فهرست مطالب

فهرست مطالب

الدرس57

موضوع: شرائط صلاة الميت ‌/ الصلاة على الميت/ احکام المیت/ کتاب الطهاره

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.

المسالة الثالثة إذا لم يمكن الاستقبال أصلا سقط و إن اشتبه صلى إلى أربع جهات إلا إذا خيف عليه الفساد فيتخير و إن كان بعض الجهات مظنونا صلى إليه و إن كان الأحوط الأربع.

يقع الكلام في هذه المسالة في عدة جهات الجهة الاولى ان الاستقبال شرط في فرض القدرة في الصلاة على الميت و ذلك اولا لان دليل شرطية الاستقبال ليس مطلقا، وارد في فرض التمكن من رعاية القبلة كصحيحة ابي هاشم الجعفري، لم يرد بعنوان انه لا صلاة على الميت الا الى القبلة كما ورد نظير ذلك في الصلاة اليومية و ثانيا نقطع بانه على فرض تعذر الاستقبال لا تسقط الصلاة على الميت فان رعاية القبلة فيها ليست باعظم من رعاية القبلة في الصلوات اليومية، ففي الصلوات اليومية ورد انه اذا عجز عن الاستقبال فيصلي حيث ما تمكن.

الجهة الثانية في فرض اشتباه القبلة من دون ان يحصل له ظن بكون القبلة في جهة معينة ذكر صاحب العروة انه يجب ان يصلي الى اربع جهات الا اذا لم يتمكن الا من صلاة واحدة فيتخير، و اذا تمكن من صلاتين فيتخير بين اختيار جهتين و هكذا. المستند في ذلك إما العلم الاجمالي فانه حين ما يجب الصلاة على الميت مستقبل القبلة فيعلم اجمالا بانه يجب عليه الصلاة الى احدى الجهات الاربع لا اكثر من ذلك، لان ما بين المشرق و المغرب قبلة فاذا صلى الى اربع جهات فصلى قطعا الى جهة لا تنحرف عن القبلة تسعين درجة الجواب عن ذلك اولا العلم الاجمالي لا يقتضي الا الصلاة نحو ثلاث جهات فانه لو صلى نحو ثلاث جهات يعني قسمت الدائرة الفلكية الى ثلاث قطع، الدائر الفلكية تكون ثلاث مئة و ستين درجة فاذا قسمها الى ثلاث قطع كل قطعة تصير مئة و عشرين فلو صلى ثلاث صلوات الفاصل بين كل صلاتين مئة و عشرين درجة فاحدى هذه الصلوات الثلاثة قطعا لا تنحرف عن القبلة بمقدار تسعين درجة، لانه اما هذه الجهة قبلة او ان ما بينها و بين الجهة الثانية او الجهة الثالثة قبلة فاذا صلى ثلاث صلوات فقطعا احدى تلك الصلوات اما نحو القبلة او لا تنحرف عن القبلة بمقدار تسعين درجة، بل غاية انحرافها عن القبلة ستين درجة، فاذن العلم الاجمالي لا يقتضي الاحتياط الا باتيان ثلاث صلوات بضم ان ما بين المشرق و المغرب قبلة للجاهل و الا لو لم يكن ما بين المشرق و المغرب قبلة اي لم يغتفر الانحراف عن القبلة عن الجاهل و المعذور باقل من تسعين درجة لما اكتفينا باربع صلوات و ثانيا العلم الاجمالي انما ينجز مع عدم دليل على الاجتزاء بالصلاة نحو مشتبه القبلة فقد ورد في كتاب من لا يحضره الفقيه عن زرارة و محمد بن مسلم قال يُجْزِي الْمُتَحَيِّرَ أَبَداً أَيْنَمَا تَوَجَّهَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَيْنَ وَجْهُ الْقِبْلَة، في صحيحة اخرى ورد هكذا يجزي التحري ابدا اذا لم يعلم اين وجه القبلة و لاجل ذلك بعضهم اشكل فقال لعل المتحير تصحيف التحري و التحري بمعنى الاجتهاد و تحصيل الظن، يجزي التحري يعني يجزي تحصيل الظن بالقبلة اذا لم يعلم اين وجه القبلة، و لكن الصحيح عدم احتمال التصحيف في صحيحة زرارة و محمد بن مسلم، وذلك لاختلاف متنها عن متن صحيحة زرارة الثانية فان في صحيحة زرارة و صحيحة بن مسلم التعبير هكذا يُجْزِي الْمُتَحَيِّرَ أَبَداً أَيْنَمَا تَوَجَّهَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَيْنَ وَجْهُ الْقِبْلَة، و المتحري لا يجزيه اينما توجه انما يجزيه توجه نحو ما وصل اليه ظنه و لاجل ذلك في الصحيحة الثانية لزرارة قال يجزي التحري ابدا و لم يرد فيه اين ما توجهت، يجزي التحري ابدا اذا لم يعلم اين وجه القبلة فهاتان الروايتان الرواية الاولى وردت في المتحير الذي لم يحصل له ظن بكون احدى الجهات المعينة قبلة و هي صحيحة زرارة و محمد بن مسلم التي نقلها الصدوق في الفقيه و الرواية الثانية و هي صحيحة زرارة واردة في فرض تحصيل الظن بالقبلة، فاذن صحيحة زرارة و محمد بن مسلم تدل على جواز الاكتفاء بصلاة واحدة و هذا اما حكم واقعي فلو انكشف الخلاف لا يعيد صلاته او حكم ظاهري في فرض الشك و بناءا على المسلك الصحيح من انه يجوز الترخيص في المخالفة الاحتمالية للعلم الاجمالي فغايته ان الشارع رخص في الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية للعلم الاجمالي بوجوب الصلاة نحو احدى الجهات الاربع او الثلاث، اكتفى الشارع بصلاة واحدة، فهذه تكون موافقة احتمالية للعلم الاجمالي.

بل نقول حتى على مسلك العلية نتمسك بهذه الحديث و يمكن ان يكون حكما ظاهريا، توضيح ذلك المحقق العراقي مسلكه مسلك العلية في منجزية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية يعني لا يرى جواز الترخيص في المخالفة الاحتمالية للعلم الاجمالي، فلو جرى اصل بلا معارض في احد اطراف العلم الاجمالي لا يجريه المحقق العراقي، كما لو علم اجمالا بنجاسة ماء او ثوب فقاعدة الحل تجري في الماء بلحاظ جواز شربه تكليفا بخلاف الثوب لان كل اصل مومن في الثوب معارض بمثله في الماء، اصالة الطهارة في الثوب معارضة باصالة الطهارة في الماء اصالة البرائة عن مانعية الصلاة فيه معارضة باصالة البرائة عن حرمة شرب الماء و لكن قاعدة الحل خطاب مختص باحد طرفي العلم الاجمالي، و هو الماء و لاجل ذلك جوز السيد الخوئي شرب الماء، و لم يجوّز الصلاة في ذلك الثوب، لكن المحقق العراقي يقول كلّا هذا الاصل بلا معارض مستلزم لترخيص المخالفة الاحتمالية للعلم الاجمالي و هذا قبيح عقلا لكن المحقق العراقي يصرّح بانه لا مانع من تعبد الشارع بكون الموافقة الاحتمالية للعلم الاجمالي موافقة تعبدية له، فانه لا يزيد شانه عن العلم التفصيلي بالتكليف، فانتم في العلم التفصيلي بالتكليف اجريتم قاعدة الفراغ و التجاوز و اكتفيتم بالموافقة الاحتمالية للعلم التفصيلي بالتكليف لانه تعبد بالامتثال فلو عبّدنا الشارع بالامتثال في الموافقة الاحتمالية للعلم الاجمالي لم يكن به باس لكن اطلاق دليل الترخيص الظاهري لا يتكفل ببيان انه تعبد بالامتثال، هنا دل الدليل الخاص على انه يجزي المتحير ابدا اينما توجهت و هذا يدل و لو بالالتزام على ان هذا امتثال تعبدي للصلاة نحو القبلة، و لو كان امتثالا تعبديا ظاهريا فيجزء ما لم ينكشف الخلاف.

بالنسبة الى هذا العلم الاجمالي الذي قلنا بانه لو كان منجزا فهذه الصحيحة تمنع عن منجزيته على مسلك الاقتضاء كما هو المسلك الصحيح من كون العلم الاجمالي مقتضيا لوجوب الموافقة القطعية بحيث لو جرى اصل بلا معارض في احد اطرافه جرى و كان مقدما على حكم العقل لان حكم العقل معلق على عدم ورود ترخيص شرعي في الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية، و هكذا على مسلك العلية بالتوضيح الذي ذكرناه.

قد يقال بانه يوجد جواب آخر عن هذه العلم الاجمالي و هو قصور المقتضي لدليل شرطية استقبال القبلة فان دليل شرطية استقبال القبلة عمدته روايتان و كل من الروايتين ناظرتان الى احكام اخرى كالصلاة على المصلوب فامر الامام باستقبال القبلة و ظاهره فرض معرفة القبلة نقول في الجواب اولا العرف يفهم من هذا البيان اطلاق شرطية القبلة لفرض التمكن من دون اختصاص ذلك بفرض العلم التفصيلي بجهة القبلة و ثانيا كانت توجد رواية ثانية اشرنا اليها سابقا بالنسبة الى شرطية استقبال القبلة، و هي صحيحة الحلبي سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ وَ الْمَرْأَةِ يُصَلَّى عَلَيْهِمَا قَالَ يَكُونُ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيِ الْمَرْأَةِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ فَيَكُونُ رَأْسُ الْمَرْأَةِ عِنْدَ وَرِكَيِ الرَّجُلِ مِمَّا يَلِي يَسَارَهُ وَ يَكُونُ رَأْسُهَا أَيْضاً مِمَّا يَلِي يَسَارَ الْإِمَامِ وَ رَأْسُ الرَّجُلِ مِمَّا يَلِي يَمِينَ الْإِمَام‏. فترون ان الامام عليه السلام قال يكون الرجل بين يدي المراة مما يلي القبلة و ظاهر هذه الصحيحة الشرطية المطلقة لاستقبال القبلة حتى في فرض اشتباه القبلة لانها مطلقة نعم ظاهر هذه الصحيحة ايضا اختصاصها بفرض التمكن من استقبال القبلة.

الوجه الثاني لما ذكره صاحب العروة من وجوب الاحتياط رواية الخراش او الخداش عن ابي عبد الله عليه السلام قال قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُخَالِفِينَ عَلَيْنَا يَقُولُونَ إِذَا أُطْبِقَتْ عَلَيْنَا أَوْ أَظْلَمَتْ فَلَمْ نَعْرِفِ السَّمَاءَ كُنَّا وَ أَنْتُمْ سَوَاءً فِي الِاجْتِهَادِ، الائمة عليهم السلام كانوا مخالفين للاجتهاد لان الاجتهاد الذي اليوم الطلبة يحاولون يحصلون شهادة الاجتهاد من اي طريق و من اي موسسة، الائمة عليهم السلام كانوا معارضين للاجتهاد ورد في بعض الروايات مذمة الاجتهاد لان الاجتهاد في مصطلح ذلك الزمان كان هو الاستناد الى القياس و الاستحسان و المصالح المرسلة او فقل الاجتهاد بالرأي، و كان المخالفون يقولون انتم ايضا تجتهدون فماذا تذمّون الاجتهاد، إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُخَالِفِينَ عَلَيْنَا يَقُولُونَ انتم ايضا تجتهدون إِذَا أُطْبِقَتْ عَلَيْنَا أَوْ أَظْلَمَتْ فَلَمْ نَعْرِفِ السَّمَاءَ، نحن نجتهد في تحصيل القبلة انتم ايضا تجتهدون، فنحن كُنَّا وَ أَنْتُمْ سَوَاءً فِي الِاجْتِهَادِ فَقَالَ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَلْيُصَلَّ لِأَرْبَعِ وُجُوهٍ. لا نجتهد هم مشتبهين نحن لا نجتهد نصلي الى اربع جهات، فهذا يدل على لزوم الصلاة الى اربع جهات في فرض الاشتباه، فهذه الرواية يقال بانها و ان كانت ضعيفة سندا لجهالة خراش لكن عمل المشهور جابر لضعف سندها و اذا تعارضت مع صحيحة زرارة و محمد بن مسلم فليكن المرجع القاعدة الاولية و هو منجزية العلم الاجمالي لكن نقول في الجواب اولا رواية الخراش او الخداش ضعيفة و لم يحرز استناد المشهور اليها و لو استند المشهور اليها لم يكن بمهم لان عمل المشهور ليس جابرا لضعف السند لعلهم اعتمدوا على الرواية لوجوه لا نعتمد عليها و ثانيا هذا المضمون للرواية لم يلتزم به احد من الاصحاب لان مضمون الرواية تخطئة الظن بالقبلة، “كنا و انتم سواء في الاجتهاد” اي في تحصيل الظن بالقبلة فالامام يقول لا، ليس كما يقولون، و لم يلتزم احد من الاصحاب بانه في فرض الظن بالقبلة لا يجوز الاعتماد على الظن بل يجب الصلاة الى اربع جهات، فاذن هذه الرواية غير تامة و المعتمد هو صحيحة زرارة و محمد بن مسلم الدالة على جواز الاكتفاء بالصلاة الى احد الجهات.

ان قلت صحيحة محمد بن مسلم و زرارة ظاهرة في الصلوات المتعارفة و صلاة الميت بنظر بعض الاعلام كالسيد الخوئي ليست بصلاة، و انما هي دعاء، و بالنظر المختار الصلاة منصرفة عنها فكيف تعتمدون على هذه الصحيحة لكفاية الصلاة نحو جهة واحدة في الصلاة على الميت، فنقول في الجواب الوارد في هذه الرواية مطلق يجزي المتحير ابدا اينما توجهت اذا لم يعلم اين وجه القبلة، لا يختص بالصلاة حتى في التخلي، ان قلتم بان الاجزاء منصرف عن فرض التخلي الاجزاء وارد في مقام الامتثال خب نقول مع ذلك يشمل الذبح يشمل الصلاة على الميت يشمل كل شيء مشترط بالقبلة.

الجهة الاخيرة اذا حصل الظن بالقبلة فمقتضى صحيحة الزرارة يجزي التحري ابدا اذا لم يعلم اين وجه القبلة جواز الصلاة نحو الجهة المظنون كونها قبلة لان هذه الصحيحة ايضا لا تختص بالصلاة و لم يرد فيها عنوان الصلاة يجزي التحري ابدا اذا لم يعلم اين وجه القبلة و لو في غير الصلاة كالذبح و الدعاء للميت على قولتكم بان ليست بصلاة.

المسألة الرابعة: إذا كان الميت في مكان مغصوب و المصلي في مكان مباح صحت الصلاة

يقول صاحب العروة مي خالف صلاتكم صحيحة لان المعتبر كون الصلاة في مكان مباح لا كون الميت في مكان مباح لان مشكلة الصلاة في المكان المغصوب اتحاد الواجب و الحرام، اجتماع الامر و النهي و اذا كانت الصلاة في مكان مباح لا يتحد الواجب و الحرام و لا يجتمع الامر و النهي في محل واحد.

المسألة الخامسة: إذا صلى على ميتين بصلاة واحدة و كان مأذونا من ولي أحدهما دون الآخر أجزأ بالنسبة إلى المأذون فيه دون الآخر.

بناءا على شرطية اذن ولي الميت فالمسالة واضحة اما بناءا على كون اذن ولي الميت واجبا تكليفيا محضا فصلاته على كليهما تكون صحيحة، و قد مر البحث عن كون اذن الولي شرط او واجبا تكليفيا محضا و لا نعيد.

المسالة السادسة: إذا تبين بعد الصلاة أن الميت كان مكبوبا وجبت الإعادة بعد جعله مستلقيا على قفاه.

هذا واضح لاننا استفدنا من الادلة لزوم كون الميت مستلقيا على قفاه فلو تبين بعد الصلاة انه كان مكبوبا على وجهه ظهره نحو السماء و بطنه ملتصق بالارض فلابد من اعادة الصلاة نعم لو كان الميت مقلوبا يعني كان راسه على يسار الامام و رجلاه على يمين الامام و لكن كان بطنه الى السماء لكنه كان مقلوبا هنا ورد في موثقة عمار انه اذا انكشف ذلك بعد ما دفن فقد مضت الصلاة أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَإِذَا الْمَيِّتُ مَقْلُوبٌ رِجْلَاهُ إِلَى مَوْضِعِ رَأْسِهِ قَالَ يُسَوَّى وَ تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَ إِنْ كَانَ قَدْ حُمِلَ مَا لَمْ يُدْفَنْ فَإِنْ دُفِنَ فَقَدْ مَضَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَ هُوَ مَدْفُون‏.

يقع الكلام في المسالة السابعة غدا ان شاء الله.