تتمة مسألة 4 – مسألة 5: المراد بآخر الوقت
الدرس 59
السبت – 43/06/26
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام علی سيدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة الله علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في انه لو تيمم لصلاة الظهر و العصر مثلا و بقي تيممه الی وقت اذان المغرب و هو يحتمل انه لايجد الماء الی منتصف الليل فهل يجوز له ان يبادر الی صلاة المغرب و العشاء بالتيمم السابق ام لا؟
فذكر السيد الخوئي ان الروايات متعارضة. فهناك روايتان صحيحتان مدلولهما جواز المبادرة الی الصلاة بذلك التيمم السابق، ففي صحيحة العيص سألت اباعبدالله عليه السلام عن الرجل يأتي الماء و هو جنب و قد صلی قال يغتسل و لايعيد الصلاة. و في صحيحة زرارة قلت لابيجعفر عليه السلام فان اصاب الماء و قد صلی بتيمم و هو في وقت قال تمت صلاته و لااعادة عليه. فهذا مطلق يشمل ما لو صلی بتيمم سابق باق من الصلاة السابقة أو بتيمم جديد و انما قيدنا هاتين الصحيحتين بفرض واحد و هو ما اذا اراد ان يحدث التيمم و هو يحتمل زوال عذره في اثناء الوقت فقد دل الدليل علی عدم جواز البدار في هذا الفرض و اما اذا بقي تيممه من السابق فلادليل يقتضي ان يؤخر الصلاة الی آخر الوقت و لو في فرض رجاء زوال العذر. و لكن توجد صحيحة زرارة تعارض هاتين الصحيحتين، المسافر يطلب الماء مادام في الوقت فاذا خاف الوقت فليتيمم و ليصلي في آخر الوقت فيقول السيد الخوئي هذه الصحيحة تدل علی وجوب التاخير حتی بالنسبة الی هذا الفرض الذي بقي تيممه من السابق لان الصحيحة تقول و ليصل في آخر الوقت و كذا تقول فليطلب مادام في الوقت سواء كان تيممه باقيا من السابق أو اراد ان يحدث التيمم فعلا.
و لكن نحن نقول: لو لميكن اشكال الا وجود معارض لتلك الصحيحتين فنحن ندعي ان هذا الذي ادعي السيد الخوئي انه معارض لهما ليس معارضا لهما. فان قوله عليه السلام فذا خاف الوقت فليتيمم و ليصل في آخر الوقت لااطلاق له لفرض بقاء التيمم، فاذا خاف الوقت فليتيمم و ليصل في آخر الوقت. و هذا التعبير عرفي. السيد الخوئي يقول لماذا لميقل فليتيمم في آخر الوقت، لماذا قال و ليصل في آخر الوقت. هذا التدقيق ليس عرفيا. اذا كان المقصود فرض كون احداث التيمم في آخر الوقت و لا نظر الی فرض بقاء التيمم من السابق هذا التعبير يكون عرفيا يقول الامام عليه السلام اذا خاف الوقت فليتيمم و ليصل في آخر الوقت، يؤكد علی ان يكون التيمم أي احداث التيمم و الصلاة بعده في آخر الوقت.
و اما ما ذكره السيد الخوئي من ان الامر بطلب الماء مطلق يشمل من كان متيمما من السابق، هذا غير صحيح. لانه اذا نزل مكانا و فحص بمقدار غلوة أو غلوتين و لميجد الماء فتيمم و هو بعد في ذلك المكان لميرتحل الی مكان آخر لايجب عليه طلب جديد للماء. و لا احد يقول بذلك. فاذا صحيحة زرارة لاتصلح لمعارضة الصحيحتين التين استدل بهما السيد الخوئي علی جواز البدار الی الصلاة مع التيمم السابق و لو مع رجاء وجدان الماء في اثناء وقت هذه الصلاة اللاحقة.
لكن نحن نقول ظاهر الامر بتاخير التيمم انه ملحوظ مرآتا لايقاع الصلاة فالتيمم واجب مقدمي، فحينما يقول في معتبرة محمد بن حمران: و اعلم انه لاينبغي لاحد ان يتيمم الا في آخر الوقت فالعرف يفهم منه انه لاينبغي ان يصلي مع التيمم الا في آخر الوقت و الا كان بامكان المكلف ان يتيمم لغاية راجحة اخری. يتيمم فيأتي بنافلة، و يتيمم و يمس المصحف، ثم يقول انا لمايتمم لاجل هذه الصلاة، تيمم لغاية راجحة اخری فاصلي بهذا التيمم، لا، ظاهر مثل صحيحة محمد بن حمران: و اعلم انه ليس ينبغي لاحد ان يتيمم الا في آخر الوقت ان النظر الی التيمم نظر الی و مرآتي و مقدمي، فالمهم هو ان الشارع في فرض رجاء زوال العذر لايريد ان تبادر الی الصلاة مع التيمم.
ثم ان ما ذكره السيد الخوئي كاشكال علی السيد الحكيم، حيث ذكر السيد الحكيم انه يجري استصحاب بقاء الطهارة الترابية، فاشكل عليه السيد الخوئي باننا لانشك في بقاء هذه الطهارة ما لمنصب ماءا، هذا الاشكال صحيح لكن المهم ان السيد الحكيم يقول العام الكتابي يوجب الصلاة مع الوضوء أو الغسل لمن يتمكن من صرف وجود ذلك في الوقت، فحينما دخل اذان المغرب و في علم الله انا سوف اجد الماء في اثناء الوقت فانا في علم الله مكلف في الصلاة مع الوضوء أو الغسل فليس بمهم ان تكون الطهارة الترابية باقية مادام لماصب الماء. المهم انني مكلف بصلاة اختيارية مع الوضوء أو الغسل اذا كان في علم الله يوجد الماء قبل مضي الوقت.
نعم ان تم ما ذكره السيد الخوئي من جريان استصحاب بقاء العذر، استصحاب بقاء فقدان الماء الی آخر الوقت، فان لميتم استظهارنا من قوله عليه السلام ليس ينبغي لاحد ان يتيمم الا في آخر الوقت انه يوجب تاخير الصلاة مع التيمم في فرض رجاء زوال العذر سواء كان التيمم احداثيا أو بقائيا ان لميتم هذا الاستظهار فعلي مسلك السيد الخوئي كان بالامكان الرجوع الی استصحاب بقاء العذر كاستصحاب استقبالي، لكن نحن منعنا من ذلك و قلنا بان استصحاب بقاء العذر لايثبت العذر عن صرف وجود الواجب، ذكرت لكم مثالا فقلت كما ذكره السيد السيستاني في الملحق للمناسك: اذا شخص ذهب الی الجمرة فرأی الازدحام المانع عن مباشرته للرمي و احتمل استمرار الازدحام الی غروب الشمس، لايصح ان يستصحب بقاء الازدحام الی غروب الشمس. لماذا؟ لانه لو كان في علم الله ينتفي الازدحام في اثناء النهار فحتي اول الصبح لو سأله شخص و قال له هل رمي الجمرة ما بين طلوع الشمس الی غروب الشمس مقدور لك؟ فلابد ان يقول نعم، انا اقدر علی هذا الفعل و هو رمي الجمرة ما بين طلوع الشمس الی غروبها. و انما لااقدر علی رمي الجمرة فعلا. و استصحاب بقاء العجز الی غروب الشمس لايثبت العجز عن صرف وجود رمي الجمرة ما بين طلوع الشمس الی غروبها.
و ذكرنا لكم مثالا عرفيا فقلنا بانه اذا قال المولي لعبده اشتر الخبز غدا فان لمتقدر عليه فاشتر الطعام و الان المحلات مغلقة و لااحد يبيع الخبز و لكن اذا سألك شخص فقال انت تقدر علی شراء الخبز غدا فتقول نعم لانه اول الصبح تنفتح المحلات، اروح الی الخباز اشتر الخبز و اجئ فانا قادر علی شراء الخبز غدا و من يشك في ذلك فيشك في حدوث عجزه عن شراء الخبز غدا فكيف يستصحب بقاء عجزه و هو يشك في حدوث العجز.
و عليه فنحن وفاقا للسيد السيستاني نقول في هذه المسألة بان من تيمم لصلاة سابقة و دخل وقت صلاة لاحقة و احتمل زوال العذر في اثناء هذه الصلاة اللاحقة لايجوز له ان يبادر الی هذه الصلاة اللاحقة فياتي بها بتيمم نعم يمكنه ان ياتي بها رجاءا مع التيمم لكن لابد ان ينتظر و يسأل دائما هل يوجد ماء أو لايوجد، لايجوز له ان يذهب فينام علی خلاف ما ذكره السيد الخوئي من انه يجوز له ان يكتفي بذلك الاستصحاب الاستقبالي و ينام و لايسأل احدا عن شيء.
مسألة 5: المراد من آخر الوقت
المسألة الخامسة: المراد بآخر الوقت الذي يجب التاخير اليه أو يكون احوط الآخر العرفي فلاتجب المداقة فيه و لا الصبر الی زمان لايبقی الوقت الا بقدر الواجبات فيجوز التيمم و الاتيان بالصلاة المشتملة علی المستحباب ايضا بل لاينافي اتيان بعض المقدمات القريبة بعد الاتيان بالتيمم قبل الشروع في الصلاة. يعني الاذان و الاقامة.
وقع الكلام في ان المراد من انه يتيمم في آخر الوقت هل هو الآخر الدقي أو الآخر العرفي؟
السيد الحكيم و السيد الخوئي قدس الله نفسهما وافقها صاحب العروة فقالا المراد هو الآخر العرفي لا الآخر الدقي بحيث يكون ميم السلام عليكم مقارنا لغروب الشمس. لا، هذا التدقيق حرجي و خلاف ظهور قول عليه السلام و ليصل في آخر الوقت، و ليصل في آخر الوقت يعني آخر العرفي غير الدقي. و لاجل ذلك في آخر الوقت العرفي غير الدقي يتيمم و يؤذن و يقيم و يأتي بالمستحبات المتعارفة في الصلاة كالقنوت و التسبيحات الاربع ثلاث مرات، يصدق انه تيمم و صلی في آخر الوقت. يصلي بهدوء. يعني يصلي صلاة متعارفة، الصلاة المتعارفة صلاة تشتمل علی الاذان و الاقامة و علی المستحبات المتعارفة و علی الهدوء المتعارف.
السيد السيستاني قال: ابد، اذا كنت ترجو وجدان الماء و لاتخاف من فوت الصلاة بمقدار واجباتها في الوقت، فلابد ان تنتظر. انت دائما تنتظر ذاك الصاحب يجي ماء اليك، بعد عشر دقائق تغرب الشمس، لكن افرض صلاة العصر واجب عليك، قد صليت الظهر اول الوقت، في هذه الخمس دقائق ترجو ان يأتي ذلك الشخص و يقدم لك ماء تتوضأ، و اذا تؤخر الصلاة بمقدار خمس دقائق ما تخاف من فوت الصلاة بمقدار واجباتها، فما هو الدليل علی جواز ان تبادر الی التيمم و تصلي، ما هو الدليل علی ذلك؟ فاذا خاف الفوت فليتيمم و ليصل في آخر الوقت. فاذا خاف الفوت. اذا انت ما تخاف من فوت الصلاة يكون مجال بمقدار عشر دقائق و انت ترجو عن خلال هذه الخمس دقائق صاحبك يجيء و يقدم لك ماءا، بمجرد ان يجيئك ماء تتوضأ اقل من دقيقة، تترك الاذان و الاقامة، تترك القنوت، تأتي بالصلاة باقل واجباتها، فاذا اشلون تبادر الی الصلاة؟ و لايصدق في حقك قوله عليه السلام فاذا خاف الفوت فليتيمم و ليصل في آخر الوقت، انت لاتخاف الفوت.
و انصافا كلام السيد السيستاني متين. و هو الاولی بالقبول.
جواب سؤال: بالنسبة الی الامر بطلب الماء، ارسلنا شخصا الی طلب الماء بمقدار غلوة أو غلوتين و قلنا بانه اذا خاف الوقت يسقط وجوب الطلب حتی بمقدار غلوة أو غلوتين. و لكن اذا خاف الفوت وجب التيمم و الصلاة في آخر الوقت، هذا المقدار من الرواية اشلون لانعمل به؟ ما قلناه انه قد يحمل الامر بالطلب علی الاستحباب أو يحمل علی انه يجب الطلب في سعة الوقت فاذا خاف الفوت يسقط وجوب الطلب، و يجب التيمم و ايقاع الصلاة في آخر الوقت اذا خاف الفوت، فلابد ان يصدق خوف الفوت.
تكون مشكلة في مسألة المبادرة الی التيمم لاجل صلاة العصر مثلا و هو انه اذا كان آخر الوقت غروب الشمس، استتار القرص، قد يقول الشخص ليس لي مجال، اتيمم و اصلي، لكن اذا كان آخر وقت العصر زوال الحمرة المشرقية، يكون مجال، ربع ساعة أو عشرين دقيقة بعد استتار القرص تزول الحمرة المشرقية، فماذا يصنع؟ مقتضی الاحتياط ان نجمع يعني يصلي اولا مع التيمم قبل غروب الشمس فاذا وجد الماء في فترة ما بين غروب الشمس الی زوال الحمرة المشرقية يجب عليه ان يعيد صلاته اذا وجد الماء. بينما انه علی رأي السيد الخوئي فهذا آخر عرفي، صلی في آخر الوقت العرفي غير الدقي.
تنبيه: الحکم فی سائر المسوغات غير فقدان الماء
كل ما ذكرناه من جواز المبادرة الی الصلاة مع التيمم في فرض اليأس عن زوال العذر و عدم جواز المبادرة الی الصلاة مع التيمم في فرض رجاء زوال العذر، كان في مورد فقدان الماء، و اما من لميكن فاقدا للماء و لكنه كان معذورا عن استعمال الماء، اول الوقت مريض، لايتمكن من الوضوء و لكنه يحتمل برءه من مرضه.
نقل صاحب الحدائق عن الشهيد الثاني في روض الجنان انه ادعی الاجماع علی ان هذا المريض مثل فاقد الماء لايجوز له البدار مع رجاء زوال العذر. ثم ناقش في دعوی الاجماع فقال فيه ما لايخفی فانه قد طعن في هذا الاجماعات في كتاب المسالك في غير موضع فقبوله هنا للاجماع مجازفة محضة. الشهيد الثاني في المسالك يذكر فروعا يقول انها فروع مستحدثة و لكن ادعي عليها الاجماع. و يناقش في الاجماع، لكنه هنا قبل الاجماع، فيقول صاحب الحدائق لماذا قبلت الاجماع؟ لماذا ادعيت الاجماع علی هذا المطلب.
السيد الخوئي نحن لايهمنا الاجماع، لان هذا حتی لو ثبت كاجماع فهو ليس اجماعا تعبديا و انما نقول كلام الشهيد الثاني في روض الجنان علی وفق القاعدة لان الروايات التي قرأناها مما دلت علی وجوب التاخير و ان كان موضوعها من لايجد الماء، اذا لميجد الماء، لكن عدم وجدان الماء بقرينة قوله تعالي و ان كنتم مرضی فلم تجدوا ماء يكون بمعنی عدم التمكن من استعمال الماء و الا فالمريض عنده ماء، فماذا هو المراد من قوله و ان كنتم مرضی فلم تجدوا ماء؟ المراد به من كان مريضا فلم يتمكن من استعمال الماء. فالمراد من عدم وجدان الماء في هذه الروايات الدالة علی وجوب التاخير هو من لايتمكن من استعمال الماء إما لفقد الماء أو لاجل الابتلاء بالمرض.
تاملوا في هذا الكلام للسيد الخوئي الی الليلة القادمة انشاءالله.
و الحمد لله رب العالمين.