الدرس85
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.
المسألة الثالثة و العشرون إذا كان معه ما يكفيه لوضوئه أو غسل بعض مواضع النجس من بدنه أو ثوبه بحيث لو تيمم أيضا يلزم الصلاة مع النجاسة ففي تقديم رفع الخبث حينئذ على رفع الحدث إشكال- بل لا يبعد تقديم الثاني، أي لا يبعد تقديم الوضوء على رفع الخبث.
يقول صاحب العروة اذا لم يكن لديه ماء يكفيه لرفع الحدث و الخبث معا، فان كان ذلك الماء يكفيه لرفع تمام الخبث عن بدنه مثلا او عن ثوبه مثلا فيمكنه ان يصلي مع الطهارة من الخبث فيتعين عليه صرف الماء في التطهير من الخبث و التيمم للصلاة لكن اذا كان هذا الماء لا يكفيه لرفع الخبث بتمامه يمكنه ان يطهر بعض بدنه دون بعض او يطهر بعض ثوبه دون بعض بحيث ينجبر الى ان يصلي مع بدن النجس او ثوب النجس لكن غاية ما يمكنه ان يقلل من كمية نجاسة بدنه او كمية نجاسة ثوبه، هنا نقول بانه لابد ان يتوضأ لا يجوز له ان يطهر بعض ثوبه و يتيمم للصلاة لانه لا محالة يصلي مع الثوب النجس فهو يجب عليه ان يتوضأ للصلاة و يصلي في ذلك الثوب النجس او ذاك البدن النجس.
اشكل على صاحب العروة كما ورد في تعليقة السيد السيستاني بانه حيث تكون مانعية النجاسة انحلالية فكل موضع نجس من الثوب له مانعية مستقلة بمقتضى عموم النهي عن الصلاة في الدم او الصلاة في الثوب الذي أصابه البول، اغسل ثوبك من ابوال ما لا يؤكل لحمه و الشاهد على ذلك ان من كان ثوبه متنجسا في جزء منه و هو يضطر الى ان يصلي فيه لا يجوز له ان ينجس ثوبه بتمامه فيقول انا مضطر الى الصلاة في الثوب النجس و لا يختلف ان يكون النجس قليلا او كثيرا، لا، كما ان النواهي الاستقلالية منحلة بعدد افرادها مثل النهي عن الكذب ينحل الى النهي عن كل فرد من افراد الكذب بحيث لو اضطر الى فرد من الكذب لا يجوز له ان يرتكب اكثر مما اضطر اليه فكذلك النهي الضمني عن شيء في الصلاة ينحل الى نواهي متعدد بعدد افراد طبيعة المانع حتى قوله عليه السلام لا تصل في ثوب أصابه دم الظاهر العرفي منه بالنسبة الى افراد الثوب هو الانحلال يعني لو كان لديه ثوب نجس يضطر الى الصلاة فيه لا يجوز له ان يلبس اكثر من ذلك الثوب يلبس اثواب نجسة كثيرة لان النهي عن الصلاة في ثوب أصابه النجس ينحل بعدد افراد الثوب فكذلك ينحل بلحاظ عدد أجزاء ثوب واحد اذا كانت متنجّسة هذا الجزء من الثوب متنجس لكنك تتمكن من ان تزيل نجاسته و ان كان جزء آخر من ذاك الثوب نجس لا يمكنك إزالة نجاسته، بالنسبة الى ذلك الجزء من الثوب الطرف الايسر من الثوب المتنجس الذي لا يمكن عن تزيل نجاسته خب انت مجبور و مضطر الى ان تصلي فيه لكن بالنسبة الى ذاك الجزء الذي يمكنك ان تزيل نجاسته انت لست مضطرا الى الصلاة فيه. نعم من يرى ان النهي عن الصلاة في الثوب النجس او مع البدن النجس لا ينحل بعدد الأجزاء المتنجسة بل هناك نهي واحد عن الصلاة في هذا الثوب النجس و هذا بعد نجس تقليل نجاسته لا يوجب ان يصير ثوبا طاهرا، نعم من يرى ذلك و لا يقبل الانحلال بلحاظ أجزاء ثوب واحد فيتعين عليه ان يقول بلزوم الوضوء لعدم تمكنه من تطهير هذا الثوب بتمامه لو استعمل الماء فيمكنه ان يطهر بعض هذا الثوب دون تمامه و المفروض انه لا يرى الانحلال بلحاظ أجزاء الثوب و ان كان قد يرى الانحلال بلحاظ اثواب متعددة لكن هذا ليس صحيحا، هذا المنع من الانحلال ليس صحيحا كما ان النهي عن الصلاة في الثوب النجس ينحل بلحاظ افراد هذا الثوب مانع عن الصلاة لانه متنجس، الثوب الثاني أيضا مانع عن الصلاة لانه ثوب متنجس فكذلك أجزاء الثوب الواحد اذا كانت متنجسة فكل جزء متنجس ظاهر الدليل انه مانع مستقل في الصلاة.
و لاجل ذلك نقول يا صاحب العروة انت افتيت في احكام النجاسة بلزوم تقليل نجاسة الثوب فيقع التزاحم بنظرك بين مانعية نجاسة هذا الثوب الزائدة النجاسة الزائدة على المقدار المضطر اليه، نعم احد طرفي الثوب المتنجس يبقى متنجسا لا يمكنك تطهيره فانت مضطر الى الصلاة في احد هذين الجزئين المتنجسين اما الجزء الثاني فيمكنك تطهيره فيقع التزاحم بنظرك يا صاحب العروة بين لزوم تطهير ذلك الجزء الثاني من الثوب الذي يمكنك تطهيره و بين وجوب الوضوء و حيث انك ترى ان لزوم تطهير الثوب المتنجس مقدم على الوضوء فلماذا ذكرت هناك ان الوضوء متقدم، هذا خلاف مبانيك، ان كنت لا تقبل انحلال المانعية في أجزاء ثوب واحد فتقول الثوب النجس مانع واحد قلت نجاسته او كثرت، كنا نقبل كلامك لكنك في بحث احكام النجاسة تصرح بلزوم تقليل نجاسة الثوب فهذا يعني انك ترى انحلالية مانعية النجاسة فمن اجل ذلك لابد ان تقول في المقام بلزوم تخفيف نجاسة الثوب و تقليلها و التيمم للصلاة.
هذا بالنسبة الى هذا الفرض و لاجل ذلك يذكر السيد السيستاني هنا على خلاف كلام صاحب العروة من انه لا يبعد تقديم الوضوء يقول بل لا يبعد تقديم الأول أي لا يبعد تقليل النجاسة عن الثوب او البدن لان التطهير من الخبث و لو تطهير حيثي أي تطهير جزء من الثوب او البدن مقدم على الوضوء عند السيد السيستاني على خلاف ما ذكره في أبحاثه الاستدلالية من التخيير قدم التطهير من الخبث على الوضوء كما مر سابقا فهنا أيضا يقول بتقديم التطهير في الجملة من الخبث على الوضوء و في بحثه الاستدلالي يرى التخيير كما يرى التخيير في المسألة السابقة أي في دوران الامر بين التطهير من الخبث تماما او الوضوء كان يرى التخيير في ابحاثه الاستدلالية فهنا أيضا في بحثه الاستدلالي افتى بالتخيير كما عليه السيد الخوئي و السيد الخوئي مبناه واضح يرى ان الواجبات الضمنية لا تزاحم بينها بل تتعارض ادلتها لمن يعجز عن الامتثال التام فهنا تقع المعارضة بين دليل لزوم التطهير من الخبث و لو بلحاظ هذا الجزء الذي لا يضطر الى الصلاة فيه بل يمكنه صرف الماء في تطهيره يقع المعارضة بين لزوم التطهير من هذا الخبث الزائد عن المقدار الذي يضطر الى الصلاة فيه و بين لزوم الوضوء و بعد معارضتهما تصل النوبة الى البرائة عن تعين الوضوء او تعين التطهير من الخبث و لاجل ذلك يرى التخيير اما السيد السيستاني في بحثه الاستدلالي انما افتى بالتخيير لعدم ثبوت أهمية أي من الوضوء على التطهير من الخبث او بالعكس.
صاحب العروة كان ينبغي هنا ان يشير الى انه لو كان يمكن تقليل النجاسة بحيث يبقى النجس الذي لم يغسل بمقدار معفو عنه كان ينبغي ان يقول هنا يقدم التطهير مثلا احد طرفي الثوب يمكن غسله و الطرف الآخر مصاب بدم اقل من الدرهم خب هنا يجب غسل ذاك الطرف الذي يمكن غسله و تصير الصلاة في هذا الثوب بلا مانع لان الطرف الآخر مصاب بدم اقل من الدرهم، كان ينبغي ان يشير الى انه في هذا الفرض بنظر صاحب العروة يتعين تطهير الثوب من الخبث لانه يندرج في المسألة السابقة و لعله ترك بيان هذا الفرض لوضوحه على أي حال. السيد السيستاني أشار في تعليقته الى هذا الفرض قال مورد الاشكال ما اذا لم يمكن تقليل الخبث بحيث يصير معفوا عنه في الصلاة، مو مهم.
صاحب العروة ذكر فرعا ثانيا قال لو كان بدنه و ثوبه كلاهما نجسان و هو محدث بالاصغر لا يكفي الماء الذي عنده للجميع و كان معه من الماء ما يكفي لاحد الأمور اما ان يتوضأ و يصلي في ثوب و بدن نجسين على قول من يرى انه اذا لم يكن لدى الانسان الا ثوب نجس فيصلي في ذلك الثوب النجس او يصلي عريانا على قول من يرى ان من لم يكن لديه الا ثوب نجس يمكنه نزع ذلك الثوب النجس فلينزعه و يصلي عريانا كما هو المنسوب الى المشهور، فإما ان يتوضأ و يصلي مع الابتلاء بنجاسة ثوبه و بدنه او يتيمم و يصرف الماء اما لتطهير ثوبه و يصلي في بدن النجس او لتطهير بدنه و يصلي مع بدن طاهر ولكن في ثوب نجس فالخيار عنده بيان ثلاثة أمور اما ان يتوضأ او يطهر بدنه او يطهر ثوبه، يقول صاحب العروة ربما يقال بتقديم تطهير البدن فيطهر جسده فيتيمم للصلاة و يصلي مع نجاسة ثوبه على قول من يرى ان من لم يكن لديه الا الثوب النجس فليصل فيه او يصلي عريانا على قول من يرى كالمشهور ان من لم يكن لديه الا ثوب النجس فيمكنه نزعه فليصل عريانا، ثم يقول صاحب العروة و لا يخلو ما ذكروه من وجه. السيد السيستاني هم لم يعلق على كلام صاحب العروة في هذا الفرض.
نقول يا صاحب العروة اما تقديم التطهير على الوضوء على مبناكم صحيح كما صرحتم في المسائل السابقة من انه لو دار امره بين التطهير من الخبث او الوضوء فليقدم التطهير من الخبث على الوضوء فيطهر ثوبه من الخبث و يصلي او يطهر بدنه من الخبث و يصلي مع التيمم، على مبناكم صحيح لكن على مبنى السيد الخوئي و هو الصحيح عندنا هو مخير مو مهم نتكلم على مبانيكم على مباني صاحب العروة و السيد السيستاني من لزوم تقديم التطهير من الخبث على الوضوء مي خالف يتيمم، و لكن لماذا قدمتم تطهير الجسد على تطهير الثوب؟! لاهميته؟، لان تطهير الجسد اهم شرعا من تطهير الثوب، الجسد الصق بروح الانسان من الثوب فاما ان الطهارة الجسد في الصلاة او محتمل الأهمية بعينه لاجل هذا قدمتم التطهير البدن على تطهير الثوب؟! فلماذا في صفحة مأة و ثمانية و تسعين من العروة المحشى المسألة الثامنة صرحتم بانه اذا كان كل من بدنه و ثوبه نجسا و لم يكن لديه من الماء الا ما يكفي احدهما فلا يبعد التخيير يعني ليس طهارة البدن معلوم الأهمية او محتملها بعينه فانتم ترون التزاحم بين لزوم طهارة البدن و لزوم طهارة الثوب في الصلاة و لكن هناك ذكرتم انه مخير ليس لديه من الماء الا ما يكفي لاحدهما اما ان يطهر جسده او يطهر ثوبه و لا يمكنه نزع الثوب اما لاجل ان الجو بارد او لان الماء بارد او لاجل ليس لديه ثوب طاهر فمضطر الى ان يصلي في هذا الثوب النجس او يصلي عريانا، ذكرتم هناك انه مخير يعني لم يثبت هناك لديكم ان طهارة البدن معلوم الأهمية او محتمل الأهمية بعينها و لكن هنا قدمتم طهارة البدن على طهارة الثوب يعني ترون ان طهارة البدن معلوم الأهمية و محتمل الأهمية بعينها و هذا تهافت في كلام صاحب العروة.
هذا الاشكال يرد على السيد السيستاني أيضا لانه ان لم يعلق على تلك المسألة حينما افتى صاحب العروة بالتخيير فيتوجه الاشكال لان هنا قبل كلام صاحب العروة يعني قبل ان طهارة البدن معلوم الأهمية او محتمل الأهمية بعينها فقدم طهارة البدن على طهارة الثوب.
سؤال و جواب: يطهر بدنه و يبقى الثوب نجسا و اذا بقي الثوب نجسا هناك اختلاف في انه هل يصلي في هذا الثوب النجس او يصلي عريانا اختلاف مهم ان من ليس لديه الا ثوب نجس و يمكنه نزع الثوب هل يصلي في ذاك الثوب النجس كما يقول به السيد الخوئي و السيد السيستاني او ينزعه و يصلي عريانا كما يراه المشهور و لكن افتى صاحب العروة بانه يصرف الماء في طهارة بدنه و لا يصرفه في طهارة ثوبه، قدم طهارة الثوب على طهارة البدن ليس الا لاجل انه يرى هنا أهمية طهارة البدن بالنسبة الى طهارة الثوب و هذا تهافت في كلام صاحب العروة.
و اما نرى ماذا يقول السيد السيستاني في تعليقة العروة في تلك المسألة علق هناك على كلام صاحب العروة، هناك قال صاحب العروة اذا كان كل من بدنه و ثوبه نجسا و لم يكن لديه من الماء الا ما يكفي احدهما فلا يبعد التخيير و الاحوط تطهير البدن أي احوط استحبابا، السيد السيستاني علق قال لا يترك احتاط وجوبا في تقديم طهارة البدن على طهارة الثوب هنا افتى بتقديم طهارة البدن على طهارة الثوب. مو مهم هذا لا مقدار لا يعد تهافتا.
فكيف كان فالصحيح بنظرنا كما يقول به لاسيد الخوئي انه مخير بين ثلاثة يريد يتوضأ مي خالف لأننا نرى التخيير بعد تعارض الأدلة و الرجوع الى البرائة نرى التخيير يمكنه ان يتوضأ، و يصلي مع ثوب و بدن نجسين او يختار التيمم و يصرف الماء في طهارة بدنه او يختار التيمم و يصرف الماء في طهارة ثوبه لان الترجيح باحتمال الأهمية يختص بباب التزاحم و نحن لا نرى التزاحم في الواجبات الضمنية نرى التعارض بين ادلتها عند العجز عن الجمع بينها في مقام العمل هذا عاجز و بعد ان دل الدليل على ان الصلاة لا تسقط بحال دليل شرطية الوضوء يقول الوضوء شرط تعييني في صلاتك أيها العاجز عن الجمع بين الوضوء و طهارة البدن و طهارة الثوب، دليل طهارة البدن يقول طهارة البدن شرط تعييني و دليل طهارة الثوب يقول طهارة الثوب شرط تعييني فتقع التعارض بينها و تتساقط تلك الأدلة ثم يرجع الى اصل البرائة عن تعين كل منها فيتخير فيمكنه الاحتياط بان يصرف الماء اما لتطهير ثوبه او لتطهير جسده ثم يتيمم لانه حينما يتيمم يصير فاقد الماء و حينئذ تكون صلاته صحيحة قطعا.
هذا محصل الكلام في هذه المسألة.
و الحمد لله رب العالمين.