مسأله 4: البدار الی الصلاة اللاحقة بالتيمم للصلاة السابقة
الدرس 58
الثلثاء – 43/06/22
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام علی سيدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة الله علی أعدائهم أجمعين.
المسألة الرابعة: اذا تيمم لصلاة سابقة و صلي يجوز الاتيان بالصلاة الاخري في اول وقتها و ان احتمال زوال العذر في آخر الوقت علی المختار بل و علی القول بوجوب التاخير في الصلاة الاولي عند بعضهم لكن الاحوط (أي استحبابا) التاخير في الصلاة الثانية ايضا و ان لميكن مثل الاحتياط السابق بل امره اسهل نعم لو علم بزوال العذر يجب التاخير كما في الصلاة السابقة.
كان الكلام لحد الآن في احداث التيمم لاجل صلاة فوقع الكلام هل انه يجوز البدار الی احداث التيمم لها في فرض الشك في بقاء العذر الی آخر الوقت أو فرض اليأس عن زوال العذر، الان يقع الكلام في انه لو تيمم لصلاة سابقة و دخل وقت صلاة لاحقة فهل يأتي ذلك البحث بعينه في المقام؟
فمن يري جواز البدار الی التيمم مطلقا كصاحب العروة هنا ايضا يقول بجواز البدار مطلقا و من يري التفصيل بين فرض الشك و فرض اليأس كالمحقق الهمداني و السيد الخوئي فهنا ايضا يقول بالتفصيل؟
المحقق الهمداني قال: لا، الروايات في المسألة السابقة دلت علی وجوب تاخير التيمم الی آخر الوقت اما في هذه المسألة هذا المكلف متيمم من الزمان السابق فلادليل يمنعه من المبادرة الی الصلاة في اول الوقت حتی مع عدم اليأس، يرجو زوال العذر لكن لادليل يمنعه من الاتيان بالصلاة في اول الوقت. و السيد الخوئي قبل ذلك. لكن نتيجة ما ذكره السيد الخوئي ان جواز المبادرة الی الصلاة في فرض الشك في بقاء العذر جواز ظاهري. في الصلاة الاولي حتی الجواز الظاهري كان منتفيا، اذا شك في بقاء العذر لميكن يجوز له ان يبادر الی التيمم و يصلي في اول الوقت ثم ينام، اما في الصلاة الثانية يمكنه ذلك. تيمم لصلاة الظهر و العصر و صلي ثم دخل وقت صلاة المغرب و العشاء و يحتمل ان فقده للماء لايزال باقيا الی منتصف الليل يمكنه ان يصلي بذلك التيمم صلاة المغرب و العشاء و ينام الی الصبح لكنه لو جاءه شخص و قعّده من النوم قال تتوضأ يجب عليه ان يقوم و يتوضأ و يعيد صلاة المغرب و العشاء، فما هو الفرق بين المسألتين؟ يقول السيد الخوئي في المسألة السابقة لميكن يجوز الاعتماد علی هذا التيمم مع الشك في زوال العذر اما في هذه المسألة لا، يجوز لك بمقتضي استصحاب بقاء العذر الی آخر الوقت ان تكتفي بتيممك السابق و تصلي في اول الوقت صلاة المغرب و العشاء اعتمادا علی الاستصحاب بقاء العذر الی آخر الوقت، بينما ان الشارع الغي هذا الاستصحاب في الصلاة الاولي.
هذا محصل كلام السيد الخوئي. و لكن لاجل التحقيق في المسألة اذكر كلام السيد الحكيم في المستمسك ثم اذكر ملاحظات السيد الخوئي عليه.
السيد الحكيم نقل الخلاف في هذه المسألة عن الاعلام. فقال: الشيخ الطوسي في المبسوط قال: وجوب التاخير كان مختصا باحداث التيمم اما هنا انت تيممت لصلاة الظهر و العصر و بعد دخول وقت صلاة المغرب و العشاء لاتريد احداث التيمم فلايجب عليك تاخير الصلاة و لكن نقل عن السيد المرتضي و الشهيد في البيان انه لافرق بين المسألتين فهنا ايضا بعد دخول وقت المغرب يجب عليك الانتظار لافرق بين وجوب الانتظار لاحداث التيمم و وجوب الانتظار لايقاع الصلاة مع التيمم السابق. ما هو الوجه في كلام السيد المرتضي و الشهيد؟ يقول السيد الحكيم: لعل وجه كلامهما ان ما دل علی وجوب تاخير التيمم ظاهر في تاخير الصلاة متيمما لامجرد تاخير التيمم، التيمم ليس واجبا نفسيا، المهم هو الصلاة، فاذا يقول اخّر التيمم الی آخر الوقت يعني اخر الصلاة مع التيمم الی آخر الوقت بلافرق بين احداث التيمم بصلاة الظهر و العصر و بين ايقاع صلاة المغرب و العشاء بتيمم صلاة الظهر و العصر.
و لو قيل بان ما دل علی وجوب التاخير مختص باحداث التيمم و لاوجه لاستظهار عدم الفرق بين احداث التيمم أو الاتيان بالصلاة اللاحقة مع التيمم السابق، نقول ما هو الدليل علی جواز المبادرة الی صلاة المغرب و العشاء؟ ما هو الدليل علی جواز ان تبادر الی صلاة المغرب و العشاء بتيمم صلاة الظهر و العصر؟ مع انك تحتمل زوال العذر في اثناء الوقت. ما دل علی ان من تيمم فصلي ثم وجد الماء لايعيد الصلاة و الذي استفيد منه جواز المبادرة الی الصلاة هذا الدليل ايضا مختص باحداث التيمم، كما ان دليل وجوب التاخير يدعي انه مختص باحداث التيمم فلايشمل الاتيان بصلاة المغرب و العشاء بتيمم صلاة الظهر و العصر، فكذلك ما دل علی جواز البدار مختص باحداث التيمم. فلابد ان نرجع الی مقتضي القاعدة. و مقتضي القاعدة عدم جواز الاتيان بالصلاة الاضطرارية لمن يحتمل انه يتمكن من الصلاة الاختيارية في الوقت.
ان قلت: أما قرأت صحيحة زرارة التي تقول: الرجل يصلي صلوات الليل و النهار كلها بتيمم واحد؟ قال نعم ما لميحدث أو يصب ماءا، فتدل هذه الصحيحة علی جواز ايقاع صلوات الليل و النهار كلها بتيمم واحد. يقول السيد الحكيم: ما هي العلاقة لها بالبدار؟ هذه الصحيحة تدل علی عدم الحاجة الی تجديد التيمم لصلاة الثانية مع بقاء العذر و لاتدل علی جواز المبادرة الی الاتيان بصلاة المغرب و العشاء مع انك تحتمل زوال العذر.
ان قلت: نستصحب بقاء الطهارة بعد ما دخل وقت المغرب نشك في بقاء الطهارة الترابية نستصحبها و نصلي، فصلينا صلاة المغرب و العشاء مع الطهور. يقول السيد الحكيم: نريد منكم مقتضي الادلة الاولية نريد منكم صلاة اختيارية أي صلاة مع الطهارة المائية. انتم تستصحبون بقاء الطهارة الترابية؟ الاطلاق و العموم هو المرجع في موارد استصحاب بقاء الحكم الخاص و لايجوز الرجوع الی الاستصحاب. مثلا لو دل الدليل علی انه لايجوز اكرام اي فاسق و دل الدليل الخاص علی جواز اكرام زيد الفاسق يوم الجمعة، يوم السبت نشك هل جواز اكرام زيد الفاسق لايزال مستمرا ام لا، لايجوز استصحاب بقاء جواز اكرامه بعد اقتضاء الدليل العام لحرمة اكرامه في يوم السبت، الامارة تقدم علی الاصل. فمقتضي العمومات الاتيان بالصلاة مع الوضوء و هذا مقدم علی استصحاب بقاء الطهارة الترابية.
السيد الخوئي ذكر ملاحظات علی كلام السيد الحكيم من دون ان يصرح بانه اشكال علی السيد الحكيم. يقول السيد الخوئي: نقبل الروايات الواردة في وجوب التاخير خاص بتاخير احداث التيمم و جملة من الروايات الواردة في من تيمم فصلي ثم وجد الماء لايعيد الصلاة ايضا مختصة باحداث التيمم لكن هناك روايتان صحيحتان شاملتان للمقام احداهما صحيحة زرارة: قلت لابيجعفر عليه السلام فان اصاب الماء و قد صلي بتيمم و هو في وقت قال تمت صلاته و لااعادة عليه، هذا مطلق. هذا الذي تيمم لصلاة الظهر و العصر ثم دخل وقت المغرب فصلي المغرب و العشاء بذاك التيمم و لو كان يرجو زوال العذر، ألايشمله هذا التعبير: فان اصاب الماء و قد صلي بتيمم، ما قال و قد تيمم في الوقت فصلي، و قد صلي بتيمم و لو تيمم سابق، قال تمت صلاته و لااعادة عليه. و نحوها صحيحة عيص: الرجل يأتي الماء و هو جنب و قد صلي قال يغتسل و لايعيد الصلاة. و قد صلي أي صلي مع تيمم سواء تيمم احداثي أو تيمم بقائي من الصلوات السابقة.
نعم خصصنا هاتين الصحيحتين بفرض واحد، اخرجنا فرضا واحدا عنهما و هو فرض احداث التيمم مع الشك في بقاء العذر. لايجوز احداث التيمم مع الشك في بقاء العذر اما انت بعد ان تيممك باق الی وقت المغرب لاتحدث التيمم فحتي انت شاك في بقاء العذر تشملك هاتان الصحيحتان.
هاتان الصحيحتان توجد صحيحة معارضة لهما و هي صحيحة زرارة: اذا لميجد المسافر الماء فليطلب مادام في الوقت فاذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمم و ليصلي في آخر الوقت. و ليصلي في آخر الوقت مطلق لايختص باحداث التيمم، تيممت لصلاة الظهر و العصر في آخر الوقت، مي خالف، الآن تتيممك باق، تريد ان تبادر الی صلاة المغرب و العشاء في اول وقتهما، هذه الصحيحة تقول و ليصل في آخر الوقت.
ان قلت: هذه الصحيحة تقول: فاذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمم أي يحدث التيمم و ليصلي في آخر الوقت. فمورد الصحيحة احداث التيمم لا علاقة لها بالمقام. يقول السيد الخوئي اذا كان المقصود تاخير احداث التيمم لماذا لميكتف بقوله فاذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمم، لماذا اضاف جملة جديدة و قال و ليصلي في آخر الوقت، كان بامكانه ان يقول فليتيمم في آخر الوقت أو اذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمم، لماذا قال و ليصلي في آخر الوقت؟ ظاهر هذه الجملة انها جملة مستقلة، يجب ان تكون الصلاة مع التيمم في آخر الوقت سواء كان التيمم احداثيا أو بقائيا من الصلاة السابقة.
و هكذا اطلاق الجملة الاولي من هذه الصحيحة: المسافر يطلب الماء مادام في الوقت، مطلق حتی لو كان متيمما من السابق. فتقع المعارضة بين هذه الصحيحة و الصحيحتين السابقتين أي صحيحة زرارة الاولي و صحيحة العيص. فبعد تساقطهما نرجع الی الاصل. ما هو ذلك الاصل؟ السيد الخوئي يقول: ليس الاصل هو استصحاب بقاء الطهارة (يعني السيد الحكيم طرحه). لماذا؟ يقول السيد الخوئي: هل انت تشك في بقاء الطهارة حتی تستصبحها؟ دخل وقت المغرب انت متيمم لمتصب ماءا، انت متطهر، لاينافي انك لايجوز لك ان تصلي صلاة المغرب و العشاء في هذا الحال أو لايجوز لك، انك متطهر كيف تستصحب بقاء الطهارة انت لست تشك في بقاء طهارتك الترابية، و لاجل ذلك يمكنك ان تمس القرآن بهذا التيمم، تشك في بقاء الطهارة الترابية حتی تستصحبها. يقول: هذا الاصل هو استصحاب بقاء العذر، استصحاب عدم وجدان الماء الی آخر وقت المغرب و العشاء. فائدة هذا الاستصحاب انه يجوّز لك ان تصلي المغرب و العشاء في اول الوقت و ان تنام رغد. لكن اذا فوجئت بان جابوا لك بماء قبل منتصف الليل فذلك الاستصحاب كحكم ظاهري يبطل، يجب عليك ان تقوم و تتوضأ و تعيد صلاتك.
هذا محصل كلام السيد الخوئي.
نقول: يا سيدنا الخوئي! فاذا صار الفارق بين المسألتين أي احداث التيمم لصلاة الظهر و العصر و الاتيان بصلاة المغرب و العشاء بتيمم صلاة الظهر و العصر، صار الفارق بينهما فارق ظاهري. يعني انت تريد ان تقول الشارع الغي استصحاب بقاء العذر في مورد احداث التيمم لااكثر. و لكن الانصاف ان هذا خلاف الظاهر. الظاهر من التعبير بانه لاينبغي لاحد ان يتيمم الا في آخر الوقت ان النظر الی التيمم نظر مرآتي، نظر مقدمي، يعني لاينبغي لاحد ان يصلي مع التيمم الا في آخر الوقت. هذا هو الظاهر عرفا من هذه التعابير. و لاجل ذلك نشوف ان السيد السيستاني لميفرق بين المسألتين. و لو من باب الاحتياط اللزومي قال: هنا ايضا لايجوز البدار الی صلاة المغرب و العشاء مع الشك في زوال العذر علی الاحوط لزوما.
و بقية الكلام في ليلة الاحد انشاءالله.
و الحمد لله رب العالمين.