بسم الله الرحمن الرحیم
الدرس 29-الإثنين – 16/04/43
تتمة المسألة السادسة
المسألة السادسة المحبوس في مكان مغصوب يجوز ان يتيمم فيه علي اشكال لان هذا المقدار لايعد تصرفا زائدا.
حکم تیمم المحبوس فی المکان المغصوب و صوره
هذه المسألة قد يحتمل ان يراد منها التيمم في الفضاء المغصوب بالتراب المغصوب بان يكون التراب الذي يتيمم به من نفس المكان المغصوب، و قد يكون مراده منها كون التراب الذي يتيمم به مباحا لكن يضعه في المكان المغصوب و يضرب يديه علي ذلك التراب المباح و هذا يعد تصرفا في الفضاء و في الارض كما ان السجود في المكان المغصوب تصرف في المكان المغصوب و ان كان هو اشتری بساطة و يصلي عليها و يسجد علي تربة مباحة و لكن الارض مغصوبة فهذا يعد تصرفا في هذا المكان المغصوب. و هو لیس مضطرا الی هذا التییم لانه غایة الامر يصير فاقد الطهورين فلايصلي. هو مضطر تكوينا الی ان يبقي في هذا المكان المغصوب، لکن ليس مضطرا الی ان يتيمم بهذا التراب المغصوب.
قد يفهم من اقتران هذا الفرع و الذی يلحقه فی ذیل المسئله، من انه لو توضأ بالماء الذي في المكان المغصوب و كان مما لاقيمة له فيمكن ان يقال بجوازه، ان التراب ايضا ملك الغير. لکن ان اريد هذا المعني فهذا ينافي ما ذكره سابقا من شرطية اباحة ما يتيمم به. مضافا الی ان المحبوس في مكان مغصوب ليس مضطرا الی ان يضرب يديه علي التراب الموجود في هذا المكان المغصوب. و لكن مع ذلك قد يتوهم جواز ذلك.
بیان المختار فی المسأله
ينبغي ان نتكلم علي كلي الاحتمالين. اما الاحتمال الاول و هو كون التراب الذي يتيمم به من ذلك المكان المغصوب فقد يقال بان المحبوس في هذا المكان مضطر الی جامع التصرف في هذا المكان إما ان يقوم فيه أو ينام فيه أو يجلس فيه، و ما يفعله مصداق للتصرف المضطر اليه، فان وضع علي الارض هذا ليس تصرفا زائدا كما لو وضع يده علي الجدار.
و لاجل ذلك قال السيد السيستاني: الاشكال ضعيف في ما اذا لم يضرب بيديه علي التراب. فان الضرب هو الوضع بقوة، هذا قد يعد تصرفا زائدا. و لكن اذا وضع يده علي التراب (فانه سیاتی انه اذا لم يتمكن من الضرب علي التراب يكفيه ان يضع يده علي التراب)،فلیس تصرفا زائدا فانه لافرق في تصرفه في هذا المكان المغصوب المضطر اليه بين ان يبقی قائما او يجلس او يضطجع او يستلقي او يمشي او يكون واقفا. كل هذا مصداق واحد للغصب لايزيد الغصب في بعض دون بعض. حتی اذا يقوم يأخذ من الفضاء المغصوب بمقدار ما ينام.
ان شئت قلت: الدليل علي حرمة التصرف في مال الغير معتبرة الاسدي لايحل لاحد ان يتصرف في مال غيره بدون اذنه. نعم ناقش السيد الخوئي في سند هذه الرواية فقال الرواة الاربعة الذین رووها عن الاسدي لم يوثق واحد منهم. اقول: احتمال ضعف جمیع هولاء الاربعة بعيد جدا. فالظاهر تمامية سند هذه الرواية.
و لكن التصرف الذي ليس مضطرا اليه ينصرف عرفا عن مثل وضع يديه علي الارض المغصوبة و التي يضطر المكلف الی البقاء فيها. امرار يديه في الفضاء او حين وضعهما علي الارض او حين رفعهما او حين امرارهما علي الجبهة و اليدين فهذا ليس تصراف زائدا.
فاذن لا یبعد ان يقال بانه اذا كان مضطرا الی البقاء في المكان المغصوب لابسوء اختياره، یجوز التیمم بالتراب الموجود علي هذا المكان، غايته انه لايضرب بيديه علي الارض.
و بما ذکر یظهر ما فی کلام السید الحکیم ره حیث اشکل فی التیمم بهذا التراب، و قال هذا تصرف زائد. بل هو استشكل حتي في النوم، اذا لم يكن مضطرا الی ان ينام، فان النوم يعني يأخذ ساحة من الارض المغصوبة،
فان العرف يقول هذا مضطر الی التصرف في هذا المكان. و التصرف لافرق فيه بين ان يكون هو قائما او يكون نائما او جالسا، واقفا او ماشيا. فلایعد تصرفا زائدا عرفا.
اما الثاني و هو ان يكون التراب مباحا و ان کان المکان مغصوبا. و یاتی فیه ما مر فی الفرض الاول فان جامع التصرف حلال لانه مضطر اليه و هذا الفرد من التصرف لايزيد في الغصبية او في جهة التصرف عن بقية التصرفات. بل هذا اسهل امرا من الفرض السابق.
حکم الوضوء بالماء الموجود فی المکان الغصبی المحبوس فیه
قد ذكر صاحب العروة بعد ذلك، انه لو توضأ بالماء الذي في ذلك المكان المغصوب و كان مما لاقيمة له يمكن ان يقال بجوازه و الاشكال فيه اشد.
و فیه انه لايجوز قطعا.فانه تصرف زائد بلاریب و لايحل لاحد ان يتصرف في مال غيره. مال الغیر ليس بمعني ما له مالية و قيمة کما افاد السید الخمینی قدس سره و السيد الخوئي ره. فان المال بالنظر العرفي اعم من المال و الملك. هذا مال فلان و لكنه لاقيمة له، كلام صحيح عرفا. و معنی انه لايحل مال فلان، عدم حلیة ما ملكه. مضافا الی ان عموم حرمة الظلم يشمل التصرف في ملك الغير و لو لم يكن له مالية.
اشکال علی احتیاط صاحب العروة فی الجمع بین الوضوء و التیمم فی هذا الفرض
السید ره لم یفت بجواز الوضوء بالماء الموجود في هذا المكان المحبوس اذا لم يكن له قيمة، لانه قال يمكن ان يقال بجوازه؛ يعني في جواز الوضوء منه اشكال. لکن بعدئذ يقول و الاحوط الجمع فيه بين الوضوء و التيمم و الصلاة! اذا كنتم تفتون بجواز الوضوء من الماء الموجود في هذا المكان، الذي لاقيمة له، فحينئذ يمكن الاحتياط بالجمع بين الوضوء به و التيمم و الصلاة ثم اعادتها او قضاءها بعد ذلك و لكن استشكلتم في جواز الوضوء من هذا الماء الذي لاقيمة له لانه ملك الغير و ان لم يكن مال الغير، فكيف تقولون بان الاحوط الجمع؟!
نعم لو كان المقصود الاحتياط الحيثي، الاحتياط من ناحية التكليف بالصلاة، لكان له وجه. و لكن مع ذلك يرد عليه الاشكال؛ لان هذا التصرف حرام في الماء فاذا كان حراما بطل الوضوء. فكيف یقول (حتي بلحاظ التكليف بالصلاة) ان مقتضي الاحتياط الجمع بين هذا الوضوء و بين ذاك التيمم، و ان كان مخالفا للاحتياط الوجوبي من حيث آخر؟ فان هذا يؤدي الی ان يكون هذا الوضوء باطلا.
المسألة السابعة
المسألة السابعة: اذا لم يكن عنده من التراب او غيره مما يتيمم به ما يكفيه لكفّيه معا يكرر الضرب حتي يتحقق الضرب بتمام الكفين عليه.
و ان كان قد يقال بانه في حال الاختيار لايجوز ذلك. و ذلك لانه في الروايات البيانية لكيفية التيمم الامام عليه السلام ضرب بكفيه معا علي الارض و لكن لااطلاق لهذه الروايات لفرض الاضطرار في ما اذا عجز عن ضرب الكفين علي الارض معا. فنتمسك بالاطلاقات الدالة علي وجوب ضرب الكفين علي الارض بلاتقييد بان يكون ضربهما معا. و لاوجه لدعوي انصراف هذا التعبير خصوصا في فرض الاضطرار عن تعاقب الضرب، يضرب يده اليمني اولا علي الارض ثم يضرب يده اليسري علي الارض، لانه لايقدر علي ضربهما معا. فلااقلمن انه في فرض الاضطرار يشمل الاطلاق للضرب غير الدفعي، يضرب يده اليمني علي الارض اولا ثم يضرب يده اليسري علي الارض ثانيا.
و هكذا لو كان التراب بمقدار لايمكنه ان يضرب بيده الواحدة بتمامها عليه. يكون يضرب اطراف اصابعه عليه ثم يضرب راحته عليه. فهنا يصير اربع ضربات، كل كف بضربتين، فان الاطلاق يشمله و ان کان خلاف المتعارف؛ غايته انه في فرض الاختيار لايسعه ذلك اما في فرض الاضطرار لاموجب لدعوي الانصراف لتلك الروايات عن هذا الفرض.
و لايحتاج الی ما ذكره السيد الحكيم من التمسك بقاعدة الميسور. فان نفس الاطلاقات تكفينا في المقام بلاحاجة الی التمسك بقاعدة لااساس لها تسمي بقاعدة الميسور.
نعم، اذا كان ضرب كل مثلا كف علي الارض يحتاج الی ضربات عديدة جدا، مثلا عشرين ضربة، قد ينصرف عنه الاطلاقات.
المسألة الثامنة
قال ره: يستحب ان يكون علي ما يتيمم به غبار يعلق باليد؛ و يستحب ايضا نفضها بعد الضرب.
المشهور انه يستحب ان يكون علي ما يتيمم به غبار يعلق باليد؛ و بعد ضرب اليدين علي الارض يستحب نفض ما علق علي اليد او فقل نفض اليدين، و هذا ليس بواجب.
و قال السيد السيستاني: الاحوط ان يكون علي ما يتيمم به غبار يعلق باليد ان يكن اقوي. و هذا موافق لما اختار صاحب الحدائق و الشيخ البهائي و والده و جمع من الاعلام.
ما استدل به علی لزوم العلوق
قد یستدل علیه بالاحتیاط .
لکن فیه اولا ان هذا مبنی علي عدم اطلاق في ادلة التيمم، ينفي بهذا الاطلاق شرطية العلوق. و ثانيا حتي لو لم يوجد اطلاق فیتني هذا الاصل علي كون الطهارة مسببة عن التيمم و يكون الشك في شرائط التيمم شكا في المحصل.
الدليل الثاني: ما يقال من انصراف اطلاقات التيمم الی فرض العلوق. لانه كان الغالب في ما يتيمم به ان يكون عليه غبار يعلق باليد. حتي فی التيمم بالحجر، لان الغالب في ذلك الزمان ان يجتمع عليه الغبار.
و فيه: حتي لو فرض هذه الغلبة و لكن لاوجه لحمل الاطلاق علي الفرد الغالب.
الدليل الثالث: قوله تعالي فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم و ايديكم منه أي من ذلك الصعيد. و قد ادعي الزمخشري في الكتاب من انه لااشكال في ان من للتبعيض. فامسحوا بوجوهكم و ايديكم منه أي ببعض ذلك التراب.
لکن قال السيد الخوئي: توجدقرينة علي ان من هنا ليس للتبعيض. و هی ان ما يوجد في الكف من التراب ترابٌ، و ليس ببعض التراب، فلامعني لحمل من هنا علي معني التبعيض. فهذه الحرف هنا للابتداء او فقل “من” نشوية أي ابتدئوا بضرب اليدين علي الارض ثم انتهوا منه الی المسح بيديكم علي جبهتكم و ظاهر ايديكم.
لکن الانصاف ان هذه الدعوي من السيد الخوئي غير تام. لانه لامنافاة بين ان يستعمل “من” في مورد يصدق عليه انه بعض الشيء و الشيء. نظیر ان یقال اخذت من الخشب فسجدت عليه. اخذ من الخشب و ما اخذه خشب ایضا. و علي اي حال هذا التراب الموجود في الارض تراب كثير لايبقی تمامه في الكف، يبقی جزء منه، و لايأبی العرف عن التعبير بانه امسحوا بوجوهكم من ذلك الصعيد.
نعم، قد يقال بانه قد ورد في الروايات نفض اليدين قبل المسح بهما علي الجبهة کما سیاتی بیانه. فحينما يمسح بيديه علي جبهته لايبقی ذلك التراب في كفيه لانه نفض يديه. مع ان ظاهر هذه الآية وجوب کون مسح الجبهة بجزء من ذلك التراب الموجود في الكف. و مایبقی بعد النفض، انما هو الغبار ؛ و الغبار ليس جزءا من التراب عرفا.
فهذا قد يكون قرينة علي “من” ليس للتبعيض و انما هو للنشوية و البيانية لاجل هذه القرينة.
الدليل الرابع: ما قد يقال من انه ورد في الروايات ان التراب طهور كما ان الماء طهور، جعل الله التراب طهورا كما جعل الماء طهورا. و مقتضي المشابهة انه كما ان الماء يعلق حينما تغسل وجهك يعلق علي وجهك اجزاء الماء فلابد ان يكون التراب كذلك.
الجواب: الماء يبقی تكوينا لا انه يجب ان ييقی شرعا. فالتشابة بلحاظ الطهورية لا بلحاظ جميع الخصوصيات الموجودة في الماء. نعم، المسح في الوضوء لابد ان يكون بالماء، لابد ان يبقی في كفه اليمني مقدار من الماء حتي يمسح به رأسه و رجليه و لكن هذا لايقتضي ان يكون الامر في التيمم كذلك.