بسمه تعالی
رؤوس المطالب:
محاولات لوضع هيئة المصدر فی معنى زائد على مدلول مادته. 2
المحاولة الاولى: ما يقال من انها موضوعة بإزاء نسبة ناقصة بين الحدث وذات مبهمة. 2
اشکال المحقق النائيني “قده”.. 2
المحاولة الثانية: ما ذكره المحقق النائيني “قده”.. 4
1لف) فی معانی أسماء الإشارة 11
1- الموضوع له والمستعمل فيه في مثل اسماء الاشارة والضمائر عام. 11
2- الموضوع له للفظ الاشارة هو نفس الاشارة 13
3- ان معنى اسم الاشارة هو الذات المبهمة. 14
4- معنى “هذا” هو المفرد المذكر الواقع طرفا للاشارة الذهنية او الخارجية. 15
معنى اسم الإشارة هو الذات الواقعة طرفا للإشارة تصورا 15
الظاهر فی الضمائر وضعها لواقع الذات الغائب او.. 17
الظاهر فی الموصولات وضعها لذات مبهمة يتوقع رفع ابهامها بالصلة. 17
هيئة المصدر
ان المشهور عند النحاة ان المصدر اصل المشتقات، فيقال بانه يعني ذلك ان هيئة المصدر لمتوضع لمعنى زائد على ما تدل عليه المادة والا لميكن اصلا للمشتقات حيث لاينحفظ هيئة المصدر التي تدل على المعنى الزائد فيها.
محاولات لوضع هيئة المصدر فی معنى زائد على مدلول مادته
ولكن هناك محاولات لتصوير معنى زائد وضعت هيئة المصدر بإزاءه:
المحاولة الاولى: ما يقال من انها موضوعة بإزاء نسبة ناقصة بين الحدث وذات مبهمة
ويلاحظ عليه انه لو دلت هيئة المصدر على الذات التي هي طرف النسبة، ففي مثل قولنا “ضربُ زيدٍ” يلزم تعدد النسبة، حيث أنه بملاحظة هيئة الإضافة يكون زيد طرف النسبة وبملاحظة هيئة المصدر يكون طرفها الذات المبهمة، فيلزم تعدد النسبة في عرض واحد، وهذا ان لميكن مستحيلا فلااقل من كونه خلاف الوجدان، وان لمتدل هيئة المصدر على الذات لزم عدم تمامية معناها الا بضمّ لفظ دال على طرف النسبة، مع انه لاحاجة اليه وجدانا، فيقال “الضرب حرام”.
وما قد يقال بانه يمكن الالتزام في مثله بكونه اسم مصدر، فيلاحظ عليه ان كونه اسم مصدر خلاف الوجدان العرفي، فانه يقال في الفارسية “زدن حرام است” ولااشكال في انه المتفاهم عرفا منه غير “كتك حرام است”.
هذاوقد اورد على هذه المحاولة ايرادات أخرى ايضا:
اشکال المحقق النائيني “قده”
منها: ما ذكره المحقق النائيني “قده” من انه بناء عليه فيكون معنى المصدر شبيها بالمعنى الحرفي ولو كان كذلك لأوجب صيرورته مبنيا مع انه ليس كذلك([1])، واورد عليه السيد الخوئي “قده” بان موجب البناء هو كون معنى المادة شبيها بالمعنى الحرفي كما في اسم الإشارة والموصول والا يلزم كون المشتقات كاسم الفاعل والمفعول مبنية لاشتمالها على النسب الناقصة([2]).
وماذكره متين جدا، أضف اليه ان الأمر في مثل الفعل المضارع مثل “ليضرب” اشد شبها بالمعنى الحرفي لدلالته على النسبة مع عدم دلالته على الفاعل بنفسه، مع انه معرب.
اشکال البحوث
ومنها: ما ذكره في البحوث من انه بناء عليه ففي مثل” ضربُ زيدٍ” يلزم تعدد النسبة، حيث انه بملاحظة هيئة الاضافة يكون زيد طرف النسبة وبملاحظة هيئة المصدر يكون طرفها الذات المبهمة، فيلزم تعدد النسبة في عرض واحد، وحيث ان اطراف النسبة التحليلية موجودة في الذهن بوجود واحد فيلزم وجود صورة ضربٍ منتسبٍ الى ذات مبهمة في عرض صورة ضربٍ منتسبٍ الى زيد، مع انه ليس في الذهن صورتان من الضرب، نعم لامانع من وجود نسبتين طوليتين كما في قولنا “ماء ورد زيد” حيث ان النسبة الثابتة بين زيد وبين ماء ورد تكون في طول النسبة الثابتة بين الماء والورد ويعني ذلك مزيد تحصيص وتضييق في مفهوم الماء، وأما في المقام فالذات عين زيد ولامعنى لإيقاع نسبة الاضافة بينهما، نعم يمكن لصاحب هذه المحاولة ان يلتزم بعدم دلالة المصدر على الذات، ويكون الدال عليه لفظ آخر كالمضاف اليه، وهذا وان كان موجبا لتعدد الدال على النسبة وهو هيئة المصدر والإضافة لكن ليس فيه محذور ثبوتي([3]).
ومنها:مافيه ايضامن أنه لودلت هيئة المصدرعلى الذات لزم المحذورالثبوتي المتقدم، والاكان في البين محذوراثباتي وهولغوية وضع هيئة المصدرلافادة النسبة، لانه لو لميضف المصدرالى فاعله كمافي قولنا”الضرب حرام “فيلتزم بكونه اسم مصدر، ولو اضيف اليه كانت الاضافة كافية لافادة النسبة، مضافاالى وجدانية عدم تعددالدال على النسبة،([4])ولابأس بهذاالاشكال ايضا.
المحاولة الثانية: ما ذكره المحقق النائيني “قده”
من ان المصدر موضوع للحدث حال قيامه بمحله فيمكن اضافته الى محله، وهذا لايعني كون النسبة الناقصة مدلولة لهيئة المصدر، بل لوحظ المصدر بحيث يكون قابلا لورود النسبة عليه بخلاف اسم المصدر فانه موضوع بإزاء الحدث بشرط لا عن لحاظ انتسابه الى الموضوع، ولذا لايصح اضافته الى شيء لان الاضافة تلازم النسبة والمفروض كونه معرى عنها، وملحوظا بما هو شيء من الأشياء، وقد ذكر ايضا ان النسبة الناقصة ليست مدلولة لهيئة المصدر([5]).
ويرد عليه أنه لاوجه للمنع عن صحة اضافة اسم المصدر الى فاعله كما في قولنا “غُسل زيد” وكذا يقال بالفارسية “كتك پدر”، “گردش زمين”، “چرخش زمين”، “شستشوى زيد صورت خود را”.
على ان الالتزام بدلالة المصدر على ذات الحدث لابشرط من انتسابه الى الفاعل خلاف الوجدان، فان المتفاهم من المصدر خصوصية زائدة على ذات الحدث كما سيأتي توضيحه.
المحاولة الثالثة:
ان المصدر موضوع للحدث مع لحاظ خصوصية قيامه بالفاعل بان يكون الموضوع له هو الحدث الملحوظ في مرحلة الايجاد، ولكن اسم المصدر موضوع لذات الحدث بما هو شيء من الأشياء، بلادلالة له على خصوصية قيامه بالفاعل، ولاينافي ذلك دلالة دال آخر على خصوصية قيامه بالفاعل كالإضافة، وهذا هو الذي نحسّه من الفرق بين: گرديدن وگردش، آفريدن وآفرينش، شستن وشتسشو، زدن وزد، مردن ومرگ، رفتن ورفت، برگشتن وبرگشت، ونحو ذلك؛ ولايخفى ان المصدر لايدل على النسبة حتى تحتاج الى طرفين، بل يدل على خصوصية مندكّة في طرف واحد وهو الحدث.
ويمكن ان يستدل له بان معنى المصدر “كالغَسل: شستن” واسم المصدر “كالغُسل: شستشو” مختلف وجدانا، ولايكون ذلك الا باخذ حيثية قيام الحدث بفاعله في مدلول هيئة المصدر.
ولايتم دعوى احتمال كون الفارق بينهما هو ان المصدر موضوع للفعل واسم المصدر موضوع للانفعال
وذلك لأن المصدر أيضا قد يدل على الانفعال كالانكسار.
وكذا لايتم دعوى كون الفارق بينهما هو ان المصدر موضوع للفعل واسم المصدر موضوع لنتيجة الفعل.
وذلك لأن الفرق بينهما لاينحصر بما لو كان الفعل من الافعال التوليدية التي تكون له نتيجة خارجية كتحريك المفتاح الذي يكون نتيجته انفتاح الباب.
وقد اختار في البحوث ان المعنى الزائد المستفاد من المصدر داخل في مدلول مادته لاهيئته، وذكر في وجه ذلك ان الاختلاف بين معنى المصدر واسم المصدر وان كان واضحا، حيث يدل المصدر على الحدث بما هو ملحوظ في مرحلة التكوين والايجاد، فيدل على خصوصية صدوره من فاعله او حلوله فيه بخلاف اسم المصدر، ولكن هذه الخصوصيات التي يدل عليها المصدر قد تكون صدورية كما في الذهاب او الضرب، وقد تكون حلولية كما في الموت، فلايمكن ان يكون الدال عليها هيئة المصدر لان وضعها بإزاء معناها يكون بالوضع النوعي، فلامحالة يكون معناها واحدا في جميع المصادر، مضافا الى ان هذه الخصوصية حيث تكون مستفاد من الافعال والمشتقات الوصفية أيضا فيكشف عن كونها داخلة في مدلول مادة المصدر دون هيئته لعدم انحفاظ هيئة المصدر في تلك الافعال والمشتقات([6]).
ويلاحظ عليه ان الظاهر عرفا هو كون مدلول المادة مشتركا بين اسم المصدر والمصدر والافعال والمشتقات الوصفية، حيث أن كون الفرق بين معنى المصدر واسم المصدر في مدلول مادتهما خلاف المرتكز العرفي، وعليه فحيث انه لايدل اسم المصدر على خصوصية صدور الحدث من فاعله او حلوله فيه، فينكشف ان الدالّ عليها هو هيئة المصدر وهيئة الأفعال والمشتقات.
واماما ذكره من ان الخصوصية التي يدل عليها المصدرمختلفة، حيث يكون الذهاب مثلا دالا على خصوصية الصدور، والموت دال على خصوصية الحلول، فهذا ينافي وضع هيئة المصدر عليهالأن وضعها نوعي فلايلحظ فيه خصوصية المادة.
ففيه اولا:انه يمكن وضع هيئة المصدر لخصوصية قيام الحدث بفاعله، ويعنى بالفاعل من يعرضه الحدث عرفا دون من يقع عليه، وتكون خصوصية الحلول او الصدور مستفادة من دالّ آخر، فان حدث الموت يعرض الميت ويكون قيامه به قياما حلوليا، وحدث القتل –اذااريدمنه مصدرالفعل المعلوم لامصدرالفعل المجهول- يعرض القاتل عرفا ويكون قيامه به قياما صدوريا
وثانيا: انه لابرهان على وحدة الوضع في هيئة المصدر كي يجب ان نلتزم بكون معناها واحدا، خاصة بعد كون الأوضاع اللغوية تعينية لاتعيينية، ولذا ترى أن هيئة التاجر تدلّ على مهنة التجارة بخلاف هيئة الآكل والشارب ونحوهما، مع ان الهيئة في الجميع هيئة اسم الفاعل.
واما ما ذكره من كون خصوصية الصدور او الحلول مستفادة من الأفعال والمشتقات الوصفية، فيكشف ذلك عن عدم استفادة هاتين الخصوصيتين من هيئة المصدر لعدم انحفاظها في ضمن الافعال والمشتقات.
ففيه أنه يمكن ان يكون ذلك لأجل اشتقاق الافعال والمشتقات من المصدر، وبذلك ينحفظ مدلول هيئة المصدر فيها، وان انمحت هذه الهيئة بحدّها بعد عروض هيئات جديدة على المصدر، او يلتزم بوضع هيئات الافعال والمشتقات للدلالة على خصوصية الحلول او الصدورأيضا، في عرض دلالة هيئة المصدر عليها.
وجهین آخرین
هذا وقد يستدل على وضع هيئة المصدر لمعنى زائد على مدلول مادته بوجهين آخرين:
احدهما: ان بين معنى المصدر المجرد كالخروج والمصدر المزيد فيه كالإخراج فرقا واضحا، وحيث لايحتمل نشوء هذا الفرق من اختلاف مادّتهما فيتعين نشوءه من وضع هيئتهما، وهذا يعني وضع هيئة المصدر على معنى زائد.
ثانيهما: ان بعض المصادر لايصلح الا ان يضاف الى قابله دون فاعله كالخروج، فانه لو أخرج زيد عمروا لميصح اسناد الخروج الى زيد، مع ان نسبة مادة الخروج اليهما على حد سواء، حيث ان زيدا فاعله وعمروا قابله، وهذا يعني كون هيئة الخروج موضوعة لإفادة نسبته الى قابله، فينكشف من ذلك وضع هيئة المصدر لمعنى زائد على مدلول مادته.
وقداجاب في البحوث عن الوجه الأول بانه يمكن ان يكون الفرق ناشئا عن مدلول المادة فتكون مادة الخروج موضوعة لفعل الخروج ومادة الإخراج موضوعة لتحميل الخروج على الغير، وهكذا مادة الاستخراج موضوعة لمطاوعة الخروج.
كما اجاب عن الوجه الثاني بانه لايستلزم وضع هيئة المصدر لمعنى زائد، بل الاختلاف ناش عن الاختلاف في مدلول المادة، فانه تارة يكون الفعل ملحوظا في مرحلة تكوينه القابلي، و أخرى يكون ملحوظا في مرحلة تكوينه الفاعلي، وقد يلحظ الجامع بينهما، فمادة الخروج موضوعة للفعل الملحوظ في مرحلة تكوينه القابلي، حيث لايصح اضافته الا الى قابله وهو عمرو الذي اخرجه زيد، ولايصح اضافته الى فاعله الذي هو زيد في هذا المثال، ومادة القتل موضوعة للفعل الملحوظ بنحو الجامع بين التكوين القابلي والفاعلي، فيصح ان يضاف القتل الى فاعله وهو القاتل فيقال “قتلُ معاوية لحجر” والى قابله وهو المقتول فيقال “قتلُ حُجر”([7]).
اقول: في جوابه عن كلاالوجهين اشكال.
اماجوابه عن الوجه الاول، فلأن دعوى كون الفرق بين المصدر المجرد والمزيد في مدلول مادتهما خلاف الوجدان العرفي، حيث ان المرتكز كون اختلافهما ناشئا من اختلاف الهيئات.
واماجوابه عن الوجه الثاني، فلأن هيئة المصدر موضوعة للدلالة على خصوصية قيام الحدث بفاعله اي معروضه العرفي، فالخروج حدث قائم بمعروضه العرفي وهو عمرو حتى فيما لو اخرجه زيد، والإخراج حدث قائم بمعروضه العرفي وهو المخرِج اي زيد في هذا المثال، كما ان القتل(بمعنى مصدرالفعل المعلوم) حدث قائم بمعروضه العرفي وهو القاتل، واما صحة اضافة القتل الى الفاعل والمفعول فتنشأ من كونه متعديا، بخلاف الخروج فانه لازم لامفعول له كي يضاف اليه، نعم يصح اضافته الى سائر ملابساته فيقال خروج يوم الجمعة، وهذا لايعني اختلاف كيفية لحاظ معنى القتل عن كيفية لحاظ معنى الخروج، ويشهد على ما ذكرنا عدم تصور مصدر لوحظ فيه تكوينه القابلي دون الفاعلي بان يضاف الى مفعوله ولايصح ان يضاف الى فاعله، الا اذا كان مصدر فعل المجهول فانه يضاف الى نائب فاعله، ولكنه خارج عن مفروض الكلام.
والصحيح في الايراد على الوجه الاول، أن يقال:ان اختلاف المصدر المجرد والمزيد لايدل على وضع المصدر المجرد على معنى زائد، بل يكفي وضع هيئة المصدر المزيد لمعنى زائد.
والايرادعلى الوجه الثاني، هو ان يقال:ان هيئة المصدر موضوعة للدلالة على خصوصية قيام الحدث بفاعله وهو معروضه العرفي، وفاعل الخروج ومعروضه العرفي هو الخارج، ولذا يحمل اسم الفاعل وهو الخارج عليه دون المخرِج.
هذا وقد ذكر في البحوث انه حيث يكون معنى اسم المصدر جزءا من معنى المصدر لامباينامعه، فبناء على كون الدلالة الوضعية تصورية حيث انها القرن الأكيد بين تصور اللفظ وتصور المعنى، فلامعنى لوضع لفظ واحد ذي هيئة واحدة “كالضرب” على كل من المصدر واسم المصدر، اذ عند سماع اللفظ ينتقل ذهن السامع لامحالة الى المعنى الأكثر وهو معنى المصدر بعد كون الأقل لابشرط وهو معنى اسم المصدر في ضمنه، ويلزم في الاشتراك اللفظي وجود التباين بين المعنيين، نعم بناء على كون العلقة الوضعية تصديقية كما هو مقتضى مسلك التعهد فلامانع من ان يتعهد الواضع انه لايستعمل اللفظ الا اذا اراد تفهيم احد المعنيين وان كان النسبة بينهما نسبة الأقل الى الأكثر([8]).
اقول: حيث ان الغرض من الوضع هو صحة الاستعمال وكذا انعقاد ظهور حالي عقلائي للكلام في كون المعنى مرادا استعماليا للمتكلم، فلامانع من وضع لفظ واحد لمعنيين يكون نسبة احدهما الى الآخر نسبة الأقل الى الأكثر، فان أثر هذا الوضع هو عدم انعقاد الظهور الاستعمالي لكلامه في ارادة المعنى الأكثر، وهذا لاينافي كون تصور اللفظ موجبا لتصور المعنى الأكثر دائما، ولافرق فيما ذكرناه بين كون الوضع تعيينيا او تعينيا فانه لو كثر استعمال لفظ في كل من المعنى الأكثر والأقل فلاينعقد ظهور حالي عقلائي في استعمال المستعمل له في المعنى الأكثر، وان شئت فلاحظ اسم المصدر في الفارسية حيث انه قد يكون مشتركا لفظيا مع صيغة الفعل الماضي مثل “زد، رفت، كُشت، برگشت” فحصر حقيقة الوضع في القرن الأكيد بين تصور اللفظ وتصور المعنى من دون ملاحظة النكات التي لها دخل في الظهور الاستعمالي غير متجه.
هيئة المشتقات الوصفية
المراد بالمشتق الوصفي كل مشتق يحمل على الذات المتلبسة بالمبدأ بنحو من الأنحاء كاسم الفاعل والمفعول والآلة والمكان والزمان، ولاشك في ان هيئة المشتق الوصفي موضوعة لمعنى زائد على مدلول المادة وتحمل على الذات بلاعناية وتجوّز كقولنا” زيد عالم” واما المصدر فلايحمل على الذات الا بعناية فلايقال” زيد علم” الا بعناية ومجاز، ومن جهة أخرى لاتدل هيئة المشتق على النسبة التامة، وحينئذ فقد وقع الكلام في ان معناها هل هو بسيط او مركب، ونؤخر البحث عن ذلك الى بحث المشتق فانتظر.
اسماء المبهمات
وهي اسماء الاشارة والضمائر والموصولات، ولاريب في ان معانيها غير مستقلة.
1لف) فی معانی أسماء الإشارة
وينبغي الكلام اولا حول اسماء الاشارة، فنقول هنا مبان عديدة في بيان معانيها نذكر عمدتها:
1- الموضوع له والمستعمل فيه في مثل اسماء الاشارة والضمائر عام
1-ما ذكره صاحب الكفاية “قده” من ان الموضوع له والمستعمل فيه في مثل اسماء الاشارة والضمائر عام وان تشخصه انما نشأ من نحو استعماله، حيث ان اسماء الاشارة وضعت ليشار بها الى معانيها وكذا بعض الضمائر (اي ضمير الغائب والمتكلم)، وقد وضع البعض الآخر من الضمائر وهو ضمير الخطاب ليخاطب بها المعنى اي المفرد المذكر مثلا، والاشارة والتخاطب يستدعيان التشخص، فلامجازفة في دعوى ان المستعمل فيه في مثل “هذا” و”هو” و”اياك” انما هو مفهوم المفرد المذكر، وتشخصه انما جاء من قبل الإشارة او التخاطب بهذه الالفاظ اليه، فان الاشارة لاتكون الا الى الشخص كما ان الخطاب لايكون الا معه([9]).
اقول: محصل ما افاده ان المعنى الموضوع له والمستعمل فيه في لفظة “المفرد المذكر” و”هذا” و”هو” و”انت” واحد، غاية الأمر اختلافها في كيفية الوضع وقيوده، فوُضعت لفظة “هذا” لمعنى المفرد المذكر بشرط ان يقترن استعمالها فيه بالاشارة بها اليه، وهذا يستدعي تشخص المعنى ذهنا او خارجا كي يتم الاشارة اليه ذهنا او خارجا، وتقييد العلقة الوضعية وان اوجب تضيقا قهريا في المعنى الموضوع له لكنه لايعني تضيقه اللحاظي.
وقد اورد السيد الخوئي على مسلك صاحب الكفاية “قدهما” بانه حتى ولو تم مبناه في وحدة المعنى الحرفي والاسمي وان اختلافهما في مجرد لحاظ المعنى الحرفي آليا ولحاظ المعنى الاسمي استقلالا فلن يتم في المقام، حيث ان لحاظ المعنى مما لابد منه في مرحلة الاستعمال، وعليه فللواضع ان يقيد وضع الحرف بما اذا لوحظ معناه آليا، ويقيد وضع الاسم بما اذا لوحظ معناه استقلالا، ولايلزمه ان يجعل لحاظ المعنى آليا او استقلاليا قيدا للموضوع له بل هذا لغو بعد ضرورة وجوده، وهذا بخلاف اسم الإشارة، فالاشارة الى المعنى ليست مما لابد منها في الاستعمال، حيث ان المراد منها ما هو زائد على اللحاظ الاستعمالي الموجود في جميع الاستعمالات، وحينئذ فلابد من اخذها في المعنى الموضوع له لاسم الإشارة([10]).
مناقشات
ويلاحظ عليه ان ما ذكره “قده” ان تم في اسم الإشارة فيتم في الاسم والحرف ايضا، حيث ان اصل اللحاظ مما لابد منه حال الاستعمال، اما لزوم كونه آليا او استقلاليا فلايتأتى الا باخذه في الوضع، وقد التزم صاحب الكفاية بكون اللحاظ الآلي شرطا للعلقة الوضعية في الحرف واللحاظ الاستقلالي شرطا للعلقة الوضعية في الاسم فكذلك يلتزم باشتراط وضع اسم الاشارة على معنى المفرد المذكر بكون لحاظ المعنى مقترنا بالاشارة به اليه.
وكيف كان فعمدة الاشكال على صاحب الكفاية “قده” ان دعوى وحدة معنى “هذا” و”هو” و”انت” و”المفرد المذكر” خلاف الوجدان جدّا.
وقد اورد في البحوث على صاحب الكفاية بان بناء على المسلك الصحيح في الوضع من كونه القرن الأكيد بين تصور اللفظ والمعنى فلايمكن تقييده بحال دون حال كأن يختص استلزام تصور اللفظ لتصور المعنى بما اذا قصد المتكلم تفهيم المعنى او لاحظ المعنى بنحو خاص([11]).
ولكن لايخفى انه بناء على مسلك القرن الاكيدايضا يمكن اخذ كيفية لحاظ المعنى في المستعمل فيه بالذات اي الصورة الذهنية للمعنى الموجود في ذهن المتكلم، كما يمكن أخذها في الموضوع له بالذات اي الصورة الذهنية للمعنى الموجود في ذهن المخاطب، وقد اعترف في البحوث بذلك في بحث الجمل الإنشائية المشتركة([12]).
2- الموضوع له للفظ الاشارة هو نفس الاشارة
2- ما ذكره جماعة منهم السيد البروجردي والسيد الإمام “قدهما” من ان المعنى الموضوع له والمستعمل فيه للفظ الاشارة هو نفس الاشارة ويستعمل اللفظ فيها بغرض ايجادها فهي قائمة مقام الاشارة الخارجية([13])، كما انه ذكر بعض الاعلام “قده” ان معناها نفس الاشارة الذهنية([14])، وقد يورد على ذلك بانه في قولنا “هذا زيد” يكون زيد محمولا على معنى “هذا” فلايمكن ان يكون معناه نفس الإشارة لعدم اتحادهما خارجا كما هو ظاهر، ولكن اجابوا عنه بان الاشارة لوحظت مرآة الى المشار اليه، فهو الملحوظ بالنظر التصوري كما في الاشارة الخارجية([15]).
ولكن الانصاف ان المرتكز عرفا في قولنا “هذا” هو كونه مستعملا في نفس المشار اليه حتى بالنظر التصديقي، والا فليست الاشارة عنوانا للمشار اليه كي تلحظ فانية فيه.
3- ان معنى اسم الاشارة هو الذات المبهمة
3- ما ذكره المحقق العراقي “قده” من ان معنى اسم الاشارة هو الذات المبهمة، في حين اقترانها بالاشارة اليها، وذكر انه لميؤخذ الاشارة في معنى اسم الإشارة، حيث انها لو اخذت بنفسها في المعنى لزم عدم صحة كون اسم الإشارة محكوما عليه في قولنا “هذا زيد” او محكوما به في قولنا “زيد هذا”، كما لميؤخذ تقيد المعنى بالإشارة، حيث انه مناف للقواعد الادبية في وضع الاسم الجامد لانه يوضع لمعناه بمادته وهيئته فيلزم وضعه للمعنى الاسمي والحرفي معا وهو غير معهود، وانما اخذت الإشارة في المعنى على نحو القضية الحينية والحصة التوأمة، ومن ناحية أخرى لما كان المدلول التصوري للفظة الاشارة ثابتا حتى في موارد صدورها من متكلم غير ملتفت كالنائم، فالموضوع له للفظة “هذا” هو الذات المبهمة في حين اقترانها بماهية الاشارة لابوجود الاشارة([16]).
وفيه انه قد مر عدم تعقل الحصة التوأمة وان القضية الحينية ترجع لامحالة الى القضية المقيدة فان المفهوم الكلي مالم يلحظ تقيده بشيء يكون لابشرط عنه لامحالة.
4- معنى “هذا” هو المفرد المذكر الواقع طرفا للاشارة الذهنية او الخارجية
4- ما ذكره المحقق الاصفهاني “قده” من ان معنى “هذا” هو المفرد المذكر الواقع طرفا للاشارة الذهنية او الخارجية([17]).
ولايخفى انه لابد ان يراد بالاشارة ذات النسبة الاشارية لاوجودها والا فيلزم منه اخذ الوجود الذهني او الخارجي في المعنى الموضوع له، وهو “قده” قد ادعى استحالة ذلك كما مر بيانه في المعنى الحرفي.
وقد ذكر نظير ذلك السيد الخوئي “قده” حيث قال انه موضوع لقصد تفهيم واقع المفرد المذكر في حال الاشارة الخارجية به باليد او بالعين اونحوه([18]).
وان كان يرد على ظاهر ما ذكره السيد الخوئي “قده” انه لاحاجة الى ازيد من الاشارة الذهنية فقد يكون المشار اليه معنى كليا ولامعنى للاشارة اليه باليد او بالعين بل في الوجود الخارجي لاملزم لذلك فيقال هذا الرجل زيد بلااشارة خارجية، على انه يرد عليه ان اخذ وجود الإشارة في المعنى الموضوع له مخالف لمبناه من استحالة اخذ الوجود في المعنى الموضوع له.
معنى اسم الإشارة هو الذات الواقعة طرفا للإشارة تصورا
والذي ينبغي ان يقال هو انه لو بنينا على ماذكرناه سابقا من ان العلقة الوضعية تصورية دائما فلابد ان يكون معنى اسم الإشارة مما يمكن انحفاظه حتى في موارد صدور هذا اللفظ من متكلم غيرملتفت، وحينئذ فلايصح ان يقال بان معنى اسم الإشارة هو الذات الواقعة طرفا للإشارة خارجا، وانما يكون معناه هو الذات الواقعة طرفا للإشارة تصورا، وان لميوجد به واقع الإشارة لافتراض صدوره من متكلم غير ملتفت، فانه يمكن للذهن تحصيل صورة من واقع النسبة الخارجية الاشارية، فيوضع لفظ “هذا” بإزاء الذات المبهمة الواقعة طرفا للنسبة الاشارية.
نعم لو قلنا بان الدلالة الوضعية تصديقية وان ما يخطر بذهن السامع حين سماع اسم الاشارة بلاقصد المتكلم ايجاد الاشارة به يكون منشأه العلقة الأنسية وليس مدلولا وضعيا لاسم الإشارة، فلامانع حينئذ من الالتزام بان الموضوع له للفظ “هذا” هو الذات الواقعة طرفا لواقع الإشارة به اليها.
2-الضمائر والموصولات
اما الضمائر فقد ذكرصاحب الكفاية “قده” ما محصله ان معنى ضمير الغائب مثل “هو” وضمير المخاطب مثل “انت” واحد وهو المفرد المذكر، ولكن اشترط الواضع في وضع الضمير الغائب ان يشار به الى معناه في غيبته، كما اشترط في ضمير المخاطب ان يكون استعماله لأجل ان يخاطبه به، وكذا يكون معنى ضمير المتكلم وحده هو المفرد، وانما اشترط الواضع ان يشير به المتكلم الى نفسه([19]).
وقد ذكر السيد البروجردي “قده” ان الضمير والموصول ايضا كاسم الاشارة في ان معناهما نفس الاشارة فضمير الغائب للاشارة الى مبهم غائب وضمير المخاطب للاشارة الى المخاطب وضمير المتكلم للاشارة الى المتكلم والموصول للاشارة الى ذات مبهمة يتوقع رفع ابهامها بالصلة([20]).
ولكن ذكر السيد الإمام “قده” ان ضمير الغائب وان كان موضوعا لإيجاد الإشارة الى الغائب ولكن ضمير المخاطب موضوع للهوية المتعينة للمخاطب (اي لواقع المخاطب) وضمير المتكلم للهوية المتعينة للمتكلم، واما الموصول فيفصل بين “مَن وما وايّ” فيلتزم بكونها موضوعة للعناوين المبهمة وبين غيرها مثل الذي فيلتزم بكونها موضوعا للاشارة الى ذات مبهمة فيتوقع رفع ابهامها بالصلة ولكن لايبعد ان يقال ان مثل “الذي” وضع لمعنى مبهم مشار اليه بهذا اللفظ فيختلف عن اسم الاشارة حيث وضع لإيجاد نفس الإشارة([21]).
الظاهر فی الضمائر وضعها لواقع الذات الغائب او..
اقول: لميتضح الفرق بين ضمير الغائب والحاضر والمتكلم، والظاهر وضعها لواقع الذات الغائب او المخاطب او المتكلم المقترنة بالاشارة به اليها او التخاطب معها،
الظاهر فی الموصولات وضعها لذات مبهمة يتوقع رفع ابهامها بالصلة
واما الموصولات فالظاهر انها باجمعها موضوعة لذات مبهمة يتوقع رفع ابهامها بالصلة، فقد يقال” اكرم الذي كان عالما” و”اكرم من كان عالما” و”من كان عالما فاكرمه” و”الذي كان عالما فاكرمه”.
ثم انه يقع الكلام في ان الموضوع له في اسماء المبهمات خاص او عام فبناء على مسلك صاحب الكفاية “قده” فلااشكال في كونه عاما.
واما بناء على كون معناها ايجاد الاشارة بها فتكون كالحروف بل تكون من نفس الحروف لانها لايحكم عليها ولايحكم بها، فيكون الموضوع في الحقيقة في قولنا هذا زيد هو الموجه اليه هذا لانفس هذا، فيكون الوضع فيها عاما والموضوع له خاصا.
وكذلك بناء على كون معنى اسم الاشارة والضمير هو الذات التي تكون طرفا لواقع الاشارة بها مثلا.
واما بناء على ما استظهرناه من ان معناها الذات الواقعة طرفا للاشارة تصورا، فقد يقال بان الموضوع له يكون عاما حيث ان لفظ “هذا” موضوع لمفهوم الذات الواقعة طرفا للإشارة، ولكن يلاحظ عليه ان الموضوع له للفظة هذا مثلا ليس الذات الواقعة طرفا للإشارة مطلقا ولاالذات الواقعة طرفا للإشارة بطبيعي لفظة هذا وانما هو الذات الواقعة طرفا للإشارة بشخص لفظة “هذا” المستعملة في نفس الكلام وهذا يوجب كون الموضوع له خاصا.
ثم انه في اسماء الموصولات يكون وجه كون الموضوع له خاصا هو عدم ترادفها مع لفظة “الذات المبهمة الذي يتوقع رفع ابهامها بالصلة” بل موضوع للذات المبهمة المتقيدة بواقع هذه الحالة.
هذا تمام الكلام في المقام الاول وهو البحث التحليلي عن معاني الحروف والهيئات وما يلحق بها.