فهرست مطالب

فهرست مطالب

الدرس88

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.


كان الكلام في دلالة الآيات الكريمة على حرمة اكل ما عدّ خبيثا عرفا أي اشمئزت منه الطباع السليمة.

فقد افتى بذلك المشهور و منهم السيد السيستاني و خالف في ذلك السيد الخوئي و السيد الخميني قدس سرهما.

فتارة نتكلم عن دلالة قوله تعالى النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرٰاةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهٰاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبٰاتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبٰائِثَ، و أخرى نستدل بآيتين أخريين أي قوله تعالى الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبٰاتُ و قوله تعالى يَسْألُونَكَ مٰاذٰا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطيِّبٰاتُ.

اما بالنسبة الى الآية الأولى فقد اشكل عليه اشكالان الأول ما ذكره السيد الخوئي في الموسوعة الجزء الحادي و العشرون صفحة مأتين و اربع و خمسين من انه ليس المراد من هذه الآية ان النبي يحل للناس الأطعمة الطيبة التي تشتهيها الطباع و يحرم عليهم الأطعمة الخبيثة أي التي تشمئز منه الطباع فان الظاهر من هذه الآية انها بصدد بيان كمالات النبي و مجرد انه يحلل الأطعمة التي تشهيها الطباع و يحرم الأطعمة التي تشمئز منها الطباع ليس مناسبا لاختياره كوصف يمتاز به النبي صلى الله عليه و آله عن غيره فالظاهر من الآية ان النبي يحل لهم الاعمال النزيهة و الطيبة و يحرم عليهم الاعمال الخبيثة و القبيحة فلا يستفاد من هذه الآية ان مثلا شرب البول الطاهر الذي يشمأز منه الطباع داخل في قوله تعالى و يحرم عليهم الخبائث.

و الانصاف ان هذا اشكال قوي. و ذكر في مصباح الفقاهة ما ذكرناه امس ان الخبيث يعبر عنه في الفارسية ب”پلید” أي الدنيء فالآية ناظرة الى تحريم كل عمل يشتمل على القباحة و المفسدة.

سؤال و جواب: ظاهر الآية انه يحل لهم الطيبات لا يختص بالطعام الطيب يعني ظاهره يحل لهم العمل الطيب. اكل ما يشمئز منه الطبع السليم اول الكلام انه مصداق للعمل الخبيث و القبيح و الدنيء و لذا ما يمضغه غير انسان و طبع الانسان يشمئز من اكله و لكن هل اكله عمل خبيث و دنيء و قبيح؟ هذا اول الكلام.

سؤال و جواب: العمل القبيح العقلي و العقلائي يعادل العمل الخبيث و الدنيء.

سؤال و جواب: الطعام الخبيث يعني ما تستقذره يعني ما تشمئز منه الطبع السليم اما اكله عمل قبيح هذا اول الكلام. اثناء ممارسة الجنس الرجل يبلع سائل زوجته مما يشمئز منه الطبع الانسان في الحالات الاعتيادية لكن عمل هذا الزوج خبيث و قبيح؟! هذا اول الكلام.

الاشكال الثاني ما ذكره السيد الخميني قدس سره من ان الآية ليست بصدد بيان ان الخبيث موضوع للحرمة و الطيب موضوع للحلية و انما هو إخبار عن كمال النبي بانه كل ما حرمه فهو خبيث لم يحرم ما ليس بخبيث، اعلموا، فلو نهى عن شرب الخمر فهذا خبيث فهذا عمل خبيث و ان كان يعجبكم، ان حرم عليكم لحم الخنزير فاكل لحم الخنزير خبيث و ان كنت لا تدرون بذلك.

أورد عليه بعض تلامذته باننا لو سلمنا بان الآية ليست بصدد بيان انشاء الحرمة على عنوان الخبيث و لكن الآية تخبر انه ما من خبيث الا حرمه النبي و ما من طيب الا واحله النبي فثبتت الملازمة بين الخباثة و الحرمة و لو بنحو الاخبار عن تشريع سابق فاذا ثبت و لو عرفا بان هذا خبيث ان هذا الطعام خبيث او انه عمل خبيث عرفي فبالملازمة نستكشف ان النبي حرمه.

هذا الاشكال على السيد الخميني قابل للجواب، مقصود السيد الخميني ان الآية ليست بصدد التشريع حتى يكون موضوع الخطاب ظاهرا في الموضوع العرفي و يكون المرجع في تشخيص مصاديقه هو العرف، لا، اخبار عن كمال تشريع الإسلام بانه في تشريع الإسلام رئي هذا المطلب فلم يحرم شيئا الا و قد كان خبيثا اما انه خبيث بنظر العرف؟ لا، قد يختلف نظر العرف عن نظر الشارع فالعرف لا يرى اكل لحم الخنزير خبيثا و لا لحم الخنزير خبيثا و لا الخمر خبيثا و لا شربه خبيثا و لكن تحريم اللحم و الخنزير يشكف انهما خبيثان واقعا.

و هذا نظير ما ذكرناه بالنسبة الى الآيات النافية عن صدور الظلم منه تعالى فقلنا بان مثل قوله تعالى و ما ربك بظلام للعبيد ليس بصدد التشريع حتى نقول بان هذه الآية حاكمة على خطابات التشريع و كل ما كان بظاهره ظلما فمن هذه الآية نستفيد انه ليس مجعولا شرعا، لا، هذا اخبار انه لا يظلم الناس و لو توهم العرف ان التشريع الفلاني ظلم كجواز استرقاق الكافر الحربي او جواز اخذ ماله قهرا، فهم مخطئون. نعم الآيات التي تنهى الناس عن الظلم في مقام التشريع ان الله يأمر بالعدل و الاحسان و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي، او قوله تعالى لا تَظلمون و لا تُظلمون، نهي عن الظلم فهذا ظاهر في ان ما يكون ظلما عرفا فلا يجوز للمكلف ان يرتكبه فهو في مقام التشريع، فهذا الآية قوله تعالى يحرم عليهم الخبائث نظير قوله تعالى و ما ربك بظلام للعبيد، ليس في مقام التشريع حتى يستفاد منه ان الموضوع محول الى تشخيص العرف.

و هذا الاشكال الثاني ايضا بنظرنا متجه و المهم ان الآية لا تدل على حرمة اكل الطعام الذي يشمئز منه الطباع.

المهم قوله تعالى الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبٰاتُ وَ طَعٰامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ حِلٌّ لَكُمْ، او قوله تعالى يَسْألُونَكَ مٰاذٰا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطيِّبٰاتُ وَ مٰا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوٰارِحِ. فالانصاف ان هاتين الآيتين بصدد تحليل الطعام الطيب و لو بقرينة السياق، فما ذكره السيد الخميني من ان هاتين الآيتين نظير قوله تعالى و يحرم عليهم الخبائث فغير متجه كأنّ هاتين الآيتين مفادهما ان الله احل الطعام الطيب، لماذا لا نقول بانه ظاهر في حلية الطعام الطيب العرفي، لا انه اخبار ان ما احله له من الأطعمة فهو طيب، هذا خلاف ظاهر انه يسئلونك ماذا احل لهم قل احل لكم الطيبات، كل الطعام الطيب يجوز لكم اكله و ليس شريعة الإسلام مثل الشرايع السابقة، فبما نقضهم ميثاقهم حرمنا عليهم طيبات احلت لهم، لا، شريعة الإسلام تختلف، احل لكم الطيبات، ما حرمنا عليكم طيبات عقوبة عليكم كتحريم شحوم الحيوانات المحللة، حرمنا عليهم شحومهما، لا.

لكن الكلام في ان هاتين الآيتين يثبت لهما مفهوم مطلق، يسئلونك ماذا احل لكم قل احل لكم الطيبات، هل يستفاد من ان كل ما عد خبيثا عرفا أي يشمئز منه طباع الناس قد حرم على الناس؟ خب هذا ليس شرطا حتى يثبت له مفهوم الشرط غايته مفهوم القيد و الوصف و هو ليس ظاهرا في مفهوم مطلق، احل لكم الطيبات اما ما عد خبيثا عرفا بحيث يشمئز منه الطباع حرم عليكم مطلقا؟ يشكل الاستظهار، يشكل استظهار مفهوم هاتين الآيتين.

مضافا الى ما ذكره المحقق النراقي في مستند الشيعة من انه لا يعلم معنى الخبيث بالدقة، الخبيث معناه العرفي شينو؟ الآن يقول شخص لصديقه لا تخبّث يعني شينو أي لا تفسد لا تخبّث بينكم لا تفسد خبيث الفاسد لا ما يشمئز منه الطبع، الخبيث هو الفاسد هو الدنيء خب الخمر لا يشمئز منه الطبع و لكنه ليس طعاما طيبا لانه يزيل العقل، الترياق ليس طعاما طيبا لكن لا يشمئز منه الطبع بالعكس لولا تبعات اكل الترياق كثير من الناس يعجبهم اكل الترياق، الخبيث لم يعلم انه بمعنى ما يشمئز منه الطبع نعم الانسان يشمئز من بعض الأطعمة خصوصا اذا لم يتعود اكلها، ألا تشمئزون من اكل طعام مضغه شخص آخر و القاه من فمه و لكنه طعام خبيث؟! لا يعلم انه يصدق عليه طعام الخبيث و لاجل ذلك السيد السيستاني و ان ناقشنا عليه بانك لماذا احطت وجوبا في شرب حليب الزوجة ذاك بحث آخر و لكن بالنسبة الى سائل الرجل و المرأة قال لم يعلم كونه من الخبائث، صدق الخبيث بمعنى ما يشمئز منه الطبع؟ خب يشمئز منه الطبع في حالات الاعتيادية اشلون ما يشمئز الانسان من السائل الذي يفرزه فرج المرأة او ذكر الرجل و لكن هل هذا خبيث؟ لم نعرف معنى الخبيث بالدقة حتى نطبق عنوان الخبيث عليه هذا الذي يقول، أقول لا مفهوم لهاتين الآيتين احل لكم الطبيات اما مقابل الطيبات الخبائث بمعناه العرفي و هو ما يشمئز منه الطبع السليم كما يقول به السيد السيستاني، لا، مو معلوم، الخبيث لعله الطعام الفاسد الطعام الفاسد بمعنى انه الطعام الذي يكون اكله موجبا للمفسدة و القباحة مثل شرب الخمر، اكل لحم الخنزير لا كل ما تشمئز منه الطباع لعدم تعوّد اكله او بعض الجهات الأخرى، عرق الانسان، الانسان يأبى نفسيا ان يلبس لباسا تعرق فيه غيره كما يشمئز عن يبلع عرقا خرج من جسد شخص آخر اذا انصب قطرة عرق من جبين عامل على اناء شخص آخر يشمئز ان يشرب عن ذلك الاناء خصوصا اذا كان ذاك العامل رجلا ليس نظيفا و لا حلوا و ممن يعجب الانسان، يشمئز منه الطبع و لكن هذا طعام فاسد؟! هذا اول الكلام.

هذا محصل ما ذكرناه وافقا للسيد الخوئي و السيد الخميني من عدم دليل واضح على حرمة اكل ما يشمئز منه الطباع و ان كان المحقق النراقي قال المقصود من الخبيث ما يشمئز منه الانسان لا اكلا فقط بل رؤية، خب اذا قلنا بهذا المعنى كثير مما يشمئز من اكله و بلعه الطعام لا يشمئز من رؤيته، سائل المرأة الانسان يشمئز عن رؤيته لا، ما يشمئز من رؤيته يشمئز من اكله من بلعه، او ما قاله صاحب الجواهر من ان المدار على اشمئزار طبع الانسان بما هو انسان لا العرب بما هو عرب لا العجم بما هو عجم لا التركي بما هو تركي، لا، الانسان بما هو انسان يعني يلحظ الجوامع المختلفة فيرى ان الانسان بما هو انسان الا بعض من شذوا عن المنهج الإنساني مثل الصينين يأكلون كل شيء، يأكلون الذباب يأكلون القمة يأكلون الضفادع الكلاب تكرمون، يعجبهم اكل لحم الكلب و الهرة و الخفافيش و هو سببوا هذه الازمة علينا و انجبرنا ان نعطل البحث و نشرد الى بيوتنا.

هذا محصل الكلام في هذا البحث و اذا صار شيء جديد نذكره ان شاء الله.

المسألة الخامس و العشرون يقول صاحب العروة ليس لدى الانسان ماء الوضوء و لا ساتر، عاري محدث اشكت عدة فلوس تشتري ماء الوضوء و تشتري ساتر يقول ولله ما عندي الا مقدار اما اشتري ماء الوضوء و اصلي عريانا او اشتري ساتر و اصلي متيمما، يقول صاحب العروة لا يبعد ترجيح شراء الساتر لكن لا يخلوا عن اشكال. بناءا على ما ذكره صاحب العروة من ترجيح التطهير من الخبث على الوضوء لان الوضوء له بدل و هو تيمم و التطهير من الخبث لا بدل له هنا أيضا يقال بان الوضوء له بدل و الساتر لا بدل له فلماذا لم يرجح بنحو واضح و جازم شراء الساتر على شراء ماء الوضوء، قال لكن لا يخلوا عن اشكال، لعله لاجل ان الصاحب العروة ان الساتر أيضا له بدل الصلاة متسترا بدله الصلاة عريانا نقول اذا هيجي فالصلاة متطهرا من الخبث لها بدل أيضا و هو الصلاة في النجس فما هو الفارق بين المسألتين هناك افتيتم بلزوم استعمال الماء في التطهير من الخبث لانه لا بدل له و التيمم للصلاة هنا استشكلتم، فهذا التفريق في المسألتين من صاحب العروة ليس بواضح.

سؤال و جواب: من اين احرزتم أهمية الوضوء على الساتر، الطهور اعم من الوضوء و التيمم.

سؤال و جواب: لا يوجد نص في انه مثلا يشتري ماء الوضوء و يصلي عريانا او يشتري الساتر و يصلي متسترا مع التيمم، هنا ما عندنا دليل. مع انه منصوص و ذكرنا ان هذا مو صحيح لانه استند الى رواية لم تتم دلالتها و المهم انه استدل بالقاعدة هناك.

خب و الصحيح عندنا انه مخير بين ان يصلي متسترا مع الوضوء أو يصلي مع التيمم عريانا.

ثم يقول صاحب العروة و اذا دار الامر بين تحصيل الماء او القبلة ففي تقديم أيهما اشكال.

سؤال و جواب: وجه التخيير بنظرنا تعارض دليل شرطية الوضوء و دليل شرطية الساتر بعد عجزه عن الجمع بينهما و بعد تعارض دليل شرطيتين يرجع الى البرائة عن الشرطية تعيينية للوضوء و الشرطية تعيينية للساتر كما ذكره سيد اساتذتنا السيد الخوئي رضوان الله عليه. و بناءا على التزاحم أيضا يكون مخيرا لعدم العلم بأهمية احدهما من الآخر و ليس احدهما المعين محتمل الأهمية بعينه حتى نرجحه.

سؤال و جواب: هذا مطلب آخر و هو انه قد يقال بان دليل شرطية الوضوء هو الكتاب الكريم فهو فريضة و دليل شرطية الساتر هو السنة فهو سنة فاذا كان من باب التزاحم لابد من تقديم الفريضة على السنة على مباني السيد السيستاني و لكن لماذا السيد السيستاني هنا لم يطبق هذا المبنى على المقام سنتكلم عنه في الليلة القادمة ان شاء الله. كما نتكلم عن الفرع الثاني و هو انه اما ان يذهب لتحصيل الماء و لا يمكنه معرفة القبلة و لا يمكن الاحتياط بتكرار الصلاة فيصلي الى جهة لا يعلم انها قبلة او انه يتيمم و يحاول معرفة القبلة لا يسع الوقت لكليهما ماذا يصنع. سنتكلم عن ذلك في الليلة القادمة ان شاء الله.

و الحمد لله رب العالمين.