موضوع: المفطر السابع: الارتماس في الماء
الدرس 90-105
السبت – 7 ذيقعدةالحرام 44
أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين و صلّی اللّه علی سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعين
تتمة المسألة 42
المحقق النائيني: ان كان الصوم مستحبا أو واجبا موسعا و توقف غسله علی الارتماس بطل صومه بنفس التكليف بالغسل
نعود الی مسألة 42 حيث قال صاحب العروة ان كان الصوم مستحبا أو واجبا موسعا و توقف غسله علی الارتماس وجب عليه الغسل و بطل صومه، فعلّق عليه المحقق النائيني فقال: بطل صومه بنفس التكليف بالغسل يعني حتی و لو يغتسل فصومه باطل لان صومه لميكن صوم شهر رمضان أو صوم واجب معين حتی يحرم عليه الارتماس بل كان يجب عليه الارتماس لتوقف غسل الجنابة عليه.
و لعله يلحق به ما لو عجز عن التيمم حتی في صوم شهر رمضان، توقف غسل الجنابة علی ارتماسه في الماء و لميكن للغسل بديل، لميكن لديه تراب يتيمم به، فحيث ان الصلاة اهم من الصوم علی ما يستفاد من الروايات فيجب عليه ابطال صومه بالارتماس في الماء، ثم يقضي صومه بعد ذلك لان الصلاة علی ما في رواية زرارة اهم من الصوم، بني الاسلام علی خمس اهمها الولاية و الذي يتلوها الصلاة، ثم الزكاة ثم الحج ثم الصوم، فاذا لميكن لديه ما يتيمم به فهنا الامر يدور بين ان يترك الصلاة أو يبطل صومه و يرتمس في الماء و يصلي، فاذا قال: لا، انا استمر في صومي و اقضي صلاتي، المحقق النائيني يقول نفس وجوب الارتماس في الماء يبطل صومك حتی لو لمترتمس.
الجواب للسید الخوئي لاشكال المحقق النائينی و النقاش فیه
السيد الخوئي قال يا استاذنا ليش؟ نفس وجوب الارتماس ليش يبطل الصوم؟ لانك تری ان الارتماس في الماء و هو الواجب الاهم ضده الذي هو الصوم ترك الارتماس في الماء، فهما ضدان ليس لهما ثالث و ترك الضد الاهم يساوق الاشتغال بضده الآخر الذي لا ثالث له فلايمكن الامر الترتبي به، هكذا تقول. مثلا اذا وجب علی الانسان السفر، السفر و الحضر ضدان ليس لهما ثالث، فلايمكن ان يقال سافر و ان لمتسافر فكن حاضرا لانه طلب للحاصل. فلايمكن تصحيح الامر الترتبي بالصوم المتقوم بترك الارتماس في الماء هنا لانه يعني اذا لمترتمس في الماء فلاترتمس في الماء، هذا غير معقول، هل هكذا تقول يا استاذنا ايها المحقق النائيني؟
اذا كان هذا مقصودك و هذا هو الذي اوجب ان تعلق علی العروة و تقول يبطل الصوم بنفس التكليف بالارتماس في الماء، لانه لايمكن ان يقول اذا لمترتمس في الماء فارتمس في الماء، فجوابك انه ليس المقام من قبيل ضدين لا ثالث لهما، فان الارتماس واجب ترك الامتثال ضد الواجب لكن لاينحصر في ضد واحد، له مصداقان، ترك الامتثال بداع قربي ترك الامتثال من دون داع قربي، فلامانع من ان يقول الشارع ارتمس في الماء اذا كنت لاتوجد الارتماس في الماء فاترك الارتماس في الماء تركا قربيا، هذا ليس طلبا للحاصل.
و مثّل السيد الخوئي لذلك بما اذا وجب في اثناء الصلاة التكلم لانقاذ الغريق و لكنه لميتكلم، لو کان يصيح يقول هذا الطفل وقع في المسبح الان ينغرق، يبطل صلاته بالصياح و التكلم، قال: لا ابطل صلاتي بالكلام، اهچي ويّا الله، هل ابطل صلاتي علی مو فات الطفل؟! فما تكلم. هل يبطل صلاته؟ لا، لان الصلاة تبطل بالتكلم و لميتكلم.
و هذا غريب من السيد الخوئي. اولا: التشبيه في غير محله؛ ليس ترك التكلم عملا قربيا، الصلاة المشتملة علی اجزاء تحتاج الی قصد القربة اما ايجاد الشرط التوصلي و ترك المانع التوصلي لايحتاج الی قصد القربة. ترَك التكلم لا لاجله سبحانه و تعالی لانه حتی في حالات الاعتيادية ما يتكلم، مو مهم، و اذا في اثناء الصلاة حصل له داع نفساني الی التكلم يتكلم، لكنه مو حصل له داع نفساني الی التكلم فترَك التكلم، لايحتاج ترك التكلم في الصلاة الی قصد القربة.
و اما اصل دعوی السيد الخوئي فاشكلنا عليه فقلنا بانه لايمكن ان ينهی الشارع عن فعل شيء ثم يقول ان عصيت النهي و ارتكبت هذا الفعل فارتكبه لله. الداع القربي انما يحرّك الی فعلٍ الشارع يحبه لا ان الشارع يبغضه و ينهی عنه، فكيف يتمشی قصد القربة الی فعل انا اعلم بان الشارع ينهاني عنه؟ الشارع قال ديربالك! لاتترك الارتماس في الماء! الارتماس في الماء واجب عليك، و لكن في نفس الوقت هل يصح ان يقول اذا تركت الارتماس في الماء فاتركه لاجلي؟ هذا مو معقول.
الجوابين للسيد الزنجاني و النقاش فيهما
السيد الزنجاني هنا ذكر انه يمكن حل المشكلة بطريق آخر، أو فقل بطريقين آخرين:
الطريق الاول ان نقول الواجب في غسل الجنابة هو الارتماس القربي و ترك هذا الواجب يكون له مصداقان، ترك الارتماس القربي قد يكون بالارتماس غير القربي و قد يكون بترك الارتماس، هذا ترك الواجب. اذا وجب عليّ ان ارتمس في الماء بداع قربي لان غسل الجنابة عبادة فترك الارتماس القربي يكون باحد نحوين: إما ان ارتمس في الماء بداع نفساني، اريد اسبح في الماء، و النحو الثاني ان اترك الارتماس في الماء، فلامانع من ان يقول الشارع يجب عليك الارتماس القربي في الماء و اذا كنت لاتمتثل هذا الواجب فاترك الامتثال، ديربالك! اذا كنت تترك الواجب و هو الارتماس القربي لاترتمس في الماء بداع نفساني، لا، اترك الارتماس في الماء، هذا هو المطلوب الترتبي منك، لان الواجب حصة من الارتماس و هي الحصة القربية فترك هذه الحصة يكون باحد نحوين: إما ان يأتي بالحصة الاخری من الارتماس و هو الارتماس غير القربي و النحو الثاني ان يترك الارتماس فليس ترك هذا الواجب و هو الارتماس القربي مساوقا لترك الارتماس رأسا فيمكن للشارع ان يقول اذا كنت لاتمتثل الامر بالارتماس القربي فاترك الارتماس.
هذا هو المطلب الاول للسيد الزنجاني و الطريق الاول لحل المشكلة. الطريق الثاني قال اصلا لانحتاج هنا الی الترتب، يدخل المقام في بحث اجتماع الامر و النهي مع تعدد العنوان، غسل الجنابة واجب، هذا الصوم افرض كواجب موسع، صوم القضاء واجب، فانت تطبّق هذا الواجب علی هذا الفرد المحرم، تصوم هذا اليوم مع انه لميجب عليك كواجب موسع تصوم هذا اليوم و تترك الارتماس الذي يتوقف عليه غسل الجنابة، اختيار هذا الفرد اولا لايحتاج الی قصد القربة، ما يحتاج الی قصد القربة الاتيان بالجامع لا اختيار هذا الفرد من الواجب، و كذلك لايضر به ان يكون معنونا بعنوان محرم.
هذان مطلبان من السيد الزنجاني و قد يناقش في كل منهما، اما النقاش في المطلب الاول: نقول: حينما الشارع يحركنا نحو فعل يقول ارتمس في الماء لله، فترك الارتماس في الماء مبغوض للمولی و لو ببغض تبعي، ترك للواجب، كيف يتمشی مني داع الهي الی ترك الواجب؟ يقول المولی لعبده قم أمام هذا الضيف لاجلي لخاطري، و هذا العبد ما يقوم، يزل قاعد، فحينما يفكر هذا العبد المولی حثّه و حرّكه نحو القيام أمام هذا الضيف، فهل يعقل ان يحركه الداع المولوي و القربي الی ان يترك القيام أمام هذا الضيف؟ كيف يكون ذلك؟ المولی قال لعبده قدّم الطعام أمام هذا الضيف لاجلي، تصدق علی هذا الفقير لاجلي، لا صدقة و لا عتق الا ما اريد به وجه الله، تصدق علی هذا الفقير لله، لخاطر الله تصدق عليه، لاتفكر بالدنيا، الله سبحانه و تعالی حرّكه و حثّه علی التصدق علی الفقير لاجله سبحانه و تعالی كيف يتمشی من هذا العبد قصد التقرب الی الله سبحانه و تعالی بترك التصدق؟ مع انه يری ان حال المولی اذا تصدق علی الفقير يكون احسن مما اذا ترك التصدق، يعني المولی حينما يشوف هذا العبد يتصدق يفرح ينبسط خاطره يقول احسنت، هذا العبد الملتفت الی انه لو تصدق علی الفقير يوجب انبساط خاطر المولی فهل يعقل ان يتمشی منه قصد التقرب الی المولی بتركه للتصدق علی الفقير و هو يعلم بانه لو ترك التصدق علی الفقير لايكون حال المولی احسن و لو لاجل ان ملاك التصدق اهم.
فما ذكره السيد الزنجاني في هذا المطلب الاول غير صحيح.
جواب سؤال: المولی قال انقذ الغريق و لكن قال اذا كنت لاتنقذ الغريق فصل، انت تترك الانقاذ الغريق، بعد ما اردت ان لاتنقذ الغريق تقول في هذا الفرض جمعي بين ترك انقاذ الغريق و ترك الصلاة احسن لو اني اصلي في فرض ترك انقاذ الغريق، يعني اترك الواجبين المولی هنا ينبسط خاطره اكثر أو ارتكب آتي بالواجب المهم و لو في فرض ترك الواجب الاهم بلااشكال المولی يقول اذا تركت كلی الواجبين اخسر خسارتين، بينما انك لو لمتنقذ الغريق و لكن صليت ما اخسر لا خسارة واحدة، اما في الفعل و الترك لايتعقل ذلك.
اما المطلب الثاني: ليس الكلام منحصرا في الواجب الموسع يا سيدنا كالقضاء كواجب موسع حتی نقول بانه يندرج في بحث اجتماع الامر و النهي. الجامع القضاء واجب القضاء في هذا اليوم متوقف علی ترك الارتماس في الماء و بعد ما صار الارتماس في الماء واجبا لتوقف الغسل الواجب عليه يكون هذا الفرد كفرد من الحرام لا مانع من اطلاق الامر بالنسبة اليه، نعم هنا نقبل كلامكم، لانه لايلزم ان يكون ترك الارتماس في هذا اليوم بداع قربي، الداع القربي لابد ان يحرك نحو طبيعي القضاء.
اصلا انت عليك صوم قضاء، من اين تسمع ان مثلا افرض عديلك يريد يجيء بيتك، من الليل تقول لاهلك انا غدا صائم، تقول لك زوجتك: اختي تريد تجيء بيتنا، تقول: شتسوي؟ انا صائم، قل لها فلان صائم، تقول اذا اقول فلان صائم خب ما تجيء، فی الغد تقول جيبوي ريوق، ما اريد الصوم هذا اليوم. فالداعي لصوم الغد لميكن داعي الهي، داع البخل، داع الحقد ويّا عديلك، لكن هذا مو معلوم، اصل القضاء لابد ان يكون بداعي الهي، هذا كافي بعد.
في الواجب الموسع كلام السيد الزنجاني تام اما في المستحب الذي هو انحلالي، صوم كل يوم مستحب، لا علاقة لصوم هذا اليوم بصوم يوم آخر، فهنا كيف يتعقل ان يأمر المولی بصوم هذا اليوم يعني بترك الارتماس في الماء بداع قربي لهذا اليوم مترتبا علی ترك الارتماس المتوقف عليه غسل الجنابة. هذا لايعقل. اجتماع الامر و النهي التفتوا و لاتنسوا، انما يكون معقولا فيما اذا كان الامر متوجها الی جامع علی نحو صرف الوجود و تعلق النهي بحصة و بفرد من ذلك الجامع اما في الحكم الانحلالي ما عندنا اجتماع الامر و النهي، الامر الانحلالي يتعارض مع النهي الانحلالي لانه بالنسبة الی هذا الفرد لايمكن ان يكون هناك محرك الهي نحو فعله و محرك الهي نحو تركه، فكلام السيد الزنجاني كلامه الثاني لايتم في المستحب.
و بقية الكلام في الليالي القادمة انشاءالله.