، حيث يبنون بذلك على صحة الزواج منه و لو بدون طلاقه، مع انه خلاف العلم الاجمالي بصحة عقد الزواج منها او فساده المقتضي لتنجز الآثار الالزامية المترتبة على كل من صحته و فساده.

الاشكال الثاني:

رادعیت آیات الناهیه عن اتباع الظن عن حجية سيرة العقلاء على استصحاب الحالة السابقة

ما ذكره صاحب الكفاية “قده” من أن الآيات الناهية عن اتباع الظن، تكفي في الردع عن حجية سيرة العقلاء على استصحاب الحالة السابقة على فرض ثبوتها.

و هذا الكلام بظاهره يتنافى مع ما تقدم منه في بحث حجية الخبر الواحد من أنه -مضافا الى كون تلك الآيات واردة في أصول الدين- يكون وصول الردع عن بناء العقلاء على حجية خبر الثقة بتلك العمومات مستلزما للدور، لأن وصول الردع بها يتوقف على عدم تخصيص عمومها بهذا البناء العقلائي، وعدم تخصيص عمومها ببناء العقلاء يتوقف على وصول الردع عنه بها، اذ لو لم يصل الردع عنه لكان هو مخصصا لتلك العمومات‏([17]).

و من هنا اشكل المحقق النائيني “قده” عليه بأنه لا وجه للتفرقة بين المقامين([18]).

وجوه التفریق بین المقامین

ولكن قد يحاول التفريق بين المقامين بعدة وجوه:

الوجه الاول:

ما ذكره السيد الخوئي “قده” من أن ما يمكن أن يكون فارقا بين المقامين هو أن ما ذكره في هامش الكفاية من التمسك باستصحاب حجية الخبر لو قيل بسقوط كل من السيرة و الآيات عن الاعتبار، لا يجري في المقام، لأن الكلام في حجية الاستصحاب، و لا يمكن إثباتها بنفس الاستصحاب، كما هو ظاهر([19]).

اقول: هذا موقوف على كون اخبار الاستصحاب قطعية الصدور و لو اجمالا، و الا رجع التمسك بها -لاثبات حجية خبر الثقة باستصحاب حجيته- الى الاستدلال على حجية خبر الثقة بخبر الثقة.

وكيف كان فقد اورد في البحوث على ما ذكره السيد الخوئي بأن خصوص أصالة عدم النسخ ثابتة بالإجماع و نحوه من الأدلة اللبية، حتى إذا أنكرنا حجية كبرى الاستصحاب، وعليه فيمكن التعويل عليه في كلا المقامين([20]).

وفيه أن نفس استصحاب عدم النسخ مع عدم اطلاق في الدليل المنسوخ ليس من المسلمات، نعم لو كان هناك اطلاق في الدليل المنسوخ فحتى لو لم يمكن الرجوع الى اطلاقه لنفي احتمال النسخ كما في الشك في النسخ الحقيقي –الممكن في الشرع ايضا بلحاظ عالم الجعل و الانشاء، دون عالم ارادة المولى- فيوجد بناء عقلائي على عدم الاعتناء باحتمال النسخ كاحتمال عزل المتولي او الوكيل.

ثم ان اصل مدعى صاحب الكفاية من امكان استصحاب حجية خبر الثقة في اول الشريعة قابل للنقاش، فان سكوت الشارع عن ردع السيرة في اول الشريعة لا يكشف عن رضاه بها، لاحتمال عدم تهيؤ الظروف لابراز مخالفته للسيرة بعد كون الناس حديث عهد بالاسلام، على أنه حيث كان دليل الامضاء لبيا فلا يحرز كونه مجعولا بنحو القضية الحقيقية، بل لعله مجعول بنحو القضية الخارجية، كأن يكون المجعول حجية الاستصحاب لمن كان معاصرا لصدر الاسلام، فلا يمكن اسراءه الى غيره بالاستصحاب، لعدم بقاء الموضوع.

الوجه الثاني:

ما في البحوث من أن صاحب الكفاية انما اكتفى في حجية السيرة على العمل بخبر الواحد بعدم وصول الردع عنها لما يرى من كون السيرة العقلائية في باب الحجج موضوعا بشهادة الوجدان لحكم العقل بالتنجيز و التعذير ما لم يصل ردع الشارع عنها.

و حينئذ فقد يقال بأن الفرق بين سيرة العقلاء على العمل بخبر الواحد و سيرتهم على الاستصحاب أن العقلاء يعملون بالخبر في مقام الاحتجاج، ويرونه منجزا ومعذرا، فتكون هذه السيرة حجة لولا وصول الردع، و تخصص عموم الآيات الناهية عن اتباع الظن، و تكون رادعيتها عنها دورية.

بينما انه لم يثبت ذلك منهم في الاستصحاب و انما نرى اعتمادهم عليه في مجال الاغراض التكوينية، و انما اردنا استكشاف حجيته شرعا في المجالات الشرعية من خلال عدم تنبيه الشارع لعدم قبوله للاستصحاب في المجالات الشرعية، مع أنه يشكل خطرا على اغراض الشارع لمعرضية سريان عملهم اليها، وعليه فلا تكون هذه السيرة حجة لولا وصول الردع، حتى تكون رادعية الآيات دورية([21]).

ولا بأس بهذا البيان ان تم ما ذكره في البحوث في سيرة العقلاء في الاستصحاب.

الوجه الثالث:

ما في البحوث ايضا من أن السيرة كلما كانت أعمق و أكثر رسوخا في وجدان العقلاء و ارتكازهم كانت بحاجة إلى ردع أقوى و أوضح، بحيث قد لا يكتفى لبعض مراتبها بمثل العمومات و المطلقات، بل لابد من الصراحة و التنصيص، و حينئذ يدعى ان السيرة العقلائية على حجية خبر الثقة قد بلغت من الرسوخ و الارتكاز إلى تلك الدرجة بخلاف السيرة على الاستصحاب([22]).

و لا باس بما افاده.

الوجه الرابع:

ما فيه ايضا من أن المهم في الردع عن حجية السيرة مثل اخبار البراءة، و أما أدلة النهي عن العمل بالظن فهي ظاهرة في الارشاد الى حكم العقل بلزوم الركون في النهاية إلى العلم، و هذا حاصل في موارد الحجج أيضا، و أخبار البراءة باعتبارها ثابتة بخبر الواحد فلا يمكن ان تكون رادعة عن حجية الخبر، بخلاف المقام، حيث انه بعد الفراغ عن حجية خبر الثقة يراد أن تجعل أخبار البراءة رادعة عن عمل العقلاء بالاستصحاب.

نعم هذا الوجه مبني على القول بكفاية عدم وصول الردع في حجية السيرة و إلّا لم تثبت حجية خبر الثقة أيضا لاحتمال رادعية اخبار البراءة.

و ما ذكره تام ، و ان كان خلاف ما مر منه في بحث الشك في الحجية من كون الآيات ارشادا الى عدم حجية الظن([23]).

الوجه الخامس:

ما يقال من أنه بناء على مبنى المحقق النائيني و السيد الخوئي “قدهما” من حكومة السيرة العقلائية غير المردوعة على كون خبر الثقة علما بالواقع بالنسبة الى تلك الآيات، فلا يأتي هذا الجواب في الاستصحاب لوضوح عدم اعتبار العقلاء بقاء اليقين السابق، غاية الامر جريهم العملي على وفقه، فلا يكون حاكما عليها فتصلح للرادعية عنه.

ثم ان المهم في الجواب عن رادعية الآيات عن بناءات العقلاء كبناءهم على الاستصحاب ان ثبت ذلك، هو ما ذكرنا في بحث حجية خبر الواحد من أن مفاد قوله تعالى “ولا تقف ما ليس لك به علم” او قوله تعالى “ان يتبعون الا الظن” هو الإرشاد إلى حكم العقل بعدم الاعتماد على الظن، وأنه لابد من العمل بما يحصل معه الأمن من العقاب، ولا يحصل الأمن إلا بالعلم أو بما ينتهي إليه كالعمل بأمارة عُلمِ بحجيتها، فان الاعتماد فيه ليس على الظن، بل على الدليل العلمي القائم على حجية الظن، فان من علم بأن الشارع امره بالعمل بالظن بالقبلة مثلا، فلا يصدق في حقه أنه يقفو، أي يتَّبِع ما ليس له علم، فانه يتَّبِع ما له به علم، وهو امر الشارع بالعمل بالظن، فان التعبير باقتفاء الظن او اتباعه مرادف في الفارسية لقولنا “دنباله روى كردن” ويختلف عما لو ورد النهي عن العمل بالظن.

وأما قوله تعالى “ما لهم بذلك من علم، ان هم الا يظنون([24])” فلا يدل على النهي عن العمل بالظن مطلقا، بل يختص باصول الدين، لأنه وارد في مورد انكار الآخرة، حيث ذكر قبله “و قالوا ان هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا، وما يهلكنا الا الدهر”.

بل لو كان ظاهر الآيات الناهية عن اتباع غير العلم النهي الطريقي عن العمل بالظن او الارشاد الى عدم حجية الظن، فالصحيح أنه لو ثبتت سيرة على البناء على الحالة السابقة كما قبلناها في الشك في الرافع في مورد الحقوق و الاموال، فالعرف بارتكازه يرى جزما او احتمالا انصراف الاطلاقات و العمومات، كدليل البراءة او الآيات الناهية عن اتباع غير العلم عنها

وأما ما في الفصول من ذكر ما دل على حرمة القول على الله بغير علم، كقوله تعالى “حرّم ربي …وان تقولوا على الله ما لا تعلمون” في ضمن الآيات الناهية عن العمل بغير علم فلا يخلو من غرابة، لأن حرمة القول بغير علم لا يقتضي النهي عن العمل بما علم اعتباره شرعا من الظنون.

هذا و قد ذكر بعض السادة الاعلام “دام ظله” أن القول برادعية الآيات يبتني على كون العلم بمعنى القطع و الظن بمعنى الاعتقاد الراجح، الا أن الصحيح أن العلم بمعنى البصيرة في قبال الجهل و هو الخبط و الجهالة، و الظن هو الاحساس لا عن عيان، فان العرب لا يعبِّرون في موارد الأعيان التي ترى بالعين او تكون من الضروريات بالظن، و انما يعبرون بالظن في الاعتقاديات سواء كان الاعتقاد جزميا ام غير جزمي، و ان كان منشأ الظن غير عقلائي فقال عنه بالظن الجاهلي، اي الظن السفهي، كما في قوله تعالى “يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية، يقولون لو كان لنا من الامر شيء ما قتلنا ههنا”.

فترى أنه استعمل العلم في قوله تعالى “و ان كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم” و قوله تعالى “بل اتبع الذين ظلموا أهوائهم بغير علم” في قبال اتباع الهوى، كما استعمل في “و يعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا و ما ليس لهم به علم” في قبال ما ليس له دليل و سلطان، و استعمل في قبال السفه في “قد خسر الذين قتلوا اولادهم سفها بغير علم”، و عليه فالآيات لا تنهى عن السلوك العقلائي كما في العمل وفق الحالة السابقة([25]).

و فيه أنا و ان استظهرنا كون العلم مثالا للطريق العقلائي و الظن في قباله، لكن الاستصحاب ليس طريقا عقلائيا غايته أنه يكون اصلا عقلائيا لحفظ النظام كقاعدة اليد، فلو اخبر شخص عن الواقع اعتمادا على الاستصحاب فيصدق عرفا أنه اخبر بغير علم.

ثم انه لم سلم انعقاد العموم في الآيات في النهي عن العمل بالظن او الارشاد الى عدم حجية الظن، فالصحيح أنه لا يتم اشكال صاحب الكفاية من لزوم الدور في رادعيتها عن السيرة، لأن اشكاله مبني على القول بكفاية عدم وصول الردع في حجية السيرة عقلا، و لكنه غير متجه، لشهادة الوجدان بتوقف حجيتها على احراز امضاء الشارع لها، فانه لو شكّ المكلف في قبول الشارع لبناء العقلاء على العمل بخبر الثقة او الاستصحاب بأن اخبر شخص مجهول بأن الشارع لا يقبل العمل بخبر الثقة او الاستصحاب، فلا نحسّ بوجداننا كون المكلف معذورا عقلا لو عمل بخبر الثقة القائم على ارتفاع التكليف مع انكشاف خطأه، او الاستصحاب المؤدي الى مخالفة الواقع المنجز لولا الاستصحاب كاستصحاب بقاء شرط صحة العمل.

هذا مضافا الى أنه لو فرض كون حجية السيرة عقلاً مشروطة بعدم وصول الردع عنها، فالذي يرفع هذه الحجية العقلية هو وصول الرادع المعتبر في حد ذاته مع قطع النظر عن حجية هذه السيرة، بلا فرق بحسب الوجدان بين ما لو كان الردع بدليل خاص او عامٍّ لا ينصرف عن مورد السيرة، وحينئذ فلا يعقل أن تكون هذه الحجية العقلية للسيرة مانعة عن وصول الردع، كما هو الحال في كل ما يكون وجوده مشروطا بعدم شيء، فانه لا يعقل أن يمنع من وجود ذلك الشيء.

فاتضح عدم وجود رادع عن المقدار الثابت بسيرة العقلاء في الاستصحاب وهو الشك في الرافع في الأموال والحقوق.

 



[1] – مبادئ الوصول الى علم الاصول ص250

[2] – ارشاد الفحول ص 237

[3] – مختصر التذكرة بأصول الفقه ص45

[4] – الذريعة الى اصول الشيعة ج2 ص 235

[5] – العدة في أصول الفقه ج‏2 ص755

[6] – معارج الأصول ص 286

[7] – ذكرى الشيعة ج2ص204

[8] – كفاية الأصول ص 387

[9] – الفوائد الرضوية ص329

[10] – نهاية الافكار ج 4ق1ص34

[11] – الاستصحاب ص33

[12] – فوائد الاصول ج4ص 332

[13] – مصباح الاصول ج3ص11

[14] – المحاضرات: مباحث اصول الفقه ج‏3 ص 21

[15] – بحوث في علم الاصول ج6ص21

[16] – مباحث الأصول ج‏5 ص33

[17] – كفاية الأصول ص303

[18] – فوائد الاصول ج4ص 333

[19] – مصباح الاصول ج 3 ص 12

[20] – بحوث في علم الاصول ج6ص 22

[21] – بحوث في علم الاصول ج 6ص 22

[22] – بحوث في علم الاصول ج6ص22

[23] – بحوث في علم الاصول ج4ص226

[24] – الجاثية، الآية 24

[25] – الاستصحاب ص 49