الدرس 1-206
الإثنين – 5 ربيع الاول 46
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربّ العالمين و صلی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين
و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين.
شرائط صحة الصوم
الاسلام و الايمان
يقول صاحب العروة فصل في شرائط صحة الصوم و هي امور: الاول
الاسلام و الايمان فلا يصح الصوم من غير المؤمن و لو في جزء من النهار فلو اسلم الكافر
في اثناء النهار و لو قبل الزوال لم يصح صومه و كذا لو ارتد و رجع الی الاسلام
بالتوبة.
الخلاف العظيم بين الفقهاء في بطلان عبادة المخالف
السيد الخوئي ادعی عدم الخلاف في بطلان صوم غير
المؤمن.
و هذا انما يتم بالنسبة الی الكافر، يوجد تسالم فقهي
علی بطلان عبادة الكافر و لو تمشی منه قصد القربة و اما بالنسبة الی
غير المؤمن لا يوجد الاجماع، كيف نفی الخلاف في بطلان صوم أو عبادة المخالفين
و قد صرح الشهيد الاول في كتاب الدورس بان المشهور بين المتقدمين من الفقهاء عدم
اعتبار الايمان في صحة العبادة. و هذا هو السيد البروجردي في تعليقة العروة يستشكل
في اشتراط الايمان في صحة العبادة و انما يقول بانه يشترط في استحقاق الثواب
علی العبادة ان يكون فاعل العبادة مؤمنا. السيد السيستاني، السيد الروحاني، السيد
الزنجاني ذهبوا الی صحة عبادة المخالفين اذا كانت عبادتهم مطابقة للشرائط
الشرعية. بل ذكر السيد الروحاني انه لا دليل علی انهم لا يستحقون الثواب، ليس
عملهم مرضيا، ذلك الرضا مثل ما تقول هذا البنّاء الذي جاء بيتك و اشتغل بعمل
تقول عملك مو مقبول عندي و لكن تعطيه الاجرة لكن ما اعجبك، تقول عملك ليس مورد
القبول عندي يعني ليس مورد الرضا لكن انا وعدته ان اعطيه الاجرة، جعلت له اجرة فانا
اعطيه الاجرة، من يعمل مثقال ذرة من الخير يره.
جواب سؤال: السيد الخوئي قال يعتبر في صحة العبادة الاسلام
و الايمان بلا خلاف، كيف يعتبر في صحة العبادة الايمان بلا خلاف مع وجود هذا
الخلاف العظيم بين الفقهاء. … الشهيد الاول يقول في الدروس قال المشهور بين
المتقدمين.
ادلة بطلان عبادة الكافر
اما ادلة بطلان عبادة الكافر، السيد الخوئي قال بناءا علی
نظرنا الكفار ليسوا مكلفين بالفروع فليس الكافر مكلفا بالصوم و مأمورا بالصوم، فاذا
ليس مامورا بالصوم كيف نقول صومه صحيح؟ الصحة هي مطابقة العمل للامر، مطابقة المأتي
للماموربه، فاذا لم يكن هناك امر في حق الكفار بالصوم فما هو معنی صحة صوم
الكافر؟
يستدل السيد الخوئي علی عدم تكليف الكفار بالفروع بما
ورد في القرآن الكريم من قوله تعالی الزاني لا ينكح الا زانية و مشركة و
الزانية لا ينكحها الا زان أو مشرك و حرم ذلك علی المؤمنين، لم يقل حرم ذلك
علی الناس. كما يستدل برواية صحيحة يسأل فيها الراوي الامام عليه السلام فهل
الناس كلفوا بمعرفة الامام قبل ان يعرفوا الله و رسوله؟ فقال الامام كيف كلّف
الناس بمعرفة الامام و هم لا يعرفون الله و رسوله. فالكافر ليس مكلفا بالولاية و
الولاية اعظم واجب فكيف يكون مكلفا بما هو اقل درجة من الولاية كالصلاة و الصوم و
الحج و الزكاة. نعم يقول السيد الخوئي الذي أنكره هو التكاليف الاسلامية اقول لا
تثبت في حق الكفار و اما التكاليف العقلائية و العقلية أو الثابت في جميع الشرائع
هي ثابتة في حق الكفار.
فبناءا علی هذا المسلك الذي اختاره السيد الخوئي لا
اشكال في ان صوم الكافر لا يصح لانه ليس مامورا بالصوم. و اما بناءا علی مسلك
المشهور من تكليف الكفار بالفروع، يقول السيد الخوئي نستدل علی بطلان صوم الكافر
أو عبادته بشكل عام بانه اذا كان الكافر مشركا فقد ورد في القرآن الكريم لئن اشركت
ليحبطن عملك، يعني عملك يصير هباءا منثورا، فكيف يكون عمل المشرك صحيحا؟
و اما غير المشرك، الكافر الكتابي، يدل علی بطلان
عبادته قوله تعالی ان الذين كفروا لم يقبل منهم ملء الارض ذهبا و لو افتدی
به و هكذا قوله تعالی و ما منعهم ان تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله
و برسوله. فالانفاق و الصدقة يعتبر في صحته الاسلام فكيف لا يعتبر في صحة سائر
العبادات ذلك؟
ان قلت: عدم القبول اعم من عدم الصحة فلعل عدم القبول من
باب عدم اعطاء الثواب. يقول السيد الخوئي: ابدا، عملك مقبول في قبال عملك مردود، العمل
الذي ليس بمقبول يعني العمل المردود من قبله سبحانه و تعالی لا انه يعطي عليه
الثواب، انا ما اريد، هذا يعني عمل مو صحيح.
و هكذا استدل بفحوی ما دل علی اعتبار الايمان في
صحة العبادة و اهم ما دل علی ذلك صحيحة محمد بن مسلم عن الامام عليه السلام (إما
ابي جعفر أو ابي عبدالله عليهما السلام) كل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه و
لا امام له من الله فسعيه غير مقبول و هو ضال متحير و الله شانئ لاعماله و الله يا
محمد (محمد بن مسلم) من اصبح من هذه الامة لا امام له من الله عز و جل اصبح تائها
متحيرا ضالا و ان مات علی هذه الحالة مات ميتة كفر و نفاق و اعلم يا محمد ان
ائمة الجور و اتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا و اضلوا فاعمالهم كرماد اشتدت
به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا علی شيء ذلك هو الضلال البعيد. يقول
السيد الخوئي اذن عمل المخالف باطل لانه لا امام له من الله لا يعترفون بامامة الامام
المعصوم فبالاولوية لابد ان نقول ببطلان عبادة الكفار الذي هو ايضا لا يقول بامامة
الامام المعصوم.
هذا محصل كلام السيد الخوئي.
الملاحظات
هنا ملاحظات: الملاحظة الاولی: استدلال السيد الخوئي
بقوله تعالی لئن اشركت ليحبطن عملك قد اورد عليه بانه لا يمكن الغاء الخصوصية
من مثل النبي صلی الله عليه و آله الی غيره. المخاطب بهذه الآية النبي
الاعظم يقول لئن اشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين اما كل مشرك يكون هكذا؟
من اين؟ ألا ترون انه قد ورد في حق نساء النبي يا نساء النبي لستن كاحد من النساء،
الی ان قال من يأت منكن بفاحشة يضاعف لها العذاب ضعفين و كان ذلك علی الله
يسيرا.
مضافا الی ان هذا الشرك شرك حادث، يصير كالارتداد، شرك
عارض بعد التوحيد، ظاهر ان اشركت يعني ان حدث منك الشرك ليحبطن عملك فكيف نلغي
الخصوصية من مورد الآية الی الكافر الاصلي. هذا اشكال ذكره السيد الزنجاني في
ابحاثه.
و اما استدلال السيد الخوئي في
مطلق الكافر بآيتين احداهما قوله تعالی ان الذين كفروا لن يقبل منهم ملء الارض
ذهبا و لو افتدی به، شنو العلاقة ببطلان عبادة الكافر؟ الكافر يدخل النار، يريد
يخلص روحه من النار يفتدي بشيء لا يقبل منه، ان الذين كفروا لن يقبل منهم ملء
الارض ذهبا و لو افتدی به يعني يوم القيامة يريدون يدخلون الكفار جهنم، فالكافر
يجيء يقول انا يا الهي اغلی شيء عندنا كان في الدنيا هو الذهب، اجيء لك ذهبا
بمقدار الكرة الارضية، ابدا لا يقبل منه هذه الفدية لاجل ان يخلص روحه من النار، شنو
العلاقة بان صومه في الدنيا صحيح أو مو صحيح، انفاقه علی الفقراء صحيح أو مو
صحيح، شنو العلاقة به؟
و اما الآية الثانية و ما منعهم ان
تقبل منهم نفقاتهم الا انهم كفروا بالله و برسوله، يأتي فيه الاشكال العام و هو ان
نفي القبول استعمل في جملة من الروايات في نفي الثواب فعدم القبول اعم. هذه الدعوی
من السيد الخوئي ان عدم القبول يساوق رد العمل و رد العمل بقول مطلق يعني لا يقبل
حتی في مقام الامتثال، هذا مو واضح، لان المرتكز العرفي حينما يقال الكافر
لا تقبل منه صدقته ليس هو بطلان صدقته بحيث ذلك الفقير لا يملك ما تصدق به عليه
هذا الكافر، فليس نفي القبول لصدقة الكافر ظاهرا في اكثر من نفي اعطاء الثواب عليه.
يعني هذه الصدقة لا تؤثر في ان يقترب الكافر الی الله أو الی النبي، لا
يكون ظاهرا في ان الفقير لا يملك هذه الصدقة لان الصدقة باطلة من الكفار.
اما الدليل الاخير للسيد الخوئي و
هو الاستدلال بما دل علی بطلان عبادة المخالفين و عمدة تلك الادلة صحيحة محمد
بن مسلم، فقد اورد عليه بعدة ايرادات.
قبل ان اذكر الايرادات ابيّن لكم ان هناك ثلاث فقرات في هذه
الصحيحة يمكن ان يستدل بها علی بطلان عبادة المخالف. الفقرة الاولی
قوله فسعيه غير مقبول بناءا علی استظهار السيد الخوئي من ان اطلاق نفي
القبول يقتضي نفي القبول حتی في مقام الامتثال لا في مقام اعطاء الثواب فقط.
الفقرة الثانية قوله عليه السلام و الله شانئ لاعماله يعني عمل المخالف مبغوض، الله
مبغض لعمله، هو قام يصلي صلاة الليل هذه الصلاة من المخالف مبغوضة عند الله، و
الله شانئ لاعماله، و كيف تصح عبادة يبغضها الله؟ الفقرة الثالثة ما في ذيل الرواية
من تشبيه عمل المخالف برماد اشتدت به الريح في يوم عاصف. اقرأ لكم هذه الجملة: يا
محمد ان ائمة الجور و اتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا و اضلوا فاعمالهم كرماد
اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا علی شيء، العمل الذي يصير
مثل الرماد الذي الريح الشديد لا تبقي منها شيئا يعني هذا يعتبر كالمعدوم. فصوم
المخالف لا يبقی لانه مثل الرماد حين ما يكون هناك ريح شديد و عاصف لا يبقي
من الرماد شيئا في الجو. فهذه الفقرات الثلاثة يمكن ان يستدل بها بل استدل بها
لاثبات بطلان عبادة المخالفين فكيف بالكفار.
السيد الروحاني في كتاب المرتقی
الی الفقه الارقی كتاب الحج الجزء 1 صفحة 182 اجاب عن هذا الاستدلال
قال اما نفي القبول فهذا لا يعني نفي صحة العبادة بل لا يعني نفي الثواب عليها، هذا
العمل ليس موردا للقبول كما ذكرت لكم مثال البناء الذي استأجرتموه قام بالخدمة في
بيتكم لكن خدمته مو مرضية، الصباغ الذي يجيء يصبغ بيتكم، صبغ بيتكم لكن مو خوش
صبغه يعني ما اعجبكم عمله، تعطون اجرته لانه هو قام باصل العمل لكن عمله مو مرضي
مو مقبول عندكم.
و لاجل ذلك يقول نحن نجمع بين قوله تعالی انما يتقبل
الله من المتقين و بين قوله تعالی فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره فهذا الثاني يدل
علی ان الذي يعمل مثقال ذرة من الخير يری ثواب ذاك العمل، يره يوم
القيامة، فاذا زلزلت الارض زلالها و اخرجت الارض اثقالها و قال الانسان ما لها يومئذ
تحدث اخبارها، الی ان قال فمن يعمل مثقال ذرة شرا يره و من يعمل مثقال ذرة خيرا
يره، يعني يوم القيامة، هذا لا يقبل العرف ان يقيد بالمؤمن، المؤمن يعمل مثقال ذرة
من الخير؟ هذا يعني ان كل من يعمل من عمل خير و لو ضعيف و لو زئيل، كافرا كان أو مسلما،
مؤمنا أو كان مخالفا يری ثوابه، يری اثره. و لكن ليس عمله مرضيا عند
الله، انما يتقبل الله من المتقين يعني العمل المتقين يكون مرضيا عند الله.
و اما بالنسبة الی قوله عليه
السلام و الله شانئ لاعماله لم ار من السيد الروحاني شيئا في الجواب عنه لكن اجاب
السيد الزنجاني عنه بان هذا بيان عرفي لبيان ان العمل الصادر من المخالف حيث يكون
فاقدا لشرائط الصحة يكون عملا مبغوضا لانه ليس له هادم من الله، العمل عمل اشواعي،
كثيرمّا يكون مخالفا للواقع، لا انه كل ما يعمل، كل ما يقوم به من اعمال البر،
الله يبغضه. يساعد الفقراء هذا المخالف هذا الذي مو مؤمن، هذا العمل يكون منه
مبغوضا؟ يعني ماكو فرق بين ان يقوم مخالف بمساعدة الفقراء أو لا يقوم بمساعدة بل يقوم
بمساعدة الظالمين؟ ماكو فرق؟ يعني هذا المخالف الذي يقوم باعمال الخير، يصل ارحامه،
يتصدق علی الفقراء، الله يبغض عمله؟ هذا بعيد عرفا فيحمل علی ما اذا
صدر عمل غير مطابق للشرائط منهم.
كما ورد في من تشيّع ان ما اتی به من عمل في حال
ضلالته فليس عليه ان يعيده يعني عمله صحيح الا الزكاة لانه وضعها في غير موضعها اي
اعطاها لغير اهل الولاية. بس يعيد الزكاة اما الصوم اما الصلاة اما الحج لا يعيدها،
بس يعيد الزكاة لانه اعطی الزكاة لغير المؤمنين و يشترط في مستحق الزكاة ان
يكون مؤمنا، كل عمل عمله فانه مقبول منه الا الزكاة فانه وضعها في غير موضعها،
هذا لا يناسب ان يكون عمل المخالف مبغوضا بشكل عام حتی لو كان واجدا
للشرائط.
تاملوا في هذه المطالب الی الليلة القادمة انشاءالله.
و الحمد لله رب العالمين.