فهرست مطالب

فهرست مطالب

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس87

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.


كان الكلام في ما ذكره السيد السيستاني من انه لو كان الماء النجس من الخبائث التي تستقذوها الطباع السليمة فتدل على تحريمه آيات الكتاب الكريم و من الواضح ان هذا لا يختص بالنجس فربما يعد شيء طاهر من الخبائث كالنخامة او الحشرات فمقتضى الآية الكريمة و يحرم عليهم الخبائث او مفهوم قوله تعالى اليوم احل لكم الطيبات او قوله تعالى يسئلونك ماذا احل لهم قل احل لهم الطيبات ان ما لا يعد طيبا بل يعد خبيثا عرفا فهو حرام. فقد سئل السيد السيستاني في بعض الاستفتائات ان المعين لمصداق الخبائث المحرمة تناولها هل هو العرف او الشارع المقدس، فأجاب المرجع في ذلك العرف و بالنسبة الى بلع السائل الخارج من الرجل و المرأة وقت الملاعبة ذكر في الاستفتائات تارة انه لا يجوز ان عد من الخبائث و في بعض الاستفتائات افتى بجواز بلع السائل الطاهر الذي يفرز من آلة الرجل يجوز ان تبلعه الزوجة لانه لم يعلم كونه من الخبائث. و لعل من القريب ان السيد السيستاني احتاط وجوبا في شرب حليب المرأة سواءا شربه زوجها او صنعوا من حليب المرأة شيئا فاكله الناس يقول الاحوط وجوبا ترك ذلك.

انا كان في ذهنه ان السيد السيستاني لعله يستند الى نص في ذلك لكن فحصت و لم اجد نصا و قد ورد في بعض الكلمات ان العرف يرى حليب المرأة من الخبائث كبصاقها و لكنه خلاف الوجدان و قد سؤل السيد الخوئي عن حكم امتصاص حليب الزوجة بواسطة الزوج فقال هنيئا له، لكن السيد السيستاني كيف جمع بين الاحتياط الوجوبي في عدم شرب حليب الزوجة و جواز بلع الزوجة سائل الرجل الذي يفرز من آلته اذا كان السائل طاهرا فان الانصاف ان افرازات الرجل و المرأة تعد من الخبائث يعني مما تستقذره الطباع السليمة و ان كان غلبة الشهوة قد توجب التورط في بعض المستقذرات العرفية لكنه لا ينافي كون تلك السوائل من المستقذرات العرفية.

انما الكلام في ان الآيات الكريمة هل تدل على حرمة اكل او شرب الخبيث العرفي فقد اختلف في ذلك اختلافا شديدا، السيد السيستاني افتى هنا و في ضمن ما نقلت من الاستفائات ان ما يعد خبيثا عرفا فهو حرام اكله او شربه و اما في كلمات الاعلام ففي كتاب مستند الشيعة للمحقق النراقي ورد هكذا الأصل في الخبائث الحرمة للاجماع و قوله سبحانه و يحرم عليهم الخبائث، و استدل له بمفهوم قوله تعالى يسئلونك ماذا احل لهم قل احل لكم الطيبات أي لم تحل الخبيثات، و فيه انه مفهوم لا حجية فيه، اشكل على الاستدلال بهذا الآية الثانية بانه لا حجية في مفهوم هذه الآية او فقل ليس لها مفهوم واضح، احل لهم الطيبات الأصل في الطيبات الحلية اما الخبائث فلا يوجد اصل فيها بل نحتاج الى نص الشارع.

ثم ان المراد من الخبائث على ما ذكره جماعة ما تشمئز منه اكثر النفوس المستقيمة و تنفر عنه غالب الطباع السليمة، و ظاهره انه ليس مرادهم ما تنفر الطباع عن اكله اذ كثير من العقاقير و الادوية كذلك مع انها ليست خبيثة عرفا بل كثير مما تنفر عنه الطباع انما يكون لحرمته او توهم حرمته او عدم الاعتياد باكله و لذا تنفر طباع اكثر العجم عن اكل الجراد دون العرب و تنفر طباع اهل البلدان عن الحية و الفأرة و الضب دون اهل البادية من الاعراب و كان كثيرا مما تنفر عنه الطباع الآن كانت العرب تأكله قبل الإسلام كالضب و المسلمون يتنفرون من الخنزيز دون النصارى فما هو المراد من الخبائث يقول الخبائث ما تتنفر الطباع عنها مطلقا اكلا و لمسا و رؤيتا كرجيع الانسان و الكلب و القيئ من الغير و بلغمه سيما المجتمع في موضع في مدة والقيح والصديد والضفادع و نحوها و لكن في كون المراد من الخبائث في الآية مطلق ذلك نظر ألا ترى ان تنفر الطباع الممذوق الغير طعام مذقه انسان آخر لحم مريض مذقه حتى يبلع رطوبته مثلا لانه لا يقدر على اكله فهذا اللحم الذي مذقه ذلك الشخص تتنفر عنه الطباع و كذا ما خرج من بين اسنان شخص تتنفر عنه الطباع مع ان حرمته غير معلومة فلذا قال المحقق الاردبيلي في شرح الارشاد معنى الخبيث غير ظاهر اذا الشرع لم يبينه و اللغة غير مراد و العرف غير منضبط.

ثم ذكر المحقق النراقي انه لا يتحصل لنا اليوم من الخبائث معنى منضبطا يرجع اليه فيجب الاقتصار فيها على ما علم صدقها عليه قطعا كفضلة الانسان بل فضلة كل ما لا يؤكل لحمه و كالميتات المتعفنة و الرجوع في البواقي الى الأصل.

هذا كلام المحقق النراقي في المستند. في الجواهر تعرض لهذا البحث فقال في حرمة شرب الابوال الطاهرة ان المراد من الخبيث الذي هو عنوان التحريم في الآية ما يستخبثه الانسان بطبعه السليم من غير فرق بين العرب و العجم و اهل المدن و البادية يعني كلما استقذره عامة الناس لا خصوص العرب لا خصوص العجم و قال أيضا الحاصل ان المراد من الآية بيان ان الذي حرمه عليهم من الخبائث و ما احل له من الطيبات لا ان المراد جعل ذلك عنوانا للحل و الحرمة، هذا خب اشكال مهم على الاستدلال بالآية فيقول لا يظهر من الآية ان عنوان الطيب العرفي جعل موضوعا لحلية الاكل و الخبيث العرفي جعل موضوعا لحرمة الاكل بل الظاهر من هذه الآية بيان ان ما احل للناس فهو من الطيبات و ما حرم على الناس فهو من الخبائث و هذا ما اشرنا اليه في البحث في الليلة السابقة الدراسية و هذا اشكال ذكره السيد الخميني قدس سره في المكاسب المحرمة أيضا.

فقال في المكاسب المحرمة ان قوله تعالى و يحرم عليهم الخبائث يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث هذه الآية ليست ظاهرة في جعل عنوان الطيب العرفي موضوعا للحلية و الخبيث العرفي موضوعا للحرمة فذكر في كتاب المكاسب المحرمة الجزء الأول صفحة اثنين و خمسين انت خبير بان الآية ليست بصدد بيان تحريم الخبائث، آية و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث بل بصدد الاخبار عن اوصاف النبي صلى الله عليه و آله و ليس المراد ان النبي يحرم عنوان الخبائث و يحل عنوان الطيبات بل بصدد بيان انه يحل كل ما كان طيبا و يحرم كل ما كان خبيثا بالحمل الشايع فاذا نهى عن شرب الخمر يصدق انه حرم الخبائث فلا دلالة للآية على تحريم عنوان الخبائث و هو ظاهر و من ذلك يظهر ان الاستدلال بمفهوم قوله تعالى يسئلونك ماذا احل لهم قل احل لكم الطيبات ليس على ما ينبغي فان المراد من حلية الطيبات حلية ما كان طيبا بالحمل الشايع لا ان الحلية متعلقة بعنوان الطيب و ان شئت قلت ان هذا جمع للتعبير عما هو حلال لا ان الحلال في الشريعة شيء واحد و هو عنوان الطيب و الحرام شيء واحد و هو عنوان الخبيث المقابل له. ثم اشكل في مفهوم قوله تعالى اليوم احل لكم الطيبات او قوله يسئلونك ماذا احل لهم قل احل لكم الطيبات قال يمكن انكار المفهوم.

نصل الى السيد الخوئي السيد الخوئي تعرض لهذا البحث فاشكاله المهم على الاستدلال بهذه الآيات على حرمة الخبائث ان الخبيث عنوان الفعل و هو الذي يعبر عنه في الفارسية “پلید” رجس فقوله تعالى يحل لهم الطيبات أي يحل لهم الأفعال الطيبة و يحرم عليهم الخبائث أي يحرم عليه الأفعال الخبيثة و اكل ما يعد خبيثا عرفا و يستقذره الطبع السليم شبهة مصداقية للفعل الخبيث. يقول السيد الخوئي الكلام في ما لو وصل بالتجشع شيء الى فضاء الفم ثم بلعه اختياريا في حال الصوم فذكر صاحب العروة انه يوجب كفارة الجمع لانه اكل حرام من جهة خباثته يقول السيد الخوئي هذا ليس صحيحا، المقطوع به ان المراد من الآية الكريمة يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث ليس هو الاجسام الطيبة او الخبيثة أي يحل لهم الاجسام الطيبة و يحرم عليهم الاجسام الخبيثة، لا فان الآية المباركة بصدد توصيف النبي الامي و بيان كماله و لا يعد تحليل الجسم الطيب العرفي او تحريم جسم الخبيث العرفي كمالا فالمراد من الآية تحليل الاعمال الطبية و تحريم الاعمال الخبيثة و لاجل ذلك ورد في آية أخرى كانت تعمل الخبائث يعني تعمل الاعمال الخبيثة فلا دلالة في هذه الآية على حرمة اكل الخبيث العرفي أي ما يتنفر عنه الطبع بل ذكر في موضع آخر ان المراد من الطيب و الخبيث في هذه الآيات هو الحلال و الحرام فاحل لهم الطيبات يعني الحلال و حرّم عليهم الخبائث أي حرم عليهم المحرمات.

سؤال و جواب: ما كان منشئا لان يكون حلالا فقد احل الله يعني الشارع ليس احكامه على خلاف الحكمة يحرّم ما ينبغي ان يكون محرّما يحلّل ما ينبغي ان يكون حلالا هكذا يقول.

خب هذا محصل ما ورد في كلمات الاعلام انا عندي ملاحظة أقول الخبيث لم يظهر كونه بمعنى الطعام الذي يشمئز منه الطبع او الشراب الذي يشمئز منه الطبع حتى نستفيد من هذه الآيات مع غض النظر عن إشكالات التي طرحت في كلمات الاعلام كالسيد الخوئي و السيد الخميني قدس سرهما و نعود الى كلماتهما حتى نرى ان كلمات هؤلاء الاعلام تامة او ليست بتامة مع غض العين عن ملاحظة كلماتهم فعلا فنقول لعل الخبيث مساوق لما يعبر عنه بالفارسية “پلید” احل لكم الطيبات فان كان له مفهوم او قوله يحرم عليهم الخبائث مصرح بان حرمت عليهم الخبائث يعني الأشياء القذرة و التي يعبر عنها في الفارسية ب”پلید” هذا حرام، اول الكلام ان مثلا ما يستقذره الطبع كسوائل الرجل و المرأة مما لا اشكال في استقذار الطبع لها و لاجل ذلك بعد ان انتفت نار الشهوة هذا الذي بلع سائل زوجته يغسل فمه بالصابون لانه يشمئز من ذلك، و لكن هل هذا يعبر عنه في الفارسية ب” پلید ” هذا اول الكلام، ليس كل ما يستقذره مما يسمى ب” پلید ” الرجس القذر.

سؤال و جواب: الطيب في قبال الخبيث. الاستدلال بهذه الآيات على حرمة اكل دودة الفواكه كما ورد في كلام صاحب الجواهر لاجل ان هذا يعد اكلا للخبيث هذا مشكل.

سؤال و جواب: هم يقولون الخبيث ما يشمئز منه الطبع في الحالات الاعتيادية خب الطبع يشمئز من بلع بصاق انسان موجود على القاع و جاء شخص آخر و بلعه، خب العرف يشمئز من ذلك خب هل هذا خبيث عرفا الخبيث بهذا المعني الذي ذكرنا الذي يحتمل في الآية يكون مساوقا لكلمة ” پلید” في الفارسية،لا.

صاحب الجواهر هكذا عبر في دودة الفواكه الآن خب فصل الصيف تجيء فواكه رخيصة مؤجّرةلإ بالفارسية يقولون”مستاجر داره” يوجد فيها مستأجرين. هذا في مستند الشيعة هل يحرم الديدان المتكونة في الفواكه كدود التفاح و البطيخ نحوهما فيه اشكال و لا دليل على حرمتها الا الخبائث ثم اشكل المحقق النراقي في الاستدلال بالنهي عن الخبائث هنا كما نقلنا عنه وقال انه مجمل، اما صاحب الجواهر يقول في الجزء السادس و الثلاثين صفحة ثلاث مأة و تسعة عشر لا خلاف في انه يحرم اكل الزنبور التي هو مع كونه من المسوخ من الخبائث كالذباب و البق والسلابيح و الديدان حتى الذي في فواكه منها و ان تردد فيه بعض الناس، الظاهر ان قصده المحقق النراقي، لكنه في غير محله يعني تردد المحقق النراقي في حرمة اكل الديدان التي في الفواكه في غير محله، نعم قد يتوقف فيما كان حرمته من اجل الاستخباث مع فرض استهلاكه في غيره خب الديدان في الفواكه ليس مستهلكة فيها فافتى صاحب الجواهر بحرمة اكلها.

انا أقول طبعا السيد السيستاني لابد ان يفتي بالحرمة هنا أيضا لانه يرى ان ما هو خبيث عرفي أي تستقذره الطباع عرفا محرمة فالطبع السليم يستقذر دود الفواكه ألا يستقذره؟! لكن الخبيث بمعنى” پلید” لا مو معلوم، نعم سنتكلم ان شاء الله في الليلة القادمة المطالب المذكورة في كلمات السيد الخوئي و السيد الخميني مثلا السيد الخوئي يقول الخبيث المحرم عنوان الفعل لا عنوان الجسم الخارجي لا هذا لا دليل عليه يسئلونك ماذا احل لهم قل احل لكم الطيبات التي يستدل بمفهومها على حرمة الخبائث واردة في الطيبات الخارجية الاجسام الطيبة و لا اشكال في تعلق النهي بالاجسام عرفا و العرف يقول هذا يعني النهي عن الأثر الظاهر منها، يعدّ بعض الاجسام من الخبائث الخمر خبيث، لا ان شرب الخمر خبيث لا نفس الخمر خبيث كما يستفاد من بعض النصوص.

و ان شاء نستمر في هذا البحث في الليلة القادمة ان شاء الله.

و الحمد لله رب العالمين.