فهرست مطالب

فهرست مطالب

تقریرات دروس خارج مدرسه فقهی امام محمد باقر علیه السلام

بسمه تعالی

رؤوس المطالب:

كتاب الصلاة. 1

مقدّمة في فضل الصلوات اليوميّة. 1

المراد من الاستخفاف بالصلاة 2

فصل: في أعداد الفرائض و نوافلها. 2

الجهة الاولى: عدم ذکر صلاة العيدين في عداد الصلوات الواجبة. 3

الجهة الثانية: وجوب صلاة الام على الولد الاكبر. 3

اختصاص وجوب القضاء بالولد الاكبر. 4

الجهة الثالثة: عدّ الصلاة المنذوره من اقسام الصلوات الواجبة. 4

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين سيما بقية الله في الارضين واللعن على اعدائهم اجمعين.

كتاب الصلاة

مقدّمة في فضل الصلوات اليوميّة

نبدأ بعون الله وتعالى في البحث عن كتاب الصلاة.

فقال في العروة: كتاب الصلاة: مقدّمة في فضل الصلوات اليوميّة و أنّها أفضل الأعمال الدينيّة اعلم أنَّ الصلاة أحبُّ الأعمال إلى اللّٰه تعالى، و هي آخر وصايا الأنبياء عليهم السلام و هي عمود الدين، إذا قبلت قبل ما سواها، و إن ردّت ردّ ما سواها، و هي أوَّل ما ينظر فيه من عمل ابن آدم، فإن صحَّت نظر في عمله، و إن لم تصحّ لم ينظر في بقيَّة عمله، و مثلها كمثل النهر الجاري، فكما أنَّ من اغتسل فيه كلّ يوم خمس مرّات لم يبق في بدنه شي‌ء من الدرن كذلك كلَّما صلّى صلاة كفّر ما بينهما من الذنوب، و ليس ما بين المسلم و بين أن يكفر إلّا أن يترك الصلاة، و إذا كان يوم القيامة يُدعى بالعبد، فأوّل شي‌ء يُسأل عنه الصلاة، فإذا جاء بها تامَّةً و إلّا ذُخَّ في النار، و في الصحيح قال مولانا الصادق عليه السلام: ما أعلم شيئاً بعد المعرفة‌، أفضل من هذه الصلاة، أ لا ترى إلى العبد الصالح عيسى ابن مريم عليه السلام قال: و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمتُ حيّاً، و روى الشيخ في حديث عنه عليه السلام قال: و صلاة فريضة تعدل عند اللّٰه ألف حجَّة و ألف عمرة مبرورات متقبّلات.

و قد استفاضت الروايات في الحثّ على المحافظة عليها في أوائل الأوقات، و أنّ من استخفّ بها كان في حكم التارك لها، قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: ليس منّي من استخفّ بصلاته، و قال: لا ينال شفاعتي من استخفّ بصلاته، و قال: لا تضيّعوا صلاتكم، فإنَّ من ضيَّع صلاته حشر مع قارون و هامان، و كان حقّا على اللّٰه أن يدخله النار مع المنافقين، و ورد: بينا رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلّى، فلم يتمّ ركوعه و لا سجوده، فقال عليه السلام: نقر كنقر الغراب، لئن مات هذا و هكذا صلاته ليموتنَّ على غير ديني، و عن أبي بصير قال: دخلت على أُمّ حميدة أُعزِّيها بأبي عبد اللّٰه عليه السلام، فبكت و بكيت لبكائها، ثمّ قالت: يا أبا محمَّد لو رأيت أبا عبد اللّٰه عند الموت لرأيت عجباً، فتح عينيه ثمّ قال: اجمعوا كلَّ من بيني و بينه قرابة، قالت: فما تركنا أحداً إلّا جمعناه، فنظر إليهم ثمَّ قال: إنَّ شفاعتنا لا تنال مستخفّاً بالصلاة، و بالجملة ما ورد من النصوص في فضلها أكثر من أن يحصى، و للّٰه درُّ صاحب الدرّة حيث قال:

تنهى عن المنكر والفحشاء أقصر فهذا منتهى الثناء

المراد من الاستخفاف بالصلاة

اقول: المتيقن من الاستخفاف بالصلاة هو ترك واجباتها او عدم كونه بصدد احراز امتثالها في الوقت، وأما من يهتم بذلك لكنه يقتصر على اقل الواجبات ويؤخر الاتيان بها غالبا او دائما الى أواخر الوقت فصدق كونه مستخفا بالصلاة غير معلوم، بل قد يقال بأن مطلق ترك الصلاة لا يعد استخفافا وتهاونا بها وان كان تركا للفريضة وموجبا لاستحقاق العقاب، ويشهد له ما رواه الصدوق باسناده عن مسعدة بن صدقة أنه قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) ما بال الزاني لا نسميه كافرا- و تارك الصلاة نسميه كافرا و ما الحجة في ذلك- فقال لأن الزاني و ما أشبهه- إنما يفعل ذلك لمكان الشهوة لأنها تغلبه- و تارك الصلاة لا يتركها إلا استخفافا بها- و ذلك لأنك لا تجد الزاني يأتي المرأة- إلا و هو مستلذ لإتيانه إياها قاصدا إليها- و كل من ترك الصلاة قاصدا لتركها فليس يكون قصده لتركها اللذة- فإذا نفيت اللذة وقع الاستخفاف و إذا وقع الاستخفاف وقع الكفر[1].

وفي رواية بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما بين المسلم و بين أن يكفر إلا ترك الصلاة الفريضة متعمدا- أو يتهاون بها فلا يصليها.

هذا وفي صراط النجاة فسر مراد صاحب العروة في قوله في صلاة الجماعة: و لا يجوز تركها رغبة عنها أو استخفافا بها بأن معنى الاستخفاف هو عدم اعتناءه بأصل الجماعة، و اعتقاده أنها شي‌ء بسيط في الدين، لا أهميّة لها، نعم عدم الحضور لصلاة جماعة خاصّة لعلمه أو للتشكيك في جامعيتها للشرائط من حيث الامام و غيره، لا يعدّ استخفافا بأصل صلاة الجماعة، و إذا كان عدم حضوره لصلاة الجماعة لأجل أن الشارع المقدّس رخّص في تركها فلا بأس به، و اما إذا كان عدم الحضور لاعتقاده أنها شي‌ء بسيط، و لا حاجة له في ثوابها فهو استخفاف منه، و إذا كان بيته جارا للمسجد، و لم يصل فيه، و لو لأن الشارع رخص في تركها فصلاته في البيت ناقصة من حيث الثواب، و اللّٰه العالم.

فصل: في أعداد الفرائض و نوافلها

قال في العروة: فصل: في أعداد الفرائض و نوافلها

الصلوات الواجبة ستّة: اليوميّة، و منها الجمعة و الآيات، و الطواف الواجب، و الملتزم بنذر أو عهد أو يمين أو إجارة، و صلاة الوالدين على الولد الأكبر، و صلاة الأموات.

اقول: يقع الكلام في عدة جهات:

الجهة الاولى: عدم ذکر صلاة العيدين في عداد الصلوات الواجبة

الجهة الاولى: لم يذكر صاحب العروة في عداد الصلوات الواجبة صلاة العيدين، مع دلالة النصوص على وجوبها في زمان حضور الامام (عليه السلام) -مطلقا او وجوب المشاركة فيها بعد اقامتها- لما يدعى من التسالم على عدم وجوبها في زمان الغيبة، فلا تكون موردا للابتلاء، لكنه ليس بواضح، فذكر السيد الصدر “ره” في الفتاوى الواضحة: صلاة العيدين إذا أقامها الإمام أو سلطان عادل يمثله فإن الحضور لها حينئذ واجب، و لا يجب في غير هذه الحالة[2]، بينما أنه ذكر في صلاة الجمعة أنه تجب إقامة صلاة الجمعة وجوبا حتميا في حالة وجود سلطان عادل‌ متمثلا في الإمام أو فيمن يمثله. و يراد بالسلطان العادل: الشخص أو الأشخاص الذين يمارسون السلطة فعلا بصورة مشروعة، و يقيمون العدل بين الرعية، و اما في حالة عدم توفر السلطان العادل فإن اختار خمسة من المكلفين إقامة صلاة الجمعة، و كان فيهم شخص عادل يصلح أن يكون إمام جماعة فقدموه ليخطب بهم و يصلي صلاة الجمعة وجب على سبيل الحتم و التعيين على المكلفين عموما الحضور و الاشتراك في صلاة الجمعة لأن إقامتها نداء لصلاة الجمعة، و إذا نودي لصلاة الجمعة وجب السعي إلى ذكر اللّه[3]، ولابد من البحث حول هذه الاحكام في المستقبل ان شاء الله.

الجهة الثانية: وجوب صلاة الام على الولد الاكبر

الجهة الثانية: انه ذكر هنا من جملة الواجبات صلاة الوالدين على الولد الاكبر، وهذا مبني على ما اختاره من وجوب قضاء فوائت الام على الولد الاكبر، وهذا خلاف المشهور من اختصاص ذلك بفوائت الاب، وهو الصحيح، لاختصاص دليله بما اذا كان الميت رجلا، كصحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام): في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام، قال: يقضي عنه أولى الناس بميراثه، قلت: فان كان أولى الناس به امرأة؟ فقال: لا، إلّا الرجل[4]، نعم روى ابن طاووس في كتاب غياث سلطان الورى لسكّان الثرى عن عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) قال: الصلاة التي دخل وقتها قبل أن يموت الميّت يقضي عنه أولى الناس به[5]، واطلاق الميت يشمل المرأة، ولكنها ضعيفة سندا، لارسالها.

اختصاص وجوب القضاء بالولد الاكبر

هذا ومن جهة أخرى المشهور اختصاص وجوب القضاء بالولد الاكبر، ولكن قد يقال بشمول قوله “اولى الناس بميراثه” لغير الولد الاكبر، وقد احتاط المرحوم آل ياسين بوجوب القضاء على بقية الورثة الذكور مع فقد الولد الاكبر، وهكذا المرحوم السيد عبد الهادي الشيرازي، ولكن يقال في الجواب -كما عن السيد الخوئي “قده”- أن المنسبق من كلمة أولى الناس بميراثه هو شخص واحد وهو الولد الاكبر، فإنّه الأولى بالميراث بقول مطلق، لاختصاصه بالحبوة، وهذا لا ينافي أن حفص لم يفهم منه ما ذكرناه لأنه سأل بعد ذلك فقال “فإن كان أولى الناس به امرأة” إلا أنّ عدم فهمه غير قادح، ولو لم يحصل الجزم بما ذكر فلا اقل من عدم احراز ظهور هذا التعبير في مطلق الوارث، فتجري البراءة عن وجوب القضاء على غير الولد الاكبر[6]، ولكن هذا الجواب غير واضح فان مقتضى عدم ردع الامام عن فهم حفص قبول شمول ظهور التعبير للمرأة مع عدم ارثها من الحبوة، ولذا ذكر المحقق الحائري “قده” أن مضمون الرواية وجوب القضاء على الأولياء في كل طبقة الأقرب الى الميت فالأقرب مع استثناء النساء منهم، نعم هذا القول لا قائل به بين الأصحاب فمن نفاه منهم عن النساء نفاه عن غير الولد من الذكور و من اثبت على من عدا الولد كالمفيد (حيث حكي عنه انه ان لم يكن له ولد من الرجال قضى عنه أكبر أوليائه من اهله و ان لم يكن فمن النساء) اثبت على النساء أيضا فإن تم تحقق الإجماع على خلاف هذا المضمون يتعين طرحها[7]، فالمسألة مشكلة، فلابد من التأمل فيها.

الجهة الثالثة: عدّ الصلاة المنذوره من اقسام الصلوات الواجبة

الجهة الثالثة: اشكل السيد الامام على عدّ الصلاة الواجبة بالنذر والاجارة ونحوهما من اقسام الصلوات الواجبة، وذكر في تعليقته على العروة أن عبارة السيد لا تخلو من مسامحة، وذكر في الاصول أن الواجب هو عنوان الوفاء بالنذر او الاجارة، ولا يسري الحكم من العنوان الى معنونه ولا الى عنوان آخر متحد معه وجودا، وذكر في وجهه أن ما يوجد في الخارج ليس هو المتعلق للأمر وانما هو مسقط للأمر، فمتعلق الأمر هو العنوان، فلايسري حكم عنوان الى عنوان آخر، فلو نذر صلاة الليل فيكون الواجب هو عنوان الوفاء بالنذر ويبقى عنوان صلاة الليل باقيا على استحبابه([8]).

وفيه أن مبنى كفاية تعدد العنوان في جواز ثبوت حكمين متضادين في معنون واحد غير تام، اذ بعد لحاظ المولى ولو بارتكازه تطابق العنوانين على معنون واحد فلايعقل ان يجعل كلا الحكمين بنحو مطلق، نظير ان يقول اكرام العالم واجب واكرام الفاسق حرام، فانه لايعقل اجتماعهما في مورد العالم الفاسق، وهكذا لوقال اكرام العالم مستحب واكرام الفاسق حرام.

نعم الصحيح أن يقال ان الأمر النفسي بصلاة الليل يكون مقترنا بالترخيص في ترك امتثاله، وهذا لاينافي وجوب الإتيان بها لأجل امتثال وجوب الوفاء بالنذر، فالثابت في هذا الحال ليس هو الترخيص الفعلي في ترك صلاة الليل، وانما هو الترخيص في ترك امتثال الأمر النفسي بصلاة الليل، فلو تركه لم‌يستحق عقابا عليه وان استحق العقاب على ترك الوفاء بالنذر، كما يمكن ان يكون الترخيص في ترك صلاة الليل في هذا الحال ترخيصا حيثيا.

وتظهر ثمرة الفرق بين ما ذكرناه وما ذكره السيد الامام “قده” فيما لو التزم شخص في ضمن عقد لازم بترك صلاة الليل مثلا الى فترة، فبناء على ما ذكره السيد الامام يمكن اجتماع استحباب صلاة الليل مع وجوب الوفاء بالشرط، فلو خالف الشرط وأتى بصلاة الليل صحت صلاته بينما أنه يمتنع احتماعهما بناء على ما ذكرناه لأن وجوب الوفاء بالشرط ينافي اصل البعث نحو صلاة الليل في هذه الفترة.



[1] – وسائل الشيعة ج 4ص43

[2] – الفتاوى الواضحة ص 356

[3] -الفتاوى الواضحة ص 381

[4] – وسائل الشيعة ج 10ص 330

[5] – وسائل الشيعة ج8ص 281

[6] – موسوعة الامام الخوئي ج 16ص 277

[7] – كتاب الصلاة ص 582

[8] – تهذيب الاصول ج1ص199