الدرس 91-198
الإثنين – 4 ذيقعدة الحرام 45
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن
الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله
الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
البحث عن المرجح للروايات المتعارضة في من افطر
قبل دخول الليل لاجل تخيله دخول الليل اذا كان السماء مغيما
قبل ان استمر في البحث حول المسألة الاولی ارجع
الی المسألة السابقة حيث رجّحنا وفاقا للسيد الخوئي روايات عدم القضاء في من
افطر قبل دخول الليل لاجل تخيله دخول الليل اذا كان السماء مغيما لان تلك الروايات
مخالفة للعامة فتقدم علی معتبرة ابي بصير و سماعة الدالة علی وجوب
القضاء فانها موافقة للعامة .
لكن قد يقال ان المرجح الاول في
باب تعارض الروايات موافقة الكتاب و معتبرة ابي بصير و سماعة موافقة لاطلاق قوله
تعالی ثم اتموا الصيام الی الليل فان ظاهر هذه الآية الكريمة ان الصوم
لا يصح الا باتمام الامساك عن المفطرات الی الليل. و هذا كلام لا بأس به بناء
ا علی مرجحية اطلاق الكتاب الكريم. السيد الخوئي لا يقبل ذلك، يقول اطلاق
الكتاب ليس من الكتاب فالخبر المخالف لاطلاق الكتاب ليس مخالفا للكتاب.
توضيح ذلك:
هناك عموم و اطلاق، مثلا اذا كان هناك عموم قرآني يقول حرم
ایّ ربا، "ایّ" من ادات العموم، فاذا ورد في خبر جواز الربا
بين الوالد و الولد فهذا يكون مخالفا لعموم القرآن بنحو الاخص المطلق. السيد الخوئي
يقول: اذا كان الخبر مخالفا لعموم الكتاب فهو مخالف للكتاب لان العموم مدلول وضعي،
مدلول اللفظ المستفاد من القرآن الكريم، فالخبر المخالف لعموم الكتاب ان كانت
مخالفته بنحو التباين أو العموم و الخصوص من وجه فيفقد هذا الخبر شرط الحجية لان
الخبر المخالف للكتاب ليس بحجة و الخبر الذي يكون اخص مطلقا من الكتاب الكريم كما
لو ورد ان الربا بين الوالد و الولد جائز فهو اخص مطلقا من ما دل علی تحريم
ایّ ربا فعند التعارض يقدم الخبر الموافق لعموم الكتاب عليه كما لو ورد في
خبر آخر لا يجوز الربا بين الوالد و الولد فذاك الخبر يكون موافقا لعموم الكتاب و يقدم
علی هذا الخبر المخالف بنحو العموم و الخصوص المطلق لعموم الكتاب. و اما
الاطلاق فهو خارج عن نطاق اللفظ، حرم الربا، السكوت عن القيد الزائد يوجب اطلاق
الخطاب و الا لم يبين حرمة ایّ فرد من افراد الربا قال يحرم الربا، و لعله
مقيد بقيد زائد لكن سكوت الشارع عن بيان القيد الزائد يفيد الاطلاق، السيد الخوئي
سابقا كان يقول الاطلاق ينشأ من حكم العقل و الاطلاق حكم العقل و ليس ظهورا قرآنيا.
ثم بعد ذلك قال انا اقبل ان الاطلاق ظهور لكن ظهور لعدم البيان،
ظهور لسكوت القرآن الكريم عن قيد زائد و ليس ظهورا لمفاد القرآن، ظهور لعدم بيان
القرآن لقيد زائد. ما قال حرم الربا من غير والد و ولد بل قال حرم الربا فحيث لم يقل
هذا القيد الزائد فهذا السكوت هو اوجب الاطلاق فالاطلاق ليس مفاد القرآن الكريم. و
لاجل ذلك يقول السيد الخوئي الخبر المخالف لاطلاق الكتاب ليس مخالفا للكتاب فلا يقدم
الخبر الموافق لاطلاق الكتاب علی هذا الخبر المخالف لاطلاق الكتاب.
و هنا الرواية التي تقول من افطر في حال كون السماء فيه غيم
لتخيل دخول الليل ثم انكشف عدم دخول الليل فليس عليه القضاء مخالف لاطلاق قوله
تعالی ثم اتموا الصيام الی الليل و ليس مخالفا لعمومه يعني ليس مخالفا
لما يستفاد من اللفظ و انما هو مخالف لعدم بيان الشارع في القرآن الكريم حكم هذا
الفرض.
و لكن نحن لم نقبل ذلك، قلنا العرف لا يفرق بين الاطلاق و
العموم بل يری ان الاطلاق و عدم قيد الزائد حيثية تعليلية لصيرورة الخطاب
المطلق ظاهرا في الاطلاق فيا تری لو انه ورد في الخبر الربا حلال ألا يكون
هذا الخبر مخالفا لقوله تعالی حرم الربا؟ مع ان التعارض بينهما نشأ من
الاطلاق و الا لو قال حرم الربا في الجملة، الربا حلال في الجملة، لم يكن بينهما
تعارض. التعارض بينهما نشأ من اطلاقهما مع ذلك ما اظن ان السيد الخوئي يقول هذا
الخبر ليس مخالفا للكتاب و انما هو مخالف لاطلاق الكتاب.
فنحن لا نستشكل في مرجحية موافقة اطلاق الكتاب كما يستشكل
السيد الخوئي. لكن سابقا كنا نقول لا دليل علی مرجحية موافقة اطلاق الكتاب
أو عموم الكتاب لان الظاهر من قوله عليه السلام ما خالف كتاب الله فدعوه هو ما يكون
مخالفا بالنظر العرفي و الخبر المخصص لعموم الكتاب ليس مخالفا للكتاب بالنظر العرفي
و انما هو قرينة لتفسير المراد من القرآن الكريم، المخالفة تستعمل بمعنی
المنافرة و يعبر عنها بالفارسية ناسازگاري، لا ربا بين الوالد و الولد مخالف لقوله
تعالی حرم الربا؟ نعم لو صدر هذا الخطاب من ابي حنيفة كان مخالفا للكتاب و نصف،
اما صدر هذا الخطاب من امام يكون شأنه تفسير القرآن الكريم، فهو يفسر مراد الله
سبحانه و تعالی في القرآن الكريم فالعرف لا يری ان هذا الخطاب مخالف
و منافر للقرآن الكريم بل هو مفسر له. فاذن ما ورد في رواية الراوندي التي يرويها
عن عبدالرحمن بن ابي عبدالله اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فما وافق كتاب الله
فخذوه و ما خالف كتاب الله فدعوه لعله بمعنی ان من كان مخالفا للقرآن الكريم
بنحو لا يكون بينه و بين القرآن الكريم جمع عرفي كما لو كان مباينا له أو معارضا
له بالعموم من وجه أو مخالفا روحيا للكتاب الكريم مثل ما لو ورد رواية ما يكون في
ترغيب الظلم أو ترغيب الی التبعيض بين الاقوام، ذاك القوم طائفة من الجن، ذاك
القوم لا يفلح ابدا، هذه الروايات مزوّرة، كل طائفة كانت معادية لطائفة اخری
تزور الرواية ان فلان قوم كذا، الروايات التي تكون مخالفا للقرآن الكريم روحيا لان
الله سبحانه و تعالی يأمر بالعدل و الاحسان و يدعو الی كرامة البشر، انا
خلقناكم من ذكر و انثی و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله
اتقاكم هذا يقول لا يفلح ذاك القوم ابدا. فلعل المراد من قوله عليه السلام ما وافق
كتاب الله فخذوه و ما خالف كتاب الله فدعوه ما هو مخالف للكتاب الكريم بنحو التباين
أو بنحو العموم من وجه أو بنحو المخالفة الروحية للقرآن الكريم.
لكن نحن عدلنا عن هذا المبنی و قلنا بمرجيحة موافقة العموم
و الاطلاق القرآن الكريم بالنسبة الي الخبر الذي يكون اخص مطلقا من القرآن الكريم
و تعارض مع خبر آخر كما في المقام. قلنا بان هذا الخبر الموافق للقرآن الكريم يقدم
علی ذاك الخبر المخالف لاطلاق القرآن الكريم و الذي يكون حجة في حد ذاته
لولا هذه المعارضة لاجل اننا نعترف بسند مقبولة عمر بن حنظلة و قد ورد فيها ما
وافق حكمه حكم الكتاب و السنة فيوخذ به و ما خالف حكمه حكم الكتاب و السنة فيترك، لا
اشكال ان الحكم الذي يستفاد من صحيحة زرارة التي تقول لا قضاء عليه هذا الحكم لا يوافق
الحكم المستفاد من قوله تعالی ثم اتموا الصيام الی الليل لان الحكم
الذي يستفاد من قوله تعالی ثم اتموا الصيام الی الليل هو انه فات منه
الصوم حيث افطر بتخيل دخول الليل فلم يتم صيامه الی الليل ففات منه الصوم و
وجب عليه القضاء، فلا يوافق هذا الحكم المستفاد من صحيحة زرارة الحكم المستفاد من
الكتاب. فلاجل ما ذكرنا عرفتم لماذا السيد الخوئي هنا لم يذكر مرجحية موافقة الكتاب
و انما عدل الی المرجح الثاني و هو مرجحية مخالفة العامة و لكن نحن حيث في
الدورة الثانية من ابحاثنا الاصولية التزمنا بمرجحية موافقة الكتاب اطلاقا أو عموما
استنادا الی هذا التعبير في مقبولة عمر بن حنظلة ما وافق حكمه حكم الكتاب و
السنة فيؤخذ به نری ان الترجيح مع معتبرة ابي بصير و سماعة التي تقول يجب
عليه القضاء لانه اكل متعمدا و لاجل ذلك نحتاط بوجوب القضاء كما احتاط السيد السيستاني
و السيد الصدر.
کلام السيد الخوئي في تعارض استصحاب عدم طلوع
الفجر الی نهاية اكله مع استصحاب استمرار اكله الی طلوع الفجر
اما المسألة الاولی: ذكر السيد الخوئي ان من اكل ثم
طلع عليه الفجر و لا يدري هل طلوع الفجر قبل نهاية اكله حتی يبطل صومه أو بعد
نهاية اكله كي يصح صومه فيتعارض الاستصحابان استصحاب عدم طلوع الفجر الی نهاية
اكله حيث يثبت صحة صومه هذا الاستصحاب يتعارض مع استصحاب استمرار اكله الی طلوع
الفجر و هذا يثبت بطلان صومه و بعد تعارضهما نرجع الی البراءة عن وجوب القضاء
.
نحن اشكلنا عليه باشكالين لا نعيدهما
لكن اقول: السيد الخوئي عدل عن القول بتعارض الاستصحابين في هذه المسألة و اشباهها،
الكبری التي تنطبق علی هذه المسألة تسمی بتعاقب الحادثين يعني
هناك حادثان لا ندري هل هذا الحادث قبل ذاك الحادث كان أو ذاك الحادث كان قبل هذا
الحادث. و لهذه الكبری امثلة فقهية كثيرة اذكر عدة امثلة :
لو ان المشتري فسخ البيع و افترقا
عن مجلس البيع لا ندري هل كان فسخ المشتري قبل افتراقهما عن مجلس البيع كي ينفسخ
البيع لاجل خيار المجلس أو افتراقهما قبل فسخ المشتري كي لا يكون فسخ المشتري
نافذا. السيد الخوئي سابقا كان يری تعارض الاستصحابين استصحاب عدم فسخ
المشتري الی زمان افتراقهما عن مجلس البيع و استصحاب عدم افتراقهما
الی زمان فسخ المشتري يقول هذان الاستصحابان متعارضان، لان استصحاب عدم فسخ
المشتري الی زمان افتراقهما ينفي صحة هذا الفسخ و استصحاب عدم افتراقهما
الی زمان الفسخ يثبت صحة هذا الفسخ فيتعارضان. و بعد ذلك ماذا نصنع السيد
الخوئي؟ مصيبة . علی هذا المبنی الذي كان يری تعارض
الاستصحابين السيد السيستاني يری تعارض الاستصحابين لكنه يؤمن بالاستصحاب في
الاحكام فيستصحب بقاء ملكية البايع للثمن و ملكية المشتري للمبيع لكن السيد
الخوئي لا يؤمن ما يعترف باستصحاب الحكم حتی في الشبهات الموضوعية، يقول انا
اجري الاستصحاب الموضوعي اما اذا تعارض الاستصحاب الموضوعي و وصل الدور الی الاستصحاب
الحكمي انا ابد ما اقبل للاستصحاب الحكمي. علی اي حال شتسوي ما ادري.
لكنه عدل عن هذا الرأي القائل بتعارض الاستصحابين فقال بانه
يجري الاستصحاب المنقح لموضوع الحكم، موضوع الحكم ماذا؟ موضوع انفساخ البيع هو
فسخ المشتري مع بقاء مجلس البيع فسخ المشتري محرز بالوجدان، عدم افتراقهما محرز
بالاستصحاب، فنقّحنا بذلك موضوع الحكم الشرعي بلا معارضة . استصحاب عدم فسخ المشتري
في زمان مجلس البيع لا يجري لما نذكره و ننقله عن السيد الخوئي.
و هناك امثلة اخری لعلي اذكرها في الليالي القادمة .
ما هو الموجب لكلام السيد الخوئي، السيد
الخوئي يقول: اولا: اذا قلنا بمعارضة هذا الاستحصاب الثاني، استصحاب عدم الفسخ في
زمان مجلس البيع كان ينبغي لزرارة ان يعترض علی الامام حينما اجری
الامام استصحاب بقاء الموضوع الی زمان الصلاة، قال انك كنت علی يقين
من طهارتك في الصحيحة الاولی لزرارة يعني استصحب بقاء الموضوع الی زمان
الصلاة، بناء ا علی هذا الاشكال كان ينبغي لزرارة ان يقول سيدنا! مولانا!
ماذا يقول الاصوليين في المستقبل بعد قرون يقولون يعارض هذا الاستصحاب باستصحاب
آخر و هو استصحاب عدم الاتيان بالصلاة في زمان الوضوء، زرارة لم يقل ذلك و الامام
ايضا لم يتوقع منه ان يقول ذلك.
انا اضيف الی كلام السيد الخوئي صحيحة زرارة الثانية،
ذاك اهم و اوضح. كان ينبغي للسيد الخوئي ان يتمسك به بما في صحيحة زرارة الثانية لان
زرارة قال دخلت في الصلاة فرأيت في ثوبي دما لا ادري هل كان هذا الدم موجودا قبل
ان ادخل في الصلاة أو اني دخلت في الصلاة قبل ان يصاب ثوبي بالدم الامام قال له
استصحب عدم تلوث ثوبك بالدم الی ما بعد دخولك في الصلاة، الامام هكذا قال، فان
وجدته رطبا قطعت الصلاة و غسلته، تقطع الصلاة يعني في اثناء الصلاة تروح من دون ان
تستدبر القبلة تغسل ثوبك و تجيء و تستمر في الصلاة، يعني صلاتك مو باطلة، لانك لا
تدري لعله شيء اوقع عليك و ليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك. لو كان بعض الاصوليين
يعترض علی الامام عليه السلام سيدنا! الاصول الذي اهنانه قررناه ما يوافق كلامكم
لان استصحاب عدم تنجس الثوب الی ما بعد الدخول في الصلاة يعارض باستصحاب عدم
الدخول في الصلاة الی زمان تلوث الثوب بالدم، انتم ما قارئين هذه الابحاث؟
من يری تعارض الاستصحابين يقول تعارض استصحاب عدم تنجس الثوب الی ما
بعد الدخول في الصلاة معارض باستصحاب عدم الدخول في الصلاة الی زمان تلوث
الثوب بالدم و لكن الامام لم يقبل هذا الاستصحاب الثاني و لكن اجری
الاستصحاب الاول.
بناء ا علی هذا المبنی الذي سأذكر الجواب الحلي
للسيد الخوئي في الليلة القادمة عن مشكلة المعارضة بين الاستصحابين نتيجة هذا
المطلب الجديد للسيد الخوئي انه دائما في تعاقب الحادثين يجري استصحابا واحدا بلا
معارض و هو الاستصحاب المنقح لموضوع الحكم أو متعلقه، و الاستصحاب المنقح لموضوع
الحكم أو متعلقه في المقام ماذا؟ استصحاب عدم طلوع الفجر الی نهاية الاكل.
هذا ينقح موضوع الصوم.
هذا هو المبنی الجديد للسيد الخوئي و اما علی
مبنی المشهور من التفصيل بين مجهولي التاريخ و بين ما لو كان احدهما معلوم
التاريخ و الآخر مجهول التاريخ فتكون النتيجة التفصيل في المقام و سنتكلم عن ذلك
في الليلة القادمة انشاء الله.
و الحمد لله رب
العالمين.