تتمة المسألة 14 – مسائل 15 الی 18
الدرس 45
الثلثاء – 43/05/23
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام علی سيدنا محمّد و آله الطاهرين سيما بقية اللّه في الأرضين و لعنة الله علی أعدائهم أجمعين.
كان الكلام في المسألة الرابععشر حيث قلنا بانه لو اعتقد انه محدث بالحدث الاكبر مثلا فتيمم بعنوان انه بدل الغسل، ثم تبين له ان كان محدثا بالحدث الاصغر، فهل يقع تيممه تيمما بدل الحدث الاصغر ام يبطل تيممه؟ فقلنا بانه لابد ان نری اننا اخترنا كون بدلية التيمم عن الغسل أو الوضوء بدلية قهرية كما اختاره المحقق العراقي و السيد السيستاني فاذا لميكن يحتاج المكلف الی قصد البدلية فضلا عن قصد بدلية التيمم عن الوضوء أو الغسل، تيمم و تمشی من قصد القربة و لو علم بانه ليس بجنب لما تيمم لكنه تيمم فيقع تيممه بدل الوضوء و يصح منه ان يصلي بهذه التيمم.
و هكذا لو اعتقد انه جنب فتيمم بدل غسل الجنابة ثم تبين انه كان قد مس الميت و لو كان يعلم بانه مس الميت لما يهتم به، لما يتيمم، يريد ان يحضر مجلس عالم فنصحوه، لاتحضر مجلس العلماء و انت جنب، لكن لميقولوا له لاتحضر مجلس العلماء و انت وجب عليك غسل مس الميت. تخيل انه جنب فتيمم، لانه فاقد للماء أو لايتمكن من الغسل ثم تبين له انه لميكن جنبا كان ماسا للميت، بناءا علی مبنی المحقق العراقي و السيد السيستاني تيممه صحيح و اما بناءا علی مبنی المشهور و منهم السيد الخوئي وفاقا لصاحب العروة يبطل تيممه لان بدلية التيمم عن الوضوء أو الغسل أو بدليته عن غسل الجنابة أو مس غسل الميت بدلية قصدية تحتاج الی القصد، من العناوين القصدية، فبناءا علی ذلك يندرج المقام في كبری العناوين القصدية حيث التزم المشهور بانه بناءا علی التقييد يبطل العمل كما في هذا المثال الذي ذكرنا انه لو علم بانه ليس بجنب لما تيمم، و اما اذا اخطأ في التطبيق يعني لو كان يعلم بانه ليس بجنب لكان يتيمم ايضا لكنه الان قصد التيمم بدل غسل الجنابة فالمشهور انه يصح عمله لان المنوي اولا و بالذات هو الامتثال للامر الفعلي و هذا ما اختاره صاحب العروة بينما ان جمعا من الاعلام كالسيد البروجردي و السيد الخوئي و السيد السيستاني ذهبوا الی بطلان العمل اذا قصد الخصوصية المتوهمة، قصد التيمم بدل غسل الجنابة و لو فرضنا ان بدليته قصدية فهو لميقصد كون هذا التيمم بدل غسل مس الميت أو بدل الوضوء فكيف يقع عنه.
السيد الخوئي في تعليقته علی العروة هنا صحح الكلام الذي صدر منه في بحثه الاستدلالي، فعلق علی قوله و ان اتی به من باب الاشتباه في التطبيق صح، بل بطل. نعم لو كان مجرد اشتباه في التوصيف من دون ادخال الخطأ في منويه و مقصوده لميضر، كما استظهر السيد الخوئي في مسألة الاجارة انه جرت العادة علی ان ينوي الانسان الصلاة عمن استؤجر عنه من دون ان يدرج كونه والد زيد أو والدته في المنوي، مجرد تقارن في الاعتقاد و التوصيف. و هذا غير بعيد في مسألة الاجارة لان المستأجر يريد افراغ ذمته و يحلل نفسي ذلك المال الذي اخذه فهو ينوي الصلاة عمن استؤجر عنه، والد زيد كان أو والدته كانت مو مهم، فهو لاينوي الصلاة عن والد زيد و انما يكون مجرد خطأ في التوصيف و الاعتقاد و هذا لايضر.
المسألة 15: اعتبار امرار الماسح علی الممسوح
المسألة الخامسعشر: في مسح الجبهة و اليدين يجب امرار الماسح علی الممسوح فلايكفي جرّ الممسوح تحت الماسح.
المسح له استعمالان، تارة يستعمل بمعنی ازالة الاثر، امسح يدك علی هذا الصبغ، الغرض منه ان يزيل الصبغ فاذا جر الصبغ علی الجدار كفی ذلك لان الغرض هو ازالة الاثر. هذا هو الاستعمال الاول. الاستعمال الثاني ان يراد به ما هو الظاهر من مسح شيء علی شيء، امسح يدك علی رأس اليتيم، ظاهره ان يمر يده علی رأس اليتيم لان ان يخلي يده في مكان و يقول لليتيم تعال جر رأسك تحت يدي، هذا ليس امتثالا للامر بمسح اليد علی رأس اليتيم. و لاجل ذلك ذكر المشهور ان الظاهر من قوله تعالي فامسحوا بوجوهكم و ايديكم منه ان الوجه هو الممسوح، ظاهر الكف هو الممسوج و باطن الكف هو الماسح، فلابد من ان يمر باطن الكف علی وجهه و ظاهر كفيه.
السيد الحكيم قدس سره قال فيه نظر و ان كان احوط. و لعله لاجل انه يحتمل ان المسح يكون بالمعنی الاول، خصوصا مع استعمال كلمة الباء، و امسحوا برؤسكم و ايديكم منه حيث تدخل الباء علی الماسح، مسح بيده رأس اليتيم. فكانّه فرض كون الوجه و ظاهر الكفين هو الماسح و ان لميكن كذلك لكن لعله لاجل هذه النكتة يقول لايظهر من الآية لزوم مسح باطن الكف علی ظاهر الوجه و ظاهر الكفين و لكنه خلاف الظاهر خصوصا بالنظر الی الروايات الظاهرة في لزوم مسح ظاهر الوجه و ظاهر الكفين بباطن الكف.
نعم، مجرد الحركة اليسيرة في الوجه و اليدين لايمنع من صدق مسح باطن الكف علی ظاهر الوجه و ظاهر الكفين. كما قالوا في مسح الرأس و الرجلين في الوضوء بانه لايجوز ان يمر رأسه علی باطن كفه، يضع يخلي باطن كفه هكذا ثم يمر رأسه علی باطن كفه، هذا لايصح. نعم، الحركة اليسيرة في الرأس لاتمنع من صدق انه مسح بيده علی رأسه و هكذا في مسح الرجلين. بعض الناس حينما يريدون يمسحون علی رجلهم يحركون الرجل، لا، لابد ان لاتكون حركة الرجل اكثر من الحركة اليسيرة التي لاتخل بصدق مسح يدي علی الرجل، أي امرار اليد علی الرجل.
المسألة 16: رفع اليد اثناء المسح
المسألة السادسعشر: اذا رفع يده في اثناء المسح ثم وضعها بلافصل و اتم، فالظاهر كفايته و ان كان الاحوط استحبابا الاعادة. يعني اعادة المسح.
السيد الگپايگاني قال هذا الاحتياط لايترك، احتياط وجوبي. و لعل منشأه ان الروايات الواردة في كيفية التيمم حينما مسح النبي بباطن كفه المباركة جبهته و ظاهر كفه الاخری انه لميرفع يده في اثناء المسح و الا لنقله الراوي، و هذا يعني انه واجب.
نقول في الجواب: لا، هذا امر متعارف، ليس هناك داعي في انه النبي رفع يده في اثناء المسح فلايفهم من ذلك، مانعية رفع اليد في اثناء المسح فنتمسك بالاطلاقات الآمرة بمسح باطن الكف علی ظاهر الوجه فان اطلاقها يشمل فرض رفع اليد في الاثناء اذا لميختل الموالاة بذلك.
المسألة 17: الشك في الاكبر و الاصغر من الحدث
المسألة السابععشر: اذا لميعلم انه محدث بالاصغر أو الاكبر و علم بهما اجمالا يكفيه تيمم واحد بقصد ما في الذمة.
بناءا علی رأي السيد السيستاني لايحتاج الی قصد ما في الذمة لانه مامور بطبيعي التيمم. نظير ما لو لميدر انه هل نام أو بال هل تنصحونه فتقولون له يكفيك وضوء واحد بنية ما في الذمة، البول لايتعلق بذمة المكلف، النوم لايتعلق بذمة المكلف، يتعلق بذمة المكلف الوضوء، فينوي الوضوء بقصد القربة.
السيد السيستاني لما افتی بان البدلية بدلية التيمم للوضوء أو الغسل بدلية قهرية فيكون نظير سببية النوم أو البول للوضوء، و لكن من يری ان بدلية التيمم عن الوضوء أو عن الغسل بدلية قصدية و بحاجة الی القصد فيكفي القصد الاجمالي، يكفيه تيمم واحد بقصد ما في الذمة.
[السؤال: … الجواب:] يكفيه تيمم واحد بقصد ما في الذمة لكن بحسب التحليل العلمي السيد السيستاني لايقول بانه يكفيه تيمم واحد بقصد ما في الذمة أي يحتاج المكلف الی ان ينوي ما في الذمة، لانه كما ذكرت لكم يكون نظير الوضوء الذي لايدري هل كان بسبب النوم أو بسبب البول. نعم، لو كان التيمم بدل الوضوء أو بدل الغسل من العناوين القصدية كصلاة الظهر و العصر هناك يقولون بان من لايدري هل فات منه صلاة الظهر أو صلاة العصر، تكفيه صلاة رباعية واحدة بنية ما في الذمة. هناك لابد ان يقال يكفيه صلاة رباعية واحدة بنية ما في الذمة.
اما هنا، علی رأي السيد السيستاني لايحتاج الی هذا التقييد و لميكن مهما بحيث يحتاج الی ان يعلق عليه السيد السيستاني.
المسألة 18: تفاوت التيمم بدل الوضوء و التيمم بدل الغسل
المسألة الثامنعشر: المشهور علی انه يكفي فيما هو بدل عن الوضوء ضربة واحدة للوجه و اليدين و يجب التعدد فيما هو بدل عن الغسل. يعني بعد ما فرغ من تيممه بدل الغسل مسح علی جبهته و ظاهر كفيه فالمشهور يقولون في التيمم بدل الغسل انه يضرب يديه مرة اخری علی الارض و يمسح ظاهر كفه اليمنی بباطن كفه اليسری و ظاهر كفه اليسری بباطن كفه اليمنی. و الاقوي كفاية الواحدة في ما هو بدل الغسل ايضا و ان كان الاحوط استحبابا ما ذكروه. و احوط منه التعدد في بدل الوضوء ايضا و الاولی ان يضرب بيديه و يمسح بهما جبهته و يديه ثم يضرب مرة اخری و يمسح بها يديه. هذا هو الاولی و الاحوط استحبابا. و ربما يقال غاية الاحتياط ان يضرب مع ذلك مرة اخری يده اليسری بعد ما ضرب كلتا يديه، مرة ثانية علی الارض و مسح ظاهر كفيه اليمنی بباطن كفيه اليسری ثم مسح ظاهر كفه اليسری بباطن كفه اليمنی يضرب يده اليسری علی الارض مرة ثالثة و يمسح بها ظهر اليمنی ثم يضرب اليمنی علی الارض و يمسح بها ظهر اليسری.
هذه المسألة مسألة مهمة. و الظاهر ان الاقوي في المسألة اربعة: القول الاول ما هو المنسوب الی المشهور من التفصيل بين التيمم بدل الوضوء فكيفي ضربة واحدة للوجه و اليدين و بين التيمم بدل الغسل فيجب ضربتان: ضربة قبل مسح الوجه و اخری قبل مسح اليدين بعد مسح الوجه. القول الثاني: كفاية الضرب الواحدة مطلقا. القول الثالث: لزوم الضربتين في التيمم مطلقا القول الرابع ما نسب الی علی بن بابوين والد الصدوق من اعتبار ثلاث ضربات في التيمم.
فما هو المنشأ لهذا الخلاف. المنشأ لهذا الخلاف هو اختلاف الروايات. نقرأ الرواية الاولی: صحيحة محمد بن مسلم: قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن التيمم فضرب بكفيه الارض ثم مسح بهما وجه ثم ضرب بشماله الارض فمسح بها مرفقه الی اطراف الاصابع واحدة علی ظهرها و واحدة علی بطنها ثم ضرب بيمينه الارض ثم صنع بشماله كما صنع بيمينه. يعني ضربة للوجه ضربة لليد اليمنی و ضربة لليد اليسری يعني يضرب يديه ثم يمر بهما علی وجهه يضرب بيده اليسری ثم يمر بها علی يده اليمنی يضرب يده اليمنی ثم يمر بها علی يده اليسری.
هذه الصحيحة لابد ان تحمل علی التقية لموافقتها لفتوی جماعة من العامة و قد ذكرنا انه لو كان التيمم واجبا بهذه الكيفية لبان و انتشر.
اما بقية الروايات فنتكلم عنها في ليلة الاحد انشاءالله.