الدرس83
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم.
كان الكلام في ما ذكره المشهور من انه اذا كان المكلف مبتلى بالحدث و الخبث معا و لم يكن لديه من الماء ما يكفيه لرفع كليهما، فيتعين له رفع الخبث عن بدنه او ثوبه و يتيمم للصلاة فقلنا بان هذا يتبع نظرية المشهور من تطبيق قواعد التزاحم على التزاحم بين الواجبات الضمنية كما انه اذا وقع التزاحم بين واجبين مستقلين فذكر هناك مرجحات لتقديم احدهما على الآخر ككون احد الواجبين المتزاحمين اهم او محتمل الأهمية بعينه او كونه مطلقا بلحاظ شرطية القدرة فيقدم على الواجب الآخر الذي هو مشروط بالقدرة في لسان الخطاب، فقالوا بانه في موارد التزاحم بين الواجبات الضمنية تطبق تلك المرجحات في باب التزاحم.
و لكن نحن نستبعد ان المشهور بلا تطبيق نكتة خاصة في المقام رأسا طبقوا على المقام قواعد التزاحم هذا بعيد عنهم، فانه اذا كان هناك تكليف واحد بمركب و عجزنا عن الجمع بين جزئيه او شرطيه كما في المقام فمقتضى القاعدة الأولية سقوط التكليف رأسا لان هذا التكليف الوحداني الاستقلالي غير مقدور و بعد ما ثبت ان الصلاة لا تسقط بحال كشفنا عن ثبوت تكليف بالصلاة الناقصة، فمقتضى الصناعة ما ذكره السيد الخوئي من انه حينئذ يقع التعارض بين دليل شرطية هذا الشرط كالطهارة من الخبث و دليل شرطية الشرط الآخر و هو الوضوء مثلا، فكيف المشهور هنا طبقوا على المقام قواعد التزاحم، لا اعني من المشهور السابقين على السيد الخوئي، حتى اللاحقين كالسيد السيستاني بعد ما سمع من السيد الخوئي ذلك الاشكال على مبنى المشهور كيف طبق على المقام قواعد التزاحم.
الذي استظهر ان هناك توجيهات لتطبيق قواعد التزاحم على المقام. التوجيه الأول انه بعد ما دل الدليل على ثبوت التكليف بالصلاة الناقصة الفاقد لاحد شرطين بعد عدم تمكن المكلف من الجمع بين الشرطين، فاذا احرزنا الملاك في احد شرطين و انه اهم من الملاك في الشرط الآخر كما لو كان هذا الشرط فريضة و الشرط الآخر سنة و عرفنا من الروايات أهمية الفريضة على السنة فتتبع الاحكام درجة الملاكات لا يحتمل ان الشارع قدم المفضول على الفاضل، قدم المرجوح على الراجح مثلا اذا دار الامر بين القيام حال تكبيرة الاحرام و القيام حال القرائة القيام حال تكبيرة الاحرام ركن، و القيام حال القرائة ليس بركن فالقيام حال تكبيرة الاحرام اهم ملاكا فهل يحتمل ان الشارع الغى شرطية القيام حال تكبيرة الاحرام و اعتبر شرطية القيام حال القرائة؟ هذا غير محتمل فاذن نعلم بسقوط خطاب شرطية القيام حال القرائة و بعد ذلك نتمسك باطلاق دليل شرطية القيام حال تكبيرة الاحرام المقتضى لكونه شرطا تعيينيّا.
هذا التوجيه و ان كان لا بأس به في حد ذاته لكن يبتني على احراز أهمية ملاك احد الشرطين بعينه من الخارج و انى لا لنا باثبات ذلك. ممكن يكون شرط ركنا في الصلاة، بمعنى انه لا يغتفر الاخلال به في موارد السهو و النسيان و لكن شرط آخر ليس ركنا بمعنى ان الشارع اغتفر الاخلال به في موارد السهو و النسيان و لكن من المحتمل انه في موارد الالتفات يثبت ملاك اهم في نفس ذلك الشرط غير الركني، المصلحة اقتضت ان يغتفر الشارع الاخلال بذلك الشرط في موارد السهو و النسيان و لكنه لا يلازم انه في موارد الالتفات لا يكون ملاكه اهم من هذا الشرط الركني في مورد الالتفات.
فهذا التوجيه الأول يصعب تطبيقه على المقام مجرد ان ذاك الشرط ركن أي لا يغتفر الاخلال به في موارد السهو والنسيان و هذا الشرط ليس بركن أي يغتفر الاخلال به في موارد السهو و النسيان لا يستلزم انه في مورد الالتفات يكون ملاك ذلك الركن اهم من ملاك الشرط الآخر.
سؤال و جواب: نحتمل العكس، نحتمل ان المصلحة اقتضت تصحيح الصلاة مع الاخلال بهذا الشرط تسهيلا على المكلفين و لكن الملتفت لابد ان يقدم هذا الشرط على ذاك الشرط الآخر لان نكتة الإغتفار عن شرط في مورد السهو و النسيان ليست بواضحة، لا تعني ضعف ملاك ذلك الشرط الذي عفي عنه في مورد الاخلال به عن سهو و نسيان فلعل مصلحة التسهيل اقتضت ذلك لا ضعف ملاك ذلك الشرط.
سؤال و جواب: الكلام ان الملتفت الى كلا الشرطين من اين نحرز ان ذلك الشرط الذي في مورد الناسي عفي عنه في مورد الملتفت أيضا ليس ملاكه اهم و انما عفي من ضعف ملاكه، من اين لعله عفي عنه في مورد السهو النسيان لمصلحة التسهيل و نحوها. و لاجل ذلك نرى في المقام ان الوضوء لا يعفى عن الاخلال به في مورد السهو و النسيان، اذا كان شخص واجدا للماء و تيمم سهوا فصلاته فاسدة بينما انه لو صلى في ثوب نجس جهلا فصلاته صحيحة مع ذلك المشهور قالوا بتقديم الطهارة من الخبث على الوضوء مع ان الوضوء ركن و الطهارة من الخبث ليس ركنا عند المشهور.
التوجيه الثاني ما ذكره السيد السيستاني من ان الجزء و الشرط الاختياريين أي ما لهما بدل قد اخذ في موضوعهما القدرة، مثلا الوضوء شرط اختياري لان له بدل و هو التيمم فهذا يعني انه اخذ في موضوع الوضوء القدرة عليه، اذا قدرت فتوضأ و هكذا غير الركن أي السنة أي الواجب الذي ليس بفريضة اخذ في موضوعه القدرة عليه لان من كان عاجزا عن السنة في الصلاة يسقط عنه وجوب الاتيان بالسنة فوجوب الاتيان بالسنة في الصلاة مشروط بالقدرة لدلالة حديث لا تعاد على ذلك او دلالة صحيحة عبدالله بن سنان على ذلك حيث ورد فيها ان الله فرض في الصلاة الركوع او السجود الا ترى لو ان رجلا دخل في الإسلام لا يحسن ان يقرأ القرآن اجزأه ان يكبر و يسبح و يصلي، فدلت هذه الصحيحة المباركة ان ميزت السنة ان العجز عنها لا يوجب سقوط التكليف بالصلاة و انما يوجب سقوط الاتيان بتلك السنة في الصلاة فتسقط القرائة عند العجز عنها و لا تسقط الصلاة.
فاذن الجزء او الشرط الاختياريين أي ما لهما بدل اخذ في موضوعهما القدرة و هكذا الشرط او الجزء غير الركني أي سنة اخذ في موضوعهما القدرة.
السيد السيستاني يقول اذا ورد في خطاب اذا قدرت فتوضأ اذا قدرت فطهّر جسدك في الصلاة مثلا و عجزنا عن الجمع بينهما العرف يتدخل و يقول اذا كان احدهما اهم فانت عاجز عن المهم بينما ان العقل يقول لا، انت قادر تكوينا على المهم و يسمي ذلك بمتمم الجعل التطبيقي، يقول السيد السيستاني متمم الجعل قد يكون متمم الجعل التشريعي و هو ما ذكره المحقق النائيني من ان الخطاب الأول مهمل بالنسبة الى العلم و الجهل بالحكم فيوجد متمم جعل تشريعي ينتج اما اطلاق الجعل بالنسبة الى العالم و الجاهل او ينتج تقييد الجعل بخصوص العالم و يسمى الأول بنتيجة الاطلاق و الثاني بنتيجة التقييد.
السيد السيستاني يقو هناك متمم جعل تطبيقي و هذا على قسمين، تارة متمم جعل تطبيقي من الشارع كما في قوله تعالى اقيموا الصلاة جعلت الصلاة على كل المكلفين، ثم عين الشارع مصاديق تلك الصلاة في حق المكلفين المختار صلاته كذا المضطر صلاته كذا فهذا متمم جعل تطبيقي من الشارع، و النحو الثاني متمم الجعل التطبيقي من العقلاء كما في المقام، الشارع قال اذا قدرت فتوضأ اذا قدرت فطهر جسدك للصلاة العقل تقول انت قادر على هذا و قادر على ذاك و انما تعجز عن الجمع بينهما لكن العرف و العقلاء يتدخلون، يسمون متمم جعل تطبيقي و يقولون انت لست بقادر على المهم الا في فرض ترك الأهم و اذا كانا متساويين فانت لا تقدر الا على احدهما و هذا ينطبق على المقام اذا كان احد الشرطين فريضة و الآخر سنة و استفيد من الروايات ان الفريضة اهم من السنة كما لو فرضنا اننا استفدنا من الروايات ان الطهارة من الخبث سنة و الوضوء فريضة فالوضوء اهم من الطهارة من الخبث، فقوله اذا قدرت فطهر جسدك من الخبث للصلاة يكون مورودا بنظر العرف و العقلاء بخطاب اذا قدرت فتوضأ، الامر بالوضوء يسلب القدرة عرفا عن المهم و اذا كانا متساويان فيوجد شرطية القدرة على الجامع فيثبت شرطية الجامع بينهما فيتخير.
سؤال و جواب: هذه النكتة لا فرق فيها بين التزاحم و التعارض يعني اذا فرضنا تنافي الجعل مع ذلك العرف يرى ورود ذلك الخطاب الأول على ذاك الخطاب الثاني فيرتفع التعارض، مثلا انتم الا تقولون بانه اذا اشترط في ضمن العقد يوم الجمعة ان لا يسافر ثم اشترط في العقد يوم السبت ان يسافر فهذا من التعارض بعد، وجوب الوفاء بالشرط الأول تعارض مع وجوب الوفاء بالشرط الثاني لكن العرف يرى ان وجوب الوفاء بالشرط الأول يجعل الشرط الثاني المتأخر زمانا محللا للحرام و انه من التعارض مع ذلك يكون احد الدليلين بنظر العرف و العقلاء واردا على الدليل الثاني و كذلك في المقام و من هنا ذكر السيد السيستاني انه استفيد من الروايات حسب ما يظهر من تعليقته على العروة ان الطهارة من الخبث اهم من الوضوء هكذا أشار اليه السيد في تعليقته على العروة فيقدم الطهارة من الخبث على الوضوء و لكن لو خالف ذلك و توضأ فوضوئه صحيح لانه في طول ترك لطهارته من الخبث يكون قادرا على الوضوء.
هذا التوجيه أيضا غير تام لانه في الخطابات الضمنية التي تكون ارشادا الى الشرطية لم نحرز ان العرف و العقلاء يرون ان خطاب الأهم يكون واردا على خطاب الآخر حتى لو احرزنا ان الطهارة من الخبث اهم و لكنه شرط و ليس تكليفا مستقلا لم نحرز من العرف و العقلاء انهم يرون شرطية الطهارة من الخبث لانها اهم رافعة للقدرة على الوضوء بعد ان كان كلاهما شرطين لمركب استقلالي و ارتباطي واحد، لمركب ارتباطي واحد و هو الصلاة مضافا الى ان احراز كون الطهارة من الخبث اهم هذا اول الكلام وقد ناقش في بحثه الاستدلالي في ذلك فلا ندري لماذا في تعليقته على العروة رجح الطهارة من الخبث على الوضوء.
و ما أشار اليه السيد الخميني قدس سره و هو الظاهر من السيد السيستاني من انه يستفيد من مجموع الروايات ان ملاك الوضوء ضعيف فيقدم عليه كل واجب، من اين نستفيد ذلك؟! وردت في موثقة عمار رجل معه اناءان وقع في احدهما قذر قال عليه السلام يهريقهما و يتيمم، في العلم الإجمالي بنجاسة احد المائين الشارع لم يوجب الوضوء أولا لا يستفاد من هذا وجوب التيمم، وارد في مقام توهم الحظر و لذلك لو تمكن المكلف من ان يتوضأ من الماء الأول و يصلي ثم يغسل جسده بالماء الثاني ويتوضأ به و يكرر صلاته فهل تقولون بان صلاته فاسدة لانه كان مأمورا بالتيمم؟! هذا ليس بعرفية ، ياب احد المائين طاهر انا توضأت من الماء الأول و صليت ثم غسلت جسدي بالماء الثاني و توضأت به و كررت الصلاة اما ان الصلاة الأولى مع الوضوء بماء طاهر او ان الصلاة الثاني وضوء بماء طاهر، نستظهر من الرواية من موثقة عمار ان الصلاة باطلة لانني لم اصلي مع تيمم؟ هذا ليس عرفيا مضافا و ثانيا هذه الرواية واردة في المائين المشتبهين و لعل فيه خصوصية الشارع انتقل من الاحتياط بتكرار الوضوء الى التيمم.
خب هذا مورد للانتقال الى التيمم. المورد الثاني خوف العطش، خوف اللص، او خوف السبع ماكو شيي، نعم ورد في كلمات الفقهاء انه لو خاف على حيوان ان يموت عطشا فيترك الماء لذلك الحيوان و يتيمم، موجود في كلام بعض الفقهاء و لكن هذا ليس واردا في الروايات و لاجل ذلك الفقهاء المتأخرين قالوا بانه دائر مدار الحرج و الضرر او مورد يجب حفظ الحيوان لكونه وديعة عنده، لم نجد مجموعة من الروايات قدم فيها التكاليف الضعيفة على التكليف بالوضوء حتى نستظهر منها ان الوضوء اضعف التكاليف يتقدم عليه كل تكليف، من أي ذلك؟! مضافا الى ما ذكرنا من انه على مباني السيد السيستاني الوضوء فريضة و الطهارة من الخبث سنة و ان شكك في ذلك في بحثه الاستدلالي لكن في فتواه حيث صحح الصلاة مع النجاسة عن جهل قصوري بالحكم و تمسك بحديث لا تعاد يعني انه يرى ان الطهارة من الخبث سنة فالوضوء اهم من السنة لان السيد السيستاني استفاد من الروايات تقديم الفريضة على السنة و اشير الى هذه الروايات.
رواية وردت بهذا التعبير رواية عبدالرحمان بن ابي نجران، الرواية فيها شبهة الارسال لانه في احد النقلين يقول عبدالرحمان بن ابي نجران انه سأل أبا الحسن موسى عليه السلام، و في وراية أخرى قال عبدالرحمان بن ابي نجران عمن اخبره او عن رجل، فالرواية فيها شبهة الارسال، ثَلَاثَةِ نَفَرٍ كَانُوا فِي سَفَرٍ أَحَدُهُمْ جُنُبٌ وَ الثَّانِي مَيِّتٌ وَ الثَّالِثُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَ مَعَهُمْ مِنَ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمْ، رجل جنب و الثاني محدث بالاصغر و الثالث ميت لابد ان يغسلوه و لا يوجد ماء يكفي الا لاحدهم، الامام قال يَغْتَسِلُ الْجُنُبُ وَ يُدْفَنُ الْمَيِّتُ بِتَيَمُّمٍ وَ يَتَيَمَّمُ الَّذِي هُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لِأَنَّ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَرِيضَةٌ وَ غُسْلَ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ وَ التَّيَمُّمَ لِلْآخَرِ جَائِزٌ، يعني التيمم للمحدث بالأصغر جائز. فاستفاد السيد السيستاني من هذه الرواية ان الفريضة تقدم على السنة في مقام التزاحم.
هذه الرواية أولا مبتلاة بالخلل في المتن مضافا الى شبهة الارسال في سندها، أصلا هذه الصورة ليس معقولة، كيف يتصور ان الماء اما يكفي للغسل او يكفي للوضوء او يكفي لتغسيل الميت، الماء الذي يكفي لتغسيل الميت الا يكفي لوضوء ذاك الثاني و غسل الجنابة الأول؟! هذا الذي يتوضأ حينما يصب الماء على وجهه ذاك يأخذ القطرات و يمسح على وجهه بنية غسل الجنابة، لا يحتاج الوضوء الى ماء كثير. خب مع غمض العين عن عدم معقولية هذه الصورة لا نفهم من الرواية كيف قدم غسل الجنابة على الوضوء كما ان غسل الجنابة فريضة الوضوء أيضا فريضة يغتسل الجنب يدفن الميت بتيمم و يتيمم المحدث بالاصغر لان غسل الجنابة فريضة و غسل الميت سنة و التيمم لهذا المحدث بالاصغر جائز خب التيمم بدل الوضوء كما يجوز للمحدث بالاصغر يجوز للجنب في فرض فقد الماء أي فرق بين الوضوء و الغسل، فهذا يشكّل اضطرابا في متن الرواية بحيث قد يحصل الوثوق النوعي بخلل فيها.
سؤال و جواب: التيمم للمحدث بالاصغر جائز اذا كان فاقدا للماء التيمم بدل غسل الجنابة أيضا جائز للفاقد للماء، التيمم بدل الغسل الجنابة أيضا جائز للفاقد للماء.
سؤال و جواب: التعليل فيه نحو اضطراب.
مضافا الى ان هذه الرواية وردت في تكليفين مستقلين تكليف هذا الشخص بغسل الجنابة يختلف عن تكليف ذاك الشخص بالوضوء فهناك تكليفان مستقلان فهنا اكو تزاحم يعني أصلا لا تزاحم اكو و لا تعارض لان التزاحم فرع كون المكلف واحدة، الشارع هنا تدخّل قال حيث ان الغسل من الجنابة فريضة فيقدم على غسل الميت، أصلا ليس هذا من قبيل التزاحم و لا من قبيل التعارض نظير ما لو كان هناك شخصان محدثان فرأيا ماءا لا يكفي الا لتطهير احدهما فقال الفقهاء بانه يجب على كل منهما ان يبادر يركز و يتقدم على صديقه ولايكون المجال للمجاملة و التعارف اركز حتى تصل الى ذلك الماء، لاتقل انت توضأ انا اتيمم، ابدا، هذا حرام لانك تقدر على الوضوء لماذا تضيع قدرتك على الوضوء و صديقك أيضا مثلك اذا كان عنده قوة يركز و يصل الى الماء قبل ان تصل اليه فيجب عليه أيضا ذلك لانه ليس المقام مقام التزاحم بين تكليفين كل مكلف بتكليف واحد و يجب عليه ان يبادر الى امتثاله. فمن اين نستفيد انه في تكليف متوجه الى مكلف واحد و صار عاجزا عن الجمع بين شرطين فيه ان الفريضة تقدم على السنة؟ يعني من اين نستفيد ان الملاك في الفريضة اهم حتى في شرطين للواجب الواحد من اين نستفيد ذلك. نعم نستفيد ان فريضة شخص في تكليفه الاستقلالي اهم من سنة شخص آخر في تكليفه الاستقلالي و اما شرطان لمركب ارتباطي واحد واجب على مكلف واحد اذا كان احد الشرطين فريضة و الثاني سنة هنا أيضا هذا الشرط الذي فريضة اهم من الشرط الثاني هذا مو معلوم.
و استدل السيد السيستاني أيضا على أهمية الفريضة على السنة بصحيحة معاوية بن عمار رجل نسي طواف النساء حتى يرجع الى اهله فالواحد راح للحج او للعمرة رجع الى اهله في ليلة الوصول التفت الى انه ما طافت طواف النساء قال عليه السلام لا تحل له النساء حتى يزور البيت، خلص عوف كل اشغالك، قَالَ لَا تَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ حَتَّى يَزُورَ الْبَيْتَ فَإِنْ هُوَ مَاتَ فَلْيَقْضِ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَوْ غَيْرُهُ فَأَمَّا مَا دَامَ حَيّاً فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ، يعني اذا تمكن من ان يرجع الى مكة و يطوف للنساء بنفسه لا يحل له ان يستنيب، وَ إِنْ نَسِيَ الْجِمَارَ فَلَيْسَا بِسَوَاءٍ، لكنه اذا تذكر انه نسي رمي الجمار لا ذاك يختلف لا يجب عليه ان يرجع الى مكة فيقضي رمي الجمار،وَ إِنْ نَسِيَ الْجِمَارَ فَلَيْسَا بِسَوَاءٍ إِنَّ الرَّمْيَ سُنَّةٌ وَ الطَّوَافَ فَرِيضَةٌ. و في صحيحة أخرى رَجُلٌ نَسِيَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ قَالَ يُعِيدُ السَّعْيَ قُلْتُ فَإِنَّهُ خَرَجَ قَالَ يَرْجِعُ فَيُعِيدُ السَّعْيَ إِنَّ هَذَا لَيْسَ كَرَمْيِ الْجِمَارِ إِنَّ الرَّمْيَ سُنَّةٌ وَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ فَرِيضَةٌ.
هاتان الصحيحتان دلتا على ان الفريضة اهم من السنة اما انه باي مقدار اهم، اهم من هذه الجهة من جهة انه لا يعفى عنه، الفريضة لا يعفى عنها و لا يجوز الاستنابة لها مادام متمكنا من المباشرة تلك الفريضة اما انه اذا تزاحمت السنة و الفريضة كشرطين في مركب ارتباطي واحد فهنا أيضا الفريضة اهم من السنة؟، هذا غير واضح، نعم لو احرز ذلك، احرز بواسطة القرائن استظهر منها ان الفريضة اهم في مقام الحفظ عند العجز عن الجمع بينها و بين الشرط الآخر الذي هو سنة في مركب ارتباطي واحد و قام الدليل على ان الصلاة لا تسقط بحال نعم لا نأبى عن قبول تقديم الفريضة على السنة لكن هذا يحتاج الى الاستظهار من القرائن و ليس له ضابط عام.
فعليه فالانصاف انه لم يتم دليل على وجوب تقديم الوضوء على الطهارة من الخبث و لا تقديم الطهارة من الخبث على الوضوء و بعد ما وصلت النوبة الى الأصل العملي لمعارضة الخطابين الدالين على شرطية كل منهما فكما ذكره السيد الخوئي يتخير بينهما لاصل البرائة عن تعين كل واحد منهما خلافا للمشهور و خلافا لما ذكره السيد السيستاني حسب مبانيه من انه لو ثبت ان الوضوء فريضة و هو ثابت، و ثبت ان الطهارة من الخبث سنة و هو و ان شكك في بحثه الاستدلالي لكنه في فتواه قبل ذلك، يقول تقدم الفريضة على السنة هذا أيضا لم نحرزه عند تزاحم الشرطين لمركب ارتباطي واحد و يتخير بينهما. و اما ما نقلناه عن السيد الخميني و السيد السيستاني و الشيخ آل ياسين من انه استفيد من الروايات ان كل تكليف يقدم على الوضوء فكانه الوضوء اضعف التكاليف هذا لم يدل عليه أي دليل فهو مخير.
يقع الكلام في انه بناءا على ما ذكره صاحب العروة من تعين استعمال الماء في الطهارة من الخبث لو خالف ذلك و توضأ فهل يتم ما ذكره صاحب العروة من بطلان وضوئه او ان ما ذكره السيد السيستاني من انه لا تبعد صحته وضوئه هو الصحيح نتكلم عن ذلك في الليلة القادمة ان شاءالله.
والحمد لله رب العالمين.